شبكة سبيل المؤمنين العلمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 1:48 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Ayiy10
مفهوم الخروج على ولي الأمر في ضوء الكتاب والسنة
ومنهج الصحابة والأئمة والرد على أهل الأهواء والفتنة

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
فإن الإسلام جاء بجلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، وما من شيء يُقَرِّب إلى الله والجنة إلا ودلنا عليه، وقد تُركنا على المحجة البيضاء، والجادة الواضحة التي ليلها كنهارها، ليس فيها لبس ولا غموض، ولا يزيغ عنها إلا هالك، وإن من أهم المسائل التي وُضِّحت وبُيِّنت مسائل السلطان، بينها الله الله عز وجل بيانا شائعا ذائعا بكل وجه من أنواع البيان، شرعا وقدرا، إذ الخلل في هذا الباب يجر الأمة إلى شر وبلاء، ومن تأمل في التواريخ والسير، واعتبر بما فيها من العبر، رأى الخير كله في امتثال هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوجيهاته.
قال ابن تيمية - رحمه الله -: "ومن تأمل الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب واعتبر أيضا اعتبار أولى الأبصار علم أن الذي جاءت به النصوص النبوية خير الأمور"([1]).
وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتمسك بهديه، خاصة عند الفتن والاختلاف الشديد، واختلال أمور السلطان. فعن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد إلى الصحابة فقال: «عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلاَفًا شَدِيدًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَالأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»([2]). وفي رواية: "قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: «قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَادَ»([3]).
فأمر بالتمسك بالسنة ولزوم الجماعة عند الفتن والاختلاف الشديد.
وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: "كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ»، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ»، قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْهُمْ لَنَا؟ قَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا»، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ»([4]). وهذا أمر بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم عند الفتن.
قال النووي - رحمه الله -: "وفي حديث حذيفة هذا لزوم جماعة المسلمين وإمامهم ووجوب طاعته وإن فسق وعمل المعاصي من أخذ الأموال وغير ذلك، فتجب طاعته في غير معصية، وفيه معجزات لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي هذه الأمور التي أخبر بها وقد وقعت كلها"([5]).
وقال ابن حجر - رحمه الله -: "وقال ابن بطال: فيه حجة لجماعة الفقهاء في وجوب لزوم جماعة المسلمين وترك الخروج على أئمة الجور، لأنه وصف الطائفة الأخيرة بأنهم «دعاة على أبواب جهنم» ولم يقل فيهم "تعرف وتنكر" كما قال في الأولين، وهم لا يكونون كذلك إلا وهم على غير حق، وأمر مع ذلك بلزوم الجماعة. قال الطبري: والصواب أن المراد من الخبر لزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره، فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة، قال: وفي الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزابًا فلا يتبع أحدًا في الفرقة ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك خشية من الوقوع في الشر"([6]).
وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصبر على جور الأئمة في كل الأحوال، وعلى مدى الحياة. فعن أُسيد بن حُضير - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ»([7]). وفي رواية عن أنس - رضي الله عنه -: «سَتَجِدُونَ أَثَرَةً شَدِيدَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فإني عَلَى الْحَوْضِ»([8]).
وهذا أمر بالصبر على الأثرة والظلم وهي نوع من الفتن حتى الممات. قال ابن حجر رحمه الله: قوله: "فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ" أي يوم القيامة. وفي رواية "حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فإني عَلَى الْحَوْضِ" أي اصبروا حتى تموتوا، فإنكم ستجدونني عند الحوض، فيحصل لكم الانتصاف ممن ظلمكم والثواب الجزيل على الصبر"([9]).
وعن عبداللَّه بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا»، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَأْمُرُ من أَدْرَكَ مِنَّا ذلك؟ قال: «تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الذي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الذي لَكُمْ»([10]).
قال ابن تيمية - رحمه الله -: "فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الأمراء يظلمون ويفعلون أمورًا منكرة، ومع هذا فأمرنا أن نؤتيهم الحق الذي لهم ونسأل الله الحق الذي لنا، ولم يأذن في أخذ الحق بالقتال ولم يرخص في ترك الحق الذي لهم"([11]).
وقال النووي - رحمه الله -: "هذا من معجزات النبوة وقد وقع هذا الإخبار متكررًا ووجد مخبره متكررًا، وفيه الحث على السمع والطاعة وإن كان المتولي ظالمـًا عسوفًا فيعطى حقه من الطاعة ولا يخرج عليه ولا يخلع، بل يتضرع إلى الله تعالى في كشف أذاه ودفع شره وإصلاحه"([12]).
وعن عوف بن مالك - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"شِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ قِيلَ يا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ فقال لَا ما أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ وإذا رَأَيْتُمْ من وُلَاتِكُمْ شيئا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ ولا تَنْزِعُوا يَدًا من طَاعَةٍ". وفي رواية: "ألا من وَلِيَ عليه وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شيئا من مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ ما يَأْتِي من مَعْصِيَةِ اللَّهِ ولا يَنْزِعَنَّ يَدًا من طَاعَةٍ"([13]).
فأخبر أنهم بلغوا في الشر مبلغ اللعن والبغض، ومع ذلك أمر بأمرين اثنين:
   الأول: "فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ".
   الثاني: "ولا تَنْزِعُوا يَدًا من طَاعَةٍ". وهو أمر بلزوم الجماعة.
وعن سلمة بن يزيد الجُعْفي - رضي الله عنه - أنه سأل رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا نَبِيَّ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إن قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فما تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عنه ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عنه ثُمَّ سَأَلَهُ في الثَّانِيَةِ أو في الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بن قَيْسٍ وقال: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عليهم ما حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ»([14]).
قال النووي - رحمه الله -: "أي اسمعوا وأطيعوا وإن اختص الأمراء بالدنيا ولم يوصلوكم حقكم مما عندهم، وهذه الأحاديث في الحث على السمع والطاعة في جميع الأحوال، وسببها اجتماع كلمة المسلمين، فإن الخلاف سبب لفساد أحوالهم في دينهم ودنياهم"([15]).
وعن حذيفة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ ولا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ في جُثْمَانِ إِنْسٍ قال قلت كَيْفَ أَصْنَعُ يا رَسُولَ اللَّهِ إن أَدْرَكْتُ ذلك قال تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ"([16]).
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن حال شرار الأئمة وأنهم يبغضون رعاياهم، ويلعنونهم، وأنهم دعاة على أبواب جهنم، وأنهم يأتون المعاصي والأمور المنكرة، ويستأثرون بالأموال ونحوها، ويمنعون حقوق الناس، ولا يهتدون بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يستنون بسنته، وأن بطانتهم ورجالهم قلوبهم قلوب الشياطين في الشر ومنع الخير، وهذا غاية السوء والفساد، ومع ذلك أمر بكراهة ما يأتون من المعاصي بالقلب، وعدم نزع يد الطاعة، وعدم المنابذة بالسيف والخروج عليهم، بل أمر الناس بأداء حق الأئمة عليهم، وهو السمع والطاعة في المعروف، وسؤال الله الحق الذي لهم، وأمر بالصبر على جورهم وأثرتهم حتى الممات، بل أمر بالسمع والطاعة وإن أخذ الأمير مال الإنسان وضرب ظهره على ذلك، وحذر التحذير الشديد من المفارقة وعدم الصبر على الجور، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»([17]).
فهل بعد هذا البيان من بيان، وهل بعد هذه التوجيهات حجة لمنابذ.
قال النووي - رحمه الله -: "وهذه الأحاديث في الحث على السمع والطاعة في جميع الأحوال، وسببها اجتماع كلمة المسلمين، فإن الخلاف سبب لفساد أحوالهم في دينهم ودنياهم"([18]).
قال ابن حجر - رحمه الله -: "قال ابن أبي جمرة: المراد بالمفارقة السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء، فكني عنها بمقدار الشبر، لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق"([19]).
وقد أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - البيعة على الصحابة -رضي الله عنهم - في التزام هذا المنهج، فعن عبادة ابن الصامت - رضي الله عنه - قال: "دَعَانَا رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا على السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ في مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ قال إلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ من اللَّهِ فيه بُرْهَانٌ"([20]).
وهذا يدل على أن هذا الباب قد يخالف هوى النفس، فالبيعة جاءت في حال العسر والكره والأثرة.
قال ابن القيم - رحمه الله - عن مخالفة هذا النهج: "فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر، ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على منكر"([21]).
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - بين هذا الباب أتم بيان، وأحاطه بأوامر وأحكام لا يمكن تجاوزها إلا عند غلبة الهوى واستحكام الجهل، وحذر التحذير الشديد من المفارقة، ولو كانت يسيرة، وبين أن من استذل الإمارة لقي الله عز وجل ولا وجه له عنده، وأن من أهان سلطان الله فإن الله سيهينه، في أحاديث كثيرة متواترة، وحفاظا على هذا الأصل، وحماية لجنابه، حرَّم أهل السنة والجماعة التشهير بولاة الأمر، وذكر معايبهم، وسبهم، وسوء الأدب معهم، والجهر بنصيحتهم، إلى غير ذلك من الأمور التي تُضعف هيبة السلطان، وتنقص مكانته في القلوب، مما يوهن عقد السمع والطاعة، ويفرق الجماعة، ولقد زعم بعض خوارج عصرنا، ومثيري الفتن، ومتصدري الضلال، من المتشبعين بما لم يعطوا، المقيمين للدعاوى العريضة على السراب والوهم، أن معنى الخروج على الحاكم قاصر على الخروج بالسلاح فقط، وأن الخروج باللسان سبا وطعنا وذكر مثالب لا يعد خروجا عند أهل السنة، وأن القول بعدم المجاهرة في نصيحة ولاة الأمر بدعة ادعاها مغتصبو الفتيا ومدعو العلم، وهذا القول إنما يقبل وينطلي على مبدأ من يقول: اكذب اكذب اكذب حتى يقال صادق، وإلا فأهل السنة كلامهم في هذا أوضح من شمس النهار، وقعد الخوارج عندهم أخبث الخوارج، ففي مسائل الإمام أحمد رحمه الله: "قعد الخوارج هم أخبث الخوارج"([22]).
قال ابن حجر رحمه الله: "والقعدية الذين يزينون الخروج على السلطان ولا يباشرون ذلك"([23]).
فهؤلاء لم يحملوا سلاحا، وإنما زينوا الخروج بألسنتهم بذكر مثالب الولاة والتشهير بهم ونحو ذلك، وهم أخبث الخوارج، لأنه لا يكون خروج بالسنان إلا وقد سبقه خروج باللسان.
قال ابن تيمية رحمه الله: "الشجار بالألسنة والأيدي أصل لِما جرى بين الأمة بعد ذلك في الدين والدنيا، فليعتبر العاقل بذلك، وهو مذهب أهل السنة والجماعة"([24]). هذا هو مذهب أهل السنة لا كما يدعيه هذا المفتون، ودليل هذا عندهم حديث الرجل الذي اعترض على قسمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلسانه قائلا: يا رَسُولَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ قال: "وَيْلَكَ أو لست أَحَقَّ أَهْلِ الأرض أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ" قال: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ قال ثُمَّ نَظَرَ إليه وهو مُقَفٍّ فقال: "إنه يَخْرُجُ من ضِئْضِئِ هذا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ من الدِّينِ كما يَمْرُقُ السَّهْمُ من الرَّمِيَّةِ وَأَظُنُّهُ قال لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ"([25]).
فهذا إنما خرج بلسانه، فدل على أصل الخروج يكون باللسان. قال الشوكاني رحمه الله شارحا قول صاحب حدائق الأزهار: "ويؤدب من يثبط عنه، أو ينفى، ومن عاداه فبقلبه مخطىء، وبلسانه فاسق، وبيده محارب". قال: "وأما قوله "ويؤدب من يثبط عنه" فالواجب دفعه عن هذا التثبيط، فإن كف وإلا كان مستحقا لتغليظ العقوبة والحيلولة بينه وبين من صار يسعى لديه بالتثبيط بحبس أو غيره، لأنه مرتكب لمحرم عظيم، وساع في إثارة فتنة تراق بسببها الدماء، وتهتك عندها الحرم، وفي هذا التثبيط نزع ليده من طاعة الإمام، وقد ثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من نزع يده من طاعة الإمام فإنه يجيء يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وهو مفارق للجماعة فإنه يموت موتة جاهلية".  وأما قوله: "ومن عاداه إلخ" فلا يخفاك أن الممنوع منه إنما هو المعصية له وترك الطاعة في غير المعصية والخروج عليه لما تواتر من الأحاديث كما عرفت، ومن مقدمات الخروج عليه: ما تقدم ذكره من التثبيط وتهييج الشر وإذكاء ناره وفتح أبوابه"([26]).
فالتثبيط _ وهو التكلم عليه وتقليل هيبته والدعوة إلى منازعته ونحو ذلك _ وتهييج الشر وإذكاء ناره وفتح أبوابه، مقدمات الخروج على السلطان، فكيف يكون هذا مذهبا لأهل السنة، وهو الفارق بينهم وبين الخوارج، فقول هذا المفتون أن معنى الخروج المذموم عند أهل السنة ما كان بالسلاح فقط قول باطل، وافتراء على أهل السنة، وقد تكاثرت الآثار والأقوال عنهم في النهي عن ذلك وذمه، قال أنس - رضي الله عنه -: "كان الأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهوننا عن سب الأمراء"([27]).ففي هذا الأثر: اتفاق أكابر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على تحريم الوقيعة في الأمراء بالسب. "وهذا النهي منهم -رضي الله عنهم- ليس تعظيماً لذوات الأمراء وإنما لعظم المسئولية التي وكلت إليهم في الشرع، والتي لا يقام بها على الوجه المطلوب مع وجود سبهم والواقعية فيهم، لأن سبهم يفضي إلي عدم طاعتهم في المعروف وإلي إيغار صدور العامة عليهم مما يفتح مجالاً للفوضى التي لا تعود على الناس إلا بالشر المستطير، كما أن مطاف سبهم ينتهي بالخروج عليهم وقتالهم وتلك الطامة الكبرى والمصيبة العظمي"([28]). وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: "إن أول نفاق المرء طعنه على إمامه"([29]). وعن أبي جمرة الضبعي قال: "لما بلغني تحريق البيت خرجت إلى مكة، واختلفت إلى ابن عباس، حتى عرفني واستأنس بي، فسببت الحجاج عند ابن عباس فقال: "لا تكن عوناً للشيطان"([30]). وعن أبي إدريس الخولاني أنه قال: "إياكم والطعن على الأئمة، فإن الطعن عليهم هي الحالقة، حالقة الدين ليس حالقة الشعر، ألا إن الطعانين هم الخائبون وشرار الأشرار"([31]). "ففي هذه الآثار - وما جاء في معناها - دليل جلي، وحجة قوية على المنع الشديد والنهي الأكيد عن سب الأمراء، وذكر معايبهم.
فليقف المسلم حيث وقف القوم فهم خير الناس بشهادة سيد الناس - صلى الله عليه وسلم - عن علم وقفوا وببصر نافد كفوا فما دونهم مقصر وما فوقهم محسر. "فمن خالف هذا المنهج، واتبع هواه، فلا ريب أن قلبه مليء بالغل إذ أن السباب والشتائم ينافي النصح للولاة، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ثَلاَثٌ لاَ يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ، إِخْلاَصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمُنَاصَحَةُ وُلاَةِ الأَمْرِ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ". ومن ظن أن الوقوع في ولاة الأمر بسبهم وانتقاصهم من شرع الله تعالى أو من إنكار المنكر ونحو ذلك، فقد ضل وقال على الله وعلى شرعه غير الحق، بل هو مخالف لمقتضي الكتاب والسنة، وما نطقت به آثار سلف الأمة"([32]).
فحق الإمام على الرعية ما قاله ابن جماعة رحمه الله: "رد القلوب النافرة عنه إليه وجمع محبة الناس عليه لما في ذلك من مصالح الأمة وانتظام أمور الملة"، وليس تنفير الناس عنه، وصد الناس عن طاعته، وذكر مثالبه كما يفعله هذا المفتون وأمثاله من خوارج العصر ينسبون ذلك إلى السنة والأئمة.
وأما ما ادعاه من تبديع القائلين بنصيحة الإمام سرا لا جهرا، وعزاه للأئمة، فقد نادى به على نفسه بعظم الجهل، ومنهج الافتراء على السنة والأئمة، وإلا فالسنة فيه أوضح من شمس النهار، والأقوال والآثار لا تخفى على من له أدنى اطلاع، فعن عياض بن غنم - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ، فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً، وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ، فَيَخْلُوَ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ"([33]).
وهذا الحديث أصل في إخفاء نصيحة السلطان ،وأن الناصح إذا قام بالنصح على هذا الوجه، فقد برئ وخلت ذمته من التبعة. "قال العلامة السندي في حاشيته على مسند الإمام أحمد: قوله: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ": أي نصيحة السلطان ينبغي أن تكون في السر، لا بين الخلق"([34]). وقال الشوكاني رحمه الله: "ينبغي لمن ظهر له غلط في بعض المسائل أن تناصحه ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد، بل كما ورد في الحديث: أنه يأخذ بيده ويخلوا به، ويبذل له النصيحة، ولا يذل سلطان الله"([35]). وعن زياد بن كسيب العدوى، قال: "كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر - وهو يخطب وعليه ثياب رقاق -، فقال أبو بلال([36]): انظروا إلي أميرنا يلبس ثياب الفساق! فقال أبو بكرة: اسكت، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَهَانَهُ اللَّهُ" "([37]).
فهذا الخارجي أنكر على الإمام أمام الناس، فأسكته الصحابي - رضي الله عنه - وبين له أن هذا من إهانة السلطان، وأن من فعل ذلك فإن الله سيهينه، فهل يعتبر خوارج العصر بهذا ويستبينوا سبيل أسلافهم المعوج؟!!. وعن سعيد بن جُمْهَانَ قَالَ: أَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى وَهُوَ مَحْجُوبُ الْبَصَرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ ؟ فَقُلْتُ: أَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ وَالِدُكَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَتَلَتْهُ الْأَزَارِقَةُ، قَالَ: لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ، لَعَنَ اللهُ الْأَزَارِقَةَ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - "أَنَّهُمْ كِلَابُ النَّارِ"، قَالَ: قُلْتُ: الْأَزَارِقَةُ وَحْدَهُمْ أَمِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا ؟ قَالَ: "بَلِ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا". قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَظْلِمُ النَّاسَ، وَيَفْعَلُ بِهِمْ، قَالَ: فَتَنَاوَلَ يَدِي فَغَمَزَهَا بِيَدِهِ غَمْزَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ قَالَ "وَيْحَكَ يَا ابْنَ جُمْهَانَ عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ، عَلَيْكَ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَسْمَعُ مِنْكَ، فَأْتِهِ فِي بَيْتِهِ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا تَعْلَمُ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْكَ، وَإِلَّا فَدَعْهُ، فَإِنَّكَ لَسْتَ بِأَعْلَمَ مِنْهُ"([38]).
فتبين من هذا أن المجاهرة في نصيحة ولاة الأمر من مذهب الخوارج، وليست من مذهب أهل السنة في شيء، فالإمام لا ينكر عليه علانية، ولا يسب، ولا يشغب عليه، ولكن ينصح خفية، هذا هو جهاد أهل الحق، فإن كنت صادقا مخلصا محبا لوطنك ولإمامك وللناس، فانصح في السر، ابتغ وجه ربك، فهذا هو الجهاد، فقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أفضل الجهاد؟ فقال: "كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ"([39]).
وتأمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عِنْدَ إِمَامٍ"، وليس في الفضائيات، ولا في الإذاعات، ولا في مواقع الشبكات، ولا على المنابر والصحف والمجلات، وهذا مع جور الإمام وظلمه، فكيف بمن هو خير منه؟ كيف يُشغَّب عليه في الملأ، فأسأل الله أن يتم علينا نعمه، ويحفظ بلادنا من كل سوء وفتنة، ومن كل بلاء ومحنة، والحمد لله رب العالمين.
الشيخ:
د. محمد بن غيث غيث
للتحميل
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــا
--------------------------
[1] منهاج السنة (4/530).
[2] رواه ابن ماجه، كتاب السنة، باب إتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، ح(42)، واللفظ له، وأبو داود، كتاب السنة، باب لزوم السنة، ح(4607)، والترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة، ح(2676)، والبزار ح(4201).
[3] رواه أحمد، ح(17141) قال الأرناؤوط: "حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد حسن". وابن ماجه، كتاب السنة، باب إتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، ح(43).
[4] رواه البخاري، كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة، ح(7084)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة، ح(1847).
[5]  شرح مسلم (12/237).
[6]  فتح الباري (13/36-37).
[7]  رواه البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار «اصبروا حتى تلقوني على الحوض»، ح(3792)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب الأمر بالصبر عند ظلم الولاة، ح(4885).
[8]  رواه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الطائف، ح(4331)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، ح(2483).
[9]  فتح الباري (8/52).
[10]  رواه البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة، ح(3603)، ومسلم، كتاب الإمامة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء، ح(1843).
[11]  منهاج السنة (3/392).
[12] شرح مسلم (12/232).
[13]  رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، ح(1855).
[14] رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب ف طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق، ح(1846).
[15] شرح مسلم (12/225).
[16] رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة، ح(1847).
[17]  رواه البخاري، كتاب الفتن، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «سترون بعدي أمورًا تنكرونها»، ح (7053).
[18]  شرح مسلم (12/225).
[19] فتح الباري (13/7).
[20]  رواه البخاري ح(6647)، ومسلم ح(1709).
[21]  إعلام الموقعين (3/12).
[22]  مسائل الإمام أحمد لأبي داود ص(271).
[23] مقدمة فتح الباري ص(459).
[24]  مجموع الفتاوى (35/51).
[25]  رواه البخاري ح(4094).
[26]  السيل الجرار (4/415).
[27]  رواه ابن حبان في الثقات (5/314-315)، وابن عبدالبر في التمهيد (21/287).
[28]  معاملة الحكام ص(151-152)
[29] رواه البيهقي في الشعب (7/48)، وابن عبدالبر في التمهيد (21/287).
[30]  رواه البخاري في التاريخ الكبير (8/104).
[31]  رواه ابن زنجويه في الأموال (1/80).
[32]  معاملة الحكام ص(159).
[33] رواه أحمد ح(15333).
[34] معاملة الحكام ص(123).
[35]  السيل الجرار (4/556).
[36] هو مرداس بن أدية أحد الخوارج.
[37]  رواه الترمذي ح(2224).
[38]  رواه أحمد ح(19415).
[39]  رواه أحمد ح(18828).



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 4:27 pm عدل 3 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 2:22 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Aayao110
حقوق الحاكم وواجباته
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 17627 )
س2: ما هي حقوق الحاكم وواجباته؟
ج2: حق الحاكم الشرعي السمع والطاعة له بالمعروف في العسر واليسر والمنشط والمكره، ولو على أثرة على الرعية. وحقه النصح له وشد أزره وعونه على الخير. ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" . وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة"
رواه البخاري، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك" رواه مسلم . ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "وأثرة عليك" : من الاستئثار، أي: عليك الطاعة وإن اختص الأمراء بالدنيا ولم يوصلوكم حقكم مما هو عندهم. وعن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم
أما واجبات الحاكم فالعمل بشرع الله تعالى وإمضاء حكمه والنصح للرعية. ففي (الصحيحين) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته" . ويحرم الخروج على الإمام الشرعي ولو كان فاسقًا ما لم يكن كفر بواح، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من خلع يدًا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" رواه مسلم، وفي رواية له: "ومن مات وهو مفارق للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية"
ومعنى: "خلع يدًا من طاعة" : أي: خرج عنها بالخروج على الإمام وعدم الانقياد له في غير معصية. ومعنى: "مات ميتة جاهلية" : أي: مات على الضلالة كما يموت أهل الجاهلية عليها، فإنهم كانوا لا يدخلون تحت طاعة أمير. وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كره من أميره شيئًا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرًا مات ميتة جاهلية" متفق عليه . وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
بكر بن عبد الله أبو زيد ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... صالح بن فوزان الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الثلاثاء مارس 12, 2024 9:45 am عدل 3 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 2:35 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Oa_o10
هل اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم؟
سماحة الشيخ: هناك من يرى أن اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم ومحاولة التغيير، وإن ترتب عليه ضرر للمسلمين في البلد، والأحداث التي يعاني منها عالمنا الإسلامي كثيرة، فما رأي سماحتكم؟
بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد قال الله  عزوجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59] فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر، وهم: الأمراء والعلماء، وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله ﷺ تبين أن هذه الطاعة لازمة، وهي فريضة في المعروف.
والنصوص من السنة تبين المعنى، وتقيد إطلاق الآية بأن المراد: طاعتهم في المعروف، ويجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي، فإذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية، لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها؛ لقوله ﷺ: ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئًا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدًا من طاعة ولقوله ﷺ: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية وقال ﷺ: على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة وسأله الصحابة  رضي الله عتهم لما ذكر أنه يكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون قالوا: فما تأمرنا؟ قال: أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه : بايعنا رسول الله ﷺ على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله وقال: إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان.
فهذا يدل على أنه لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور، ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفرًا بواحًا عندهم من الله فيه برهان؛ وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادًا كبيرًا وشرًا عظيمًا، فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق، ولا يتيسر ردع الظالم، ولا نصر المظلوم، وتختل السبل ولا تأمن، فيترتب على الخروج على ولاة الأمور فساد عظيم وشر كثير، إلا إذا رأى المسلمون كفرًا بواحًا عندهم من الله فيه برهان، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة، أما إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا، أو كان الخروج يسبب شرًا أكثر فليس لهم الخروج؛ رعاية للمصالح العامة.
والقاعدة الشرعية المجمع عليها: (أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه)، أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين، فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفرًا بواحًا عندها قدرة تزيله بها، وتضع إمامًا صالحًا طيبًا من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين، وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس.
أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير، واختلال الأمن، وظلم الناس، واغتيال من لا يستحق الاغتيال... إلى غير هذا من الفساد العظيم، فهذا لا يجوز، بل يجب الصبر، والسمع والطاعة في المعروف، ومناصحة ولاة الأمور، والدعوة لهم بالخير، والاجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير، هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك؛ لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة، ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير، ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
[  مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (8/ 202)].
حكم سَبِّ الحكَّام وتكفيرهم والتحريض ضدهم
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــــــــا
السؤال:
ما حكم الشرع في قومٍ هذا مسلكهم في الدَّعوة: يُطلقون تكفير الحكَّام، ويُسفِّهونهم، ويُجهلونهم، ويُحرِّضون الناسَ عليهم من فوق الكراسي والمنابر، وقد اجتهدوا في مسائل كثيرةٍ أفضت إلى سيلان الدّماء، ولم يرجعوا في ذلك إلى أهل العلم؟
الجواب:
هذه الطريقة ليست من الحكمة في شيءٍ، بل هذا من الغلط، طريق الدعوة الدعاء للحكام بالهداية، وتبصيرهم ومناصحتهم، لعلهم يقبلون الحقَّ، ولعلهم لا يردّون الحقَّ، ولعلهم لا يُساعدون الباطل.
فالدعاة إلى الله يُرشدون الناسَ إلى الخير، ويُعلمونهم، ويُوجِّهونهم، ويدعون الله للحكام بالهداية والتوفيق، أما سبُّهم وحثّ الناس على مُقاومتهم والخروج عليهم فهو معناه الفساد في الأرض، معناه تسليطهم على الدعاة، وعلى إخماد الدعوة، وعلى القضاء عليها وعلى دُعاتها، وإيذاء المؤمنين، إلى غير ذلك، هذا من الغلط.
يجب على المؤمن في مثل هذه الأمور أن يكون حكيمًا، يسلك المسالك التي تُعين على الخير، وعلى ترك الشر، تُعين على إقامة الحقِّ، وعلى إماتة الباطل، تُعين على أن يكون أولو الأمر عونًا لك، لا عليك.
نعم إذا كانت القوة بيدك، تستطيع أن تُزيل هذا الحاكم وتضع مكانه حاكمًا صالحًا؛ لأن هذا أظهر كفرًا بواحًا عندك من الله فيه برهان، هذا شيءٌ آخر، كما بيَّنه النبيُّ ﷺ، النبي بايع الصحابة على ألا يُنازعوا الأمرَ أهله، قال: "إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان".
أما أنت فلا تستطيع أن تُزيل هذا، ولا أن تُقيم هذا، وإنما تستطيع بأفعالك إفساد الدعوة، والقضاء عليها، وإيذاء الدعاة، وتسليط الحكَّام عليهم، هذا ليس من الحكمة في شيءٍ، ولهذا أمر النبيُّ ﷺ بألا يُنازع الأمر أهله، ولما قال له الصحابةُ: أفلا نُقاتلهم؟ قال: "لا، ما أقاموا فيكم الصلاة"، وقال عليه الصلاة والسلام: "اسألوا الله الذي لكم، وأدّوهم حقّهم".
فالمقصود أنَّ الدعاة إلى الله والآمرين بالمعروف والنَّاهين عن المنكر ينظرون في المصلحة، فيما يُقيم الدعوة وينشّطها ويُشجّعها ويُعين أهلها، لا فيما يُميتها ويقضي عليها، والله المستعان.
[من مسائل متفرقة في العقيدة]
حكم من يرى أن عدم الخروج على الحاكم فكرًا انهزاميًا
اضغط هنــــــــــــــــــــا
سماحة الوالد: نعلم أن هذا الكلام أصل من أصول أهل السنة والجماعة، ولكن هناك -للأسف- من أبناء أهل السنة والجماعة من يرى هذا فكرًا انهزاميًا، وفيه شيء من التخاذل، وقد قيل هذا الكلام؛ لذلك يدعون الشباب إلى تبني العنف في التغيير.
الجواب: هذا غلط من قائله، وقلة فهم؛ لأنهم ما فهموا السنة ولا عرفوها كما ينبغي، وإنما تحملهم الحماسة والغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق، حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي كما فعلت الخوارج، أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة.
فالخوارج كفروا بالمعاصي، وخلدوا العصاة في النار، والمعتزلة وافقوهم في العاقبة، وأنهم في النار مخلدون فيها، ولكن قالوا: إنهم في الدنيا بمنزلة بين المنزلتين، وكله ضلال.
والذي عليه أهل السنة -وهو الحق- أن العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحلها، فإذا زنا لا يكفر، وإذا سرق لا يكفر، وإذا شرب الخمر لا يكفر، ولكن يكون عاصيا ضعيف الإيمان فاسقا تقام عليه الحدود، ولا يكفر بذلك إلا إذا استحل المعصية وقال: إنها حلال، وما قاله الخوارج في هذا باطل، وتكفيرهم للناس باطل؛ ولهذا قال فيهم النبي ﷺ: إنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ثم لا يعودون إليه، يقاتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان هذه حال الخوارج بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم، فلا يليق بالشباب ولا غير الشباب أن يقلدوا الخوارج والمعتزلة، بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلة الشرعية، فيقفوا مع النصوص كما جاءت، وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاص وقعت منه، بل عليهم المناصحة بالمكاتبة والمشافهة، بالطرق الطيبة الحكيمة، وبالجدال بالتي هي أحسن، حتى ينجحوا، وحتى يقل الشر أو يزول ويكثر الخير.
هكذا جاءت النصوص عن رسول الله ﷺ، والله عز وجل يقول: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران: 159].
فالواجب على الغيورين لله وعلى دعاة الهدى أن يلتزموا حدود الشرع، وأن يناصحوا من ولاهم الله الأمور، بالكلام الطيب، والحكمة، والأسلوب الحسن، حتى يكثر الخير ويقل الشر، وحتى يكثر الدعاة إلى الله، وحتى ينشطوا في دعوتهم بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة، ويناصحوا من ولاهم الله الأمر بشتى الطرق الطيبة السليمة، مع الدعاء لهم بظهر الغيب: أن الله يهديهم، ويوفقهم، ويعينهم على الخير، وأن الله يعينهم على ترك المعاصي التي يفعلونها وعلى إقامة الحق.
هكذا يدعو المؤمن الله ويضرع إليه: أن يهدي الله ولاة الأمور، وأن يعينهم على ترك الباطل، وعلى إقامة الحق بالأسلوب الحسن وبالتي هي أحسن، وهكذا مع إخوانه الغيورين ينصحهم ويعظهم ويذكرهم حتى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة، وبهذا يكثر الخير، ويقل الشر، ويهدي الله ولاة الأمور للخير والاستقامة عليه، وتكون العاقبة حميدة للجميع.  
[مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (8/ 206)].
حكم الخروج على حاكم لم يطبق الشرع
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــا
السؤال:
ذكر الشيخ في كلمته أنه لا يجوز إزالة المنكر بمنكر أكبر، فهل يجوز الخروج على الحاكم الذي عطل الحدود، وفتح الخمارات، وسجن المسلمين، وحد من بناء المساجد، أفيدونا أنا أقصد قتل الحاكم؟
الجواب:
التي ذكرها في الندوة قاعدة شرعية،  هذه قاعدة شرعية: أنه لا يجوز إنكار المنكر إذا  كان يفضي إلى ما هو أنكر منه، فإذا كان الإنكار على إنسان جلس يشرب الخمر، أو يتعاطى منكرًا آخر، إذا كان الإنكار عليه يسبب شرًا أكبر، كالقتل ونحو ذلك؛ ترك لئلا يقع ما هو أنكر.
وهكذا قتل الأمراء والرؤساء نهى الرسول ﷺ عن الخروج عليهم؛ لأن قتلهم يسبب ما هو أكبر من الفتنة والفوضى وقتل الأبرياء إلى غير ذلك، ولما شكي إليه الأمراء الذين يأتون المعاصي قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان وقال: أدوا إليهم حقهم، واسألوا الله الذي لكم وقال: من حمل علينا السلاح؛ فليس منا وقال: من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه كائنًا من كان.
فالخروج على ولاة الأمور لا يجوز إذا كان يسبب فتنًا وشرًا، أو كانوا لم يظهروا كفرًا بواحًا، أما إذا أظهروا كفرًا بواحًا وهناك قوة قاهرة تستطيع إزالة هذا الحاكم، ووضع حاكم أصلح منه، بدون شر على المسلمين؛ فهذا مسلم، أما ما يفعله بعض الناس من الاغتيالات والشرور التي تسبب الفساد في المسلمين هذا منكر لا يجوز، هذا إزالة منكر بمنكر أشر منه وأقبح منه؛ فلا يجو ز 
[من مسائل متفرقة في العقيدة]
التفصيل في الحاكم إذا حكم بغير ما أنزل الله
السؤال:
سماحة الشيخ -لو سمحت- الحكام الذين لا يطبقون شرع الله في بلاد الله، هل هؤلاء كفار على الإطلاق مع أنهم يعلمون بذلك؟ وهل هؤلاء لا يجوز الخروج عليهم؟ وهل موالاتهم للمشركين والكفار في مشارق الأرض ومغاربها يكفرهم بذلك؟
الجواب:
هذا فيه تفصيل عند أهل العلم، وعليهم أن يناصحوهم ويوجهوهم إلى الخير، ويعلموهم ما ينفعهم، ويدعوهم إلى طاعة الله وطاعة رسوله وإلى تحكيم الشريعة، وعليهم المناصحة؛ لأن الخروج يسبب الفتن والبلاء وسفك الدماء بغير حق، ولكن على العلماء والأخيار أن يناصحوا ولاة الأمور ويوجهوهم إلى الخير، ويدعوهم إلى تحكيم شريعة الله، لعل الله يهديهم بأسباب ذلك.
والحاكم بغير ما أنزل الله يختلف، فقد يحكم بغير ما أنزل الله ويعتقد أنه يجوز له ذلك، أو أنه أفضل من حكم الله، أو أنه مساو لحكم الله، هذا كفر، وقد يحكم وهو يعرف أنه عاص ولكنه يحكم لأجل أسباب كثيرة، إما رشوة، وإلا لأن الجند الذي عنده يطيعونه، أو لأسباب أخرى، هذا ما يكفر بذلك مثل ما قال ابن عباس: كفر دون كفر وظلم دون ظلم.
أما إذا استحل ذلك ورأى أنه يجوز الحكم بالقوانين وأنها أفضل من حكم الله، أو مثل حكم الله، أو أنها جائزة، يكون عمله هذا ردة عن الإسلام حتى لو كان ليس بحاكم، حتى لو هو من أحد أفراد الناس.
لو قلت: إنه يجوز الحكم بغير ما أنزل الله فقد كفرت بذلك، ولو أنك ما أنت بحاكم، ولو أنك ما أنت الرئيس.
الخروج على الحكم محل نظر، فالنبي ﷺ قال: إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان[1] وهذا لا يكون إلا إذا وجدت أمة قوة تستطيع إزالة الحكم الباطل. أما خروج الأفراد والناس العامة الذين يفسدون ولا يصلحون فلا يجوز خروجهم، هذا يضرون به الناس ولا ينفعونهم[2].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1_    أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: ''سترون... '' برقم 7056.
2_   من أسئلة حج عام 1408 هـ، الشريط الثالث. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 28/270).

كيفية اعتبار الدولة دولة إسلامية
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــا
السؤال:
كيف نعتبر الدولة التي لا تحكم بالشريعة الإسلامية دولة إسلامية، مع أن القرآن يقول: إنهم كافرون، وظالمون، وفاسقون؟
الجواب:
ينظر في أمرها، ولا تعتبرها دولة إسلامية، ولا كافرة، انظر في أمرها، وتثبت في الأمور، وادع الله لها بالهداية، واجتهد، ولا يهمك كونها كافرة، أو مسلمة، إنما يهمك إصلاحها، وتوجيهها، وسلامة المسلمين، واستقامتهم.
فمتى بذل طلبة العلم، والأخيار النصيحة، وجاهدوا أنفسهم، ومثلوا الإسلام في أنفسهم، وفي أولادهم؛ استقامت الأحوال، وكثر الخير، وقل الشر، سواء سميت الدولة كافرة، أو سميت مسلمة، على حسب أحوالها، فإن  استحلت محارم الله؛ فهي كافرة، وإن لم تستحل محارم الله؛ فليست بكافرة، وإن ظهر منها الكفر؛ فهي كافرة، ينظر بحسب أعمالها، ولكن لا يهمك ذلك، وإنما يهمك إصلاحها، وإصلاح المجتمع الذي بين يديها، فإذا صلح المجتمع، واستقامت الأحوال، وعظموا دين الله، وساروا في شريعة الله،؛ خضعت الدولة بذلك، والتزمت بالحق خوفًا أن تعزل، وخوفًا أن يقضى عليها.
[من مسائل متفرقة في العقيدة]
حكم طاعة الحاكم في كل أمر
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــــــــا
السؤال:
هل الحاكم الذي لا يطبق حكم الله، بل يطبق القانون الوضعي، هل يطاع في كل أموره، أم يعصى في كل أموره، أو يطاع بما أمر الله ويعصى فيما نهى الله، نرجو إيضاح هذا الموضوع؛ لأنه في غاية الأهمية؟
الجواب:
حتى لو هو يطبق الشريعة لا يطاع في كل أموره إلا فيما وافق الشرع، فلا يطاع الحاكم في كل أموره إلا الرسول ﷺ هو الذي يطاع في كل أمر، أما الناس لا، لا يطاعون في كل أمورهم، ولا يعصون في كل أمورهم، ولكن يطاع فيما وافق الحق، ويعصى فيما خالف الحق، هذه الطريقة المثلى، سواء كان أميرًا، أو أبًا، أو شيخ قبيلة، أو زوجًا، أو غير ذلك، لا بد أنه ينظر في الأمر.
فإذا كان رئيسًا ملكًا، أو رئيس جمهورية، أو شيخ قبيلة، أو عبدًا، فينظر في أمره، فإن أمر بطيب؛ قبل منه، وسمع له وأطيع، وإذا أمر بمعصية؛ لا يطاع ولو كان كافرًا، إذا أمر بخير؛ قبل منه، مثل رئيس الدولة، أنت في دولة كافرة في أفريقيا، أو في غيرها، وأمرت هذه الدولة بالإحسان إلى الفقراء، ومواساة الفقراء يطاعون فيها، أو نهوا عن الخمر، قالوا شرب الخمر يضركم، ونهت عن الخمر، هذه الدولة الكافرة نهت عن الخمر؛ يطاعون في هذا؛ لأن هذا شيء .. ينفع الجميع، أو أمرت بإصلاح الطرقات، قالت: تعاونوا في إصلاح الطرقات؛ لأن فيها أخطارًا على المسلمين، فتصلح، أو ما أشبه ذلك مما جاء به الإسلام، وينفع المسلمين، يطاعون، ولو أن الدولة كافرة.
أما إذا أمروا بشيء فيه معصية، قال الأمير، أو رئيس الجمهورية، أو الملك، أو أبوك، أو شيخ قبيلتك اشرب الخمر، أو سب الله، أو عق والديك؛ لا تطعهم في هذا كائنًا من كان.
[من مسائل متفرقة في العقيدة]
ما كيفية النصيحة للإمام الظالم؟
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــا
السؤال:
ما تقول في الأخذ على يد الإمام بظلمه أو بسبب ظلم عامله؟
الجواب:
هذا كلام ليس بطيبٍ إطلاقًا، ولكن المناصحة والمناصحة، إذا وُجد من الإمام ظلمٌ أو تقصيرٌ يُناصح، ولا يجوز الخروج عليه، على العباد السمع والطاعة بالمعروف، وعدم الخروج عليهم بظلمهم أو معصيتهم، هذا لا يجوز، ولكن المناصحة والتَّوجيه إلى الخير؛ لأنَّ بالخروج يحصل الشر العظيم، وهذا دين الخوارج؛ الخروج على السَّلاطين، وهو دين الخوارج والمعتزلة.
أما أهل السنة والجماعة فيرون السمع والطاعة لهم -لولاة الأمور- وإن عصوا، وإن جرت منهم معصية يجب لهم السمع والطاعة، ما لم تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان، مع القُدرة أيضًا، كلام المؤلف في هذا فيه نقصٌ وضعفٌ، رحمه الله.
[ من  شرح كتاب التبصير في معالم الدين للطبري 3]
هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر؟
س: هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر؟ وما منهج السلف في نصح الولاة؟
ج: ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
أما إنكار المنكر بدون ذكر الفاعل: فينكر الزنا، وينكر الخمر، وينكر الربا من دون ذكر من فعله، فذلك واجب؛ لعموم الأدلة.
ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر من فعلها لا حاكما ولا غير حاكم.
ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه : قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه : ألا تكلم عثمان؟ فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه، إلا أسمعكم؟ إني أكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمرًا لا أحب أن أكون أول من افتتحه.
ولما فتح الخوارج الجهال باب الشر في زمان عثمان  رضي الله عنه وأنكروا على عثمان علنا عظمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان وعلي رضي الله عنهما بأسباب ذلك، وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني، وذكر العيوب علنا، حتى أبغض الكثيرون من الناس ولي أمرهم وقتلوه، وقد روى عياض بن غنم الأشعري، أن رسول الله ﷺ قال: من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه.
نسأل الله العافية والسلامة لنا ولإخواننا المسلمين من كل شر، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وآله وصحبه.  
[مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (8/ 210)].
ما التصرف الصحيح إذا لم تطبق الشريعة ؟
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الأحد مارس 17, 2024 7:11 am عدل 6 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 2:38 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Aoao12
ما حكم قول من يقول :
إن عدم الخروج على الحاكم الفاسق يعتبر خروجاً على إجماع الأمة ؟

أضغط هنــــــــــــــــــــــــــــــــا
أو
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــــا
السائل : الخروج على إجماع الأمة على ذلك عدم الخروج على الحاكم الفاسق إجماع بذلك
الشيخ : الخروج عن الحاكم الفاسق ؟
السائل : عدم الخروج عن الحاكم الفاسق
الشيخ : ما تآخذني أنا بدي صارحك يعني
السائل : الله يبارك فيك أنا أنقل كلامه يبارك فيك فقط
الشيخ : جزاك الله خير وهذا أهون عليّ يا أخي حديثنا السابق عن الرسول يكفينا هو مقيد أن الخروج لا يجوز إلا بشرط الكفر الصريح فشو معنى حينئذ الفاسق يجوز الخروج وإلا لا ؟ شو معنى إجماع وإلا ما فيه إجماع بقلك ما فيه إجماع طيب أي مسألة فيها إجماع والله يقول وأنت بتقول عن الرجل طالب علم فهو يقرأ معنا قوله تبارك و تعالى (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول )) طيب اختلف العلماء في مئات الألوف من المسائل هل نخلص من المشكلة أنه فيها إجماع وإلا ما فيها إجماع فإذا كان الجواب مافي إجماع خلصنا وإلا لجأنا إلى قوله تعالى
السائل : قوله تعالى
الشيخ : إذا لماذا يطرح هذا السؤال ذاك السائل لماذا يطرح ما دام هو أمام الحديث ( ما لم تروا كفرا بواحا ) أنا ما بيهمني كثيرا فهم المسألة من جهة الإجماع لأن الإجماع فيه أقاويل كثيرة وكثيرة جدا ما هو الإجماع الذي تقوم به الحجة هل هو إجماع الأمة بكل طبقاتها من علماء من طلاب علم من عامة المسلمين أم الإجماع هو إجماع خاصة المسلمين وعلمائهم أم أم إلى آخره هو إجماع أهل المدينة وإلا إجماع أهل الكوفة وإلا إلى آخره الله عز وجل يقول (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) أنا أعتقد أن طالب العلم الذي يتساءل في أي مسألة عليها إجماع أم لا ؟ هذا ما قنع بدلالة الآية المذكورة آنفا (( و يتبع غير سبيل المؤمنين )) لأني أنا سأعكس السؤال وأجعله على الصورة التالية فأنا أتساءل وأقول هل من سبيل المؤمنين أن رجلا نصب نفسه بقوة السلاح حاكما على المسلمين هل يجوز الخروج على هذا الخارج والذي نصب نفسه حاكما على المسلمين ؟ الذي نعرفه في كل هذه القرون أن العلماء يفتون بلا . لا يجوز لماذا ؟ للمحافظة على دماء المسلمين من الفريقين الذين مع الخارج والذين يريدون أن يخرجوا على هذا الخارج فسبيل المؤمنين هو عدم الخروج للمحافظة على دماء المسلمين ثم أعود إلى نفس السؤال السابق أنه إذا كان الخروج على الحاكم الفاسق برأي أهل الحل والعقد يتطلب إراقة قليل من الدماء كيف ينضبط هذا القليل وهل هذه من الأمور المادية التي يمكن للإنسان أنه يقننها وإلا هذه أمور فوضوية محضة لا إذا فتح باب القتال بين فريقين ما تعرف منتهى هذا القتال إلى أين ؟ لذلك فالمسألة أولا فيها مخالفة للنص الصريح للحديث السابق ذكره ( ما لم تروا كفرا بواحا ) وثانيا لا يمكن ضبط المفسدة القليلة حينما يثار القتال بين طائفتين من المسلمين
أبو مالك : هنا يا شيخنا يرد شيء
الشيخ : تفضل .
أبو مالك : يقسمون الخروج للثورة إلى قسمين فيقولون ثورة بيضاء وثورة حمراء ، فالثورة البيضاء التي لا تراق فيها الدماء والثورة الحمراء التي تسفك فيها الدماء وكأن القياس هذا قياس منضبط في كل مكان وفي كل زمان ثم لنا من الواقع عندما خالفنا عن الفقه الصحيح في هذه المسألة بالذات لنا من الواقع ما يؤسف الذي يؤسف جدا جدا أنه أن الخروج لا يحدث الآن على من يخرج على الحاكم وإنما الذين خرجوا على الحكام صار كل منهم يريد الخروج على الآخر ولا أدل على ذلك من الواقع الذي يعيشه الأفغانيون الآن كل يوم تسفك مئات بل ألوف من الأرواح تزهق ودماء تسال على أرض الأفغان ثم شيء آخر هذا سوء الفهم أدى أيضا إلى أن توجد في نفوس هؤلاء الخارجين بعضهم على بعض أن يوجد حب السيطرة وحب التملك والاستيلاء على الكرسي أن الضعيف منهم أو القوي إذا أراد أن يستنصر على أخيه لا يستنصر إلا بمن هو خارج على الملة لا على الحاكم الكافر فقط كما هو أيضا واقع في أفغانستان هذه الصور مأساوية رهيبة ولذلك جواب شيخنا جزاه الله خيرا في هذه المسألة نعتقد أنه هو الفصل في هذا وجزاه الله خيرا
الشيخ : أنا أرى من تمام نصح ذلك الشخص الذي أشرت إليه أن يعلم أو على الأقل أن يذكر إن كان قد علم من قبل أن الإصلاح اليوم لا يبدأ بالثورة وبالخروج على الحاكم الكافر فضلا بالخروج عن الحاكم الفاسق وإنما الإصلاح يبدأ كما نقول نحن دائما وأبدا من عشرات السنين بالتصفية والتربية فإن كان الرجل معنا في هذا المنهج فيذكر بهذا ويكفي وإن كان ليس معنا فينبغي أن يعلم وأن نفهم منه كيف يريد وبمن يريد أن يخرج معه أكثر المسلمين جهلة وأكثر المسلمين الذين يعلمون بعض الأحكام الشرعية هم يخالفونها فنساؤهم كاسيات عاريات معاملاتهم مخالفة لأحكام الشريعة في كثير من نواحيها إلى آخره ونحن جميعا نعتقد بأن نصر الله لعباده المؤمنين مشروط بكلمة واحدة (( إن تنصروا الله ينصركم )) ونصر الله إنما يكون أولا بالعلم ثانيا بالعمل والعلم اليوم كما تعلمون جميعا فيه انحراف كبير جدا عن العلم الذي كان عليه السلف الصالح ولذلك ففي الحديث الذي تعرفونه الذي مطلعه ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ... ) إلى آخره ( ... سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) الدين اليوم له مفاهيم عديدة جدا وليس فقط في الفروع بل وكما يقولون في الأصول ليس فقط في الأحكام بل وفي العقائد فأنتم تعرفون اليوم أن أكثر المسلمين إما أشاعرة أو ماتريديية أبهؤلاء ينتصر الإسلام ؟ إذًا لابد من التصفية والتربية فسلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم أي بالمفهوم الصحيح فإذًا يجب أن نبدأ بتفهيم الناس هذا الإسلام بالمفهوم الصحيح وتربيتهم على ذلك ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله أما غير هذا السبيل ما يمكن أبدا أن يعود إلى المسلمين عزهم ومجدهم
السائل : شيخ أحسن الله إليك
الشيخ : وإليك
السائل : هو في بداية كلامه بين أن هذا الأمر لا يأتي بخير على هذه الأمة ولكن إن توفر ذلك الأمر فلا بأس إن توفر هذا الأمر
الشيخ : هل يتوفر ؟
السائل : قال إذا توفر هذا الأمر وهذا بعيد جدا أن يقول
الشيخ : ما ينبغي إيش الفائدة من بحث يكون ختامه أنه بعيد
السائل : قالها كلمة ثم أصبح ما أصبح على هذا الرجل من التشنيع وكلام وهجر وما إلى ذلك وإنما قال هذا الأمر لا يأتي بخير ولكن إذا توفرت هذه الشروط عدم المفسدة وأهل حل وعقد وما إلى ذلك يقول فلا بأس بذلك ولكن هذا لا يتوفر ثم أخذ يشنع به ويتكلم عليه من هذا الباب
الشيخ : على كل حال يا أخي يجب أن ينصح الرجل يكفينا ما فينا يجب أن نبحث الأمور الواقعية ونعالجها ونعلم الناس إياها ونربي أنفسنا عليها أما الأمور هذه النظرية والخيالية ما يجوز إثارتها بيكفي بيكفي النتيجة هي شو هي النتيجة أن الرجل قوطع إذا هو سببه أنه أثار هذه المشكلة
أبو مالك : سببه الجهل اللي لابد من معالجته حتى يعني تأييدا لكلام شيخنا حفظه الله الأحكام الشرعية حين كانت تنزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي ما كانت تنزل لتعالج أشياء مستقبلية غير منظورة وغير واقعية وإنما كانت تعالج الأشياء الواقعية ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام في كثير من السؤالات كان يتوقف ولا يجيب حتى يأتيه الوحي وهذه يعني وقائع مش واقعة واحدة وقائع كثيرة فمن هنا يعني حتى أسلوب الدعوة الإسلامية الصحيح يجب أن يعتمد هذه الطريقة ولا يخالف عنها إطلاقا فعندما نقول مثل ما ذكر شيخنا أيضا إنه كان العالم إذا سئل في مسألة فيقول هل وقعت فإذا وقعت أجاب وإلا قال انتظروا حتى تقع وهذا هو الصحيح والسليم ومن هنا يعني إخوانا في كل أنحاء العالم الإسلامي أنا أقول يعانون من فراغ كبير هذا الفراغ هو الذي أوقعهم في تخيل الأشياء قبل وقوعها وبناء بعض الأحكام والتصورات على تخيل هذه الأشياء يتصور الشيء أنه وقع ثم يصدر حكمه في الواقع يعني آخر ما ... الآن أخي سليمان أظن يطلعنا على مسألة يقول إنه الشيخ الغزالي في هذا محمد الغزالي يقول أفتى بأنه لا يجوز زيارة المسجد الأقصى الآن لماذا ؟ لأنه يعتبر تأييدا لدولة اليهود يعتبر تأييد لدولة اليهود شوف التناقض الآن يعني بين الفتيا وبين الواقع الذي يعيشه العالم الإسلامي كله المسلمون هناك في فلسطين وفي كل أرض من أرض الإسلام يقولون بأن المسجد الأقصى هو أول القبلتين وثالث الحرمين وأنه يزار كما يزار المسجد النبوي والمسجد الحرام فما الذي يحمله على أن يفتي بهذه الفتيا ما الذي يحمله على ذلك أن أقول بأنه هذه الفتيا معكوسة تماما وعندما شيخنا يعني أصدر فتياه في قضية الهجرة المقيدة بتقييدات كثيرة جدا وأن الهجرة ينبغي أن تكون في داخل أرض فلسطين ثم إذا لم تسع الإنسان المسلم أرض فلسطين ليقيم شريعة الله عز وجل ويتمكن من إحياء دينه يخرج إلى خارج أرض فلسطين قامت الدنيا ولم تقعد الآن ماذا يقول المسلمون الآن في هذه الفتيا فتيا محمد الغزالي أيها أخطر أن يخرج مسلم يهاض جناحه في دينه أم أن يمتنع المسلمون عن زيارة المسجد الأقصى الذي شرع الله زيارته على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد ) يقول عجيب تأييد دولة اليهود زيارة الأقصى فيها تأييد ومن الذي يزور الأقصى إلا من يتمكن أن يدخل إلى أرض فلسطين وليس كل مسلم يستطيع أن يدخل إلى أرض فلسطين أهل فلسطين الذين هاجروا منها وخرجوا ثمانية وأربعين وسبعة وستين لا يستطيعون الآن أن يدخلوا أرض فلسطين إلا بالحصول على إذن من السلطات اليهودية إذا أين التأييد لليهود في هذه الفتيا التي إذا زار المسلم فيها يكون مؤيدا لليهود هذه مصيبة
الشيخ : الله المستعان الله المستعان 
 [سلسلة الهدى والنور-799]
ما حكم تكفير الحكام والخروج عليهم في هذه الأيام؟
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــا
السائل : ما حكم تكفير الحكام والخروج عليهم في هذه الأيام ها يا أبو أحمد؟
الشيخ : الحكم كما كان من قبل هذه الأيام وكما تكلمنا مرارا وتكرارا أنه لا يجوز تكفير مسلم إلا بشرطين اثنين أولا أن يتبين كفره صراحة
وثانيا أن تقام عليه الحجة من كتاب الله ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أعتبر أن تساؤل بعض الأفراد من المسلمين هذا التساؤل يشغلهم في الحقيقة عن الاهتمام بأنفسهم لأن أسوأ الأمرين أن يكون هؤلاء الحكام كفارا فماذا يستطيع أن يعمل هؤلاء المتسائلون لهذه الأسئلة ما يستطيعون أن يعملوا شيئا لكن مع ذلك تكفير مسلم أمر خطير جدا إسلاميا كما هو معلوم فلذلك لا نرى أن يشغل بعض أفراد المسلمين أنفسهم بمثل هذا السؤال الذي لو عرف الجواب يقينا ما استطاعوا أن يعملوا شيئا ولكن عليهم كما قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } ونحن نرى أن كثيرا من الشباب المتحمس ضد الحكام ينسون أنفسهم ولا يقيمون حكم الإسلام في دولتهم الصغيرة وأعني بها دارهم والمنطقة التي لهم عليها سلطة فهم لا يطبقون الإسلام ولماذا هم يشتغلون بالحكام الذين لا يستطيعون أن يصلحوا منهم شيئا بالقوة ويمكن إذا كان الله يريد لهم صلاحا وتقوى أن يبلغوا الكلمة الطيبة فمن كان الله عز وجل يريد لهم صلاحا إن صلحوا وإلا فلا فائدة إذا على الأفراد من المسلمين الذين يتساءلون مثل هذه الأسئلة أن يبدأوا بأنفسهم نعم.
[ سلسلة الهدى والنور - شريط : 1076]
كم من قتيل وقع باسم الثورات و الخروج على الحكام
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــا
الرد على شبهة: الاستدلال بفعل عائشة -رضي الله عنها- وخروج سعيد بن جبير على جواز الخروج على الحكام
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــا
التفريغ:
السائل: يحتج بعضهم بما وقع في التاريخ الإسلامي كما في فتنة ابن الأشعث، وخروج كثير من القرّاء على رأسهم سعيد بن جبير ومَن كان معه، وأيضًا ما وقع من عائشة -رضي الله عنها- والزبير وطلحة مع علي -رضي الله عنهم أجمعين-، وأنّ هذا قد وقع، وأنّ هذا يُعَد خروجًا، ولكن ما حُقق لهم الهدف المطلوب، لكن هذا الخروج مما يجوز!! فهل هذا الاستدلال لتلك القصص التي وقعت في العهد الأول صحيح؟ وما الجواب؟ لأن هذا - ما وقع في فتنة الأشعث، وما وقع من عائشة مع مَن كان معها من الصحابة- يُثار كثيرًا من أجل تبرير قضية الخروج.
الإمام الألباني: نعم. الخروج لا يجوز يا أخي، وهذه الأدلة هي على مَن يحتج بها، وليست لصالحه إطلاقًا.
هناك حكمة تُروى عن عيسى -عليه السلام-، ولا يهمنا صحتها بقدر ما يهمنا صحة معناها، أنه وعظ الحواريين يومًا وأخبرهم بأن هناك نبيًا يكون خاتم الأنبياء، وأنه سيكون بين يديه أنبياء كذبة. فقالوا له: فكيف نميّز الصادق من الكاذب؟ فأجاب بالحكمة المشار إليها، وهي قوله: (مِن ثمارِهم تعرفونهم).
فهذا الخروج وذاك الخروج -ومنه خروج عائشة رضي الله عنها- نحن نعرف حكم هذا الخروج من الثمرة، فهل الثمرة كانت مُرّة أم حلوة؟
لاشك، التاريخ الاسلامي الذي حدثنا بهذا الخروج وذاك، يُنْبِي (= ينبأ) بأنه كان شرًا، وسُفكت دماء المسلمين وذهبت هدرًا بدون فائدة، وبخاصة فيما يتعلق بخروج السيدة عائشة.
السيدة عائشة لقد ندمت على خروجها، وكانت تبكي بكاء مرًا حتى يبتل خمارها، وتتمنى أنها لم تكن قد خرجت ذلك الخروج.
وهناك نكتة (= طرفة) قرأتها في بعض الكتب -ولا يهمني الآن أيضًا صحة السند- أنه بلغها أن خلافًا نشب بين عبيدٍ لها وعبيدٍ لشخص آخر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتهيأت للخروج، فسألها قريبٌ لها: إلى أين يا أم المؤمنين؟، قالت: للنظر في الخلاف الذي نشب بين هؤلاء وهؤلاء بخصوص بغلة ادّعاها كل من الفريقين. قال لها: يا أم المؤمنين، ألا يكفينا وقعة الناقة، حتى تثيري لنا وقعة البغلة من جديد. (هنا يضحك الشيخ والسائل).
الشاهد: الاحتجاج بمثل هذا الخروج، أولًا:هذا حجة عليهم؛ لأنه لم يكن منه فائدة.
ثانيًا: لماذا نتمسك بخروج سعيد بن جبير، ولا نتمسك بعدم خروج كبار الصحابة الذين كانوا في عهده؟!! كابن عمر وغيره، ثم تتابع قدماء السلف -كلهم- بعدم الخروج عن الحاكم.
إذن هناك خروجان: خروج فكري، وهذا أخطر، وخروج عملي، وهذا ثمرة للأول، فلا يجوز مثل هذا الخروج، والأدلة التي ذكرتَها آنفًا فهي طبعًا عليهم وليست لهم. اهـ
[شريط رقم (606) من سلسلة (الهُدى والنور)].




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 4:29 pm عدل 8 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 2:54 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Oa_ooa12
الرد على من يقول يجوز الخروج على ولي الأمر الفاسق
أضغط هنـــــــــــــــــا
أو

السؤال : قال أحد طلاب العلم من طلابي : إنه يجوز الخروج على ولي الأمر الفاسق ولكن بشرطين :
الأول : أن يكون عندنا القدرة على الخروج عليه .
والثاني : أن نتيقن أن المفسد أقل من المصلحة رُجْحانا .
وقال : هذا منهج السلف نرجو توضيح هذه المسألة حيث أنه ذكر الفاسق ولم يقل ما رأينا عليه كفر بواح .أوضحوا ما أشكل علينا يرعاكم الله .
وقال : أن مسألة تكفير من لم يحكم بما أنزل الله من الحكام اجتهادية .
وقال : إن أكثر أئمة السلف يكفرون من لم يحكم بما أنزل الله مطلقا أي لم يفصلوا في من حكم .
والسؤال مهم جدا حيث أنه اتصل بي شباب من دولة أخرى ويريدون الجواب هذه الليلة .
الجواب : قل لهم – بارك الله فيك – أن هذا الرجل لا يعرف عن مذهب السلف شيئا .
والسلف متفقون على أنه لا يجوز الخروج على الأئمة أبرارا كانوا أو فجارا ، وأنه يجب الجهاد معهم ، وأنه يجب حضور الأعياد ، والجمعة التي يصلونها هم بالناس كانوا بالأول يصلون بالناس .
وإذا أرادوا شيئا من هذا فليرجعوا إلى العقيدة الواسطية حيث ذكر أن أهل السنة والجماعة يرون إقامة الحج والجهاد والأعياد مع الأمراء أبرارا كانوا أو فجارا هذه عبارته – رحمه الله - .

فقل له إن ما ذكر أنه منهج السلف هو بين أمرين :
ـ إما كاذب على السلف .
ـ أو جاهل بمذهبهم .

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة = وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
وقل إذا كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول : إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان .
فكيف يقول هذا الأخ أن منهج السلف الخروج على الفاسق يعني أنهم خالفوا كلام الرسول – عليه الصلاة والسلام – صراحة .
ثم إن هذا الأخ في الواقع ما يعرف الواقع. الذين خرجوا على الملوك سواء بأمر ديني أو أمر دنيوي . هل تحول الحال من سيئ إلى أحسن نعم ؟
أبدا بل من سيئ إلى أسوء بعيدا ، وانظر الآن الدول كلها تحولت إلى شيء (كلمة غير واضحة (
ـ أما من لم يحكم بما أنزل الله فهذا أيضا فليس بصحيح ، ليس أن أكثر السلف على أنه يكفر مطلقا ، بل المشهور عن ابن عباس أنه كفردون كفر ، والآيات ثلاث كلها في سياق واحد في نسق واحد {الكافرون } ، { الظالمون } ، { الفاسقون } ، وكلام الله لا يكذب بعضه بعضا ، فيحمل كل آية منها على حال يكون فيها بهذا الوصف ، تحمل آية التكفير على حال يكفر بها ، وآية الظلم على حال يظلم فيها ، وآية الفسق على حال يفسق بها . أعرفت ؟
فأنت أنصح هؤلاء الأخوان طالب العلم الذي يقول لطلبته قل له يتقي الله في نفسه لا يغر المسلمين .
غدا تخرج هذه الطائفة ثم تحطم أو يتصورون عن الأخوة الملتزمين تصورا غير صحيح . كله بسبب هذه الفتاوى الغير صحيحة. فهمت ؟
[من شرح السياسة الشرعية شريط خامس – دقيقة 41:20]
شرح حديث سترون بعدي أثرة وأموراً تنكرونها
أضغط هنـــــــــــــــا
الخروج على الحكام يمزق المسلمين ويضيِّع جماعتهم
أضغط هنــــــــــــــــــا
ننكر أشد الإنكار على الذين يدعون إلى منابذة الحكام
أضغط هنـــــــــــــــــــــا
ما أفسد الناس ودمر الأمة الإسلامية إلا منازعة ولاة الأمور
أضغط هنـــــــــــــــــــــا
ما أضر المسلمين إلا التمرد على ولاة الأمور، ولا ظهرت الخوارج والفتن إلا بهذا
أضغط هنـــــــــــــــــــــا
ليس بلازم ان الخروج على ولي الأمر يكون بالسيف بل الخروج يكون بالكلام لأن هذا يسبب الثورة و شق عصا الطاعة
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
لم يفتح باب الفتن وتفرق المسلمين عقدياً وفكرياً إلا الخروج على ولاة الإمور
أضغط هنـــــــــــــــــــــا
الرد على مقولة مرجئة مع الحكام خوارج مع الدعاة
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 4:34 pm عدل 11 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 3:45 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Aaia10
هناك من يسوّغُ للشّباب الخروج على الحكومات دون الضّوابط الشّرعيّة
السؤال :
هناك من يسوّغُ للشّباب الخروج على الحكومات دون الضّوابط الشّرعيّة؛ ما هو منهجنا في التّعامل مع الحاكم المسلم وغير المسلم‏؟‏
الجواب :
منهجنا في التّعامل مع الحاكم المسلم السَّمعُ والطّاعة؛ يقول الله سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 59‏.‏‏]‏‏.‏ والنبي صلى الله عليه وسلم كما مرَّ في الحديث يقول‏:‏ ‏(‏أوصيكم بتقوى الله والسّمع والطّاعة، وإن تأمّر عبدٌ؛ فإنّه مَن يَعِش منكم؛ فسوف يرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين من بعدي‏)‏ (3)؛ هذا الحديث يوافق الآية تمامًا‏.‏ ويقول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏مَن أطاع الأميرَ؛ فقد أطاعني، ومَن عصى الأمير؛ فقد عصاني‏)‏ ‏[‏رواه البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏(‏4/7-8‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في الحثِّ على السّمع والطّاعة، ويقول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اسمع وأطِع، وإن أُخِذ مالُك، وضُرِبَ ظهرُك‏)‏ ‏[‏رواه الإمام مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏(‏3/1476‏)‏ من حديث حذيفة رضي الله عنه بلفظ قريب من هذا‏.‏‏]‏‏.‏
فوليُّ أمر المسلمين يجب طاعته في طاعة الله، فإن أمر بمعصيةٍ؛ فلا يطاع في هذا الأمر ‏(‏يعني‏:‏ في أمر المعصية‏)‏، لكنّه يُطاع في غير ذلك من أمور الطّاعة‏.‏
وأمّا التعامل مع الحاكم الكافر؛ فهذا يختلف باختلاف الأحوال‏:‏ فإن كان في المسلمين قوَّةٌ، وفيهم استطاعة لمقاتلته وتنحيته عن الحكم وإيجاد حاكم مسلم؛ فإنه يجب عليهم ذلك، وهذا من الجهاد في سبيل الله‏.‏ أمّا إذا كانوا لا يستطيعون إزالته؛ فلا يجوز لهم أن يَتَحَرَّشوا بالظَّلمة الكفرة؛ لأنَّ هذا يعود على المسلمين بالضَّرر والإبادة، والنبي صلى الله عليه وسلم عاش في مكة ثلاثة عشرة سنة بعد البعثة، والولاية للكفَّار، ومع من أسلم من أصحابه، ولم يُنازلوا الكفَّار، بل كانوا منهيِّين عن قتال الكفَّار في هذه الحقبة، ولم يُؤمَر بالقتال إلا بعدما هاجر صلى الله عليه وسلم وصار له دولةٌ وجماعةٌ يستطيع بهم أن يُقاتل الكفَّار‏.‏
هذا هو منهج الإسلام‏:‏ إذا كان المسلمون تحت ولايةٍ كافرةٍ ولا يستطيعون إزالتها؛ فإنّهم يتمسَّكون بإسلامهم وبعقيدتهم، ويدعون إلى الله، ولكن لا يخاطرون بأنفسهم ويغامرون في مجابهة الكفّار؛ لأنّ ذلك يعود عليهم بالإبادة والقضاء على الدّعوة، أمّا إذا كان لهم قوّةٌ يستطيعون بها الجهاد؛ فإنّهم يجاهدون في سبيل الله على الضّوابط المعروفة‏.
 [من كتاب "المنتقى من فتاوى الفوزان"]
مسألة الخروج على ولي الأمر ليست مسألة خلافية و من يقول بأنها خلافية فإنه صاحب فتنة
أضغط هنـــــــــــــــــا
أو

ما رأينا شعبا قام على ولي أمرهم إلا حصل من النكبات والشرور أضعاف أضعاف
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــا
شرح قول البربهاري: ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه وإن جار
أضغط هنــــــــــــــــــــــا
حكم من يحرضون على الحكام ثم بعد ظهور المفاسد والفتن يتبرؤون
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا
الواجب طاعة ولي الأمر و الطاعة تكون بالمعروف و لايجوز الخروج عليه و التحريض
أضغط هنــــــــــــــــــا
المحرضين على ولاة الأمر والعلماء هم من الخوارج
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
الرد على من ينسب الخروج على الأئمة إلى الشيخ محمدبن عبد الوهاب و أنه خرج على الدولة العثمانية
أضغط هنـــــــــــــــــــا
الرد على من يقول أن العلاقة بين الحاكم و المحكوم علاقة وكالة و اذا اخل بالوكالة جاز الخروج عليه
أضغط هنـــــــــــــــــــــا
الرد على من يستدل بقول الله " و لا يخافون لومة لائم " على من يخرج على الحكام و يحرض عليهم
أضغط هنـــــــــــــــا
الخروج يشمل الاعتقاد و يشمل الخروج بالكلام ويشمل الخروج بالفعل فالخروج أنواع
أضغط هنــــــــــــــــــا
الخروج أنواع منه الخروج بالكلام إذا كان ينشر فكر الخوارج فهذا أشد من حمل السلاح
أضغط هنــــــــــــــــــــــا
الرد على  بأن الخروج على الحاكم يكون بالسلاح فقط ..
أضغط هنـــــــــــــــا
التفريغ:--
السائلُ: السلام عليكم ، [لا أستطيع سماعها جيدا] أن أحد الدعاة في إحدى القنوات الفضائية أفتى أن الخروج على الحاكم هو الخروج المسلح فقط لا الخروج في المظاهرات فهل هذا الكلام صحيح ؟ وهل يجوز الخروج أم لا؟
الجواب : هذا يتكلم بغير علم ، والله أعلم إن كان جاهلاً نرجوا اللهَ أن يَهدِيَهُ ويَرُدَّهُ إلى الصَّوَاب ، أمَّا إن كان مُغْرضاً نرجُوا اللهَ أن يُعامِلهُ بما يستحق، وأن يكفيَ المسلمين شرَّهُ.
الخروج على الإمام ليس مقصورا على حمل السلاح بل الكلام في حق ولي الأمر، وسباب ولي الأمر، هذا خروجٌ عليه،، هذا خروجٌ عليه وتحريضٌ عليه، وسببُ فتنة وشر، فالكلام لا يقلُّ خطورةً عن السِّلاح، وكما قالَ الشاعِر:-
فإنَّ النارَ بالعُودَينِ تُذكَى ..... وإنَّ الحَربَ أولُهَا كلامُ
وإن الحربَ أوَّلُهَا كلامُ، رُبَّ كلمةٍ أثارت حرباً ضَرُوسُ، فالخروج على الإمام يكون بالسلاح، ويكون بالكلام، ويكون حتى بالإعتقاد، إذا اعتقد أنه يجوز الخروج على ولي الأمر فهذا شارك الخوارج، هذه عقيدة الخوارج.





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 10:14 pm عدل 6 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 3:45 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Aayoca10
وجود المنكرات والمجون في بلادنا لا يجيز الخروج والتكفير
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــــــــــا
لماذا أنتم العلماء تنصحون الشعوب بالصمت وتجنب المظاهرات، ولا تنصحون الحكام بأن يتقوا الله في شعوبهم؟!
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــــــا
التفريغ :
السؤال:
شيخ صالح قد يقولون البعض : أنكم أنتم الآن تقولون مثلا : الذين في الجمل ( الزبير وطلحة ) البعض يقول : إن المقارنة هذه مقارنة جائرة يعني , عثمان – رضي الله عنه - دمه لا يقارن اليوم ولا الخروج عليه بالخروج على من كبل الناس بالحديد وساموهم سوء العذاب, فيقولون هذه أصلا يعني مقارنة جائرة تماما أن يقارن حصار عثمان بحصار من منع الصلاة مثلا أو منع الناس أن يتنفسوا هواء إسلاميا , هذا طرح , الطرح الآخر يقولون : لماذا أنتم – العلماء الشرعيون – توجهون حديثهم إلى الشعوب أن تصمت أن تسكت ألا تتكلم , لماذا الموقف الشرعي لا يخاطب هؤلاء أن يتقوا الله في هؤلاء الشعوب , أن يؤدوا على الأقل دينهم , نحن لا نتكلم عن أموالهم , أموالهم سرقت , لكن على الأقل أن يؤدوا دينهم , صلاتهم , عبادتهم , كما جرى في احدى الدول , أنا أنقل لك كلام الناس , وفرصتي حقيقة اسمحي يا شيخ , فرصتي مثل غيري حتى أطرح هذه الكلام ويسمعه المشاهد .
الإجابة
ـ الشيخ : النبي – صلى الله عليه وسلم - ذكر له قال : على المسلم السمع والطاعة, وإن ضرب ظهره وأخذ ماله , قالوا : إذا تولى أناس يطلبون منا ولا يعطونا حقنا , قال : أدوا ما عليكم وسألوا الله الذي لكم , هل كان النبي – صلى الله عليه وسلم - لا يفكر في العواقب ؟ نتائج هذه الثورات – كما تسمى – أو المظاهرات , أليس يسفك فيها دماء ؟! أليس تخرب أموال ؟ أليست تشعل حرائق ؟ في كثير من الأماكن سواء كانت الحرائق فيها للأمة أو في أموال لسائر الناس , هذه التحركات ينتج عنها جور من الجانب الثاني من السلطة , ويكون الحامل لها على الجور خروج هؤلاء , ثم تسفك دماء وتصادر أموال وتنتهك أمور ما كان ينبغي أن تحصل , فالعلماء عندما يقولون إن هذه الخرجات لم يمنعوا الكلام , لكن الناس إن كانت لهم رغبات خاصة حملوا ما يصنعون على غير ما يحتمل , النبي – صلى الله عليه وسلم - ذكر أن أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر , الناس لا يمنعون أن يتكلموا أو ينصحوا , وإذا واجهوا أن يبينوا , لكن الإثارات واستجلاب الناس والتسبب في قطع الطرق وإرباك الناس عن أعمالهم الخاصة , هذا لم يخفَ عن الشارع وعن المبلغ عن الله رسالاته , ولذلك لم يمنع النصح , النبي– صلى الله عليه وسلم - ذكر عند مبايعته من يسلم ما يشترط عليه السمع والطاعة والنصح لكل مسلم , العلماء لا يمنعون النصيحة , لكنهم يمنعون الشيء الذي منعه النبي – صلى الله عليه وسلم - , المنابذة المقصودة في الحديث إنما هي المصارعة , قال : " لا , حتى تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله سلطان" , ليس سلطان يأخذه الإنسان من هواه , أو من اتفاق مجموعة من الناس أو من إثارة من لهم طمع فيما قد ينتج عن هذه المظاهرات , النصح لولي الأمر واجب , وولي الأمر عليه أن يقبل النصيحة , وعليه إذا وضِّح له الأمر الشرعي أن يرجع إليه , وإذا لم يرجع لا يقال : ثوروا عليه! وقاتلوه , فيدافع عنه من يتنعمون بصحبته , ثم يكون هناك دماء ودماء، الناس كانوا فرحين بالقضاء على صدام حسين في العراق , والذي حل في العراق بعد إسقاط صدام حسين لا شك أن الذي نسمع ويبلغ كل مكان وسفكه للدماء وإنزال عذاب في أماكن كل هذه منكرات , لكن هل يقارن ما حصل في العراق من المنكرات بعد سقوط صدام حسين بما كان في حياته ؟ , وإن لم تكن هذه مظاهرات من أهل العراق وإنما أجلبت واستجلبت القوى التي تريد أمرا وأدركت بعضها أو كلها , ثم إن التعريض لأي بلد إسلامي لما قد يحمل الدول المتربصة بأن تلتمس مما قد يحدث حجة لها حتى تقتحم وتقول إنها جاءت لتأصيل الديمقراطية وإشاعة العدل وقد جربنا وجرب الناس ما حصل من العدل! هل في أفغانستان لما قضي على طالبان ,, تحقق عدل وتنمية اقتصادية ونمو معيشي ؟!أو أن دماء سفكت وحريات أهدرت وفتن متنقلة وبلاء وشرا مستطيرا عاث في البلاد إلى غير ذلك. لا شك أن الناس كانوا الدول الغربية تحثهم على القتال والجهاد أيام الاتحاد السوفيتي في أفغانستان , فلا ندري ما الذي جعل الأمر يتبدل؟ وصار من الجرائم. ينبغي أن لا يُحمّل العلماء ما لم يقولوا أو يصرف كلامهم إلى غير ما يريدون , العلماء لم يقولوا : لا ينصح أحدٌ أحدا , العلماء لا يقولوا لا يكتب أحد لولي الأمر , العلماء لا يقولون إذا أخطأ ولي الأمر لا يقال له فيما بينك وبينه ( أخطأت ) , لكن أن يشهر الأمر بأنه أخطأ ويشاع ذلك على مسامع الناس وصحافتهم وأنديتهم هل هذا يحقق مصلحة ؟ بالتجربة لا يتحقق المصلحة وإنما الوالي الجائر يستعد لصيانة نفسه واستجلاب من يضحون بمن يريد أن يضر بمصلحته من أجل حماية مصالحهم.
لا شك أن ما يقع الآن في مصر , واليوم يبدو أنه العاشر , ما الذي جرى فيه ؟ مصالح عطلت؟ وبنوك – حسب ما أسمع – كسدت أعمالها وإن كانت ربوية-ولا نكره أن تكسد- لكن الناس تعطلت لهم مصالح , مساجد قد تكون لم تعمر بالصلوات فرج عنها بالمسيرة أو ترقبت حتى ينظر من يدخل فيها إلى غير ذلك من الشرور والآثام، على المسلم أن يحرص بأن يدعو الله – جل وعلا – أن يكشف عن جميع البلاد الإسلامية كل منحة وبلية وأن يرزقها حسن التمسك , فالناس لما يكونون في رغد وأمن وأمان الله – جل وعلا – لا يسلب الناس هذه النعمة بدون سبب , ذلك أن الله لم يكن مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
نصيحة للذين يخرجون على الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله
أضغط هنـــــــــــــــــــا
حب إشاعة ما يوجب العدواة بين الحاكم و غيره هذا من السعي في الإفساد
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في السبت مارس 16, 2024 11:55 am عدل 4 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 3:45 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Aacyao10
للحاكم (ولي الأمر) وأنواعه في "السنة النبوية"
لتحميل الملف بصيغة MP3
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــــــا
لتحميل التفريغ بصيغة PDF
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــــا
التفريغ
قال فضيلة الشيخ الدكتور/ محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله-:
(فإنك تجد الحاكم في سنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يخلو من أحد حالين:
إما أن يكون (حاكمًا مسلمًا).
وإما أن يكون (حاكمًا كافرًا).
الأول: هو (الحاكم المسلم)، وينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكونَ هذا الحاكمُ المسلمُ: عادلًا، مُقسِطًا، فاضلًا، ديّنًا، أمينًا، رحيمًا بالمسلمين، باذلًا جُهدَه في السعي في صلاحهم، وصالح الإسلام.
فهذا يجبُ على المسلمين توقيرُه، وتبجيلُه، وتعظيمُه، وإجلالُه؛ فإنّ ذلك من إجلال الله -تبارك وتعالى-، كما نطق بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث صَحَّ عنه أنه قال -كما في السنن وغيرها-: "إنَّ من إجلال الله، إجلالِ ذي الشَّيبة المسلم، وذي السلطان المُقسِط، وحاملِ القرآن غيرِ الغَالي فيه أو الجافي عنه".
فالسلطان المُقسِط، العادل الذي يقوم في الناس بأمر الله -تبارك وتعالى-، وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويُطِّبق شرع الله، ويقوم فيهم بالعدل والرحمة هذا يجب أن يُجلّ، وأن يُحترم، وأن يُبجل، وأن يُوقَّر، فإن في ذلك إجلالًا لله -تبارك وتعالى-، لماذا؟! لأنه ظلُّ الله في الأرض، كما قال ذلك -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الثابت: "السلطانُ ظلُّ الله في الأرض، مَن أكرمه، أكرمه الله، ومَن أهانه، أهانه الله".
فأول ما يجب أن يُكرَم: هذا السلطان العادل، فيُجلّ، ويُحترم إجلالًا؛ لأمر الله، وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم به- فإنا نقوم بذلك، وإجلالنا له من إجلالنا لربنا -تبارك وتعالى-.
الثاني: أن يكون هذا المسلمُ ظالمًا، جائرًا، أو فاسقًا في نفسه، صاحب معاصي لكنه لم يبلغ بذلك إلى الخروج عن دائرة الإسلام، فهذا لا يجوز أيضًا الخروج عليه، ولا الدعوة إلى الخروج عليه، ولا التحريض للناس على ذلك ضده، لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنه سيكون عليكم أمراء تَعرِفُون وتُنكِرُون ".
فأخبر -عليه الصلاة والسلام- بذلك.. فسُئل؛ فأجاب.
وأخبر ذات مرة بأنه سيكون في آخر الزمان أمراء يهدون بغير هديه، ويستنون بغير سنته، فسُئل: ما العمل معهم؟ وأجاب، والإجابة في الجميع ماذا؟ الإجابة -في الجميع-: أن نسألَ ونطيع.
وأخبرنا -صلى الله عليه وسلم- بأنه سيكون في آخر الزمان أثرة، - يعني - استئثار بالدنيا والمال من الحكام، وأمور تنكرونها، وأَمرنا بالسمع والطاعة.
وأخبر -صلى الله عليه وسلم- بأنه سيكون علينا أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، لكن يصلون، وإنما الأمر في تأخيرها عن وقتها، فسأله بعض الصحابة: نقاتلهم؟ أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال:"لا، ما أقاموا فيكم الصلاة" -"ما صلوا" في بعض الروايات- فأمر بالصبر عليهم، بل أمر مَن جاء معهم أن يصلي الصلاة لوقتها، فإذا أدركهم يصلون يصلي معهم -عليه الصلاة والسلام-...
كل ذلك حفاظًا على هيبة السلطان، ووحدة كلمة المسلمين، وانتظام أمرهم وقوة صفهم، لماذا؟ لأن هيبة الإسلام لا تقوم إلا بهيبة الحكام في النفوس، وهيبة الحكام لا تحصُل إلا بتعظيمهم في نفوس الناس، ودعوة الناس إلى إجلالهم والسمع والطاعة لهم، وعدم الاستخفاف بهم؛ فإن مصالح العباد في دينهم ودنياهم، لا تقوم إلا بهيبة السلطان وعظمته في نفوس الناس.
وقد حكى (ابن حزم) -رحمه الله تعالى- اتفاق العلماء على هذا الأمر: أنه لا يمكن القيام بمصالح الإسلام إلا من خلال إعطاء الحكام هذه الصفة، ألا وهي إجلالهم والقيام بحقوقهم وهيبتهم في نفوس الناس؛ فإن هذا به تستقيم أمور الدين والدنيا، كما نص على ذلك العلماء -علماء الإسلام- أمثال (القَرافي) في "الظَفيرة"، وأمثال (بدر الدين ابن جماعة) في "تحرير الأحكام بتدابير أهل الإسلام"، وغيرهم - رحم الله الجميع - كلهم نصوا على أنه لابد في انتظام مصالح العباد والبلاد من إقامة سببها، ما هو سببها الذي تقوم به؟ هو بإقامة الهيبة للسلطان في نفوس المسلمين، فإذا لم تكن له هيبة أو سُعي في إزالة هذه الهيبة من قلوب الناس انتثر عِقد الولاية وحينئذٍ فلا سمع ولا طاعة وتحصُل الفتن والشرور.
فهذا هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهل الخروج في المظاهرات، والقيام على الحكام المسلمين يوافق هذا الهدي أو يخالفه؟ يخالفه، فإذا كان الحاكم مسلمًا -لم يخرج عن دائرة الإسلام- لم يجز الخروج عليه، وإن فسق، وإن جار، وإن ظلم هو، فإن جوره وفسقه على نفسه، وظلمُه إنما يطال طائفة قليلة محدودة، لكن الشر الأعظم في الخروج عليه، هذا كله في الحاكم المسلم.
أما الحاكم الكافر:
فالخروج عليه إذا وُجدت القدرة في إزالته، وعدم حصول شر بسبب ذلك، واجب على المسلمين، إذا كفر فإنه يجب على المسلمين أن يزيلوه.
لكن متى يتحقق الكفر؟ هذا دونه أمور عظيمة، النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إلا أن ترَوا كفرًا بَواحًا عندكم فيه من الله برهان".
فأولًا: لابد أن يكون هذا الأمر كفرًا الذي يُخرَج بسببه على الحاكم.
ثانيًا: أن يكون هذا الكفر بَواحًا -يعني- ظاهرًا، بيّنًا، لا خفاءَ فيه، ولا شبهة، ولا تأويل.
فإن الشبهة والتأويل تَعرِض للإنسان؛ فحينئذٍ لا يكفر...
انظروا إلى الإمام (أحمد) -رحمه الله- دُعي إلى القول (بخلق القرآن) وإلا، لا؟ القول بخلق القرآن كفر وإلا إسلام؟ كفر باتفاق العلماء، ملةٌ ونِحلَةٌ كفرية!! وتعاقب عليها من خلفاء بني العباس كم؟ (المأمون)، (والمعتصم)، (والواثق)، ثلاثة، امتحنوا العلماء عليها...
والعلماء قالوا: مَن قال: القرآن مخلوق؛ فهو كافر، لكنّ (أحمد) كان يدعو للحاكم، ويقول: لو كان لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان.
أكثر من ذلك جاءه (فقهاء بغداد) واجتمعوا عليه، وجلسوا إليه، وأخذوا يفاوضونه، ويناظرونه في الخروج على هذا الحاكم، وأنّ الأمر قد فشا -يعني: القول بخلق القرآن، وامتحان العلماء عليه- وتفاقم، ووصل إلى درجة لا يُصبر عليها، قالوا: وإنه لا سمع لهذا الرجل علينا ولا طاعة!!
فقال (أحمد): لا، هذا خلاف الآثار، اصبروا، إنا نجد في الآثار: "ما صلوا"، فلا.. الله، الله في دماء المسلمين، ونهاهم عن أن يفتحوا باب الفتنة، فقالوا: أولا ترى ما نحن فيه؟! قال: هذه فتنة خاصة -يعني: على طائفة من الناس، أشخاص معدودين-، الفتنة الأعظم العامة، إذا وقع السيف، الله، الله في دماء المسلمين، كفوا دماء المسلمين، هذا خلاف الآثار؛ فلم يكفره (أحمد) لأن له شبهة، ما قال بكفرهم، بل أمر بالسمع والطاعة لهم؛ لأنهم متأولون وعندهم شبهة.
فإذا لابد أن يكون الكفر بَواحًا، صريحًا، واضحًا، لا شبهةَ فيه، ولا تأويل، وهذا مَن يحكم به؟ علماء السنة والأثر، السائرون على طريقة (أحمد) -رحمه الله-.
(أحمد) ضُرب وإلا، لا؟ ضُرب ظهره، وجُرّد، وجُلد بالسوط؛ حتى أُغمي عليه مرات، ومع ذلك ما حمله ظلمهم له على أن يقول فيهم بغير أمر الله، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ فهذا هو الطواعية لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فإذًا، لابد -الحاكم إذا قلنا بأنه كفر- لابد أن يكون إيش؟ الكفر بَواحًا، ظاهًرا، بيّنًا، لا تأويل فيه، ولا شبهة.
ثانيًا: أن تكون عند المسلمين القدرة على إزالته، فلا يترتب على إزالته ما هو شر من ذلك.. فيقومون على هذا الحاكم ليزيلوه فيقتل منهم الآلاف المؤلفة!!، هذا جنون! هذا جِزاف! هذا حُمق!، وقلة فقه في دين الله -تبارك وتعالى-.
فإذا كان هذا الحاكم عنده الأسلحة الفتاكة وهؤلاء لا يملكون إلا رصاصات معدودة أو بندقيتين أو بندقيات معدودة، لا يمكن أن تصل إلى شيءٍ بجوار سلاحه أو سكاكين أو نحو ذلك..
هذا باطل، هذا حمق؛ لأن هذا زج بالمسلمين في أتون الفتن والحروب، والمعارك التي تطحنهم، ويترتب عليها فساد عريض من انتهاك الحُرمات وسفك الدماء، وإخافة الناس وقطع السبل، وإعانة المفسدين والمجرمين، فيخرجون في هذه المدة وهذا الزمان ينتهزون الفرصة، فيكثر اللصوص وقطاع الطرق، والمنتهكين للأعراض ونحو ذلك، هذا كله بسبب انفراط عقد الأمن.
فإذا كان لا قدرة لهم؛ فإنه لا يجوز لهم الخروج بل عليهم أن يصبروا؛ حتى يجعل الله فرجًا ومخرجًا، ويقومون بدعوة الناس وتعليم الناس، وتفقيه الناس للحق، ودعوتهم إلى ما جاء به أشرف الخلق -صلى الله عليه وسلم-.
فإذن الذي نراه اليوم من الدعوة إلى المظاهرات ضد الحكام المسلمين، وأنا أكرر هذه العبارة؛ لأننا نعلم أن ثمة مَن يترصد للكلام، وخصوصًا من (الإخوان المسلمين)؛ فهؤلاء -لا أقرَّ الله عيونهم بضعف أهل السنّة فضلًا عن ذهابهم-، فهم أعداء السنّة في كل زمان ومكان، وأعداء أهلها..
أقول: الحكام المسلمين الذين ثبت عندنا إسلامهم بيقين، لا يجوز الخروج عليهم ولا إخراجهم من الإسلام إلا بيقين، فإذا خرجوا من الإسلام نظرنا في القدرة حينئذ، هل هي متوفرة أو غير متوفرة؟ فإن كانت متوفرة أُزيلوا، وإن كانت غير متوفرة فلا يجوز الخروج عليهم، بل على المسلمين أن يصبروا ولا يزجوا بالمسلمين في أتون هذه الفتن والحروب التي تطحن الأخضر واليابس.
فعلى ذلك، هؤلاء الذين يدعون على حكام المسلمين أو الحكام المسلمين، مخطئون وأنتم سمعتم الآن كلام الإمام (أحمد) -رحمه الله- مع ما ناله من البلاء والابتلاء -رحمة الله تعالى عليه-.
فنحن إمامنا هو (أحمد بن حنبل) -رحمه الله تعالى- وهو إمام كل سنّي إلى قيام الساعة -رحمة الله تعالى عليه-، (وأحمد) سلفُه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ورضوان الله تعالى عليهم أجمعين-.
فهذا (عبدالله بن عمر) -رضي الله عنهما- يُنكر على (عبدالله بن مُطيع)، ومَن معه الخروج على (يزيد بن معاوية) مع ما قالوه فيه من الفسق، وما قالوه فيه من الكلام العظيم، ومع ذلك يُنكر عليهم صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فهؤلاء هم سلف (أحمد) -رضي الله تعالى عنهم-، (وأحمد) هذا طريقه السائر فيه على طريقهم -رضي الله عنهم-.
فلهذا مَن سار على هذا الطريق سَلِم، ومَن تنكّبه هلكَ -عياذًا بالله من ذلك- وبه نعلم أن الدعوة التي تقوم الآن للمظاهرات، والدعاء على الحكام المسلمين، والتشهير بهم على المنابر والخروج في المظاهرات ضدهم، هذه كلها أمور مُنكرَة، السلف فيها لهؤلاء فريقان:
الفريق الأول: هم الكفار الغربيون أو الشرقيون؛ فهذه سنتهم، وليس بغريب، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر أن من أمته مَن سيتَّبع مَن كان قبلنا، حذو القُذَّة بالقُذَّة، شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جُحر ضَبٍ لدخلتموه، قيلَ: اليهود والنصارى يا رسول الله؟ قال: فمَن؟
والفريق الثاني: سلف هؤلاء هم الخوارج الذين كان أول أمرهم الخروج على (عثمان) -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، فأحاطوا به حتى قتلوه ظلمًا -رضي الله عنه- وهو صابرٌ مُحتسب، وقد اجتمع إليه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك الوقت -رضي الله عنهم أجمعين-، وشاورهم في هذا، وكانوا يدعونه إلى ما يُدعى إليه اليوم بعض الحكام المسلمين، كانوا يدعونه إلى التنازل عن الحكم والخلافة..
فأرشد (عبد الله بن عمر)، وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنهم- أرشدوا (عثمان) وأشاروا إليه -رضي الله عنه- بألا يتنازل حتى لا تكون سنة بعده، كلما جاء قوم ورأوا من أميرهم أو إمامهم أو حاكمهم شيئًا يكرهونه وأبغضوه، قاموا عليه ودعوه إلى التنازل، فقال (عبد الله بن عمر): أرى ألا تنازل، فتكون سنة بعدك، كلما أبغضَ قومٌ إمامَهم دعوه إلى ذلك، أو كما قال -رضي الله تعالى عنه-.
فهؤلاء هم سلف أهل السنة، -رضي الله تعالى عنهم أجمعين-، فيجب علينا جميعًا أن نسير في طريقهم.
أما الحاكم غير المسلم فأنا قد ذكرتُ هذا فيما تقدم قريبًا، وفي عدة لقاءات، وفي عدة مقالات، وعدة كلمات، وعدة دروس، في حاله وبيان ما يجب على المسلمين حياله).اهـ




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الثلاثاء مارس 12, 2024 10:39 am عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 3:46 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Oc10
هل تجب طاعة ولي الأمر إذا كان يناصر المبتدعة وهل الكلام فيه يعد غيبة؟
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
السؤال :
فضيلة الشيخ, هل تجب طاعة ولي الأمر إذا كان يناصر المبتدعة, وهل الكلام فيه يعتبر غيبة ؟
الجواب:
طاعة ولي الأمر قيدها الرسول صلى الله عليه وسلم في المعروف , وأما الكلام فيه بما هو فيه فهذا من طريقة أهل البدع لا من طريقة أهل السنة والجماعة , لأن التشهير بولي الأمر بما فيه وعقد الجلسات لمثل هذا الصنيع لا ينتج عنها صلاح ولا إصلاح , و إنما ينتج عنها الشر المستطير و الاختلاف بين الناس والبغض للولاة , فتضطرب الأمور وتحل النقم محل النعم , فالحذر الحذر من ذلك فإنه تصرف سيء لا يجوز أبدا ولكن الدعاء لهم والنصيحة لمن يقدر على أداء النصيحة و بذلها هو الذي ينفع ويفيد , ومن لم يقدر على إيصال النصيحة بنفسه فليتصل بمن يقدر أن يوصل النصيحة السرية بالمعروف هذا هو الذي ينبغي أن يكون .
و أما الخوض في شأن حكام المسلمين و سياستهم فهو من الخطأ المحض الذي يجب تركه , لأنه من صفات أهل البدع لا من صفات أهل السنة و الجماعة .
فأما أهل السنة والجماعة فإنهم يدعون للحكام المسلمين و إن جاروا و فسقوا , ولا يدعون عليهم , و يظهرون محاسنهم و لا يظهرون مساوئهم و هذا معلوم قاله علماء السلف ويقول به أتباعهم اليوم , وما ذلك إلا لأنه يترتب على إظهار المساوئ وعقد المجالس لغيبتهم من السوء و المكروه و الفرقة و الفوضى ما يعلمه الكثير من طلاب العلم , وعلى كل حال فإن النصوص في هذا الشأن حاسمة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم (( اسمع و أطع و إن ضرب ظهرك وأخذ مالك)).
فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصبر على ما قد يجري من الحكام المسلمين على رعاياهم وحذر من الخروج لما فيه من الشر على الخاص و العام.
هذه طريقة السلف ومنهجهم ومنهج أتباعهم , أما عقد الجلسات في الخوض في أعراض الحكام أو العلماء أو غيرهم من فئات الناس , ولو وقعوا فيما وقعوا فيه فهذا لا يجوز , ولا يلزم مما ذكر عدم التحذير من أهل البدع و الداعين إليها و الناشرين لها والكلام فيهم بما يبعد الناس عنهم و يحذر الناس منهم , فرق بين هذا وهذا فإن التحذير من أهل البدع و الداعين إليها من ضروب الجهاد في سبيل الله , ومن باب النفع العام للمسلمين و ليس من باب الغيبة و البهتان المذمومين فليعلم .
[المصدر من العقد المنضد الجديد الجزء الأول ص ـ 89 ]ـ
لماذا تسموننا خوارج وقد خرج بعض السلف؟
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 5:36 am عدل 5 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 3:46 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Oc_aay10
الكلام عمَّن يتكلم في وليّ الأمر
ويُهيِّج النَّاس عليه بأنه خارجيّ؛ داعية للخروج

أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــا
السّؤال:
هل يُشترط في إطلاق كلمة الخوارج لابد لمن حمل السلاح؟ ألا ترون أن من يتكلم في ولي الأمر ويُهيج الناس عليه يُعتبر خارجيا؟
الجواب:
نعم، هذا داعية للخروج، الخروج هو المباشرة بالخروج وحمل السلاح، وأما هذا فهو دعوة للخروج وتهييج الناس؛ فهو خروج، لكنه كما هو معلوم هذا وسيلة وذاك غاية، يعني: الخروج بالسلاح هذا غاية؛ وهذا التهييج هو وسيلة إلى تلك الغاية.اهـ
[ من درس فضيلة الشّيخ العلاّمة: عبد المُحسِن بن حمد العبّاد -حَفِظَهُ اللهُ- في (شرح صحيح مُسلِم / باب ذكر الخوارج وصفاتهم) يوم 24 / من شهر الله المُحرَّم / 1436هـ، بالمسجد النّبويّ..]
حكم المظاهرات والمسيرات التي يقال عنها سلمية
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــــــا
السؤال :شيخنا جزاك الله خيراً
أنا من ليبيا وقد حدد الناس يوم الأربعاء أو الخميس للخروج للمظاهرات في الشوارع ؟
فنريد منكم نصيحة وبياناً عن حكم المظاهرات والمسيرات التي يقال عنها سلمية
لعل الله عز وجل أن ينفع بهذه النصيحة وجزاك الله عنا خيراً .
جواب الشيخ : لا أعلم شيئا يدل على مشروعية هذه المظاهرات ، لا نعلم أساساً في الدين يدل على هذه الأشياء،
وإن هذه من الأمور المحدثة ، التي أحدثها الناس والتي استوردوها من أعدائهم من البلاد الغربية والشرقية ، يعني ليس لها أساس في الدين ، ولا نعلم شيئاً يدل على جوازها وعلى مشروعيتها ، لهذا الناس يسلكون المسالك الشرعية التي شرعت لهم ويتركون الأشياء التي ليس لها أساس ويترتب عليها أضرار ، ويترتب عليها مفاسد ويترتب عليها قتل ويترتب عليها تضييق ، لو لم يكن من أضرارها إلا التضييق على الناس في طرقاتهم وفي مسيراتهم لأن ذلك يكون كافياً في بيان سوءها وأنه ليس لأحد أن يقدم على مثل هذه الأشياء .
سؤال : أحسن الله إليكم داعية يقول ويحث الشباب ويقول الخروج على ولاة الامر كان مذهباً للسلف كابن الاشعث والحسين وابن الزبير ومن جاء النهي عنه كالإمام أحمد مثلاً ، إنما رأى المصلحة والمفسدة فقط ؟
جواب الشيخ : والناس يبحثون عن المصالح ويتركون المفاسد ، الناس يُعنون بتحصيل المصالح وترك المفاسد .
سؤال : هل يمكن القول بان المظاهرات والمسيرات تعتبر من الخروج على ولي الأمر ؟
جواب الشيخ : لا شك إنها من وسائل الخروج ، بل هي من الخروج لا شك!!.





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 8:08 pm عدل 7 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 3:48 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Aaoa10
هل الخروج ضد الحكام مسموح؟
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
السؤال: هل الخروج ضد الحكام مسموح؟
الجواب: الخروج ضد الحكام بلية من البلايا التي ابتلى بها المسلمون من زمن قديم، وأهل السنة بحمد الله لا يرون الخروج على الحاكم المسلم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشقّ عصاكم أو يفرّق جماعتكم فاقتلوه )).
ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إذا بويع لخليفتين فاضربوا عنق الآخر منهما))
وعبادة بن الصامت رضي الله عنه يقول: دعانا النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السّمع والطّاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرةً علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان.
فالخروج على الحاكم يعتبر فتنة فبسببه تسفك الدماء ويضعف المسلمون، حتى لو كان الحاكم كافرًا فلا بد أن يكون لدى المسلمين القدرة على مواجهته، حتى لا تسفك دماء المسلمين، فإن الله عز وجل يقول: {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا فجزاؤه جهنّم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا }.
فتاريخ أهل السنة من زمن قديم لا يجيزون الخروج على الحاكم المسلم، وفي هذا الزمن الخروج على الحاكم الكافر لا بد أن يكون بشروط، فإذا كان جاهلاً لا بد أن يعلم، وألا يؤدي المنكر إلى ما هو أنكر منه، ولا تسفك دماء المسلمين.
[المرجع: تحفة المجيب (ص227)]..
كثير من الحكام على ما فيه من البلاء خيرٌ من الثورات والانقلابات واشتعال البلد فتناً
اضغط هنـــــــــــــــــــــــــــا
نص السؤال: حكم الدعاء للإمام الظالم ؟
نص الإجابة: الدعاء للحاكم الظالم لابد أن تنظر مصلحة الإسلام والمسلمين ، فإذا كان لو قتل هذا الظالم أو مات ربما تشتعل الدنيا فتناً فلا بأس أن يدعو له ، أو ربما يهجم أعداء الإسلام لأنهم كانوا يخافون منه ، يهجمون على ديار الإسلام فلا بأس أن يدعو له .
أما إذا كان ظلمه على الشعوب كما هو شأن حكام عصرنا لابد أيضاً كذلك من النظر في هذا ، فكثير من الحكام على ما فيه من البلاء خيرٌ من الثورات والانقلابات واشتعال البلد فتناً ، صحيح الذي يدعو إلى الفتن ، أو تحريض الناس على الخروج على الحاكم أنا أعتبره مخطئاً ، لأنه ربما تشتعل فتناً فالأولى أن يفقه الناس في دين الله ، وإذا علم الناس دين الله هم سيرفضونه من أنفسهم .
كما مر الحجاج بن يوسف ووالده بمذكر يذكر الناس بسيرة أبي بكر وعمر ، فقال الحجاج : لو أن لي من الأمر شيئاً لقتلته ، قال أبوه - وكان أبوه رجلاً صالحاً - : ما أراك إلا شقياً ، تقول لرجلٍ يذكر الناس لو أن لي من الأمر شيئاً لقتلته ، قال : إنه يذكر الناس بسيرة أبي بكر وعمر وإذا علموا سيرة أبي بكر وعمر أبغضوا أمير المؤمنين .
فأنا أقول أنه يبدئ بتعلم الناس كتاب الله ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قبل الدعوات إلى الثورات والإنقلابات ، والداعي إلى الثورات والإنقلابات داعٍ إلى الفساد ، وداعٍ إلى سفك دماء المسلمين ، حتى الحاكم الذي أعتقد كفره أنا أقول : أنه ما ينبغي الانصدام معه بالحديد والنار فترجع على رؤوس المساكين ، وتسفك دماء المسلمين ، من ههنا وهناك ، من الجانبين .
فينبغي أن يناصحوا ، وأن يٌهتم بالعلم والتعليم والله المستعان .
[من شريط : ( أسئلة الشيخ الوصابي والزائرين )]
هل من منهج السلف إثارة العوام على الحكام ؟
أضغط هنــــــــــــــــــــا
نص السؤال:
   هل من منهج السلف إثارة العوام على الحكام ؟
نص الإجابة:
   لا ، إلا أنني أريد أن تفرق بين حكام العصر وبين الحكام في زمن بني أمية وبني العباس ، وتقرأ التاريخ من أجل أن تعرف ما قاموا به من الخير الكثير على أننا لا نجيز الخروج على الحكام لما يحصل من سفك دماء المسلمين ، وما حصل من قبل فيه عبرة ، والنبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ينهانا عن الفتن .
   وأنا أنصح طلبة العلم ألا يشغلوا أنفسهم بالحكام ، وأن يقبلوا على العلم النافع ، وهم لا يشاورون أهل العلم في قضاياهم فلماذا نشغل أنفسنا بهذا الأمر .
   ونحن لا ندعو إلى الثورات ولا الانقلابات فو الله ما نحب أن تقوم ثورة في العراق لأنها ستسفك دماء المسلمين ، ولا نحب أن تقوم ثورة في ليبيا لأن الدائرة ستكون على رءوس المساكين ، وكذلك لا نحب أن تقوم ثورة في سوريا لأن الدائرة ستكون على المسلمين .
[من كتاب ( فضائح ونصائح ص 105 - 106 ) ]
هل التهجم على الحكام من المنابر والحكم عليهم بالكفر والفسق دون إقامة الحجة من منهج السلف الصالح ؟
أضغط هنـــــــــــــــــا
نص السؤال:
   هل التهجم على الحكام من المنابر والحكم عليهم بالكفر والفسق دون إقامة الحجة من منهج السلف الصالح ؟
نص الإجابة:
   الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ؛ وذلك أضعف الإيمان " ، وأما حديث : " من كانت له نصيحة لذي سلطان فلينصحة سراً " فإنه حديث ضعيف ، مسألة الإثارة في جميع البلاد نحن ما نريد الثورات ، لا نريد ثورة في ليبيا نريد أن الله ييسر برصاصة في جبهة القذافي قذفه الله بالبلاء ويستريح الشعب الليبي منه ، لا نريد ثورة في ليبيا ، ولا نريد ثورة في العراق - هذه والله عقيدتي - ، ولا نريد ثورة عند النصيري حافظ أسد .
   فمسألة حث الناس على القيام على الحكام مسألة حماقية ، ماذا حدث يا إخواننا عند أن قتلوا السادات ؟ جاء كلب أشر من الكلب الأول ، عند عند قتلوا السادات أنا نزلت إلى مصر في وقت السادات ما شاء الله نمشي وتمتلئ المساجد - الله لا يبارك فيه ولا يجزيه خيراً هم أرادوا أن يمسكوني هنالك - لكن أحسن من هذا الوضع الذي هنا .
   فالمهم لا يدعى إلى الثورات ولا الإنقلابات ، المنكر إذا وُجد منكر تنكره ديمقراطية تقول لهم > طاغوتية ، وعند أن جاءت حكومة صنعاء للجنوبيين وسلمتهم المناصب قلنا لها : اخطأت يا حكومة صنعاء ، وهكذا الحزبية الإنتخابات ، لكننا لسنا دعاة ثورات ولا إنقلابات ، بل لو هو الرئيس ونعرف أنه يدعو إلى سفك الدماء لأخرجنا الأشرطة ضده رداً عليه أو غيره ، أيُ صلاح قد حصل من الثورات والإنقلابات ، أفغانستان التي ضحت - الذي هو يعتبر جهاد صحيح في أول أمره - بمليون ونصف الآن يتقاتلون فيما بينهم ويأتون لهم برباني كل بلاء فيه وقبل رباني صبغة الله مجددي صوفي شيعي عميل لأمريكا كل بلاء فيه .
   فالمسألة مسألة تربية وتعليم ، والشاب الطائش لا بد أن يبرد إذا رأيت شاباً طائشاً تعطيله حبه بارد وتبرده وتهدئه هم السبب في نكست الدعوات .
   فالبيان بين ، والمنكر انكره ، لكن لا تدعو إلى الثورات والإنقلابات .
[من شريط : ( الأجوبة الحضرمية على مسائل دعوية ) ]
هل التكلم على الحكام من على المنابر أو الدروس العامة من منهج السلف الصالح؟
أضغط هنـــــــــــــــــــا
نص السؤال:
   هل التكلم على الحكام من على المنابر أو الدروس العامة من منهج السلف الصالح؟
نص الإجابة:
   الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. أما بعد:
   فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون﴾.
   وثبت عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: «أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر». والعندية لا تقتضي السرية وأن يكون مع السلطان وحده.
   وأما حديث: أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «من كانت لديه نصيحة لذي سلطان فلينصحه سرا». فهذا الحديث أصله في «صحيح مسلم» ولم تذكر هذه الزيادة ولفظ الحديث: «إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا» ولم تذكر هذه الزيادة، فلا بد من نظر في هذه الزيادة، فإذا كانت الذي رواها مماثلا لمن لم يزدها فهي زيادة مقبولة، أو من رواها أرجح ممن لم يزدها فهي زيادة مقبولة، أما إذا كانت زيادة مرجوحة فحينئذ تعتبر شاذة، وهذه اللفظة تعتبر شاذة.
   وفرق بين أن تقوم وتنكر على المنبر أعمال الحاكم المخالفة للكتاب والسنة، وبين أن تستثير الناس على الخروج عليه، فالاستثارة لا تجوز إلا أن نرى كفرا بواحا، كما في حديث عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.
   والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يأمر أبا ذر أن يقول الحق ولو كان مرا. رواه أحمد في «مسنده». كما أمره أن يسمع ويطيع وإن تأمر عليه عبد حبشي، فجمع بين الأمرين أبوذر، فيسمع ويطيع لعثمان -رضي الله عنه-.
   فإذا رأينا كفرا بواحا فهل يجب الخروج أم لا؟ يجب النظر في أحوال المسلمين هل لديهم القدرة على مواجهة الكفر البواح أم أنهم سيقدمون أنفسهم أضحية؟ وهل عندهم استغناء ذاتي أم سيمدون أيديهم لأمريكا وغيرها من الحكومات تتركهم حتى تسفك دماؤهم ثم ينصبون لهم علمانيا بدل العلماني الأول أو شيوعيا بدل العلماني أو نصرانيا بدلا عن المسلم، فلا بد أن يكون هناك استغناء ذاتي.
   ثم بعد ذلك هل أعدوا ما تحتاج إليه الحرب من قوات، ولا يشترط أن تكون مماثلة لقوات العدو فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم﴾.
   وهل أعدوا ما تحتاج إليه الحرب من أطباء ومستشفيات أم ربما يتركون الشخص ينتهي دمه من الجرح، وكذلك ما تحتاج إليه الحرب من تغذية، فالناس ليسوا مستعدين أن يصبروا كما صبر صحابة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على الاستضعاف وعلى الخروج من الأوطان، وعلى المرض وعلى الفقر عند أن خرج الصحابة وهاجروا إلى المدينة، فالناس الآن محتاجون إلى أن يدربوا أنفسهم على ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم.
   فعلم الفرق بين أن يقول الشخص كلمة الحق، وبين أن يستثير الناس على الخروج على الحاكم والحق أن الحكام هم الذين لوثوا أنفسهم:
   من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
   يقول الله عز وجل: ﴿ومن يهن الله فما له من مكرم﴾.
   ويقول الشاعر:
   ومن دعا الناس إلى ذمه ذموه بالحق وبالباطل
   فننصح الحكام أن يرجعوا إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يصدقوا مع شعوبهم، وأنا أكره أن أختلف أنا وبعض أصحابي من أجل الحاكم، ولسنا عنده إلا مثل الذباب فليس لنا عنده قيمة.
   ونصيحتي للشباب الكويتي أن يشغلوا أنفسهم بالعلم النافع، وبالدعوة إلى الله، وأن يتركوا هذه الوساوس، وهذه الأفكار الخاطئة، فما نصر الإسلام بالثورات والانقلابات.
 [راجع كتاب : " تحفة المجيب 163 - إلى 166 "]
فتاوى فتنة الخروج على الولاة
من هنــــــــــــــــــا




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 8:37 pm عدل 7 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 4:11 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Aayao111
قال رحمه الله : "ثم اعلم أن الخروج ينقسم إلى قسمين:
خروج بالقول
وهو ذكر المثالب علناً في المجامع وعلى رؤوس المنابر لأن ذلك يعد عصياناً لهم وتمرداً عليهم وإغراءاً بالخروج عليهم، وزرعاً لعدم الثقة فيهم، وتهييجاً للناس عليهم وهو أساس للخروج الفعلي وسبب له.
وإنما حرم الله علي لسان رسوله صلى الله عليه و سلم الخروج علي الولاة المسلمين لأن فيه مفاسد عظيمة لا يأتي عليها الحصر، من أهمها:
إزهاق النفس المسلمة البرئية.
ومنها سفك الدماء المعصومة.
ومنها استحلال الفروج المحرمة.
ومنها نهب الأموال.
ومنها إخافة الطرق.
ومنها فشو الجوع بدلاً من رغد العيش.
والخوف بدلاً من الأمن.
والقلق بدل الطمأنينة.
وهذا كله في الدنيا
أما في الآخرة فلا يعلم إلا الله ما سيلقاه من كان سبباً في إثارة الفتنة لأن إسقاط دولة وإقامة دولة مكانها ليس بالأمر الهين ؛ بل هو من الصعوبة بمكان لذلك فقد اشتد تحذير المشرع صلى الله عليه و سلم من ذلك حتى ولو كان الوالي ظالماً فاسقاً، وإليك بعض النصوص الدالة على الصبر، والآمرة به والمحذرة من الخروج والناهية عنه.
ففي صحيح مسلم عن نافع قال جاء عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ إلى عبدالله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية، فقال اطرحوا لأبي عبدالرحمن وسادة، فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثاً سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقوله، سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: (من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية، يغضب لعصبية أو يدعوا لعصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلته جاهلية، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشا من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه).
وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي إدريس الخولاني قال سمعت حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه يقول: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يارسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: نعم. فقلت: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم. وفيه دخن. قلت وما دخنه؟ قال قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر. فقلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم. دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. فقلت: يارسول الله: صفهم لنا؟ قال: نعم. قوم من جلدتنا ويتكلمون بألستنا. قلت: يارسول الله: فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك).
وفي رواية أبي سلام عنده ـ يعني مسلماً ـ قلت: يارسول الله: إنا كنا في شرٍ فجاء الله بخير، فنحن فيه. فهل من وراء ذلك الخير شر. قال: نعم. قلت: فهل وراء ذلك الخير شر. قال: نعم. قلت: كيف؟ قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس. قلت: كيف أصنع يارسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، فاسمع وأطع) صحيح مسلم.
وفي صحيح مسلم عن عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: (إنها ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان)
وفي رواية عنه أي عن عرفجة (من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه).
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول اللهصلى الله عليه و سلم: (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الاخر منهما)
وعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا. ما صلوا).
وفي رواية: (فمن أنكر برئ، ومن كره فقد سلم).
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، قال: قلنا يارسول الله، أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة. لا ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يداً من طاعة).
وفي حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (دعانا رسول الله صلى الله عليه و سلم فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفراً بواحاً معكم من الله فيه برهان)
وفي حديث أبي هريرة مرفوعاً (كانت بنوا إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وستكون خلفاء فيكثرون. قالوا: فما تأمرنا. قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم).
وفي حديث عبدالله بن عمرو بن العاص الطويل مرفوعاً (ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر).
فهذه أحد عشر حديثاً جمعتها من صحيح مسلم فقط وهي كالتالي:
1 ـ حديث عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
2 ـ حديث عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما.
3 ـ حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه.
4 ـ حديث عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما.
5 ـ حديث عن عرفجة الكلابي رضي الله عنه.
6 ـ حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
7 ـ حديث عن أم سلمة زوج النبي  صلي الله عليه  وسلم ورضي الله عنها.
8 ـ حديث عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه.
9 ـ حديث عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
10 ـ حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً.
11 ـ حديث عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
وكل هذه الأحاديث صحيحة من صحيح مسلم الذي تلقته الأمة بالقبول وحكموا عليه بأنه أصح كتاب في الحديث بعد صحيح البخاري، وكل هذه الأحاديث أفادت أحكاماً تتعلق بحق الولاة على الرعية، واتفقت كلها على حكم واحد وهو تحريم الخروج على ولاة أمور المسلمين وإن كانوا ظلمة جائرين.
فنقول: يستفاد من هذه الأحاديث عدة أحكام:
الحكم الأول: تحريم الخروج على ولاة الأمر المسلمين وإن كانوا فسقة عاصين أو ظلمة جائرين، ووجوب الطاعة لهم فيما لم يكن معصية لله تعالى، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما كان وسيلة إلى واجب فهو واجب، وما كان وسيلة إلى محرم فهو محرم، والكلام في الولاة والتجريح لهم علناً محرم لأنه وسيلة إلى الخروج عليهم فكان محرماً.
الحكم الثاني: تحريم المنازعة لهم وهي تكون بأمور منها:
أ ـ إظهار احتقارهم والتهوين من شأنهم.
ب ـ إظهار مثالبهم في المجتمعات وعلى المنابر.
ج ـ اختلاق مثالب وعيوباً لهم من أجل زرع بغضهم في قلوب العامة والناشئة من طلاب العلم.
د ـ ذم العلماء واتهامهم بالمداهنة وبيع الذمم.
هـ ـ استعمال ما من شأنه التهييج عليهم والإثارة ضدهم، وكل هذا من أنواع منازعة الحكام الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم كما في حديث عبادة بن الصامت الذي سبق ذكره بلفظ: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه و سلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بواحاً معكم من الله فيه برهان).
الحكم الثالث: يؤخذ من حديث ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة أن من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.
الحكم الرابع: يؤخذ من هذه الأحاديث أن البيعة المعتبرة هي بيعة الأول، وهي بيعة الإمام الظاهر للناس والمعروف عندهم لقوله صلى الله عليه و سلم (فوا ببيعة الأول فالأول).
الحكم الخامس: يؤخذ من هذه الأحاديث أن البيعة الثانية وهي البيعة الخفية بيعة باطلة فإن قال بعض الحزبيين: أنا لم أبايع، قيل له إن بيعة عريفك وشيخ قبيلتك بيعة عنك وأنت ملزم بها شرعاً، أمام الله عزوجل، ثم أمام خلقه.
الحكم السادس: يؤخذ من هذه الأحاديث أن من أخذ البيعة لنفسه من وراء علم الإمام وبغير إذنه،وجب قتله إن ظفر به، ووجب قتاله مع الإمام إن لم يظفر به، وخرج خروجاً فعلياً لقوله صلى الله عليه و سلم: (من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاضربوا عنقه كائناً من كان).
الحكم السابع: يؤخذ من هذه الأحاديث وجوب الصبر على جور الولاة ماداموا مسلمين، وعدم الخروج عليهم.
لقوله صلى الله عليه و سلم لأصحابه: (إنكم سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض) وقوله: (من رأى من إمامه شيئاً فليصبر ولا ينزعن يداً من طاعة فإنه من خرج من السلطان شبراً فمات مات ميتة جاهلية).
الحكم الثامن: أن من رأى من أميره أو إمامه معصية فعليه أن ينصح له نصيحة بشروطها، فإن لم يقبل وأصر على معصيته وجب عليه أن يكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً من طاعة، وكذلك إذا كان لا يستطيع النصيحة، فالواجب عليه أن يكره ذلك لقول النبي صلى الله عليه و سلم في حديث أم سلمة: (من أنكر برئ، ومن كره سلم، ولكن من رضي وتابع).
الحكم التاسع: على الرعية أن يؤدوا حق الولاة عليهم ويكلوا أمرهم إلى الله إن قصروا في حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم ولا يجوز لهم الخروج عليهم.
الحكم العاشر: أن الإمام إذا حصل منه قصور في حق الرعية فلا يجوز لهم أن يكافئوه على ذلك بمنع حقه من الطاعة ؛ بل عليهم أن يؤدوا حقه ويصبروا على ما حصل من الإمام إن فرض.
ومعنى الصبر: أنهم لا يتكلمون فيه في المحافل والمجتمعات وعلى رؤوس المنابر ولهم أن يكتبوا إليه كتابة وعظ وتذكير، فإن لم يحصل شئ من التراجع وجب عليهم أن يصبروا، ولا يجوز لهم أن ينزعوا يداً من طاعة.
[ من كتابه الفذ"المورد العذب الزلال فيما انتقد على بعض المناهج الدعوية من العقائد و الأعمال"ص23 ]




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 7:22 pm عدل 4 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 4:41 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام A_aoy11
الخروج على الحاكم
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
التأصيل في الرد على الذين يقولون بالخروج على الحاكم الظالم

خطورة الخروج على ولي الأمر

الرد على من احتج بخروج بعض السلف على الحكام

الخروج على الحكام من منهج الخوراج والمعتزلة وبعض الأشاعرة

سؤال : كيف تكون النصيحة لولاة الأمور ؟
جواب : جاء في النصوص لفظ النصيحة ، وجاء فيها لفظ الإنكار ، وفرق بين النصيحة والإنكار ، وقد أخرج ابن أبي عاصم وغيره قوله عليه الصلاة والسلام : « مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِذِي سُلْطَانٍ فَلا يُبْدِهِ عَلانِيَةً » ([1]) ، وروى أبو سعيد الخُدْرِي – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ » ([2]) ففي حديث أبي سعيد جعل مراتب الإنكار ثلاثة ، وقيد الإنكار برؤية المنكر ، وجعل الإنكار على المنكر نفسه .
والذي درج عليه سلفنا الصالح من الصحابة ومن بعدهم أن الواقع في المنكر إذا كان مظهِرًا له أمام الناس فإنه ينكر عليه ، فإذا وقع أي مسلم في منكر وأظهره فإنه ينكر عليه علنًا باليد ، إن كان المنكِر من أهل اليد ، أو باللسان إن لم يكن من أهل اليد ، أو بالقلب إن لم يستطع المرتبتين الأوليين ، وقد قيد النبي – صلى الله عليه وسلم – الإنكار بقوله : « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا » ، وهذا الوصف مقصود بالحكم ؛ إذ الرؤية مختلفة عن السمع ، فلا يصح أن يقال : من سمع منكم منكرًا فليغيره بيده أو بلسانه .
فتحرر بهذا أن المنكر إذا ما ظهر يُنكَر على ما جاء في حديث أبي سعيد ، أما إذا لم يظهر أو لم يُرَ صاحبُه يواقعه أو كان المنكر فاشيًا ولم يكن الواقع فيه معينًا فإن بابه يكون باب النصيحة ، فمثلًا رأيت فلانًا من الناس يواقع منكرًا في الشارع ، أو كنا حضورًا عند أمير وذكر مخالفة شرعية ظاهرة سمعناها منه ورأيناها ، فإننا ننكر عليه ما لم يترتب على هذا الإنكار مفسدة ، وأما إذا كان الأمر خفيًّا أو كان مما يتعلق بولايته ولم يكن هو الواقع فيه ، وإنما الأمر واقع فيما تحت ولايته ، فإننا نقول : إن المنكر وقع منه ورأيناه منه ، فلا يكون حديث أبي سعيد الخدري على هذه الحال ، وإنما يكون الباب باب نصيحة ؛ لأن الأمر لم يقع فيه هو علانية ، وإنما هو منتشر ، ويراد من الوالي أن يصلح هذا ، فيكون الأمر بنصيحته سرًّا وليس بالعلن .
وقد روى البخاري – رحمه الله – في صحيحه عن أسامة بن زيد – رضي الله عنه – أنه خوطب بقوله : ألا تنصح لعثمان ؟ حينما وقع منه بعض ما وقع في أواخر خلافته ، قال أسامة : ” قد كلمتُه ما دونَ أن أفتحَ بابًا أكونُ أوَّل مَن يفتحه ” ([3])
وقد علق الحافظ ابن حجر على هذا الأثر فذكر أن النصيحة للوالي إذا خرجت إلى العلن صار مبلغها ومؤداها إلى الخروج على الولاة ، وأمر الخروج على الولاة جاءت الشريعة بوصده ، بل كان مما يميز أهل السنة والجماعة أنهم يرون الطاعة ، ولا ينزعون يدًا من طاعة ولاة الأمر ، وأنهم يبذلون لهم الدعاء في السر والعلن ، أما النصيحة العلنية فهي نوع من التشهير الذي يوغر الصدور ويخرج الناس عن الطاعة ، ويؤدي بهم إلى الخروج على ولاة الأمور .
وهذا ملخص كلام الحافظ ابن حجر على أثر أسامة ، وهذا الأثر حقيق بأن يُراجع في البخاري ويُحفظ لفظه ، ومَن كان خطيبًا أو مدرسًا أو يلتقي بالشباب فليذكرهم به ، فإن كان في القلوب حياة ولزوم للسنة التي صحت عنه عليه الصلاة والسلام من قوله : « مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِذِي سُلْطَانٍ فَلا يُبْدِهِ عَلانِيَةً » وكان لنا شغف بلزوم هدي الصحابة رضوان الله عليهم وما أخبر به أسامة من هديه ؛ إن كان في القلوب حياة فيجب عليها أن تلزم ذلك .
أما إن كان في القلوب غير ذلك من الأهواء المضلة ، ومما هو مشابه لطرق غير أهل السنة والجماعة من الخوارج والمعتزِلة ، فإن أولئك لن يرفعوا رأسًا بالسنة ، ولا بهدي الصحابة .
إذن تحصل أن هناك فرقًا بين الإنكار والنصيحة ، كما دلت النصوص ، فالإنكار له مقامه ، والنصيحة لها مقامها ، والخلط بين المقامين هو سبيل أهل الأهواء . وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
[ من أسئلة في المنهج]




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 8:49 pm عدل 6 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 4:53 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Oo11
التحذير من فتنة الخوارج
أضغط هنـــــــــــــــــــــا
"ثم الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ في قضايا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان ينظر إلى المصالح والمفاسد ، وربىّ أمته المخلصين وصحابته الأكرمين على بُعد النظر في المشاكل التي تلمّ بالمسلمين والأحداث التي تنزل بهم ، وبيّن لهم كيف تُواجه وكيف تُغيّر ؟ فوضع لنا منهجا نراعي فيه المصالح والمفاسد :
فأمرنا بطاعة الولاة فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصى أميري فقد عصاني ) ، وبيّن أن هناك حكّاما سينحرفون عن كتاب الله وعن سنة رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، ونعرف منهم وننكر ، وأنهم يهدون بغير هديه ويستنون بغير سنته ، فكيف نتعامل معهم ؟
الخوارج والمعتزلة جعلوا من أصولهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأدخلوا في ضمنه الخروج على الحكام ، بل أهم الأمور في تغيير المنكر عندهم الخروج بالسلاح على الحكام ! من أبرز ما عندهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي شرعه الله الخروج على الحكام بالسيف !
والرسول صلى الله عليه وسلمراعى المصالح والمفاسد ، وماذا يترتب على الخروج ؟ لا شك أنه يترتب على الخروج سفك الدماء وهتك الأعراض وتشتيت المسلمين وتسليط الأعداء عليهم ، يترتب على ذلك مفاسد عظيمة وخطيرة جدّا ، فأمر بالصبر عليهم .
وأمر أمته بقتال أهل البدع وقتلهم أيضا كما قال في الخوارج : ( أينما وجدتموهم فاقتلوهم ، هم شر الخلق والخليقة ) ، وفي المقابل أمرهم بالصبر على الحكام ؛ لأن في قتل الخوارج إزاحة لهذا الوباء عن صفوف الأمة ، لأن الخوارج يكفرون المسلمين ، ويستبيحون دماءهم ويسلّون السيوف عليهم ، ويمسكون سيوفهم عن عبّاد الأأوثان ويسلّطونها على عباد الله المؤمنين !
فالحاكم مادام في دائرة الإسلام تجب طاعته في طاعة الله ولا طاعة له في معصية الله . ترى أهل الحديث هذا منهجهم ، لا نطيع أحدا في معصية الله كائنا من كان بعد رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ؛ لو أمرك صحابي بمعصية الله لا تطعه ، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بعث جيشا وأمّر عليهم رجلا فأوقد نارا وقال : ادخلوها فأراد ناس أن يدخلوها ، وقال الأخرون : إنّا قد فررنا منها ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للذين أرادوا أن يدخلوها : لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة . وقال للآخرين قولا حسنا . وقال : لا طاعة في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف ) .
فهذا صحابي ! لا نطيعه في معصية الله .
والوالدان أمر الله ـ تبارك وتعالى ـ ببرّهما ولو كانا كافرين ، لكن لا طاعة لهما في معصية الله : (( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي )) [ لقمان : 15 ] . أمرك بمصاحبتهما بالمعروف لكن في معصية الله ، لا .
فالحاكم إذا أمرك بمعصية الله وقال لك : اقتل فلانا مثلا ، خذ مال فلان ..الخ ؛ لا يجوز لك أن تطيعه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ، وهو مخلوق مثلك ؛ أمّره الله سبحانه وتعالى عليك ، وأمرك أن تطيعه في طاعة الله .
إذن : طاعة هذا الأمير ترجع إلى طاعة الرسول وإلى طاعة الله عز وجل ، فإذا أمرك بالصلاة والزكاة والحج والصوم والجهاد وأمور من طاعة الله ؛ تطيعه . لماذا ؟ لأن هذا من طاعة الله عزوجل ، أما إذا أمرك بمعصية فهذا ليس من طاعة الله عزوجل بل هذا من معصية الله ، فلا تطعه . هذا معنى الحديث .
استأذنوه في قتالهم ـ يعني : قتال الحكام الظلمة ـ فأبى ـ عليه الصلاة والسلامـ ؛ فعن أم سلمة رضيالله عنها أنّ رسول الله صلى الله عليهوسلم قال : " ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن عرف برئ ، ومن أنكر سلم ، ولكن من رضي وتابع . قالوا : أفلا نقاتلهم ؟ قال : لا ما صّلوا " ، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر :" أدّوا إليهم حقّهم وسلوا الله الذي لكم ".
إذا استأثر الحاكم بالمال والمناصب فهل نثور عليه بالسلاح ؟
الجواب : نصبر لإبقاء الهيبة للمؤمنين وتبقى شوكتهم قوية وسيفهم مسلولا على الأعداء وليس على أنفسهم ؛ لأننا إذا ثرنا عليه جاءت مفاسد لا أول لها ولا آخر . يعني : بالصبر عليهم تتحقق مصالح عظيمة وتدرأ مفاسد كبيرة وخطيرة لانهاية لها .
فالشارع الحكيم أمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر ووضع لنا لذلك ضوابط .
منها : أنه بيّن لنا كيفية مواجهة المنكرات التي تحصل من الحكام؛ بأن لا نطيعهم في معصية الله ، وأمرنا إذا أردنا أن ننصحه ؛ أن ننصحه في السرّ فيما بيننا وبينه بالحكمة والموعظة الحسنة إن سمع وتقبل فذاك ؛ وإن لم يتقبل ،فالمنكر الذيارتكبه يرتكبه على نفسه ، ونكون قد أدينا ةاجبنا والحمدلله . أما الخروج وسلّ السيف عليه فلا ، مادام في دائرة الإسلام ، قال صلى الله عليه وسلم :" خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، ويُصلّون عليكم وتصلون عليهم ، وشرار أئمتكم الذين تُبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم . قيل : يا رسول الله! أفلا ننابذهم بالسيف ؟ فقال : لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة ، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه، فاكرهوا عمله ، ولا تنزعوا يدا من طاعة " ، " وأن لا ننازع الأمر أهله ، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان " ، فلا يسمح لك أن تخرج على هذا الحاكم الجائر إلا إذا رأيت الكفر البواح ، كأن يبيح الخمر أو يبيح الخنزير أو يبيح الربا علانية ، فهذا كفر بواح ـ بارك الله فيكم ـ .
هذا إذا كان للمسلمين قدرة على تنحيته ؛ فليقوموا بذلك ، وأما إذا عجزوا فلا يكلّف الله نفسا إلا وسعها . أما مادام يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويصلي ويصوم ويجاهد ؛ مادام يصلي فقط نطيعهم " ما أقاموا فيكم الصلاة " .
فهذا هو المنهج الصحيح الذي سار عليه أهل الحديث انطلاقا من كتاب الله ومن سنة رسول الله ـ عليه الصلاةوالسلام ـ في كل شؤونهم الدينية والدنيوية والاجتماعية والسياسية ؛ كلها تنطلق من كتاب الله ومن سنة رسول الله ـ عليه الصلاةوالسلام ـ .
والإمام البخاري قالوا : كان لا يتحرك حركة إلا بحديث ، وفي إحدى سفراته اقترب من العدو واستلقى قالوا : بأي حديث ؟ قال : الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نأخذ بالقوة ـ أو كما قال ـ ، يعني : الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نعدّ العدّة للعدو وأن نتقوّى ؛ فأمرنا بالفطر لمواجهة العدو في رمضان ، نفطر في رمضان حتى نكتسب قوة على العدو .
الشاهد : أن أهل الحديث المخلصين الصادقين في أقوالهم وأفعالهم وحركاتهم وسكناتهم وعقائدهم ومناهجهم ملتزمون بكتاب الله ومن ذلك التعامل مع الحكام .
إذا تعاملنا مع الحكام انطلاقا من كتاب الله ومن سنة رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ قالوا : عملاء ، جواسيس !!هم خوارج !
الآن أصبحوا جسورا ؛ مدّوا الجسور مع الحكام ويمدحونهم بالكذب ويغرّونهم بالكذب ، لا يمدحونهم بالصدق ولا يأمرونهم بالمعروف ولا ينهونهم عن المنكر ! بل إذا رأوا الحاكم فيه خطأ توسعوا في هذا الباب ، ويجرونه إلى البلايا والمشاكل والعياذ بالله !
أما نحن فلا نزال عملاء ! حتى لو ما سلكنا هذه المسالك فنعوذ بالله من هذا البلاء ، وهي طريقة الخوارج والمعتزلة والروافض !!
الخوارج والروافض يطعنون في الصحابة وخرجوا على عثمان ، وخرجوا على عليّ وخرجوا على الحكام ، وكم لقيت الأمة منهم من المفاسد ومن المهالك ، وشتتوا أمر الأمة ومزقوها أشلاء حتى أصبحت أذلّ الأمم بسبب التفرق وبسبب مخالفة كتاب الله وسنة الرسول ـ عليه الصلاةوالسلامـ في العقائد وفي السياسة ، فلم يلتزم الكثير منهم العقيدة الإسلامية ولا التزموا السياسة الإسلامية التي شرعها الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
_____________________________________
قال المصنف رحمه الله : ( ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين )
وهذا بخلاف الروافض ، إذ إنهم لا يرون الجمعة والعيدين مع الحكام ، فالروافض ينتظرون المهدي الإمام المعصوم ! في الجمعة والجماعة ، وإذا صلوا معنا فهم كذابون وإنما ذلكمن باب التقية ، ولو أنشؤوا المساجد فهم كذابون ، لأن في دينهم لا جمعة ولا جماعة حتى يأتي الإمام !
والصحابة كانوا يصلون خلف أهل البدع ، يصلون وراء الحجاج ، ويصلون وراء الخوارج لأن الرسول عليه السلام أمرهم بالجماعة ، ولما حاصرواعثمان وتغلبوا في المدينة وراح إمام الثوار قبّحه الله يصلي بالناس قالوا لعثمان : ( إنك إمام عامّة ونزل بك ما ترى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرّج فقال : " الصلاة أحسن ما يعمل الناس ، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم " ؛ يعني : صلوا معهم لأن هذا إحسان ، فإن أساؤوا فلا تسىء معهم ،هذا الخليفة الراشد ظلموه وافتروا وكذبوا عليه وحاصروه ومنعوه من الماء ويقولون له : أنت إمام جماعة وهؤلاء يصلون بنا أهل فتنة فقال لهم: صلوا مع الجماعة فإن أحسنوا فأحسنوا .
انظروا الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ في أحلك الظروف وأشدها لا تغلب عليه عاطفة ولا هوى ؛ يُحكّم شرع الله ( إن أحسن الناس فأحسنوا ) .
فالمبتدع إذا صلّى فقد أحسن ، فصلّ معه مادام لم يكفر ، فإذا كفر فلا صلاة وراءه ، لكن مادام هذا المبتدع في دائرة الإسلام وتسلّط علينا وصلّى بنا فنصلي وراءه ، إذا أمكننا أن نبعده بدون مفاسد ونأتي بإمام سنيّ ، فهذا يجب علينا ، وإذا عجزنا فنصلّي .
ولهذا حدد الله المواقيت للصلاة والرسول ـ عليه الصلاةوالسلام ـ أكدها ، وأخبر أنه ستكون أمراء يؤخرون الصلاة إلى شرق الموتى ، ويعتبر هذه الصلاة كأنها صلاة المنافقين ومع ذلك أمر بالصلاة مع الجماعة وراء هذا الإمام الذي يؤخر الصلاة ، قال لك : صلّ في بيتك فإن وجدت جماعة يصلون في المسجد فصلّ معهم ، هؤلاء الذين يتعمدون تأخير الصلاة إلى آخر وقتها أو إلى دخول الوقت الثاني واقعين في جريمة ، لكنك إذا رأيتهم يصلون في جماعة فصلّ معهم ، ضبط في الأمور وحرص على وحدة الكلمة وإبعاد الأمة عن الخلافات التي تؤدي إلى تمزيقهم وتشتيتهم .
فأهل السنة أخذوا بهذا المنهج ، يصلون وراء ولاة الأمور ولوكانوا جورة ، يصلون وراءهم الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات كصلاة الكسوف والاستسقاء أي صلاة يصلونها يصلي معهم ، أي صلا تشرع فيها الجماعة لا نقول هذا الإمام مبتدع أو هذا الإمام فاجر أو فاسق بل نصلي معه الجماعة .
قال رحمه الله : ( خلف كل إمام مسلم ) فالكافر لا نصلي وراءه ( برّا كان أو فاجرا ) لأن الخوارج يكفرون بالكبائر ! والمعتزلة لا يقولون كافر بل هو في منزلة بين المنزلتين ! فالخوارج عندهم إذا وقع في أي كبيرة خرج من دائرة الإسلام حاكما كان أو محكوما ، أما أهل السنة فلا يخرج ـ عندهم ـ من الإسلام بارتكاب الكبيرة مالميستحلها ، ولا يخرج من الإسلام إلا بالكفر والشرك ، أما بالمعاصي ولو كانت كبيرة ولو أصرّ عليها فهو مذنب مجرم ، متوعّد بالنار ، لكن لا نخرجه من دائرة الإسلام ولا نحكم عليه بالخلود في النار .
قال رحمه الله : ( ويرون جهاد الكفرة معهم ) لأن في جهاد الكفرة قوة للإسلام والمسلمين وحماية لهم .
ولو تركنا جهاد الكفار معهم وقلنا : والله هذا الإمام فاجر كيف نقاتل معه ؟! وجاء العدو وهجم على بلادنا لا نقاتله ولا ندافع عليه ؛ لأن الحاكم فاجر ، لضاعت بلاد المسلمين وتغلب الكفار وأنشئت الكنائس والبيع وأبيحت المحرمات إلى آخره
فوجود الحاكم ـ ولو كان فاسقا ـ : فيه احترام للإسلام ،وتكون شعائر الإسلام قائمة ويحصل به خير كثير ولو كان فاجرا في نفسه ولو انتشر شيء من فجوره ، لكن إذا قارنت بين احتلال الكفار لبلاد المسلمين وبين حكم هذا الفاسق وما يوجد في حكمه من الفساد لوجدت المسافة كبيرة وعظيمةجدا .
إذن هم يراعون المصالح والمفاسد في التزامهم بالجهاد مع الحاكم الفاجر ، ولو أخذنا برأي الخوارج والروافض ( لا نقاتل مع حاكمنا لأنه فاجر ) وجاءتنا بريطانيا أو أي دولة يهودية أو نصرانية احتلوا بلادنا ولا نجاهد معهم ، ماهي النتيجة ؟ ! نسأل الله العافية .
قال رحمه الله : ( ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح وبسط العدل في الرعية ) ندعو لهم بالصلاح والإصلاح ؛ وكان الأئمة ومنهم الأإمام أحمد يقول :لو أن ليدعوة مستجابة لدعوت بها للحاكم ، لأن في صلاحه صلاح للأمة ، فإذا أصلحه الله أصلح به الأمة ويمثّلون الحاكم بالقلب ؛ إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله ـ والعياذ بالله ـ فنحن نحرص على إصلاح الحكام بالنصيحة وبالحكمة والموعظة الحسنة على الطريقة الشرعية ، وليس بالتشهير والتحدي والتهييج ، لا ، وإنما بالطريقة الحكيمة وهذا المسلك سلكه الصحابة ؛ فكانوا ينصحون الأمير فيما بينهم وبينه .
الآن ـ والله ـ العامّي في الشارع تتردد كيف تنصحه وبأي أسلوب تتعامل معه ؟ ! تأتيه بأسلوب لطيف ولطيف ثم ما أدري هل يقبل أو لا ؟ ! فكيف بواحد عنده شوكة وعنده سلطان وعنده قوة وتأتي تهينه أمام الناس وتشهّر به كيف يقبل منك؟! إذن هؤلاء الذين يشهّرون لا يريدون الخير ، يريدون إثارة الناس ويريدون الفتن ولا يريدون الإصلاح! فالإصلاح له طرقه بارك الله فيكم!
فندعو لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح وبسط العدل في الرعية ، ندعو لهم بهذه الأشياء كلها ،نسأل الله أن يصلحهم ويصلح لهم الرعايا ، ونؤلف الناس عليهم ونصبّرهم عليهم بالحكمة ونبيّن لهم المصالح الكبيرة الي تترتب على ذلك ، ونبين لهم المفاسد التي في الثورة وفي التهييج وفي سلّ السلاح وماذا يترتب عليه من مفاسد عظيمة و إلى آخره ، وكيف وجهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونذكر الأحاديث التي وردت في هذا الباب .
كنا نذكر هذه الأحاديث وأحاديث كثيرة ونفصّل فيها فيعتبروننا عملاء ! الذي يبين للناس منهج الحق يعتبرونه عميلا ! فنعوذ بالله من الفتن .
قال رحمه الله : ( ولا يرون الخروج عليهم بالسيف وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف ) ، فلا يرون الخروج عليه بالسيف كما يراه الروافض والخوارج وأهل الفتن الذين أخذوا بهذه المناهج الفاسدة ( وإن رأوا منهم العدول عن العدل ) يعني : مالوا إلى الجور والحيف .
قال رحمه : ( ويرون قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل ) الفئة الباغية نقاتلها مع الحاكم ، إذا خرجت فئة على الحاكم ولو فاجرا نقوم إلى الفئة الباغية فننصحها ونتعرف على مطالبها فإن كانت حقا طلبنا من الحاكم إزالة شكواهم ؛فإن فاؤوا ورجعوا إلى طاعة الإمام وإلا قاتلناهم مع الحاكم المسلم .
وإن كانوا خوارج مكفرين للحاكم جهلا وظلما وخرجوا عليه ،فعلينا أن نقاتلهم مع الحاكم ، ولهذا قاتل الصحابة والتابعون مع بني أمية على مافيهم من الإنحراف ، قاتلوا الخوارج فهذا هو الطريق الصحيح .
والأصل في هذا قوله تعالى : (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفىء إلى أمر الله )) [ الحجرات: 9 ] أي : إذا كان هناك فئتان من المسلمين حصل بينهما قتال ، فإننا نحاول الإصلاح بينهما ، فإذا بغت إحداهما على الأخرى نقاتل التي تبغي ، فإذا بغت وسلّت سيفها على الحاكم فإنما تبغي وتخرج على الأمة وتمزق كلمتها وتعرّضها للمحن والفتن والذلّ والهوان ، فيجب أن نقاتلهم .
نسأل الله ـ تبارك وتعالى ـ أن يوفقنا للتمسك بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأن يجنبنا وإياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن ؛ إن ربنا لسميع الدعهاء ، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
المصدر :[عقيدة السلف وأصحاب الحديث للإمام الصابوني رحمه الله شرح فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله ( ص :358 )
[color=#666633]قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ
والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البرّ والفاجر ، ومن ولي الخلافة ، واجتمع الناس عليه ، ورضوا به ، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة ، وسُمي أمير المؤمنين .
الشرح
لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ
السمع والطاعة لأمير المؤمنين برّهم وفاجرهم ، من اجتمعت عليهم الأمة ، وصل إلى مرتبة الخليفة ؛ وصل بالسيف ، خرج على إمام قبله وتغلّب عليه ثم قامت دولته لا يجوز الخروج عليه ؛ لأنك إذا خرجت عليه مرة ثانية تخرج مرة ثالثة وتخرج مرة رابعة وتصبح الأمة في صراع من خارج إلى خارج ، لا ، الأصل لا يجوز الخروج ، فإذا سلّط الله على هذا الإنسان من خرج عليه وانتصر على دولته وقام على أنقاضه دولة جديدة ، فيجب أن يقف المسلمون عند هذا الحد ويسلمون القياد لهذا المتغلّب .
وهذا المتغلب سواء جاء عن طريق الاختيار والشورى والبيعة ، أو جاء عن طريق الغلبة وصل إلى الإمارة بالسيف وأصبح له شوكة وأصبح له قوة ـ بارك الله فيكم ـ يجب أن تسلم يجب أن تسلم له ، وتحقن دماء المسلمين ، فهذا سواء كان برّا أوكان فاجرا تجب له الطاعة .
وانظر إلى الإمام أحمد وانظر إلى البخاري ، وانظر إلى أئمة الإسلام جميعا يجعلون هذا أصلا من أصول الإسلام : ( طاعة ولاة المسلمين أصل من أصول الإسلام ) . وسواء كان برّا أو فاجرا .
الخوارج والروافض وغيرهم قد يوافقونهم إذا كان برّا ، وقد لا يوافقونهم .
إذا كان أبو بكر ليس برّا عند الروافض وعمر كذلك ليس برّا عند الروافض وعلي ليس برّا عند الخوارج ، لكن الصفات في العموم لا يخالفون فيها كونه برّا ؛ لكن يخالفون في الفاجر . الخليفة الفاجر الجائر الظالم الفاسق هذا ما دام لم يخرج من دائرة الإسلام فلا يجوز الخروج عليه بحال من الأحوال ، وورد في ذلك أحاديث كثيرة ، منها : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره ، وعلى أثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله حتى تروا الكفر البواح " فلا يجوز الخروج عليه مهما بلغ من الفسق .
وكما في حديث أم سلمة :" إنه يُستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن أنكر فقد سلم ومن كره فقد برئ ، ولكن من رضي وتابع " .
قالوا : أفلا نقاتلهم يا رسول الله ؟ قال : " لا ، ما صلّوا " فما داموا يصلون فلا يجوز الخروج عليهم ، كيف إذا كان يصلي ويصوم ويزكي ويحج ، ويؤمّن كل هذه الأمور للمسلمين ويؤمّن لهم الطرق وإلى آخره ، كيف هذا ؟ !
أين نحن الآن من الثوريين الموجودين الآن ؟ أين هم من قوله :" لا ، ما صلّوا " ؟ الرسول ينهاهم " لا ، ما صلّوا " ، مع أنهم فرطوا في كثير من الإسلام وقال :" لا ، ما صلّوا " لا ، ما قال : لا ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجّوا ..وإلى آخره ، قال : " لا ، ما صلّوا " ؛ لماذا ؟ لأن الخروج يترتب عليه مفاسد ، ضياع الإسلام ، وضياع المسلمين ، وإهلاك الأمة ، وإهلاك الحرث والنسل ، وانتهاك الأعراض ،وإذلال المسلمين وإضعافهم ، حتى يصبحوا لقمة سائغة لأعدائهم ، إذا خروج ، بعد خروج ، بعد خروج ...
الآن يا إخوة هؤلاء الثوريون قامت لهم دول عن طريق الإنقلابات وعن طريق الانتخابات وعن طريق كذا وكذا ،ماذا صنعوا ؟ ماذا حقّقوا من الشعارات هذه ؟ من أبعد الناس عن تطبيق الشريعة الإسلامية ؛ بل يزيدون على الحكام الآخرين المنحرفين بعقد مؤتمرات وحدة الأديان وتشييد الكنائس وتقريب النصارى وإذلال المسلمين وإفقارهم وإهلاكهم في دينهم ودنياهم ، والله وصلوا بالانتخابات ووصلوا بالانقلابات ووصلوا بشتى الأمور ، وشاركوا في وزارات ، كلّه كلام فارغ ، ما تميزوا على غيرهم في شيء .
إذن لا تثق في هؤلاء ، هؤلاء همّهم الوصول إلى الكراسي بأي حال من الأحوال ، ثم بعد ذلك يديرون ظهورهم إلى الإسلام ! كما جرّبتم وعرفتم ، هنا وهناك في بلدان كثيرة ثم أحيانا يأتون بانقلاب باسم الإسلام فينقلب عليهم شيوعي أو أي منهج ضال آخر .
إذن الحكمة فبتوجيهات هذا الشارع الحكيم الرحيم الرؤوف الشجاع البطل والذي يربي الأمة على الشجاعة ، لكن في هذا الباب يقول لهم : اصبروا مهما رأيتم ، إلا الكفر .
هنا أحاديث أسوقها لكم حتى تسجّل :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وستكون خلفاء فتكثر " قالوا : وما تأمرنا ؟ قال :" فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقّهم ، فإن الله سائلهم عمّا استرعاهم " كيف إن الله سائلهم عما استرعاهم ؟ ما قال : حاسبوهم ، ثوروا عليهم ، أخرجوا ، خذوا حقّكم لأن بعض الثوريين من كبارهؤلاء الثوريين يقول : ما ننتظر الفرج يأتينا من السماء ، لابد أن نأخذ حقّنا بأيدينا ، أيها الجماهير خذوا حقكم بأيديكم ، إنه لن تمتد إليكم أي يد بهذا الحق .
لا غيرة على دين الله وعلى الأمة ، وأغيرالناس محمد صلى الله عليه وسلم ، قال لسعد : والله أنا أغير منك ، والله أغير مني " لما قال سعد : أرأيت إذا وجدت رجلا مع زوجتي آتي بأربعة شهود ، والله لأضربنّه بالسف غير مصفح ، قال :" أتعجبون من غيرة سعد ، والله لأنا أغير منه ،والله أغيرمني من أجل ذلك حرّم الفواحش " ، فالرسول غيور على دين الله ، وغيور أن تتفشّى المنكرات والفواحش ، أغْيَرُ منّا .
ومع ذلك يقول :" أعطوهم حقّهم فإن الله سائلهم عمّا استرعاهم " لست أنت الذي تحاسبه ، انصحه بالمعروف ، إن سمع وإلا أديت واجبك وعليك بالصبر ، ما دام يصلي ، نحن لا نقول هذا من عند أنفسنا ، لكن هذه ثقيلة على مسامع هؤلاء وشاقة على نفوسهم (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلّموا تسليما )) [ النساء : 65 ] . ينادون بالحاكمية ثم لا يحكّمون الله ولا يحكّمون رسول الله ، أهل البدع يقولون بالحلول ووحدة الوجود ويكفّرون الأمة ويقولون بخلق القرآن لا يحكّمون حكم الله ، ولا يرضون الرجوع إلى حاكمية الله في مثل هذه القضايا ، فهم من أبعد الناس ، لا حكم إلا لله ، لا حكم إلا لله ، وهم من أشد الناس تمرّدا على حاكمية الله وعن الاحتكام إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ، هذه الأحاديث ، هذا لعب ؟ عندهم هذا تأييد للكفار والملاحدة !
ثم عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها " أثرة ، يستأثر بالأموال والمناصب ولمن يؤيدونه ومن أنصاره وحاشيته وأقربائه ويبقى الناس في فقر ، ما يصنعون ؟ هذا ظلم هذا حكم بغير ما أنزل الله ، ماذا يقول الرسول الذي أنزل الله إليه (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) [ المائدة : 44 ] ، ماذا يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
أنتم أعرف بكتاب الله وأعرف بدين الله من رسول الله ومن صحابته الكرام ومن أئمة الهدى في كل زمان ومكان ؟
" وإنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها " أمور لا يعلمها إلا الله عزوجل ، قالوا : يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منّا ذلك ؟ قال : " تؤدّون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم " ما تذهب تصادم وتعمل مظاهرات ، هل في الإسلام مظاهرات ؟ إذا قصّرفي الماء انقطع يوما قامت المظاهرات ، الآن الدول تعطي وما تأخذ ، أكثر الدول الآن تعطي للشعوب وما تأخذ منهم إلا القليل أما هؤلاء يأخذون ويستأثرون بالمال ما يعطون شيئا ويفقرونها لأنه إذا قال : اخرجوا هلكت الأمة ، فما بقي إلا أن يرشدهم إلى التعقّل والحلم والصبروالتريّث من أجل الحفاظ على الإسلام وحقن دماء المسلمين وصيانة أعراضهم " تؤدون الحق الذي عليكم " أدّوا الحق الذي عليكم " وتسألون الله الذي لكم " . وقال للأنصار :" إنكم ستلقون أثرة بعدي " الأنصار الذين قاتلوا معهم تبوّؤوا الدار والإيمان جاهدوا وناضلوا وفتحوا الدنيا ، ماذا قال لهم ؟
الآن جاء ناس يقطفون ثمار جهد الأنصار والمهاجرين ، أسلم كثير منهم بعد الفتح ، منهم أبو سفيان ومعاوية وجاء أولادهم ـ بارك الله فيكمـ استأثروا بالأموال هذه ، معاوية رضي الله عنه ما ندخله في هؤلاء لكن بنو مروان حصل عندهم ظلم ، وحصل عندهم شيء من الاستبداد وكانوا يؤخّرون صلاة العصر ويؤخّرون الصلاة عن أوقاتها ، وحصل عندهم خلل ، ومع هذا أدركهم الصحابة وكانوا يصبرون ، وجاءوا إلى أنس وقالوا : الحجّاج يفعل ويفعل ويسفك الدماء وينهب الأموال ويفعل ويفعل ، أشد من الحكام الآن الحجّاج ، هؤلاء عندهم الأنظمة سواء من الشرق أومن الغرب ، لكن هو فوضوي يحكم بهواه فقط ، يسفك الدماء . قال : اصبروا لا يأتي عام إلا والذي بعده شرّ منه ، أمرهم بالصبر، أخذ بتعليمات الرسول وتوجيهات الرسول التي يعرفها .
وعن علقمة بن وائل عن أبيه قال : سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله فقال : يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألوننا حقهم ويمنعونا حقّنا ، فما تأمرنا ، فأعرض عنه ، ثم سأله فأعرض عنه ، ثم سأله فأعرض عنه . سؤال خطير ما يحبّه ، سؤال صعب ، ماذا يقول له الرسول عليه الصلاة والسلام فجذبه الأشعث ابن قيس وقال :" اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حمّلتم " قد يفهم القارئ من هذا القول أنه من قول أشعث بن قيس ، فلو فُرض أنه قول الأشعث فقد أقرّه رسول الله ، وأنتم تعلمون أنّ السنة قول الرسول وفعله وتقريره ، ولكن جاء من طريق أخرى بعد هذا قال رسول الله :" اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حمّلتم " كيف أمراء يسألونا حقّهم ويمنعونا حقّنا ، والرسول يعرض كلّ ما سأله ، ما أعجبه هذا السؤال ، لأنه يؤدي إلى الفتن فقال : " اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حمّلتم " .
وحديث أم سلمة :" لا ، ما صلّوا ، تعرفون وتنكرون فمن عرف فقد برئ ومن كره فقد سلم ولكن من رضي وتابع " فأنت إذا أنكرت بقلبك ، قال مسلم بعده : " من كره بقلبه وأنكر بقلبه " . فجعل مسلم الإنكار بالقلب والكراهية بالقلب ، عرفتم هذه حال .
حديث آخر :" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " ، الآن العالم مثلا ما ينكر بعض الأشياء إما خائف إما شيء آخر ، لكن كره بقلبه ، عميل جاسوس مجامل مداهن إلى آخر الاتهامات التي والله ما أخذوها إلا عن الشيوعيين ، هذه أساليب ليست أساليب مسلمين ، هذه أساليب الشيوعيين والثوريين والبعثيين والقوميين والأحزاب الضالة ، كيف يقبل بها الشاب المسلم ، علماء الإسلام وأهل الحق وأهل السنة والجماعة المتمسّكون بتوجيهات الرسول الكريم مثل هذه ومثل تقريرات أئمة الإسلام ، مثل مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم الأوزاعي والثوري ، كل هؤلاء عاصروا يعني حكومات عندها أخطاء وعندها انحرافات ، وأصلا ماذا جرى في عهد الإمام أحمد ؟ دولة تعطيل الصفات ، إلى مذهب جهم ، مذهب جهم عندهم كفر ، القول بخلق القرآن كفر عند أحمد وعند أهل الحديث في ذلك الوقت ، كانت الحكومة تدعو إلى الكفر مع ذلك يريدون أن يخرجوا فيأبى الإمام أحمد ، وقال : " هذا فيه فساد وفيه ضرر على المسلمين " ، فزجرهم ، كيف أحمد جبان ؟ أحمد عميل ؟
السلف الذين أخذوا بهذه الأدلة وقاوموا الخوارج وقاوموا أهل الفتن من المعتزلة وغيرهم عملاء وجواسيس ؟ يعني والله يحاربون أهل السنة بأساليب الشيوعيين والبعثيين والقوميين والأحزاب الملحدة ، فكيف تستخدم هذه الأساليب في حق المسلمين وكيف لا تأخذون بهذه الأدلة ؟ ولم لا تعذرونهم وعندهم هذه الأدلة ؟ أنا الآن لا أريد أن أخرج أرى أن الحاكم كفر الكفر البواح ، أنا ما كفّرت ، أنت ذهبت مذهب الخوارج وكفّرته ، أتركني في حالي أخي لا تهنّي يا أخي ، أنت يجب أن تسمع لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :" ما أقاموا الصلاة " ، " ما صلّوا " ، " حتى تروا كفرا بواحا " .
الآن ما عرفنا عالما معتبرا ، قال يعني في بعض الحكام يعني الشيخ ابن باز تعرفون أنه كفّر بعض الحكام ، وبعض العلماء كفّر بعض الحكام منهم يستحق التكفير ، لكن بعض الحكام ما يزال في دائرة الإسلام وإن انحرفوا في دائرة الإسلام ما أحد كفّرهم .
هل هناك مثلا عالما معتبرا من أهل السنة من أنزه الناس قال بكفر فلان وفلان من الحكام الآن ؟ ما نجد إلا السفهاء والجهلة وأحلاس المعتزلة والخوارج هم الذين كفّروا ، الذي يكفّر الحكام والشعوب ، والذي يكفر الحكام والجيش ، كلها مستمدة من مدرسة سيد قطب ، الذي هدّم أصول السنة ، وتعلق بأصول أهل الضلال جميعا ما من أصل فاسد إلا تبنّاه سيد قطب وما من أصل من أصول أهل السنة إلا وهدمه ، ومنها تكفير الأمة ، ومنها الأصل الذي ينبني عليه هذا التكفير أنّ الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، الإيمان إما إيمان مائة في المائة وإما كفر ، فقط إيمان كفر، أما إنسان عنده معاص إذا أطاع مشرّعا في جزئية فقد كفر وخرج من دائرة الإسلام نهائيا .
الخوارج وصلوا إلى هذا الحد ؟ فنحن نأمل من الشباب أن يتفقهوا .
الآن تستخرج النصوص والأدلة وتبين ضلال هذا الرجل ما يقبلون منك ، ما يقبلون منك الحق ، أبوا أن يبحثوا عن الحق يا إخوة ، أبوا أن يقفوا موقف العقلاء من هذه الفتنة التي ضربت أطنابها في مشارق الأرض ومغاربها وحيّرت شباب الأمة وبلبلت عقولهم ، وضربت بعضهم ببعض ، وغرست العداوة والبغضاء ، ما يريدون أن يتبصّروا ويدرسوا الأمور ، ويعرفون من يقودهم وما هم منهجه ، وماهي عقائده وماهو فهمه للإسلام ، لا يريدون هذا ، لا يريدون هذا ، (( جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصرّوا واستكبروا استكبارا )) [ نوح : 7 ] .
والله يا إخواني سلكوا هذه المسالك السيئة ، فنحن نقول هذا الكلام وإن كان فيه قوة حتى يستيقظوا إن كان عندهم عقول ، وإن كان عندهم احترام لنصوص القرآن والسنة ولفهم السلف الصالح ، عليهم أن يتعقّلوا في هذه الأمور العظيمة الخطيرة التي وصلت فيها الأمة إلى درجة لم تصلها من قبل على يد سيد قطب وأتباعه .
نحن الآن ركّزنا على هذا الأصل لما يحيط به من الفتن واحفظوا هذه النصوص ، فإننا ندين الله بها إلى أن نلقاه ، ولا يمكن أن يجرّنا صاحب هوى ولا صاحب انحراف إلى خلاف هذا المنهج .
[المصدر :شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـلفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ ( ص : 71 ـ 80 )] .
هل يجوز الخروج على الحاكم المسلم لمصلحة ؟





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 10:06 pm عدل 5 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 4:57 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Ayao10
الذين يثيرون الغوغائيين للخروج على ولاة الأمر
لسوا بدعاة ولكنهم مخربون ومفسدون

أضغط هنـــــــــــــــــــــا
إلى دعاة الثورات
أضغط هنــــــــــــــــــا



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 6:02 am عدل 3 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 5:00 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Oy_110
مفاسد الخروج


كتاب:
مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام %D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%85%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B6%D9%88%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9%20-%20%D8%B9%D8%A8%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%20%D8%A8%D9%86%20%D8%A8%D8%B1%D8%AC%D8%B3_0000
معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة
للشيخ الدكتور عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم - رحمه الله تعالى -.
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــا





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 6:10 am عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 5:10 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام I10

أكثر من مائة حديث في تحريم الخروج على ولي الأمر المسلم

أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــا
أو

بسم الله الرحمن الرحيم

وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أما بعد فهذه قراءة لأحاديث متعلقة بالحكام .
الحديث الأول : عن أم سلمه رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون و تنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع قالوا يا رسول الله أفلا نقاتلم قال لا ما صلوا (أي من كره بقلبه و أنكر بقلبه) (رواه مسلم)
الحديث الثاني : عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خيار أئمتكم الذي تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم (تصلون أي تدعون لهم ويدعون لكم ) وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قالوا قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك بالسيف قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة لا ما أقاموا فيكم الصلاة إلا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة (رواه مسلم)
الحديث الثالث : عن أبي بكره الثقفي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله (رواه الترمذي )
الحديث الرابع : عن عياض بن غنم رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد أن ينصح لذي سلطان بأمر فلا يبده له علانية ولكن يأخذ بيده فيخلوا به فأن قبل فذاك وإن لم يقبل فقد أدى الذي عليه (رواه ابن أبي عاصم )
الحديث الخامس : عن أبي ذر رضي الله عنه قال إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني أن أسمع و أطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف وفي لفظ آخر عند ابن أبي عاصم بسند صحيح اسمع وأطع لمن كان عليك (رواه مسلم)
الحديث السادس : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك (رواه مسلم)
الحديث السابع : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أطاع الأمير فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله ومن عصى الأمير فقد عصاني ومن عصاني فقد عصا الله (متفق عليه)
الحديث الثامن : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فأن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة (متفق عليه)
الحديث التاسع : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية (رواه مسلم)
الحديث العاشر : عن أنس بن مالك رضي الله عن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعوا و أطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبه (رواه البخاري)
الحديث الحادي عشر : عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كره من أميره شيئا فليصبر فأنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية (متفق عليه)
الحديث الثاني عشر : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها قالوا يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك قال تؤدون الحق الذي عليكم وتسالون الله الذي لكم (متفق عليه)
الحديث الثالث عشر : عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال سأل سلمة بن سعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا فأعرض عنه ثم سأله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم (رواه مسلم)
الحديث الرابع عشر : عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني قال قلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال نعم وفيه دخن . قلت وما دخنه ؟ قال قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر . قلت فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها . قلت يا رسول الله صفهم لنا . قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا . قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم . قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك . (متفق عليه)
. وفي رواية لمسلم قال يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس . قال حذيفة قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟ قال تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع
الحديث الخامس عشر : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو لعصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لكل ذي عهد عهده فليس مني ولست منه (رواه مسلم)
الحديث السادس عشر : عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل تحت راية عمية يدعوا عصبية أو ينصر عصبية فقتلة جاهلية (رواه مسلم)
الحديث السابع عشر : عن عرفجه بن شريح رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنه ستكون هنات و هنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان (رواه مسلم)
الحديث الثامن عشر : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما (رواه مسلم)
الحديث التاسع عشر : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال كنا نبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة يقول لنا فيما استطعتم (متفق عليه)
الشاهد اخذ البيعة منهم على السمع والطاعة
الحديث العشرون : عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بعدي ائمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان انس قال قلت كيف اصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك قال تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع (رواه مسلم)
الحديث الحادي والعشرون : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيكون خلفاء فيكثرون قالوا فما تأمرنا قال فوا ببيعة الأول فالأول أعطوهم حقهم واسألوا الله الذي لكم فإن الله سائلهم عما استرعاكم (متفق عليه)
الحديث الثاني والعشرون : عن معاوية رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية (رواه الإمام احمد)
الحديث الثالث والعشرون : عن أبي أمامة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال اتقوا الله ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم (رواه الأمام الترمذي)
الحديث الرابع والعشرون : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال انه كان ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نفر من أصحابة فأقبل عليهم رسول الله فقال يا هؤلاء ألستم تعلمون أني رسول الله إليكم قالوا بلى نشهد أنك لرسول الله قال ألستم تعلمون أن الله جل وعلا ذكر في كتابه أن من أطاعني فقد أطاع الله قالوا بلا نشهد أن من أطاعك فقد أطاع الله وأن من طاعة الله طاعتك فقال إن من طاعة الله أن تطيعوني وأن من طاعتي أن تطيعوا أئمتكم أطيعوا أئمتكم (رواه الإمام احمد)
الحديث الخامس والعشرون : عن الحارث الأشعري رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم و أنا آمركم بخمس الله أمرني بهن السمع والطاعة و الجهاد والهجرة والجماعة فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع (رواه الترمذي)
الحديث السادس والعشرون : عن انس بن مالك رضي الله عنه قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة قال فيما استطعتم (رواه الإمام احمد)
الحديث السابع والعشرون : عن العرباض بن ساريه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصيكم بتقوى الله و السمع والطاعة وإن عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (رواه ابو داوود والترمذي وابن ماجه)
الحديث الثامن والعشرون : عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ثلاثة لا تسأل عنهم رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا وأمة أو عبد ابق سيده فمات مات عاصيا وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مئونة الدنيا فتبرجت بعده وثلاثة لا تسال عنهم رجل نازع الله عز وجل رداءه فإن رداءه الكبر وإزاره العزة ورجل شك في أمر الله والقانط من رحمة الله (رواه البخاري)
الحديث التاسع والعشرون : عن انس بن مالك رضي الله عنه قال نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لا تسبوا أمرائكم ولا تغشوهم ولا تبغضوهم واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب (رواه ابن أبي عاصم في السنة)
الحديث الثلاثون : عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس من فعل واحدة منهن كان ضامنا على الله عز وجل من عاد مريضا أو خرج مع جنازة أو خرج غازيا في سبيل الله أو دخل على إمام يريد بذلك تعزيزه وتوقيره أو قعد في بيته فسلم الناس منه وسلم من الناس (رواه ابن أبي عاصم في السنة)
الحديث الحادي والثلاثون : عن أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السلطان ظل الله في الأرض من أكرمه أكرمه الله ومن أهانه أهانه الله (رواه ابن أبي عاصم في السنة)
الحديث الثاني والثلاثون : عن عباده بن الصامت رضي الله عنه قال دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال فيما اخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (متفق عليه)
الحديث الثالث والثلاثون : عن أسيد بن حضير رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال استعملت فلان ولم تستعملني قال إنكم سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني (رواه البخاري)
الحديث الرابع والثلاثون : عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر الجماعة رحمة والفرقة عذاب (رواه الإمام احمد في المسند)
الحديث الخامس والثلاثون : عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ومن أراد بحبوحة الجنة فعليه بالجماعة (رواه الإمام احمد)
الحديث السادس والثلاثون : عن رجل قال انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول أيها الناس عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة أيها الناس عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة أيها الناس عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة (رواه الإمام احمد)
الحديث السابع والثلاثون : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمركم بثلاث وأنهاكم عن ثلاث آمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وتسمعوا وتطيعوا لمن ولاه الله أمركم وأنهاكم عن قيل وقال و إضاعة المال وكثرة السؤال (رواه أبو نعيم في الحلية)
الحديث الثامن والثلاثون : عن أم الحصين الأحمسية قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمر عليكم عبد حبشي مجدعا اسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا (رواه مسلم)
الحديث التاسع والثلاثون : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وان تناصحوا من ولاه الله أمركم ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال (رواه مسلم)
الحديث الأربعون : عن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل خرج يفرق بين أمتي فاضربوا عنقه (رواه النسائي)
الحديث الحادي والأربعون : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة الإمام حق على المرء المسلم ما لم يأمر بمعصية الله فإن أمر بمعصية الله فلا طاعة له (رواه البيهقي في الشعب)
الحديث الثاني والأربعون : عن زيد بن سلمة الجعفي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم (رواه البخاري في التاريخ الكبير)
الحديث الثالث والأربعون : عن أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل سلطان الله أجله الله يوم القيامة (رواه احمد بن أبي حاتم)
الحديث الرابع والأربعون : عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل أنتم تاركو لي أمرائي لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره إنما مثلكم ومثلهم كمثل رجل استرعى إبلا أو غنما فرعاها ثم تحين سقيها فأوردها حوضا فشرعت فيه فشربت صفوه وتركت كدره فصفوه لكم وكدره عليهم (رواه مسلم)
الحديث الخامس والأربعون : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم سترون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض (متفق عليه)
الحديث السادس والأربعون : عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فارق الجماعة والإسلام فقد خلع ربقه الإسلام من عنقه (رواه ابن أبي عاصم)
الحديث السابع والأربعون : عن معاوية رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن السامع المطيع لا حجة عليه وإن السامع العاصي لا حجة له (رواه ابن أبي عاصم)
الحديث الثامن والأربعون : عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال قلنا يا رسول الله لا نسألك عن طاعة من اتقى ولكن من فعل كذا وكذا فذكر الشر فقال صلى الله عليه وسلم اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا (رواه ابن أبي عاصم في السنة)
الحديث التاسع والأربعون : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله أوصني قال أعبد الله ولا تشرك به شيئا وأقم الصلاة وآتي الزكاة وصم رمضان وحج البيت واعتمر و اسمع وأطع وعليك بالعلانية وإياك والسر (رواه بن أبي عاصم)
الحديث الخمسون : عن أبي ذر رضي الله عنه قال أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في مسجد المدينة فضربني برجله وقال ألا أراك نائما فيه فقلت يا رسول الله غلبني عيني قال كيف تصنع إذا أخرجت منه فقلت إني أرضى الشام الأرض المقدسة المباركة قال كيف تصنع إذا أخرجت منه قال ما أصنع أضرب بسيفي يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ألا أدلك على خير من ذلك وأقرب رشدا قالها مرتين تسمع وتطيع وتساق كما ساقوك (رواه ابن ابي عاصم)
الحديث الحادي والخمسون : عن الزبير بن عدي قال أتينا أنس بن مالك رضي الله عنه فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج (أي الحجاج بن يوسف الثقفي) فقال اصبروا فأنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم (رواه البخاري)
الحديث الثاني والخمسون : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حمل علينا السلاح فليس منا (متفق عليه)
الحديث الثالث والخمسون : عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حمل علينا السلاح فليس منا (متفق عليه)
الحديث الرابع والخمسون : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح انه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار (متفق عليه)
الحديث الخامس والخمسون : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر (متفق عليه)
الحديث السادس و الخمسون : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (رواه البخاري)
الحديث السابع والخمسون : عن أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت قلنا نعم قال اللهم اشهد فليبلغ الشاهد الغائب وقال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (رواه البخاري)
الحديث الثامن والخمسون : عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا ترتدوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (رواه البخاري)
الحديث التاسع والخمسون : عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع استنصف الناس ثم قال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (رواه البخاري)
الحديث الستون : عن أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال انه كان حريصا على قتل صاحبه (متفق عليه)
الحديث الحادي والستون : عن سعيد بن جبير عنه قال خرج علينا عبد الله بن عمر فرجونا أن يحدثنا حديثا حسنا قال فبادرنا إليه رجل فقال يا أبا عبد الرحمن حدثنا عن القتال في الفتنة والله يقول و قاتلهم حتى لا تكون فتنة فقال بن عمر هل تدري ما الفتنة ثكلتك أمك إنما كان محمد صلى الله عليه وسلم يقاتل المشركين وكان الدخول في دينهم فتنة وليس كقتالكم على الملك (رواه البخاري)
الحديث الثاني والستون : عن أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه قال لقد نفعني الله بكلمة أيام الجمل لما بلغ النبي أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال النبي صلى الله عليه وسلم لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة (رواه البخاري)
الحديث الثالث والستون : عن عبد الله بن زياد الأسدي قال لما سار طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم إلى البصرة بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه عمار بن ياسر والحسن بن علي بن أبي طالب فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه وقام عمار بن ياسر فاجتمعنا إليه فسمعت عمارا يقول إن عائشة قد سارت إلى البصرة و والله أنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي (رواه البخاري)
الحديث الرابع الستون : عن نافع مولى عبد الله بن عمر قال لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع بن عمر حشمه وولده فقال أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة وإنا قد بايعنا هذا الرجل ( يعني يزيد بن معاوية ) على بيع الله ورسوله واني لا أعلم غدرا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال واني لا اعلم أحدا منكم خلعه ولا تابع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه (رواه البخاري)
الحديث الخامس والستون : عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون (رواه البخاري)
الحديث السادس والستون : عن عبد الله بن دينار قال شهدت بن عمر حيث اجتمع الناس على عبد الملك قال بن عمر أني أقر بالسمع والطاعة لعبد الله بن عبد الملك أمير المؤمنين على سنة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما استطعت وإن بني قد اقروا بمثل ذلك (رواه البخاري)
الحديث السابع والستون : عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فلقنني فيما استطعت والنصح لكل مسلم (متفق عليه)
الحديث الثامن والستون : عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن أعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة فأتى الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اقرني بيعتي فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاءه فقال اقرني بيعتي فأبى ثم جاءه فقال اقرني بيعتي فأبي فخرج الأعرابي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها (متفق عليه)
الحديث التاسع والستون : عن عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وذهبت به أمه زينب بنت حميد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله بايعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو صغير فمسح رأسه ودعا له (رواه البخاري)
الحديث السبعون : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم رجل على فضل ماء بالطريق يمنع منه ابن السبيل ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنياه إن أعطاه ما يريد وفا له و إلا لم يفي له ورجل بايع رجلا بسلعة بعد العصر فحلف بالله لقد أعطي بها كذا وكذا فصدقه فأخذها ولم يعطى بها (رواه البخاري)
الحديث الحادي والسبعون : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال قيل لعمر ألا تستخلف قال إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر وان أترك فقد ترك من هو خير مني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأثنوا عليه فقال راغب وراهب وددت أني نجوت منها كفافا لا لي ولا علي لا أتحملها حيا وميتا (رواه البخاري ومسلم )
الحديث الثاني والسبعون : عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله والنصح لأئمة المسلمين ولزوم جماعتهم (رواه ابن ماجه)
الحديث الثالث والسبعون : عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض (متفق عليه)
الحديث الرابع والسبعون : عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها قال قلت فما تأمرني يا رسول الله قال صلي الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصلي فإنها لك نافلة (رواه مسلم)
الحديث الخامس والسبعون : عن عمرو بن ميمون قال قدم علينا معاذ بن جبل اليمن رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا قال فسمعت تكبيره مع الفجر رجل أجش الصوت قال فألقيت عليه محبتي فما فارقته حتى دخلته بالشام ميتا ثم نظرت إلى افقه الناس بعده فأتيت ابن مسعود فلزمته حتى مات فقال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها قلت فما تأمرني إن أدركت ذلك يا رسول الله قال صلى الصلاة لميقاتها واجعل صلاتك معهم سبحة ( أي نافلة ) (رواه أبو داوود)
الحديث السادس والسبعون : عن عباده بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها ستكون عليكم بعدي أمراء تشغلهم أشياء عن الصلاة لوقتها حتى يذهب وقتها فصلوا الصلاة لوقتها فقال رجل يا رسول الله اصلي معهم قال نعم إن شئت (رواه أبو داوود)
الحديث السابع والسبعون : عن قبيصة ابن وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون عليكم أمراء من بعدي يؤخرون الصلاة فهي لكم وهي عليهم فصلوا معهم ما صلوا القبلة (رواه أبو داوود)
الحديث الثامن والسبعون : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به عند اسقه (رواه مسلم)
الحديث التاسع والسبعون : عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين و عامتهم (رواه مسلم)
الحديث الثمانون : عن أبي ذر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيكون بعدي سلطان فأعزوه من التمس ذلة ثغر ثغرة في الإسلام ولن تقبل منه توبة حتى يعيدها كما كانت (رواه الإمام احمد)
الحديث الحادي والثمانون : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نكث ثفقتة لا حجة له (رواه ابن أبي عاصم)
الحديث الثاني والثمانون : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله وأئمة المسلمين وعامتهم (رواه الإمام احمد)
الحديث الثالث والثمانون : عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب أخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأتي إلى الناس التي يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماما فأعطاه ثفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر (رواه مسلم)
الحديث الرابع والثمانون : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الإمام جنه يقاتل من وارء ويتقى به فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك اجر وان يأمر بغيره كان عليه منه رواه (البخاري ومسلم)
الحديث الخامس والثمانون : عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط (رواه أبو داوود)
الحديث السادس والثمانون : عن عباده بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يبجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه (رواه الإمام احمد)
الحديث السابع والثمانون : عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا (رواه الإمام احمد)
الحديث الثامن والثمانون : عن انس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا (رواه الترمذي )
الحديث التاسع والثمانون : عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا (رواه الإمام احمد)
الحديث التسعون : عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال الغزو غزوان فأما من ابتغى وجه الله وأطاع الإمام وانفق الكلمة واجتنب الفساد فإن نومه ونزهته اجر كله وأما من غزى رياء وسمعه وعصى الإمام وأفسد في الأرض فأنه لا يرجع بالكفاف (رواه النسائي)
الحديث الحادي والتسعون : عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر (متفق عليه)
الحديث الثاني والتسعون : عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بتسع لا تشركوا بالله شيئا وإن قطعت أو حرقت ولا تتركن الصلاة المكتوبة متعمدا ومن تركها متعمدا برئت منه الذمة ولا تشربن الخمر فإنها مفتاح كل شر وأطع والديك وإن أمراك أن تخرج من دنياك فاخرج لهما ولا تنازعن ولاة الأمر وإن رأيت انك أنت أفضل منهم فلا تنازعهم ولا تفر من الزحف وإن هلكت وفر أصحابك وانفق من طولك على اهلك ولا ترفع عصاك عن اهلك وأخفهم في الله عز وجل (رواه البخاري)
الحديث الثالث والتسعون : عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من قوم مشوا إلى سلطان الله ليذلوه إلا أذلهم الله قبل يوم القيامة (رواه البزار)
الحديث الرابع والتسعون : عن عباده بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من عبد الله تبارك وتعالى لا يشرك به شيئا فأقام الصلاة وآتى الزكاة وسمع وأطاع فإن الله تبارك وتعالى يدخله من أي أبواب الجنة شاء ولها ثمانية أبواب ومن عبد الله لا يشرك به شيئا وأقام الصلاة واتى الزكاة وسمع وعصى فإن الله تبارك وتعالى من أمره بالخيار إن شاء رحمه وإن شاء عذبه (رواه الإمام احمد)
الحديث الخامس والتسعون : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لن تجتمع أمتي على ضلاله فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة (رواه الطبراني في الكبير)
الحديث السادس والتسعون : عن أبي أمامه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه عند صلاة العتمة أن احشدوا للصلاة غدا فأن لي إليكم حاجة فقال احدهم يا فلان اكتب أول كلمة يتكلم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت التي تليها لئلا يفوتهم شيء من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من صلاة الصبح قال هل حشدتم كما أمرتكم قالوا نعم يا رسول الله قال اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا هل عقلتم هذه هل عقلتم هذه هل عقلتم هذه قالوا نعم قال أقيموا الصلاة واتوا الزكاة أقيموا الصلاة واتوا الزكاة أقيموا الصلاة واتوا الزكاة هل عقلتم هذه هل عقلتم هذه هل عقلتم هذه قالوا نعم قال اسمعوا وأطيعوا اسمعوا وأطيعوا اسمعوا وأطيعوا هل عقلتم هذه هل عقلتم هذه هل عقلتم هذه قالوا نعم قال كنا نرى إن رسول الله سيتكلم كلاما كثيرا ثم نظرنا في كلامه فإذا هو قد جمع الأمر كله (رواه الطبراني في المعجم الكبير)
الحديث السابع والتسعون : عن عرفجه بن شريح رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يد الله مع الجماعة والشيطان مع من خالف يركض (رواه الطبراني)
الحديث الثامن والتسعون : عن حذيفه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من فارق الجماعة واستذل الإمارة لقي الله عز وجل ولا وجه له عنده (رواه الإمام احمد)
الحديث التاسع والتسعون : عن عباده بن الصامت رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اسمع وأطع في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك وان أكلوا مالك وضربوا ظهرك (رواه ابن أبي عاصم في السنة)
الحديث المئه :عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يشرك بالله شيئا بعد أن آمن و أقام الصلاة المكتوبة وأدى الزكاة المفروضة وصام رمضان وسمع و أطاع فمات على ذلك وجبت له الجنة (رواه ابن أبي عاصم)
الحديث الواحد بعد المئه : عن المقدام بن معد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أطيعوا أمرائكم مهما كان فإن أمروكم بشيء مما جئت به فإنهم يؤجرون عليه وتؤجرون عليه ذلكم بأنكم إذا لقيتم ربكم قلتم ربنا لا ضره فيقول لا ظلمه فيقولون ربنا أرسلت إلينا رسلا فأطعناهم واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم وأمرت علينا أمراء فأطعناهم فيقول صدقتم هو عليهم وانتم منه براء (رواه ابن أبي عاصم)
الحديث الثاني بعد المئه : عن عوف بن مالك الاشجعي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبدون الله لا تشركوا به شيئا و الصلوات الخمس وتسمعوا (وتطيعوا رواه ابن أبي عاصم )
الحديث الثالث بعد المئه : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية (رواه ابن أبي عاصم)
الحديث الرابع بعد المئه : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فارق الجماعة فأنه يموت ميتة جاهلية (رواه الإمام احمد)
الحديث الخامس بعد المئه : عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر عثمان ـ رضي الله عنه ـ عن مطالبتهم إياه بذلك، فقال له يا عثمان إن ولاك الله هذا الأمر يوماً فأرادك المنافقون أن تخلع قميصك الذي قمصك الله فلا تخلعه (رواه الإمام احمد)
الحديث السادس بعد المئه : اخرج ابن أبي شيبة وغيره بسند صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله انه قال لسويد بن غَفَلة يَا أَبَا أُمَيَّةَ لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِى، فَأَطِعِ الإِمَامَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، إِنْ ضَرَبَكَ فَاصْبِرْ، وَإِنْ أَمَرَكَ بِأَمْرٍ فَاصْبِرْ، وَإِنْ حَرَمَكَ فَاصْبِرْ، وَإِنْ ظَلَمَكَ فَاصْبِرْ، وَإِنْ أَمَرَكَ بِأَمْرٍ يَنْقُصُ دِينَكَ فَقُلْ سَمْعٌ وَطَاعَةٌ دَمِى دُونَ دِينِي.





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في السبت مارس 16, 2024 6:55 am عدل 4 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 5:22 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Oc_aa_10
حقوق ولاة الأمر
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا
التفريغ
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يُضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين . اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وزدنا علما وأصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين . أما بعد :
فهذا لقاءٌ طيب مبارك إن شاء الله نجتمع هذا الاجتماع في بيتٍ من بيوت الله وعلى ذكرٍ لله عز وجل بذكر شرعه وما أمر جل في علاه عباده بذكره ، وقد جاء في الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال : ((مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ)) . ومجلسنا هذا اجتماعٌ على هذا الشأن ؛ تذاكر كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، آملين من الله عز وجل الذي يسَّر لنا هذا اللقاء أن يتقبله منا وأن يجعله لنا نافعاً وإليه مقرباً وأن يعيذنا والمسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يصلح لنا شأننا كله إنه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو أهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل .
وعنوان هذا اللقاء : « حُقُوقُ وُلَاة الأَمْر » ، ومن المعلوم أن هذا الحق الذي هو حق ولاة الأمر ليس حقاً افترضه الناس وإنما هو حق أوجبه الله سبحانه وأوجبه رسوله صلوات الله وسلامه عليه في أحاديث كثيرة جاءت عنه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ، بل إن هذا الحق جاء في بعض النصوص مضموماً إلى حقوق الله على عباده من صلاةٍ وصيامٍ ونحو ذلكم من الطاعات مرتباً على ذلك كله دخول الجنة ؛ مما يفيد -أيها الإخوة الإكرام- أن هذا الحق حقٌ عظيم وأن الواجب على كل مسلم في سماعه للأدلة الشرعية المأثورة المبينة لهذا الحق العظيم والمقرِّرة لهذا الواجب أن يكون تعامله مع هذه النصوص نظير تعامله مع النصوص الأخرى التي فيها الأمر مثلاً بالصلاة أو الأمر بالصيام أو الأمر بالصدق والصلة والبر وغير ذلك ، لأن الآمِر بذلك واحد والذي أوجب هذا الحق واحد والطاعة واجبة في ذلك كله ، ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجد في نفسه حرجاً أو حزازة من الأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان حق ولي الأمر ووجوب السمع والطاعة له ، بل عليه أن يتلقى هذه الأحاديث بالقبول وانشراح الصدر نظير تلقيه للأحاديث التي جاءت في أوامر أخرى وأحكام أخرى ، إذ إن بعض الناس قد يستمع إلى أحاديث في الصلاة في الصيام في الصدق في الصبر في الصلة ولا يجد في نفسه وحشة أو حرجاً أو حزازة أو نحو ذلك ، فإذا سمع الأحاديث التي تتعلق بولي الأمر وجد في نفسه شيئا وتأثر بسماع ذلك ؛ مما يدل على ضعف الإيمان وضعف الصلة بأحاديث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وقد قال الله تبارك وتعالى : {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:65] .
وفي معنى هذه الآية الكريمة ودلالتها العظيمة نستمع إلى كلمةٍ للعلَّامة ابن القيم رحمه الله تعالى في رسالته المعروفة بـ« التبوكية » حيث أورد رحمه الله تعالى هذه الآية الكريمة ثم قال : «فأقسم سبحانه بأجلِّ مقسمٍ به([1]) وهو نفسه عز وجل على أنه لا يثبت لهم الإيمان ولا يكونون من أهله حتى يحكِّموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع موارد النزاع في جميع أبواب الدين ، فإن لفظة " ما " من صيغ العموم فإنها موصلة([2]) تقتضي نفي الإيمان أو يوجد تحكيمه في جميع ما شجر بينهم ، ولم يقتصر على هذا حتى ضمَّ إليه انشراح صدورهم بحُكمه حيث لا يجدون في أنفسهم حرجاً -وهو الضيق والحصْر- من حُكمه ، بل يقبلوا حكمه بالانشراح ويقابلوه بالتسليم ، لا أنهم يأخذونه على إغماض ويشربونه على قذى ؛ فإن هذا منافٍ للإيمان ، بل لابد أن يكون أخذه بقبولٍ ورضا وانشراح صدر . ومتى أراد العبد أن يعْلَم هذا([3]) فلينظر في حاله ويطالع قلبه عند ورود حُكمه([4]) على خلاف هواه وغرضه أو على خلاف ما قلَّد فيه أسلافه من المسائل الكبار وما دونها ، {بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} . فسبحان الله ! كم من حزازةٍ في نفوس كثير من الناس من كثير من النصوص ، وبودِّهم أن لو لم ترِد !! وكم من حرارة في أكبادهم منها !! وكم من شجى في حلوقهم منها ومن موردها !! ستبدو لهم تلك السرائر بالذي يسوء ويخزي يوم تُبلى السرائر». هذا كلام عظيمٌ متينٌ لهذا الإمام رحمه الله تعالى وغفر له .
ذكرتُ -أيها الإخوة الكرام- أن الأحاديث التي جاءت في هذا الباب جاءت في بعض موارد الأدلة مضمومة إلى الطاعات العظيمة حقوق الله سبحانه وتعالى على عباده ، ومن ذلكم على سبيل المثال ما رواه الترمذي وأحمد والحاكم وغيرهم وهو حديث صحيح عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ فَقَالَ: (( اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ ؛ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ)) ؛ فتأمل هذا الحديث كيف أن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ذكر هذه الخصال الخمس الموجبة لدخول الجنة ، فذكر عبادة الله والصلاة والصيام والزكاة وهي أركان الإسلام التي عليها يُبنى وأعمدته التي عليها يقوم ، وضمَّ إليها صلوات الله وسلامه عليه طاعة ولي الأمر ((وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ )) ضم طاعة ولي الأمر إلى أداء الصلاة وأداء الصيام وأداء الزكاة والقيام بهذه الفرائض العظيمة من فرائض الإسلام ؛ مما يدل دلالةً بيِّنة على أهمية طاعة ولي الأمر في هذا الدين وأنه واجب من واجبات هذا الدين أوجبه الله سبحانه وتعالى على عباده وأوجبه رسوله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة صحت عنه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ، ويأتي الإشارة إلى شيء منها بإذن الله تبارك وتعالى .
وإذا تأملت هذا الحديث -حديث أبي أمامة- يذكر النبي عليه الصلاة والسلام الصلاة ويذكر الصيام ويذكر الزكاة وهي فرائض الإسلام وواجبات الدين التي عليه يبنى ويضم إليها طاعة ولي الأمر ؛ فكما أن المسلم يتلقى الأحاديث الواردة في الصلاة أو الصيام أو الزكاة بالقبول وانشراح الصدر فإن الواجب عليه أن يتلقى أيضا الأحاديث الواردة في طاعة ولي الأمر بالقبول وانشراح الصدر دون أن يكون في قلبه شيء من ذلك أو حرج من ذلك أو حزازة من ذلك أو ضيق من ذلك ، بل عليه أن يتلقاها بالقبول لأنها جزء من الدين الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى به وأمرنا به رسوله ومصطفاه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ، وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء:59] ؛ فهذا أمرٌ من الله تبارك وتعالى بطاعة أولي الأمر ، وجاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم في ذلك أحاديث كثيرة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه .
وجماع ما ينبغي أن يكون عليه المسلم في هذا الباب العظيم ما يتعلق بولي الأمر: أن يكون ناصحاً لا أن يكون غاشاً خائنا ؛ فإن الدين كله قائم على النصيحة ومبناه على النصيحة ، فليس فيه غشٌ ولا غلٌ ولا خيانة ، بل هو دين قائم على النصيحة ، ولهذا جاء في صحيح مسلم من حديث تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ؛ فنصَّ صلوات الله وسلامه عليه في جملة أبواب النصيحة المطلوبة النصح لولي الأمر ، وفي هذا المعنى جاء عنه صلوات الله وسلامه عليه عددٌ من الأحاديث منها : ما رواه الإمام أحمد في مسنده ومالك في موطئه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا ؛ يَرْضَى لَكُمْ : أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ )) ، وجاء في المسند للإمام أحمد بسند صحيح عن زيد ابن ثابت في حديث طويل وفيه : ((ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ أَبَدًا : إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ ، وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ)) . فهذه الأحاديث كلها في بيان وجوب النصح لولاة الأمر .
والنصح في معناه العام : إرادة الخير للغير وأن يحب للغير ما يحبه لنفسه وأن يعامله بما يحب أن يعامل به ، والمعاملة التي ينبغي أن يرضاها كل فردٍ لولي الأمر هي المعاملة التي يرضاها لنفسه لو كان هو ولي الأمر ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ((لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)) ، فالدين قائم على النصيحة ، ومن النصيحة التي هي من دين الله تبارك وتعالى النصح لولي الأمر .
والنصيحة لولي الأمر تتناول السمع والطاعة له في غير معصية الله ، تتناول الدعاء له بالصلاح والهداية والمعافاة ، تتناول البعد عن سبِّه وإيغار الصدور عليه ، تتناول معانٍ عديدة نصَّ عليها أهل العلم رحمهم الله تعالى في بيان هذا الحديث وشرحه ، ومن ذلكم :
- ما قاله أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى قال: « والنصيحة لأئمة المسلمين معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وتذكيرهم به وتنبيههم في رفق ولطف ومجانبة الوثوب عليهم والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأغيار على ذلك» .
- وقال النووي رحمه الله تعالى في شرحه لصحيح مسلم: « وأما النصيحة لأئمة المسلمين : فمعاونتهم على الحق ، وطاعتهم فيه ، وأمْرهم به ، وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف ، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين ، وترك الخروج عليهم ، وتألف قلوب الناس لطاعتهم » .
- وقال ابن حجر رحمه الله تعالى : «والنصيحة لأئمة المسلمين : إعانتهم على ما حمِّلوا القيام به ، وتنبيههم عند الغفلة ، وسد خلَّتهم عند الهفوة ، وجمع الكلمة عليهم ، ورد القلوب النافرة إليهم ، ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن . ومن جملة أئمة المسلمين أئمة الاجتهاد([5]) ، وتقع النصيحة لهم ببث علومهم ، ونشر مناقبهم ، وتحسين الظن بهم» .
تقدم معنا -أيها الإخوة الكرام- قول نبينا عليه الصلاة والسلام في حديث زيد بن ثابت: ((ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ)) أي لا يجد غلًا أو ضغينةً أو حزازةً أو بُغضاً أو كراهةً بل يتلقاها بالقبول والانشراح ؛ مما يدل على صدق إخلاصه وجميل نصحه وحُسن طاعته لربه ومولاه سبحانه وتعالى . قال ((ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ )) فذكر الإخلاص للمعبود بتوحيده والبراءة من الشرك والخلوص منه ، وذكر لزوم جماعة المسلمين ، وذكر النصيحة لولاة أمر المسلمين . فإذا كان في قلب العبد شيء من الغل تجاه لزوم الجماعة مثلاً أو تجاه النصح لولي الأمر مثلاً فهذا دليل على وهاء إيمانه وضعف دينه ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام وصف قلب المسلم بأنه لا يغل على هذه الأمور بل يتلقاها بالقبول والانشراح والرضا .
يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه مفتاح دار السعادة : «معنى لا يغل عليهن قلب مسلم : أي لا يحمل الغل ولا يبقى فيه مع هذه الثلاثة([6]) فإنها تنفى الغل والغش وفساد القلب وسخائمه » إلى أن قال رحمه الله « وقوله ومناصحة أئمة المسلمين هذا أيضا منافٍ للغل والغش ، فإن النصيحة لا تجامع الغل إذ هي ضده ، فمن نصح الأئمة والأمة فقد برئ من الغل» . قال : «وقوله ولزوم جماعتهم هذا أيضاً مما يطهر القلب من الغل والغش ، فإن صاحبه للزومه جماعة المسلمين يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لها ، ويسوؤه ما يسؤوهم ، ويسرُّه ما يسرهم » .
هذه -أيها الإخوة الكرام- مقدِّمة بين يدي جملة من الأحاديث المأثورة الثابتة عن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه في بيان هذا الحق العظيم ، والأحاديث في هذا الباب باب حقوق ولاة الأمر والسمع والطاعة لهم إلى غير ذلكم من حقوقهم المأثورة عن نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه كثيرة جداً جمعها أهل العلم بل أفردها بعضهم في مصنفات خاصة وضُمنت أيضا في أبواب خاصة في دواوين السنة وكتب الحديث المشهورة .
وفي هذا المقام رأيتُ الاقتصار على أحد عشر حديثاً في هذا الباب جمعها النووي رحمه الله تعالى في كتابه المشهور « رياض الصالحين » وهو كتاب قلَّ أن يخلو بيت منه ، جعل الله سبحانه وتعالى له قبولاً واسعاً وانتشاراً كبيرا ونفعاً عظيما ، ولا يزال يُقرأ في كثير من مساجد المسلمين في بلدان الدنيا ، ولا يزال الناس يستمعون إلى تلك الأحاديث التي جمعها رحمه الله تعالى في ذلك الكتاب المبارك . فلشهرة هذا الكتاب ومكانته ولحسن الجمع ودقته في أبواب هذا الكتاب اقتصرتُ على هذه الأحاديث التي ساقها رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين وهي جُمعت باختيار دقيق وانتقاء متقن لجملة من الأحاديث المتعلقة بحقوق ولاة الأمر أوردها رحمه الله تعالى في « باب وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية الله وتحريم طاعتهم في المعصية »
- الحديث الأول : حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( عَلَى المَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ والطَّاعَةُ فِيمَا أحَبَّ وكَرِهَ ، إِلاَّ أنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيةٍ ، فَإذَا أُمِرَ بِمَعْصِيةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وقول نبينا عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث ((عَلَى المَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ والطَّاعَةُ )) هذا من صيغ الوجوب بل كما ذكر أهل العلم إن «على» من أوكد ألفاظ الوجوب عند العرب ، فإذا قال قائل "لفلان عليَّ كذا" هذا يدل على أنه حق لازم وأمر واجب وشيء متحتم ومتعين ، مثل قول الله عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران:97] هذا يدل على وجوبه . فقوله ((عَلَى المَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ والطَّاعَةُ )) أي يجب عليه أن يسمع ويطيع . يسمع في ماذا ويطيع في ماذا ؟ قال ((فِيمَا أحَبَّ وكَرِهَ )) أي قد يأمره ولي الأمر بأمورٍ توافق غرضه وتتوائم مع ميوله ورغبته ، وقد يأمره بأمور لا توافق رغبته ولا تتوافق مع ميوله وليس فيها مخالفةً لشرع الله ، لأنه إن كان فيها مخالفة لشرع الله وأمره بها فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . قال (( فِيمَا أحَبَّ وكَرِهَ )) أي فيما أحبه المأمور وكرهه لا أن تكون الطاعة فيما يوافق هوى الإنسان ورغبته أو ميوله بل تكون الطاعة فيما أحب وفيما كره أيضا إلا أن يؤمر بمعصية ، قال ((فَإذَا أُمِرَ بِمَعْصِيةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ )) ، والمراد بقوله ((فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ )) أي في هذا الشيء المعين الذي أمره به وفيه معصية لله ، وليس المراد انتفاء السمع والطاعة مطلقاً لولي الأمر ، وإنما في هذا الشيء المعين الذي أمره به وفيه معصية الله لا سمع له ولا طاعة ، كأن يأمره بفعل حرام أو تعاطي حرام أو ارتكاب حرام أو نحو ذلك لا سمع ولا طاعة لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه وتعالى .
- الحديث الثاني : حديث ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ : «كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ والطَّاعَةِ ، يَقُولُ لَنَا : (( فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ )) » متفقٌ عَلَيْهِ . وهذا الحديث فيه المبايعة على السمع والطاعة ، وفيه أن هذا الباب منوط بالاستطاعة ، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وقال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } [البقرة:286] والدين مبنيٌ على ذلك ، قال عليه الصلاة والسلام ((فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ )) أي أن الطاعة واجبة في حدود ما يستطيعه العبد ولا يتعلق هذا كما سبق بما يميل إليه العبد أو يرغبه العبد بل فيما يستطيعه العبد ويقدر عليه .
- الحديث الثالث : حديث ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ حُجَّةَ لَهُ ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) رواه مسلم . وفي رواية لَهُ : (( وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ مُفَارِقٌ لِلجَمَاعَةِ فَإنَّهُ يَمُوتُ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) .
وهذا الحديث فيه التحذير الشديد والتهديد والوعيد لمن نزع اليد من الطاعة وخلع يداً من طاعة ونابذ ولاة الأمر وافتات عليهم وامتنع من الطاعة لهم ، فإذا كان الإنسان بهذا الوصف فإنه يلقى الله -كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة وَلاَ حُجَّةَ لَهُ ؛ أي في هذا الفعل ؛ لماذا ؟ لأنه فعل لا مستند له من الشرع ولا مستند عليه من دين الله تبارك وتعالى ، بل النصوص جاءت محذرةً من ذلك فيأتي ولا حجة له ، ليس عنده أي حجة . وهذا حقيقة فيه فائدة عظيمة أن ما عند الذين يتبنَّون نزع اليد من الطاعة ومفارقة الجماعة وخلع اليد ومنابذة ولاة الأمر ليس عندهم إلا شبهات ما أنزل الله تبارك وتعالى بها من سلطان ، فمن مات على ذلك يلقى الله يوم القيامة ولا حجة له ، لأن الحجة والدليل والبرهان جاء بضد ذلك فيلقى الله بلا حجة ، فإذا كان لا حجة له لا عذر له فيكون عرضة لعقوبة الله تبارك وتعالى .
(( وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ))؛ قيل في معنى قوله ((مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) أي أن من كان كذلك يُخشى عليه أن يموت مرتداً ، يخشى عليه أن يتمادى به الأمر إلى أن يرتد عن دين الله . وقيل ((مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) أي أن هذا من أعمال أهل الجاهلية وخصالهم وأوصافهم ، الجاهلية لا يرضخون لأمير ولا يسمعون ولا يطيعون وكلٌ يركب رأسه ؛ فيموت على هذا العمل الذي هو من أعمال الجاهلية وليس من أعمال الإسلام والدين في شيء .
- الحديث الرابع : حديث أنسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( اسْمَعُوا وأطِيعُوا ، وَإنِ استُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشيٌّ كأنَّ رأْسَهُ زَبيبةٌ )) رواه البخاري .
((وَإنِ استُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشيٌّ كأنَّ رأْسَهُ زَبيبةٌ )) وأهل الحبشة معروف شعرهم أنه متجعد تجعداً يصبح بهذه الصفة كأنه زبيبة ، أي وإن كان الذي استُعمل عليكم عبد حبشي ، والمخاطب بهذا الخطاب عرب من قريش وغيرهم ، يقول لهم النبي عليه الصلاة والسلام ((وَإنِ استُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشيٌّ)) ؛ لماذا هذا التأكيد ؟ حتى في بعض روايات الحديث قال : ((مجدَّع الأطراف)) لماذا هذا التأكيد؟ لما يترتب على السمع والطاعة من مصالح عظيمة دينية ودنيوية ، ولما يترتب أيضاً على نزع اليد من الطاعة من مفاسد عظيمة جداً دينية ودنيوية .
- الحديث الخامس : حديث أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( عَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ في عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ ، وَأثَرَةٍ عَلَيْكَ )) رواه مسلم .
(( عَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ)) أي الزم السمع والطاعة وحافظ عليها واعتني بها وكن دائماً كذلك تسمع وتطيع للأمير تسمع كلامه وتطيعه فيما يأمرك به ما لم يكن فيه معصية لله تبارك وتعالى .
قال : (( في عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ )) ؛ في عسرك : أي إن كنت مثلاً فقيرا معوزاً محتاجاً مريضاً إلى غير ذلك في عسرك. ويُسرك : أي في غناك وصحتك وعافيتك . فالسمع والطاعة للأمير لا يتعلق بحال الإنسان ، يعني بعض الناس يقول : "إن كان مثلا أعطاني من الدنيا أنا أسمع وأطيع ، أما أبقى فقيرا لا سمع ولا طاعة" مثلا . فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول (( في عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ )) .
(( وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ )) أي حال نشاطك وحال كراهتك ، لأنه قد تؤمر بشيء تنشط له ونفسك ميالة إليه ، وقد تؤمر بشيء لا تنشط له ونفسك ليست بميالة إليه ؛ فيلزمك الطاعة في المنشط والمكره كما أنه يلزمك ذلك في العسر واليسر ، لا أن تكون الطاعة في اليسر فقط ، ولا أن تكون الطاعة أيضا في المنشط فقط . والطاعة في اليسر والمنشط كلٌ يقدر عليها لأنها توافق شيئاً عند الإنسان وتوافق ميولاً عنده ، لكن الطاعة في العسر والمكره لا يقوى عليها إلا من وفقه الله جل وعلا لحسن الالتزام بدين الله تبارك وتعالى وشرعه .
وقوله في تمام هذا الحديث (( وَأثَرَةٍ عَلَيْكَ )) أي وإن حصل من ولاة الأمر استئثار ، (( وَأثَرَةٍ عَلَيْكَ )) أي استأثروا بالدنيا استأثروا بالأموال ، أصبحوا مثلا يركبون المراكب الفارهة ويسكنون القصور العظيمة ويمتلكون ويمتلكون ليس هذا هو المقياس ((وَأثَرَةٍ عَلَيْكَ )) ، النبي صلى الله عليه وسلم قال في الزمان الأول للأنصار ((إنكم ستلقون بعدي أثرة)) فأمرهم بالصبر وأوصاهم عليه الصلاة والسلام بالسمع والطاعة حتى وإن استأثر الوالي بالمال فإن الطاعة لازمة ، وإذا أطعت أديت الذي عليك ، وإذا كان استأثر الوالي بما هو حقوق للناس الله حسيبه يوم القيامة ، لكن الذي عليك لا تفرط فيه والذي أوجبه الله عليك لا تضيعه ، فإذا ضيَّع مثلاً ولي الأمر حقك فلا تضيع حقه ، إذا لم يتق الله فيك فاتق الله فيه ، لأن الله سيسألك ويسأله يوم القيامة وستقف أنت بين يدي الله وهو أيضاً سيقف بين يدي الله وكل يحاسبه الله ، أنت حُمِّلت السمع والطاعة فعليك أن تؤدي الشيء الذي حملته وأن تقوم به محتسباً مطيعاً راجياً بذلك ثواب الله سبحانه وتعالى وفضله .
- الحديث السادس : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ: « دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا ؛ فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعْنَا([7]) إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا ، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ )) ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ : أَنْشُدُكَ اللهَ([8]) أَأنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ([9]) وَقَالَ: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي([10]) » .
وتأمل رعاك الله قول نبينا صلوات الله وسلامه عليه في هذا الحديث العظيم (( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ)) فإذا قرأ المسلم الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بالسمع والطاعة لولاة الأمر عليه أن يقيسها بهذا المقياس وأن يزنها بهذا الميزان وأنها من نصح نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام لأمته ، فما من نبي بعثه الله إلا ودل أمته إلى خير ما يعلمه لهم . فهذه الأحاديث كلها خير وبركة وتترتب عليها مصالح العباد ومنافعهم الدينية والدنيوية .
والشاهد من هذا الحديث قول النبي عليه الصلاة والسلام : ((وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ ))، وهذا نظير ما تقدَّم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : ((بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة يقول لنا فيما استطعتم)) .
- الحديث السابع : حديث أَبي هُنَيْدَةَ وَائِلِ بن حُجُرٍ رضي الله عنه قَالَ : « سَألَ سَلَمَةُ بن يَزيدَ الجُعفِيُّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا نَبِيَّ الله أَرَأَيْتَ إنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسألُونَا حَقَّهُم([11]) وَيمْنَعُونَا حَقَّنَا([12]) ، فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ فَأعْرَضَ عنه ([13])،ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ([14]) ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( اسْمَعْوا وَأَطِيعُوا ، فإنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حملْتُمْ )) » رواه مسلم .
((عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا )) ؛ حُملوا العدل ، الله عز وجل أمرهم بالعدل ، ولهذا سبحان الله في الآية الكريمة التي مرت معنا { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء:59] ، الآية التي قبلها : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} بعض العلماء في كتب التفسير قال : الآية الأولى تتعلق بولاة الأمر ، والآية الثانية التي تليها : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } تعلق بالرعية . فولاة الأمر مأمورون بالعدل حملهم الله العدل في الرعية ، والرعية حملهم السمع والطاعة ، فولاة الأمر حُملوا العدل والرعية حُملوا السمع والطاعة لولاة الأمر . هذا معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام ((فإنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا )) أي الولاة ، (( وَعَلَيْكُمْ مَا حملْتُمْ )) فأنتم حملتم السمع والطاعة فأدوا هذا الذي اؤتمنتم عليه وقوموا به وافياً وأدُّوه تاماً حتى تجدوا ثوابه وأجره ، وقد مر معنا حديث أبي أمامة الباهلي في هذا الباب ، فهم حُملوا العدل والرعية حملت السمع والطاعة ، وإذا قام الرعية بما حُملوا وجدوا ثواب ذلك يوم القيامة وقد مر معنا حديث أبي أمامة قال : ((تدخلوا جنة ربكم )) .
- الحديث الثامن : حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( إنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا )) قالوا : يَا رسول الله ، كَيْفَ تَأمُرُ مَنْ أدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ ؟ قَالَ: (( تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ ، وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
قال عليه الصلاة والسلام (( إنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أثَرَةٌ )) أي من الولاة يستأثرون بالأموال يستأثرون بحقوق الناس لا يؤدون الحق الذي للناس ، وأيضا تجدون منهم أُمُوراً تُنْكِرُونَهَا ؛ فالصحابة أهل محبة للخير وإرادة للخير فسألوا النبي عليه الصلاة والسلام ((كَيْفَ تَأمُرُ مَنْ أدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ ؟ )) ماذا نصنع ؟ الآن لو تُركت هذه القضية لهوى الإنسان إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها إذا وجد الأثرة والأمور التي ينكرها نفسه إلى ماذا تدعوه ؟ تدعوه نفسه إلى عدم الطاعة وعدم الاستجابة ويقول كيف أطيع وقد أخذ حقي وتعدى على مالي واستأثر بالدنيا!! إلى غير ذلك فنفسه تأبى ، فقالوا ما تأمرنا إذا أدركنا ذلك ؟ قَالَ : (( تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ ، وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ )) ، تؤدون الحق الذي عليكم وهو السمع والطاعة ، وتسألون الله سبحانه وتعالى الحق الذي لكم أي تطلبون من الله أن ييسر لكم الحصول على حقوقكم ، وبهذا تكون أديت واجبك الديني أنت ، أديت الواجب الديني الذي سيسألك الله عنه يوم القيامة أديته ؛ السمع والطاعة هذا الذي أُمرت به ، وحقك إن ضاع في الدنيا لا يضيع في الآخرة ، تسأل الله سبحانه وتعالى الذي لك أي الحقوق التي لك التي لم تحصل عليها أو هُضمتها أو ظُلمت فيها أو نحو ذلك تسأل الله ذلك سبحانه وتعالى .
- الحديث التاسع حديث أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ أطَاعَنِي فَقَدْ أطَاعَ اللهَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أطَاعَنِي ، وَمَنْ يَعصِ الأميرَ فَقَدْ عَصَانِي )) متفقٌ عَلَيْهِ .
قوله ((مَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أطَاعَنِي ، وَمَنْ يَعصِ الأميرَ فَقَدْ عَصَانِي)) لماذا ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بطاعة الأمير ونهى عن معصية الأمير فمن أطاع الأمير أطاع الرسول عليه الصلاة والسلام ، ومن عصى الأمير عصى الرسول عليه الصلاة والسلام ، والنبي صلى الله عليه وسلم عندما أمر بطاعة الأمير ونهى عن معصيته إنما أمر بذلك لما فيه من المصالح العظام والخيرات الكبيرة والمنافع العميمة ، ونهى عن معصيته لما يترتب على معصيته من مفاسد لا حد لها ولا عد ، وقد مر معنا ((إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ)) فطاعة الأمير خير ومعصيته شر ، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بطاعة الأمير وعدَّها من طاعته ، ونهى عن معصية الأمير وعدَّها من معصيته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه .
وهذا الحديث دليلٌ على وجوب طاعة ولاة الأمر ، لأن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة ، والنهي عن معصية ولاة الأمر لأن معصية النبي صلى الله عليه وسلم محرمة ، إلا إن أمر ولي الأمر بمعصيةٍ لله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وما يأمر به ولي الأمر لا يخلو من أمور ثلاثة :
1. إما أن يأمر بأمور أمر بها الله وأمر بها الرسول عليه الصلاة والسلام ؛ وهنا واجب ، واجبٌ لأمر الله بها ، ولأن من توفيق الله لولي الأمر أكد عليها وعلى العناية بها .
2. أو أن يأمر بأمر فيه معصية لله -هذا القسم الثاني- فلا طاعة له في ذلك ، إذا أمر بأمر فيه معصية لله لا طاعة له لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
3. والقسم الثالث : ليس فيه أمر ولا نهي ، يعني لم يأت في النصوص أمرٌ به ولا نهي عنه وأمر به ولي الأمر ؛ فهنا تجب طاعته ، لأن طاعته واجبة ما لم يأمر بمعصية ، وقد مر معنا التقييد بذلك في الحديث .
- الحديث العاشر : حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( مَنْ كَره مِنْ أمِيرِهِ شَيْئاً فَلْيَصْبِرْ ، فَإنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلطَانِ شِبْراً مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) متفقٌ عَلَيْهِ .
(( مَنْ كَره مِنْ أمِيرِهِ شَيْئاً )) أي إذا وجد أموراً يكرهها لا يرضاها لا يحبها أو مؤذية له أو نحو ذلك ((فَلْيَصْبِرْ )) فليصبر على ذلك وليحتسب صبره ثواباً وأجراً يوم يلقى الله سبحانه وتعالى ، وليحذر أشد الحذر من الخروج على ولي الأمر أو نزع اليد من الطاعة ((فَإنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلطَانِ شِبْراً مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) وقد مر معنا ذلك .
- الحديث الحادي عشر وهو خاتمة هذه الأحاديث : حديث أَبي بكرة رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( مَنْ أهانَ السُّلطَانَ أَهَانَهُ الله )) رواه الترمذي وقال حديث حسن .
وإهانة السلطان لها صور : كأن يستخف بأوامره ، أو يقلِّل من مكانته ، أو يوغر صدور العامة عليه ، أو غير ذلكم من الصور التي هي داخلة في الإهانة للسلطان . والعقوبة كما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن يهينه الله (( مَنْ أهانَ السُّلطَانَ أَهَانَهُ الله )) أي أن عقوبته أن يهينه الله ، فإن كانت إهانة الله له في الدنيا فهذه عقوبته في الدنيا معجلة وإلا فالعقوبة يوم القيامة أشد وأعظم ؛ وهذا مما يجعل الإنسان يحترز تماماً ويحذر أشد الحذر من أن يفعل أمراً يعرِّض به نفسه أن يهينه الله { وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج:18] ، فيحذر من ذلك أشد الحذر ويؤدي الذي عليه ويسأل الله تبارك وتعالى الذي له ، ويكون ناصحاً غير غاش ، قائماً بواجبه الديني كما أمره الله سبحانه وتعالى به ، ويجعل حسيبه ورقيبه في كل أعماله رب العالمين ، فيكون محاسباً لنفسه يزنها بموازين الشرع ويزمُّ نفسه بزمام الشرع ويتقيد بأحاديث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، ويرجو بذلك ثواب الله سبحانه وتعالى وأجره .
وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفقنا أجمعين لما يحبه ويرضاه من سديد الأقوال وصالح الأعمال ، وأن يصلح لنا شأننا كله ، وأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، وأن يهدينا إليه صراطاً مستقيما ، وأن يعيذنا والمسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه الكريم صلوات الله وسلامه عليه والسير على نهجه القويم وأن يهدينا إليه صراطاً مستقيما ، ونسأله تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات . اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين ، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من سديد الأقوال وصالح الأعمال ، اللهم وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه على الخير وتدله عليه وتحذِّره من الشر ، اللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم شرعك واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم ، اللهم ولِّ على المسلمين أينما كانوا خيارهم واصرف عنهم شرارهم يا رب العالمين ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا فيها معادنا ، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر ، اللهم أعنَّا ولا تعن علينا ، وانصرنا ولا تنصر علينا ، وامكر لنا ولا تمكر علينا ، واهدنا ويسِّر الهدى لنا ، وانصرنا على من بغى علينا ، اللهم اجعلنا لك ذاكرين لك شاكرين إليك أواهين منيبين ، لك مخبتين لك مطيعين ، اللهم تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وثبت حجتنا واهد قلوبنا وسدد ألسنتنا واسلل سخيمة صدورنا ، اللهم يا ربنا انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان ، اللهم كن لهم ناصراً ومعينا وحافظاً ومؤيدا ، اللهم احفظهم بما تحفظ به عبادك الصالحين ، اللهم آمن روعاتهم واستر عوراتهم واحقن دماءهم ، اللهم وعليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك ، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم ، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
وللتحميل
أضغط هنــــــــــــا


_______________________________
[1] أقسم بنفسه {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ } .
[2] أي بمعنى الذي .
[3] أي يعْلَم هذا من نفسه .
[4] أي النبي عليه الصلاة والسلام .
[5] أي العلماء .
[6] أي إن وجدت في المسلم هذه الخصال الثلاث : الإخلاص لله ، والمناصحة لولاة الأمر ، ولزوم الجماعة فهذا دليل على ذهاب الغل من قلبه ، ولا يبقى فيه مع هذه الثلاثة أي لا يبقى الغل .
[7] يقول نزلنا منزل ، وعادة عندما يرحلون ورحلة على الإبل والنوق ، إذا نزلوا منزل كل يكون مشتغل بمصلحة ما ، وكل في مهمة ما وكل في عمل، فيقول تفرقنا كل في عمله فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة .
[8] أي أسألك بالله .
[9] يعني وضع يديه على أذنيه وقلبه .
[10] أي من رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه .
[11] أي يطلبون منا أن نؤدي حقوقهم كاملة يطلبون من الرعية أن يؤدوا حقوق ولاة الأمر كاملة .
[12] أي حقنا لا يعطوننا إياه ماذا نصنع إذا ابتلينا بولاة هذه صفاتهم أي شيء نصنع ؟يطلبون الحق الذي لهم ولا يؤدون الحق الذي عليهم ماذا نصنع؟ .
[13] أعرض عنه الرسول عليه الصلاة والسلام قيل كأنه كره مسألته ولم يرد أن يفتح باباً في هذا .
[14] أي أعاد عليه هذا السؤال .






عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 8:18 pm عدل 8 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 5:27 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Aa10
من أهان الحاكم أهانه الله
نبذة مختصرة عن المحاضرة
: بيان المفاسد المترتبة على الخروج على الحكام ومفارقة الجماعة، وذكر من هم الأئمة الذين أُمرنا بطاعتهم ولا يُخرج عليهم، وحكم من عقد البيعة لغير ولاة الأمور، وهل يجوز أن يكون في عنق الشخص بيعتان: بيعة لرئيس الحزب الذي ينتمي إليه وبيعة لولي الأمر؟ وبيان مدى مراعاة الشرع لتوقير الأئمة والحكام وضرورة احترامهم، وذكر منهج السلف في التعامل مع الحكام وكيفية مناصحتهم، مع بيان أن الاجتماعات السرية تعد من صور مفارقة جماعة المسلمين، ومن الخروج على الولاة والحكام. -
لحفظ المحاضرة
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــــا
كلام هام فى مسالة الخروج على الحاكم.
أضغط هنـــــــــــــــــا
الإعلام بمفاسد الخروج على الحُكَّام
أضغط هنــــــــــــــــــــــا
الخروج على الحكام من أعظم الشرور

تحريم الخروج على الحكام تواترت به النصوص

عقوبات أخروية ودنيوية للخارج على الإمام


التفريغ
رتَّب الشارع الحكيم عقوبات صارمة منها ما هو أخروي ومنها ما هو دنيوي:
فأما العقوبة الأخروية فمن ذلك:
*أنَّ المفارق للجماعة قد خلع رِبقةَ الإسلامِ من عنقهِ؛ والمعنى أنَّ الإسلام كالطوق في العُنق، فإذا فارق المسلمُ جماعةَ المسلمين؛ انفلت الطَّوْقُ الذي كان محفوظًا به وأصبح كالدابةِ التي انفلتت من زِمامها؛ فكانت عُرضةً للهلاك والضياع، دليلُ ذلك: حديث الحارثُ الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من خرجَ من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقةَ الإسلام من عنقه إلى أن يرجع )). أخرجه أحمد في ((المسند)) وهو حديث صحيح.
((ومن مات خارجًا عن الطاعة مات ميتة جاهلية)): كحال أهل الجاهلية، جاء ذلك في عدة أحاديث صحيحة فتقدم منها حديث ابن عباس ومنها حديث ابن عمر: ((من خلع يدًا من طاعة؛ لقيَ اللهُ يوم القيامة لا حُجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات مِيتةً جاهلية)).
أخرجه مسلم.
عن معاوية -رضي الله عنه- يرفعه: ((من مات بغيرِ إمام مات مِيتةً جاهلية )). أخرجه أحمد.
*وأنَّ من فارق الجماعة فإنه لا يُسأل عنه؛ بمعنى أنه من الهالكين لحديث فَضَالة بن عبيد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((ثلاثةٌ لا تَسألُ عنهم؛ رجلٌ فارقَ الجماعةَ وعصا إمامَهُ وماتَ عاصيًا))؛ كأولئك اللذين ولَّوا الأدبار وانتشروا في الأرضِ كالخلايا السرطانية في جسدِ الأمة؛ فمنهم من هو في قَطر ومنهم من هو في السودان ومنهم مَن هو في تركيا إلى غير تلك الديار التي آوت المُحْدِثين والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لعنَ اللهُ من آوى مُحدِثًا)).
فتتنزل اللعناتُ عليهم بدعوةِ رسول الله -صلى الله عليه و آله و سلم-، رجلٌ فارق الجماعة وعصا إمامه ومات عاصيًا.
*الخارج على الإمام لا حُجة له يوم القيامة، لا حجة له في فِعله ولا عذر له ينفعه، فهذا من العقوبة الأخروية للذي يخرج على الإمام.
وأما العقوبة الدنيوية:
*فهي القتل إنْ أصرَّ على هذا الجُرم ولم يرجع عنه؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنه ستكون هَنَاتٌ وهنات، فمن أراد أن يُفرِّق أمر هذه الأمة وهي جميع؛ فاضربوه بالسيف كائنًا من كان))، وفي روايةٍ: ((فاقتلوه))، وفي روايةٍ: ((من أتاكم وأمركم جميعٌ على رجلٍ واحد يريد أنْ يشقَّ عصاكم أو يُفرقَ جماعتكم فاقتلوه)).
أخرجه مسلم في الصحيح عن عرفجة الأشجعي -رضي الله عنه-.
والقتلُ إنما يكون بيدِ ولي الأمر أو من يُنيبه في ذلك، لا تُطلَق أيدي الناس في دماء الناس ولا في أبشارهم.
قال النووي -رحمه الله-: ((فيه الأمر بقتال من خرج عن الإمام أو أراد تفريق كلمة المسلمين أو نحو ذلك ويُنهى عن ذلك، فإن لم ينتهي قُوتل وإن لم يندفع شره إلا بقتلهِ؛ فقُتل؛ كان هدرًا)).
وقال الصنعاني -رحمه الله-: ((دلَّت الألفاظُ على أنَّ مَن خرج على إمامٍ قد اجتمعت عليه كلمةُ المسلمين -والمراد أهل قُطرٍ- فإنه قد استحق القتل؛ لإدخالهِ الضررِ على العباد)).
هذا إذا خرج عليه.
وأما المُثَبِّطُ عن الإمام فقد ألحق به علماء الأمة عقوبةً تتناسب مع حجم تثبيطه:
إذ التثبيطُ عن الإمام مقدمة للخروج عليه وقد مرَّ حكم الخروج عليه وعقوبة الخارج، فكل وسيلة أدت إلى الخروج فهي وسيلة سوء تستحق عقوبةً ملائمةً لسوءِ الخروج نفسه.
قال الشوكاني -رحمه الله-: ((الواجب دفعُهُ -يعني المُثبط عن الإمام- الواجب دفعه عن هذا التثبيط فإن كفَّ وإلا كان مستحقًا لتغليظِ العقوبة والحيلولةِ بينه وبين من صار يسعى لديه بالتثبيط بحبسٍ أو غيرِه؛ لأنه مرتكبٌ لمُحرَّمٍ عظيم وساع في إثارة فتنة تُراق بسببها الدماء وتهتُّك عندها الحُرُم، وفي التثبيط نزع ليده من طاعة الإمام)).
هذا هو منهاجُ النبوة، هذا هو منهجُ السلف، هذا ما عليه أهلُ السُّنة والجماعة دون ما عليه أهل الأهواء من الفِرق الضالة والجماعات المنحرفة وهؤلاء الشياطين من شياطين الإنس الذين يجتالون أهل الحقِّ عن حقِّهم ويحرفونَ المسلمينَ عن صراطهم.
فعلى كل مسلم أنْ يتعلمَ هذا وأنْ يعيَه، وأنْ يجتهدَ في تحقيقه، فإنَّ للإمام عليك حقًا أحقه الله -رب العالمين- عليك، وبيَّنه لك رسوله -صلى الله عليه و آله وسلم-، وما عُرف هذا الاستهتار في معاملة الأئمة إلا لما ظهرت تلك الجماعةُ الضالة الماسونية المنحرفة -جماعة الإخوان المسلمين-، فهي التي جَرَّأت المسلمين على الخروجِ على الأئمة، وهي التي سعت إلى إحداثِ الفوضى في الأرض، حتى وقع ما وقع في مصر ومازالت آثارهُ قائمة، ووقع ما وقع في ليبيا -سلمها الله من كل سوء-، ووقع ما وقع في سوريا، حتى إنَّ بعضَ المراقبين يقول :إن الذين قُتلوا تجاوزوا المليون من السوريين مع من اُنتهك من الأعراض ومع ما دُكَّ من البلدان؛ سُوِّيت بالأرض، ومع ما شُرِّدَ وهُجِّر؛ وقد بلغوا سبعة ملايين، ومع ما وقع في اليمن من تقسيمها إلى ست دويلات.
فماذا تنتظرون؟
خذوا على أيديهم، كونوا حازمين، كونوا حاسمين؛ وإلا ضاع وطنُكم وضِعتم، ودُمِّرت مكاسبُ الإسلام في مصر على مدار أربعة عشر من الزمان، ومصرُ –حَفِظَها- اللهُ هي واسطةُ العِقْدِ وحائطُ الصَّدِ، فإنْ انهارَ هذا الحائطُ انهارت الأمةُ إلا ما رَحِم ربك.
فاللهم سلِّمنا وسلِّم أوطاننا وجميع أوطان المسلمين وعليك بالخوارج الضالين المضلين.
اللهم أحصهم عددًا وأهلكهم بددًا ولا تُبقي منهم أحدًا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
[من خطبة "عقيدة أهل الإسلام في حقوق الحكام"]
هل الخروج على الحكام مسألة خلافية





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 10:17 pm عدل 7 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 5:36 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Ai10
من مساوئ الخروج على ولي الأمر
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــا
أو





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 10:25 pm عدل 4 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الأحد مارس 10, 2024 5:43 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام 16
الرد على من أجازوا الخروج على الحاكم
في مصر حيث ادعوا أنه تحققت مكاسب من ذلك الخروج
أضغط هنـــــــــــــــــــا
النصوص النبوية وآثار السلف الدالة على تحريم الخروج على الحاكم ولو كان ظالمًا
الـحديث الأول: أخرج البخاري (3603)، ومسلم (1846) -واللفظ له- عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهَا سَتَكُونُ بَـعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُـنْــكِرُونَهَا، قَالُوا : يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ؟ قَالَ: تُؤَدُّونَ الْـحَقَّ الَّذِي عَـلَيْـكُمْ وَتَسْأَلُونَ الله الَّذِي لَــــكُمْ.
الـحديث الثاني: أخرج البخاري (2955)، ومسلم (1709) عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: عَلَى الْـمَرْءِ الْـمُسْلِمِ الـسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَـا أَحَبَّ وَكَرِهَ، إِلاَّ أَنْ يُؤْمَرَ بِـمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ.
الـحديث الثالث: أخرج البخاري (7056)، ومسلم (1843) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأمْرَ أَهْلَهُ إِلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ الله فِيهِ بُرْهَانٌ.
الـحديث الرابع: أخرج مسلم (1836)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِي عُسْركَ وَيُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ.
الـحديث الـخامس: أخرج مسلم (1846) عَنْ وائل بن حجر - رضي الله عنه - قَالَ: سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ : يَا نَبِيَّ الله، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ؟ ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ؟ ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الأشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَقَالَ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّـمَـا عَلَيْهِمْ مَـا حُــمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُـــمِّـــلْــتُمْ.
الـحديث السادس: أخرج مسلم (1847) عن حذيفة -رضي الله عنه - قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لا يَـهْتَدُونَ بِـهُدَايَ، وَلا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُـثْمَــانِ إِنْسٍ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ الله إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟، قَالَ: تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ؛ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ.
الـحديث السابع: أخرج مسلم (1856) عن عَوْف بْنَ مَالِكٍ الأشْجَعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُـحِبُّونَهُمْ وَيُــحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ، قَالُوا: قُلْنَا يَا رَسُولَ الله، أَفَلا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟، قَالَ: لا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاةَ، لا مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاةَ أَلا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ الله، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ الله، وَلا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ.
الـحديث الثامن: أخرج البخــــاري (7053)، ومسلم (1851) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَــالَ: مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِر، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَــــاهِلِيَّـــــةً.
الـحديث التاسع: أخــرج مسلم (1854) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، أَلا نُقَاتِلُهُمْ؟، قَالَ: «لا مَا صَلَّوْا»، أَيْ مَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ.
الـحديث العاشر: أخرج ابن أبي عاصم في السنة (1069) عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله، لا نَسْأَلُكَ عَنْ طَاعَةِ مَنِ اتَّقَى، وَلَكِنْ مَنْ فَعَلَ وَفَعَلَ، فَذَكَرَ الشَّرَّ، فَقَالَ: اتَّقُوا الله، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وصحّحه العلامة الألباني.
وقال أنس بن مالك: كان الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهوننا عن سبِّ الأمراء، و عن أبي الدرداء قال: إياكم ولعن الولاة فإن لعنهم الحالقة وبغضهم العاقرة، قيل يا أبا الدرداء: فكيف نصنع إذا رأينا منهم ما لا نحب؟ قال: اصبروا، فإن الله إذا رأى ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت"، وقال أبو مجلز: سبُّ الإمام الحالقة، لا أقول حالقة الشعر ولكن حالقة الدين.
وهذا مِـمَّـا أجــمع عليه أهل السنة، ودوَّنوه في مصنَّفات الاعتقاد، نحو قول الإمام أحمد في أصول السنة (27): ومَن خرج على إمام من أئمة المسلمين، وقد كان الناس اجتمعوا عليه، وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة فقد شقَّ هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله ، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية، وَقَالَ أبو الحسن الأشعري فِي رسالة إلى أهل الثغر (ص296): وأجمعوا عَلَى السمع والطاعة لأئمة المسلمين ...من بَرٍّ وفاجر لا يلزم الخروج عليهم بالسيف جار أو عدل.... وأخرج الخلال في السنة (89) عن أبي الحارث: سألت أبا عبد الله في أمر حدث في بغداد، وهمَّ قوم بالخروج – أي على الحاكم-؟ فأنكر ذلك عليهم وجعل يقول: "سبحان الله الدماء الدماء، لا أرى ذلك ولا آمر به، الصبر على ما نحن فيه خير من الفتنة يُسفك فيها الدماء ويستباح فيها الأموال وينتهك فيها المحارم، أما علمت ما كان الناس فيه - يعني أيام الفتنة -
قلت: والناس اليوم أليس هم في فتنة يا أبا عبد الله؟ قال: "وإن كان فإنما هي فتنة خاصة، فإذا وقع السيف عمَّت الفتنة وانقطعت السبل، الصبر على هذا ويسلم لك دينك خير لك، ورأيته ينكر الخروج على الأئمة وقال: الدماء لا أرى ذلك ولا آمر به،وَقَال الآجري في "الشريعة (ص40): "من أُمِّر عليك من عربي أو غيره، أسود أو أبيض، أو أعجمي، فأطعه فيما ليس لله عَزَّ وَجَلَّ فيه معصية، وإن ظلمك حقًّا لك، وإن ضربكَ ظلمًا، وانتهكَ عرضك وأخذ مالك، فلا يَحملك ذَلِكَ عَلَى أنه يَخرج عليه سيفك حتَّى تقاتله، ولا تَخرج مع خارجي حتَّى تقاتله، ولا تُحرِّض غيرك عَلَى الخروج عليه، ولكن اصبر عليه"، وقال الطحاوي في عقيدة أهل السنة: ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا، وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يدًا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله -عز وجل- فريضة، ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة، وقال الحافظ فِي الفتح (13/7): وقد أجمع الفقهاء عَلَى وجوب طاعة السلطان المتغلِّب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه لِما فِي ذَلِكَ من حقن الدماء وتسكين الدهماء، وَقَالَ العلامة ابن عثيمين فِي الشرح الممتع (8/12): الإمام هُوَ ولي الأمر الأعلى فِي الدولة، ولا يُشترط أن يكون إمامًا عامًا للمسلمين؛ لأن الإمامة العامة انقرضت من أزمنة متطاولة ..من عهد أمير المؤمنين عُثْمَان بن عَفَّان ...وما زال أئمة الإسلام يدينون بالولاء والطاعة لِمن تأمَّر عَلَى ناحيتهم، وإن لَم تكن له الخلافة العامة.."، وسئل العلامة الفوزان كما في مفهوم البيعة (س10): نحن نعيش في جمهوريات مختلفة وغير عربية، ومعظم الناس هناك مسلمون، السؤال: هل يعتبر رئيس الجمهورية ولي أمر للمسلمين؟
ج: هذا ولي أمر على بلده، وأنتم تحت ولايته.




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 8:57 pm عدل 4 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الثلاثاء مارس 12, 2024 11:30 am

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام 213
حكم الخروج على الحاكم المتغلب





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 10:10 pm عدل 4 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الثلاثاء مارس 12, 2024 11:33 am

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Ayo12
أتباع ذو الخويصرة يحنون للخارجي في يوم حنين
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد.
الوصية بـ : ماذا يجب على المسلم في مثل هذه الفتن؟
الأصل في مثل هذا أن المسلم إذا أتت الفتن أن يعتزلها وأن يجتنبها، وإن كان مبتلىً وحصلت في محلِّه أو في بلده فلا يسعَ فيها، والجالس فيها خيرٌ من القائم؛ فهذا صرفٌ له عنها، فتفجع الفواجع وتأتي للناس الفتن فعلينا أن نتدبر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أخبرنا: «ستكونُ فتن، القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، و القائمُ فيها خيرٌ من الماشي، والماشي فيها خيرٌ من السّاعي، ومن يُشْرِف لها تستشرِفْهُ، و من وجد ملجأً أو معاذًا فليعُذ به» رواه البخاري ( 3601 ) ومسلم ( 2776).
فالواجب على العبد الصبر، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر: «إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ » ( أخرجه مسلم كتاب الإمارة باب الأمر بالصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم ).
ويحصل في الناس مشاكل وفتن فالواجب على الإنسان أن يصبر مهما حصلت الأمور.
فماذا يريد الناس؟!
غالب هؤلاء يريدون المال، يريدون الحُكم، وإنِ ادَّعوا غرضهم الدِّيانة، فهم لا يمشون بالأحكام الشرعية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن أوصاف أشد من هؤلاء، فقد أخرج مسلم في صحيحه: [كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال، وتحريم الخروج من الطاعة ومفارقة الجماعة ] بسنده عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: « نَعَمْ ». قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: « نَعَمْ ». قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى ... » ، هؤلاء الذين قاموا ضد حكامهم ينطبق عليهم وصف عدم الاهتداء بهديه صلى الله عليه وسلم وعدم الاستنان بسنته؛ فهم أيضًا لم يهتدوا بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستنوا بسنته لمواجهة فتنهم وأحداثهم.
قَالَ صلى الله عليه وسلم : « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ ». قَالَ: قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ».
أعلمُ أن هناك من لا يفرح بمثل هذه الأحاديث، لكن إن الذين يستدلون بأحاديث الظلم وجور الأئمة أَلا يعلموا أن الذي قال هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! وهذا صحيحٌ في صحيح مسلم.
إذن ينبغي على المسلم أن يكون في فلك الشريعة ويعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالصبر عند جور الأئمة وعند ظهور الفتن، فلا ينبغي للعبد أن يستشرف الفتن؛ فالفتن تُجتنب ولا تُجتلب، ولذلك يسعى مرضى القلوب بالسعي في الفتن والسير فيها، كيف وقد أخذوا من سُنة الخوارج قدوةً لهم فهم الذين تظاهروا على عثمان رضي الله عنه وقتلوه، وقاتلوا عليا رضي الله عنه بعد أن اجتمعوا ذلك التجمع، وحصل من ذلك التجمع المقاتلة، إلى أن ذهبوا إلى حروراء ليعلنوا عدم رضاهم بما عليه علي رضي الله عنه حتى أصبحوا جيش يقاتل أمير المؤمنين.
إن ما يقع في كثير من البلاد الإسلامية لم يفرح به إلا الرافضة والكفار من اليهود والنصارى، هؤلاء هم الذين فرحوا به، وقد قال الله تعالى: يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم [سورة التوبة:47].
ووالله لم يفرحوا بما فيه نصرة للإسلام والمسلمين، ففرحوا بذلك لأنهم علموا أن في ذلك تمزيقٌ للمسلمين وفوضى.
ولن نذهب بعيد، انظروا كم حصل في بعض البلاد الإسلامية!
لا أقول في غابر الزمن بل في هذه الأعصار، كيف تحولت الأمور قديما كما حصل في الجزائر وكما حصل في الصومال، وإلى يوم الناس هذا لم يستقر أمرهم بعد أن كان بلدًا من القوة والاقتصاد في التصدير وأشياء وإذا به في فقرٍ وعوز، وبعد أن كان القرن الأفريقي فإذا به الذَّنَب الأفريقي، هذا هو السبب في كثير من الأمور.
ليس هذا الكلام فيما يتعلق بالسياسة وأمور السياسة والمواقف السياسية؛ نحن نتكلم - نحن السلفيون - نتكلم عن موقف السلفي، عن موقف السني، وإن خالف أهواء الكثير، فنحن نمشي ونسير في فلك الشرع لا كرغبات أهوائنا وميل نفوسنا وشهواتنا وإن وافق هذا بعض شهوات الناس وأهوائهم بما يكون من أحوال فنحن نسعى لموافقة الحق لا الخلق.
فالصبر منهجٌ شرعي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ...فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ » ، وهؤلاء لم يصبروا.
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « ...فَاسْمَعْ وَأَطِعْ » فهذا منهج الصبر، منهج السمع والطاعة.
وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ » أخرجه مسلم كتاب الإمارة باب فى طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق.
والمخالفين الذين خطَّطوا لهذه المظاهرات لا يريدون هذه النصوص، بل يهزأون ويضحكون على أهل السنة وعلى السلفيين خاصة عندما يسمعون مثل هذه الأدلة، ويتجمهرون وتُراق الدماء، الدماء، الدماء، الدماء التي لها حرمة عظيمة، وهي من أعظم الأمور أن تنتهك الدماء، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « لئن تُهدم الكعبة حجر حجر أهون عند الله من أن يهرق دم امرئ مسلم » ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: « لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم» ( أخرجه الترمذي رقم 1395 وصححه الألباني )، وفي رواية: « ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دمه لأدخلهم الله النار» ( صحيح الترهيب والترغيب المجلد الثاني برقم 629 ).
وهؤلاء يتهاونون في ذلك ويزجُّون بهؤلاء الشبيبة، ويزجون بهؤلاء الأبناء ضد الحكام، والنبي صلى الله عليه وسلم يأمر أن تُجتنب الفتن وأن يجلس الإنسان ولا يخرج فيها، فالقاعد فيها خيرٌ من القائم، فيأتي هؤلاء ويقولون: اخرُجوا بأولادكم وبنسائكم وبأطفالكم وها نحن نخوض فيها ونأتيها!! وهم يجلبون الناس إلى الفتن، والفتن تُجتنب ولا تُجتلب، وهؤلاء الذين يَصرفون عن هذه الأدلة ويَدعُون الناس إلى الفتنة هم أول من ينصرف عنها ويهرب منها!
نعم يجتمعون وربما لهم مطلبٌ واحد، لكنهم لا يتَّفقون على ما بعده، فمن هنا تبدأ الفتن أكثر فأكثر فأكثر، فيزداد في الناس الهرج، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : « العبادة في الهرج كهجرة إليّ ».
يَقتُل القاتل ويُقتل المقتول، ولا يدري القاتل لِـمَ قَتل ولا المقتول لِـمَ قُتل.
هرجٌ وفتن والواجب على العاقل أن يعتزل ويجتنب هذه الشرور ويدعو الله - عز وجل- بسلامة الأمور، وأن يصلح الحال ويصلح الراعي والرعية، و أن يصلح عامة بلاد المسلمين، ويقيهم هذا الشر الذي يُخطط لها ويُدبَّر لها.
فالواجب على العقلاء جميعًا - كلُّ من يسمع هذه النصيحة وأنا أولكم - أن يلزم هدي الشريعة، وألا نتَّبع أهواءنا وعواطفنا، وألا نتبع رغباتنا ونفوسنا.
لو قيل لهذه الجموع هيا اجتمعوا إلى لا إله إلا الله.
لإقامة توحيد الله.
لهدم مظاهر الشرك.
لإقامة السُّنـَّة.
لإزالة القِباب.
لإزالة القبور، لهدمها وإزالتها من على وجه الأرض.
هلموا أيها الناس!
اجتمعوا لنشر العقيدة الصحيحة.
لنشر السُّنـَّة بين الناس.
لِقمع البدع وأهل البدع وأهل الاهواء.
هل ترى هذه الجموع تجتمع؟!
هل يا ترى هؤلاء الناس يجتمعون لذلك؟
أم اجتمعوا من أجل الدنيا ومطالب الدنيا!
فالفقر والله لم يخَـفْه علينا النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم « والله ما الفقر أخشى عليكم... ».
ولكن هذه الفتن هي التي كان يخشاها النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : صلى الله عليه وسلم « لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر و ذراعا بذراع و باعا بباع حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب دخلتم و حتى لو أن أحدهم ضاجع أمه بالطريق لفعلتم » أي لتتبعنّ في ذلك سنن الكفار.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من أبغض الناس إلى الله - عز وجل- : ملحدٌ في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، و مطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه » البخاري).
وهذه المظاهرات والاعتصامات ليست إلا من فعل الخوارج، وليست من فعل أهل الإسلام وأهل السنة؛ بل هي فعل المخالفين من الكفار ومن أهل الأهواء والبدع وأول من فعلها في الاسلام الخوارج على عثمان.
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: « من رَغِب عن سنتي فليس مني ».
كيف يقعون في مثل هذه المظاهرات ثم يجوِّزون الخروج على حكام المسلمين ويجوِّزون الانضمام للثورات على أنها واجب شرعي، بل هذا من الباطل ومن تزوير الشيطان.
كيف وإذا كان دعاة هذه الفتن ممن يوصفون بأهل العلم وأهل الفقه ممن خرجوا وسُمعوا في الإذاعات أو سُمعوا في بعض القنوات،
وهؤلاء ما هم إلا دعاة خوارج، ما هم إلا دعاة فتنة، فانتبهوا منهم! يقولون للناس كونوا احزاب تفرقوا والله يامر بالاجتماع ونبيه صلى الله عليه وسلم يامر بذلك ولكن أقول من شذ شذ في النار.
هم هم الذين كانوا يدعون إلى الخروج في أيام أحداث الجزائر.
وفي أيام أحداث العراق.
وفي أيام أحداث الكويت.
وفي أيام أحداث الشام.
وفي أيام احداث الصومال.
وفي غيرها من البلدان التي لا تزال على ما هى عليه في كثير من الويلات التي تجرعوها ولا يزالون يتفيؤون حرَّها وشرَّها و أخبارها.
والان يبغونها عوجا غبرا شمطا دماء واشلاء نار ودمار .
فاللهم لاتحقق لهم غاية ولاترفع لهم راية
فيا معشر العقلاء انتبهوا من مثل هذه الفتن ولا تكونوا في حطامها، ولا تكونوا ممن تضرم فيكم نيرانها، بل عليكم بالصبر والسكينة والدعاء بأن يصرف الله عن العباد والبلاد شر النيران والفتن وأن يحقن دماء المسلمين.
وهذه نصيحتي، وهذه وصيتي لإخواني مَن يسمعون نصيحتي ويبلغوها غيرهم.
أسال الله الهداية والسداد، وأن يدفع عن البلاد والعباد شرا يراد
، وأن يدحض أهل الرفض وأهل الكفر من اليهود والنصارى والعلمانيين واللبرالليين وأهل العناد، وأن يجعل كيدهم في نحورهم، وأن يصرف عن المسلمين كيد الخوارج الذين يفعلون هذه الأمور وهذه الأشياء.
وقد ورد عن مسلم بن حامد الخولاني أنه قال: ( كان يُقال: من أدركته الفتنة فعليه فيها بذكرٍ خامل)، و على هذا يُفسّر قول حذيفة بن أسيد و قد ذكر الدَّجال: ( أنا لغير الدّجال أخوف عليّ وعليكم. قال: فقلنا: ما هو يا أبا سَريحَة؟ قال: فتنٌ كأنّها قطع اللّيل المظلم. قال: فقلنا: أيّ النّاس فيها شرّ؟ قال: كلُّ خطيب مِصْقَع، وكلّ راكب موضِع. قال: فقلنا: أيُّ النّاس فيها خير؟ قال: كلُّ غنيٍّ خفيّ. قال: فقلت: ما أنا بالغنيّ ولا بالخفيّ. قال: فكن كابن اللّبون لا ظهر فيُركبَ و لا ضرعٌ فيُحلَب).
والله ما غرض هؤلاء إلا كراسي وأموال، يعيبون على الموجودين الكراسي والأموال وهم والله ما يسعون إلا لذلك وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا فقد روى البخاري في صحيحه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ثلاثةٌ لا ينظُرُ اللهُ إليهم ولا يزكِّيهم ولهم عذابٌ أليمٌ » ثم ذكر منهم: « ورجلٌ بايَعَ إِمامًا لا يبايعه إلَّا لدُنيا، فإن أعطاه منها رَضِي وإن لم يُعطِه منها سّخِط » ، وكذلك روى مُسلمٌ في (صحيحه) (برقم 1855): عن عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» ، قَالُوا: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلا نُنَابذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «لا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، لا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، أَلا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ» ، قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: فَقُلْتُ: - يَعْنِي لِرُزَيْقٍ - حِينَ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ: آللَّهِ، يَا أَبَا الْمِقْدَامِ، لَحَدَّثَكَ بِهَذَا، أَوْ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَقَالَ: إِي وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَسَمِعْتُهُ مِنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وهؤلاء الخوارج ما دعوتهم إلَّا للأموال والحُكم، كفى الله المسلمين شرهم.
والعاقل المتأمل للاحداث الان يرى ان الفتن والشر والدماء زادت بعد خروجهم في تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن وغيرها من البلاد ولم يقل الشر فلا دين ولا دنيا اللهم سلم سلم.
هذا وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على محمدوآله وصحبه ومن تبعه الى يوم الدين.
وفقكم الله جميعا.




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 8:33 pm عدل 3 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الثلاثاء مارس 12, 2024 11:35 am


نعم لا يجوز الخروج على الحاكم هذا حكم الله
كثيرا ما تتردد العبارات المنادية بالخروج على كثيرا من حكام المسلمين اليوم من شباب المسلمين مدعين انه شرع الله وحكم الله بل ويسب ويشتم من قال شرع الله عدم الخروج على الحاكم ويتهم بأنه عميل او يدافع عن ظالم او يميل الى اهل الظلم
بل ويكفر الحكام بلا دليل ولا برهان وكل يضع نفسه حكما وقاضيا على عباد الله فهذا بيان بايجاز ان شرع الله انه لا يجوز الخروج على الحاكم
أخرج مسلم في ( صحيحه ) عن حذيفة بن اليمان – رضي الله عنهما – قال :
قلت : يا رسول الله ! إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير شر ؟ قال ((نعم ))، قلت : هل وراء ذلك الشر خير ؟ قال (( نعم )) قلت فهل وراء الخير شر ؟ قال : (( نعم )) قلت : كيف ؟ قال (( يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ))
قال : قلت : كيف أصنع يا رسول الله – أن أدركت ذلك ؟
قال : (( تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع )).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم ))
قيل : يا رسول الله ! أفلا ننابذهم بالسيف ؟ فقال :
( لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يداً من طاعة ) أخرجه مسلم .
وعن عبادة ابن الصامت – رضي الله عنه -، قال :
دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبايعناه، فكان فيما أخد علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأسره علينا وأن لا ننازع الأمر أهله، قال :( إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان )هذا لفظ لمسلم.
فأفاد قوله : " إلا أن تروا " : أنه لايكفي مجرد الظن والإشاعة .
وأفاد قوله : " كفرا " : أن لايكفي الفسوق – ولو كبر - ؛ كالظلم ، وشرب الخمر ، ولعب القمار ، والاستئثار المحرم .
وأفاد قوله : " بواحا " : أنه لايكفي الكفر الذي ليس ببواح ؛ أي : صريح ظاهر .
وأفاد قوله : " عندكم فيه من الله برهان " : أنه لابد من دليل صريح ، بحيث يكون صحيح الثبوت ، صريح الدلالة ؛ فلا يكفي الدليل ضعيف السند ، ولاغامض الدلالة .
وأفاد قوله : " من الله " : أنه لاعبرة بقول أحد من العلماء مهما بلغت منزلته في العلم والأمانة ، إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح من كتاب الله ، أو سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم - . وهذه القيود تدل على خطورة الأمر
وقد أخرجه ابن حبان في (( صحيحه )) بلفظ :(( أسمع وأطع في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك وأثره عليك،
وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك إلا أن يكون معصية ))
فهل بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم قول ؟
وهل بعد حكم الله حكم ؟
يقول تعالى : ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُّبِينًا ﴾ .
قال ابن كثير في تفسيره : هذه الآية عامة في جميع الأمور ، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد ها هنا ولا رأي ولا قول . ولهذا شدد في خلاف ذلك فقال : ﴿ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً ﴾ .
وقال أيضا : وقوله ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ﴾ ، أي : عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله فما وافق ذلك قُبِل ، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله كائنًا من كان . أي فليحذر وليخشَ من خالف شريعة الرسول باطنًا وظاهرًا ﴿ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ﴾ ، أي : في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة ﴿ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ ، أي : في الدنيا بقتل أو حد أو حبس .
فهاهو أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا بأن نسمع ونطيع لأميرنا وحاكمنا وان ظلمنا وضربنا وأخذ مالنا فهل نقول سمعنا وأطعنا كما قالها أصحابه رضوان الله عليهم أم نقول سمعنا وعصينا !؟
أو سمعنا ولكن هذا ظالم فكيف نقبل بحكمه ويذهب كل منا يفسر ويؤول كما يشاء؟
اقوال اهل العلم !؟
قال أبو جعفر الطحاوي : ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمرنا وإن جاروا ولا ندعوا عليهم ولا ننزع يداً من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله مالم يأمرونا بمعصية وندعوا لهم بالصلاح والعافية
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه : ( المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم ) منهاج السنة النبوية 3/390
قال الإمام الصنعاني : ( من خرج على أمام اجتمعت عليه كلمة المسلمين فإنه قد استحق القتل لإدخاله الضرر على عباده وظاهره سواء كان عادلاً أو جائراً ) أنظر حاشية ضوء النهار (4/2487-248
قال الإمام النووي : ( لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق ما لم يغيروا شيئاً من قواعد الإسلام ) شرح صحيح مسلم (12/195)
قال الشيخ بن باز رحمه الله تعالى : (لا يجوز منازعة ولاة الأمور والخروج عليهم لأنه يسبب مفاسداً كبيرةً وشراً عظيماً وإذا رأى المسلمون كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان فلا بأس أن يخرجوا أو كان الخروج يسبب شراً أكثر فليس لهم الخروج رعاية للمصالح العامة والقاعدة الشرعية المجمع عليها : ( أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه ، بل ويجب درء الشر بما يزيله أو يخففه ).
قال الأمام البر بهاري : ( وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب بدعة وهوى وإذا سمعت الرجل يدعوا للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة) شرح السنة للبر بهاري(107)
وقال ابن عثيمين: ( فالله الله في فهم منهاج السلف الصالح في التعامل مع السلطان وان لا يتخذوا من أخطاء السلطان سبيلاً لإثارة الناس والى تنفير القلوب عن ولاة الأمر فهذا عين المفسدة وأحدا لأسس التي تحصل به الفتنة بين الناس)
.انظر رسالة حقوق الراعي والرعية …. مجموع خطب ابن عثيمين
وهذا ما قرره الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في كتابه اعتقاد أئمة أهل الحديث - ص ( 75 : 76 ) حيث قال : ( ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والعطف إلى العدل ، ولا يرون الخروج بالسيف عليهم ولا قتال الفتنة ، ويرون قتال الفئة الباغية مع الإمام العدل ، إذا كان وجد على شرطهم في ذلك ) .
وشيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث- ص (93) حيث قال : ( ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح وبسط العدل في الرعية ، ولا يرون الخروج عليهم بالسيف وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف ، ويرون قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل ) .
وهاهو الشوكانى رحمه الله يقول:
( ينبغي لمن ظهر له غلط الامام في بعض المسائل أن يناصحه, ولا الشناعة عليه على رءوس الأشهاد , بل كما ورد في الحديث أنه يأخد بيده ويخلو به ويبدل له النصيحة, ولا يذل السلطان الله وقد قدمنا في أول كتاب السير أنه لايجوز الخروج على الأئمة ,وان بلغوا فى الظلم أى مبلغ ,ماأقامو الصلاة ,ولم يظهر منهم الكفر البواح ,والأحاديت الواردة فى هذا المعنى متواترة ,ولكن على المأموم أن يطيع الامام فى طاعة الله ,ويعصيه فى معصية الله ,فانه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق )
وكأنه يصف حال كثير من ابناء الاسلام اليوم ممن لا هم لهم ولا هدف الا التشنيع على الحكام.
قال الشيخ الألبانى فى الكلام على قول الله :(ومن لم يحكم بما أنزل الله "."فى هذه المسألة يغفل عنها كتير من الشباب المتحمسين لتحكيم الاسلام ,ولذلك فهم فى كثير من الاحيان يقومون بالخروج على الحكام الذين لا يحكمون با لاسلام , فتقع فتن كثيرة ,وسفك دماء أبرياء ,لمجرد الحماس الذى لم تعد له عدته ,والواجب عندى تصفية الاسلام مما ليس منه , كالعقائد الباطلة ,والأحكام العاطلة ,والاراء الكاسدة المخالفة للسنة ,وتربية الجيل على هذا الاسلام المصفى ,والله المستعان )
قال الامام محمد بن نصر المروزي : قال بعض اهل العلم ( وأما النصيحة لائمة المسلمين فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم وحب اجتماع الامة عليهم وكراهة افتراق الامة عليهم والتدين بطاعتهم في طاعة الله عز وجل والبغض لمن راى الالخروج عليهم وحب اعزازهم في طاعة الله)
وها هو إمام أهل السنة أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى - يقف موقفًا قويًا من الفتن ، وينصح الأمة بعدم الخروج على الأئمة وولاة أمور المسلمين حتى لا تسفك الدماء .
قال لمن جاء يشكو من تفاقم الأمر وفشوه - يعنون إظهاره لخلق القرآن- وأنهم ليسوا راضين عن إمرة الواثق ولا سلطانه ، قال - رحمه الله - لهم ، بعد أن ناظرهم ساعة : " عليكم بالنكرة بقلوبكم ، ولا تخلعوا يدًا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم ، انظروا في عاقبة أمركم واصبروا حتى يستريح برّ أو يُستراح من فاجر
بل هاهو ابن حجر ينقل الاجماع على وجوب طاعة الامام والا يخرج عليه الا ان اظهر كفرا بواحا فقال فى الفتح
وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاء عَلَى وُجُوب طَاعَة السُّلْطَان الْمُتَغَلِّب وَالْجِهَاد مَعَهُ وَأَنَّ طَاعَته خَيْر مِنْ الْخُرُوج عَلَيْهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقْن الدِّمَاء وَتَسْكِين الدَّهْمَاء ، وَحُجَّتهمْ هَذَا الْخَبَر وَغَيْره مِمَّا يُسَاعِدهُ ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مِنْ السُّلْطَان الْكُفْر الصَّرِيح فَلَا تَجُوز طَاعَته فِي ذَلِكَ بَلْ تَجِب مُجَاهَدَته لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا
الا اننا نجد من بيننا من يتبع زلة كل عالم يعض عليها بالنواجذ وكأنها وحى منزل
قال مجاهد والحكم بن عتيبة ومالك وغيرهم : ليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي ،
وقال سليمان التيمي: إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله،
قال ابن عبد البر : هذا إجماع لا أعلم فيه خلاف
ورحم الله ابن القيم لما قال
«معرفة فضل أئمة الإسلام ومقاديرهم وحقوقهم ومراتبهم، وأن فضلهم وعلمهم ونصحهم لله ورسوله لا يوجب قبول كل ما قالوه ، وما وقع في فتاويهم من المسائل التي خفي عليهم فيها ما جاء به الرسول فقالوا بمبلغ علمهم والحق في خلافها لا يوجب إطراح أقوالهم جملة وتنقصهم والوقيعة فيهم؛ فهذان طرفان جائران عن القصد،
وقصد السبيل بينهما:
1- فلا نؤثم
2- ولا نعصم،
ولا نسلك بهم مسلك الرافضة في علي،
ولا مسلكهم في الشيخين؛
بل نسلك مسلكهم أنفسهم فيمن قبلهم من الصحابة؛ فإنهم لا يؤثمونهم ولا يعصمونهم، ولا يقبلون (كل) أقوالهم ولا يهدرونها .
.......... ولا منافاة بين هذين الأمرين لمن شرح الله صدره للإسلام؛
وإنما يتنافيان عند أحد رجلين:
1- جاهل بمقدار الأئمة وفضلهم
أو
2- جاهل بحقيقة الشريعة التي بعث الله بها رسوله،
ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعا أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل ومأجور لاجتهاده ؛ فلا يجوز أن يتبع فيها ، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب المسلمين )
فهناك من يتمسك بافعال بعض العلماء وكأن فعلهم هو الشرع ضاربا بالاحاديث الصحيحة الثابتة عرض الحائط فيستدل بخروج الحسين رضى الله عنه او عبد الله بن الزبير او غيرهم من العلماء
قال الشوكاني _نيل الأوطار_
وقد استدل القائلون بوجوب الخروج على الظلمة ومنابذتهم السيف ومكافحتهم بالقتال بعمومات من الكتاب والسنة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , ولا شك ولا ريب أن الأحاديث التي ذكرها المصنف في هذا الباب وذكرناها أخص من تلك العمومات مطلقا , وهي متوافرة المعنى كما يعرف ذلك من له أنسة بعلم السنة , ولكنه لا ينبغي لمسلم أن يحط على من خرج من السلف الصالح من العترة وغيرهم على أئمة الجور فإنهم فعلوا ذلك باجتهاد منهم , وهم أتقى لله وأطوع لسنة رسول الله من جماعة ممن جاء بعدهم من أهل العلم.
قال شيخ الإسلام -في معرض ذكره مفاسد خروج الحسين ض وغيره-:
«فأما أهل الحرة وابن الأشعث وغيرهم؛ فهزموا وهزم أصحابهم فلا أقاموا دينا ولا أبقوا دنيا والله تعالى لا يأمر بأمر لا يحصل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا ((وإن كان فاعل ذلك من أولياء الله المتقين ومن أهل الجنة)) فليسوا أفضل من علي وعائشة وطلحة والزبير وغيرهم ومع هذا ((لم يحمدوا ما فعلوه من القتال)) وهم أعظم قدرا عند الله وأحسن نية من غيرهم وكذلك أهل الحرة كان فيهم من أهل العلم والدين خلق. وكذلك أصحاب ابن الأشعث كان فيهم خلق من أهل العلم والدين والله يغفر لهم كلهم... ولهذا أثنى النبي على الحسن بقوله: (إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) ولم يُثْنِ على أحد لا بقتال في فتنة ولا بخروج على الأئمة ولا نزع يد من طاعة ولا مفارقة للجماعة. وأحاديث النبي الثابتة في الصحيح كلها تدل على هذا... وهذا يبين .. أن ما فعله الحسن من ذلك كان من أعظم فضائله ومناقبه التي أثنى بها عليه النبي ولو كان القتال واجبا أو مستحبا لم يُثْنِ النبي على أحد بترك واجب أو مستحب ولهذا لم يثن النبي على أحد بما جرى من القتال
يوم الجمل وصفين فضلا عما جرى في المدينة يوم الحرة وما جرى بمكة في حصار ابن الزبير وما جرى في فتنة ابن الأشعث وابن المهلب وغير ذلك...»اهـ.
أن ابن الزبير والحسين قد خالفهم (عامة) الصحابةُ في ذلك الخروج؛ بل وأنكروه بشدة -رضي الله عن الجميع -, كما أنكر بعضُ كبار التابعين الدخولَ مع ابن الأشعث. وتجد هذه النصوص في "البداية والنهاية" (8/ 152-173)، و"سير أعلام النبلاء" (3/ 300-320)؛ وإليك طرفًا منها:
فعن نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال: إني سمعت النبي يقول: «ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة». وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله, وإني لا أعلم غدراً أعظم من أن يبايع رجلٌ على بيع الله ورسوله ثم ينصب لـه القتال, وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه.
وقال ابن عمر له ولابن الزبير -رضي الله عنهم-: «أذكركما الله إلاّ رجعتما ولا تفرقا بين جماعة المسلمين». وكان يقول: «غلبَنَا الحسين بن علي - رضي الله عنهما - بالخروج ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة , فرأى من الفتنة وخذلان الناس لهما ما كان ينبغي لـه أن يتحرّك ما عاش , وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس, فإن الجماعة خير».
وقال لـه أبو سعيد الخدري : «اتق الله والزم بيتك ولا تخرج على إمامك».
وقال أبو واقد الليثي : «بلغني خروج الحسين بن علي - رضي الله عنهما - فأدركته بملل , فناشدته بالله ألاّ يخرج, فإنه يخرج في غير وجه خروج, إنما خرج يقتل نفسه, فقال: لا أرجع».
وقال جابر بن عبد الله :«كلمت حسيناً فقلت: اتق الله ولا تضرب الناس بعضهم ببعض, فوالله ما حمدتم ما صنعتم؛ فعصاني»اهـ
قال ابن الأثير - في "أسد الغابة" (2/2- عن خروج الحسين: «فأتاه كتب أهل الكوفة وهو بمكة؛ فتجهز للمسير؛ فنهاه جماعة؛ منهم: أخوه محمد ابن الحنفية وابن عمر وابن عباس وغيرهم» اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -في "المنهاج" (4/529)-: «وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة؛ كما كان عبد الله بن عمر , وسعيد بن المسيب, وعلي بن الحسين, وغيرهم: ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد. وكما كان الحسن البصري, ومجاهد, وغيرهما: ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث»اهـ. وقال أيضًا -"المنهاج" (4/530): «ولهذا لما أراد الحسين أن يخرج إلى أهل العراق لما كاتبوه كتباً كثيرة: أشار عليه أفاضل أهل العلم والدين كابن عمر وابن عباس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام : ألاّ يخرج...»اهـ.
وقال الحافظ ابن كثير -لمّا ذكر قتال أهل المدينة ليزيد كما في "البداية والنهاية" (8/235)-: «وقد كان عبد الله بن عمر بن الخطاب وجماعات أهل بيت النبوة ممن لم ينقض العهد ولا بايع أحداً بعينه بعد بيعته ليزيد»اهـ. وقال -"البداية والنهاية" (8/161)- عن خروج الحسين : «ولما استشعر الناس خروجه: أشفقوا عليه من ذلك, وحذروه منه, وأشار عليه ذوو الرأي منهم والمحبة لـه بعدم الخروج إلى العراق, وأمروه بالمقام بمكة, وذكروا ما جرى لأبيه وأخيه معهم»اهـ.
ورحم الله الشيخ محمد بن صالح العثيمين لما قال: في «لقاءات الباب المفتوح» شريط رقم (12 الوجه (أ) الدقيقة: (00:12:00): «العَجَب أن بعض الناس! تجده يصب جام غيرته على ولاة أموره!!، وهو يجد في شعبه من يشرك بالله عز وجل!، ولا يتكلم!. والشرك أعظم مما حصل من المعاصي من ولاة الأمور، أو يذهب يحاول أن ينزل الآيات على ما يهواه هو من المعاني ، يقول مثلاً: "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ "، ثم يقول: كل نظام أو كل قانون يخالف الشرع فهو كفر، وهذا أيضاً من الخطأ،وإذا فرضنا -على التقدير البعيد- أن ولي الأمر كافر؛ فهل يعني ذلك أن نوغر [صدور] الناس عليه حتى يحصل التمرد، والفوضى، والقتال؟! ((لا، هذا غلط، ولا شك في ذلك)).
فالمصلحة التي يريدها هذا ((لا يمكن أن تحصل بهذا الطريق))؛ بل يحصل بذلك مفاسد عظيمة؛ لأنه -مثلاً- إذا قام طائفةٌ من الناس على ولي الأمر في البلاد، وعند ولي الأمر من القوة والسلطة ما ليس عند هؤلاء، ما الذي يكون؟ هل تغلبُ هذه الفئةُ القليلة؟ لا تغلب، بل بالعكس، يحصل الشر والفوضى والفساد، ولا تستقيم الأمور.
والإنسان يجب أن ينظر:
أولاً: بعين الشرع، ولا ينظر أيضاً إلى الشرع ((بعين عوراء))؛ إلى النصوص من جهة دون الجهة الأخرى، بل يجمع بين النصوص.
ثانياً: ينظر أيضاً بعين العقل والحكمة، ما الذي يترتب على هذا الشيء؟!
لذلك نحن نرى:
أن مثل هذا المسلك مسلك خاطئ جداً وخطير، ولا يجوز للإنسان أن يؤيد من سلكه، بل يرفض هذا رفضاً باتاً، ونحن لا نتكلم على حكومة بعينها؛ ((لكن نتكلم على سبيل العموم))...» انتهى كلامه رحمه الله.


عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الثلاثاء مارس 12, 2024 5:24 pm عدل 1 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الثلاثاء مارس 12, 2024 11:37 am


الآثار السيئة لمخالفة منهج السلف الصالح
في باب معاملة الحكام كالخروج عليهم وعدم طاعتهم في المعروف

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فمن الجوانب التي تظهر عليها الآثار السيئة لمخالفة منهج السلف الصالح في باب معاملة الحكام كالخروج عليهم وعدم طاعتهم في المعروف:
الجانب السياسي، سواء ما يتعلق بالجوانب السياسيّة الداخليّة أو الخارجيّة، ولبيان ذلك، سيكون لي مع بعض تلك الآثار وقفات لأبيّن للقارئ الكريم، خطر مخالفة منهج السلف في باب معاملة الحكام على الجانب السياسي، ومن تلك الآثار:
1- ضعف الدولة الإسلامية وقوّة شوكة أعداء المسلمين:
إنّ من أعظم الآثار التي يخلّفها الخروج على الحكام وعدم السمع والطاعة لهم: ضعف الدولة الإسلامية، وانتهاك قواها، مع ما يقابله من قوّة العدو، وظهور شوكته.
فإنَّ في الخروج عليه إضعافاً لجيشه، وتقليلاً من عددهم، وذلك لأنّ الحاكم سيصد الخوارج وسيقاتلهم، وسيحاول استئصال شوكتهم، فيذهب كثير من جنده، وسيخسر كثيراً من عتاده، خاصّة إذا كان الخارجي له شوكة وشأفة وقوّة يصعب استئصالها.
وسينشغل المسلمون بقتال هؤلاء الخوارج وستتعطل الثغور، ويقلّ الجهاد في سبيل الله، فيقوى العدو، ويزداد في إعداد نفسه، إن لم يداهم الإسلام والمسلمين.
وقد سمع الحسن البصري -رحمه الله- رجلاً يدعو على الحجاج فقال له: " لا تفعل -رحمك الله- إنكم من أنفسكم أوتيتم، وإنما تخاف إن عزل الحجاج أو مات أن تليكم القردة والخنازير ".
ومن أسباب ضعفه -أيضاً- تخلّف الناس عن القتال معه، كمن يرى عدم جواز الجهاد مع حكام الجور، مخالفاً بذلك قول أهل السنّة، فيترتب على ذلك قلةً في جيشه، وضعفاً في عزيمته.
قال عبدالملك بن حبيب-رحمه الله-: " سمعت أهل العلم يقولون: لا بأس بالجهاد مع الولاة، وإن لم يضعوا الخُمس موضعه، وإن لم يوفوا بعهد إن عاهدوا، ولو عملوا ما عملوا، ولو جاز للنّاس ترك الغزو معهم لسوء حالهم؛ لاستذلّ الإسلام، وتخيفت أطرافه، واستبيح حريمه، ولعلى الشرك وأهله " (1) .
وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ -رحمه الله-: " ثم هنا مسألة أخرى وداهية كبرى، دها بها الشيطان كثيراً من الناس، فصاروا يسعون فيما يفرق جماعة المسلمين، ويوجب الاختلاف في الدين، وما ذمه الكتاب المبين، ويقضي بالإخلاد إلى الأرض، وترك الجهاد، ونصرة رب العالمين، ويفضي إلى منع الزكاة، ويشب نار الفتنة والضلالات، فتلطف الشيطان في إدخال هذه المكيدة، ونصب لها حججاً ومقدمات، وأوهمهم أن طاعة بعض المتغلبين، فيما أمر الله به ورسوله، من واجبات الإيمان، وفيما فيه دفعٌ عن الإسلام وحماية لحوزته، لا تجب والحالة هذه، ولا تشرع " (2) .
وفي المقابل فإنّ الخوارج مع قتلهم للمسلمين، وإضعافهم لهم، يَتركون أهل الأوثان والشرك والكفر، ويُديرون معاركهم ضد أهل الإسلام، كما جاء ذلك في قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (( يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان ))، وهذا الفعل من السمات البارزة كما جاء عن الشاطبي تقرير ذلك (3).
وقد أفتى علماء الأندلس لـمّا سئلوا عن طائفة خرجت على الإمام، فذكروا مفاسد الخروج وعواقبه الوخيمة، فقالوا: " مع ما في ذلك من توهين المسلمين، وإطماع العدو الكافر في استئصال بيضتهم، واستباحة حريمهم " (4).
وقال العلامة المعلمي -رحمه الله-: " ومن كان يكرهه (أي: الخروج على الولاة) يرى أنّه شق لعصا المسلمين، وتفريق لكلمتهم، وتشتيت لجماعتهم، وتمزيق لوحدتهم، وشغل لهم بقتل بعضهم بعضاً، فتهن قوّتهم وتقوى شوكة عدوّهم، وتتعطّل ثغورهم، فيستولي عليها الكفار، ويقتلون من فيها من المسلمين، ويذلّونهم، وقد يستحكم التنازع بين المسلمين فتكون نتيجة الفشل المخزي لهم جميعاً، وقد جرّب المسلمون الخروج فلم يروا منه إلا الشرّ... " (5).
ومما يسبب ضعف الدولة الإسلاميّة، ولعلّه ذهابها، كتم النصيحة عن الحاكم، وعدم إخباره بمن يكيد له وللمسلمين وللدولة الإسلامية بشرّ، وهذا من الواجبات التي تجب للحكام على رعيتهم.
ومما يروى في ذلك، أنّ علي بن عيسى بن الجراح قال: " سألت أولاد بني أميّة ما سبب زوال دولتكم؟ قالوا: خصال أربع أوّلها: أن وزراءنا كتموا عنّا ما يجب إظهاره لنا، والثاني: أنّ جباة خراجنا ظلموا النّاس فارتحلوا عن أوطانهم فخربت بيوت أموالنا، والثالثة: انقطعت الأرزاق عن الجند، فتركوا طاعتنا، والرابعة: يئسوا من إنصافنا فاستراحوا إلى غيرنا؛ فلذلك زالت دولتنا " (6).
وهذا الأثر الذي يخلفه اتباع غير سبيل المؤمنين في معاملتهم لحكامهم، ينتج عنه أثر آخر خطير على الإسلام والمسلمين، وهو ما سيأتي.
2- هزيمتهم وفشلهم أمام عدوّهم.
ومن الآثار السيئة السياسية -كذلك- المترتبة على مخالفة منهج السلف في معاملة الحكام، ما ينشأ عن هذه المخالفة من انهزام المسلمين أمام عدوّهم، وفشلهم في صد كيد الكفار والمشركين عن الدولة الإسلامية، فيحدث على الإسلام والمسلمين ما لا قِبَل لهم به من استيلاء الكفار على دولتهم، ومنعهم من إظهار دينهم.
فكما أنّ الاتفاق سبب للنجاح، والطاعة سبب للنصر، فكذلك الاختلاف سبب للفشل، والعصيان سبب للهزيمة، وفي ذلك يقول الله تعالى: (( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ )).
قال الطرطوشي -رحمه الله-: " أيها الأجناد، أقلّوا الخلاف على الأمراء، فلا ظفر مع اختلاف، ولا جماعة لمن اختلف عليه، قال الله تعالى: (( وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ))، وأوّل الظفر الاجتماع، وأوّل الخذلان الافتراق، وعماد الجماعة السمع والطاعة... " (7).
وفي ذلك يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: " ولما أحدثت الأمّة الإسلاميّة ما أحدثت، وفرقوا دينهم، وتمرّدوا على أئمتهم، وخرجوا عليهم، وكانوا شيعاً؛ نزعت المهابة من قلوب أعدائهم، وتنازعوا ففشلوا وذهبت ريحهم، وتداعت عليهم الأمم، وصاروا غثاء كغثاء السيل " (8).
3- استغلال العدو وشن الغارات على المسلمين.
ومن الآثار السيئة -أيضاً-، انتهاز العدوّ لهذه الفرصة، وهي اختلاف الرعيّة على إمامهم وتقاتلهم فيما بينهم، فينهض لغزو المسلمين، أو السطو على بعض بلدانهم وأموالهم، وشنّ الغارات عليهم، فإنّ الكفار يستغلون أي فرصة ضد المسلمين، كما قال تعالى: (( وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ))، هذا إذا انشغلوا عن أسلحتهم، فكيف إذا انشغلوا ببعضهم البعض، ووهت قوّتهم، وضعفت شكيمتهم.
قال الإمام ابن عبدالبر -رحمه الله-: " فالصبر على طاعة الإمام الجائر أولى من الخروج عليه، لأنّ في منازعته والخروج عليه: استبدال الأمن بالخوف، وإراقة الدماء، وانطلاق أيدي الدهماء، وتبييت الغارات على المسلمين، والفساد في الأرض، وهذا أعظم من الصبر على جور الجائر " (9).
ومن الأمثلة على ذلك من تاريخنا الإسلامي: استغلال الخزر اختلاف المسلمين، وذلك بخروج إبراهيم بن عبدالله بن حسن أخو النفس الزكيّة على الدولة العباسية، فشنوا الغارة على المسلمين.
قال الذهبي -رحمه الله-: " وعَرَفت الخزر باختلاف الأمة، فخرجوا من باب الأبواب، وقتلوا خلقاً بأرمينية، وسبوا الذرية، فلله الأمر " (10).
4- تأخر الجهاد والانشغال عن أعداء الله.
إن توقف حركة الجهاد، وانشغال المسلمين عن الفتوح والغزوات ضد الكفرة والمشركين، لمن أعظم الآثار التي يخلّفها مخالفة منهج السلف في باب معاملة الحكام، فما يكاد إمام من أئمة المسلمين أن يغزو بلداً، أو يفتح حصناً، إلا ويأتيه ما يشغله من خروج الخوارج في أهله وبلده، فيضطر إلى الرجوع، فيرد كيدهم في نحرهم، ويصرف شرهم وخطرهم عن الإسلام والمسلمين.
قال الشيخ محب الدين الخطيب -رحمه الله- عند حديثه عن الذين خرجوا على عثمان -رضي الله عنه-: " وإنّ الشرّ الذي أقحموه على تاريخ الإسلام بحماقاتهم، وقصر أنظارهم، لو لم يكن من نتائجه إلا وقوف حركة الجهاد الإسلامي فيما وراء حدود الإسلام سنين طويلة لكفى به إثماً وجناية " (11).
وفي قصّة ابن الأشعث ما يؤكّد هذا المعنى، فإنّ جيش ابن الأشعث الذي ولاه الحجاج لقتال الترك، قد انتصر انتصارات كبيرة، وفتح عدداً من بلدان رتبيل الكافر، ولكن لما صمّموا على الخروج على الحجاج، وخلعه وخلع الخليفة، وبيعتهم لابن الأشعث، ترتب على ذلك، توقف جهاد الكفار من الترك، وخروجهم من بلاد الكفار، وقتالهم للمسلمين (12).
ولمّا كان المعتصم يقاتل الروم، وفتح عدداً من بلدانهم، وأثخن فيهم قتلاً وسبياً، إلى أن وصل إلى قُسنطينيّة وصمّم على محاصرتها، أتاه ما أزعجه من خروج العباس بن المأمون عليه (13).
والأمثلة من التاريخ الإسلامي على ذلك كثيرة، وما هذا إلا غيض من فيض، وقد ضرب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عدداً من هذه الأمثلة، والتي كانت بعد ولاية معاوية -رضي الله عنه- التي كان النّاس فيها متفقين يغزون العدو، ثم توقف الجهاد وانحسر بسبب ما حدث من الفتن (14).
وفي نهاية مطاف هذا الباب، أوصي نفسي وأخواني المسلمين، أن يتمسكوا بمنهج السلف الصالح، وأن يتركوا الآراء والأهواء المست، والمنبثقة عن غير شريعتنا المطهرّة، فإنّ الخير كل الخير في اتباع سبيلهم، واقتفاء آثارهم، والشرّ كلّ الشر في مجانبتهم، واجتناب منهجهم، وما يدينون الله به
كما أوصي الدعاة إلى الله أن يربوا الناس على العقائد الصحيحة والمناهج الصحيحة
والأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة وبمناصحة ذوي العقول السديدة للحكام في أخطائهم العقدية والمنهجية والسياسية، فهذا هو المطلوب شرعاً وعقلاً منهم وبه يتحقق الخير كله أو جله ويزول الشر كله أو جله وذاك غاية ما يطمح إليه العقلاء المخلصون.
كتب عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- رسالة إلى عدي بن أرطأة يقول فيها:
" أما بعد: فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد: فإني أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتباع سنة نبيه -صلّى الله عليه وسلّم-، وترك ما أحدث المحـدِثون مما قد جرت سنته، وكفوا مؤنته، فعليك بلزوم السنة، فإن السنة إنما سنها من قد عرف ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ قد كفوا، وهم كانوا على كشف الأمور أقوى وبفضل ما كانوا فيه أولى، فلئن قلتم: أمر حدث بعدهم، ما أحدثه بعدهم إلا من اتبع غير سنتهم، ورغب بنفسه عنهم، إنهم لهم السابقون، فقد تكلموا منه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم مقصر، وما فوقهم محسر، لقد قصر عنهم آخرون فضلوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم " (15).
فأسأل الله -تعالى- أن يلهمنا رشدنا، وأن يكفينا شرّ الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن ينصر دينه، ويعلي كلمته، إن ربي لسميع الدعاء.
منقول للفائدة
=======
(1) رواه ابن أبي زمنين في أصول السنة (ص:289).
(2) الدرر السنيّة جمع ابن قاسم (8/377-380)، وعيون الرسائل والأجوبة على المسائل جمع الشيخ سليمان بن سحمان (2/875-879).
(3) انظر: الموافقات (5/150-151).
(4) المعيار المعرب للونشريسي (11/149).
(5) التنكيل (1/93-94)
(6) رواه البيهقي في شعب الإيمان (6/35) برقم [7422]، والتبريزي في النصيحة للراعي والرعيّة (ص:104).
(7) سراج الملوك (2/703).
(8) شرح الأصول الستة (ص:161).
(9) الاستذكار (14/41)، وللقرطبي كلام نحو هذا في تفسيره (2/108-109).
(10) سير أعلام النبلاء (6/224).
(11) حاشية العواصم من القواصم لابن العربي (ص:57).
(12) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (12/307).
(13) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (10/297-298).
(14) انظر: منهاج السنّة النبوية (6/231-232).
(15) رواه أبو داود في السنن (5/19)، 34-كتاب السنة، 7-باب لزوم السنّة، حديث (4612)، وأبو نعيم في الحلية (5/338-339)، والآجري في الشريعة (2/930-932) برقم [529]، وابن بطة في الإبانة (2/335) برقم [560]، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3/873) برقم [3856].




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 4:53 am عدل 3 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الإثنين مارس 18, 2024 9:47 pm


هل الإنكار العلني على الوزراء والأمراء
الذين ولّاهم وليّ الأمر من منهج السلف ؟؟؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فقد انتشر في الآونة الأخيرة انتشارا لا نظير له ، من الطعن والإنكار العلني على الوزراء ، والأمراء ومن ولّاهم وليّ الأمر من أهل المناصب العليا في الدولة ، من قِبل بعض الفضلاء ،وطلبة العلم ،فضلا عن غيرهم ، وذلك تصريحا لا تلميحا، بل أصبح هذا مقرّر عند البعض وكأنه من منهج السلف ، وهو ليس من ذلك في شيء ،وليس عليه أثارة من علم ، بل هو من منهج الخوارج المارقين ، والحقّ أحقّ أن يقال وأن يتّبع ، وأهل السنة يعظّمون الحقّ لا الخلق ، وكلام العالم يستدلّ له ، ولا يستدل به.
فالإنكار العلني على الوزراء والولاة ، والأمراء , وأصحاب المناصب عموما ممّن ولّاهم وليّ الأمر لا يجوز بحال ،لا بالمقالات، ولا بالتصنيفات والكتابات ، فضلا أن يكون ذلك في الدروس والمحاضرات ،أو عبر هذه الوسائل الحديثة من أنواع التواصل الاجتماعي، وهو من الغش والفضيحة والتشهير المذموم شرعا ، وليس من النصيحة في شيء.
وذلك لما يترتّب على هذا الفعل الشنيع-أي: الإنكار العلني- من الفساد العظيم ، والشرّ الكبير ، والتهييج والتشغيب وانفلات الأمن وضياعه، وقطع السبّل ، وانتهاك الأعراض ، وتخريب للممتلكات ،ونحو ذلك من الفساد والدّمار التي ينتج من هذا جرّاء هذا الفعل الشنيع القبيح المخالف لشِرعة رب العالمين جلّ وعزّ.
سئل شيخنا صالح الفوزان حفظه الله ما نصه : هل يجوز انتقاد الدوائر الحكومية والقائمين عليها من وزراء، وذلك من باب الإصلاح وتوضيح الخلل، أمام عامة الناس؟
:فأجاب بقوله :
الانتقاد الذي يُقصد به التجريح ويُقصد به تنقُّص المسئولين والتماس عيوبهم، هذا لا يجوز. أما انتقادها الذي يُبلَّغ للمسئولين من أجل أن يُصلِحوها، فلا بأس بذلك؛ أنه يقول: الدائرة الفلانية فيها كذا، فيها خلل، المسئول فيها فيه كذا؛ عند ولي الأمر ما هو عند الناس. يتكلم في الدوائر وفي المسئولين عند الناس؛ هذه غيبة، ومع الغيبة فيها إفساد؛ لأنها قد تسبب مثلًا معصية ولي الأمر واحتقار ولي الأمر أو ما أشبه ذلك، فهذا شأن الخوارج، هذا من صفات الخوارج.
وقال حفظه الله : الخروج على الأئمة يكون بالخروج عليهم بالسيف، وهذا أشد الخروج،ويكون بالكلام: بسبِّهم، وشتمهم، والكلام فيهم في المجالس، وعلى المنابر، هذا يهيِّج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر، ويُنَقِّص قدر الولاة عندهم، هذا خروج، فالكلام خروج، نعم.[1]اهـ
وقال شيخنا محمد بازمول حفظه الله -بعدما عدّد غيرما صورة من صور الانحراف- : من صور الانحراف لما تشوف شباب شكلهم شكل طلبة علم ،ويجلسوا يغتابوا وليّ الأمر ، ويتكلّموا في الوزراء والأمراء ، ويتكلّموا في الدولة ، ويروا أنها غيبة مباحة ، هذا من صور الانحراف. اهـ
والطعن فيهم في حقيقة أمره طعن في وليّ الأمر شاء صاحبه أم أبى، لأن الطعن فيهم يورث الحقد والغلّ والكراهية على من ولّاهم في هذه المناصب وهو: ولي الأمر، وهذا أمر لا ينكره إلا جاهل أو جاحد لا ثالث لهما ، ويظهر ذلك وضوحا جليّا لمن تأمّل حال الخوارج الفجرة الذين خرجوا على عثمان رضي الله عنه وغيره من الخلفاء والملوك والرؤساء .
فمن أعظم الأسباب في ذلك هو: الطعن فيمن ولّاهم ولاة الأمور من أهل المناصب من الوزراء والولاة وغيرهم.
وإذا عرف السبب بطل العجب -كما يقال- ، من هنا تعرف سبب خروج الخوارج كما أسلفت آنفا على عثمان رضي الله عنه ، وهو : التلبيس والتدليس من قِبل الخوارج في إقناع الدّهماء من الناس والرعاع في خلعهم البيعة، وذلك بطرقهم الملتوية، وهو: الطعن في نوابه من الولاة ممن ولاّهم رضي الله عنه ، كمعاوية بن أبي سفيان على الشام ، ويعلى بن أمية التميمي على اليمن ، وعبد الله بن عمرو الحضرمي على مكة ، والقاسم بن ربيعة الثقفي على الطائف . والوليد بن عقبة على الكوفة ، وعبد الله بن عامر بن قريظ على البصرة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح على مصر ، وغيرهم من الولاة.
الشاهد : من الأسباب التي استطاع الخوارج أن يظفروا ببغيتهم –قبحّهم الله-في الإطاحة بالخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه وهو أن طعنوا في الولاة الذين نصبّهم رضي الله عنه ، حتى تهيأ لهم الجوّ ، وتأتّى لهم ما يريدون ، وهو : زرع الحقد والكراهية في قلوب الناس اتجاه هؤلاء الولاة ، وذلك تحت شعار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتحت شعار العدل ، ومحاربة الظلم والفساد ونحو ذلك كما هو حال خوارج العصر-ولكلّ قوم وارث-؛ وحينئذ كان دهماء الناس وجهّالهم متقبّلون إلى حد كبير إلى عزله والخروج عليه سواء كان ذلك بالسيف والسنان ، أو باللسان وهو أخطر مايكون[2] ، بل إنّ الخروج بالسيف والسنان لابد أن يسبقه خروج بالكلام واللسان، وأن الفتنَ ،والمصائب ،والمدلهمات ، والمحن ، تبدأ أولا بالكلام والتشهير، وكما قيلَ:
فإِنَّ النَّارَ بالعُودَيْنِ تُذْكَى ...وإِنَّ الحَرْبَ أَوَّلُها كَلامُ
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : لابد أن يكون توطئة وتمهيد: قدح في الأئمة، وستر لمحاسنهم، ثم تمتلئ القلوب غيظًا وحقدًا، وحينئِذٍ يحصل البلاء.[3]
ومن هنا يتبيّن للقارئ اللبيب أن هذا هو المنهج الذي كان يسير عليه عدّو الله الخبيث المخبّث عبدالله بن سبأ اليهودي حين كان يقول لأتباعه: إن عُثْمَان أخذها بغير حق، وهذا وَصِىّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،*فانهضوا في هذا الأمر فحرِّكوه، وابدؤوا بالطعن عَلَى أمرائكم، وأظهروا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، تستميلوا الناس، وادعوهم إِلَى هَذَا الأمر.[4]
وقد تحقّق ما أراده عدوّ الله ؛ فعن عامر بن سعد، قال: كان أول من اجترأ على عثمان بالمنطق السيئ جبله ابن عمرو الساعدي، مر به عثمان وهو جالس في ندي قومه، وفي يد جبلة بن عمرو جامعة، فلما مر عثمان سلم، فرد القوم، فقال جبلة: لم تردون على رجل فعل كذا وكذا! قال: ثم أقبل على عثمان، فقال: والله لأطرحن هذه الجامعة في عنقك أو لتتركن بطانتك هذه قال عثمان: أي بطانه! فو الله إني لأتخير الناس، فقال: مروان تخيرته! ومعاوية تخيرته! وعبد الله بن عامر بن كريز تخيرته! وعبد الله بن سعد تخيرته! منهم من نزل القرآن بدمه، وأباح رسول الله صلى الله عليه وسلم *دمه.
قال: فانصرف عثمان، فما زال الناس مجترئين عليه إلى هذا اليوم. اليَوْمِ[5].
ولكلّ قوم وارث هاهو رأس الخوارج سيد قطب عامله الله بعدله يقرّر ذلك حيث قال : "فهم عثمان – يرحمه الله – أن كونه* إماماً يمنحه حرية التصرف في مال المسلمين بالهبة والعطية، فكان رده في كثير من الأحيان على منتقديه في هذه السياسة: "وإلا؛ ففيم كنت إماماً؟"، كما يمنحه حرية أن يحمل بني معيط وبني أمية من قرابته على رقاب الناس وفيهم الحكم طريد رسول الله، لمجرد أن من حقه أن يكرم أهله ويبرهم ويرعاهم.[6]
وطعن في عثمان وفيمن ولّاهم رضي الله عنهم طعنات غادرة فاجرة، حيث قال: في خال المؤمنين، وكاتب وحي رب العالمين معاوية رضي الله عنه الذي استعمله رسول الله*صلى الله عليه وسلم*كاتباً للوحي، واستعمله أبوبكر وعمر على الشام : "وغير المال! كانت الولايات تغدق على الولاة من قرابةة عثمان، وفيهم معاوية الذي وسع عليه عثمان في الملك فضم إليه فلسطين وحمص، وجمع له قيادة الأجناد الأربعة، ومهد له بعد ذلك أن يطلب الملكك في خلافة علي وقد جمع المال والأجناد، وفيهم الحكم بن العاص طريد رسول الله، وفيهم عبد الله بن سعد بن أبي السرح أخوه من الرضاعة... .[7]
والثمرة المرّة ، التي وصل إليها عامله بعدله ،وهي : أن أسقط خلافته رضي الله عنه بالكليّة ومدح الخوارج ممن هو على شاكلته ودربه ، حيث قال : "ونحن نميل إلى اعتبار خلافة علي امتداداً طبيعياً لخلافة الشيخين قبله، وأن عهد عثمان كان فجوة بينهما"[8]
وقال : وأخيراً ثارت الثائرة على عثمان واختلط فيها الحق بالباطل، والخير بالشر،ولكن لابد لمن ينظر إلى الأمور بعين الإسلام ، ويستشعر الأمور بروح الإسلام أن يقرر أن تلك الثورة في عمومها كانت أقرب إلى روح الإسلام واتجاهه من موقف عثمانأو بالأدق من موقف مروان!*).*
وإذا كنا لا نؤرخ هنا للدولة الإسلامية، ولكن للروح الإسلامي في الحكم؛ نكتفي في إبراز مظاهر التحول والانحسار في هذا الروح بإثبات ثلاث خطب".
فساق خطبتين يزعم أنهما لمعاوية رضي الله عنه، وخطبة واحدة يزعم أنها للمنصور العباسي، ثم علق عليها بقوله:
"وبذلك خرجت سياسة الحكم نهائياً عن دائرة الإسلام وتعاليم الإسلام، فأما سياسة المال؛ فكانت تبعاً لسياسة الحكم"[9]
ثم دندن حول سياسة المال، ثم قال :"وخرج الحكام بذلك نهائياً من كل حدود الإسلام في المال.[10]
الشاهد : فمن عظم شأن هذه المسألة في دين الله تعالى ، وخطر مخالفتها ، والآثار السلبية التي ترجع سلبا على الفرد والمجتمع ، وأثرها بل وآثارها الوخيمة على الأمة الإسلامية التي لا تخفى على كلّ عاقل ،فقد كثرت الأدلة في شأنها حتى تعدّت مائة دليل ، والسلفيّ الصادق المتّبع يكفيه دليل واحد ، والذي اشرئبّ قلبه بالأهواء ،وانتكست فطرته لا ينقاد ولو سردت له عشرات بل ومئات الأدلة.
والعلماء قد خصّوها وأفردوها بالتصنيف والتأليف لعظم شأنها ، وعلوّ قدرها ،ومكانتها، ومنزلتها في دين الله تعالى، وإذا تكلّموا عن هذه المسألة ذكروها في باب المعتقد ،لا في باب الفقه او المعاملات ونحو ذلك من أبواب الدين .
والأدلة الشرعية على مانحن في صدده وبيانه وإيضاحه كثيرة جدا كما ذكرت ذلك آنفا ،منها :
أولا :
قال تعالى : {ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } [النساء: 59]
وكثير من الأدلة التي جاءت في باب الإمامة والإمارة تصلح أن يستدلّ بها على عدم جواز الطعن ، والإنكار العلني على من ولّاهم ولي الأمر من أصحاب المناصب الكبيرة في الدولة ، فــ :"أولي الأمر"، كلمة تشمل كل من له سلطان ،سواء كان وزيرا ،أو مسؤولا في الدولة، فضلا أن يكون وليّا شرعيّا للبلاد.
ثانيا :
ولأنها من باب إشاعة الفاحشة بين أهل الإسلام والإيمان ،قال عز وجل : { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون } [النور: 19].
ثالثا :
ولأنها غيبة في حقّ هذا المسؤول إذا كانت حقا وصدقا ، وإلا تعدّ بهتانا وفجورا ،قال تعالى : { ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم} [الحجرات: 12].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته.[11]
رابعا :
ولأن هذه الطعن فيهم يدخل ضمنا ، بل يدخل دخولا أوليا في القالة بين الناس ,وما يترتب عليها من جرّأء ذلك من الفتن والمحن ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إن محمدا صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة القالة بين الناس.[12]
خامسا :
ولأنها تؤدّي إلى سفك الدماء ،وقتل الأبرياء ،وضياع الأمن ونحو ذلك من الفتن ،والقلائل والمحن ،قال عبدا لله بن عكيم الجهني : لا أعين على دم خليفة أبداً بعد عثمان !!
فقيل له : يا أًبا معبدٍ أًوَ أًعنت على دمه ؟
فيقول : إِني أُعِدُّ ذِكْرَ مساويه عوناً على دمِهِ.[13]
سادسا :
الإنكار العلني لا ريب فيه ولا شكّ ولا أدنى من ذلك أنه يسبب الفتن في المجتمع، ويعود أثره على الفرد والمجتمع ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : الفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء ، وهذا شأن الفتن ، كما قال تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} ،وإذاا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله .[14]
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : توزيع الأشرطة الخبيثة التي تدعو إلى الفرقة والاختلاف وسب ولاة الأمور والعلماء لا شك أنها من أعظم المنكرات.
والواجب الحذر منها سواء كانت جاءت من لندن من الحاقدين والجاهلين الذين باعوا دينهم وباعوا أمانتهم على الشيطان من جنس محمد المسعري ومن معه الذين أرسلوا الكثير من الأوراق الضارة المضلة والمفرقة للجماعة يجب الحذر منهم ويجب إتلاف ما يأتي من هذه الأوراق لأنها شر وتدعو إلى الشر وما هكذا النصيحة .
فالنصيحة تكون بالثناء على ما فعل من الخير والحث على إصلاح الأوضاع والتحذير مما وقع من الشر هذه طريقة أهل الخير الناصحين لله ولعباده. اهـ
وسئل رحمه الله مانصه : هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر؟ وما منهج السلف في نصح الولاة؟
فأجاب :ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذِكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يُفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يُوجَّه إلى الخير.[15]
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : بعض الناس ديدنه في كل مجلس يجلسه الكلام في ولاة الأمور والوقوع في أعراضهم ونشر مساوئهم وأخطائهم معرضاً بذلك عمّا لهم من محاسن أو صواب ،ولا ريب أن سلوك هذا الطريق والوقوع في أعراض الولاة لا يزيد في الأمر إلا شدة فإنه لا يحل مشكلاً ولا يرفع مظلمة إنما يزيد البلاء بلاء ويوجب بغض الولاة وكراهيتهم وعدم تنفيذ أوامرهم التي يجب طاعتهم فيها.اهـ
تنبيه :
والنصيحة لولي الأمر أو لمن ولّاه ولي الأمر من أصحاب المناصب من أهم ما يكون ، ويجب وجوبا عينيا لمن استطاع إلى ذلك سبيلا بالضوابط الشرعية ، والحدود المرعية ، فعن تميم الداري رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الدين النصيحة » قلنا لمن قال: « لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ».[16]
قال أبونعيم الأصبهاني رحمه الله : من نصح الولاة والأمراء اهتدى ومن غشهم غوى واعتدى.[17]
لكن مما يجب ذكره في مثل هذا المقام من البيان والكلام وهو أن النصيحة لولي الأمر أو نوابه تكون سرا *لا علنا ، وهذا أصل من أصول المنهج السلفي الذي خالفه أهل الأهواء والبدع، فعن عياض ابن غنم الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:* من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه.[18]
قال العلامة السندي رحمه الله : في قوله: "من أراد أن ينصح لسلطان"، أي: نصيحة السلطان ينبغي أن تكون في السِّر، لا بين الخلق.[19]اهـ
ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه، قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه: ألا تكلم عثمان؟ فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه، إلا أسمعكم؟ إني أكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من افتتحه.[20]
قال الشيخ ابن باز رحمه الله معلقاً على أثر أسامة رضي الله عنه : لما فتحوا الشرّ في زمن عثمان رضي الله عنه وأنكروا على عثمان رضي الله عنه جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية وقتل عثمان وعلي بأسباب ذلك وقتل جم كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني وذكر العيوب علناً حتى أبغض الناس ولي أمرهم وحتى قتلوه . نسأل الله العافية.
وعن سعيد بن جمهان قال: أتيت عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصر، فسلمت عليه، قال لي: من أنت؟ فقلت: أنا سعيد بن جمهان، قال: فما فعل والدك؟ قال: قلت: قتلته الأزارقة، قال: لعن الله الأزارقة، لعن الله الأزارقة، حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنهم كلاب النار» ، قال: قلت: الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها؟ قال: «بل الخوارج كلها» . قال: قلت: فإن السلطان يظلم الناس، ويفعل بهم، قال: فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة، ثم قال: «ويحك يا ابن جمهان عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم إن كان السلطان يسمع منك، فأته في بيته، فأخبره بما تعلم، فإن قبل منك، وإلا فدعه، فإنك لست بأعلم منه»”.[21]
وعن شريح بن عبيد الحضرمي قال: "جلد عياض بن غنم صاحب دارا حين فتحت، فأغلظ له هشام بن حكيم القول حتى غضب عياض، ثم مكث لياليف أتاه هشام بن حكيم فاعتذر إليه، ثم قال هشام لعياض: ألم تسمع النبي يقول: (إن من أشد الناس عذابا أشدهم عذابا في الدنياللناس)، فقال عياض بن غنم: يا هشام قد سمعنا ما سمعت ورأينا ما رأيت، أو لم تسمع رسول يقول: "من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فلا يبد له علانية، ولكن ليأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك،وإلا كان قد أدى الذي عليه"، وإنك يا هشام لأنت الجريء إذ تجترئ على سلطان الله،فهلا خشيت أن يقتلك السلطان فتكون قتيل سلطان الله تبارك وتعالى؟".
قال سعيد بن جبير قال رجلٌ لابن عباس: آمر أميري بالمعروف؟ قال: إن خفت أن يقتلك فلا تُؤنّب الإمام، فإن كنت لا بد فاعلاً، فيما بينك وبينه.[22]
قال الشوكاني رحمه الله : ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد بل كما ورد في الحديث أنه يأخذ بيده ويخلو به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله ”.[23] (58).
وسئل شيخنا صالح الفوزان حفظه الله مانصه : ما هو المنهج الصحيح في المناصحة ،وخاصة مناصحة الحكام أهو بالتشهير على المنابر بأفعالهم المنكرة ؟ أم مناصحتهم في السرّ ؟ أرجو توضيح المنهج الصحيح في هذه المسألة ؟
فأجاب حفظه الله بقوله :
العصمة ليست لأحد إلا لرسول الله ؛ فالحكام بشر يخطئون ، ولا شك أن عندهم أخطاء وليسوا معصومين ، ولكن لا نتخذ من أخطائهم مجالاً للتشهير بهم ونزع اليد من طاعتهم ، حتى وإن جاروا ، وإن ظلموا، حتى وإن عصوا ، ما لم يرتكبوا كفراً بواحاً – كما أمر بذلك النبي وإن كان عندهم معاصٍ وعندهم جور وظلم ؛ فإن الصبر على طاعتهم جمع للكلمة ووحدة المسلمين وحماية لبلاد المسلمين ، وفي مخالفتهم ومنابذتهم مفاسد عظيمة – أعظم من المنكر الذي هم عليه – يحصل ما هو أشد من المنكر الذي يصدر منهم ما دام هذا المنكر ودن الكفر ودون الشرك .
ولا نقول : إنه يسكت على ما يصدر من الحكام من أخطاء ، لا .. بل تُعالَج ، ولكن تُعالَج بالطريقة السليمة ، بالمناصحة لهم سراً ، والكتابة لهم سراً .
وليست بالكتابة التي تكتب ويوقع عليها من جمع كثير وتوزع على الناس ، هذا لا يجوز ، بل تكتب كتابة سرية فيها نصيحة وتسلمها لولي الأمر أو تكلمه شفوياً ، أما الكتابة التي تُكتب وتُصَوَّر وتُوَزَّع على الناس ؛ فهذا لا يجوز ؛ لأنه تشهير ، هذا مثل الكلام على المنابر بل هو أشد ، بل الكلام يمكن أن يُنسى ، ولكن الكتابة تبقى تتداولها الأيدي ؛ فليس هذا من الحق .
قال صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، قلنا لمن يا رسول الله ؟. قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .
وفي الحديث : إن الله يرضى لكم ثلاثاً : أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم.
وأولى من يقوم بالنصيحة لولاة الأمور هم العلماء وأصحاب الرأي والمشورة وأهل الحل والعقد ، قال - تعالى –{وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}.
فليس كل أحد من الناس يصلح لهذا الأمر ، وليس الترويج للأخطاء والتشهير بها من النصيحة في شيء ، ولا هو من منهج السلف الصالح ، وإن كان قصد صاحبها حسناً وطيباً ، وهو : إنكار المنكر - بزعمه - ، لكن ما فعله أشد منكراً مما أنكره ، وقد يكون إنكار المنكر منكراً إذا كان على غير الطريقة التي شرعها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ؛ فهو منكر ؛ لأنه لم يتبع طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم الشرعية التي رسمها ، حيث قال عليه الصلاة والسلام : من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ؛ فإن لم يستطع فبلسانه ؛ فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.
فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم الناس على ثلاثة أقسام ؛ منهم من يستطيع أن يزيل المنكر بيده وهو صاحب السلطة ولي الأمر أو من وُكِل إليه الأمر من الهيئات والأمراء والقادة..[24] اهـ
ولنختم بكلام ماتع للعلامة ابن باز رحمه الله حيق قال رحمه الله : فالنصح يكون بالأسلوب الحسن والكتابة المفيدة والمشافهة المفيدة, وليس من النصح التشهير بعيوب الناس, ولا بانتقاد الدولة على المنابر ونحوها, لكن النصح أن تسعى بكل ما يزيل الشر ويثبت الخير بالطرق الحكيمة ،وبالوسائل التي يرضاها الله عز وجل[25].
تنبيه :
وأما من رفع الزلات ، والهفوات ، والعظائم من الفساد ،والنهب في المال العام ونحو ذلك التي يقع فيها هذا الوزير أو الأمير لولي أمر البلاد ، أو ممّن دونه ممن له سلطة عليه ،فهذا من أوجب ما يكون لمن استطاع إلى ذلك سبيلا ، لكن تكون بالضوابط الشرعية ،والحدود المرعية.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه ، وهذا ما يسر الله إيراده ، ولمن عنده إفادة ، أو إشادة ، أو تعقيب فالمجال مفتوح لتعمّ الفائدة ، والله الموفقّ والهادي إلى سواء السبيل.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
13 / 08 / 1438
مكة المكرمة
_______________________________-
[1] ـ محاضرة ألقاها الشيخ بمسجد الملك فهد بالطائف بتاريخ 3-3-1415 هـ، والمادة موجودة على الموقع الرسمي للشيخ، بعنوان: (صور الخروج على الأئمة)
[2] ـ قال شيخُ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- مبيِّنًا خطورة اللسان: «الإفسادُ قد يكون باليد وقد يكون باللسان، وما يُفسده اللسان من الأديان أضعاف ما تُفسده اليد، كما أن ما يصلحه اللسان من الأديان أضعاف ما تصلحه اليد». [الصارم المسلول على شاتم الرسول (صـ 385)].
وقد سُئل شيخنا صالح الفوزان -حفظه الله-: هل الخروج على الحاكم بالقول كالخروج بالسيف سواء بسواء؟ وما الحكم بالخروج على الحاكم؟
فأجابَ:الخروج على الحاكم بالقول قد يكون أشد من الخروج بالسيف، بل الخروج بالسيف مترتب على الخروج بالقول ، الخروج بالقول خطيرٌ جدًا، ولا يجوز للإنسان أن يحث الناس على الخروج على ولاة الأمور، ويبغَّض ولاة أمور المسلمين إلى الناس، فإن هذا سبب في حمل السلاح فيما بعد والقتال، فهو أشد من الخروج بالسيف؛ لأنه يُفسِد العقيدة، ويُحرِّش بين الناس، ويُلقي العداوة بينهم، وربما يسبب حمل السلاح ، نعم.[الموقع الرسمي للشيخ، مادة بعنوان: (الخروج على الحاكم بالقول أخطر من الخروج عليه بالسيف)].
هذا، ومما يؤكِّد على أن الخروج يكون باللسان -كما يكون بالسِّنان- أنّ أهلَ العِلم ذكروا نوعًا من الخوارج، وهم الخوارج القَعَدِيَّة.
هؤلاء الخوارج القَعَدِيَّة ما خرجوا بالسيف!!، فمَن هم الخوارج القَعَدِيَّة؟!
(الخوارج القَعَدِيَّة): هم الذين يهيِّجون الناسَ على حكامهم؛ بذكر مثالبهم والتشهير بعيوبهم؛ ويزينوا الخروجَ عليهم، ولكنهم لا يرون الخروجَ بالسيف.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: «القَعَدِيَّة: الذين يزينون الخروج على الأئمة، ولا يُباشرون ذلك». [هدي الساري صـ 459].
وقال -أيضًا-: «والقعدية: قومٌ من الخَوَارِج كَانُوا يَقُولُونَ بقَوْلهمْ، وَلَا يرَوْنَ الخُرُوجَ بل يزينونه». [فتح الباري لابن حجر (1/432)].
وقال -أيضًا-: «القَعَدُ: الخوارج، كانوا لا يُرون بالحرب، بل يُنكِرون على أمراء الجور حسب الطاقة، ويدعون إلى رأيهم، ويزينون مع ذلك الخروج ويحسنونه». [تهذيب التهذيب (8/129)].
وقال في ترجمة (عِمْرَان بن حِطَّان): «كان من رءوس الخوارج من القعدية -بفتحتين-، وهم الذين يحسّنون لغيرهم الخروج على المسلمين، ولا يباشرون القتال». [الإصابة في تمييز الصحابة (5/232)] .
وقال السيوطي -رحمه الله-: «عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ مِنَ القُعْدِيَّةِ الَّذِينَ يَرَوْنَ الخُرُوجَ عَلَى الأَئِمَّةِ، وَلَا يُبَاشِرُونَ ذَلِكَ». [تدريب الراوي (1/390)].
ولهذا قال فيه الدّارقطنيّ: «متروكٌ، لسوء اعتقاده وخُبث مذهبه». [الإصابة (5/234)] .
وهؤلاء الخوارج القعدية أخبث فِرق الخوارج؛ فقد روى أبو داود في مسائل الإمام أحمد صـ271 عن عبدالله بن محمد الضعيف -أحد أئمة السلف- أنه قال : «قَعَدُ الخوارج هم أخبثُ الخوارج».
[3] ـ من تعليقه على رسالة الإمام الشوكاني: «رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين»، ( الشريط : ٢/أ )].
[4] ـ "تاريخ الطبري" (4/ 340-341)].
[5] ـ [تاريخ الطبري (4/366)] .
[6] ـ "العدالة الاجتماعية" ص (186/ الطبعة الخامسة).
[7] ـ "العدالة الاجتماعية" ص (187/ الطبعة الخامسة)، ومعناه في (ص 159/ الطبعة الثانية عشر).
[8] ـ "العدالة الاجتماعية" ص (206/ الطبعة الخامسة).
[9] ـ "العدالة الاجتماعية" (ص 200 ط الخامسة، ص 168 ط الثانية عشر).
[10] ـ العدالة الاجتماعية" (ص 199 - 200/ الطبعة الخامسة). ص 168 الطبعة الثانية عشر.
[11] ـ أخرجه مسلم (2589)
[12] ـ أخرجه مسلم (2606)
[13] ـ "سير أعلام النبلاء" (3|512)
[14] ـ منهاج السنة النبوية (4/343) .
[15] ـ [مجموع فتاوى ابن باز (8/211)].
[16] ـ أخرجه مسلم ( 55 )
[17] ـ فضيلة العادلين (140) .
[18] ـ أخرجه أحمد في (3 / 403 – 404 )، وابن أبي عاصم في "السنة" (2/ 521). وصححه الألباني في ظلال الجنة (507).
[19] ـ "حاشيته على مسند الإمام أحمد" (24/ 50):
[20] ـ أخرجه البخاري (3267) ومسلم (2989).
[21] ـ أخرجه أحمد في المسند (4/382) وابن أبي عاصم في السنة (424رقم2905) . وحسنه الألباني في "ظلال الجنة" (424) .
[22] ـ أخرجه ابن أبي الدنيا في الأمر بالمعـروف (113رقم76) والبيهقي في الشعب (13/273رقم7185،7186
[23] ـ "السيل الجرار "(4/556) .
[24] ـ "الأجوبة المفيدة"(ص :24)
[25] ـ "مجموع فتاوى ابن باز" (7 / 306)




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين مايو 06, 2024 7:12 pm عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الإثنين مارس 18, 2024 9:49 pm


صور من تعامل السلف مع الحكام
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، أما بعد:
فإن من المؤسف جهل بعض الناس عن السنن التي شرعها الشارع في التعامل مع ظلم الحكام، وخاض الكثير منهم في هذه المسألة، وأجج الناس، وهيجهم على الحكام، وجعلهم يخوضون معارك ليس لهم بها طاقة، مما أدى إلى القتل والتخريب والدمار الملاحظ في بعض المجتمعات.
وسأذكر في هذا المقال شيئاً من صور تعامل السلف مع الحكام، لعل أن يستفيد منها من يشرح الله صدره للهدى والحق.
وقبل أن أبدأ بذكر هذه الصور، أقدم بمقدمة، أذكر فيها الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ما يدل على وجوب السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين، وعدم الخروج عليهم، والصبر على أذاهم، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
الدليل من القرآن الكريم
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء:59)
الأدلة من السنة النبوية المطهرة
جاء في صحيح مسلم عن نافع قال: جاء عبد الله بن عمر رضي الله عنه إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة فقال إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثاً سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله . سمعت رسول الله يقول: ( من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلـــية) صحيح مسلم رقم( 1851).
وعن ابن عباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية). صحيح مسلم رقم( 1849).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبية أو يدعوا لعصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلته جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشا من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه). صحيح مسلم رقم( 1848).
وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي إدريس الخولاني قال: سمعت حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه يقول : ( كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يارسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير شر؟ قال : نعم فقلت : فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال : نعم وفيه دخن قلت وما دخنه ؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر فقلت : فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال : نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها فقلت: يا رسول الله فما ترى إن أدركني ذلك ؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم فقلت : فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك). صحيح مسلم رقم ( 1847).
وفي صحيح مسلم عن عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنها ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناًمن كان). صحيح مسلم باب حكم من فرق أمر المسلمين وهي مجتمعة.
قال رسول الله : ( لا تسبوا أمراءكم ولا تغشوهم ولا تبغضوهم واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب). حديث صحيح رواه ابن أبي عاصم وصححه الألباني.
وعن عياض بن غنيم رضي الله عنه قال : قال رسول الله : ( من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية وليأخذ بيده فإن سمع منه فذاك وإلا كان أدى الذي عليه). حديث صحيح رواه أحمد وابن أبي عاصم والحاكم والبيهقي وصححه الألباني
ويا للعجب من بعض شباب هذا الزمان، تذكر لهم هذه الأحاديث، فلا يقيمون لها وزناً، بل وصل الحال ببعضهم إلى الاستهزاء بها.
فتعجب لحالهم، يطالبون الحكام بتحكيم شرع الله، وهم لم يحكموا شرع الله في أنفسهم، وها هي نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، تدعو للسمع والطاعة لولاة الأمر والصبر واحتساب الأجر على أذيتهم ، وعدم الخروج عليهم، وعدم سبهم وشتمهم .
فيا شباب الإسلام، يقول الله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65) ويقول: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (المائدة:92)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة في معرض كلامه عن ذلك ما يلي :( ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لايرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة. فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته) [ منهاج السنة النبوية: 3/390].
وأما الآن أتركك – أخي القارئ – مع هذه الصور التي سطّرها لنا التاريخ:
صورة من تعامل الإمام أحمد مع ظلم الحاكم
اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله، وقالوا له: إن الأمر قد تفاقهم وفشا – يعنون إظهار القول بخلق القرآن وغير ذلك – ولا نرضى بإمرته ولا سلطنه، فناظرهم في ذلك، وقال: عليكم بالإنكار بقلوبكم ولا تخلعوا يدً من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح برٌّ، أو يُستراح من فاجر. وقال: ليس هذا بصواب ، هذا خلاف الآثار.
وقال المرذوي: سمعتُ أبا عبد الله يأمر بكف الدماء وينكر الخروج إنكاراً شديداً، وقال في رواية إسماعيل بن سعيد: الكفُّ لأنا نجدُ عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما صلوا فلا". خلافاً للمتكلمين فيجواز قتالهم كالبغاة. [الآداب الشرعية (1/237)]
صورة من وصية السلف لأبناءهم في مسألة الحكام
قال عمرو بن العاص لابنه: يا بني احفظ عني ما أوصيك به: إمامٌ عدلٌ خيرٌ من مطرٍ وابلٍ، وأسدٌ حطوم خيرٌ من إمام ظلوم، وإمام ظلومٌ غشوم خيرٌ من فتنةٍ تدوم. [الآداب الشرعية (1/238)]
توجيه ابن الجوزي حول مسألة نصح الحكام
قال ابن الجوزي: الجائز من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع السلاطين التعريف والوعظ، فأما تخشينُ القولِ نحو: يا ظالم، يا من لا يخاف الله، فإن كان ذلك يُحركُ فتنةً يتعدى شرها إلى الغير، لم يجز، وإن لم يخف إلا على نفسه فهو جائز عند جمهور العلماء.
قال: والذي أراه المنع من ذلك، لأن المقصود إزالة المنكر، وحمل السلطان بالانبساط عليه على فعل المنكر أكثر من فعل المنكر الذي قصد إزالته. قال الإمام أحمد رحمه الله: لا يُتعرض للسلطان فإن سيفهُ مسلولٌ وعصاه. [الآداب الشرعية (1/238)]
صورة من وعظ السلف بحضور الخليفة
وعظ ابن الجوزي في سنة أربع وسبعين وخمس مئة بحضور الخليفة المستضيء بأمر الله وقال: لو أني مثلتُ بين يدي السدةِ الشريفة لقلت: يا أمير المؤمنين، كُن لله سبحانه مع حاجتك إليه، كما كان لك مع غناه عنك؛ إنه لم يجعل أحداً فوقك، فلا ترضَ أن يكون أحدٌ أشكر له منك، فتصدق أمير المؤمنين بصدقات، وأطلق محبوسين. [الآداب الشرعية (1/239)]
صور من تهدئة السلف غضب الحكام
أراد المنصور خراب المدينة لإطباق أهلها على حربه مع محمد بن عبد الله بن حسن، فقال له جعفر بن محمد: يا أمير المؤمنين، إن سليمان أُعطي فشكر، وإن أيوب عليه السلام ابتلي فصبر، وإن يوسف عليه السلام قدر فغفر، وقد جعلك الله عز وجل من نسل الذي يعفون ويصفحون فطفئ غضبه وسكت. [الآداب الشرعية (1/248)]
وقال ابن عقيل في "الفنون": قال بعض أهل العلم قولاً بمحضرٍ من السلطان، فأخذ السلطان في الاحتدد عليه، وأخذ بعض من حضر يترفقُ ويسكنُ غضبه، ولم يكُ محله بحيث يشفع في مثل ذلك العالم، فالتفت العالمُ فقال للشافع: يا هذا، غضبُ هذا الصدر، وكلامه إياي بما يشق أحبُّ إلي من شفاعتك إليه، فإن غضبه لا يغُضُّ مني وهو سلطاني، وشفاعتك هي غضاضةٌ علي – وكان القائلُ حنبلياً – فأفحكم الشافع، وأرضى السلطان. [الآداب الشرعية (1/249)]
صورة من مناصحة السلف للخارجين على الحاكم
كتب المهلب بن أبي صفرة إلى ابن الأشعث يحذره ، وينهاه عن الخروج على إمامه وقال: إنك يا ابن الأشعث قد وضعت رجلك في ركاب طويل ، أبق على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، الله الله !! انظر لنفسك فلا تهلكها ، ودماء المسلمين فلا تسفكها ، والجماعة فلا تفرقها والبيعة فلا تنكثها، فإن قلت أخاف الناس على نفسي ، فالله أحق أن تخافه من الناس ، فلا تعرضها لله في سفك دم أو استحلال محرم ، والسلام عليك . [خطبة بعنوان (فتنة ابن الاشعث) للشيخ سلطان العيد]
ندم الإمام الشعبي لخروجه على الحجاج
لما هرب ابن الأشعث بعد أن أثار فتنة أهلك الحرث والنسل فقتل من أتباعه من قتل ، وأسر كثير منهم ، فقتلهم الحجاج بن يوسف ، وهرب من بقي منهم .
ومنهم عامر الشعبي الإمام الثقة ، فأمر الحجاج أن يؤتى بالشعبي فجيء به حتى دخل على الحجاج .
قال الشعبي : فسلمت عليه بالإمرة ، ثم قلت :
أيها الأمير ، إن الناس قد أمروني أن أعتذر إليك بغير ما يعلم الله أنه الحق ، ووالله لا أقول في هذا المقام إلا الحق ، قد والله تمردنا عليك وحرضنا ، وجهدنا كل الجهد ، فما كنا بالأتقياء البررة ، ولا بالأشقياء الفجرة ، لقد نصرك الله علينا ، وأظفرك بنا ، فإن سطوت فبذنوبنا ، وما جرت إليك أيدينا، وإن عفوت عنا فبحلمك ، وبعد فالحجة لك علينا .
فقال الحجاج لما رأى اعترافه وإقراره : أنت يا شعبي أحب إلي ممن يدخل علينا يقطر سيفه من دمائنا، ثم يقول ما فعلت ولا شهدت ، قد أمنت عندنا يا شعبي .
ثم قال الحجاج : يا شعبي كيف وجدت الناس بعدنا يا شعبي ؟ وكان الحجاج يكرمه قبل دخوله في الفتنة .
فقال الشعبي مخبرا عن حاله بعد مفارقته للجماعة : أصلح الله الأمـير ؛ قد اكتحـلت بعدك السـهر !! واستـوعرت السـهول !! واستجلـست الخوف !! واستحليت الهم !! وفقدت صالح الإخوان !! ولم أجد من الأمير خلفا !!
فقال الحجاج : انصرف يا شعبي ، فانصرف آمنا
وفي الختام
أقول: يا شباب الإسلام عليكم بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، والزموا العلماء، فهم ورثة الأنبياء، وكونوا سبباً لنصرة هذا الدين، ولا تكونوا سبباً لتكالب الأعداء على الإسلام والمسلمين.
والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وأن يجعلنا من المتمسكين بالكتاب والسنة على منهج سلفنا الصالح، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
منقول


أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الثلاثاء مارس 19, 2024 5:18 am



[مطوية]
مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Fetch?id=209057&d=1639939640
عواقب الثورات والخروج على الحكام
مجموعة من كبار اهل العلم
شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
الإمام ابن القيم رحمه الله
الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله
الإمام ابن باز
ابن عثيمين رحمه الله
العلامة المعلمي اليماني
الإمام الألباني رحمه
الشيخ الوادعي رحمه الل
ه

أضغط هنـــــــــــــــــــــــــا
أو
الابيض والاسود
أضغط هنــــــــــــــــــا


أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الثلاثاء مارس 19, 2024 5:45 am


كتاب
مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Alalbany-607246a879fcacade11c6ad4348395dd8e7a1ade
(وجادلهم بالتي هي أحسن) مناقشة علمية هادئة لـ 18 مسألة متعلقة بحكام المسلمين
للشيخ بندر العتيبي
مدعم بالنقل عن الإمامين عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، محمد بن صالح إبن عثيمين
الطبعة السادسة
أضغط هنــــــــــــــــا


أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الإثنين مايو 06, 2024 7:27 pm


الأدلة الشرعية على عدم جواز الخروج على ولاة الأمور من صحيح مسلم

باب وُجُوبِ طَاعَةِ الأُمَرَاءِ فِى غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَتَحْرِيمِهَا فِى الْمَعْصِيَةِ.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : نَزَلَ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ } فِى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِىٍّ السَّهْمِىِّ بَعَثَهُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- فِى سَرِيَّةٍ.

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ يَعْصِنِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِى وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِى ».

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِى عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ ».

عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ : إِنَّ خَلِيلِى أَوْصَانِى أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الأَطْرَافِ.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ : « عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلاَّ أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ ».

عَنْ عَلِىٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعَثَ جَيْشًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً فَأَوْقَدَ نَارًا وَقَالَ : ادْخُلُوهَا. فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا وَقَالَ الآخَرُونَ : إِنَّا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا : « لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ». وَقَالَ لِلآخَرِينَ قَوْلاً حَسَنًا وَقَالَ : « لاَ طَاعَةَ فِى مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِى الْمَعْرُوفِ ».

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِى الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَعَلَى أَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا لاَ نَخَافُ فِى اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ.

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَبَايَعْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِى مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ قَالَ : « إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ ».

باب فِى الإِمَامِ إِذَا أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ كَانَ لَهُ أَجْرٌ.

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَلَ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ ».

باب الْوَفَاءِ بِبَيْعَةِ الْخُلَفَاءِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِى أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ». قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ قَالَ : « تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِى عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِى لَكُمْ ».

باب الأَمْرِ بِالصَّبْرِ عِنْدَ ظُلْمِ الْوُلاَةِ وَاسْتِئْثَارِهِمْ.

عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَلاَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ : أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِى كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاَنًا فَقَالَ : « إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ ».

باب فِى طَاعَةِ الأُمَرَاءِ وَإِنْ مَنَعُوا الْحُقُوقَ.

عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِىُّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ : يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فِى الثَّانِيَةِ أَوْ فِى الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ : « اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ».

باب الأَمْرِ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ وَتَحْذِيرِ الدُّعَاةِ إِلَى الْكُفْرِ.

عَنْ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَالَ : كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِى فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِى جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ : « نَعَمْ » فَقُلْتُ : هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ ؟ قَالَ : « نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ ». قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ ؟ قَالَ : « قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِى وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِى تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ ». فَقُلْتُ : هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : « نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا » . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا . قَالَ : « نَعَمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا » . قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ ؟ قَالَ : « تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ » . فَقُلْتُ : فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ ؟ قَالَ : « فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ » .

عَنْ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ : « نَعَمْ » . قُلْتُ : هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ ؟ قَالَ : « نَعَمْ ». قُلْتُ : فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ : « نَعَمْ ». قُلْتُ : كَيْفَ ؟ قَالَ : « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ » . قَالَ : قُلْتُ : كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ » .

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ : « مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً » .

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ » .

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً » .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِىَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِى عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً » .

باب وُجُوبِ الإِنْكَارِ عَلَى الأُمَرَاءِ فِيمَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ وَتَرْكِ قِتَالِهِمْ مَا صَلَّوْا وَنَحْوِ ذَلِكَ .

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ : « إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِىَ وَتَابَعَ » . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ . أَلاَ نُقَاتِلُهُمْ ؟ قَالَ : « لاَ مَا صَلَّوْا » . أَىْ : مَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ وَأَنْكَرَ بِقَلْبِهِ .

باب خِيَارِ الأَئِمَّةِ وَشِرَارِهِمْ.

عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ » . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ . أَفَلاَ نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ ؟ فَقَالَ : « لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاَتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلاَ تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ » .

عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ » . قَالُوا : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : « لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ أَلاَ مَنْ وَلِىَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِى شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِى مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلاَ يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ » .

أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الإثنين مايو 06, 2024 7:31 pm


الرد على شبهة القائلين: إنّ الخروج لا يكونُ إلا بالسيف!!
وبيان مراد العلماء بقولهم: (الخروج بالسيف)
الحمد لله على نعمة الثبات على الإسلام والسُّنة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هداه.
أمَّا بَعْدُ:
إنّ صاحبَ هذا القول -الخروجُ لا يكون إلا بالسيف- إما أنه جاهلٌ بمذهب السلف أو كاذبٌ عليهم، فليختر لنفسه ما شاء، وأحلاهما مُرُّ؛ لأنّ أولَ خروجٍ في الإسلام كان بـ (الكلمة)!!
فإنْ كنتَ لا تدري فتلكَ مصيبةٌ ... وإنْ كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ.
فذُو الخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ الذي قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: «اتقِ اللهَ يا محمد». [البخاري (3344)، ومسلم (1064)]، وفي رواية: «اعْدِلْ يَا مُحَمَّدُ». [سنن ابن منصور (2902)، وابن ماجه (172)].
بماذا خرج؟! أم أنه ليس بخارجيّ؟!!
لقد عدَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- خارجيًا، بل إمامًا للخوارج الذين يأتون من بعده، فقال عنه: «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ». [متفق عليه، واللفظ لمسلم (1064)].
مع أن ذا الخويصرة هذا لم يُشْهِر سيفًا، ولم يُقاتِل النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وإنما قال (كلمة)!!: «اعدلْ».
وقد تتابع علماءُ الحديث في ذِكر هذا الحديث في أول أبواب ذم الخوارج وصفاتهم، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
• الإمام البخاري -رحمه الله-: ذكرَ هذا الحديث في أول باب (مَن تَرَكَ قتال الخوارج للتَّأَلُّف، وأن لا ينفرَ الناسُ عنه).
• النووي -رحمه الله-: ذكره في أول باب (ذِكر الخوارج وصفاتِهم).
• البغوي -رحمه الله-: ذكره كأول حديث في باب (قتال الخوارج والمُلحدين).
• أبو نعيم الأصبهاني -رحمه الله-: ذكره في أول باب (أصل الخوارج وصفاتهم).
ولذلك قال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين: «بل العجب أنه -يعني ذا الخويصرة- وجَّه الطعن إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وقال له: «اعدل، هذه قسمة ما أُريدَ بها وجه الله»، وهذا أكبرُ دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف، ويكون بالقول والكلام، يعني: هذا ما أخذ السيفَ على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لكنه أنكر عليه». [من تعليقه على رسالة الإمام الشوكاني -رحمهما الله-: «رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين ( الشريط : ٢/أ )]
وقد سُئل العلامة صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-: هل الخروج على الأئمة يكون بالسيف فقط، أم يدخل في ذلك الطعن فيهم، وتحريض الناس على منابذتهم والتظاهر ضدهم؟
فأجاب -حفظه الله-: «ذكرنا هذا لكم، قلنا: الخروج على الأئمة يكون بالخروج عليهم بالسيف، وهذا أشد الخروج، ويكون بالكلام: بسبِّهم، وشتمهم، والكلام فيهم في المجالس، وعلى المنابر، هذا يهيِّج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر، ويُنَقِّص قدر الولاة عندهم، هذا خروج، فالكلام خروج، نعم». [محاضرة ألقاها الشيخ بمسجد الملك فهد بالطائف بتاريخ 3-3-1415 هـ، والمادة موجودة على الموقع الرسمي للشيخ، بعنوان: (صور الخروج على الأئمة)] .
وسُئلَ العلامة عبدالعزيز الراجحي -حفظه الله-: هل الخروج على الحكام يكون بالسيف فقط, أم يكون باللسان أيضًا؟ كمَن ينتقد الظلم مثلاً, أو مَن يطالب بتغيير المنكرات علانيةً عن طريق الإعلام والقنوات الفضائية؟
فأجاب -حفظه الله-: «نعم , الخروج على الولاة يكون بالقتال وبالسيف, ويكون أيضًا بذكر المعايب ونشرها في الصحف، أو فوق المنابر، أو في الإنترنت؛ في الشبكة أوغيرها؛ لأن ذكر المعايب هذه تبغِّض الناس في الحُكّام, ثم تكون سببًا في الخروج عليهم.
أمير المؤمنين عثمان -رضي الله عنه- لما خرج عليه (الثوار) نشروا معايبه أولاً بين الناس, وقالوا: إنه خالف الشيخين الذين قبله أبو بكرٍ وعمر, وخالفهما في التكبير, وأخذ الزكاة على الخيل, وأتمَّ الصلاة في السفر, وقرّب أولياءه, وأعطاهم الولايات.. فجعلوا ينشرونها، فاجتمع (الثوار)، ثم أحاطوا ببيته وقتلوه.
فلا يجوز للإنسان أن ينشرَ المعايب, هذا نوعٌ من الخروج، فإذا نُشرت المعايب -معايب الحُكام والولاة- على المنابر، وفي الصحف، والمجلات، وفي الشبكة المعلوماتية, أبغضَ الناس الولاة وألَّبوهم عليهم, فخرج الناس عليهم». اهـ [«شرح المختار في أصول السنة» للراجحي (صـ 289)] .
وقال العلامة أحمد النجمي -رحمه الله-: «والخروجُ عليهم ينقسم إلى قسمين:
1- خروجٌ فعلي بالسيف وما في معناه.
2- خروجٌ قولي: أن يتكلمَ الإنسانُ في ولاة الأمر، ويقدحَ فيهم، ويذمهم، دعوةً إلى الخروج عليهم». اهـ [«فتح الرب الغني بتوضيح شرح السنة» للمزني (صـ 51) ] .
* بل إنّ الخروج بالسيف والسنان لابد أن يسبقه خروجٌ بالكلام واللسان، فمن المعلوم أنّ الفعلَ يسبقه الكلامُ، وأن الفتنَ العظام والحروبَ الكبيرة تبدأ -أولاً- بالكلام والتشهير، وكما قيلَ:
فإِنَّ النَّارَ بالعُودَيْنِ تُذْكَى ... وإِنَّ الحَرْبَ أَوَّلُها كَلامُ
قال العلامة المحقق ابن عثيمين -رحمه الله-: «ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال: أنه لا يمكن خروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول.
الناس لا يمكن أن يأخذوا سيوفهم يحاربون الإمام بدون شيء يثيرهم، لابد أن يكون هناك شيء يثيرهم، وهو الكلام، فيكون الخروج على الأئمة بالكلام خروجًا حقيقة، دلَّت عليه السنة، ودلّ عليه الواقع.
أما السنة فعرفتموها، وأما الواقع: فإنا نعلم علم اليقين: أن الخروج بالسيف فرعٌ عن الخروج باللسان والقول، لأن الناس لم يخرجوا على الإمام (بمجرد أخذِ السيف)، لابد أن يكون توطئة وتمهيد: قدح في الأئمة، وستر لمحاسنهم، ثم تمتلئ القلوب غيظًا وحقدًا، وحينئِذٍ يحصل البلاء». [من تعليقه على رسالة الإمام الشوكاني: «رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين»، ( الشريط : ٢/أ )].
وقد سُئل العلامة صالح الفوزان -حفظه الله-: هل الخروج على الحاكم بالقول كالخروج بالسيف سواء بسواء؟ وما الحكم بالخروج على الحاكم؟
فأجابَ: الخروج على الحاكم بالقول قد يكون أشد من الخروج بالسيف، بل الخروج بالسيف مترتب على الخروج بالقول ، الخروج بالقول خطيرٌ جدًا، ولا يجوز للإنسان أن يحث الناس على الخروج على ولاة الأمور، ويبغَّض ولاة أمور المسلمين إلى الناس، فإنّ هذا سبب في حمل السلاح فيما بعد والقتال، فهو أشد من الخروج بالسيف؛ لأنه يُفسِد العقيدة، ويُحرِّش بين الناس، ويُلقي العداوة بينهم، وربما يسبب حمل السلاح ، نعم. [الموقع الرسمي للشيخ، مادة بعنوان: (الخروج على الحاكم بالقول أخطر من الخروج عليه بالسيف)].
وسُئلَ الشيخ العلامة المجاهد ربيع بن هادي عمير المدخلي -حفظه الله-: هل يكون الخروج على ولاة الأمر بالكلام أو لابدّ من الخروج عليهم بالسيف؟
فأجاب: «بدايةُ الخروج بالكلام؛ الكلام في تهييج الناس وتثويرهم وشحنهم وإلقاء البغضاء بين الناس؛ هذه فتنة قد تكون أشدّ من السيف, ما يكون السيف إلاّ تعبيرًا عمّا في النفوس, ولهذا عبد الله بن إباض -رئيس الإباضية من القَعَدَة- يُعَدّ من الخوارج, يعني يحرِّك الناس بالكلام, وفِرقة سموها: ( القَعَدِيَّة )، وهم من الخوارج، يعني يحرِّكون الناس بالكلام. [الموقع الرسمي للشيخ - قسم الفتاوى]
فلا يُعقل من جهة النظر سيفٌ بلا لسان!!، والتاريخُ والواقع يشهدان على ذلك.
فالخروجَ على سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بدأ بالكلام: بالطعنِ فيه والتشهيرِ به -زَورًا وبهتانًا-، حتى انتهى بقتله شهيدًا صابرًا -رضي الله عنه وأرضاه-.
فها هو عبدالله بن سبإ اليهودي كان يقول لأتباعه: «إن عُثْمَان أخذها بغير حق، وهذا وَصِىّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فانهضوا في هذا الأمر فحرِّكوه، وابدءوا بالطعن عَلَى أمرائكم، وأظهروا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، تستميلوا الناس، وادعوهم إِلَى هَذَا الأمر». [تاريخ الطبري (4/ 340-341)].
فهل أفعالُ المتظاهرين والمعتصمين -(الثوار)- اليوم إلا سنة أسلافهم من الخوارج المفسدين الذين ثاروا على عثمان -رضي الله عنه- يطالبونه بالتنحي؟!!
وقد تحقق ما أراده ابن سبإ؛ فَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: «كَانَ أَوَّلَ مَنِ اجْتَرَأَ عَلَى عُثْمَانَ بِالمَنْطِقِ السَّيِّئِ جبلة ابن عَمْرٍو السَّاعِدِيَّ، مَرَّ بِهِ عُثْمَانُ وَهُوَ جَالِسٌ فِي نَدِيِّ قَوْمِهِ، وَفِي يَدِ جَبَلَةَ بْنِ عَمْرٍو جَامِعَةٌ، فَلَمَّا مَرَّ عُثْمَانُ سَلَّمَ، فَرَدَّ القَوْمُ، فَقَالَ جَبَلَةُ: لِمَ تَرُدُّونَ عَلَى رَجُلٍ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا! قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَطْرَحَنَّ هَذِهِ الجَامِعَةَ فِي عُنُقِكَ أَوْ لَتَتْرُكَنَّ بِطَانَتَكَ هَذِهِ.
قَالَ عُثْمَانُ: أى بطانة! فو الله إِنِّي لأَتَخَيَّرُ النَّاسَ، فَقَالَ: مَرْوَانُ تَخَيَّرْتَهُ! وَمُعَاوِيَةُ تَخَيَّرْتَهُ! وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ تَخَيَّرْتَهُ! وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ تَخَيَّرْتَهُ! مِنْهُمْ مَن نزل القرآن بدمه، وأباح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دَمَهُ.
قَالَ: فَانْصَرَفَ عُثْمَانُ، فَمَا زَالَ النَّاسُ مُجْتَرِئِينَ عَلَيْهِ إِلَى هَذَا اليَوْمِ». [تاريخ الطبري (4/366)] .
وقد قالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ: «لا أُعِينُ عَلَى دَمِ خَلِيفَةٍ أَبَدًا بَعْدَ عُثْمَانَ». قَالَ فَيُقَالُ لَهُ: يَا أَبَا مَعْبَدٍ أَوَ أَعَنْتَ عَلَى دَمِهِ؟ فَقَالَ: «إِنِّي لأَعُدُّ ذِكْرَ مَسَاوِيهِ عَوْنًا عَلَى دَمِهِ». [رواه ابن سعد في الطبقات (6/115)، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (6/362)، وغيرهما].
فعبد الله بن عُكَيْم لم يزد على أن ذكرَ مساوئ عثمان -رضي الله عنه-, ولكنه اعتبر ذلك من الإعانة على دمه.
قال العلامة ابن باز -رحمه الله-: «ولما فتح الخوارج الجهال بابَ الشر في زمان عثمان -رضي الله عنه- وأنكروا على عثمان علنًا؛ عظمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقُتل عثمان وعلي -رضي الله عنهما- بأسباب ذلك، وقتل جمعٌ كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني، وذكر العيوب علنًا، حتى أبغض الكثيرون من الناس ولي أمرهم وقتلوه». [مجموع فتاوى ابن باز (8/211)].
* ثم إنّ أهل السنة لم يُرَخِّصوا لرجل أن يلعنَ الأمراء أو يدعو عليهم - وهذا مجرد كلام، وليس بإشهارِ سيف -، بل إنهم يعدون الدعاءَ عليهم دليلاً على ابتداع الرجل وفساد معتقده.
قال البربهاري -رحمه الله-: (إذا رأيتَ الرجل يدعو على السلطان؛ فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح؛ فاعلم أنه صاحب سنة -إن شاء الله تعالى- ). [شرح السنة للبربهاري صـ 113].
وقَالَ الفُضَيْلُ بن عِيَاض: «لَوْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ لَمْ أَجْعَلْهَا إِلَّا فِي إِمَامٍ؛ لِأَنَّهُ إِذَا صَلُحَ الإِمَامُ أَمِنَ البِلَادُ وَالعِبَادُ». قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: «يَا مُعَلِّمَ الخَيْرِ، مَنْ يَجْتَرِئُ عَلَى هَذَا غَيْرُكَ». [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (1/193)].
وسُئل الشيخ العلامة ابن باز -رحمه الله-: هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر؟ وما منهج السلف في نصح الولاة؟
فأجابَ: ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذِكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يُفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يُوجَّه إلى الخير. [مجموع فتاوى ابن باز (8/211)].
فأين هذا ممن يقول: اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك، وأرنا فيه يومًا كيوم فرعون وهامان وقارون... إلى غير ذلك ؟!!
وللأسف: أنك ترى كثيرًا من الناس لا يرفعون أصواتهم بالتأمين في القنوت وغيره في جميع الأدعية الأخرى، كما يرفعونها ويضجُّون بها عند الدعاء على ولي أمرهم، فهل هؤلاء على ملة أهدى من ملة محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أم أنهم مفتتحو باب ضلالة؟!!
* بل قد يكون الخروجُ باللسان أشد من الخروج بالسلاح؛ فربَّ كلمةٍ لا يُلقي الرجلُ لها بالاً؛ فَيُكْتَبُ بها من أهل سخطه إلى يوم يلقاه، كما صحَّ ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ولذلك قال شيخُ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- مبيِّنًا خطورة اللسان: «الإفسادُ قد يكون باليد وقد يكون باللسان، وما يُفسده اللسان من الأديان أضعاف ما تُفسده اليد، كما أن ما يصلحه اللسان من الأديان أضعاف ما تصلحه اليد». [الصارم المسلول على شاتم الرسول (صـ 385)].
وقد سُئل العلامة صالح الفوزان -حفظه الله-: هل الخروج على الحاكم بالقول كالخروج بالسيف سواء بسواء؟ وما الحكم بالخروج على الحاكم؟
فأجابَ: الخروج على الحاكم بالقول قد يكون أشد من الخروج بالسيف، بل الخروج بالسيف مترتب على الخروج بالقول ، الخروج بالقول خطيرٌ جدًا، ولا يجوز للإنسان أن يحث الناس على الخروج على ولاة الأمور، ويبغَّض ولاة أمور المسلمين إلى الناس، فإن هذا سبب في حمل السلاح فيما بعد والقتال، فهو أشد من الخروج بالسيف؛ لأنه يُفسِد العقيدة، ويُحرِّش بين الناس، ويُلقي العداوة بينهم، وربما يسبب حمل السلاح ، نعم. [الموقع الرسمي للشيخ، مادة بعنوان: (الخروج على الحاكم بالقول أخطر من الخروج عليه بالسيف)].
* هذا، ومما يؤكِّد على أن الخروج يكون باللسان -كما يكون بالسِّنان- أنّ أهلَ العِلم ذكروا نوعًا من الخوارج، وهم الخوارج القَعَدِيَّة.
هؤلاء الخوارج القَعَدِيَّة ما خرجوا بالسيف!!، فمَن هم الخوارج القَعَدِيَّة؟!
(الخوارج القَعَدِيَّة): هم الذين يهيِّجون الناسَ على حكامهم؛ بذكر مثالبهم والتشهير بعيوبهم؛ ويزينوا الخروجَ عليهم، ولكنهم لا يرون الخروجَ بالسيف.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: «القَعَدِيَّة: الذين يزينون الخروج على الأئمة، ولا يُباشرون ذلك». [هدي الساري صـ 459].
وقال -أيضًا-: «والقعدية: قومٌ من الخَوَارِج كَانُوا يَقُولُونَ بقَوْلهمْ، وَلَا يرَوْنَ الخُرُوجَ بل يزينونه». [فتح الباري لابن حجر (1/432)].
وقال -أيضًا-: «القَعَدُ: الخوارج، كانوا لا يُرون بالحرب، بل يُنكِرون على أمراء الجور حسب الطاقة، ويدعون إلى رأيهم، ويزينون مع ذلك الخروج ويحسنونه». [تهذيب التهذيب (8/129)].
وقال في ترجمة (عِمْرَان بن حِطَّان): «كان من رءوس الخوارج من القعدية -بفتحتين-، وهم الذين يحسّنون لغيرهم الخروج على المسلمين، ولا يباشرون القتال». [الإصابة في تمييز الصحابة (5/232)] .
وقال السيوطي -رحمه الله-: «عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ مِنَ القُعْدِيَّةِ الَّذِينَ يَرَوْنَ الخُرُوجَ عَلَى الأَئِمَّةِ، وَلَا يُبَاشِرُونَ ذَلِكَ». [تدريب الراوي (1/390)].
ولهذا قال فيه الدّارقطنيّ: «متروكٌ، لسوء اعتقاده وخُبث مذهبه». [الإصابة (5/234)] .
وهؤلاء الخوارج القعدية أخبث فِرق الخوارج؛ فقد روى أبو داود في مسائل الإمام أحمد صـ271 عن عبدالله بن محمد الضعيف -أحد أئمة السلف- أنه قال : «قَعَدُ الخوارج هم أخبثُ الخوارج».
* بل إنّ الخروج على الأئمة يكون -كذلك- بالاعتقاد، ولو لم يخرج بالسيف.
قال العلامة صالح آل الشيخ -حفظه الله-:
«الخروج على ولي الأمر يكون بشيئين:
الصورة الأولى: عدم البيعة، واعتقاد وجوب الخروج عليه، أو تسويغ الخروج عليه.
وهذا هو الذي كان السلف يطعنون فيمن ذهب إليه بقولهم: (كان يرى السيف)؛ -يعني: اعتقادًا ولم يُبايِع...». [«إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل» للشيخ صالح آل الشيخ (ص 479)] .
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: «وقولُهم: (كان يرى السيفَ) يعني: كان يرى الخروجَ بالسيف على أئمة الجور، وهذا مذهبٌ للسلف قديم، لكن استقر الأمر على ترك ذلك؛ لما رأوه قد أفضى إلى أشد منه؛ ففي وقعة الحَرَّة ووقعة ابن الأشعث وغيرهما عظةٌ لمن تدبر». [تهذيب التهذيب (2/28] .
وقد ضَعَّفَ الأئمة جمعًا من الرواة، وحذَّروا منهم، وقدحوا فيهم بقولهم: (كان يرى السيف)، ومنهم -على سبيل المثال لا الحصر- (الحسن بن صالح).
فعن عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبَا مَعْمَرٍ يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ وَكِيْعٍ، فَكَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ حَسَنِ بنِ صَالِحٍ، أَمْسَكْنَا أَيْدِيَنَا، فَلَمْ نَكْتُبْ، فَقَالَ: مَا لَكُم لاَ تَكتُبُوْنَ حَدِيْثَ حَسَنٍ؟!
فَقَالَ لَهُ أَخِي بِيَدِهِ هَكَذَا، يَعْنِي: أَنَّهُ كَانَ يَرَى السَّيْفَ.
فَسَكَتَ وَكِيْعٌ. [سير أعلام النبلاء (7/364)] .
وعن بِشْر بن الحارِث قال: كَانَ زَائِدَةُ يَجْلِسُ فِي المَسْجِدِ، يُحذِّرُ النَّاسَ مِنِ ابْنِ حَيٍّ، وَأَصْحَابِه.
قَالَ: وَكَانُوا يَرَوْنَ السَّيْفَ. [سير أعلام النبلاء (7/364)] .
وَعَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: ذُكِرَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ عِنْدَ الثَّوْرِيِّ، فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ يَرَى السَّيْفَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. [سير أعلام النبلاء (7/363)] .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيُّ: لَوْ لَمْ يُولَدِ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، كَانَ خَيْراً لَهُ يَتْرُكُ الجُمُعَةَ، وَيَرَى السَّيْفَ، جَالَسْتُهُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا رَأَيتُهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَلاَ ذَكَرَ الدُّنْيَا. [سير أعلام النبلاء (7/365)] .
فتأمل -رعاكَ الله- كلَّ هذا النكير من السلف على الحسن بن صالح رغم أنه لم يخرج بالسيف قط!! قال الإمام الذهبي -رحمه الله-: (كَانَ يَرَى الحَسَنُ الخُرُوْجَ عَلَى أُمَرَاءِ زَمَانِهِ لِظُلْمِهِم وَجَوْرِهِم، وَلَكِنْ مَا قَاتَلَ أَبَداً). [سير أعلام النبلاء (7/371)] .
هذا، وقد سُئل الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله ورعاه-:
أفتى أحد الدعاة في إحدى القنوات الفضائية أن الخروج على الحاكم هو الخروج المسلح فقط لا الخروج في المظاهرات، فهل هذا الكلام صحيح؟
فأجاب:
هذا يتكلم بغير علم، الله أعلم إن كان جاهلاً فنرجو الله أن يهديه ويرده إلى الصواب، أما إن كان مغرضًا فنرجو الله أن يعامله بما يستحق، وأن يكفي المسلمين شره.
الخروج على الإمام ليس مقصورًا على حمل السلاح، بل الكلام في حق ولي الأمر وسباب ولي الأمر هذا خروجٌ عليه، هذا خروجٌ عليه وتحريضٌ عليه، وسببُ فتنةٍ وشر، فالكلام لا يقل خطورة عن السلاح، وكما قال الشاعر:
فإن النّارَ بالعودين تُذكى ... وإن الحربَ أولُها كلامُ
رُبّ كلمة أثارت حربًا ضروسًا، فالخروج على الإمام يكون بالسلاح، ويكون بالكلام، ويكون حتى بالاعتقاد: إذا اعتقد أنه يجوز الخروج على ولي الأمر فهذا شارك الخوارج، هذه عقيدة الخوارج. [ لقاء مفتوح بتاريخ 13-4-1432 هـ ]
وختامًا: مما سبق يتبين لنا أنّ الخروجَ له ثلاثُ طرقٍ:
أولاً: خروجٌ بالقلب:
وهو اعتقاد عدم الإمام، أو اعتقاد الخروج على الحكام، ومثاله: قول السلف: (كان يرى السيفَ).
ثانيًا: خروجٌ باللسان:
وهو التهييج والإثارة وذكر المثالب والمعايب، ومثاله: (الخوارج القعدية)، وأولُ خروجٍ في الإسلام كان بالكلمة وهو خروج ذي الخويصرة.
ثالثًا: خروجٌ بالسيف:
وهو الخروج بالعمل على الإمام سعيًا في قتله، أو إزالته، وهو المقصودُ أصالةً، وهو ما نصَّ عليه أئمة السنة.
وبعد هذا التفصيل نتوجه بثلاثة أسئلة لهؤلاء المشغبين المتعالمين الذين يحصرون الخروج على الحكام في السيف.
وأنا أمهلهم ثلاث سنوات أن يأتوا بجوابٍ يوافق ما أصلوه من (أنّ الخروجَ لا يكون إلا بالسيف).
السؤالُ الأول: ما معنى قول السلف: (كان يرى السيفَ)؟
السؤال الثاني: مَن هم (الخوارج القعدية)؟
السؤال الثالث: ما هو نوع الخروج الذي قام به أول خارجي في الإسلام (ذو الخويصرة التميمي) مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
الرد على شبهة نص بعض الأئمة على (الخروج بالسيف)
لقد نصَّ بعضُ الأئمة في مصنفاتهم على (الخروج بالسيف)، قال الإمام أبو بكر الإسماعيلي -رحمه الله-: (ولا يرون الخروج بالسيف عليهم). [اعتقاد أهل السنة صـ 56]، وقال الإمام أبو عثمان الصابوني -رحمه الله-: (ولا يرون الخروجَ عليهم بالسيف، وإن رأوا منهم العدولَ عن العدل إلى الجور والحيف). [عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص93)].
فظن بعضُ مَن لم يحسن الفهمَ -إنْ أحسنا الظن به- أنّ الخروجَ محصورٌ في السيف!!
ولعمري كيف يكون الخروج محصورًا في السيف وأولُ خروج في الإسلام كان بالكلمة؟!!
وكيف يكون محصورًا في السيف وأئمة السلف ذكروا -قديمًا- نوعًا من الخوارج وهم (الخوارج القعدية) الذين كانوا لا يرون الخروج بالسيف ومع ذلك عدَّهم العلماء إحدى فرق الخوارج بل أخبثها؟!!
إذن نصُّ بعض السلف في مصنفاتهم على (الخروج بالسيف) ليس حصرًا للخروج في السيف.
ويمكن تأويل كلامهم ببعض التأويلات:
أحدها:
أَنَّ نَصَّ بعض الأئمة في مصنفاتهم على (الخروج بالسيف) هذا كلامٌ مُجْمَلٌ، وكلام السلفِ في ذِكر (الخروج) في مصنفاتهم مُنْفَرِدًا عن (القتال) مُبَيِّنٌ، فَوَجَبَ العَمَلُ بِالمُبَيِّنِ وَتَنْزِيلُ المُجْمَلِ عَلَيْهِ، وإزالةُ هذه اللفظة -(الخروج بالسيف)- عن ظاهرها المقتضي للحصر.
وبمثل هذا التأويل تأوّل الإمامُ الشافعي -رحمه الله- حديث: (إنما الربا في النَّسِيئة) كما حكى ذلك عنه الإمام النووي -رحمه الله- [انظر شرح النووي على مسلم (11/25)] .
والآن إليكم: أقوالُ السلف في ذِكر (الخروج) مُنْفَرِدًا عن (القتال):
1- قال إمام أهل السنة والجماعة، الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-: (وَلَا يحل قتالُ السُّلْطَان وَلَا الخروجُ عَلَيْهِ لأحد من النَّاس، فَمَن فعل ذَلِك فَهُوَ مُبْتَدع على غير السّنة والطريق). [أصول السنة صـ 46].
2- وقال الإمام البَرْبَهارِي -رحمه الله-: (ولا يحل قتال السلطان والخروج عليه -وإن جاروا-، وذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر: (اصبر وإن كان عبدًا حبشياً)، وقوله للأنصار: (اصبروا حتى تلقوني على الحوض). وليس من السنة قتال السلطان، فإن فيه فساد الدين والدنيا). [شرح السنة للبربهاري صـ 58].
3- وقال الإمام النووي -رحمه الله-: (وَأَمَّا الخروجُ عَلَيْهِمْ -يعني: الأئمة- وَقِتَالهمْ فَحَرَام بِإِجْمَاعِ المُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانُوا فَسَقَة ظَالِمِينَ). [شرح النووي على مسلم (12/229)].
4- وقال شيخُ الإسلام ابن تَيْمِيَّة -رحمه الله-: (وَلِهَذَا كَانَ المَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الخُرُوجَ عَلَى الأَئِمَّةِ وَقِتَالَهُمْ بِالسَّيْفِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ ظُلْمٌ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ المُسْتَفِيضَةُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-). [منهاج السنة النبوية (3/391)] .
5- وقال ابن القيم -رحمه الله-: (نَهْيُهُ عَنْ قِتَالِ الأُمَرَاءِ وَالخُرُوجِ عَلَى الأَئِمَّةِ - وَإِنْ ظَلَمُوا أَوْ جَارُوا مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ، سَدًّا لِذَرِيعَةِ الفَسَادِ العَظِيمِ وَالشَّرِّ الكَثِيرِ بِقِتَالِهِمْ كَمَا هُوَ الوَاقِعُ؛ فَإِنَّهُ حَصَلَ بِسَبَبِ قِتَالِهِمْ وَالخُرُوجِ عَلَيْهِمْ أَضْعَافُ أَضْعَافِ مَا هُمْ عَلَيْهِ، وَالأُمَّةُ فِي بَقَايَا تِلْكَ الشُّرُورِ إلَى الآنِ، وَقَالَ: «إذَا بُويِعَ الخَلِيفَتَانِ فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا» سَدًّا لِذَرِيعَةِ الفِتْنَةِ). [إعلام الموقعين (3/126)] .
فتأمل -رعاكَ الله- العطفَ بين (الخروج) و(القتال).. إذًا هناك (خروج)، وهناك (قتال)؛ وهذا يدل -بجلاء- على أن الخروجَ غيرَ محصورٍ في السيف، وأنه قد يكون بقتالٍ أو بغير قتالٍ؛ فالسلفُ -رحمهم الله- بيَّنوا حرمة قتال السلطان خصوصًا والخروج عليه بأي صورةٍ من الصور عمومًا.
بل لقد صرَّحَ شيخُ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بأنّ للخروج عدة صور -ولم يشترط الخروجَ بالسيف-؛ فقال: (وَأَمَّا أَهْلُ العِلْمِ وَالدِّينِ وَالفَضْلِ فَلَا يُرَخِّصُونَ لِأَحَدِ فِيمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ: مَعْصِيَةِ وُلَاةِ الأُمُورِ، وَغِشِّهِمْ، وَالخُرُوجِ عَلَيْهِمْ: بِوَجْهِ مِنْ الوُجُوهِ كَمَا قَدْ عُرِفَ مِنْ عَادَاتِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالدِّينِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَمِنْ سِيرَةِ غَيْرِهِمْ). [مجموع الفتاوى (35/12)].
فلو كان الخروجُ محصورًا في السيف -زعموا- لما كان لكلامه (وَالخُرُوجِ عَلَيْهِمْ: بِوَجْهِ مِنْ الوُجُوهِ) معنى، فتأمل.
الثاني:
تنصيصُ بعض الأئمة في مصنفاتهم على (الخروج بالسيف)؛ إنما هو نصٌّ على أشدِّ الخروج (الخروج النهائي الأكبر)، وذلك مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ»، و«الحَجُّ عَرَفَة»، و«الدينُ النصحية»، وغيرها من النصوص.
فكما أنّ حسن الخلق أعظم خصال البر، فكذلك الخروج بالسيف هو أعظم أنواع الخروج.
وكما أن أعظم أركان الحج هو يومُ عرفة، فكذلك الخروج بالسيف هو أعظم أنواع الخروج.
قال العلامة الفقيه ابن عثيمين -رحمه الله-: (وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «إنه يخرج من ضِئْضِئ هذا الرجل مَن يحقر أحدكم صلاته عند صلاته»، يعني: مثله، وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف، ويكون بالكلام، هذا ما أَخَذَ السيفَ على الرسول -عليه الصلاة والسلام- لكنه أنكر عليه، وما يُوجد في بعض كتب أهل السنة، من أن الخروج على الإمام: هو الخروج بالسيف، فمرادهم بذلك: هو (الخروج النهائي الأكبر)، كما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- الزنا يكون بالعين، ويكون بالأُذُن، ويكون باليد، ويكون بالرِّجل، لكن الزنا الأعظم: هو زنا الحقيقة، هو زنا الفرج، ولهذا قال : «الفرج يُصدِّقه أو يُكذِّبه». فهذه العبارة من بعض العلماء: هذا مرادهم. [من تعليقه على رسالة الإمام الشوكاني -رحمهما الله-: «رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين» ( الشريط : ٢/أ )]
وقد سُئل العلامة صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-: هل الخروج على الأئمة يكون بالسيف فقط، أم يدخل في ذلك الطعن فيهم، وتحريض الناس على منابذتهم والتظاهر ضدهم؟
فأجاب -حفظه الله-: ذكرنا هذا لكم، قلنا: الخروج على الأئمة يكون بالخروج عليهم بالسيف، وهذا أشد الخروج، ويكون بالكلام: بسبِّهم، وشتمهم، والكلام فيهم في المجالس، وعلى المنابر، هذا يهيِّج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر، ويُنَقِّص قدر الولاة عندهم، هذا خروج، فالكلام خروج، نعم. [محاضرة ألقاها الشيخ بمسجد الملك فهد بالطائف بتاريخ 3-3-1415 هـ، والمادة موجودة على الموقع الرسمي للشيخ، بعنوان: (صور الخروج على الأئمة)] .
الثالث:
تنصيصُ بعض الأئمة في مصنفاتهم على (الخروج بالسيف)؛ إنما هو نصٌّ على ثمرة اللسان؛ وذلك لأن اللسان يُفضِي -ولابد- إلى السيف، فلا يُعقل من جهة النظر سيفٌ بلا لسان!!
إنّ الخروج بالسيف لا يحصل إلا بالخروج بالكلام وهو الإنكار العلني على الولاة، والتشهير بأخطائهم على المنابر، وإيغار صدور العامة عليهم، والتاريخ والواقع يشهدان على ذلك. وقد قيلَ:
فإِنَّ النَّارَ بالعُودَيْنِ تُذْكَى ... وإِنَّ الحَرْبَ أَوَّلُها كَلامُ
هذا الذي يريد الخروج بالسيف على الإمام لا يخرج إلا إذا تكلم، وإلا كيف يجتمع الناس؟!!
قال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- موضِّحًا هذا المعنى: «ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال: أنه لا يمكن خروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول.
الناس لا يمكن أن يأخذوا سيوفهم يحاربون الإمام بدون شيء يثيرهم، لابد أن يكون هناك شيء يثيرهم، وهو الكلام، فيكون الخروج على الأئمة بالكلام خروجًا حقيقة، دلَّت عليه السنة، ودلّ عليه الواقع.
أما السنة فعرفتموها، وأما الواقع: فإنا نعلم علم اليقين: أن الخروج بالسيف فرع عن الخروج باللسان والقول، لأن الناس لم يخرجوا على الإمام (بمجرد أخذِ السيف) لابد أن يكون توطئة وتمهيد: قدح في الأئمة ، وستر لمحاسنهم، ثم تمتلئ القلوب غيظًا وحقدًا، وحينئِذٍ يحصل البلاء». [من تعليقه على رسالة الإمام الشوكاني -رحمهما الله-: «رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين» ( الشريط : ٢/أ )]
وقد سُئل العلامة صالح الفوزان -حفظه الله-: هل الخروج على الحاكم بالقول كالخروج بالسيف سواء بسواء؟ وما الحكم بالخروج على الحاكم؟
فأجابَ: الخروج على الحاكم بالقول قد يكون أشد من الخروج بالسيف، بل الخروج بالسيف مترتب على الخروج بالقول، الخروج بالقول خطيرٌ جدًا، ولا يجوز للإنسان أن يحث الناس على الخروج على ولاة الأمور، ويبغَّض ولاة أمور المسلمين إلى الناس ، فإن هذا سبب في حمل السلاح فيما بعد والقتال، فهو أشد من الخروج بالسيف ، لأنه يُفسد العقيدة ويُحرَّش بين الناس ويلقي العداوة بينهم وربما يسبب حمل السلاح، نعم. [الموقع الرسمي للشيخ، مادة بعنوان: (الخروج على الحاكم بالقول أخطر من الخروج عليه بالسيف)].
وسُئلَ العلامة عبدالعزيز الراجحي -حفظه الله-: هل الخروج على الحكام يكون بالسيف فقط, أم يكون باللسان أيضًا؟ كمَن ينتقد الظلم مثلاً, أو مَن يطالب بتغيير المنكرات علانيةً عن طريق الإعلام والقنوات الفضائية؟
فأجاب -حفظه الله-: «نعم , الخروج على الولاة يكون بالقتال وبالسيف, ويكون أيضًا بذكر المعايب ونشرها في الصحف، أو فوق المنابر، أو في الإنترنت؛ في الشبكة أوغيرها؛ لأن ذكر المعايب هذه تبغِّض الناس في الحُكّام, ثم تكون سببًا في الخروج عليهم.
أمير المؤمنين عثمان -رضي الله عنه- لما خرج عليه (الثوار) نشروا معايبه أولاً بين الناس, وقالوا: إنه خالف الشيخين الذين قبله أبو بكرٍ وعمر, وخفض صوته في التكبير, وأخذ الزكاة على الخيل, وأتمَّ الصلاة في السفر, وقرّب أولياءه, وأعطاهم الولايات.. فجعلوا ينشرونها، فاجتمع (الثوار)، ثم أحاطوا ببيته وقتلوه.
فلا يجوز للإنسان أن ينشرَ المعايب, هذا نوعٌ من الخروج، فإذا نُشرت المعايب -معايب الحُكام والولاة- على المنابر، وفي الصحف، والمجلات، وفي الشبكة المعلوماتية, أبغضَ الناس الولاة وألَّبوهم عليهم, فخرج الناس عليهم. اهـ [«المختار في أصول السنة» لابن البنا شرح الراجحي (صـ 289)] .
بل لقد صرَّح بعض السلف أن مجرد ذكر مساوئ الحاكم تؤدي إلى الخروج عليه بالسلاح، فعن هلال بن أبي حميد، عن عبد الله بن عُكَيْم أبي معبد قال: «لا أُعِينُ عَلَى دَمِ خَلِيفَةٍ أَبَدًا بَعْدَ عُثْمَانَ». قَالَ فَيُقَالُ لَهُ: يَا أَبَا مَعْبَدٍ أَوَ أَعَنْتَ عَلَى دَمِهِ؟ فَقَالَ: «إِنِّي لأَعُدُّ ذِكْرَ مَسَاوِيهِ عَوْنًا عَلَى دَمِهِ». [رواه ابن سعد في الطبقات (6/115)، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (6/362)، وغيرهما].
الرابع:
تنصيصُ بعض الأئمة في مصنفاتهم على (الخروج بالسيف)؛ إنما هو من باب تعريف الشيء ببعض أفراده، وهذا مثل قولهم: (التوحيدُ: إفرادُ الله بالعبادة)، مع أنه إفرادُ الله بما يستحقه من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات.
الخامس:
هب أن الخروج المحرَّم هو الخروج المسلح فقط، فإنه من المقرر عند أهل العلم أن (الوسائل لها أحكام المقاصد)؛ فإذا كان الخروجُ بالسيف محرمًا كانت الوسائل المفضية إليه محرمةً أيضًا.
فالوسائل الموصلة للخروج الحقيقي تأخذ حكم الخروج, والشيءُ إذا حُرّم كانت الوسيلة إليه محرّمة؛ فأيُّ قولٍ، أو فعلٍ، أو اعتقادٍ، يؤدي إلى الخروج فهو خروج.
قال العلامة صالح آل الشيخ -حفظه الله-: «قال العلماء: الوسائلُ لها أحكام المقاصد؛ فإذا كان الخروج محرمًا كانت وسائله القطعية والظنية محرمةً أيضًا». [مقطع بعنوان: (الحاكم المسلم لا يجوز الخروج عليه مطلقًا لأي سببٍ من الأسباب)].
وقد عُلم بالتجربة ومن خلال أقوال أهل العلم السابقة أن الخروجَ بالسيف لابد أن يسبقه خروجٌ بالكلام.

منقول


أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الإثنين مايو 06, 2024 7:33 pm


عبرة من التاريخ لدعاة الفتن
أحداث هذه العبرة وقعت في أرض الأندلس، أما تاريخها ففي ولاية ثالث أمراء بني أمية في المغرب بعد أفول شمسهم في المشرق، في ولاية الحكم بن هشام الربضي وذلك في سنة 202هـ.
أما خبر العبرة، فقد كثر المنتسبون في زمانه إلى العلم حتى كان بقرطبة أربعة آلاف ممن يتزيا بزي العلماء، ثم انحرفت سيرة (الحَكَم) وأظهر الفسوق والفجور.
كان مقتضى الحكم الشرعي الذي هو صريح النصوص الشرعية أن يبذل العلماء جهودهم في نصح الأمير وموعظته سراً، مع الاشتغال بتعليم الناس دينهم، وقيامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب الطاقة، والسكوت عن ذكر معايب الأمير بين العامة والخاصة؛ رعاية لمصلحة اجتماع الكلمة، وبقاء الولاية، وحقن الدماء، والبعد عن أسباب الفتن، ولكن الذي حصل غير ذلك.
غلبت عليهم العاطفة الدينية، والغضب لحرمات الله ولم يضبطوها بحكم الله العليم الحكيم الذي قضى به على لسان نبيه حين قال صلى الله عليه وسلم(ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة) رواه مسلم. وحين قال صلى الله عليه وسلم( من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر ، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية) متفق عليه.
لكنهم لما رأوا ما يكرهون ما صبروا، بل نزعوا يداً من طاعة، وائتمروا ليخلعوه، ثم جيشوا الجيوش لقتاله، وقدر الله أن بلغ الأمير خبرهم، فقبض على من قدر منهم، فقتل من العلماء سبعة وسبعين، ضرب أعناقهم، ثم صلبهم.
فهاجت العامة وتأهبت للخروج.. ولم يعد ينقصها إلا شرارة لتشتعل نيران الفتنة، واتقدت الشرارة حين اختلف أحد موالي الأمير مع رجل من الرعية فقتل الرجل مولى الأمير وتحزب الناس طائفتين، واقتتلوا. فعلم أمير الأندلس(الحكم) فجمع جنوده، والتقى الصفان فهزمهم فولوا هاربين، والتقاهم جيش الأمير من خلفهم فأثخن فيهم حتى قتل منهم أربعين ألفاً، عندها أعلنوا الطاعة، وأذعنوا، وطلبوا العفو.
فعفا عنهم على أن يخرجوا من قرطبة ففعلوا ... ثم هدم ديارهم، ومساجدهم، وآثارهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولم تنته المحنة عند هذا الحد بل كان للمأساة فصل آخر في مدينة (طليطلة) حيث نزلها ألوف من أهل الربض بعد تشريدهم منها، وكانوا لا يصبرون على ظلم الأمراء بل كانوا يثبون عليهم ويخرجونهم فولّى عليهم (الحكم) أحد الدهاة الفاتكين يقال له (عمروس) فكاد لهم حتى قتل من أعيانهم خمسة آلاف رجل..
هذه واقعة واحدة من وقائع الخروج على ولاة الجور، اضطرب فيها الأمن، وسفكت الدماء، واختلفت القلوب، ودمرت الديار، وتشرد الألوف، وقتل كثير من الأخيار، وبعد ذلك كله بقي الأمير على كرسي الإمارة حتى جاءه الأجل الموعود، في وقت غير بعيد عن زمن الفتنة بل كان بين موته وبينها أربع سنين فقط ، كان الأمر قريب، فلو صبر العلماء وأتباعهم حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر لكان خيراً لهم و له، وللإسلام والمسلمين، ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.
إني أتساءل كيف لم يتعظوا بما حصل قبلهم من المآسي وهم قريبوا عهد بها حين خرج من خرج من الصالحين على ولاتهم فنتج من الشر والفساد أضعاف أضعاف ما كانوا ينقمون!!.
كيف لم يتعظوا بما حصل للقرّاء مع الحجاج بن يوسف حين ضجوا من ظلمه، وإسرافه في الدماء، فما صبروا ولكن خرجوا فكانت العاقبة وخيمة جد وخيمة، سفك بسببها من الدماء ما لا يعلمه إلا الله، و لو لم تخسر أمة الإسلام في تلك الفتنة إلا سعيد بن جبير لكفى بها خسارة (فقد مات- كما قال ميمون بن مهران- وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه) والله المستعان.
لقد جرّ تضييع أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرعية بالصبر عند رؤية ما تكره من أمرائها جرّ ويلات عظيمة على المسلمين على مدى تاريخهم الطويل. ومحنة الربض إحدى تلك الويلات والفجائع
ومع ظهور شؤم الخروج على الأئمة إلا أن الشيطان لا يزال يزين لكثير من المتحمسين للدين إثارة الفتن والقلاقل غيرة على محارم الله وشرعه فيما يزعمون.
فأين التسليم والانقياد الذي يقف بصاحبه عند حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟
وأين العقول التي تتعظ وتعتبر بما جرى لمن قبلها فلا تسلك طريق الهلكة الذي سلكوا حتى لا يكونوا عظة وعبرة لمن بعدهم؟.
من المستفيد إذا قامت سوق الفوضى في بلاد المسلمين، واختلفت كلمتهم، وتنافرت قلوبهم، وسالت دماؤهم بأيديهم؟ ، وانشغلوا بالفتن عن الإصلاح، وعن الدعوة إلى الله ، وعن الجهاد في سبيله، وعن الأخذ بأسباب العزة والرفعة والرقي؟.
إن المستفيد هم أعداء الله من الكفار والمشركين كما حصل في الأندلس نفسها التي شهدت فتنة الربض ومحنتها، وذلك بعد قرون؛ يوم صار بأس المسلمين بينهم شديداً فاهتبل العدو الفرصة فانقض عليهم فقتلهم، وشردهم، وسلبهم أرضهم (وما ربك بظلام للعبيد).
من موقع الشيخ


أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الإثنين مايو 06, 2024 8:29 pm

الطعنُ في الولاةِ باللسانِ مِنَ الخروجِ عليهِمْ

الخروج على الأئمة يكون بالكلمة كما يكون بالسيف ولاخروج بالسيف إلا ويسبقه كلام ومن المعلوم أن الفعل يسبقه الكلام، وأن الفتن العظام قد يكون أصلها كلامًا لا يبالي به قائله، وأصل الخوارج رجل قال: ((اعدل يا محمد)) ولم يُشْهِرْ سيفًا آنذاك، ثم جاء بعده مَنْ سلك منهجه في التعقُّب والإنكار؛ فكفَّر المبشَّرين بالجنة - عثمان وعليًّا وغيرهما رضي الله عنهم - وقتل أهل الإسلام، وترك أهل الأوثان!!
رعن عقبة بن وساج قال: كان صاحب لي يحدثني عن شأن الخوارج وطعنهم على أمرائهم، فحججت فلقيت عبد الله بن عمرو فقلت له: أنت من بقية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جعل الله عندك علماً، وأناس بهذا العراق يطعنون على أمرائهم ويشهدون عليهم بالضلالة. فقال لي: أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، أُتِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقليد من ذهب وفضة فجعل يقسمها بين أصحابه، فقام رجل من أهل البادية فقال: يا محمد والله لئن أمرك الله أن تعدل فما أراك أن تعدل. فقال: "ويحك، من يعدل عليه بعدي؟" فلما ولَّى قال: "ردوه رويداً" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في أمتي أخاً لهذا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيَهم، كلَّما خرجوا فاقتلوهم" ثلاثاً. (ظلال الجنة في تخريج السنة)(2/162).
وعن هلال بن ابي حميد قال:سمعت عبد الله بن عكيم يقول:
لاأعين على دم خليفة أبداً بعد عثمان فيقال له: ياأبا معبد أو أعنت على دمه؟ فيقول:إني أعد ذكر مساويه عوناً على دمه
(المعرفة والتاريخ (1/ 231 - 232))
وعن أنس بن مالك قال نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا امراءكم ولا تغشوهم ولا تبغضوهم واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب
( إسناده جيد ظلال الجنة في تخريج السنة لابن أبي عاصم )
ثم إن أهل السنة - أيضًا - لم يُرَخِّصوا لرجل أن يلعن أميرًا أو ذا سلطان، أو يدعو عليه وهذا مجرد كلام، وليس بإشهار سيف
فقد قال البربهاري إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان؛ فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح؛ فاعلم أنه صاحب سنة - إن شاء الله تعالى –
(شرح السنة)
وقال الإمام الفضيل بن عياض - رحمه الله - لو كان لي دعوة مستجابة ما صَيَّرتها إلا في الإمام، قيل له : وكيف ذلك يا أبا علي ؟، قال : متى صيرتها في نفسي لم تجزني، ومتى صيرتها في الإمام فصلاح الإمام صلاح العباد والبلاد قيل له: يا أبا علي فسِّرْ لنا هذا. قال: إذا جعلتها في نفسي لم تعدني ، وإذا جعلتها في السلطان صلح فصلح بصلاحه العباد والبلاد ( حلية الأولياء ( 8/91 ))
ويروي ذلك عن الإمام أحمد يقول: (لو أني أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان
وعن أبي الدرداء – رضي الله عنه – أنه قال :
إن أول نفاق المرء طعنه على إمامه
( البيهقي في شعب الإيمان وابن عبد البر في التمهيد )
وعن أبي اليمان الهوزني، عن أبي الدرداء – رضي الله عنه -، قال :
إياكم ولعن الولاة، فإن لعنهم الحالقة، وبغضهم العاقرة
قيل : يا أبا الدرداء ! فكيف نصنع إذا رأينا منهم ما لا نحب ؟قال اصبروا ،فإن الله إذا رأي ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت (ابن أبي عاصم في السنة )
و عن الزبرقان، قال : كنت عند أبي وائل – شقيق بن سلمة -، فجعلت أسب الحجاج، وأذكر مساويه. قال لا تسبه، وما يدريك لعله يقول : اللهم اغفر لي فغفر له (أخرج هناد في 0 الزاهيد 290)
وعن زائدة بن قدامة، قال : قلت لمنصور بن المعتمر : إذا كنت صائماً أنال من السلطان قال : لا قلت : فأنال من أصحاب الأهواء ؟ قال : نعم
( الصمت وآداب اللسان ، وأبو نعيم في الحلية )
و عن أبي إسحاق السبيعي، أنه قال :
ما سب قوم أميرهم، إلا حرموا خيره
( ابن عبد البر في التمهيد ، وأبو عمرو الداني في الفتن )
وعن معاذ بن جبل، قال :
الأمير من أمر الله – عز وجل -، فمن طعن في الأمير فإنما يطعن في أمر الله – عز وجل ( السنن الواردة في الفتن )
وعن أبي مجلز، قال :
سب الإمام الحالقة لا أقول : حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين
( كتاب الأموال لابن زنجويه)بسند حسن
وعن أبي إدريس الخولاني أنه قال إياكم والطعن على الأئمة فإن الطعن عليهم هي الحالقة، حالقة الدين ليس حالقة الشعر، ألا إن الطعانين هم الخائبون وشرار الأشرار (ابن زنجوية )
وعن ابن حكمان، أن معروفاً (الكرخي)قال :
من لعن إمامه حرم عدله
( مناقب معروف الكرخي وأخباره )
ولما خطب خالد بن عبد الله القسري يوم أن كان والياً على مكة، فقال إني والله ما أوتي بأحد يطعن على إمامه إلا صلبته في الحرم وفي
(المنتظم في تاريخ الملوك والأمم )
وعن ابن مبارك – رحمه الله تعالي قال
من استخف بالعلماء ذهبت أخرته، ومن استخف بالأمراء، ذهبت دنياه ،ومن استخف بالأخوان ذهبت مروءته
( تاريخ دمشق ابن عساكر)
و عن أبي جمرة الضبعي قال:
لما بلغني تحريق البيت خرجت غلي مكة، واختلفت إلي ابن عباس، حتى عرفني واستأنس بي، فسببت الحجاج عند ابن العباس فقال : لا تكن عوناً للشيطان
(التاريخ الكبير للبخاري)
وعن عون السهمي، قال :
أتيت أبا أمامة فقال لا تسبوا الحجاج فإنه عليك أمير ،وليس على بأمير
قوله : ليس على بأمير ، لأن أبا أمامة في الشام ،والحجاج والِ في العراق.
(التاريخ الكبير للبخاري)
عن أبي اليمان الهوزني، عن أبي الدرداء – رضي الله عنه -، قال :
إياكم ولعن الولاة، فإن لعنهم الحالقة، وبغضهم العاقرة قيل : يا أبا الدرداء ! فكيف نصنع إذا رأينا منهم ما لا نحب ؟ قال اصبروا ،فإن الله إذا رأي ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت( السنة لابن أبي عاصم )
وعن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس قال :
ذكرت الأمراء عند ابن عباس، فانبرك فيهم رجل فتطاول حتى ما رأي في البيت أطول منه. فسمعت ابن عباس يقول لا تجعل نفسك فتنة للقوم الظالمين فتقاصر حتى ما أري في البيت أقصر منه. (مصنف ابن أبي شيبة)
وعن المصبح الجهني الحمصي، قال : جلست إلي نفر من أصحاب رسول الله وفيهم شداد أبن أوس، قال : فقالوا : إن رسول الله ( قال : إن الرجل ليعمل بكذا وكذا من الخير ،وإنه لمنافق قالوا : وكيف يكون منافقاً وهو مؤمن ؟ قال يلعن أئمته ويطعن عليهم
(ابن بشران في أمالية )
وعن زياد بن كسيب العدوى قال : كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر – وهو يخطب وعليه ثياب رقاق – فقال أبو بلال : أنظروا إلي أميرنا يلبس ثياب الفساق.
فقال أبو بكرة : اسكت، سمعت رسول الله يقول من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله (رواه الترمذي وصححه الألباني وفي الصحيحة ( 2296 )
وقال الإمام ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في تعليقه على رسالة العلامة القاضي الشوكاني - رحمه الله تعالى - رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين وقد قال الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-إنه يخرج من ضِئْضِئ هذا الرجل من يحقر أحدكم صلاته عند صلاته، يعني: مثله، وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف، ويكون بالكلام، هذا ما أَخَذَ السيفَ على الرسول - عليه الصلاة والسلام - لكنه أنكر عليه، وما يوجد في بعض كتب أهل السنة، من أن الخروج على الإمام: هو الخروج بالسيف، فمرادهم بذلك: هو الخروج النهائي الأكبر، كما ذكر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الزنى يكون بالعين، ويكون بالأُذُن، ويكون باليد، ويكون بالرجل، لكن الزنى الأعظم: هو زنى الحقيقة، هو زنى الفرج، ولهذا قال: الفرج يُصدِّقه أو يُكذِّبه
قال: فهذه العبارة من بعض العلماء: هذا مرادهم، ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال: أنه لا يمكن خروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول.
الناس لا يمكن أن يأخذوا سيوفهم يحاربون الإمام بدون شيء يثيرهم، لا بد أن يكون هناك شيء يثيرهم، وهو الكلام، فيكون الخروج على الأئمة بالكلام خروجًا حقيقة، دلَّتْ عليه السنة، ودلّ عليه الواقع. أما السنة فعرفتموها، وأما الواقع: فإنا نعلم علم اليقين: أن الخروج بالسيف فرع عن الخروج باللسان والقول، لأن الناس لم يخرجوا على الإمام بمجرد أخذِ السيف لا بد أن يكون توطئة وتمهيد: قدح في الأئمة، وستر لمحاسنهم، ثم تمتلئ القلوب غيظًا وحقدًا، وحينئِذٍ يحصل البلاء (الشريط 2/أ.)
وقد سئل صاحب الفضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله تعالى -: هل الخروج على الأئمة يكون بالسيف فقط، أم يدخل في ذلك الطعن فيهم، وتحريض الناس على منابذتهم والتظاهر ضدهم ؟
فأجاب - حفظه الله تعالى - بقوله: ذكرنا هذا لكم، قلنا: الخروج على الأئمة يكون بالسيف، وهذا أشد الخروج، ويكون بالكلام: بسبهم، وشتمهم، والكلام فيهم في المجالس، وعلى المنابر، هذا يهيج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر، وينقص قدر الولاة عندهم، فالكلام خروج(الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية)
وقد قال فضيلة الشيخ صالح بن غانم السدلان - رحمه الله تعالى جوابًا عن سؤال على من قَصَرَ الخروج على ما إذا كان بالسيف، وظن أن التهييج بالكلام ليس خروجًا!!
فقال - رحمه الله تعالى هذا السؤال مهم، فالبعض من الإخوان قد يفعل هذا بحسن نية، معتقدًا أن الخروج إنما يكون بالسلاح فقط، والحقيقة أن الخروج لايقتصر على الخروج بقوة السلاح، أو التمرد بالأساليب المعروفة فقط، بل إن الخروج بالكلمة أشد من الخروج بالسلاح، لأن الخروج بالسلاح والعنف لا يُرَبِّيه إلا الكلمة، فنقول للأخوة الذين يأخذهم الحماس، ونظن منهم الصلاح - إن شاء الله تعالى -: عليهم أن يتريثوا، ونقول لهم: رويدًا، فإن صَلَفكم وشدتكم تربي شيئًا في القلوب، تربي القلوب الطرية التي لاتعرف إلا الاندفاع، كما أنها تفتح أمام أصحاب الأغراض أبوابًا، ليتكلموا وليقولوا ما في نفوسهم- إن حقًّا، وإن باطلًا -.
ولا شك أن الخروج بالكلمة، واستغلال الأقلام بأي أسلوب كان، أو استغلال الشريط، أو المحاضرات، والندوات في تحميس الناس على غير وجه شرعي؛ أعتقد أن هذا أساس الخروج بالسلاح، وأُحَذِّر من ذلك أشد التحذير، وأقول لهؤلاء: عليكم بالنظر إلى النتائج، وإلى من سبقكم في هذا المجال، لينظروا إلى الفتن التي تعيشها بعض المجتمعات الإسلامية، ما سببها؟ وما الخطوة التي أوصلتهم إلى ما هم فيه ؟! فإذا عرفنا ذلك؛ ندرك أن الخروج بالكلمة، واستغلال وسائل الإعلام، والاتصال للتنفير والتحميس والتشديد؛ يربي الفتنة في القلوب(مراجعات في فقه الواقع السياسي والفكري)
وعلى كل حال فإن مجرَّد التحريض على السلطان المسلم ـ وإن كان فاسقا ـ صنعة الخوارج
قال ابن حجر في وصف بعض أنواع الخوارج: " والقَعَدية الذين يُزَيِّنون الخروجَ على الأئمة ولا يباشِرون ذلك "
قلت: " قَعَدُ الخوارج هم أخبث الخوارج ".
فأيّ الخطباء اليوم سَلِم من هذه البدعة ولاسيما منهم الذين يخطبون من الناس ولذلك قال الشيخ صالح السدلان فيهم:
فالبعض من الإخوان قد يفعل هذا بحسن نية معتقدا أن الخروج إنما يكون بالسلاح فقط
والحقيقة أن الخروج لا يقتصر على الخروج بقوة السلاح، أو التمرد بالأساليب المعروفة فقط بل إن الخروج بالكلمة أشد من الخروج بالسلاح لأن الخروج بالسلاح والعنف لا يُرَبِّيه إلا الكلمة فنقول للأخوة الذين يأخذهم الحماس، ونظن منهم الصلاح إن شاء الله تعالى عليهم أن يتريثوا وأن نقول لهم رويدا فإن صلفكم وشدتكم تربي شيئا في القلوب تربي القلوب الطرية التي لا تعرف إلا الاندفاع كما أنها تفتح أمام أصحاب الأغراض أبوابا ليتكلموا وليقولوا ما في أنفسهم إن حقا وإن باطلا .
وبهذا يعلم أن إثارة الرعية على الولاة وتأليب العامة عليهم داء عضال، تجب المبادرة إلي كيه وورم خبيث يتعين استئصاله لئلا يستفحل فيخرج خبثه، فتسحتكم البلية، وتعظم الرزية، ولا ينفع الندم عندئذ. فإن المثير والمثبط كفارة السد إن تركت أغرقت العباد والبلاد وأشعت في الأرض الفساد. فيتعين على الناس عموماً : التكاتف لدفع المثير الساعي إلي الفتنة ،وعزله كما تعزل الجرباء، ونفيه من المجتمع كل حسب جهده وطاقته. وهذا من أفضل الأعمال وأجل القرب إلي الله تعالي، إذ به يندفع شر عظيم وتطفأ فتنة عمياء. نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
نقلا عن كتاب معاملة الحكام للشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله
أعدها
رائد أبو الكاس
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الإثنين مايو 06, 2024 9:09 pm


الإجماع على حرمة الخروج على الحكام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد فهذه نُقول عن أهل العلم فيها التصريح بلفظ الإجماع, أو بنفي الخلاف, على تحريم الخروج على الحاكم وأنّ طاعته خير.
1. قال المزني (264هـ) « والطاعة لأولي الأمر فيما كان عند الله عز وجل مرضيا واجتناب ما كان عند الله مسخطا وترك الخروج عند تعديهم وجورهم...هذه مقالات وأفعال اجتمع عليها الماضون الأولون من أئمة الهدى»(1).
2. قال الترمذي (279هـ): « باب ما جاء في نكث البيعة...عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا فَإِنْ أَعْطَاهُ وَفَى لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَفِ لَهُ "(2)هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَعَلَى ذَلِكَ الأَمْرُ بلا اختلاف»(3).
قال ابن بطّال: « في هذا الحديث وعيد شديد في الخروج على الأئمة ونكث بيعتهم ...»(4).
قال القاضي عياض:« لأنّ فيه الخروج على الأئمة وشق العصا وإثارة الفتن»(5).
3. قال أبو الحسن الأشعري (324هـ) « وأجمعوا على السمع والطاعة لأئمة المسلمين وعلى أن كل من ولي شيئاً من أمورهم عن رضى أو غلبة وامتدت طاعته من بَرٍّ وفاجر لا يلزم الخروج عليهم بالسيف جار أو عدل»(6).
4. نقل أبو بكر ابن مجاهد (324 هـ) في هذه المسألة الإجماع(7).
5. قال ابن بطّال (449هـ): « في هذه الأحاديث حجّة في ترك الخروج على أئمة الجور، ولزوم السمع والطاعة لهم والفقهاء مجمعون على أنّ الإمام المتغلِّب طاعته لازمة ما أقام الجُمعات والجهاد، وأنّ طاعته خير من الخروج عليه »(8).
6. قال ابن القطّان (628هـ) «وأجمعوا أنّ السمع والطاعة واجبة لأئمة المسلمين.
وأجمعوا على أن كلّ من ولي شيئًا من أمورهم - عن رضا أو غلبة - واشتدت وطأته من بر وفاجر لا يلزمهم الخروج عليهم بالسيف، جاروا أو عدلوا»(9).
7. قال النووي (676هـ): «وأمّا الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته وأجمع أهل السنة أنّه لا ينعزل السلطان بالفسق»(10).
8. قال الطيبي (743هـ): « وأمّا الخروج عليهم وتنازعهم فمحرم بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين»(11).
9. قال الرملي (1004هـ): «يحرُم الخروج على ولى الأمر وقتاله بإجماع المسلمين»(12).


-----------------------------
(1) شرح السنة.(84-89).
(2) متفق عليه: البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الأحكام، باب من بايع رجلا لا يبايعه إلا للدنيا.(رقم: 7212).(9 /79)، مسلم، المسند الصحيح، كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار، والمن بالعطية، وتنفيق السلعة بالحلف، وبيان الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.(رقم : 108).(1 /103).
(3) سنن الترمذي.(4 /150-151).
(4) شرح صحيح البخاري.(8 /279).
(5) إكمال المعلم.(6 /41).
(6) رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب.(168-169).
(7) انظر إكمال المعلم للقاضي عياض.(6 /247).
(8) شرح صحيح البخاري.(10 /8).
(9) الإقناع.(60).
(10) المنهاج.(12 /229).
(11) الكاشف عن حقائق السنن.(8 /2560).
(12) غاية البيان شرح زبد ابن رسلان.(15).


أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الإثنين مايو 06, 2024 9:18 pm


إعلام الحائر بحرمة الخروج على الحاكم الجائر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد :
فلقد قرأت كلاما خاويا ليس له أثارة من علم ، خطه من ينسب نفسه لطلاب العلم!! ليس فيه سوى التذرع بأن المسألة فيها خلاف بين السلف و العلماء، وكأن المسألة لا يصار إلها إلا بإزالة هذا الخلاف .
فأقول وبالله التوفيق:
أولا:
إِنَّ من المتفَقِ عَليهِ بَيْنَ العُلَماءِ قَاطبَةً الرَّدّ إِلى الله وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عِندَ التَّنَازُعِ، وأنَّ كُلَّ قَوْلٍ خَالَفَهُما مَرْدُودٌ على صَاحِبهِ كَائِناً مَنْ كَان، لِقَوْلِه تَعَالَى: ﮋ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِﮊ وقَوْلِه : [ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ].
وغَايةُ مَا يُقَالُ فِي المسْأَلَةِ عَلَى سَبِيل التَّنَزُّل للْمُخَالِفِ: إنَّه تَنَازَعَ فيهَا السَّلَف!! ؛ فَوَجَبَ الرَّدُّ إلى الكِتَاب والسُّنّة، ومَا أَجْمَعَتْ علَيه الأُمَّة، ولاشكَّ أنَّ السُّنَّة المستَفِيضَة عَلى خِلاَفِ الخُروجِ على الحُكَّام الظلَمَة مَا لم نَرَ كُفْراً بَوَاحاً.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلام:
«وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحَدٍ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ، وَدَلِيلٌ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ ذَلِكَ تُقَرَّرُ مُقَدِّمَاتُهُ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا بِأَقْوَالِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ؛ فَإِنَّ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ يُحْتَجُّ لَهَا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ»( 2).
وَقَالَ الخَطَّابِي : «وَلَيْسَ الاخْتِلاف حُجَّة، وَبَيَانُ السُّنَّةِ حُجَّة عَلَى المُخْتَلِفِينَ مِنَ الأَوَّلِينَ وَ الآخِرِين»(3 ).
ثانياً إجْمَاعُ عُلَمَاء الأُمَّة عَلَى حُرْمَةِ الخُرُوجِ
وَقَدْ نَقَل إِجْماعَ الأُمَّةِ عَلَى حُرْمَةِ الخُروجِ عَلَى الحَاكِمِ الجَائِر جَمْعٌ مِن أَهْلِ العِلْمِ المحَقّقِينَ، وَإِلَيْكَ أَقْوَالهم مَعْزُوَّةً إِلَى مَضَانّها:
قَالَ الإمَامُ أَحْمَد بنُ حَنْبَل: « أَجْمَعَ سَبْعُونَ رَجُلاً مِن التَّابِعِينَ وأَئِمَّةِ المسْلِمِينَ وَأَئِمَّة السَّلَفِ وفُقَهاء الأَمْصَارِ، عَلى أنَّ السُّنّة التي تُوُفّي عَلَيْهَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ... ـ وَذَكَر مِنْهَاـ : والصّبر تحتَ لِوَاء السُّلطان عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ عَدْلٍ أو جَوْرٍ، ولا نَخرُج عَلَى الأُمرَاء بالسَّيْفِ وَإنْ جَارُوا»(4 ).
وقَالَ الإمَام أبُو الحَسَن الأشْعَرِي:
«الإجمَاعُ الخَامِسُ وَالأرْبَعُونَ:
وَأَجْمَعُوا عَلى السَّمْعِ والطَّاعَةِ لِأئِمَّةِ المسْلِمِينَ وَعَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ شَيْئاً مِنْ أُمورِهِم عَنْ رِضَى أَوْ غَلبَةٍ وامتَدَّتْ طاعَتُه مِن بَرّ وفَاجرٍ لاَ يَلْزَمُ الخرُوج عَلَيْهِم بِالسَّيْفِ جَارَ أَو عَدَلَ، وعَلَى أَنْ يَغْزُوا مَعَهُم العَدُو، ويحجّ مَعهم البَيت، وتُدفَع إِلَيهِمْ الصَّدَقَات إِذَا طَلَبُوهَا ويُصَلَّى خَلْفَهُم الجُمع والأَعْيَاد»(5 ).
وقَال الإمَام المُزَنِي صَاحِب الإمَام الشَّافِعِي:
«وَالطَّاعَة لأُولي الْأَمر فِيمَا كَانَ عِنْد الله عَزَّ وَجل مَرْضِيًّا وَاجْتنَاب مَا كَانَ عِنْد الله مسخطا وَتَركُ الْخُرُوج عِنْد تَعَدِّيهِم وَجَوْرِهِمْ وَالتَّوْبَة إِلَى الله عز وَجل كَيْمَا يعْطف بهم على رَعِيَّتِهِمْ»( 6).
ثُمَّ قَال بَعْدُ :
«هَذِه مَقَالاتٌ وأَفْعَالٌ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا الماضُونَ الْأَوَّلونَ مِن أَئِمَّة الْهدَى وَبِتَوْفِيقِ الله اعْتَصَمَ بهَا التابعون قدْوَة ورِضَى وَجَانَبُوا التَّكَلُّف فِيمَا كفوا فسُدِّدُوا بِعَوْنِ الله وَوُفِّقُوا لم يَرْغَبُوا عَن الِاتِّبَاع فيقَصّرُوا وَلم يُجَاوِزُوهُ تَزَيُّدا فيعتدوا فَنحْن بِالله واثِقُون وَعَلِيهِ مُتَوكِّلُون وَإِلَيْهِ فِي اتِّبَاع آثَارِهِم رَاغِبُونَ»( 7).
وقَالَ ابْنُ بَطَّة رَحِمَه الله: «وقَدْ أجْمَعَت العُلماءُ مِن أَهْلِ الفِقْهِ والعِلْم والنُّسَّاك والعُبَّاد والزُّهَّاد مِن أوَّل هَذِهِ الأُمَّةِ إلى وَقْتِنَا هَذا: أنَّ صلاةَ الجمُعَة وَالعِيدَيْنِ ومِنَى وعَرَفَات وَالغَزْو مَع كلِّ أَميرٍ بَرٍ وفَاجِرٍ... والسَّمْع والطَّاعَة لِمن وَلُّوه وَإنْ كَانَ عَبْداً حَبَشِياً إِلا فِي مَعْصِيةِ الله تَعَالى، فَلَيْسَ لمخْلُوقٍ فِيهَا طَاعَة»( 8).
وقَالَ ابنُ المُنْذِر: «كُلَّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ كَالْمُجْمِعِينَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ السُّلْطَانِ لِلْآثَارِ الْوَارِدَةِ بِالْأَمْرِ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِ وَتَرْكِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ»( 9).
وقَالَ الإِمَامُ النَّوَوِي رحمه الله: « أَمَّا الْخُرُوجُ عَلَيْهِمْ وَقِتَالُهُمْ فَحَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً ظَالِمِينَ، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْتُهُ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ السُّلْطَانُ بِالْفِسْقِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ، وَحُكِيَ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ أَيْضًا فَغَلَطٌ مِنْ قَائِلِهِ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ. قَالَ الْعُلَمَاءُ وَسَبَبُ عَدَمِ انْعِزَالِهِ وَتَحْرِيمِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْفِتَنِ وَإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَفَسَادِ ذَاتِ الْبَيْنِ فَتَكُونُ الْمَفْسَدَةُ فِي عَزْلِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي بَقَائِهِ »( 10).
ثُمَّ نَقَل الإِمَام النَّوَوِي عَن القَاضِي عِيَاض قَوْله: « وَقَالَ جَمَاهِيرُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَالْمُتَكَلِّمِينَ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ وَالظُّلْمِ وَتَعْطِيلِ الْحُقُوقِ وَلَا يُخْلَعُ وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَلْ يَجِبُ وَعْظُهُ وَتَخْوِيفُهُ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي وَقَدِ ادَّعَى أَبُو بَكْرِ بْنُ مُجَاهِدٍ فِي هَذَا الْإِجْمَاعَ وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ هَذَا بِقِيَامِ الحَسَن( 11) وبن الزُّبَيْرِ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ وَبِقِيَامِ جَمَاعَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَالصَّدْرِ الْأَوَّلِ عَلَى الحَجَّاجِ مَعَ ابْنِ الأشْعَث وتَأَوَّلَ هَذا القَائِل قَولَه أَنْ لا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ فِي أَئِمَّةِ الْعَدْلِ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ قِيَامَهُمْ عَلَى الْحَجَّاجِ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الْفِسْقِ بَلْ لِمَا غَيَّرَ مِنَ الشَّرْعِ وَظَاهَرَ مِنَ الْكُفْرِ قَالَ الْقَاضِي وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الْخِلَافَ كَانَ أَوَّلًا ثُمَّ حَصَلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ»( 12).
قَالَ شَيْخُ الإسْلاَمِ ابْن تَيْمِيَّةَ :«وَلِهَذَا (اِسْتَقَرَّ) أمْرُ أَهْل السُّنَّة عَلَى تَرْكِ القِتَال في الفِتْنَة للأحَادِيثِ الصَّحِيحَة الثَّابِتَة عن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وصَارُوا يَذْكُرُونَ هَذَا في عَقَائِدِهِم ويأمرون بالصَّبرِ على جور الأئِمَّة وترك قِتَالهِم وإنْ كَانَ قَد قَاتَلَ في الفِتْنَة خلقٌ كثيرٌ مِن أهل العِلْمِ والدِّينِ»( 13).
وقَالَ الحُسَيْن بْنُ عَبْدِ الله بن مُحَمد الطَيبِي: « وأمَّا الخُرُوجُ عَلَيْهِمْ وَتنَازعهِم (هكذا) فَمُحرَّمٌ بِإِجْمَاعِ المسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً ظَالِمينَ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ السُنَّة عَلَى أَنَّ السُّلْطَانَ لاَ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ؛ لِتَهْيِجِ الفِتَنِ فِي عَزْلِهِ، وَإِرَاقَة الدِّمَاءِ، وَتَفَرُّق ذَاتِ البَيْنِ، فَتَكُونُ المفْسَدَةُ فِي عَزْلِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي بَقَائِهِ »( 14).
وقَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في ترجمة : الحَسَن بْن صَالِح بن حَي»: وقَوْلهم : »وَكَانَ يَرَى السَّيْفَ » يعني أنَّهُ كَانَ يرَى الخرُوجَ بِالسَّيْف عَلى أَئِمَّة الجوْرِ , وَهَذَا مَذْهَبٌ للسَّلَفِ قَدِيمٌ!!( 15). لكنَّ» اسْتَقَرَّ» الأمرُ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ لِما رَأَوْهُ قد أَفْضَى إِلَى أَشَدَّ منه؛ فَفِي وَقْعَةِ الحرّة وَوَقْعَة ابن الأَشْعَث وغيرهما عِظةٌ لمنْ تَدَبَّر!»( 16).
وَقَالَ ابْنُ القَطَّان الفَاسِي : »و أَجْمَعُوا أَنَّ السَّمْعَ و الطَّاعَةَ وَاجِبَة لِأَئِمَّة المسْلِمِين، وَ أَجْمَعُوا عَلَى أنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِن أُمُورِهِم عَن رِضَا أَوْ غَلَبةٍ وَاشْتَدَّتْ وَطْأَتُهُ مِنْ بَرّ وَ فَاجِرٍ لاَ يَلْزَمهُم الخُرُوجُ عَلَيْهم بِالسَّيْفِ، جَارُوا أَوْ عَدلُوا».(17 )
تحرير القول في خروج بعض السلف:
وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بَعْضُهُمْ بِمُنَازَعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، وبِقِيَامِ الحُسَيْن بنِ عَلِي رَضَيَ اللهُ عَنْهُ، وكَذَلكَ بِقِيَامِ بَعْضِ التَّابِعِينَ رَحِمَهم الله مَعَ ابن الأَشْعَث عَلَى الحَجَّاج بْن يُوسف الثَّقَفِي.
وَلِلرَّدِّ عَلَى هَذِهِ الشُّبْهَةِ نَقُولُ:
أَوَّلاً:
أنَّ الأحَادِيثَ الوَارِدَة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ المتَضَافِرَة وَالتِي سَبَقَ نَقْلُهَا آنِفاً تَمْنعُ صَرَاحةً الخُرُوجَ وَلَوْ ظَلَمَ و فَسَقَ و عَصَى، ولم تَسْتَثْنِ إلاَّ الكُفْرَ الصَّرِيحَ. فَيَكُون هَذَا اجْتِهَاد مِنْهُم في مُقَابِل تِلْكَ النُّصُوصِ، فَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مُقَدَّمٌ على قَوْلِ وفِعْلِ كُلِّ أَحِدٍ حتَّى لوْ كَانَ مِن الصَّحَابَةِ رَضَيَ اللهُ عَنْهُم. قال تعالى:[ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ].
ثُمَّ لِيُعْلَم أَنَّ ذَلِكَ الخِلافَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تُقَرّرَ وتُدوَّن عَقَائِدُ أَهْلِ السُّنَّةِ والجمَاعَةِ، وَلما بُيِّنَت العَقَائِد وقُرِّرَتْ وَأَوْضَحَهَا الأَئِمَّةُ وتَتَبَّعُوا فِيهَا الأَدِلَّة وَقَرَّرُوهَا، تَتَابَعَ الأَئِمَّةُ أَهْلُ الحدِيثِ وَ السُّنَّةِ عَلَى ذَلِكَ دُونِ خِلاَفٍ بَيْنَهُم، كَما سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ فَتَنبَّه.
ثانيا:
أَنَّ الذِينَ خَرَجُوا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى الحُكَّامِ؛ لَمْ يُحْمَدُوا بِخُرُوجِهِمْ، وَلَم يَنْقُلْ العُلَماءُ خُرُوجَهُمْ عَلَى وَجْهِ المنَاقِبِ!؛ وَإِنَّما نَقَلُوهُ عَلَى وَجْهِ التَّخْطِئَة مَع اعْتِذَارِهِمْ لِكَوْنِ خَطَأهم مَغْفُورٌ لاجْتِهَادِهِم، ولَيْسَ مَعْنَى أَنَّنَا اِلْتَمَسْنَا لهُمْ العُذرَ فَعَدَدْنَاهُم مُتأوِّلِينَ أَوْ مُجتَهِدِينَ؛ لَيْسَ مَعْنَى ذَلكَ أَنَّنَا نُبَرِّرُ ما فَعَلُوا، أو نَصْبِغُه بِصِبْغَة الشَّرْعِ؛ حَاشَا وكَلاَّ!.فَخُرُوجُهُمْ كَانَ -بِلاَ شَكٍّ- خَطَأ مِنْهُم، وهَذَا الخَطَأُ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ والإِجْمَاعِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَمَّن وَقَعَ مِنْهُ هذا الخطأ.فلا حُجَّة لِقَوْلِ أحَدٍ -كائنًا مَنْ كَانَ - في مُقَابِل النُّصُوصِ الشَّرعِيَّة (القَاطِعَة).
قَالَ شَيْخُ الإِسْلامِ فِي مَعْرِضِ ذِكْرِهِ مَفَاسِد خُرُوجِ الحُسَيْنِ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ وَغَيْره:
» وَأَمَّا أَهْلُ الْحَرَّةِ وَابْنُ الْأَشْعَثِ وَابْنُ الْمُهَلَّبِ وَغَيْرُهُمْ فَهُزِمُوا وَهُزِمَ أَصْحَابُهُمْ، فَلَا أَقَامُوا دِينًا وَلَا أَبْقَوْا دُنْيَا. وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَأْمُرُ بِأَمْرٍ لَا يَحْصُلُ بِهِ صَلَاحُ الدِّينِ وَلَا صَلَاحُ الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانَ فَاعِلُ ذَلِكَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ وَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَلَيْسُوا أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يُحْمَدُوا مَا فَعَلُوهُ مِنَ الْقِتَالِ، وَهُمْ أَعْظَمُ قَدْرًا عِنْدَ اللَّهِ وَأَحْسَنُ نِيَّةً مِنْ غَيْرِهِمْ.
وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْحَرَّةِ كَانَ فِيهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ خَلْقٌ. وَكَذَلِكَ أَصْحَابُ ابْنِ الْأَشْعَثِ كَانَ فِيهِمْ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُمْ [كُلِّهِمْ] ... وَكَانَ أَفَاضِلُ الْمُسْلِمِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْخُرُوجِ وَالْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ، كَمَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُمْ يَنْهَوْنَ عَامَ الْحَرَّةِ عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى يَزِيدَ، وَكَمَا كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا يَنْهَوْنَ عَنِ الْخُرُوجِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ. وَلِهَذَا اسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَصَارُوا يَذْكُرُونَ هَذَا فِي عَقَائِدِهِمْ، وَيَأْمُرُونَ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الْأَئِمَّةِ وَتَرْكِ قِتَالِهِمْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَاتَلَ فِي الْفِتْنَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ.
وَبَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ يَشْتَبِهُ بِالْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِهِ. وَمَنْ تَأَمَّلَ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الثَّابِتَة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَاعْتَبَرَ أَيْضًا اعْتِبَارَ أُولِي الْأَبْصَارِ، عَلِمَ أَنَّ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ النَّبَوِيَّةُ خَيْرُ الْأُمُورِ... وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ إِنَّمَا يَأْمُرُ بِالصَّلَاحِ لَا بِالْفَسَادِ، لَكِنَّ الرَّأْيَ يُصِيبُ تَارَةً وَيُخْطِئُ أُخْرَى.
فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا قَالَهُ أُولَئِكَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْخُرُوجِ لَا مَصْلَحَةُ دِينٍ وَلَا مَصْلَحَةُ دُنْيَا، بَلْ تَمَكَّنَ أُولَئِكَ الظَّلَمَةُ الطُّغَاةُ مِنْ سِبْطِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَتَلُوهُ مَظْلُومًا شَهِيدًا، وَكَانَ فِي خُرُوجِهِ وَقَتْلِهِ مِنَ الْفَسَادِ مَا لَمْ يَكُنْ حَصَلَ لَوْ قَعَدَ فِي بَلَدِهِ، فَإِنَّ مَا قَصَدَهُ مِنْ تَحْصِيلِ الْخَيْرِ وَدَفْعِ الشَّرِّ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ، بَلْ زَادَ الشَّرُّ بِخُرُوجِهِ وَقَتْلِهِ، وَنَقَصَ الْخَيْرُ بِذَلِكَ، وَصَارَ ذَلِكَ سَبَبًا لِشَرٍّ عَظِيمٍ. وَكَانَ قَتْلُ الْحُسَيْنِ مِمَّا أَوْجَبَ الْفِتَنَ، كَمَا كَانَ قَتْلُ عُثْمَانَ مِمَّا أَوْجَبَ الْفِتَنَ.
وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ مَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الْأَئِمَّةِ وَتَرْكِ قِتَالِهِمْ وَالْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ هُوَ أَصْلَحُ الْأُمُورِ لِلْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَأَنَّ مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا أَوْ مُخْطِئًا لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ صَلَاحٌ بَلْ فَسَادٌ، ولهَذَا أَثْنَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى الحَسَن بِقَوْلِهِ»: إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَينَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَينِ مِنَ المسْلِمِين» وَلَمْ يُثْنِ عَلَى أَحَدٍ لَا بِقِتَالٍ فِي فِتْنَةٍ وَلَا بِخُرُوجٍ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَلَا نَزْعِ يَدٍ مِنْ طَاعَةٍ وَلَا مُفَارَقَةٍ لِلْجَمَاعَةِ.
وَأَحَادِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الثَّابِتَةُ فِي الصَّحِيحِ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى هَذَا... وَهَذَا يُبَيِّنُ .. وَأَنَّ مَا فَعَلَهُ الْحَسَنُ مِنْ ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ فَضَائِلِهِ وَمَنَاقِبِهِ الَّتِي أَثْنَى بِهَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ الْقِتَالُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا لَمْ يُثْنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَحَدٍ بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ. وَلِهَذَا لَمْ يُثْنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَحَدٍ بِمَا جَرَى مِنَ الْقِتَالِ يَوْمَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ فَضْلًا عَمَّا جَرَى فِي الْمَدِينَةِ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَمَا جَرَى بِمَكَّةَ فِي حِصَارِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَا جَرَى فِي فِتْنَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ وَابْنِ الْمُهَلَّبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفِتَن( 18)«.
ثالثا:
أنَّ ما فَعَله الحُسَين لمْ يَكُنْ خرُوجاً؛ لأَنَّهُ لَم يَكُن قَدْ بَايَعَ ليَزِيدَ أَصْلاً، فَإِنَّه لم يَكُنْ يَرَى شَرْعِيَّة تَوْلِيَة يَزِيدَ الخِلافَةَ، ولِذَا أَبَى أَنْ يُبَايِعَ لِيَزِيدَ، قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ : »وَلَمَّا أُخِذَتِ الْبَيْعَةُ لِيَزِيدَ فِي حَيَاةِ مُعَاوِيَةَ، كَانَ الْحُسَيْنُ مِمَّنِ امْتَنَعَ مِنْ مُبَايَعَتِهِ هُوَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍٍ«( 19)، وبَقِيَ مُعْتَزِلاً فِي مَكَّةَ حَتَّى جَاءَتْ إِلَيْهِ رُسُل أَهْلِ الكُوفَةِ تَطْلُبُ مِنْهُ القُدُومَ، فَلَمّا رَأَى كَثْرَةَ المبَايِعِينَ ظَنَّ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ أَهْلَ الكُوفَةَ لا يُرِيدُونَ يَزِيدَ فَخرَجَ إِلَيْهِم.
وَمِمّا يَزِيدُ الأَمْرَ وُضُوحًا أَنَّ الحُسَيْنَ اعْتَذَرَ فِي خُرُوجِهِ «أَنَّهُ قَدْ كَتَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ إِمَامٌ، وَإِنْ أَنْتَ قَدِمْتَ عَلَيْنَا بَايَعْنَاكَ وَقَاتَلْنَا مَعَكَ»( 20) .
وَهُوَ مَعَ هَذَا مَا خَرجَ لِقِتَالٍ، قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَم : «وَالْحُسَيْنُ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ مَا خَرَجَ يُرِيدُ الْقِتَالَ، وَلَكِنْ ظَنَّ أَنَّ النَّاسَ يُطِيعُونَهُ، فَلَمَّا رَأَى انْصِرَافَهُمْ عَنْهُ، طَلَبَ الرُّجُوعَ إِلَى وَطَنِهِ، أَوِ الذَّهَابَ إِلَى الثَّغْرِ، أَوْ إِتْيَانَ يَزِيدَ، فَلَمْ يُمَكِّنْهُ أُولَئِكَ الظَّلَمَةُ لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا [وَلَا مِنْ هَذَا]، وَطَلَبُوا أَنْ يَأْخُذُوهُ أَسِيرًا إِلَى يَزِيدَ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ مَظْلُومًا شَهِيدًا، لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ ابْتِدَاءً أَنْ يُقَاتِلَ»(21 ).
وقَالَ: «وَأَحَادِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الَّتِي يَأْمُرُ فِيهَا بِقِتَالِ الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ ; فَإِنَّهُ ت لَمْ يُفَرِّقِ الْجَمَاعَةَ، وَلَمْ يُقْتَلْ إِلَّا وَهُوَ طَالِبٌ لِلرُّجُوعِ إِلَى بَلَدِهِ، أَوْ [إِلَى] الثَّغْرِ، أَوْ إِلَى يَزِيدَ، دَاخِلًا فِي الْجَمَاعَةِ، مُعْرِضًا عَنْ تَفْرِيقِ الْأُمَّةِ . وَلَوْ كَانَ طَالِبُ ذَلِكَ أَقَلَّ النَّاسِ لَوَجَبَ إِجَابَتُهُ إِلَى ذَلِكَ، فَكَيْفَ لَا تَجِبُ إِجَابَةُ الْحُسَيْنِ إِلَى ذَلِكَ؟! وَلَوْ كَانَ الطَّالِبُ لِهَذِهِ الْأُمُورِ مَنْ هُوَ دُونَ الْحُسَيْنِ لَمْ يَجُزْ حَبْسُهُ وَلَا إِمْسَاكُهُ، فَضْلًا عَنْ أَسْرِهِ وَقَتْلِهِ»( 22).
إِذَنْ فَآخِرُ الأَمْرَيْنِ مِن الحُسَيْنِ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ هُوَ تَرْكُ الخُرُوجُ ـ هَذَا إنْ كَانَ خُرُوجا تَنَزلاً ـ، وَلُزُومُ جَمَاعَةِ المسْلِمِينَ.وَبِهَذَا يَتَّضِحُ فَسَادَ مَنْ اسْتَدَلَّ بِخُرُوجِ الحُسَيْنِ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ بِمَا لاَ يَدَعُ مَجَالاً لِلشَّكّ.
وقال: « وَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: إِنَّ عَلِيًّا وَالْحُسَيْنَ إِنَّمَا تَرَكَا الْقِتَالَ [فِي آخِرِ الْأَمْرِ] لِلْعَجْزِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَنْصَارٌ، فَكَانَ فِي الْمُقَاتَلَةِ قَتْلُ النُّفُوسِ بِلَا حُصُولِ الْمَصْلَحَةِ الْمَطْلُوبَةِ.
قِيلَ لَهُ: وَهَذَا بِعَيْنِهِ هُوَ الْحِكْمَةُ الَّتِي رَاعَاهَا الشَّارِعُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى الْأُمَرَاءِ، وَنَدَبَ إِلَى تَرْكِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ، وَإِنْ كَانَ الْفَاعِلُونَ لِذَلِكَ يَرَوْنَ أَنَّ مَقْصُودَهُمُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، كَالَّذِينَ خَرَجُوا بِالْحَرَّةِ وَبِدَيْرِ الْجَمَاجِمِ عَلَى يَزِيدَ وَالْحَجَّاجِ وَغَيْرِهِمَا»(23 ).
رَابِعًا:
أَنَّ ابْنَ الزُّبَير والحُسَيْن قَدْ خَالَفَهُم فِي ذَلِكَ عَامَّة الصَّحَابَةِ رَضَيَ اللهُ عَنْهُم أَجْمَعِينَ، كَما أَنْكَر بَعْضُ كِبَار التَّابِعِينَ عَلَى مَنْ خَرَجَ مَع ابْنِ الأَشْعَث.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَم ابْنِ تَيْمِيّة:
«وَكَانَ أَفَاضِلُ المسْلِمِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْخُرُوجِ وَالْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ، كَمَا كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُمْ يَنْهَوْنَ عَامَ الْحَرَّةِ عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى يَزِيدَ، وَكَمَا كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا يَنْهَوْنَ عَنِ الْخُرُوجِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ»( 24).
وفيما يلي بيان لمخالفة الصحابة للحُسَيْنِ وابن الزُّبَيْر رَضَيَ اللهُ عَنْهُم أجمعين:
* عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ المَدِينَةِ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ، حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ، فَقَالَ: « إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ» وَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي لاَ أَعْلَمُ غَدْرًا أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُنْصَبُ لَهُ القِتَالُ، وَإِنِّي لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ، وَلاَ بَايَعَ فِي هَذَا الأَمْرِ، إِلَّا كَانَتِ الفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ».(25 ).
* عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «اسْتَشَارَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ فِي الْخُرُوجِ فَقُلْتُ: لَوْلَا أَنْ يُزْرَى بِي وَبِكَ لَشَبِثْتُ يَدِي فِي رَأْسِكَ»(26 ).
* وأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: « يَا ابْنَ عَمِّ، إِنَّهُ قَدْ أَرْجَفَ النَّاسُ أَنَّكَ سَائِرٌ إِلَى الْعِرَاقِ، فَبَيِّنْ لِي مَا أَنْتَ صَانِعٌ. فَقَالَ: إِنِّي قَدْ أَجْمَعْتُ الْمَسِيرَ فِي أَحَدِ يَوْمَيَّ هَذَيْنِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَخْبِرْنِي إِنْ كَانَ قَدْ دَعَوْكَ بَعْدَ مَا قَتَلُوا أَمِيرَهُمْ وَنَفَوْا عَدُوَّهُمْ وَضَبَطُوا بِلَادَهُمْ، فَسِرْ إِلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ أَمِيرُهُمْ عَلَيْهِمْ قَاهِرًا لَهُمْ، وَعُمَّالُهُ تَجْبِي بِلَادَهُمْ، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا دَعَوْكَ لِلْفِتْنَةِ وَالْقِتَالِ، وَلَا آمَنُ عَلَيْكَ أَنْ يَسْتَنْفِرُوا إِلَيْكَ النَّاسَ، فَيَكُونُ الَّذِينَ دَعَوْكَ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَيْكَ» ( 27).
* وعن الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضَيَ اللهُ عَنْهُما ، أَنَّهُ كَانَ بِمَاءٍ لَهُ، فَبَلَغَهُ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَى الْعِرَاقِ، فَلَحِقَهُ عَلَى مَسِيرَةِ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ لَهُ: الْعِرَاقَ. وَإِذَا مَعَهُ طَوَامِيرُ وَكُتُبٌ. فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبُهُمْ وَبَيْعَتُهُمْ. فَقَالَ: لَا تَأْتِهِمْ. فَأَبَى، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا ; إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَخَيَّرَهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ، وَلَمْ يُرِدِ الدُّنْيَا، وَإِنَّكَ بَضْعَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَاللَّهِ لَا يَلِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ أَبَدًا، وَمَا صَرَفَهَا اللَّهُ عَنْكُمْ إِلَّا لِلَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ. فَأَبَى أَنْ يَرْجِعَ. قَالَ: فَاعْتَنَقَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَبَكَى وَقَالَ: أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ مِنْ قَتِيلٍ».(28 ).
* وقَالَ لَهُمَا ابْنُ عُمَرَ ـ أَيْ لِلْحُسين وَابْنِ الزُّبَير ـ : «اتَّقِيَا اللَّهَ، وَلَا تُفَرِّقَا بَيْنَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ».
* وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: «غَلَبَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى الْخُرُوجِ، وَقَدْ قُلْتُ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ وَالْزَمْ بَيْتَكَ، وَلَا تَخْرُجْ عَلَى إِمَامِكَ».
* وَقَالَ أَبُو وَاقَدٍ اللِّيثِيُّ: «بَلَغَنِي خُرُوجُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَأَدْرَكْتُهُ بِمَلَلٍ، فَنَاشَدْتُهُ اللَّهَ أَنْ لَا يَخْرُجَ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِي غَيْرِ وَجْهِ خُرُوجٍ، إِنَّمَا خَرَجَ يَقْتُلُ نَفْسَهُ. فَقَالَ: لَا أَرْجِعُ».
* وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: «كَلَّمْتُ حُسَيْنًا فَقُلْتُ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَضْرِبِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، فَوَاللَّهِ مَا حُمِدْتُمْ مَا صَنَعْتُمْ. فَعَصَانِي».
* وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: « لَوْ أَنَّ حُسَيْنًا لَمْ يَخْرُجْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ».( 29).
* عن سليمان ابن عَلِيٍّ الرَّبْعِيُّ قَالَ: « لَمَّا كَانَتِ الْفِتْنَةُ فِتْنَةُ ابْنِ الأَشْعَثِ إِذْ قَاتَلَ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ انْطَلَقَ عُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْغَافِرِ وَأَبُو الْجَوْزَاءِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ فِي نَفَرٍ مِنْ نُظَرَائِهِمْ فَدَخَلُوا عَلَى الْحَسَنِ فَقَالُوا: يَا أبا سعيد ما تقول في قتال هذه الطَّاغِيَةِ الَّذِي سَفْكَ الدَّمَ الْحَرَامَ وَأَخَذَ الْمَالَ الْحَرَامَ وَتَرَكَ الصَّلاةَ وَفَعَلَ وَفَعَلَ؟ قَالَ: وَذَكَرُوا مِنْ فِعْلِ الْحَجَّاجِ. قَالَ:
فَقَالَ الْحَسَنُ: «أَرَى أَنْ لا تُقَاتِلُوهُ فَإِنَّهَا إِنْ تَكُنْ عُقُوبَةً مِنَ اللَّهِ فَمَا أَنْتُمْ بِرَادِّي عُقُوبَةِ اللَّهِ بِأَسْيَافِكُمْ. وَإِنْ يَكُنْ بَلاءً «فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ ... وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ». قَالَ: فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ وَهُمْ يَقُولُونَ: نُطِيعُ هَذَا العِلْجَ! قَالَ: وَهُمْ قَوْمٌ عَرَب. قَالُوا: وَخَرَجُوا مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ. قَالَ: فَقُتِلُوا جَمِيعًا».( 30).
* وَهَاهُوَ الشَّعْبِيُّ يَعْتَرِفُ بِما صَنَعَ بَعْدَ أَنْ خَلَعَ البَيْعَةَ ودَخَلَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، قَالَ:
«أَيُّهَا الْأَمِيرُ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَمَرُونِي أَنْ أَعْتَذِرَ إِلَيْكَ بِغَيْرِ مَا يَعْلَمُ اللهُ أَنَّهُ الْحَقُّ، وَايْمُ الله لَا أَقُولُ فِي هَذَا الْمَقَامِ إِلَّا الْحَقَّ، قَدْ وَالله تمَرَّدْنَا عَلَيْكَ، وَحَرَّضْنَا وَجَهَدْنَا كُلَّ الْجَهْدِ، فَمَا آلَوْنَا، فَمَا كُنَّا بِالْأَقْوِيَاءِ الْفَجَرَةِ، وَلَا بِالْأَتْقِيَاءِ الْبَرَرَةِ، وَلَقَدْ نَصَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا، وَأَظْفَرَكَ بِنَا، فَإِنْ سَطَوْتَ فَبِذُنُوبِنَا، وَمَا جَرَّتْ إِلَيْكَ أَيْدِينَا، وَإِنْ عَفَوْتَ عَنَّا فَبِحِلْمِكَ، وَبَعْدُ فَالْحُجَّةُ لَكَ عَلَيْنَا... » ( 31).
خَامِساً :
ثُمَّ إنَّ مِمنْ خَرَجَ مِنْهُمْ قَدْ نَدِمَ وتَحَسَّرَ عَلى مَا كانَ مِنْهُ عَلَى خُرُوجِهِ لِظُهُورِ غَلَطِهِ، لَيْسَ جُبْناً أَوْ خَوْفاً مِن بَطْشِ الحَجَّاج، وإنَّما الرُّجُوعُ لِلْحَقِّ الذِّي اسْتَبَانَ لَهُم، كَمَا هُوَ صَريح كَلاَمِ الإمَامِ الشَّعْبِي رَحِمَهُ اللهُ، وَغَيْره مِمَّا سَنَذْكُرُه، وَلوْ كانَ مَا فَعَلوهُ سُنَّة لَمَا نَدِمُوا ولَقَدَّمُوا أرْوَاحَهُم رَخِيصَة.
«قِيلَ لِلشَّعْبِيِّ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ: أَيْنَ كُنْتَ يَا عَامِرُ؟ قَالَ: كُنْتُ حَيْثُ يَقُولُ الشَّاعِرُ:
عَوَى الذِّئْبُ فَاسْتَأْنَسْتُ بِالذِّئْبِ إِذْ......عَوَى وَصَوَّتَ إِنْـسَانٌ فَكِـدْتُ أَطِيرُ.
أَصَابَتْنَا فِتْنَةٌ لَمْ نَكُنْ فِيهَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلَا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ»(32 ).
و رَوَى ابنُ سَعْدٍ : عَنْ حَمَّاد بْن زَيْدٍ قَالَ : « ذُكِرَ لأيُّوب السَّخْتِيَانِي القُرَّاء الذِينَ خَرَجُوا مَعَ ابنِ الأَشْعَث، فَقَالَ : لا أَعْلَمُ أَحَداً مِنْهُم قُتِلَ إِلا وَقَدْ رَغِبَ عَن مَصْرَعِه ، وَلا نَجَا أَحَدٌ مِنْهُم إِلا حَمِدَ اللهَ الذي سَلَّمَهُ ، وَنَدِمَ عَلى مَا كَانَ مِنْهُ. وقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: لما وَقَعَتْ الفِتْنَة زَمَنَ ابنِ الأشْعَث، خَفَّ مُسْلِم فِيهَا، وأَبْطَأَ الحَسن، فَارْتَفَع الحسَن، واتَّضَع مُسْلِم»( 33).
* وعَنْ عَلِيّ بْنُ عِيسَى، قَالَ: سَمِعْتُ حَنْبَلًا يَقُولُ فِي وِلَايَةِ الْوَاثِقِ: اجْتَمَعَ فُقَهَاءُ بَغْدَادَ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَطْبَخِيُّ، وَفَضْلُ بْنُ عَاصِمٍ، فَجَاءُوا إِلَى أَبِي عَبْدِ الله، فَاسْتَأْذَنْتُ لَهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الله، هَذَا الْأَمْرُ قَدْ تَفَاقَمَ وَفَشَا، يَعْنُونَ إِظْهَارَهُ لِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَمَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: أَنْ نُشَاوِرَكَ فِي أَنَّا لَسْنَا نَرْضَى بِإِمْرَتِهِ، وَلَا سُلْطَانِهِ، فَنَاظَرَهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَاعَةً، وَقَالَ لَهُمْ: «عَلَيْكُمْ بِالنَّكِرَةِ بِقُلُوبِكُمْ، وَلَا تَخْلَعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ، وَلَا تَشُقُّوا عَصَا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَسْفِكُوا دِمَاءَكُمْ وَدِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مَعَكُمُ، انْظُرُوا فِي عَاقِبَةِ أَمْرِكُمْ، وَاصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ، أَوْ يُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ» ، وَدَارَ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ كَثِيرٌ لَمْ أَحْفَظْهُ وَمَضَوْا، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بَعْدَمَا مَضَوْا، فَقَالَ أَبِي لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: نَسْأَلُ الله السَّلَامَةَ لَنَا وَلِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ، وَمَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا، وَقَالَ أَبِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هَذَا عِنْدَكَ صَوَابٌ، قَالَ: لَا، هَذَا خِلَافُ الْآثَارِ الَّتِي أُمِرْنَا فِيهَا بِالصَّبِرِ»(34 ).
وفي هذا ردٌّ على مَن زَعَم أَنَّ الخُروجَ مُعَلَّلٌ بِالمصلَحةِ والمفْسَدَة.
* وهَذَا طَلْحَة بن مصرّف يَقُول: «شَهِدْتُ الجَمَاجِمَ( 35)، فما رَمَيْتُ، ولا طَعَنتُ، ولا ضَرَبتُ، وَلَوَدِدْتُ أنَّ هَذِه سَقَطتْ هَا هُنَا وَلَم أكُنْ شَهِدْتُها» ( 36).
* و«أَتَى مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ زَمَانَ ابْنِ الأَشْعَثِ نَاسٌ يَدْعُونَهُ إِلَى قِتَالِ الْحَجَّاجِ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ هَذَا الذي تدعُوني إِلَيْهِ. هَلْ يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَكُونَ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالُوا: لا. قَالَ: فَإِنِّي لا أُخَاطِرُ بَيْنَ هَلَكَةٍ أَقَعُ فِيهَا وَبَيْنَ فَضْلٍ أُصِيبُهُ»( 37).

[يتبع]

أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الإثنين مايو 06, 2024 9:18 pm

سادساً:
أَنَّ بَعْضَ الذِينَ خَرَجُوا عَلَى الحَجَّاجِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَث لَيْسَ مُوجِبُهُ الفِسْق، بَلْ كَانَ الدَّافِعُ عِنْدَهُمْ الكُفْرَ، فَقَدْ قَالَ القَاضِي عِيَاض:
«وحُجَّة الآخَرِينَ أنَّ قِيَامَهُم عَلَى الحَجَّاجِ لَيْسَ لِمجَرَّد الفِسْقِ ، بَلْ لِمَا غَيَّرَ مِنَ الشَّرْعِ وَظَاهَرَ الكُفْرَ لِبَيعَة الأَحْرَار ، وتَفْضِيلُهُ الخَلِيفَةَ عَلَى النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَقَوْلُه المشْهُور المنْكَر فِي ذَلِكَ»( 38).
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَر:« وكَفَّرُه جَماعَةٌ مِنْهُم سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ والنَّخَعِي ومُجاهِد وعَاصِم بْنُ أَبِي النَّجُود والشَّعْبِي وغَيْرِهم »( 39).
قَالَ الإِمَامُ الشَّعبِي: « أشهدُ أنه مؤمنٌ بالطَّاغوتِ، كافرٌ باللهِ ـ يعني الحجَّاج ـ»(40 ). لكنَّه تَابَ مِن ذَلك كَما سَبقَ النَّقْل عَنه.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ: اخْتَلَفُوا فِي الْحَجَّاجِ فَسَأَلُوا مُجَاهِدًا فَقَالَ: «تسألون عَنِ الشَّيْخِ الْكَافِرِ» ( 41).
وَعَنْ طَاوُوسَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «عَجَباً لإخْوَانِنَا مِنْ أهْلِ العِرَاق يُسمُّون الحَجَّاج مُؤمناً» ( 42).
وَقَالَ سَعِد بنُ جُبَيرٍ: «وَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ عَلَى الْحَجَّاجِ حَتَّى كَفَرَ»(43 ).
سابعاً:
أنَّهُ وإنْ كَانَتِ الأَدِلَّة دَلَّتْ عَلَى تَحْرِيمِ الخُرُوجِ؛ فَغَفَل عَنْهَا أَوْ تَأوَّلَهَا بَعْضُ السَّلفِ؛ فَخَرَجُوا!؛ إِلاَّ أَنَّ الإِجْمَاعَ اسْتَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَنْعِ الخُرُوجِ عَلَى الحَاكِمِ؛ إلاَّ فِي حَالَةِ الكُفْرِ الصَّرِيحِ فَقَطْ.
وَحِكَايَةُ هَذَا الإِجْمَاعِ مُتَأخِّرَة زَمَناً -وَهَذَا ظَاهِرٌ-؛ مِمَّا يُوجِبُ المصِيرَ إِلَيْهِ وَالضَّرْبَ صَفْحًا عَن فِعْلِ مَنْ خَرَجَ مِنَ السَّلفِ؛ فَالإِجْمَاعُ يَرْفَعُ الخِلاَفَ، وَالقَاعِدَةُ المُقَرَّرَةُ فِي بَابِ الإِجْمَاعِ: « أَنَّ الْمَاضِي لَا يُعْتَبَرُ وَالْمُسْتَقْبلُ لَا يُنْتَظَرُ» ( 44).
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ تَنْقُلُونَ الإِجْماعَ، وَقَدْ خَالفَ فِي هَذِهِ المسْأَلَة جَمعٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ!!
نَقُولُ كَما قَالَ العَلاَّمَة الشَّيْخُ صَالِح آل الشَّيْخِ فِي تَفْصِيلٍ مَاتعٍ:
«الإِجْماعُ الذِي يُذْكَر فِي العَقائِدِ غَيْر الإِجْماع الذِي يُذْكَرُ فِي الفِقْه .
إِجْماعُ أَهْلِ العَقَائِدِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لاَ تَجِدُ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ يَذْكرُ غَيرَ هَذَا القَوْل وَيُرَجِّحه، هَذَا مَعْنَاهُ الإجْمَاع ، وَإِذَا خَالَفَ أَحَدٌ ، وَاحِد أَوْ نَحْوهُ فَلاَ يُعَدُّ خِلافًا ، لِأَنَّهُ يُعَدُّ خَالَفَ الإِجْمَاعَ، فَلاَ يُعَدُّ قَوْلاً آخَرَ، فَنَجِدُ أَنَّهُ مَثَلاً: أَنَّهُم أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلاَ لَهُ «صُورَة» وَذَلِكَ لأَنَّهُ لاَ خِلافَ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ كُلّهمْ يُورِدُون ذَلِك ، فَأَتَى «ابْنُ خُزَيْمَة» رَحِمَهُ اللهُ تعَالَى رَحْمَةً وَاسِعَةً فَنَفَى حَدِيثَ الصُّورَةِ وَتَأَوَّلَهُ ؛ يَعْنِي حَدِيث الخَاص «أَنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَن» وحَمَلَ حَدِيثَ «خَلَقَ اللهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ» يَعْنِي عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الرَّحْمَنِ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَهَذَا عُدَّ مِنْ غَلَطَاتِهِ رَحِمَهُ اللهُ، وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ ذَلِكَ فِيهِ خِلافٌ لِلإجْمَاعِ ، أَوْ إِنَّهُ قَوْلٌ آخَر.
فَإِذَنْ الإِجْماعُ فِي العَقَائِدِ يَعْنِي أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالجَماعَةِ تَتَابَعُوا عَلَى ذِكْرِ هَذَا بِدُونِ خِلافٍ بَيْنَهُمْ، مِثْل: مَسْأَلة الخرُوجِ عَلَى أَئِمَّةِ الجَوْرِ، عَلَى وُلاةِ الجَوْرِ مِنَ المسْلِمِينَ، هَذَا كَانَ فِيهِ خِلافٌ فِيهَا عِنْدَ بَعْضِ التَّابِعِينَ وَحَصَلَتْ مِن هَذَا وَقَائِع، وَتَبَعُ التَّابِعِينَ، وَالمسْألَةُ تُذْكَر بِإجْمَاع، يُقَالُ: أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالجمَاعَةِ عَلَى أَنَّ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ وَعَدَم الخُرُوجِ عَلَى أَئِمَّةِ الجَوْرِ وَاجِبٌ، وَهَذَا مَعَ وُجُودِ الخِلافِ عِنْدَ بَعْضِ التَّابِعِينَ وَتَبع التَّابِعينَ لَكِنَّ ذَلكَ الخِلاف قَبْلَ أَنْ تقَرّرَ عَقائِد أَهْلِ السَّنةِ وَالجَماعَة، وَلَمّا بُيِّنَتْ العَقَائِدُ وَقُرِّرَتْ وَأَوْضَحَها الأَئِمَّة وتَتَبَّعُوا فِيهَا الأَدِلَّة وَقَرَّرُوهَا تَتَابعَ الأئِمَّةُ عَلَى ذَلِكَ وَأَهْلُ الحَدِيثِ دُونَ خِلافٍ بَيْنَهُمْ، فَفِي هَذِهِ المسْأَلَة بِخُصُوصِهَا رُدَّ عَلَى مَنْ سَلَكَ ذَلِكَ المسْلَكَ مِنَ التَّابِعِينَ وَمِنْ تَبَعِ التَّابِعِينَ؛ لِأَنَّ هَذَا فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلأدِلَّةِ فَيكُونُ خِلافُهم غَيْرَ مُعْتَبرٍ؛ لأَنَّهُ خِلافٌ لِلدَّلِيلِ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ الجمَاعَةِ عَلَى خِلافِ ذَلكَ القَوْل.
إِذَنْ الخُلاصَة: أَنَّ مَسْأَلَةَ الإِجْمَاعِ مَعْنَاهَا أَنْ يَتَتَابعَ العُلَماءُ عَلَى ذِكْرِ المسْأَلَةِ العَقَدِيَّة، إِذَا تَتَابَعُوا عَلَى ذِكْرِهَا بِدُونِ خِلاَفٍ فَيُقَالُ: أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَماعَةِ عَلَى ذَلِكَ »( 45).
فَتَبَيَّن مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ هَذَا الخُرُوجَ خَطأٌ مُخَالفٌ لِلنُّصُوصِ، وَقَدْ عَارَضَهُ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ، وَامْتَنَعَ كَثِيرٌ مِنَ الخُرُوجِ، وَهُمْ يَسْتَنِدُونَ فِي التَّرْكِ إِلَى سُنَّةِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، التِي تَقَدَّمَ الإشَارَة إِلَى طَرَفٍ مِنْهَا .
وَلَوْ تَنَزَّلْنَا جَدَلاً بِأَنَّهُ لاَ إِجْماعَ فِي المسْأَلَةِ، فَإِنَّ الوَاجِبَ المَصِيرَ إِلَى حَدِيثِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الصَّرِيح:« مَا لَمْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً »، فَهُوَ الفَيْصَلُ فِي هَذِهِ المسْأَلَة، وَيُعْجِبُنِي مَا قَرَّرَهُ الإِمَامُ المجَدِّدُ المحَقِّقُ الأَلْبَانِي ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ فِي مُحَاوَرَةٍ لَهُ مَعَ أحَدِ السَّائِلِينَ وَهَذَا نَصُّهَا:
قَالَ السَّائِل: « إِجْمَاعُ الأُمَّةِ عَلَى عَدَمِ الخُرُوجِ عَلَى الحَاكِمِ الفَاسِقِ، هَلْ الإِجْمَاع ُعَلَى ذَلِكَ؟
الشَّيْخُ الأَلْبَانِيّ:الخُرُوجُ عَلَى الحَاكِمِ الفَاسِق؟
السَّائِل: عَدَمُ الخُرُوجِ عَلَى الحَاكِمِ الفَاسِقِ.
الشَّيْخُ الأَلْبَانِيّ:مَا تُؤَاخِذْنِي أَنَا بِدِّي أَصَارْحَك.
السَّائِل:الله يُبَارِك فِيكَ، أَنَا أَنْقُلُ كَلاَم ـ الله يُبَارِك فِيكَ ـ فَقَطْ.
الشَّيْخُ الأَلْبَانِيّ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا، وَهَذَا أَهْوَنُ عَلَيَّ.
السَّائِل: أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ.
الشَّيْخُ الأَلْبَانِيّ:وَإِلَيْكَ.
يَا أَخِي: حَدِيثُنَا السَّابِقِ عَن الرَّسُول يَكْفِينَا، وَهُوَ مُقَيَّد أنَّ الخُرُوجَ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ بِشَرْطِ الكُفْرِ الصَّرِيحِ.
فَشُو مَعْنى حِينَئِذٍ الفَاسِق يَجُوزُ الخُرُوجُ وَلاَّ لا؟!.
شُو مَعْنَى إِجْمَاع وَلاَّ مَا إِجْمَاع؟!!
أَقُولُ لَكَ: مَا فِيهِ إِجْمَاع!
طَيِّب: أَيُّ مَسْألَةٍ فِيهَا إجْمَاع ،وَاللهُ يَقُولُ ـ وَأَنْتَ بِتْقُول عَن الرَّجُل: طَالِب عِلْم ـ فَهُوَ يَقْرَأ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﮋفَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِﮊ.
طَيِّب، اخْتَلَفَ العُلَماءُ( 46) فِي مِئَاتِ الأُلُوفِ مِن المَسَائِلِ؛ هَلْ نَخْلُصُ مِن المُشكِلَةِ إنَّه فِيهِ إجْمَاع وَلاَّ مَا فِيهِ إِجْمَاع؟!! فإِذَا كانَ الجوَابُ:مَا فيه إجْماع، خَلَصْنَا؟، وَلاَّ لجَأْنا إلى قَوْلِهِ تَعَالى؟!
إذَنْ: لماذَا يَطْرَح هَذَا السُّؤَال ذَاكَ السَّائِل؟! مَا دَامَ هُو أَمَامَ الحدِيث:« مَا لَمْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً ».
أَنَا مَا بِيْهِمْنِي كثِيراً فهْمُ المسْأَلة مِنْ جِهَة الإجْمَاع؛ لأنَّ الإجْمَاعَ فِيهِ أَقَاوِيل كثِيرَة وكَثِيرة جِدًّا.
مَا هُوَ الإجْماعُ الذِي تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ؟
هَلْ هُو إجْمَاعُ الأُمَّةِ بِكُلِّ طَبَقَاتِها؛ منْ عُلمَاء، مِنْ طُلابِ عِلْمٍ، مِنْ عَامَّة المُسْلِمِين ؟
أَمْ الإجْمَاع: هُو إِجْمَاعُ خَاصَّةِ المُسْلِمينَ وعُلَمَائِهِم؟ أمْ .. أَمْ .. إلخ .. هُو إجْمَاعُ أَهْلِ المَدِينَةِ؟ ولاَّ إِجْمَاعُ أَهْلِ الكُوفَةِ؟ ولاَّ و ... إلخ
اللهُ عزَّ وجلَّ يقُولُ: ﮋ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًاﮊ ، أَنَا أَعْتَقدُ أَنَّ طالِبَ العِلْمِ الذِي يَتَساءَل في أَيِّ مَسْالةٍ عَلَيْهَا إجْمَاعٌ أَمْ لا؟، هَذا مَا قَنَعَ بِدِلالَة ِ الآيَةِ المذْكُورةِ ـ آنِفًا ـ ﮋ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ﮊ ؛ لأَنِّي أَنَا سَأَعْكِسُ السُّؤالَ، وَ أَجْعَلُهُ عَلَى الصُّورَةِ التَّالِيَةِ:
فَأنَا أَتَسَاءلُ، وَأَقُولُ: هَلْ مِنْ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ أَنَّ رَجُلاً نَصَبَ نَفْسَهُ بِقُوَّةِ السِّلاحِ حَاكِمًا عَلَى المُسْلمِينَ، هَلْ يَجُوزُ الخُرُوجُ علَى هَذَا الخَارِجِ، والذِي نَصَبَ نَفْسَهُ حَاكِمًا عَلَى المُسْلِمِينَ؟.
الذِي نَعْرِفُه فِي كُلِّ هَذِهِ القُرُونِ أّنَّ العُلَمَاءَ يُفْتُونَ بـِ (لا، لاَ يَجُوزُ)؛ لِمَاذَا؟.
لِلمُحافَظَةِ عَلَى دِمَاءِ المُسْلِمِينَ مِنَ الفَرِيقَيْنِ، الذِينَ مَعَ الخَارِجيّ، وَالذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا عَلَى هّذَا الْخَارِجِيِّ.
..فَسَبيلُ المُؤْمِنينَ هُوَ عَدَمُ الخُرُوجِ لِلْمُحافَظَةِ عَلَى دِمَاءِ المُسْلِمِينَ.
ثُمَّ أَعُودُ إِلَى نَفْسِ السُّؤَالِ السَّابِقِ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ الخُرُوجُ عَلَى الحَاكِمِ الفَاسِقِ بِرَأْيِ أَهْلِ الحلِّ وَ العَقْدِ يَتَطَلَّبُ إِرَاقَةَ قَلِيلٍ مِنَ الدِّمَاءِ؛ كَيْفَ يَنْضَبِطُ هَذَا الْقَلِيلُ؟! وَهَلْ هَذَهِ مِن الأُمُورِ المَادِّيَّةِ التِي يُمْكِنُ لِلْإِنْسانِ أَنْ يُقَنِّنَهَا؟ وَ لاَّ هَذِهِ أُمُورٌ فَوْضَوِيَّةٌ مَحْضَة؟، فَإذَا فُتِحَ بَابُ القِتَالِ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ، مَا تَعْرِف مُنْتَهَى هَذَا القِتَال إِلَى أَيْنَ!
لِذَلِكَ فَالمَسْأَلَةُ ـ أَوَّلاً ـ : فِيهَا مُخَالَفَةٌ لِلنَّصّ الصَّرِيحِ لِلحَدِيثِ السَّابقِ ذِكْرُه: « مَا لَمْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً ».
وَ ـ ثَانِيًا ـ : لا يُمْكِنُ ضّبْطُ المَفْسَدَةِ القَلِيلَةِ حِينَمَا يُثَارُ القِتَالُ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنَ المُسْلمِينَ» ( 47).
نسأل الله القبول والإخلاص في القول والعمل، وأن نكون مفاتيح للخير مغاليق للشر.

منقول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

( 2) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (26/202).
(3 ) أَعْلامُ الحَدِيث لِلْخَطَّابِي (3/292).
( 4)جَلاءُ العَيْنَيْن في مُحاكَمَةِ الأَحْمَدَيْنِ، نُعمان بن مَحمُود الأَلُوسِي (226).
( 5)رِسَالَة لأَهْلِ الثُّغُورِ بِبَابِ الأَبْوَاب لِأَبِي الحسَن الأَشْعَرِي (168).
( 6)شَرْحُ السُّنةِ مُعْتَقَدُ إِسْماعِيل بن يَحْيَى المزَنِي (84).
(7 )شَرْحُ السُّنةِ مُعْتَقَدُ إِسْماعِيل بن يَحْيَى المزَنِي (89).
(8 )الإبَانَةُ الصُّغْرَى (ص: 279).
( 9) فَتْحُ البَارِي لابن حَجَر (5/124)، وسُبُلُ السَّلامِ (2/379).
( 10) شَرْحُ صَحِيحِ مُسْلِم لِلإمَامِ النَّوَوِي (12/229).
( 11) كذا! وصَوَابُه الحُسَين.
(12 )شَرْحُ صَحِيحِ مُسْلِم لِلإمَامِ النَّوَوِي (12/229).
( 13)مِنْهَاجُ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ لابن تَيْمِيَّة (4/ 529 (.
( 14)الكَاشِفُ عَنْ حَقَائِقِ السُّنَنِ (7/181 ـ 182).
( 15) قَالَ الشَّيْخُ صَالِح آل الشَّيْخ في شَرْحِه لِلْعَقِيدَة ِالوَاسِطِيَّةِ (2/609) مُعَلِّقاً عَلَى كَلامِ الحَافِظِ ابْن حَجَر: »وهَذَا القَوْلُ ـ مِنْ أَنَّه ثَمَّ قَوْلانِ فِيهِ لِلسَّلَفِ ـ لَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ بَل السَّلف مُتَتَابِعُون علَى النَّهْيِ عَن الخرُوجِ ، لَكِن فِعْلُ بَعْضِهِم مَا فَعَل مِن الخرُوجِ، وهذا يُنْسَبُ إليه ولا يُعَدُّ قولاً ؛ لأنَّهُ مخالفٌ للنُّصُوصُ الكَثِيرة في ذَلِكَ ، كَما أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ نَنْسِبَ إلى مَنْ أَحْدَثَ قَوْلاً فِي العَقَائِد وَلَوْ كَانَ مِنَ التَّابِعِينَ بِأَنْ يَقُولَ هَذَا قَوْلٌ لِلسَّلَفِ ، فَكَذَلكَ فِي مَسَائِل الإمَامَةِ لاَ يَسُوغُ أَنْ نَقُولَ هَذَا قَوْلٌ لِلسَّلَفِ؛ لأَنَّ مَنْ أَحْدَثَ القَوْل بِالقَدَر كَانَ مِنَ التَّابِعِينَ، وَمَنْ أَحْدَثَ القَوْلَ بِالإِرْجَاء كَانَ مِنَ التَّابِعِينَ ـ مِنْ جِهَة لُقِيِه للصَّحَابة ـ ، لَكِن رُدَّتْ تِلْكَ الأَقْوَال عَلَيهِ ولم يَسغْ أحَدٌ أَنْ يَقُول : (كَانَ ثَمَّ قَوْلان لِلسَّلَف فِي مَسْأَلة كَذَا)، فَكَذلِكَ مَسَائِل الإِمَامَةِ أَمْرُ السَّلَف فِيهَا وَاحد ومَنْ تَابَعَهُمْ ، وَإنَّما حَصَلَ الاشْتِباَه مِنْ جِهَةِ وُقُوعِ بَعْضِ الأَفْعَالِ مِن التَّابِعِينَ أَوْ تَبَع التَّابِعِين أَوْ غَيْرِهِم فِي ذَلِكَ ، والنُّصُوصُ مُجتمِعَة علَيهِم لا حَظَّ لَهُمْ مِنْهَا»
(16 ) تَهْذِيبُ التَّهْذِيب لابْن حَجَر (1/399).
( 17) الإِقْنَاع فِي مَسَائِل الإِجْمَاعِ لابْن القَطَّان الفَاسِي (1/61).
( 18)مِنْهَاجُ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّة (4/ 528 ـ 532).
(19 ) البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (11/477)، وانْظُر تَارِيخ الطَّبَرِيّ (5/343)، وَحِقْبَة مِنَ التَّارِيخِ لِعُثْمَانَ الخَمِيسِ (229).
( 20)البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ لابْنِ كَثِيرٍ (8/172).
(21 )مِنْهَاجُ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّة (4/42).
(22 )مِنْهَاجُ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّة (4/586).
( 23)مِنْهَاجُ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّة (4/ 536).
( 24)مِنْهَاجُ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّة لِشَيْخِ الإِسْلاَمِ (4/529).
( 25) صَحِيحُ البُخَارِي (7111).
( 26)البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (11/494).
( 27)البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (11/495).
( 28)البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (11/497).
( 29) يُنْظَر تِلْكَ الرِّوَايَاتِ وَغَيْرِهَا البِدَايَة وَالنِّهَايَة (11/ 503).
(30 ) الطَّبَقَاتُ الكُبْرَى لابْن سَعْد (7/ 120).
( 31) البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/ 341).
( 32) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (4/529).
( 33)الطَّبَقَاتُ الكُبْرَى لابْن سَعْد (7/ 140).
(34 )السُّنَّة لأَبِي بَكْر بْن الخَلال (1/133).وَطَبَقَاتُ الحنَابِلَة لابْن أَبِي يَعْلَى (1/144).
( 35) مَوْضِعٌ فِي العِرَاقِ قَرِيبٌ مِنَ الكُوفَةِ نَشَبتْ عِنْدَهُ مَعْرَكَة سَنَةَ: 82 أو 83 هـ بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَن ابْن الأَشْعَثِ وَالحَجَّاجِ بْن يُوسف الثَّقَفِي. انْظُرْ الكَامِل فِي التَّارِيخ لابْن الأَثِيرِ(3/ 494).
( 36) سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ (5/ 192).
(37 )الطَّبَقَاتُ الكُبْرَى لابْن سَعْد (7/104).
(38 ) إِكْمَالُ المعْلِم شَرْح صَحِيح مُسْلِم لِلْقاضِي عِيَاض (6/128).وَانْظُر شَرح صَحِيح مُسْلِم لِلنَّوَوِي (12/229).
( 39) تَهْذِيبُ التَّهْذِيبِ لِلْحَافِظِ ابْن حَجَر( 2 / 211).
( 40) رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي كِتَابِ الإِيمَانِ (ص39) ، وَاللالَكَائِيّ فِي شَرْحِ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ (1823)وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيّ.
(41 )البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (12/547).
(42 )رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي كِتَابِ الإِيمَانِ (ص39)، وَاللالَكَائِيّ فِي شَرْحِ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ (1821) وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيّ.
لَكِنَّ الذَّهَبِيَّ عَلَّقَ عَلَى هَذَا الأَثَرِ فِي سِيَر أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ (5/ 44)بِقَوْلِهِ: «قُلْتُ: يُشِيرُ إِلَى المُرْجِئَةِ مِنْهُم، الذِينَ يَقُولُونَ: هُوَ مُؤْمِنٌ كَامِل الإِيمَانِ مَعَ عَسفِهِ، وَسَفْكِه الدِّمَاء، وَسَبِّهِ الصَّحَابَة».
( 43) التَّمْهِيد لابْن عَبْد البَر (12/262)، وَ البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ لابْنِ كَثِير(12/ 545)، وَتَارِيخ دِمَشْق (12/ 183).
( 44) المُسْتَصْفَى لِلْغَزَالِي (150)، وَمَعَالِم أُصُولِ الفِقْهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَماعَةِ، لِمُحَمَّد بنْ حُسَيْن بن حَسن الجِيزَانِي (169).
( 45) شَرْحُ العَقِيدَةِ الوَاسِطِيَّة، صَالِح آل الشَّيْخ ، الشَّرِيطُ : 05 .
( 46) والبَعْضُ ـ لِلأسَفِ ـ عِنْدَمَا تُنْكِرُ عَلَيْهِ بَعْضَ المسَالِكِ البِدْعِيَّة ؛ كَالحِزْبِيَّة وَ المُظَاهَرَاتِ ..، يَتَذَرَّعُ بِأَنَّ المسْأَلَةَ خِلافِيَّة،وَ الأمْرُ فِيهَا وَاسِعٌ.
(47 ) سِلْسِلَةُ الهُدَى وَ النُّور (799).


أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الإثنين مايو 06, 2024 9:59 pm


كتاب
مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام 80910
الرد القويم على الذين يكفرون الحكام المسلمين
للشيخ على بن عبدالعزيز موسي
أضفط هنــــــــــــــــــــــا
أو
أضغط هنــــــــــــــــــــــا






أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الإثنين مايو 06, 2024 10:08 pm


ذل مع طاعة ولاة الأمر ولا حرية مع الخروج يا دعاة الفتنة
(رد على الفتان طارق السويدان)

الحمد لله القائل: { أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ }، والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل: ((تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك))، وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم إلى يوم الدين.
أما بعدُ:
فدعاة الفتنة في كل عصر ومصر لا يهنئ لهم بال ولا يطمئن لهم حال ولا يقر لهم قرار حتى تسفك الدماء وتنتهك الأعراض وتنتهب الأموال، بالخروج على السلطان البر منهم والفاجر.
وفي يوم الأربعاء 26 ذي الحجة 1437 هـ الموافق 28 / 9 / 2016 م خرج علينا بتغريدة ضال من الضلال وداعية من دعاة البدع الأهواء طارق السويدان على صفحته على تويتر بقوله: أيهما تفضل الأمن مع الذل أو الحرية مع الثورة؟
هذه دعوة للخروج على الحكام، فيها ما فيها من تهيج الناس والضرب لهم على الوتر الحساس.
هكذا ضرب بعرض الحائط لكل النصوص التي تأمر بالسمع والطاعة في المعرف لولاة الأمر.
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اسمع وأطع في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثره عليك وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك)) أخرجه ابن أبي عاصم في ((السنة)) وابن حبان في ((صحيحه)) وصححه الإمام الألباني رحمه الله.
وأخرج مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قلت: يا رسول الله إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير شر؟
قال: نعم.
قلت: هل وراء ذلك الشر خير؟
قال نعم.
قلت: فهل وراء ذلك الخير شر؟
قال نعم.
قلت كيف؟
قال: ((يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس)).
قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟
قال: ((تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع)).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((فتح الباري)): ((والى ذلك الإشارة بقوله الزم جماعة المسلمين وإمامهم يعني ولو جار ويوضح ذلك رواية أبي الأسود ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك وكان مثل ذلك كثيرا في إمارة الحجاج ونحوه قوله تلزم جماعة المسلمين وإمامهم بكسر الهمزة أي أميرهم زاد في رواية أبي الأسود تسمع وتطيع وان ضرب ظهرك وأخذ مالك وكذا في رواية خالد بن سبيع عند الطبراني فإن رأيت خليفة فألزمه وإن ضرب ظهرك فان لم يكن خليفة فالهرب)) اهـ.
يا دعاة الفتنة أليس في الضرب ذل؟
فهل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله: ((تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع)) دعوة للذلة؟!
عجب لكم يا دعاة الخروج، هل أنتم أغير على المسلمين من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟
كذبتم والذي لا إله غيره، فخير الهدي هدي محمد عليه الصلاة والسلام.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((قد قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث آخر اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك واعلم أنك سوف تقتص منه يوم القيامة من حسناته فإن بقى من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئات من ظلمهم ثم طرح عليه ثم طرح في النار والعياذ بالله الأمر مضبوط ومحكم لا يضيع على الله شيء)) اهـ.
ثم يا دعاة الضلال أليس في أخذ المال بغير حق من ولاة الأمر نوع من الذل؟
فهل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله: ((تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع)) يأمرنا بالذل؟!
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((وإذا قدر أن ولي الأمر أخذ أكثر مما يجب فإن ذلك ظلم لا يحل لولي الأمر أما صاحب المال فعليه السمع والطاعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك)) اهـ.
وبهذه الوصية أوصى سلفنا الصالح، ولم يروا في هذا ذل وهوان كما يقول دعاة الفتن والافتتان، أخرج البخاري عن الزبير بن عدي، قال: أتينا أنس بن مالك، فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج، فقال: ((اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم ))، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم).
وأخرج ابن أبي شيبة في ((المصنف)) عن سويد بن غفلة، قال: قال لي عمر: (يا أبا أمية، إني لا أدري لعلي أن لا ألقاك بعد عامي هذا، فاسمع وأطع وإن أمر عليك عبد حبشي مجدع، إن ضربك فاصبر، وإن حرمك فاصبر، وإن أراد أمرا ينتقص دينك فقل: سمع وطاعة، ودمي دون ديني، فلا تفارق الجماعة).
قال الإمام الآجري رحمه الله في ((الشريعة)): ((فإن قال قائل: الذي يحمل عندك قول عمر رضي الله عنه فيما قاله ؟ قيل له: يحتمل والله أعلم أن نقول: مَن أمّرَ عليكَ من عربي أو غيره، أسود أو أبيض أو عجمي، فأطعه فيما ليس لله فيه معصية، وإن حرمك حقا لك، أو ضربك ظلما لك، أو انتهك عرضك أو أخذ مالك فلا يحملن ذلك على أن تخرج عليه بسيفك حتى تقاتله، ولا تخرج مع خارجي يقاتله، ولا تُحَرّض غيرك على الخروجِ عليه، ولكن اصبر عليه)) اهـ.
وهنا أذكر ما لقي الإمام مالك والإمام أحمد من الضرب من ولاة أمرهما ولم يأت أنهما نزعا يدا من طاعة
قال القاضي عياض رحمه الله في ((ترتيب المدارك وتقريب المسالك)): ((قال الطبري اختلف فيمن ضرب مالكاً وفي السبب في ضربه وفي خلافة من ضرب.
فقيل إن أبا جعفر نهاه عن الحديث ليس على مستكره طلاق ثم دس إليه من يسأله عنه فحدثه به على رؤوس الناس فضربه بالسوط.
وقاله مصعب إلا أنه قال إن الذي نهاه جعفر بن سليمان.
وقال الواقدي لما سود مالك وسمع منه وقبل قوله حسده الناس وبغوا عليه، فلما ولى جعفر بن سليمان على المدينة سعوا به إليه وأكثروا عليه عنده وقالوا لا يرى أيمان بيعتكم هذه شيئاً.
ويأخذ بحديث ثابت الأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز.
فغضب جعفر ودعا به فاحتج عليه فما رفع إليه.
ثم جره ومده فضربه بالسياط ومدت يده حتى انخلعت كتفه وفي رواية عنه ومدت يداه حتى انخلع كتفاه وكذلك اختلف على مصعب الزبيري.
وقال الحنيني بقي مالك بعد الضرب مطابق اليدين لا يستطيع أن يدفعهما وارتكب منه أمر عظيم فو الله لمالك بعد ذلك الضرب في رفعة في الناس وعلو وإعظام حتى كأنما كانت تلك الأسواط حلياً حلي بها.
وقيل إن هذا كان في أيام الرشيد.
قال أبو الوليد الباجي ولما حج المنصور قاد مالكاً من جعفر بن سليمان وأرسله إليه ليقتص منه فقال أعوذ بالله.
والله ما ارتفع منها سوط عن جسمي إلا وأنا أجعله في حل من ذلك الوقت لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال غيره: لما دخلت على أبي جعفر وقد عهد إلي أن آتيه بالموسم فقال لي والله الذي لا إله إلا هو ما أمرت بالذي كان ولا علمته وإنه لا يزال أهل الحرمين بخير ما كنت بين أظهرهم وإني أخالك أماناً لهم من عذاب الله.
وقد رفع الله بك عنهم سطوة عظيمة فإنهم أشرع الناس للفتن، وقد أمرت بعد والله أن يؤتى به من المدينة إلى العراق على قتب وأمرت بضيق حبسه، والاستبلاغ في امتهانة ولا بد أن أنزل به من العقوبة أضعاف ما نالك منه.
فقلت عافى الله أمير المؤمنين وأكرم مثواه.
قد عفوت عنه لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته منك.
فقال لي: عفا الله عنك ووصلك.
قال القروي والعمري وأحدهما يزيد على الآخر: لما ضرب مالك رحمه الله تعالى ونيل منه حمل مغشياً عليه فدخل الناس عليه فأفاق فقال: أشهدكم إني جعلت ضاربي في حل.
فعدناه في اليوم الثاني فإذا به قد تماثل.
قلنا له ما سمعنا منه، وقلنا له قد نال منك.
فقال تخوفت أن أموت أمس فألقى النبي صلى الله عليه وسلم فأستحي منه أن يدخل بعض آله النار بسببي فما كان إلا مدة حتى غضب المنصور على ضاربه وضرب ونيل منه أمر شديد.
فبشر مالك بذلك فقال سبحان الله أترون حظنا مما نزل بنا الشماتة به.
إنا لنرجو من عقوبة الله أكثر من هذا، ونرجو من عفو الله أكثر من هذا، وقد ضربت فيه محمد بن المنكدر وربيعة وابن المسيب ولا خير فيمن لا يؤذى في هذا الأمر، وقيل إن الذي تولى ذلك عامل جعفر بن سليمان وإن جعفر هو الذي صنع بعامله النكال لما تقدم، والأول أشهر.
قال مطرف: جلد جعفر بن سليمان مالكاً ثمانين سوطاً وقاله ابن القاسم.
قال مطرف ومصعب، بسبب محمد بن عبد العزيز الزهري حمله عليه في عمله الأول أنه يفتي الناس أن ليس على من أكره على بيعة شيء.
قال مطرف:فرأيت آثار السياط في طهره قد شرحته تشريحاً.
وكان حين مدوه في الحبل بين يديه خلعوا كتفيه حتى كان ما يستطيع أن يسوي رداءه.
فلما ولي جعفر عمله الآخر ودخل عليه مالك سأله جعفر أن يجعله في حل، وقال إني جهلت واستزللت والله ما جلدك إلا القرشيون.
فقال له مالك إنك ترى أن قد ظلمتني.
قال نعم.
قال فأنت في حل، فوسع الله عليك ...)) إلخ.
وجاء في شدة ما وقع على الإمام أحمد من الضرب ما قاله بعض الجلادين: ضربته ضرباً لو كان بجمل لسقط مغشياً عليه.
ومع هذا لم يهيج الناس على الحكام، قال حنبل كما في ((طبقات الحنابلة)): ((اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبد الله في ولاية الواثق وشاوروه في ترك الرضا بإمرته وسلطانه.
فقال: لهم عليكم بالنكرة في قلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين وذكر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ((إن ضربك فاصبر)) أمر بالصبر)) اهـ.
هذا هو حال طارق السويدان المبتدع الضال، وهذا حال سلفنا الصالح يضرب أحدهم فيصبر ولا ينزع يدا من طاعة، وهذه نماذج، ولو تُتبع هذا الباب لجُمع فيه مجلدا، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.
وأختام بقول عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبري التميمي قاضي البصرة: (لأن أكون ذنبا في الحق أحب إلي من أن أكون رأسا في الباطل) أخرجه الخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد)).
وعلى هذا ذل الحكام ولا حرية ثوار أو ثيران، هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الجمعة 28 ذي الحجة سنة 1437 هـ


أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Empty رد: مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الجمعة مايو 10, 2024 5:09 pm

مجموع منهج السلف في تحريم الخروج علي الحكام Ayac_o10
زجر الخاطل عن جر الأمة إلى المخاطر بالباطل
من أبي عبد الله محمد بن عبد الحميد
إلى أخيه ...- رفع الله قدره وألهمه رشده وتقبلنا وإياه في الصالحين- آمين
سلام عليكم... وبعد ،،،
فرغبة ملحّة منك على ضرورة عذر المخالف، والصبر على كل قول له
مخالف، وافقت هوى نفسه،فجزاك الله خيرا من أخ ناصح رحيم مشفق.
نعم أخي فأهل الحق هم "أعرف الناس بالحق، وأرحم الناس بالخلق" وعملا بأمرك، ونزولا عند نصحك، أقول لأخي المخالف: يا أيها البركان الثائر،
يا ايها السيل الجارف، حنانيك، أبصر ما تحت قدميك، إن التهييج وإثارة الناس على الولاة لا يأتي بخير، وهو مقدمة للشرّ- أعني: الخروج عليهم – والخير كل الخير في الإتباع، الآمر لنا ولك بالصبر
والدعاء، ولا أطيل ففي الكلمات اليافعات الجميلات التي تأتيك متزينة ومتعطرة –بالآثار – قد تهدأ من روعك، وتسكن من هيجانك وثورتك، وستداعب أحرفها شغاف قلبك، ومن بهائها وحسنها تدعوك للنظر المرة تلو المرة- وأنصحك بتكرار النظر ولن يضرك فليس داخل من
أبواب الممنوعات المحرمات كما يصورها لك القوم- ولا تطع عشاق كشف العورات
فأقول: جاء في" الصحيح" عن النبي – صلى االله تعالى عليه وآله وسلم- أنه قال:" من حمل علينا السلاح فليس منا " " صحيح الإمام البخاري" "كتاب الفتن" الباب (7)
وقال الإمام النووي – رحمه الله تعالى - معلقا
على حديث" أنها ستكون بعدي أثره، وأمور تنكرونها..." فيه: الحث على السمع والطاعة
وإن كان المتولي ظالما (1) عسوفا (2) فيعطي حقه من الطاعة ولا يخرج عليه ولا يخلعه ، بل يتضرع لله تعالى في كشف أذاه ودفع شره وإصلاحه" " شرح صحيح الإمام مسلم" للإمام النووي (12/232)
ولما تقدم أقول : لقد كان سلفنا الصالح يولون أمر طاعة ولاة الأمر –في طاعة الله تعالى – وعدم الخروج عليهم بفعل أو قول، اهتماماً بالغاً، سيما عند ظهور الفتن ، وهذا الباب يزداد الإهتمام به
كلما اقتضت حاجة الأمة إلى بيان ذلك، وهذا الأصل معلوم معروف عن أرباب العلم
ولعل منأبلغ الصور وأجلها ما قام بها الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – حيث كان مثلاً عملياً، وأنموذجاً حسناً للسنة ، في معاملة الولاة بالسنة ، وذلك منه – رحمه الله تعالى – إيصاداً لباب الفتنة .
يقول حنبل – رحمه الله تعالى – " اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد
الله ، وقالوا له :إن الأمر قد تفاقم(3)وفشا-
يعنون إظهار القول بخلق القرآن وأن الله لا يرى في الآخرة وغير ذلك- ولا نرضى بإمارته ولا سلطانه ، فناظرهم في ذلك وقال: عليكم بالإنكار في قلوبكم، ولا تخلعوا يدا من طاعة ، لا تشقوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم ، وانظروا في عاقبة أمركم ، واصبروا حتى يستريح بر ويستراح من فاجر . قال: ليس هذا- يعني : نزع أيدهم من طاعتهم – صواباً ،هذا خلاف الآثار " " الآداب الشرعية "لابن مفلح (1 / 195 ) و " السنة " للخلال ص (133) و " معاملة الحكام " ص (9)
وجاء في" الشريعة " للإمام الآجري – رحمه الله تعالى – عنعمرو بن يزيد أنه قال : " سمعت الحسن أيام يزيد المهلب يقول – وأتاه رهط – فأمرهم أن يلزموا بيوتهم ، ويغلقوا عليهم أبوابهم ، ثم
تلا : "وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه
وما كانوا يعرشون "سورة "الأعراف" الآية(137)
وانظر"الشريعة"ص(38) و"معاملة الحكام"ص(163)
وقال شيخ الإسلام- رحمه الله تعالى : "وأما أهل العلم والدين والفضل، فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه
من معصية ولاة الأمور، وغشهم، والخروج عليهم بوجه من الوجوه، كما قد عرف من عادات
أهل السنة والدين قديماً وحديثاً ومن سيرة غيرهم""مجموع فتاوى شيخ الإسلام"(35/12)
وقال العلامة ابن القيم-رحمه الله تعالى:"وهذا كالإنكار على الملوك والولاة، والخروج عليهم، فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر""القطبية هي الفتنة فاعرفوها"ص(34)
هذا.. وقد استقر الإجماع على حرمة الخروج على الولاة، وإن كانوا فسقة أو ظلمة .
قال الإمام النووي-رحمه الله تعالى:"وأما الخروج عليهم، وقتالهم، فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة
ظالمين""شرح صحيح الإمام مسلم"(12/229)
أقول:
" لم يدر هؤلاء المفتونون أن أكثر ولاة أهل الإسلام من عهد يزيد بن معاوية-حاشا عمر
بن عبد العزيز ومن شاء الله من بني أمية- قد وقع منهم من الجراءة والحوادث العظام، والخروج والفساد في ولاة أهل الإسلام، ومع ذلك فسيرة الأئمة الأعلام والسادة العظام معهم معروفة مشهورة، لا
ينزعون يداً من طاعة فيما أمر الله به ورسوله من شرائع الإسلام وواجبات الدين .
وأضرب لك مثلاً
بالحجاج بن يوسف الثقفي، وقد اشتهر أمره في الأمة بالظلم والغشم والإسراف في سفك الدماء وانتهاك حرمات الله، وقتل من قتل من سادات الأمة: كـ"سعيد بن جبير" وحاصر ابن الزبير وقد عاذ بالحرم الشريف، واستباح الحرمة، وقتل ابن الزبير-مع أن ابن الزبير قد أعطاه الطاعة وبايعه عامة أهل مكة والمدينة واليمن وأكثر سواد العراق، والحجاج نائب عن مروان...ولم يعهد أحد من الخلفاء إلى مروان، ولم يبايعه أهل الحل والعقد-ومع ذلك لم يتوقف أحد من أهل العلم في طاعته والانقياد له فيما تسوغ طاعته فيه من أركان الإسلام وواجباته.
وكان ابن عمر-رضي الله تعالى عنهما-ومن أدرك الحجاج من أصحاب رسول الله-صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-لا ينازعونه ولا يمتنعون من طاعته فيما يقوم به الإسلام، ويكمل به الإيمان.
وكذلك في زمن التابعين، كـ: ابن المسيب، والحسن البصري، وابن سيرين، وإبراهيم التيمي، وأشباههم ونظرائهم من سادات الأمة.
واستمر العمل على هذا بين علماء الأمة من سادات الأمة وأئمتها، يأمرون بطاعة الله ورسوله، والجهاد في سبيله مع كل إمام بر أو فاجر، كما هو معروف في كتب أصول الدين والعقائد
وكذلك بنو العباس:
استولوا على بلاد المسلمين قهراً بالسيف، لم يساعدهم أحد من أهل العلم والدين، وقتلوا خلقاً كثيراً، وجماً غفيراً من بني أمية وأمرائهم ونوابهم، وقتلوا ابن هبيرة أمير العراق، وقتلوا الخليفة مروان، حتى نقل أن السفاح قتل في يوم واحد نحو الثمانين من بني أمية، ووضع الفرش على جثثهم، وجلس عليها، ودعا بالمطاعم والمشارب!!!
ومع ذلك فسيرة الأئمة كـ: الأوزاعي، ومالك، والزهري، والليث بن سعد، وعطاء بن أبي رباح مع هؤلاء الملوك لا تخفى على من له مشاركة في العلم واطلاع .
والطبقة الثانية من أهل العلم، كـ: أحمد، ومحمد بن إسماعيل، ومحمد بن إدريس، وأحمد بن نوح، وإسحاق بن راهويه، وإخوانهم ... وقع في عصرهم من الملوك ما وقع من البدع العظام، وإنكار الصفات، ودعوا إلى ذلك،
وامتحنوا فيه، وقتل من قتل، كـ: أحمد بن نصر، ومع ذلك فلا يعلم أن أحداً منهم نزع يداً من طاعة، ولا رأى الخروج عليهم..." أهـ
قاله الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في"الدرر السنية"(7/177-178)
وبعد .. هذا ما تيسر تدوينه في هذه الوريقة، سائلاً الله القبول، والنفع لإخواني .
وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
كتبه
راجي رحمة مولاه
أبو عبد الله محمد بن عبد الحميد حسونة رحمه الله
في :27/5/1424هـ -2003 م


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مما ينبغي أن يعلم هنا : أن الظلم والجهل لهما أصل في بني آدم " وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا" وأن الناجي منهما من نجاة الله تعالى وعصمه ، عرف ذلك الصحابة – رضي الله تعالى عنهم – فحينما نزل قول الله تعالى " الذين آمنوا ولم يلبسوا لإيمانهم بظلم .... " قالوا أينا لم يظلم نفسه
" راجع كتاب التوحيد ، باب بيان فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب (1/113-117) ت: الوليد آل فريان )
وفي ذلك يقول المتنبي –رحمه الله تعالى -
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ... ذا عفة فلعله لم يظلم
وقد بين بعضهم هذه العله المانعة من الظلم - فأحسن- بقوله: العله المانعة من الظلم: عقل زاجر ، أو
دين حاجز، أو سلطان رادع ، أو عجر صاد ، فإذا تأملتها لن تجد لها خامسا ، ورهبة السلطان أبلغها" "أدب الدنيا والدين" للمواردي ص(44) ط. دار الصحابة – بطنطا، الأولى 1410هـ، لأن العقل والدينربما كانا مشغولين بداعي الهوى ، فتكون رهبة السلطنا أشد زجرا وأقوى ردعا " " فيض القدير " للمناوي (4/143)
(2) ذكر شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى – في "مجموع الفتاوى" أن ستون سنة من سلطان ظالم خير من ليلة واحدة بلا سلطان " انظر " مجموع فتاوى شيخ الاإسلام " (30/134-135) ونسب هذا القول إلى بعض العقلاء مقراً لهم ، وهو كذلك.
(3) نعم " فلقد تبنى الولاة في زمنه أحد المذاهب الفكرية السيئة، وحملوا الناس عليه بالقوة والسيف ، وأهريقت دماء جم غفير من العلماء بسبب ذلك ، وفرض القول بخلق القرآن الكريم على الأئمة ، وقرر ذلك في كتاتيب الصبيان ... ألى غير ذلك من الطامات والعظائم ، ومع ذلك كله فالإمام أحمد لا يترعه هوى ، ولا تستجيشه العواطف " العواطف بل يثبت على السنة ؛ لأنها خير وأهدى ، فيأمر بطاعة ولي الأمر ، ويجمع العامة عليه ، ويقف كالجبل الشامخ في وجه من أراد مخالفة المنهج النبوي والسير السلفية انسياقا وراء العواطف المجردة ، أو المذاهب الثورية
الفاسدة " " معاملة الحكام " للدكتور عبد السلام بن برجس.وانظر ايضا " مجمع فتاوي شيخ اإسلام (23/348-349) : حيث قال معلقا بعد أنذكرأن الولاة في الفتنة كانوا يكفرون من لم يوجبهم حتى أنهم كانوا إذا أمسكواالأسير لم يطلقوه حتى يقرلهم بقول الجهمية ... إلى غير ذلك، " ثم قال : " ومع ذلك فالإمام أحمد– رحمه الله تعالى – ترحم عليهم واستغفر لهم ؛ لعلمه بانهم لم يتبين لهم أنهم مكذبون الرسول – صلى الله عليه وسلم - لا جاحدون لما جاء به، لكن تأولوا فأخصأوا ، وقلدوا من قال لهم ذلك.
( 4 )وهاكموها : قال الله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول..."الآية سورة"النساء"الآية(59)
قال الإمام أبو جعفر الطبري- رحمه الله تعالى : "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: هم الأمراء والولاة لصحة الأخبار عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان طاعة وللمسلمين مصلحة...""تفسير الطبري"( 4/153)
عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-قَالَ:"مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي" رواه الإمام البخاري
قال الإمام ابن أبي عاصم-رحمه الله- ت: 287هــ عن هذا الحديث:"مؤكداً بذلك طاعة الأمراء حضاً منه على طاعة الأمراء، وزجراً منه على خلافهم...""المذكر والتذكير والذكر"ص(97)
... أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ-صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-لِلْأَنْصَارِ:"إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي وَمَوْعِدُكُمُ الْحَوْضُ" رواه الإمام البخاري
...عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ نُصَلِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَلْفَ أُمَرَاءَ فَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ قَالَ فَضَرَبَ فَخِذِي ضَرْبَةً أَوْجَعَتْنِي وَقَالَ سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ عَنْ ذَلِكَ فَضَرَبَ فَخِذِي وَقَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ:"صَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ نَافِلَةً" قَال: وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ذُكِرَ لِي أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ فَخِذَ أَبِي ذَرٍّ"رواه الإمام مسلم
...سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّم َفَقَال:َ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَقَالَ: اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا
وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ. وفي رواية وَقَالَ فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ"رواه الإمام مسلم
قال القرطبي-رحمه الله تعالى-في"المفهم"(4/55):"يعني أن الله تعالى كلف الولاة العدل وحسن الرعاية، وكلف المُولَى عليهم الطاعة وحسن النصيحة، فأراد: أنه إذا عصى الأمراء الله فيكم، ولم يقوموا بحقوقكم، فلا تعصوا الله أنتم فيهم، وقوموا بحقوقهم، فإن الله مجاز كل واحد من الفريقين بما عمل"
...عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:"إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نُقَاتِلُهُمْ قَالَ لَا مَا صَلَّوْا"أَيْ: مَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ وَأَنْكَرَ بِقَلْبِهِ"رواه الإمام مسلم .
قال الإمام النووي-رحمه الله:"أما قوله( فمن عرف فقد برىء) وفي الرواية التي بعدها ( فمن كره فقد برىء) فظاهره ومعناه: من كره ذلك المنكر فقد برىء من إثمه وعقوبته، وهذا في حق من لا يستطيع إنكاره بيده ولا لسانه، فليكرهه بقلبه وليبرأ.
وأما من روى ( فمن عرف فقد برىء ) فمعناه والله أعلم فمن عرف المنكر ولم يشتبه عليه فقد صارت له طريق إلى البراءة من إثمه وعقوبته، بأن يغيره بيده أو بلسانه، فإن عجز فليكرهه بقلبه.
وقوله( ولكن من رضي وتابع ) معناه: ولكن الإثم والعقوبة على من رضي وتابع.
وفيه دليل على أن من عجز عن إزالة المنكر لا يأثم بمجرد السكوت، بل إنما يأثم بالرضى به أو أن لا يكرهه بقلبه أو بالمتابعة عليه.
وأما قوله( أفلا نقاتلهم؟ فقال: لا.. ما صلوا ): ففيه معنى ما سبق: أنه لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق ما لم يغيروا شيئاً من قواعد الإسلام"انتهى شرح النووي على صحيح مسلم(12/243-244)
وقال النبي-صلى الله تعالى عليه وآله وسلم:"من كره من أميره شيئاً، فليصبر عليه. فإنه ليس من أحد من الناس يخرج من السلطان شبراً فمات عليه, إلا مات ميتة جاهلية"رواه الإمام مسلم من حديث ابن عباس-رضي الله عنهما(1849) ورواه الإمام البخاري(7053)
وعن نافع قال: جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع-رضي الله تعالى عنهم-حين كان من أمر الحرة ما كان من يزيد بن معاوية، فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة. فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثاً، سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقوله، سمعته يقول:"من خلع يداً من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية"رواه الإمام مسلم(1851)
قال القرطبي-رحمه الله تعالى-في"المفهم": قوله( ولا حجة له) أي: لا يجد حجة يحتج بها عند السؤال، فيستحق العذاب؛ لأن الرسول -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- قد أبلغه ما أمره الله بإبلاغه من وجوب السمع والطاعة لأولي الأمر في الكتاب والسنة"انتهى كلامه
وروى الإمام مسلم في"صحيحه"(1848) عن أبي هريرة-رضي الله تعالى عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال:"من خرج عن الطاعة، وفارق الجماعة، فمات فميتته
جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعوا لعصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلته جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا ينحاش عن مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه"
قال القرطبي-رحمه الله تعالى- في"المفهم":"قوله( من خرج عن الطاعة...) بالطاعة: طاعة ولاة الأمر. و( بالجماعة) جماعة المسلمين على إمام أو أمر مجتمع عليه. وفيه دليل على وجوب نصب الإمام وتحريم مخالفة إجماع المسلمين وأنه واجب الإتباع"
ثم قال: ويعني بـ ( موتة الجاهلية ) أنهم كانوا فيها لا يبايعون إماماً ولا يدخلون تحت طاعته، فمن كان من المسلمين لم يدخل تحت طاعة إمام، فقد شابههم في ذلك. فإن مات على تلك الحالة مات على مثل حالهم مرتكباً كبيرة من الكبائر، ويخاف عليه بسببها ألا يموت على الإسلام"" المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (4/59)\
وعن أبي ذر-رضي الله تعالى عنه-قال:"إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً مجدع الأطراف"رواه الإمام مسلم(1837)
وعن ابن عمر-رضي الله تعالى عنهما-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:"على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة"رواه الإمام البخاري(7144) والإمام مسلم (1839)
قال القرطبي-رحمه الله تعالى-في"المفهم"(4/39): قوله( على المرء المسلم...) ظاهرٌ في وجوب السمع والطاعة للأئمة والأمراء والقضاة، ولا خلاف فيه إذا لم يأمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا تجوز طاعته في تلك المعصية قولاً واحداً"
وقال المطهر على حديث عبد الله بن عمر-رضي الله تعالى عنهما:"يعني : سمع كلام الحاكم وطاعته واجب على كل مسلم، سواء أمره بما يوافق طبعه أو لم يوافقه بشرط أن لا يأمره بمعصية فإن أمره بها فلا تجوز طاعته لكن لا يجوز له محاربة الإمام""تحفة الأحوذي"( 5/365)
وعن أنس بن مالك-رضي الله عنه وأرضاه-قال:"نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله قال:" لا تسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم، ولا تبغضوهم، واتقوا الله واصبروا، فإن الأمر قريب""السنة" لابن أبي عاصم(2/488)
وقال الحسن البصري-رحمه الله:"اعلم-عافاك الله-أن جور الملوك نقمة من نقم الله تعالى، ونقم الله لا تلاقى بالسيوف، وإنما تتقى وتستدفع بالدعاء والتوبة والإنابة والإقلاع عن الذنوب، إن نقم الله متى لقيت بالسيف كانت هي أقطع""من آداب الحسن"لابن الجوزي (119)
وقيل: سمع الحسن-رحمه الله تعالى-رجلاً يدعو على الحجاج. فقال: لا تفعل-رحمك الله-أنكم من أنفسكم أتيتم، إنما نخاف إن عزل الحجاج أو مات أن تليكم القردة والخنازير.
ولقد بلغني: أن رجلاً كتب إلى بعض الصالحين يشكو إليه جور العمال(أي: الحكام) فكتب إليه:"يا أخي، وصلني كتابك تذكر ما أنتم فيه من جور العمال، وإنه ليس ينبغي لمن عمل بالمعصية أن ينكر العقوبة، وما
أظن الذي أنتم فيه إلا من شؤم الذنوب، والسلام""آداب الحسن"ص(120)
وقال-رحمه الله:"هؤلاء-يعني الملوك-وإن رقصت بهم الهماليج، ووطيء الناس أعقابهم، فإن ذل المعصية في قلوبهم، إلا أن الحق ألزمنا طاعتهم، ومنعنا من الخروج عليهم، وأمرنا أن نستدفع بالتوبة والدعاء مضرتهم، فمن أراد خيراً لزم ذلك، وعمل به ولم يخالفه""آداب الحسن"لابن الجوزي.
وقال أمير المؤمنين-في الحديث-سفيان بن سعيد الثوري-رحمه الله تعالى-وسأله شعيب بن حرب: حدثني بحديث من السنة ينفعني الله-عز وجل- به، فإذا وقفت بين يدي الله-تبارك وتعالى- وسألني عنه، فقال لي: من أين أخذت هذا؟ قلت يا رب حدثني بهذا الحديث سفيان الثوري، وأخذته عنه، فأنجو أ نا وتؤاخذ أنت.
فقال: يا شعيب هذا توكيد وأي توكيد، اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم...ثم ذكر- رحمه الله تعالى اعتقاد أهل السنة إلى أن قال: يا شعيب لا ينفعك ما كتبت حتى ترىالصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد ماض إلى يوم القيامة، والصبر تحت لواء السلطان جار أم عدل...
يا شعيب بن حرب: إذا وقفت بين يدي الله-عز وجل- فسألك عن هذا الحديث، فقل يا رب حدثني بهذا الحديث سفيان بن سعيد الثوري، ثم خل بيني وبين ربي عز وجل""شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"(1/154) و"التذكرة"للذهبي(2060207) والنقل عن"النقول الواضحة"ص(28-29)
وقال المزني-صاحب الشافعي-رحمهم الله:"وترك الخروج عليهم عند تعديهم وجورهم والتوبة إلى الله عز وجل كيما يعطف بهم على رعيتهم"...ثم ذكر إجماع الأئمة على هذا فقال:"هذه مقالات وأفعال اجتمع عليها الماضون الأولون من أئمة الهدى...""الشرح والإبانة"ص( 175)
وقال الإمام أحمد-رحمه الله تعالى-في"أصول السنة":" ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس. فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق"
وقال-رحمه الله:" ومن غلب عليهم-يعني الولاة-بالسيف حتى صار خليفة، وسمي أمير المؤمنين، فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً براً كان أو فاجراً""طبقات الحنابلة" لابن ابي يعلى (1/241-246)
قال حنبل-رحمه الله:"اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله-يعني الإمام أحمد رحمه الله-وقالوا له: إن الأمر قد فشا وتفاقم-يعنون إظهار القول بخلق القرآن، وغير ذلك-ولا نرضى بإمارته ولا سلطانه. فناظرهم في ذلك، وقال: عليكم بالإنكار في قلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دمائكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح بر، ويستراح من فاجر. وقال: ليس هذا-يعني نزع أيديهم من طاعته-صواباً، هذا خلاف الآثار""الآداب الشرعية"لشمس الدين ابن مفلح ( 1/195-196) وأخرجها الخلال في"السنة"ص(133)
وقال الإمام العلامة الحافظ الفقيه أبو بكر أحمد بن محمد الخلال-رحمه الله تعالى-في"كتاب السنة" وانظر ترجمته في"السير"(14/297) قال:"أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان قال: سمعت أبا عبد الله وسئل عن طاعة السلطان؟ فقال بيده: عفا الله السلطان، ينبغي (أي: تجب) سبحان الله،
السلطان. ( يتعجب ) "السنة"للخلال ص(75)
قال: وقال الإمام أحمد-رحمه الله:"الفتنة: إذا لم يكن إمام يقوم بأمر الناس"السنة" للخلال ص(81)
وذكر-أي: الإمام أحمد-المتوكل-رحمه الله-فقال: إني لأدعو له بالصلاح والعافية، وقال: لأن حدث به حدث لتنظرن ما يحلّ بالإسلام"أهـ( أي: بالمسلمين)"السنة"للخلال ص(84) والنقل عن"النقول الواضحة"ص(14-15)
وقال الفضيل:"لو كانت لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في إمام؛ لأنه إذا صلح الإمام، أمن البلاد والعباد.
قلت: ولقد راقت هذه الكلمات الإمام عبد الله بن المبارك-رحمه الله تعالى-وأعجبه هذا الفقه والاستنباط، فقبل جبهة الفضيل، وقال له:"يا معلم الخير من يجتريء على هذا غيرك""شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة"(1/175-176) والنقل عن:النقول لواضحة فيما يجب لولي الأمر من
الطاعة"للشيخ أحمد بن عبد العزيز التويجري، تقديم الشيخ عبد الله القرعاوي-رحمه الله تعالى-ص(30-31)
قال شيخ الحنابلة، الإمام القدوة، أبو محمد الحسن بن علي البربهاري-رحمه الله تعالى-في كتابه"شرح السنة"وانظر"ترجمته في"السير"لمؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي-رحمه الله تعالى(15/90):" ولا يحل قتال السلطان، ولا الخروج عليه وإن جار، وذلك لقول النبي-صلى الله عليه وسلم-لأبي ذر الغفاري:"اصبروا، وإن كان عبداً حبشياً" وقوله لأنصار"اصبروا، حتى تلقوني على الحوض" وليس من السنة قتال السلطان؛ فإن فيه فساد الدنيا والدين. وأعلم أن جور السلطان لا ينقص فريضة من فرائض الله عز وجل التي افترضها الله على لسان نبيه-صلى الله عليه وسلم-جوره على نفسه، وتطوعك وبرك معه تام لك إن شاء الله، يعني: الجماعة والجمعة معهم والجهاد معهم وكل شيء من الطاعات فشاركه فيه فلك نيتك.
وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا رأيت الرجل يدعوا للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله""السنة"للبربهاري ص(28، 29، 51) والنقل عن"النقول الواضحة"ص(17)
قال الإمام أبو عثمان الصابوني-رحمه الله تعالى-في كتابه"عقيدة السلف وأصحاب الحديث":"ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات كل إمام مسلم، براً كان أو فاجراً، ويرون جهاد الكفرة معهم، وإن كانوا جورة فجرة، ويرون
الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح. ولا يرون الخروج عليهم بالسيف وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف""عقيدة السلف وأصحاب الحديث"ص(294)
وقال الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم الاسماعيلي-رحمه الله تعالى-في كتابه"اعتقاد أهل السنة""وانظر ترجمة هذا الإمام المحدث الكبير في السير(16/292):"...ويرون الصلاة-الجمعة وغيرها-خلف كل إمام مسلم، براً كان أو فاجراً، فإن الله-عزّ وجلّ-فرض الجمعة وأمر بإتيانها فرضاً مطلقاً مع
علمه تعالى بأن القائمين يكون منهم الفاجر والفاسق، فلم يستثن وقتاً دون وقت، ولا أمراً بالنداء للجمعة دون أمر، ويرون جهاد الكفار معهم، وإن كانوا جورة، ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والعطف إلى العدل، ولا يرون الخروج بالسيف عليهم، ولا القتال في الفتنة، ويرون الدار دار إسلام لا دار كفر-كما رأته المعتزلة-ما دام النداء بالصلاة والإقامة بها ظاهرين، وأهلها ممكنين منها آمنين""اعتقاد أهل السنة"للإسماعيلي ص(50-51) والنقل عن"النقول الواضحة..."ص(23)
وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله المري القرطبي، الشهيربـ ( أبي زمنين)-رحمه الله تعالى-في كتابه"أصول السنة""ترجمته"في"السير"(17/188):"قال محمد: ومن قول أهل السنة أن السلطان ظل الله في الأرض، وأنه من لم ير على نفسه سلطاناً براً أو فاجراً فهو على خلاف السنة...
قال محمد: فالسمع والطاعة لولاة الأمور أمر واجب، و مهما قصروا في ذاتهم فلم يبلغوا الواجب عليهم، غير أنهم يدعون إلى الحق ويؤمرون به ويدلون عليه فعليهم ما حملوا وعلى رعاياهم ما حملوا من السمع والطاعة له...
قال محمد: ومن قول أهل السنة أن الحج والجهاد مع كل بر أو فاجر، من السنة والحق، وقد فرض الله الحج فقال:"ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" وأعلمنا بفضل الجهاد في غير موضع من كتابه، وقد علم أحوال الولاة الذين لا يقوم الحج والجهاد إلا بهم، فلم يشترط ولم يبين، وما كان ربك نسياً""أصول السنة"له (276،288) والنقل عن"النقول الواضحة"ص(25-26)
وقال الإمام المحدث القدوة، شيخ الحرم الشريف، أبو بكر محمد بن الحسين الأجري-رحمه الله-في كتابه"الشريعة""وانظر ترجمته في"السير"(16/133):"قد ذكرت من التحذير من مذهب الخوارج ما فيه بلاغ لمن عصمه الله تعالى عن مذهب الخوارج ولم ير رأيهم، وصبر على جور الأئمة
وحيف الأمراء، ولم يخرج عليهم بسيفه، ودعا للولاة بالصلاح، وحج معهم، وجاهد كل عدو للمسلمين، وصلى معهم الجمعة والعيدين، فإن أمروه بطاعتهم فأمكنه طاعتهم أطاعهم، وإن لم يمكنه اعتذر إليهم، وإن أمروه بمعصية لم يطعهم، وإن دارت بينهم الفتن، لزم بيته وكف لسانه ويده ولم يهو ما هم فيه، ولم يعن على فتنة، فمن كان هذا وصفه كان على الطريق المستقيم إن شاء الله""الشريعة ص(37)
وقال سهل بن عبدالله التستري-رحمه الله تعالى:"...وقيل له متى يعلم الرجل أنه على السنة والجماعة؟ قال: إذا عرفت من نفسه عشر خصال: لا يترك الجماعة. ولا يسب أصحابالنبي-صلي الله عليه وسلم. ولا يخرج علي هذه الأمة بالسيف... ولا يترك الجماعة خلف كل وال جار أو عدل""شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"ص(182،183) والنقل عن"النقول الواضحة..."لأحمد التويجري ص(33) بتصرف.
قال الإمام ابن بطة العكبري-رحمه الله:"ثم من بعد ذلك الكف والقعود عن الفتنة ولا تخرج بالسيف على الأئمة وإن ظلموا""الشرح والإبانة"ص(175)
   وقال الإمامان أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان-رحمهما الله تعالى:"أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً وشاماً ويمناً..."" شرح أصول الإعتقاد"للالكائي( 321-323)  أي: على ما تقدم تقريره.  
   وقال الإمام البخاري-رحمه الله تعالى-لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم: أهل الحجاز ومكة والمدينة والكوفة والبصرة وواسط وبغداد والشام ومصر، لقيتهم كرات، قرناً بعد قرن، ثم قرناً بعد قرن( أراد بالقرن: الطبقة من العلماء) أدركتهم متوافرون منذ أكثر من ست وأربعين سنة...ثم بدأ يسرد اعتقاد أهل الحديث( بعد أن عدد أسماء علمائه) إلى أن قال..."وأن لا ننازع لأمر أهله؛ لقول النبي-صلى الله عليه وسلم:"ثلاث لا يغل عليهم قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، وطاعة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم"ثم أكد في قوله تعالى"وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"وأن لا يرى السيف على أمة محمد-صلى الله عليه وسلم
   وقال الموفق ابن قدامة-رحمه الله تعالى-في"لمعة الاعتقاد":"ومن السنة: السمع والطاعة لأئمة المسلمين وأمراء المؤمنين، برهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بنعصية الله، فإنه لا طاعة لأحد في معصية الله. ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس، ورضوا به، أو غلبهم بسيفه حتى صار الخليفة وسمي أمير المؤمنين، وجبت طاعته، وحرمت مخالفته، والخروج عليه، وشق عصا المسلمين""شرح لمعة الاعتقاد"ص(156) والنقل عن" النقول الواضحة..." لأحمد التويجري ص(38)
   وقال الإمام العلامة الأصولي المفسر المحدث الفقيه المجتهد شيخ الإسلام حسنة الأيام ابن تيمية-رحمه الله:"وأما أهل العلم والدين والفضل فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه: من معصية ولاة الأمور وغشهم والخروج عليهم بوجه من الوجوه، كما قد عرف من عادات أهل السنة والدين قديماً وحديثاً، ومن سيرة غيرهم""مجموع الفتاوى"( 35/12)
   وقال أيضاً-رحمه الله تعالى-في"الواسطية":" ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة، ويرون إقامة الحج والجمع والأعياد مع الأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً""شرح الواسطية" للفوزان(215)
   وقال الإمام الطحاوي-رحمه الله تعالى:"ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعوا عليهم، ولا ننزع يداًُ من طاعة، ونرى طاعتهم في طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة""شرح الطحاوية"ص(371)
   قال الشيخ الفوزان-حفظه الله تعالى-معلقاً:"لا يجوز الدعاء عليهم؛ لأن هذا خروج معنوي: مثل الخروج عليهم بالسلاح، وكونه دعا عليهم؛ لأنه لا يرى ولايتهم.
  فالواجب الدعاء لهم بالهدى والصلاح لا الدعاء عليهم، فهذا أصل من أصول أهل السنة والجماعة، فإذا رأيت أحداً يدعو على ولاة الأمور، فاعلم أنه ضال في عقيدته، وليس على منهج السلف.
   وبعض الناس قد يتخذ هذا من باب الغيرة والغضب لله عز وجل لكنها غضب وغيرة في غير محلهما؛ لأنهم زالوا حصلت المفاسد.
   قال الإمام الفضيل بن عياض-ويروى ذلك عن الإمام أحمد:" لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان"
   والإمام أحمد صبر على المحنة، ولم يثبت عنه أنه دعا عليهم، أو تكلم فيهم، بل صبر، وكانت العاقبة له، هذا مذهب أهل السنة والجماعة.
   فالذين يدعون على ولاة الأمور ليسوا على مذهب أهل السنة والجماعة، وكذلك الذين لا يدعون لهم وهذا علامة أن عندهم إنحرافأ عن عقيدة اهل السنة والجماعة.
   وبعضهم ينكر على الذين يدعون في خطبة الجمعة لولاة الأمور، ويقولون: هذا نفاق، هذا تزلف، سبحان الله، هذا مذهب أهل السنة والجماعة، بل من السنة الدعاء لولاة الأمور؛ لأنهم إذا صلحوا صلح الناس، فأنت تدعوا لهم بالصلاح والهداية والخير. وإن كان عندهم شر فهم ما داموا على الإسلام، فعندهم خير، فما داموا يحكمون الشرع ويقيمون الحدود ويصونون الأمن ويمنعون العدوان عن المسلمين ويكفون الكفار عنهم فهذا خير عظيم، فيدعى لهم من اجل ذلك. وما عندهم من المعاصي والفسق فهذا إثمه عليهم، ولكن عندهم خير أعظم، ويدعى لهم بالإستقامة والصلاح، فهذا مذهب أهل السنة والجماعة.
   أما مذهب أهل الضلال وأهل الجهل: فيرون هذا من المداهنة والتزلف ولا يدعون لهم بل يدعون عليهم""التعليقات المختصرة على متن الطحاوية"للشيخ العلامة الفوزان ص(171-172)
   وقال ابن أبي العز الحنفي-رحمه الله:"وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا؛ لأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور، فإن الله تعالى ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا و الجزاء من جنس العمل.  فعلينا الاجتهاد في الاستغفار والتوبة وإصلاح العمل.  قال تعالى:"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير"سورة"الشورى"(30) وقال تعالى:"أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم"سورة"آل عمران"الآية(165) وقال تعالى:"ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك"سورة"النساء"الآية(79) وقال تعالى:"وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون"سورة"الأنعام"الآية(129) فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم فليتركوا الظلم...""شرح العقيدة الطحاوية"ص(368) المكتب الإسلامي
   وقال ابن النحاس-رحمه الله تعالى-في كتابه"تنبيه الغافلين"ص(64):"ويختار الكلام مع السلطان في الخلوة على الكلام معه على رؤوس الأشهاد، بل يود لو كلمه سراً، ونصحه خفية من غير ثالث لهما"
   ونقل الإمام النووي-رحمه الله تعالى-الإجماع على ذلك فقال:"وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام باجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث على ماذكرته، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق...""شرح النووي( 12/229)
   ونقل الحافظ ابن حجر-رحمه الله-الإجماع على عدم جواز الخروج على السلطان الظالم: فقال قال ابن بطال:"وفى الحديث حجة على ترك الخروج على السلطان ولو جار، وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه لما فى ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء""فتح الباري(13/7)  
    قال الإمام الشوكاني-رحمه الله:"ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد، بل كما ورد في الحديث: أن يأخذ بيده ويخلو به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله.
   وقد قدمنا في أول كتاب السير: أنه لا يجوز الخروج على الأئمة وإن بلغوا في الظلم أي مبلغ ما أقاموا الصلاة، ولم يظهر منهم الكفر البواح. والأحاديث الواردة في هذا المعنى متواترة. ولكن على المأموم أن يطيع الإمام في طاعة الله، ويعصيه في معصية الله فإنه"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق""السيل الجرار"(4/556)    
   وقال الشيخ الجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله:"الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء، ولولا هذا ما استقامت الدنيا، لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد، ولا يعرفون أحداّ من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم""الدرر السنية"(7/239)
   وقال أيضاً-رحمه الله: في"مسائل الجاهلية"ص(47): المسألة الثانية:"إن مخالفة ولي الأمر وعدم الإنقياد له فضيلة، والسمع والطاعة له ذلة ومهانة،  فخالفهم الرسول-صلى الله عليه وسلم-وأمر بالسمع والطاعة لهم، والنصيحة، وغلظ في ذلك وأبدى وأعاد، وهذه المسائل الثلاث: هي التي جمع بينها فيما صح عنه في الصحيح: أنه قال:"إن الله يرضى لكم ثلاثاً: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم" أخرجه مسلم رقم (1715) ولم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلا بسبب الإخلال في هذه الثلاث أو بعضها"  
   قال الشيخ العلامة الفوزان معلقاً على كلام الإمام محمد بن عبد الوهاب-رحمه الله:"وهذا فرق ما بين أهل الجاهلية وأهل الإسلام: في مسألة ولاة الأمور، أهل الجاهلية لا يرون الطاعة لولاة الأمور ويرون ذلك ذلة.
   وأما الإسلام: فإنه أمر بطاعة ولاة الأمور المسلمين وإن كان عندهم شئ من الفسق في أنفسهم أو عندهم ظلم للناس، يصبر عليهم؛ لأن في ذلك مصالح للمسلمين...
   وأمر النبي-صلى الله عليه وسلم-بالسمع والطاعة لهم، وأمر بالنصيحة لهم ســــــــــــــراً، بينهم وبين الناصح.
   وأما الكلام فيهم وسبهم واغتيابهم فهذا من الغش لهم؛ لأنه يؤلب الناس عليهم، ويفرح أهل الشـر، وهذا من الخيانة لولاة الأمور.  
   أما الدعاء لهم، وعدم ذكر معائبهم في المجالس، فهو من النصيحة لهم، ومن أراد النصيحة لهم ومن كان يريد أن ينصح الإمام، فإنه يوصل النصيحة إليه في نفسه: إما مشافهة، وإما كتابة.
  وإما بأن يوصي له من يتصل به ويبلغه عن هذا الشئ، وإذا لم يتمكن فهـو معـذور...
  وأما أنه يجلس في المجالس، أو على المنابر، أو أمام أشرطة، ويسب ولاة الأمور ويعيبهم، فهذا ليــــــــــس من النصيحة، وإنما هو من الخيانة لولاة الأمور والنصيحة لهم تشمل: الدعاء لهم بالصلاح، وتشمل: ستر عيوبهم، وعدم إفشائها على الناس، وكذلك من النصيحة لهم: القيام بالأعمال التي يكلونها الى الموظفين، ويعهدون بها الى الولاة في القيام بها، هذا من النصيحة لولاة الأمور""شرح مسائل الجاهلية"ص(50-52)
   وقال الإمام أيضاً:"الأصل الثالث: أن من تمام الاجتماع: السمع والطاعة لمن تأمر علينا، ولو كان عبداً حبشياً، فبين-أي: الكتاب-هذا بياناً شائعاً ذائعاً، بوجوه من أنواع البيان، شرعاً وقدراً، ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم، فكيف بالعمل به""الدرر السنية في الأجوبة النجدية"(9/6) والنقل عن" النقول الواضحة..."لأحمد التويجري ص(41)
   وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ-رحمه الله تعالى:"وأهل العلم متفقون على طاعة من تغلب عليهم في المعروف، يرون نفوذ أحكامه، وصحة إمامته، لا يختلف في ذلك اثنان ويرون المنع من الخروج عليهم بالسيف، وتفريق الكلمة، وإن كان الأئمة فسقة، مالم يروا كفراً بواحاً، ونصوصهم في ذلك موجودة عن الأئمة الأربعة وغيرهم وأمثالهم ونظرائهم""مجموعة الرسائل والمسائل النجدية"( 3/168)
    وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي-رحمه الله تعالى-في شرح حديث"الدين النصيحة..." قال:"....وأما النصيحة لأئمة المسلمين، وهم ولاتهم من السلطان الأعظم إلى الأمير، إلى القاضي إلى جميع من لهم ولاية كبيرة أو صغيرة، فهؤلاء لما كانت مهماتهم وواجباتهم أعظم من غيرهم، وجب لهم من النصيحة بحسب مراتبهم ومقاماتهم، وذلك باعتقاد إمامتهم والاعتراف بولايتهم، ووجوب طاعتهم بالمعروف، وعدم الخروج عليهم، وحث الرعية على طاعتهم ولزوم أمرهم الذي لا يخالف أمر الله ورسوله، وبذل ما يستطيع الإنسان من نصيحتهم، وتوضيح ما خفي عليهم مما يحتاجون إليه في رعايتهم، كل بحسب حاله، والدعاء لهم بالصلاح والتوفيق، فإن صلاحهم صلاح لرعيتهم، واجتناب سبهم والقدح فيهم وإشاعة مثالبهم، فإن في ذلك شرا وضررا وفسادا كبيرا فمن نصيحتهم الحذر والتحذير من ذلك، وعلى من رأى منهم- ولاة-الأمور ما لا يحل أن ينبههم سرا لا علنا بلطف وعبارة تليق بالمقام ويحصل بها المقصود، فإن هذا هو المطلوب في حق كل أحد وبالأخص ولاة الأمور، فإن تنبيههم على هذا الوجه فيه خير كثير، وذلك علامة الصدق والإخلاص.  
   واحذر أيها الناصح لهم على هذا الوجه المحمود أن تفسد نصيحتك بالتمدح عند الناس فتقول لهم: إني نصحتهم وقلت: فإن هذا عنوان الرياء، وعلامة ضعف الإخلاص، وفيه أضرار أخر معروفة""الرياض الناضرة"ص(49،50)
    وقال الشيخ العلامة حافظ الحكمي-رحمه الله تعالى-في كتابه"أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة"وسئل عن الواجب لولاة الأمر، فقال:"الواجب لهم النصيحة بموالاتهم على الحق، وطاعتهم فيه، وأمرهم به، وتذكيرهم برفق، والصلاة خلفهم والجهاد معهم وأداء الصدقات إليهم، والصبر عليهم، وإن جاروا، وترك الخروج بالسيف عليهم ما لم يظهروا كفراً بواحاً، وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يدعى لهم بالصلاح والتوفيق""النقول الواضحة..." لأحمد التويجري ص(42)-دار السلف للنشر. ط. الثانية 1418هـ
    قال العلامة الألباني-رحمه الله:" قد ذ كر الشارح-ابن أبي العز-في ذلك أحاديث كثيرة تراها مخرجة في كتابه، ثم قال:"وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا، فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات فإن الله ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاء من جنس العمل، فعلينا الاجتهاد في الاستغفار والتوبة وإصلاح العمل قال تعالى:"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" و"كذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون" فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم فليتركوا الظلم.


أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى