شبكة سبيل المؤمنين العلمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 6:31 am

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  O_iao_10
السنة فيما يتعلق بوالي الأمة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد.
فهذه كلمات وجيزة، مبنية على النصوص الشرعية، مؤيدة بالآثار السلفية، تشرح شيئاً مما ينبغي أن يعرفه المسلم عن أحكام معاملة ولاة أمر المسلمين في كل زمان ومكان.
فإن السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين أصل من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، إذ بالسمع والطاعة لهم تنتظم مصالح الدين والدنيا معاً، وبالافتيات عليهم قولاً أو فعلاً فساد الدين والدنيا.
وقد عُلِمَ بالضرورة من دين الإسلام: أنه لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بأمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة. جاء نحو ذلك عن عمر– رضي الله عنه [الدارمي (1/69)].
قال الفقيه أبو عبد الله القلعيّ الشافعي في كتابه ((تهذيب الرياسة)) (ص 94):
(( نظام أمر الدين والدنيا مقصود، ولا يحصل ذلك إلا بإمام موجود.
لو لم نقل بوجوب الإمامة؛ لأدى ذلك إلى دوام الاختلاف والهرج إلى يوم القيامة.
لو لم يكن للناس إمام مطاع؛ لانثلم شرف الإسلام وضاع.
لو لم يكن للأمة إمام قاهر؛ لتعطلت المحاريب والمنابر، وتعطلت السبل للوارد والصادر.
لو خلا عصر من إمام؛ لتعطلت فيه الأحكام، وضاعت الأيتام، ولم يُحج البيت الحرام. لولا الأئمة والقضاة والسلاطين والولاة؛ لما نكحت الأيامى ولا كفلت اليتامى.
لولا السلطان؛ لكان الناس فوضى، ولأكل بعضهم بعضا )).
فكان السلف الصالح – رضوان الله عليهم – يولون هذا الأمر اهتماماً خاصاً، لا سيما عند ظهور بوادِرِ الفتنة، نظراً لما يترتب على الجهل به – أو إغفاله – من الفساد العريض في العباد والبلاد.
فـصـل:
في وجوب عقد البيعة للإمام القائم المستقر المسلم، والتغليظ على من ليس في عنقه بيعة، والترهيب من نقضها.

قال الإمام البربهاري – رحمه الله تعالى– في كتابه ((شرح السنة)) : (( من ولي الخلافة بإجماع الناس عليه ورضاهم به؛ فهو أمير المؤمنين، لا يحل لأحدٍ أن يبيت ليلةً ولا يرى أن ليس عليه إمام؛ برَّاً كان أو فاجراً ... هكذا قال أحمد بن حنبل )).
وقد دل على ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (12/240، النووي) –كتاب الإمارة- أن عبد الله بن عمر جاء إلى عبد الله بن مُطيع –حين كان من أمر الحرة ما كان: زمن يزيد بن معاوية- ، فقال عبد الله بن مطيع: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة، فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثاً، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( من خلع يداً من طاعة؛ لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات ليس في عنقه بيعة؛ مات ميته جاهلية )).
وأخرج أيضاً في صحيحه (3/1474) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( يكون بعدي أئمة، لا يهتدون بهُداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال، قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان أنس)). قال: حذيفة: كيف أصنع –يارسول الله- إن أدركت ذلك؟ قال: (( تسمع وتطيع للأمير، وإن ضـرب ظهـرك، وأخذ مالك؛ فاسمع وأطع )).
وفي مسند الإمام أحمد : لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه وأهله، ثم تشهد، ثم قال: ((أما بعد؛ فإننا بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( إن الغادر ينصب له لواءٌ يوم القيامة، يقال: هذا غدرة فلان )).
وهو في كتاب الفتن من ((صحيح البخاري)) بالقصة نفسها. قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله- في الفتح (13/6: (( وفي الحديث وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة، والمنع من الخروج عليه ولو جار في حكمه، وإنه لا ينخلع بالفسق )).
قال ابن عربي: وقد قال ابن الخياط: (( إن بيعة عبد الله ليزيد كانت كرهاً. وأين يزيد من ابن عمر؟ ولكن رأي بِدِينِه وعلمه التسليم لأمر الله، والفرار من التعرض لفتنة فيها ذهاب الأموال والأنفس ما لا يفي بخلع يزيد، لو تحقق أن الأمر يعود في نصابه، فكيف ولا يعلم ذلك؟
قال: وهذا أصل عظيم، فتفهموه والزموه، ترشدوا – إن شاء الله -)). انتهى من ((الاعتصام)) للشاطبي (3/46-47)
قال حنبل –رحمه الله- [السنة للخلال (ص113)]: (( اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى أبي عبد الله وقالوا له: إن الأمر تفاقم وفشا –يعنون: إظهار القول بخلق القرآن، وغير ذلك- ولا نرضى بإمارته، ولا سلطانه، فناظرهم في ذلك، وقال: عليكم بالإنكار في قلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دمائكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح برٌ، ويستراح من فاجر. وقال: ليس هذا – يعني: نزع أيديهم من طاعته– صواباً، هذا خلاف الآثار )).
فـصـل :
في من غلب فتولى الحكم واستُـتب لـه؛ فهـو إمـام تجب بيعته وطاعته، وتحرم منازعته ومعصيته

قال الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة التي رواها عنه عبدوس بن مالك العطار [الأحكام السلطانية: (ص23)]: (( ... ومن غلب عليهم – يعني: الولاة – بالسيف؛ حتى صار خليفة، وسمَّي أمير المؤمنين؛ فلا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً؛ براً كان أو فاجراً )).
واحتج بما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: (( ... وأصلي وراء من غلب)).
وقد حكى الإجماع على ذلك الحافظ بن حجر في الفتح فقال: (( وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب، والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من حقن الدماء، وتسكين الدهماء )).
وقد حكى الإجماع – أيضاً- شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله تعالى - فقال: (( الأمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد – أو بلدان – له حكم الإمام في جميع الأشياء ... )).
وقال الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ في [مجموعة الرسائل والمسائل النجدية(3/16]: (( وأهل العلم ... متفقون على طاعة من تغلب عليهم في المعروف، يرون نفوذ أحكامه، وصحة إمامته، لا يختلف في ذلك اثنان، ويرون المنع من الخروج عليهم بالسيف، وتفريق الأمة، وإن كان الأئمة فسقه، مالم يروا كفراً بواحاً، ونصوصهم في ذلك موجودة عن الأئمة الأربعة وغيرهم وأمثالهم ونظرائهم )).
فـصـل :
في بيان حقوق السلطان على الأمة

قال الإمام بدر الدين ابن جماعة في كتابه: ((تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام)) (ص61-71) : (( للسلطان والخليفة على الأمة عشرة حقوق:
الحق الأول: بذل الطاعة له ظاهراً وباطناً، في كلِّ ما يأمر به أو ينهى عنه إلا أن يكون معصية؛ قال الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ﴾، وأولو الأمر هم: الإمام ونوّابه –عند الأكثرين-. وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( السمع والطاعة على المسلم فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية )). فقد أوجب الله تعالى ورسوله: طاعة ولي الأمر، ولم يستثن منه سوى المعصية، فبقي ما عداه على الامتثال.
الحق الثاني: بذل النصيحة له سراً وعلانية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الدين النصيحة))، قالوا: لمن؟ قال: (( لله، ولرسوله ، ولكتابه، ولأئمة المسلمين، وعامتهم )).([1])
الحق الثالث: القيام بنصرتهم باطنا وظاهراً ببذل المجهود في ذلك لما فيه نصر المسلمين وإقامة حرمة الدين، وكف أيدي المعتدين.
الحق الرابع: أن يعرف له عظيم حقه، وما يجب من تعظيم قدره، فيعامل بما يجب له من الاحترام والإكرام، وما جعل الله تعالى له من الإعظام، ولذلك كان العلماء الأعلام من أئمة الإسلام يعظمون حرمتهم، ويلبون دعوتهم مع زهدهم وورعهم، وعدم الطمع فيما لديهم، وما يفعله بعض المنتسبين إلى الزهد من قلة الأدب معهم؛ فليس من السنة.
الحق الخامس: إيقاضه عند غفلته، وإرشاده عند هفوته؛ شفقة عليه، وحفظاً لدينه وعرضه، وصيانة لما جعله الله إليه من الخطأ فيه.
الحق السادس: تحذيره من عدو يقصده بسوء، وحاسد يرومه بأذى، أو خارجيٍّ يخاف عليه منه، ومن كل شيءٍ يخاف عليه منه –على اختلاف أنواع ذلك وأجناسه-؛ فإن ذلك من آكد حقوقه وأوجبها.
الحق السابع: إعلامه بسيرة عماله، الذين هو مطالب بهم، ومشغول الذمة بسبهم؛ لينظر لنفسه في خلاص ذمته؛ وللأمة في مصالح ملكه ورعيته.
الحق الثامن: إعانته على ما تحمله من أعباء الأمة، ومساعدته على ذلك بقدر المكنة، قال الله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ﴾، وأحق من أعين على ذلك ولاة الأمر.
الحق التاسع: ردٌّ القلوب النافرة عنه إليه، وجمع محبة الناس عليه؛ لما في ذلك من مصالح الأمة، وانتظام أمور الملة.
الحق العاشر: الذب عنه بالقول والفعل، وبالمال والنفس والأهل في الظاهر والباطن، والسر والعلانية.
وإذا وفّت الرعية بهذه الحقوق العشرة الواجبة، وأحسنت القيام بمجامعها، والمراعاة لمواقعها؛ صفت القلوب وأخلصت، واجتمعت الكلمة وانتصرت )).
فـصـل:
في كـيـفـيـة الإنـكـار عـلـى الأمـراء

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول الدين، به يظهر الخير ويعم، ويختفي الباطل ويضمحل.
وقد كان موقف سلفنا الصالح من المنكرات الصادرة من الحكّام وسطاً بن طائفتين:
أحدهما: الخوارج والمعتزلة، الذين يرون الخروج على السلطان إذا فعل منكراً.
والأخرى: الروافض الذين أضفوا على حكامهم قداسة، حتى بلغوا بهم مرتبة العصمة.
وكلا الطائفتين بمعزل عن الصواب، وبمنأى عن صريح السنة والكتاب. ووفق الله أهل السنة والجماعة –أهل الحديث- إلى عين الهدى والحق، فذهبوا إلى وجوب إنكار المنكر، لكن بالضوابط الشرعية التي جاءت بها السنة، وكان عليها سلف هذه الأمة. ومن أهم ذلك وأعظمه قدراً أن يناصح ولاة الأمر سراً فيما صدر عنهم من منكرات، ولا يكون ذلك على رؤوس المنابر وفي مجامع الناس، لما ينجم عن ذلك –غالباً- من تأليب العامة، وإثارة الرعاع، وإشعال الفتنة.
يقول الإمام العلامة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله تعالى:
(( ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر، لأن ذلك يفضي إلى الفوضى، وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع. ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجّه إلى الخير)).
وهذا الذي قرره الشيخ –رحمه الله تعالى- هو امتداد لما عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن سلك مسلكهم من أهل العلم والدين.
ففي مسند الإمام أحمد: أن عياض بن غنم جلد صاحب (دارا) حين فتحت، فأغلظ له هشام بن حكيم القول، حتى غضب عياض، ثم مكث ليالي، فأتاه هشام بن حكيم، فاعتذر إليه، ثم قال هشام لعياض: ألم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( إن من أشد الناس عذاباً أشدهم عذاباً في الدنيا للناس )). فقال عياض بن غنم: يا هشام بن حكيم! قد سمعنا ما سمعت، ورأينا ما رأيت، أولم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلمويقول: (( من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فلا يبد له علانية، ولكن ليأخذ بيده، فيخلو به، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه له))، وإنك يا هشام لأنت الجريء إذ تجترئ على سلطان الله –تبارك تعالى-.)) صححه الألباني في ((ظلال الجنة)) (2/521-522).
قال الشوكاني في ((السيل الجرار)) (4/556): (( ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه، ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد. بل كما ورد في الحديث: أنه يأخذ بيده ويخلو به، ويبذل له النصيحة، ولا يذل سلطان الله. وقد قدمنا: أنه لا يجوز الخروج على الأئمة، وإن بلغوا في الظلم أيّ مبلغ ما أقاموا الصلاة، ولم يظهر منهم الكفر والبواح. والأحاديث الواردة في هذا المعنى متواترة )).
وأخرج البخاري، ومسلم في ((صحيحيهما))، عن أسامة بن زيد، أنه قيل له: ألا تدخل على عثمان لتكلمه؟ فقال: (( أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟ والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتح أمراً لا أحب أن أكون أوّل من فتحه )).
قال العلامة الألباني في تعليقه على ((مختصر صحيح مسلم)) (335): (( يعني: المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملاء؛ لأن في الإنكار جهاراً ما يخشى عاقبته، كما اتفق في الإنكار على عثمان جهاراً، إذ نشأ عنه قتله ))
فـصـل :
فـي الـصـبر عـلـى جـور الأئـمـة

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الفتاوى)) (28/179) : (( الصبر على جور الأئمة أصل من أصول أهل السنة والجماعة )).
أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما(خ(13/5)، م(3/1477))، عن عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما-، أن النبي صلى الله عليه وسلمقال: (( من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر؛ فإنه من فارق الجماعة شبراً، فمات؛ فميتةُ جاهلية)).
قال ابن مجلزة: (( المراد بالمفارقة السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير، ولو بأدنى شيء، فكنى بمقدار الشبر، لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق )).
جاء في ((الشريعة)) للآجري (ص3 : عن عمرو بن يزيد، أنه قال: ((سمعت الحسن –أيام يزيد بن المهلب يقول- وأتاه رهط- فأمرهم أن يلزموا بيوتهم، ويغلقوا عليهم أبوابهم، ثم قال: (( والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبورا ما لبثوا أن يرفع الله –عز وجل- ذلك عنهم، وذلك أنهم يفزعون إلى السيف، فيوكلون إليه، ووالله ما جاؤوا بيوم خيرٍ قط، ثم تلا: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ ﴾ )).
وقيل: سمع الحسن رجلاً يدعو على الحجاج، فقال: (( لا تفعل –رحمك الله-؛ إنكم من أنفسكم أٌتيتم، إنما نخاف إن عزل الحجاج أو مات: أن تليكم القردة الخنازير )).
فـصـل:
فـي الـنـهـي عـن ســب الأمــراء

الوقيعة في أعراض الأمراء، والاشتغال بسبهم، وذكر معايبهم خطيئة كبيرة، وجريمة شنيعة، نهى عنها الشرع المطهر، وذم فاعلها. وهي نواة الخروج على ولاة الأمر، الذي هو أصل فساد الدين والدنيا معاً.
وقد علم أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فكل نص في تحريم الخروج وذم أهله، دليل على تحريم السب، وذم فاعله.
أخرج الترمذي في سننه (7/149)، عن زياد بن كسيب العدوي، قال: كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر –وهو يخطب وعليه ثياب رقاق-، فقال أبو بلال: أنظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق. فقال أبو بكرة: اسكت؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلميقول: (( من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله )). حسنه الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (5/376).
وأخرج ابن أبي عاصم في السنة (2/48، عن أنس بن مالك، قال: نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: (( لا تسبوا أمراءكم، ولا تغشّوهم، ولا تبغضوهم، واتقوا الله واصبروا؛ فإن الأمر قريب )). وإسناده جيد.
وعن عمرو البكالي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلميقول: (( إذا كان عليكم امراء يأمرونكم بالصلاة والزكاة؛ حلت لكم الصلاة خلفهم، وحرم عليكم سبهم )).
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (7/152) : سنده صحيح
وأخرج البيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/4، عن ابي الدرداء –رضي الله عنه-، أنه قال: (( إن أوّل نفاق المرء طعنه في إمامه)).
وأخرج ابن سعد في ((الطبقات)) (6/115): عن هلال بن أبي حميد، قال: سمعت عبد الله بن عكيم يقول: (( لا أعين على دم خليفة أبداً بعد عثمان )). فيقال له: يا أبا معبدٍ أو أعنت على دمه؟! فيقول: (( إني أعد ذكر مساويه عونا على دمه )). إسناده صحيح.
فمن خالف هذا المنهج السلفي، واتبع هواه، فلا ريب أن قلبه مليء بالغلّ، إذ إن السباب والشتام ينافي النصح للولاة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلمأنه قال: (( ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئٍ مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين )).
قال الشيخ السعدي - رحمه الله تعالى - : على الناس أن يغضوا عن مساويهم – أي الملوك والأمراء - ولا يشتغلوا بسبهم بل يسألون الله لهم التوفيق ؛ فإن سب الملوك والأمراء فيه شر كبير وضرر عام وخاص وربما تجد السَّاب لهم لم تحدثه نفسه بنصيحتهم يوماً من الأيام وهذا عنوان الغش للراعي والرعية اهـ. [ نور البصائر والألباب (66)].
أول مـن بـدأ بـالـطـعـن عـلـى أئـمـة الـمـسـلـمـيـن
الطعن في الأمراء –تحت شعار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- بدعة سبئية، ابتدأها عبد الله بن سبأ؛ لتفريق الأمة، وإشعال الفتن بين أبنائها، وكان نتاج بدعته هذه: قتل خليفة المسلمين عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فـصـل:
في عقوبة المثبط عن ولي الأمر والمثير عليه

التثبيط عن ولي الأمر له صور عديدة، بعضها أشد من بعض، وكذا إثارة الرعية عليه.
فإذا دعا رجل إلى التثبيط –أو الإثارة-، فإن لوليِّ الأمر إيقاع العقوبة المتلائمة مع جرمه؛ من ضرب، أو حبس، أو نفي ... لأن التثبيط والإثارة من أعظم مقدمات الخروج، والخروج من أشنع الجرائم وأبشعها؛ فكان ما يفضي إليه كذلك.
قال الشوكاني –رحمه الله- في ((السيل الجرار)) (4/514): في شرح قول صاحب ((الأزهار)): ((ويؤدب من يثبط عنه أو ينفى، ومن عاداه فبقلبه مخطئ، وبلسانه فاسق، وبيده محارب))، قال:
(( وأما قوله: ويؤدب من يثبط عنه؛ فالواجب دفعه عن هذا التثبيط، فإن كفّ، وإلا كان مستحقاً لتغليظ العقوبة، والحيلولة بينه وبين من صار يسعى لديه بالتثبيط، بحبس أو غيره؛ لأنه مرتكب لمحرم عظيم، وساع في إثارة فتنة تراق بسببها الدماء، وتهتك عندها الحرم، وفي هذا التثبيط نزعٌ ليده من طاعة الإمام. وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم، إنه قال: (( من نزع يده من طاعة الإمام، فإنه يجيء يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وهو مفارق للجماعة؛ فإنه يموت موتة جاهلية)).
وقال ابن فرحون في ((تبصرة الحكام)) (1/227):
(( ومن تكلم بكلمة لغير موجب في أمير من أمراء المسلمين؛ لزمته القعوبة الشديدة، ويسجن شهراً. ومن خالف أميراً، وقد كرر دعوته؛ لزمته العقوبة الشديدة بقدر اجتهاد الإمام)). اهـ.
وبهذا يعلم أن إثارة الرعية على الولاة، وتأليب العامة عليهم، داء عضال، تجب المبادرة إلى كيه، وورم خبيث يتعين استئصاله، لئلا يستفحل فيخرج خبثه، فيستحكم البلية وتعظم الرزية، ولا ينفع الندم عندئذٍ.
فـصـل:
في مشروعية الدعاء لولاة الأمر بالصلاح

صلاح ولاة الأمر مطلبٌ لكل مسلم غيور على دينه، إذ صلاحهم صلاح للعباد والبلاد، ولقد اعتنى علماء المسلمين بهذه القضية عنايةً واضحة، وتجلت في صور ناصعةٍ رائعةٍ، منها:
أولاً : إيداع الأمر بالدعاء لهم في مختصرات العقائد، التي يطالب المسلم باعتقاد ما فيها.
ثانياً : جعل بعض العلماء المحققين علامة من كان سنياً سلفياً: الدعاء لولاة الأمر، وعكسه من كان مبتدعاً ضالاً، دعا على ولاة الأمر.
قال الإمام البربهاري –رحمه الله- في ((شرح السنة)) (ص113): (( وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان؛ فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح؛ فاعلم أنه صاحب سنة –إن شاء الله-)).
· وإليك –أيها الموفق- بعضاً مما جاء عن أهل السنة المرضيين في ذلك:
- أخرج أبو نعيم في الحلية : عن عبد الصمد البغدادي قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول:
(( لو أن لي دعوة مستجابة، ما صيرتها إلا في الإمام. قيل: وكيف ذلك يا أبا عليّ؟، قال: متى صيرتها في نفسي لم تجزني، ومتى صيرتها في الإمام –يعنى: عمّت-؛ فصلاح الإمام صلاح العباد والبلاد ... فقبل ابن المبارك جبهته، وقال: يا معلم الخير! من يحسن هذا غيرك؟ )). واسناده صحيح.
- أخرج الخلاّل في ((السنة)) (1/83) : أن الإمام أحمد قال عن الإمام: ((وإني لأدعو له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار، والتأييد، وأرى ذلك واجباً علي)).
وقال: (( لئن حدث به حدث؛ لتنظرن ما يحلُّ بالإسلام)).
- قال ابو عثمان الصابوني، المتوفى سنة (449) في ((عقيدة السلف أصحاب الحديث)): ((ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح، وبسط العدل في الرعية)).
رســــالــــة مــــهــــمــــة
من رسائل العالم العلامة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم الشيخ ... ... ... المحترم سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بلغني أن موقفك مع الأمارة ليس كما ينبغي، وتدري -بارك الله فيك- أن الأمارة ما قصد بها إلا نفع الرعية، وليس شرطها أن لا يقع منها زلل، والعاقل بل وغير العاقل يعرف أن منافعها وخيرها الديني والدنيوي يربو على مفاسدها بكثير، ومثلك إنما منصبه منصب وعظ وإرشاد وإفتاء بين المتخاصمين، ونصيحة الأمير والمأمور بالسر، وبنيّة خالصة، تعرف فيها النتيجة النافعة للإسلام والمسلمين. ولا ينبغي أن تكون عثرة الأمير – أو العثرات- نصب عينيك والقاضية على فكرك، والحاكمة على تصرفاتك، بل في السر قم بواجب النصيحة، وفي العلانية أظهر وصرح بما أوجبه الله من حق الأمارة والسمع والطاعة لها؛ وإنها لم تأت لجباية أموال وظلم دماء وأعراض من المسلمين، ولم تفعل ذلك أصلاً، إلا أنها غير معصومة فقط. فأنت كن وأياها أخوين؛ أحدهما: مبيّن واعظ ناصح، والآخر: باذل ما يجب عليه، كافُّ عن ما ليس له؛ إن أحسن دعا له بالخير ونشط عليه، وإن قصر عومل بما أسلفت لك. ولا يظهر عليك عند الرعية -ولا سيّما المتظلمين بالباطل- عتبك على الأمير وانتقادك إياه؛ لأن ذلك غير نافع الرعية بشيء؛ وغير ما تعبّدت به، إنما تعبّدت بما قدمت لك ونحوه، وأن تكون جامع شمل لا مشتت، مؤلف لا منفر، واذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلملمعاذ وأبي موسى: (( يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تخالفا)). وأنما لم أكتب لك ذلك لغرض سوى النصيحة لك وللأمير ولكافة الجماعة ولإمام المسلمين، والله ولي التوفيق، والسلام عليكم. [مجموع الفتاوى له (12/182)]
وبعد: فهذه جملة مختارة من نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف تكفي وتغني لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وصلِّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الأحد مارس 24, 2024 7:39 am عدل 5 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 6:36 am

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Oa_o10
يجب على الجميع السمع والطاعة لولاة الأمر بالمعروف
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
وجود المنكرات و الكبائر لا يبرر الخروج على ولي الأمر -
أضغط هنـــــــــــــــــــــا
لولي الأمر أن يمنع من يعرف بالتساهل بالفتوى أو الجهل و له أن يسجنه أو يأدبه إذا لم يمتثل
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
أنصح الجميع بوجوب السمع و الطاعة و عدم شق العصا و الخروج عن بيعة ولي الأمر
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــا
الحاكم لا يكفر إلا إذا استحل الحكم بغير ما أنزل الله
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــا
نصيحــة الأمـة
فـي جـواب عشـرة أسئلـة مهمـة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اتبع هداه، أما بعد:
فهذه أسئلة مهمة وأجوبتها رأيت تقديمها لإِخواني المسلمين للاستفادة منها، وأسأل الله أن ينفع بها عباده، وأن يتقبل منا جهدنا، وأن يضاعف لنا الأجر، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ويصلح أحوال المسلمين، وأن يولي عليهم خيارهم، وأن يصلح قادتهم، إِنه ولي ذلك والقادر عليه.
س1: سماحة الشيخ: هناك من يرى أن اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم ومحاولة التغيير وإِن ترتب عليه ضرر للمسلمين في البلد، والأحداث التي يعاني منها عالمنا الإِسلامي كثيرة، فما رأي سماحتكم؟
ج1: بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا
فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر، وهم: الأمراء والعلماء، وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن هذه الطاعة لازمة، وهي فريضة في المعروف.
والنصوص من السنة تبين المعنى، وتُقَيِّد إِطلاق الآية بأن المراد: طاعتهم في المعروف، ويجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي، فإِذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية، لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أَلاَ من وَلِيَ عليه وال فرآه يأتي شيئًا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعنَّ يدًا من طاعة ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية ، وقال صلى الله عليه وسلم: على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره، إِلا أن يُؤمر بمعصية، فإِن أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة .
وسأله الصحابة رضي الله عنهم - لما ذكر أنه يكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون - قالوا: فما تأمرنا؟ قال: أدوا إِليهم حقَّهم، وسلوا الله حقكم ، قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه: ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، وقال: إِلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان .
فهذا يدل على أنه لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور، ولا الخروج عليهم إِلا أن يروا كفرًا بواحًا عندهم من الله فيه برهان؛ وما ذاك إِلا لأن الخروج على ولاة الأمور يُسَبِّب فسادًا كبيرًا وشرًّا عظيمًا، فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق، ولا يتيسر ردع الظالم، ولا نصر المظلوم، وتختل السبل ولا تأمن، فيترتب على الخروج على ولاة الأمور فساد عظيم وشر كثير، إِلا إِذا رأى المسلمون كفرًا بواحًا عندهم من الله فيه برهان، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإِزالته إِذا كان عندهم قدرة، أما إِذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا، أو كان الخروج يسبب شرًّا أكثر فليس لهم الخروج؛ رعاية للمصالح العامة.
والقاعدة الشرعية المجمع عليها: ( أنه لا يجوز إِزالة الشر بما هو أشر منه ، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه ). أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإِجماع المسلمين، فإِذا كانت هذه الطائفة التي تريد إِزالة هذا السلطان الذي فعل كفرًا بواحًا عندها قدرة تزيله بها، وتضع إِمامًا صالحًا طَيِّبًا من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين، وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس، أما إِذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير، واختلال الأمن، وظلم الناس، واغتيال من لا يستحق الاغتيال... إِلى غير هذا من الفساد العظيم، فهذا لا يجوز، بل يجب الصبر، والسمع والطاعة في المعروف، ومناصحة ولاة الأمور، والدعوة لهم بالخير، والاجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير.
هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك؛ لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة، ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير، ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر.
نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
س2: سماحة الوالد: نعلم أن هذا الكلام أصل من أصول أهل السنة والجماعة، ولكن هناك - للأسف - من أبناء أهل السنة والجماعة من يرى هذا فكرًا انهزاميًّا، وفيه شيء من التخاذل، وقد قيل هذا الكلام؛ لذلك يدعون الشباب إِلى تَبَنِّي العنف في التغيير .
ج2: هذا غلط من قائله، وقلة فهم؛ لأنهم ما فهموا السنة ولا
عرفوها كما ينبغي، وإِنما تحملهم الحماسة والغيرة لإِزالة المنكر على أن يقعوا فيما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج والمعتزلة ، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق، حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كَفَّروا المسلمين بالمعاصي كما فعلت الخوارج ، أو خلَّدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة .
فالخوارج كَفَّروا بالمعاصي، وَخلَّدوا العصاة في النار، والمعتزلة وافقوهم في العاقبة، وأنهم في النار مخلدون فيها. ولكن قالوا: إِنهم في الدنيا بمنزلة بين المنزلتين، وكله ضلال.
والذي عليه أهل السنة - وهو الحق - أن العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحلها، فإِذا زنا لا يكفر، وإِذا سرق لا يكفر، وإِذا شرب الخمر لا يكفر، ولكن يكون عاصيًا ضعيف الإِيمان فاسقًا تقام عليه الحدود، ولا يكفر بذلك إِلا إِذا استحل المعصية وقال: إِنها حلال، وما قاله الخوارج في هذا باطل، وتكفيرهم للناس باطل؛ ولهذا قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: إِنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرميَّة ثم لا يعودون إِليه، يُقَاتِلون أهل الإِسلام، ويَدَعُونَ أهل الأوثان . هذه حال الخوارج بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم، فلا يليق بالشباب ولا غير الشباب أن يُقَلِّدوا الخوارج والمعتزلة ، بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلة الشرعية، فَيَقِفُوا مع النصوص كما جاءت، وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاصٍ وقعت منه ، بل عليهم المناصحة بالمكاتبة والمشافهة، بالطرق الطيبة الحكيمة، وبالجدال بالتي هي أحسن، حتى ينجحوا، وحتى يقل الشر أو يزول ويكثر الخير.
هكذا جاءت النصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل يقول: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
فالواجب على الغيورين لله وعلى دعاة الهدى أن يلتزموا حدود الشرع، وأن يناصحوا من ولاهم الله الأمور، بالكلام الطيب، والحكمة، والأسلوب الحسن، حتى يكثر الخير ويقل الشر، وحتى يكثر الدعاة إِلى الله، وحتى ينشطوا في دعوتهم بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة، ويناصحوا من ولاهم الله الأمر بشتى الطرق الطيبة السليمة، مع الدعاء لهم بظهر الغيب: أن الله يهديهم، ويوفقهم، ويعينهم على الخير، وأن الله يعينهم على ترك المعاصي التي يفعلونها وعلى إِقامة الحق.
هكذا يدعو المؤمن الله ويضرع إِليه: أن يهدي الله ولاة الأمور، وأن يعينهم على ترك الباطل، وعلى إِقامة الحق بالأسلوب الحسن وبالتي هي أحسن، وهكذا مع إِخوانه الغيورين ينصحهم ويعظهم ويذكرهم حتى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة، وبهذا يكثر الخير، ويقل الشر، ويهدي الله ولاة الأمور للخير والاستقامة عليه، وتكون العاقبة حميدة للجميع.
س3: لو افترضنا أن هناك خروجًا شرعيًّا لدى جماعة من الجماعات، هل هذا يُبَرِّر قتل أعوان هذا الحاكم وكل من يعمل في حكومته مثل الشرطة والأمن وغيرهم؟
ج3: سبق أن أخبرتك: أنه لا يجوز الخروج على السلطان إِلا بشرطين:
أحدهما: وجود كفرٍ بواحٍ عندهم من الله فيه برهان.
والشرط الثاني: القدرة على إِزالة الحاكم إِزالةً لا يترتب عليها شر أكبر منه، وبدون ذلك لا يجوز.
س4: يظن البعض من الشباب أن مجافاة الكفار - ممن هم مستوطنون في البلاد الإِسلامية أو من الوافدين إِليها - من الشرع، ولذلك البعض يستحل قتلهم وسلبهم إِذا رأوا منهم ما ينكرون .
ج4: لا يجوز قتل الكافر المستوطن أو الوافد المستأمن الذي أدخلته الدولة آمنًا، ولا قتل العصاة ولا التعدي عليهم، بل يحالون فيما يحدث منهم من المنكرات للحكم الشرعي، وفيما تراه المحاكم الشرعية الكفاية.
س5: وإِذا لم توجد محاكم شرعية؟
ج5: إِذا لم توجد محاكم شرعية، فالنصيحة فقط، النصيحة لولاة الأمور، وتوجيههم للخير، والتعاون معهم حتى يُحَكِّموا شرع الله، أما أن الآمر والناهي يمد يده فيقتل أو يضرب فلا يجوز، لكن يتعاون مع ولاة الأمور بالتي هي أحسن حتى يحكِّموا شرع الله في عباد الله، وإِلا فواجبه النصح، وواجبه التوجيه إِلى الخير، وواجبه إِنكار المنكر بالتي هي أحسن، هذا هو واجبه، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ؛ لأن إِنكاره باليد بالقتل أو الضرب يترتب عليه شر أكثر وفساد أعظم بلا شك ولا ريب لكل من سبر هذه الأمور وعرفها.
س6: هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبالذات التغيير باليد حق للجميع، أم أنه حق مشروط لولي الأمر ومن يُعَيِّنُه ولي الأمر؟
ج6: التغيير للجميع حسب استطاعته؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإِن لم يستطع فبلسانه، فإِن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإِيمان ، لكن التغيير باليد لا بد أن يكون عن قدرة لا يترتب عليه فساد أكبر وشر أكثر ، فليُغَيِّر باليد في بيته: على أولاده، وعلى زوجته، وعلى خدمه، وهكذا الموظف في الهيئة المختصة المعطى له صلاحيات، يغير بيده حسب التعليمات التي لديه، وإِلا فلا يغير شيئًا بيده ليس له فيه صلاحية؛ لأنه إِذا غير بيده فيما لا يدخل تحت صلاحيته يترتب عليه ما هو أكثر شرًّا، ويترتب بلاء كثير وشر عظيم بينه وبين الناس، وبينه وبين الدولة. ولكن عليه أن يغير باللسان كأن يقول: ( اتق الله يا فلان، هذا لا يجوز )، ( هذا حرام عليك )، ( هذا واجب عليك )، يبين له بالأدلة الشرعية باللسان، أما باليد فيكون في محل الاستطاعة، في بيته، أو فيمن تحت يده، أو فيمن أُذن له فيه من جهة السلطان أن يأمر بالمعروف، كالهيئات التي يأمرها السلطان ويعطيها الصلاحيات، يُغَيِّرون بقدر الصلاحيات التي أعطوها على الوجه الشرعي الذي شرعه الله لا يزيدون عليه، وهكذا أمير البلد يغير بيده حسب التعليمات التي لديه.
س7: هناك من يرى - حفظك الله - أن له الحق في الخروج على الأنظمة العامة التي يضعها وليُّ الأمر كالمرور والجمارك والجوازات.. إِلخ، باعتبار أنها ليست على أساس شرعي، فما قولكم - حفظكم الله -؟
ج7: هذا باطل ومنكر، وقد تقدم: أنه لا يجوز الخروج ولا التغيير باليد، بل يجب السمع والطاعة في هذه الأمور التي ليس فيها منكر، بل نَظَّمَها ولي الأمر لمصالح المسلمين، فيجب الخضوع لذلك، والسمع
والطاعة في ذلك؛ لأن هذا من المعروف الذي ينفع المسلمين، وأما الشيء الذي هو منكر، كالضريبة التي يرى ولي الأمر أنها جائزة فهذه يراجع فيها ولي الأمر؛ للنصيحة والدعوة إِلى الله، وبالتوجيه إِلى الخير، لا بيده يضرب هذا أو يسفك دم هذا أو يعاقب هذا بدون حجة ولا برهان، بل لا بد أن يكون عنده سلطان من ولي الأمر يتصرف به حسب الأوامر التي لديه وإِلا فحسبه النصيحة والتوجيه، إِلا فيمن هو تحت يده من أولاد وزوجات ونحو ذلك ممن له السلطة عليهم.
س8: هل من مقتضى البيعة - حفظك الله - الدعاء لولي الأمر؟
ج8: من مقتضى البيعة النصح لولي الأمر ، ومن النصح: الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة؛ لأن من أسباب صلاح الوالي ومن أسباب توفيق الله له: أن يكون له وَزِيرُ صدقٍ يُعِينُه على الخير، ويُذَكِّرُه إِذا نسي، ويُعِينُه إِذا ذكر، هذه من أسباب توفيق الله له.
فالواجب على الرعية وعلى أعيان الرعية التعاون مع ولي الأمر في الإِصلاح وإِماتة الشر والقضاء عليه، وإِقامة الخير بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والتوجيهات السديدة التي يرجى من ورائها الخير دون الشر، وكل عمل يترتب عليه شر أكثر من المصلحة لا يجوز؛ لأن المقصود من الولايات كلها: تحقيق المصالح الشرعية، ودرء المفاسد، فأي عمل يعمله الإِنسان يريد به الخير ويترتب عليه ما هو أشر مما أراد إِزالته وما هو منكر لا يجوز له.
وقد أوضح شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله هذا المعنى إِيضاحًا كاملاً في كتاب " الحسبة " فليراجع؛ لعظم الفائدة.
س9: ومن يمتنع عن الدعاء لولي الأمر - حفظك الله - .
ج9: هذا من جهله، وعدم بصيرته؛ لأن الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات، ومن النصيحة لله ولعباده، والنبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: إِن دوسًا عصت وهم كفار قال: اللهم اهد دوسًا وائت بهم ، فهداهم الله وأتوه مسلمين.
فالمؤمن يدعو للناس بالخير، والسلطان أولى من يُدْعَى له؛ لأن صلاحه صلاح للأمة، فالدعاء له من أهم الدعاء، ومن أهم النصح: أن يُوفَّق للحق وأن يُعان عليه، وأن يُصلح الله له البطانة، وأن يكفيه الله شرَّ نفسه وشرَّ جلساء السوء، فالدعاء له بالتوفيق والهداية وبصلاح القلب والعمل وصلاح البطانة من أهم المهمات، ومن أفضل القربات، وقد روي عن الإِمام أحمد رحمه الله أنه قال: ( لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان )، ويروى ذلك عن الفضيل بن عياض رحمه الله.
س10: هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر؟ وما منهج السلف في نصح الولاة؟
ج10: ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة، وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إِلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إِلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إِليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجَّه إِلى الخير.
أما إِنكار المنكر بدون ذكر الفاعل: فينكر الزنا، وينكر الخمر، وينكر الربا من دون ذكر من فعله، فذلك واجب؛ لعموم الأدلة.
ويكفي إِنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر من فعلها لا حاكمًا ولا غير حاكم.
ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه: قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه: ألا تكلم عثمان ؟ فقال: إِنكم ترون أني لا أكلمه، إِلاَّ أُسْمِعُكم؟ إِني أكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمرًا لا أحب أن أكون أول من افتتحه.
ولما فتح الخوارج الجهال باب الشر في زمان عثمان رضي الله عنه وأنكروا على عثمان عَلَنًا عظمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إِلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية ، وقُتِلَ عثمان وعلي رضي الله عنهما بأسباب ذلك، وقُتِل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإِنكار العلني، وذِكْرِ العيوب علنًا، حتى أبغض الكثيرون من الناس وَلِيَّ أمرهم وقتلوه، وقد روى عياض بن غُنْم الأشعري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يُبْدهِ علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به، فإِن قبل منه فذاك، وإِلا كان قد أدى الذي عليه .
نسأل الله العافية والسلامة لنا ولإِخواننا المسلمين من كل شر، إِنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وآله وصحبه.
[المصدر : فتاوى ابن باز  المجلد الثامن  الجزء 8  الصفحة 202 الى 211]
أضغط هنــــــــــــا doc
كتاب
مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  %25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2585%25D8%25B9%25D9%2584%25D9%2588%25D9%2585+%25D9%2585%25D9%2586+%25D9%2588%25D8%25A7%25D8%25AC%25D8%25A8+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B9%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2582%25D8%25A9+%25D8%25A8%25D9%258A%25D9%2586+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AD%25D8%25A7%25D9%2583%25D9%2585+%25D9%2588%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2585%25D8%25AD%25D9%2583%25D9%2588%25D9%2585
المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم والمحكوم
أضغط هنـــــــــــــــــا
أو
أضغط هنــــــــــــا pdf
طاعة ولي الأمر من أسباب الأمن





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 11:40 am عدل 7 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 6:36 am

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  3210
مذهب السلف الصالح في السمع والطاعة والنصيحة لولي الأمر
أضغط هنــــــــــــــــــــا
طاعة ولي الأمر واجبة ليست في الأمور الشرعية فقط بل بالمباحة
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــا
الرد على من يتوهم أن ولي الأمر لا يُطاع في الأمور المباحة
أضغط هنــــــــــــــــــــــا
أحكام الإمامة ينبغي لطالب العلم أن يعتني بها لئلا يقع في مزالق الخوارج
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــا
وجوب السمع والطاعة للحاكم حتى وإن استأثر بالأموال وفعل فيها ما شاء
أضغط هنـــــــــــــــــــا
شرح نفيس لكلمة الإمام أحمد رحمه الله في الموقف من الحكام
أضغط هنـــــــــــــــــــا
التعليق على حديث إنكم سترون بعدي أثرة وأموراً تنكرونها
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــا
الرد على من يقول: السمع والطاعة للحاكم إذا أخذ المال وضرب الظهر بالحق فقط
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــا
شرح حديث المبايعة على السمع والطاعة في العُسْر واليُسْر والأَثَرَة
أضغط هنــــــــــــــــــــــا
لا يُشترط في طاعة ولاة الأمور أن يكونوا عدولاً
أضغط هنــــــــــــــــــــــا
اسمع وأطع لأميرك وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ولا تطعه في المعصية وانصحه
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــا
التعليق على حديث: "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضُرب ظهرك وأخذ مالك"
أضغط هنــــــــــــــــــــــا
الحاكم بالقوانين الوضعية ما دام يصلي فهو مسلم وحاكم شرعي وله بيعة ولا يجوز تكفيره
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــا
لا بد أن نكون أمةً سلفية في تعاملنا مع الحكام الظلمة والمنحرفين
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــا
قنوت الإمام في الجماعة لا يكون إلا بعد موافقة ولاة الأمور
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــا
ما الجمع بين احاديث السمع و الطاعة و حديث " كلمة حق عند سلطان جائر "
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــــا
طاعة ولاة الأمور تبع لطاعة الله ورسوله و كما تكونوا يولى عليكم
أضغط هنــــــــــــــــــــا
وجوب السمع و الطاعة لولاة الأمور - الخوارج همهم المناصب
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا
السمع والطاعة لولي الأمر
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــــا
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "ما أمر به ولاة الأمور على ثلاثة أقسام:
القسم الأول : ما أمر الله به.
القسم الثاني : ما نهى الله عنه.
القسم الثالث : ما لم يرد به أمر ولا نهي.
أما ما أمر الله به (القسم الأول) فإن ولاة الأمور إذا أمروا به صارت طاعتهم واجبة من وجهين:
الوجه الأول: طاعة الله.
الوجه الثاني: طاعة ولاة الأمر.
مثال ذلك: أن يأمروا بإعلان الأذان، أو بإقامة الصلاة جماعة في المساجد، أو بأداء الزكاة، فهذا واجب الطاعة.
وأما القسم الثاني: أن يأمروا بما نهى الله عنه: مثل أن يقولوا للناس: افتحوا خانات الخمر، فهذا لا يطاعون فيه، أو يأمروا بقتل شخص لا يحل قتله، ونحن نعلم أنه لا يحل قتله، وإنما أمروا بقتله عدواناً وظلماً؛ فهنا لا طاعة لهم، أما إذا أمروا بقتله بحق كقصاص أو ردة، أو فساد في الأرض أو تعزير يسوغ لهم التعزير به؛ فإن طاعتهم في ذلك واجبة، لكن إذا كنا نعلم أنه ظلم بغير حق فإننا لا نطيعهم.
كذلك أيضاً لو أمروا بإدخال حدود الأراضي على الجيران ظلماً وعدواناً، فإننا لا نوافقهم على ذلك ونعصيهم؛ لأن طاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله.
ومن ذلك قصة أمير السرية الذي أمَّره النبي صلّى الله عليه وسلّم على سرية، فخرج بهم، وغاضبهم يوماً من الأيام، فأمرهم أن يجمعوا حطباً، فجمعوا حطباً امتثالاً لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه أمرهم بطاعته، ثم قال: "أضرموا فيه النار، فأضرموها"، ثم قال لهم: "ألقوا أنفسكم في النار، فتوقفوا" وقالوا: "نحن من النار فررنا ولم نؤمن إلا خوفاً من النار" ـ فكيف نقحم أنفسنا فيها؟ فلما رجعوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وحكوا له ذلك، قال: "لو دخلوها ما خرجوا منها" ؛ لأنهم قتلوا أنفسهم "إنما الطاعة في المعروف".(1) يعني: في شيء لا ينكره الشرع.
لو نهى الأمير الناس عن الأمور المستحبة فليس له ذلك لكن إذا قال لشخص معين: لا تتكلم في هذا، فله ذلك؛ إذا كان يرى أن في كلامه مضرة للناس، أما إذا كان لا يرى ذلك فلا يجوز له أن يمنع الناس من شرع الله، ولهذا امتثل الإمام أحمد رحمه الله حين منعوه أن يحدث. وقال أبو موسى لعمر رضي الله عنهما: "إن شئت ألا أحدث به فعلت".
وأما القسم الثالث: أن يأمر ولاة الأمور بما لم يتعلق به أمر ولا نهي، فهنا معترك القول، فالمتمردون على ولاة الأمور يقولون: لا سمع ولا طاعة، هات دليلاً على أن هذا واجب، والمؤمنون يقولون: سمعاً وطاعة؛ لأننا لو لم نطعهم إلا في أمر ورد فيه الشرع بعينه لكانت الطاعة ليست لهم، بل للأمر الشرعي، فمثلاً: لو قال انسان أنا لا أخضع للتنظيم، فلو سد المرور هذا الطريق وقال للناس: سيروا في الجهة الأخرى، فقال: أنا لا أخضع لهذا الأمر، ثم جاء ليجادل ويقول: أين الدليل؟ هل قال الله تعالى: إذا قال لك المرور: لا تمش في هذا الخط فلا تمش؟
الجواب: لم يقل، لكن على سبيل العموم، قال الله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ}؛ فيجب أن تمتثل. فإذا قال: ليس في هذا مصلحة، فلماذا أمتثل؟ قلنا: لو جعلنا المصلحة مربوطة برأي كل واحد من الناس ما عملنا بمصلحة قط؛ لأن أهواء الناس متباينة مختلفة، فالرأي لولي الأمر قبل كل شيء، فإذا كان عندك رأي ترى فيه مصلحة، وجب عليك من باب النصيحة أن ترفعه لولي الأمر، وتقول: نحن نمتثل أمرك سمعاً وطاعة لله عزّ وجل قبل كل شيء، ولكن نرى أن المصلحة في كذا كذا، وحينئذ تكون ناصحاً لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. المصدر:تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم - سورة النساء - الشريط العشرون من تفسير سورة النساء - الوجه الأول - الدقيقة 41.00
(1) عَنْ زُبَيْدٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا ، فَأَوْقَدَ نَارًا ، وَقَالَ : ادْخُلُوهَا ، فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا ، وَقَالَ الْآخَرُونَ : إِنَّا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا : لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَقَالَ لِلْآخَرِينَ قَوْلًا حَسَنًا ، وَقَالَ : لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ". رواه البخاري، كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، حديث رقم (6726)؛ ومسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، حديث رقم (1840) عن علي بن أبي طالب.
كما أن ولاة الأمر من الأمراء والسلاطين يجب احترامهم وتوقيرهم تعظيمهم وطاعتهم ، حسب ما جاءت به الشريعة ؛ لأنهم إذا احتقروا أمام الناس ، وأذلوا ، وهون أمرهم ؛ ضاع الأمن وصارت البلاد فوضى ، ولم يكن للسلطان قوة ولا نفوذ .
فهذان الصنفان من الناس : العلماء والأمراء ، إذا احتقروا أمام أعين الناس فسدت الشريعة ، وفسدت الأمن ، وضاعت الأمور ، وصار كل إنسان يرى أنه هو العالم ، وكل إنسان يرى لأنه هو الأمير ، فضاعت الشريعة وضاعت البلاد ، ولهذا أمر الله تعالى بطاعة ولاة الأمور من العلماء والأمراء فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) [النساء: 59] .
ونضرب لكم مثلاً : إذا لم يعظم العلماء والأمراء ، فإن الناس إذا سمعوا من العالم شيئاً قالوا : هذا هين ، قال فلان خلاف ذلك .
أو قالوا : هذا هين هو يعرف ونحن نعرف ، كما سمعنا عن بعض السفهاء الجهال ، أنهم إذا جودلوا في مسألة من مسائل العلم ، وقيل لهم : هذا قول الإمام أحمد بن حنبل ، أو هذا قول الشافعي ، أو قول مالك ، أو قول أبي حنيفة ، أو قول سفيان ، أو ما أشبه ذلك قال : نعم ، هم رجال ونحن رجال ، لكن فرق بين رجولة هؤلاء ورجولة هؤلاء ، من أنت حتى تصادم بقولك وسوء فهمك وقصور علمك وتقصيرك في الاجتهاد وحتى تجعل نفسك نداً لهؤلاء الأئمة رحمهم الله ؟
فإذا استهان الناس بالعلماء كل واحد يقول : أنا العالم ، أنا النحرير ، أنا الفهامة ، أنا العلامة ، أنا البحر الذي لا ساحل له وصار كل يتكلم بما شاء ، ويفتي بما شاء ، ولتمزقت الشريعة بسبب هذا الذي يحصل من بعض السفهاء .
وكذلك الأمراء ، إذا قيل لواحد مثلاً : أمر الولي بكذا وكذا ، قال : لا طاعة له ؛ لأنه مخل بكذا ومخل بكذا ، وأقول : إنه إذا أخل بكذا وكذا ، فذنبه عليه ، وأنت مأمور بالسمع والطاعة ، حتى وإن شربوا الخمور وغير ذلك ما لم نر كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان ، وإلا فطاعتهم واجبة ؛ ولو فسقوا ، ولو عتو ، ولو ظلموا
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ))(185) .
وقال لأصحابه فيما إذا أخل الأمراء بواجبهم ، قال : (( اسمعوا وأطيعوا فإنما عليكم ما حملتم وعليهم ما حملوا )) (186).
أما أن نريد أن تكون أمراؤنا كأبي بكر وعمر ، وعثمان وعلى ، فهذا لا يمكن ، لنكن نحن صحابة أو مثل الصحابة حتى يكون ولاتنا مثل خلفاء الصحابة .
أما والشعب كما نعلم الآن ؛ أكثرهم مفرط في الواجبات ، وكثير منتهك للحرمات ، ثم يريدون أن يولي الله عليهم خلفاء راشدين ، فهذا بعيد ، لكن نحن علينا أن نسمع ونطيع ، وإن كانوا هم أنفسهم مقصرين فتقصيرهم هذا عليهم . عليهم ما حملوا ، وعلينا ما حملن
فإذا لم يوقر العلماء ولم يوقر الأمراء ؛ ضاع الدين والدنيا . نسأل الله العافية .
[شرح رياض الصالحين المجلد الثالث]
أقسام أوامر ولاة الأمر وأولويات الإصلاح



أوامر ولاة الأمر تنقسم إلى أقسامٍ:
القسم الأول:
ما لا يجوز طاعته :- وذلك فيما إذا أمره بِمعصية الله، مثل: أن يأمره بِحلق اللحية، أو يأمره بأشياء منكَرةٍ، فهذا لا يَجوز طاعتهم فيه؛ لأن الله تعالى قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾[النساء:59] فعطف طاعة أولي الأمر على طاعة الله ورسوله؛ بدون إعادة العامل، مِمَّا يدل على أن طاعة أولِي الأمر على سبيل التبع؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّما الطاعة في المعروف» أي: فيما ليس بمنكر، ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعث رجلاً على سرية، وأمرهم بطاعته، وفي يوم من الأيام أغضبوه، فأمرهم أن يَجمعوا حطباً، فجمعوا حطباً، ثُمَّ أمرهم أن يشعلوا فيه النار، فأشعلوا فيه النار، ثُمَّ أمرهم أن يلقوا أنفسهم فيها، فتوقفوا، وقالوا: إننا لم نتبع الرسول صلى الله عليه وسلم إلا خوفاً من النار! وأبوا أن يدخلوا النار، فلما رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبروه، قال: «إنَّهم لو دخلوها، ما خرجوا منها، إنَّما الطاعة في المعروف» هذا واحد.
القسم الثاني:
أن يأمر بما أمر الله به ورسوله: أن يأمر ولي الأمر بما أمر الله به ورسوله من العبادات، فهذا إن كان واجباً مثل: أن يأمر بصلاة الجماعة، ويتفقد الناس عليها، فطاعته هنا واجبة، واجبة من وجهين: الوجه الأول: أنها واجبة في الشرع بدون أمر ولي الأمر. والثاني: أنها تزداد تأكيداً إذا أمر بها ولي الأمر.
القسم الثالث:
أن يأمر بعبادة غير واجبة؛ لكنها مشروعة :- مثل أن يأمر الناس بالصيام، يقول: أيها الناس! صوموا غداً، فإننا سوف نخرج إلى الاستسقاء نستسقي، ودعاء الصائم مستجاب، فصوموا غداً، فهنا لا تلزم طاعتهم؛ لأن هذا عبادة بين العبد وبين ربه فلا تلزم طاعتهم.
القسم الرابع:
أن يأمر بما فيه حفظ الأمن وصلاح المجتمع :- فهذا تجب طاعته فيه، وإن لم يأمر الله به ورسوله، ما لم يكن معصية، كالأوامر الآن؛ في النظم التي تقرَّر وهي لا تخالف الشرع، فإن طاعة ولي الأمر فيها واجبة، ومَن عصى وخالف فهو آثم.
هذا ما يحضرني الآن من أقسام طاعة ولاة الأمور.
ولكن هنا مسألةٌ:
وهي أن بعض الناس لغيرته على دين الله عز وجل إذا رأى هذه المنكرات، وأن هذه المنكرات متفشية في الناس، مما يُوجَد في الصحف، أو يُسمَع في بعض الإذاعات، أو يُشاهَد عن طريق (الدشوش) -مثلاً- ويَغار على هذا، ويَرى أن الحكومة مقصِّرة في هذا الشيء، ثم يذهب يشيع مساوئ الحكومة بين الناس ويوغِر الصدور عليها، ويلزم من عمله هذا أن يكره الناس ولاة أمورهم.
والحقيقة: أن هذه جادةٌ خاطئةٌ جداً، ومخالِفةٌ للشرع، وخطيرةٌ على المجتمع، وسببٌ للفتن، ولو أنه سعى في إصلاح المجتمع نفسه، لكان خيراً له، فمثلاً: ما يُبَث في الإعلام من مقروءٍ ومسموعٍ ومنظورٍ، يُحذِّر الناس منه، يقول: احذروا -مثلاً- من هذه المجلات! احذروا من مشاهدة الأشياء الضارة في الدين، وفي الدنيا! احذروا من كذا! احذروا من كذا! احذروا من الربا مثلاً! احذروا من الرشوة! لَكانَ خيراً له، والمجتمع إذا صلح فإن ولاة الأمور جزءٌ من المجتمع، لابد أن يصلحوا، إما اختياراً وإما اضطراراً، أما أن يصبَّ جام غيرته على ولاة الأمور، من أجل أن يوغر صدور الناس عليهم، فيحصل بذلك الشر والفساد؛ فهذا لا شك أنه خلاف الصواب، وحَيْدَةٌ عن الجادة السليمة، ولا يخفى عليكم جميعاً ما حصل من الفتن العظيمة في زمن علي بن أبي طالب ، بل في زمن عثمان رضي الله عنه، فما حصل من الشر والفساد، واستحلال النفوس والأموال؛ بسبب هذا؛ لأن مستعظم النار من مستصغر الشرر.
فلذلك نحن نرى أن مثل هذا المسلك مسلك خاطئ ومحرم ولا يجوز.
إذا كان في الإنسان غيرةٌ حقيقة فليوجه الشعب إلى الخير، والعَجَب أن بعض الناس تجده يصب جام غيرته على ولاة أموره، وهو يجد في شعبه من يشرك بالله عز وجل، ولا يتكلم! والشرك أعظم مما حصل من المعاصي من ولاة الأمور، أو يذهب يحاول أن ينزل الآيات على ما يهواه هو من المعاني.
يقول مثلاً: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾[المائدة:44] ثم يقول: كل نظام أو كل قانون يخالف الشرع فهو كفر، وهذا أيضاً من الخطأ.
وإذا فرضنا -على التقدير البعيد- أن ولي الأمر كافر، فهل يعني ذلك أن نوغر صدور الناس عليه حتى يحصل التمرد، والفوضى، والقتال؟! لا، هذا غلط، ولا شك في ذلك، فالمصلحة التي يريدها هذا لا يمكن أن تحصل بهذا الطريق، بل يحصل بذلك مفاسد عظيمة؛ لأنه -مثلاً- إذا قام طائفةٌ من الناس على ولي الأمر في البلاد، وعند ولي الأمر من القوة والسلطة ما ليس عند هؤلاء، ما الذي يكون؟ هل تغلبُ هذه الفئةُ القليلة؟ لا تغلب، بل بالعكس، يحصل الشر والفوضى والفساد، ولا تستقيم الأمور.
والإنسان يجب أن ينظر:
أولاً: بعين الشرع، ولا ينظر أيضاً إلى الشرع بعين عوراء؛ إلى النصوص من جهة دون الجهة الأخرى، بل يجمع بين النصوص.
ثانياً: ينظر أيضاً بعين العقل والحكمة، ما الذي يترتب على هذا الشيء؟ لذلك نحن نرى أن مثل هذا المسلك مسلك خاطئ جداً وخطير، ولا يجوز للإنسان أن يؤيد من سلكه، بل يرفض هذا رفضاً باتاً، ونحن لا نتكلم على حكومة بعينها؛ لكن نتكلم على سبيل العموم.
أما فيما يتعلق بهذه الحكومة -ولله الحمد- فالبلاد -كما تعلمون- بلاد تحكم بالشريعة الإسلامية، والقضاة لا يحكمون إلاَّ بالشريعة الإسلامية، والصيام قائم، والحج قائم، والدروس في المساجد قائمة، إلا مَن حصلت منه مخالفةٌ أو خُشِي منه فتنةٌ، فهذا لابد أن يُمْنَع دفعاً للشر وأسباب الشر.
ثم إذا نظرنا -والحمد لله- إلى بلادنا نجد أنه ليس هناك بناءٌ على القبور، ولا طوافٌ بالقبور، ولا بِدَعٌ صوفية أو غيرها ظاهراً، قد يكون عند الناس بدعةٌ صوفية ، أو ما أشبه ذلك خفيةً، الخفية هذه ما يخلو منها مجتمع، فكل مجتمع لابد أن يكون فيه شيء من الفساد.
إذا نظرنا إلى هذا، وقارنَّا -والحمد لله- بين هذه المملكة ، والبلاد الأخرى القريبة منا؛ وجدنا الفرق العظيم، يوجد في بعض البلاد القريبة منا جِرار الخمر علناً في الأسواق تباع، والمطاعم تُفْتَح في نهار رمضان، يأكل الإنسان ويشرب كما يريد، بل توجد البغايا علناً، حتى حدثني بعض الناس أن الذين يأتون إلى بعض البلاد للسياحة، منذ نزوله من المطار؛ يجد عندهم فتيات وفتيان -والعياذ بالله- يقول: ماذا تختار؟ أفتىً أم فتاة؟ علناً، سبحان الله! الإنسان يجب أن ينظر إلى واقع حكومته وواقع بلاده، ولا يذهب ينشُر المساوئ التي قد يكون الحاكم فيها معذوراً؛ لسبب أو لغيره، ثم يَعْمَى عن المصالح والمنافع عمايةً تامةً، وكأن الحكومة لا شيء عندها من الخير إطلاقاً، هذا ليس من العدل.
يقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾[المائدة:8].
فإذا قال قائل: ما الذي يجعل هذا واقعاً؟
نقول:
أولاً: الغيرة التي لا حدود لها، لا تتقيد بشرع ولا بعقل: وهذا يعود إلى الجهل.
ثانياً: الهوى: فهذا سببه أمران: إما الجهل بالشرع أو بالحكمة.
وإما الهوى: بمعنى أن يكون الإنسان يعرف أن هذا غلط؛ لكن لشيء في نفسه على ولاة الأمور، يريد أن ينفِّس عن نفسه بنشر مثل هذه الأشياء؛ التي توجب أن يَنْفُرَ الناس من ولاة أمورهم، وأن يوغر صدورهم عليهم.
[من لقاءات الباب المفتوح :اللقاء رقم 12]
إذا منعك ولي الأمر من الفتوى فاعلم أن طاعته في ذلك من طاعة الله





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 10:50 am عدل 4 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 6:36 am

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Aoao10
وجوب طاعة الحاكم وعدم الخروج عليه وإن كان ظالمًا وغير شرعي






عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 12:10 pm عدل 11 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 6:36 am

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Aaia10
السمع والطاعة من أصول أهل السنة
أضغط هنـــــــــــــــــــــا
لماذا يجعل العلماء قضية وجوب طاعة ولي الأمر في كتب العقائد؟!وما حكم الإنتساب إلى جماعة من الجماعات؟
أضغط هنـــــــــــــــــــا
أو


طاعة ولاة أمور المسلمين يجهله كثير ممن يدعي العلم
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا
اشتراط أن يكون الحاكم على الكتاب والسنة لطاعته هو طريقة الخوارج
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
أثر طاعة ولي الأمر على الفرد والمجتمع
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
هل الخروج على الحاكم الفاسق مسألة خلافية؟
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــا
من يزهد في أحاديث السمع والطاعة للحكام ويتهم من يدعو إليها بأنه من غلاة الطاعة
أضغط هنــــــــــــــــــــا
شرح واعلم! أن جور السلطان لا ينقص فريضة من فرائض الله التي افترضها على لسان نبيه
أضغط هنــــــــــــــــــــا
ما نصيحتكم لنا معشر الشباب في التعامل مع ولاة الأمور؟
أضغط هنــــــــــــــــــــا
طاعة ولي الأمر هي الواقية بإذن الله من الاختلاف والانشقاق
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا
الرد على من يجعل مسألة الخروج على الحاكم الفاسق مسألة اجتهادية
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
من خالف في طاعة ولاة الأمور، هل يُحكم بضلاله؟
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــا
الرد على من يقول بأن أصل السمع والطاعة عقيدة سياسية أنشأها الحكام
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــا
الرد على من يدعي أن أحاديث السمع و الطاعة هي للحكام السابقين و ليست لحكام زماننا
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
كيف تكون الطاعة لولي الأمر؟
أضغط هنـــــــــــــــــــا
تواطئ دعاة الفتنة على التشكيك بأحاديث الولاية لأن مشربهم واحد
أضغط هنـــــــــــــــــــــا
واجبنا تجاه ولاة الأمر والعلماء
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــا
هناك من يسوّغُ للشّباب الخروج على الحكومات دون الضّوابط الشّرعيّة؛ ما هو منهجنا في التّعامل مع الحاكم المسلم وغير المسلم‏؟‏
السؤال :
هناك من يسوّغُ للشّباب الخروج على الحكومات دون الضّوابط الشّرعيّة؛ ما هو منهجنا في التّعامل مع الحاكم المسلم وغير المسلم‏؟‏
الجواب :
منهجنا في التّعامل مع الحاكم المسلم السَّمعُ والطّاعة؛ يقول الله سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 59‏.‏‏]‏‏.‏ والنبي صلى الله عليه وسلم كما مرَّ في الحديث يقول‏:‏ ‏(‏أوصيكم بتقوى الله والسّمع والطّاعة، وإن تأمّر عبدٌ؛ فإنّه مَن يَعِش منكم؛ فسوف يرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديّين من بعدي‏)‏ (3)؛ هذا الحديث يوافق الآية تمامًا‏.‏ ويقول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏مَن أطاع الأميرَ؛ فقد أطاعني، ومَن عصى الأمير؛ فقد عصاني‏)‏ ‏[‏رواه البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏(‏4/7-8‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في الحثِّ على السّمع والطّاعة، ويقول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اسمع وأطِع، وإن أُخِذ مالُك، وضُرِبَ ظهرُك‏)‏ ‏[‏رواه الإمام مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏ ‏(‏3/1476‏)‏ من حديث حذيفة رضي الله عنه بلفظ قريب من هذا‏.‏‏]‏‏.‏
فوليُّ أمر المسلمين يجب طاعته في طاعة الله، فإن أمر بمعصيةٍ؛ فلا يطاع في هذا الأمر ‏(‏يعني‏:‏ في أمر المعصية‏)‏، لكنّه يُطاع في غير ذلك من أمور الطّاعة‏.‏
وأمّا التعامل مع الحاكم الكافر؛ فهذا يختلف باختلاف الأحوال‏:‏ فإن كان في المسلمين قوَّةٌ، وفيهم استطاعة لمقاتلته وتنحيته عن الحكم وإيجاد حاكم مسلم؛ فإنه يجب عليهم ذلك، وهذا من الجهاد في سبيل الله‏.‏ أمّا إذا كانوا لا يستطيعون إزالته؛ فلا يجوز لهم أن يَتَحَرَّشوا بالظَّلمة الكفرة؛ لأنَّ هذا يعود على المسلمين بالضَّرر والإبادة، والنبي صلى الله عليه وسلم عاش في مكة ثلاثة عشرة سنة بعد البعثة، والولاية للكفَّار، ومع من أسلم من أصحابه، ولم يُنازلوا الكفَّار، بل كانوا منهيِّين عن قتال الكفَّار في هذه الحقبة، ولم يُؤمَر بالقتال إلا بعدما هاجر صلى الله عليه وسلم وصار له دولةٌ وجماعةٌ يستطيع بهم أن يُقاتل الكفَّار‏.‏
هذا هو منهج الإسلام‏:‏ إذا كان المسلمون تحت ولايةٍ كافرةٍ ولا يستطيعون إزالتها؛ فإنّهم يتمسَّكون بإسلامهم وبعقيدتهم، ويدعون إلى الله، ولكن لا يخاطرون بأنفسهم ويغامرون في مجابهة الكفّار؛ لأنّ ذلك يعود عليهم بالإبادة والقضاء على الدّعوة، أمّا إذا كان لهم قوّةٌ يستطيعون بها الجهاد؛ فإنّهم يجاهدون في سبيل الله على الضّوابط المعروفة‏.
[المصدر : المنتقى من فتاوى الفوزان]
أثر طاعة ولي الأمر على الفرد والمجتمع





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 11:44 am عدل 7 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 6:37 am

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Aayoca10
لهذا شدد الرسول عليه السلام تشديدا كثيرا في أمر السمع والطاعة بأحاديث كثيرة وعبارات متنوعة؟
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــــا
على الواحد أن يحرص على طاعة الأوامر التي تصدر أعجبته أو لم تعجبه
أضغط هنــــــــــــــــــا
مخالفة الحاكم للدستور؟
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــا
ينبغي لأهل الجزائر أن يعرفوا أنهم مروا بتجربة مرة والسلطان وإن كان فاجرا فإن ظله خير من ظل الفوضى والاضطراب
أضغط هنـــــــــــــــــــا
هل للحاكم بالقوانين الوضعية حقوق ؟
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 12:08 pm عدل 5 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 6:39 am

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Oo10

وجــوب طــاعــة أولي الأمـــر
قال فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
"ثم الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ في قضايا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان ينظر إلى المصالح والمفاسد ، وربىّ أمته المخلصين وصحابته الأكرمين على بُعد النظر في المشاكل التي تلمّ بالمسلمين والأحداث التي تنزل بهم ، وبيّن لهم كيف تُواجه وكيف تُغيّر ؟ فوضع لنا منهجا نراعي فيه المصالح والمفاسد :
فأمرنا بطاعة الولاة فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصى أميري فقد عصاني ) ، وبيّن أن هناك حكّاما سينحرفون عن كتاب الله وعن سنة رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ، ونعرف منهم وننكر ، وأنهم يهدون بغير هديه ويستنون بغير سنته ، فكيف نتعامل معهم ؟
الخوارج والمعتزلة جعلوا من أصولهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأدخلوا في ضمنه الخروج على الحكام ، بل أهم الأمور في تغيير المنكر عندهم الخروج بالسلاح على الحكام ! من أبرز ما عندهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي شرعه الله الخروج على الحكام بالسيف !
والرسول صلى الله عليه وسلمراعى المصالح والمفاسد ، وماذا يترتب على الخروج ؟ لا شك أنه يترتب على الخروج سفك الدماء وهتك الأعراض وتشتيت المسلمين وتسليط الأعداء عليهم ، يترتب على ذلك مفاسد عظيمة وخطيرة جدّا ، فأمر بالصبر عليهم .
وأمر أمته بقتال أهل البدع وقتلهم أيضا كما قال في الخوارج : ( أينما وجدتموهم فاقتلوهم ، هم شر الخلق والخليقة ) ، وفي المقابل أمرهم بالصبر على الحكام ؛ لأن في قتل الخوارج إزاحة لهذا الوباء عن صفوف الأمة ، لأن الخوارج يكفرون المسلمين ، ويستبيحون دماءهم ويسلّون السيوف عليهم ، ويمسكون سيوفهم عن عبّاد الأأوثان ويسلّطونها على عباد الله المؤمنين !
فالحاكم مادام في دائرة الإسلام تجب طاعته في طاعة الله ولا طاعة له في معصية الله . ترى أهل الحديث هذا منهجهم ، لا نطيع أحدا في معصية الله كائنا من كان بعد رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ؛ لو أمرك صحابي بمعصية الله لا تطعه ، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بعث جيشا وأمّر عليهم رجلا فأوقد نارا وقال : ادخلوها فأراد ناس أن يدخلوها ، وقال الأخرون : إنّا قد فررنا منها ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للذين أرادوا أن يدخلوها : لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة . وقال للآخرين قولا حسنا . وقال : لا طاعة في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف ) .
فهذا صحابي ! لا نطيعه في معصية الله .
والوالدان أمر الله ـ تبارك وتعالى ـ ببرّهما ولو كانا كافرين ، لكن لا طاعة لهما في معصية الله : (( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي )) [ لقمان : 15 ] . أمرك بمصاحبتهما بالمعروف لكن في معصية الله ، لا .
فالحاكم إذا أمرك بمعصية الله وقال لك : اقتل فلانا مثلا ، خذ مال فلان ..الخ ؛ لا يجوز لك أن تطيعه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ، وهو مخلوق مثلك ؛ أمّره الله سبحانه وتعالى عليك ، وأمرك أن تطيعه في طاعة الله .
إذن : طاعة هذا الأمير ترجع إلى طاعة الرسول وإلى طاعة الله عز وجل ، فإذا أمرك بالصلاة والزكاة والحج والصوم والجهاد وأمور من طاعة الله ؛ تطيعه . لماذا ؟ لأن هذا من طاعة الله عزوجل ، أما إذا أمرك بمعصية فهذا ليس من طاعة الله عزوجل بل هذا من معصية الله ، فلا تطعه . هذا معنى الحديث .
استأذنوه في قتالهم ـ يعني : قتال الحكام الظلمة ـ فأبى ـ عليه الصلاة والسلامـ ؛ فعن أم سلمة رضيالله عنها أنّ رسول الله صلى الله عليهوسلم قال : " ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن عرف برئ ، ومن أنكر سلم ، ولكن من رضي وتابع . قالوا : أفلا نقاتلهم ؟ قال : لا ما صّلوا " ، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر :" أدّوا إليهم حقّهم وسلوا الله الذي لكم ".
إذا استأثر الحاكم بالمال والمناصب فهل نثور عليه بالسلاح ؟
الجواب : نصبر لإبقاء الهيبة للمؤمنين وتبقى شوكتهم قوية وسيفهم مسلولا على الأعداء وليس على أنفسهم ؛ لأننا إذا ثرنا عليه جاءت مفاسد لا أول لها ولا آخر . يعني : بالصبر عليهم تتحقق مصالح عظيمة وتدرأ مفاسد كبيرة وخطيرة لانهاية لها .
فالشارع الحكيم أمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر ووضع لنا لذلك ضوابط .
منها : أنه بيّن لنا كيفية مواجهة المنكرات التي تحصل من الحكام؛ بأن لا نطيعهم في معصية الله ، وأمرنا إذا أردنا أن ننصحه ؛ أن ننصحه في السرّ فيما بيننا وبينه بالحكمة والموعظة الحسنة إن سمع وتقبل فذاك ؛ وإن لم يتقبل ،فالمنكر الذيارتكبه يرتكبه على نفسه ، ونكون قد أدينا ةاجبنا والحمدلله . أما الخروج وسلّ السيف عليه فلا ، مادام في دائرة الإسلام ، قال صلى الله عليه وسلم :" خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، ويُصلّون عليكم وتصلون عليهم ، وشرار أئمتكم الذين تُبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم . قيل : يا رسول الله! أفلا ننابذهم بالسيف ؟ فقال : لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة ، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه، فاكرهوا عمله ، ولا تنزعوا يدا من طاعة " ، " وأن لا ننازع الأمر أهله ، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان " ، فلا يسمح لك أن تخرج على هذا الحاكم الجائر إلا إذا رأيت الكفر البواح ، كأن يبيح الخمر أو يبيح الخنزير أو يبيح الربا علانية ، فهذا كفر بواح ـ بارك الله فيكم ـ .
هذا إذا كان للمسلمين قدرة على تنحيته ؛ فليقوموا بذلك ، وأما إذا عجزوا فلا يكلّف الله نفسا إلا وسعها . أما مادام يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويصلي ويصوم ويجاهد ؛ مادام يصلي فقط نطيعهم " ما أقاموا فيكم الصلاة " .
فهذا هو المنهج الصحيح الذي سار عليه أهل الحديث انطلاقا من كتاب الله ومن سنة رسول الله ـ عليه الصلاةوالسلام ـ في كل شؤونهم الدينية والدنيوية والاجتماعية والسياسية ؛ كلها تنطلق من كتاب الله ومن سنة رسول الله ـ عليه الصلاةوالسلام ـ .
والإمام البخاري قالوا : كان لا يتحرك حركة إلا بحديث ، وفي إحدى سفراته اقترب من العدو واستلقى قالوا : بأي حديث ؟ قال : الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نأخذ بالقوة ـ أو كما قال ـ ، يعني : الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نعدّ العدّة للعدو وأن نتقوّى ؛ فأمرنا بالفطر لمواجهة العدو في رمضان ، نفطر في رمضان حتى نكتسب قوة على العدو .
الشاهد : أن أهل الحديث المخلصين الصادقين في أقوالهم وأفعالهم وحركاتهم وسكناتهم وعقائدهم ومناهجهم ملتزمون بكتاب الله ومن ذلك التعامل مع الحكام .
إذا تعاملنا مع الحكام انطلاقا من كتاب الله ومن سنة رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ قالوا : عملاء ، جواسيس !!هم خوارج !
الآن أصبحوا جسورا ؛ مدّوا الجسور مع الحكام ويمدحونهم بالكذب ويغرّونهم بالكذب ، لا يمدحونهم بالصدق ولا يأمرونهم بالمعروف ولا ينهونهم عن المنكر ! بل إذا رأوا الحاكم فيه خطأ توسعوا في هذا الباب ، ويجرونه إلى البلايا والمشاكل والعياذ بالله !
أما نحن فلا نزال عملاء ! حتى لو ما سلكنا هذه المسالك فنعوذ بالله من هذا البلاء ، وهي طريقة الخوارج والمعتزلة والروافض !!
الخوارج والروافض يطعنون في الصحابة وخرجوا على عثمان ، وخرجوا على عليّ وخرجوا على الحكام ، وكم لقيت الأمة منهم من المفاسد ومن المهالك ، وشتتوا أمر الأمة ومزقوها أشلاء حتى أصبحت أذلّ الأمم بسبب التفرق وبسبب مخالفة كتاب الله وسنة الرسول ـ عليه الصلاةوالسلامـ في العقائد وفي السياسة ، فلم يلتزم الكثير منهم العقيدة الإسلامية ولا التزموا السياسة الإسلامية التي شرعها الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
-------
قال المصنف رحمه الله : ( ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين )
وهذا بخلاف الروافض ، إذ إنهم لا يرون الجمعة والعيدين مع الحكام ، فالروافض ينتظرون المهدي الإمام المعصوم ! في الجمعة والجماعة ، وإذا صلوا معنا فهم كذابون وإنما ذلكمن باب التقية ، ولو أنشؤوا المساجد فهم كذابون ، لأن في دينهم لا جمعة ولا جماعة حتى يأتي الإمام !
والصحابة كانوا يصلون خلف أهل البدع ، يصلون وراء الحجاج ، ويصلون وراء الخوارج لأن الرسول عليه السلام أمرهم بالجماعة ، ولما حاصرواعثمان وتغلبوا في المدينة وراح إمام الثوار قبّحه الله يصلي بالناس قالوا لعثمان : ( إنك إمام عامّة ونزل بك ما ترى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرّج فقال : " الصلاة أحسن ما يعمل الناس ، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم " ؛ يعني : صلوا معهم لأن هذا إحسان ، فإن أساؤوا فلا تسىء معهم ،هذا الخليفة الراشد ظلموه وافتروا وكذبوا عليه وحاصروه ومنعوه من الماء ويقولون له : أنت إمام جماعة وهؤلاء يصلون بنا أهل فتنة فقال لهم: صلوا مع الجماعة فإن أحسنوا فأحسنوا .
انظروا الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ في أحلك الظروف وأشدها لا تغلب عليه عاطفة ولا هوى ؛ يُحكّم شرع الله ( إن أحسن الناس فأحسنوا ) .
فالمبتدع إذا صلّى فقد أحسن ، فصلّ معه مادام لم يكفر ، فإذا كفر فلا صلاة وراءه ، لكن مادام هذا المبتدع في دائرة الإسلام وتسلّط علينا وصلّى بنا فنصلي وراءه ، إذا أمكننا أن نبعده بدون مفاسد ونأتي بإمام سنيّ ، فهذا يجب علينا ، وإذا عجزنا فنصلّي .
ولهذا حدد الله المواقيت للصلاة والرسول ـ عليه الصلاةوالسلام ـ أكدها ، وأخبر أنه ستكون أمراء يؤخرون الصلاة إلى شرق الموتى ، ويعتبر هذه الصلاة كأنها صلاة المنافقين ومع ذلك أمر بالصلاة مع الجماعة وراء هذا الإمام الذي يؤخر الصلاة ، قال لك : صلّ في بيتك فإن وجدت جماعة يصلون في المسجد فصلّ معهم ، هؤلاء الذين يتعمدون تأخير الصلاة إلى آخر وقتها أو إلى دخول الوقت الثاني واقعين في جريمة ، لكنك إذا رأيتهم يصلون في جماعة فصلّ معهم ، ضبط في الأمور وحرص على وحدة الكلمة وإبعاد الأمة عن الخلافات التي تؤدي إلى تمزيقهم وتشتيتهم .
فأهل السنة أخذوا بهذا المنهج ، يصلون وراء ولاة الأمور ولوكانوا جورة ، يصلون وراءهم الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات كصلاة الكسوف والاستسقاء أي صلاة يصلونها يصلي معهم ، أي صلا تشرع فيها الجماعة لا نقول هذا الإمام مبتدع أو هذا الإمام فاجر أو فاسق بل نصلي معه الجماعة .
قال رحمه الله : ( خلف كل إمام مسلم ) فالكافر لا نصلي وراءه ( برّا كان أو فاجرا ) لأن الخوارج يكفرون بالكبائر ! والمعتزلة لا يقولون كافر بل هو في منزلة بين المنزلتين ! فالخوارج عندهم إذا وقع في أي كبيرة خرج من دائرة الإسلام حاكما كان أو محكوما ، أما أهل السنة فلا يخرج ـ عندهم ـ من الإسلام بارتكاب الكبيرة مالميستحلها ، ولا يخرج من الإسلام إلا بالكفر والشرك ، أما بالمعاصي ولو كانت كبيرة ولو أصرّ عليها فهو مذنب مجرم ، متوعّد بالنار ، لكن لا نخرجه من دائرة الإسلام ولا نحكم عليه بالخلود في النار .
قال رحمه الله : ( ويرون جهاد الكفرة معهم ) لأن في جهاد الكفرة قوة للإسلام والمسلمين وحماية لهم .
ولو تركنا جهاد الكفار معهم وقلنا : والله هذا الإمام فاجر كيف نقاتل معه ؟! وجاء العدو وهجم على بلادنا لا نقاتله ولا ندافع عليه ؛ لأن الحاكم فاجر ، لضاعت بلاد المسلمين وتغلب الكفار وأنشئت الكنائس والبيع وأبيحت المحرمات إلى آخره
فوجود الحاكم ـ ولو كان فاسقا ـ : فيه احترام للإسلام ،وتكون شعائر الإسلام قائمة ويحصل به خير كثير ولو كان فاجرا في نفسه ولو انتشر شيء من فجوره ، لكن إذا قارنت بين احتلال الكفار لبلاد المسلمين وبين حكم هذا الفاسق وما يوجد في حكمه من الفساد لوجدت المسافة كبيرة وعظيمةجدا .
إذن هم يراعون المصالح والمفاسد في التزامهم بالجهاد مع الحاكم الفاجر ، ولو أخذنا برأي الخوارج والروافض ( لا نقاتل مع حاكمنا لأنه فاجر ) وجاءتنا بريطانيا أو أي دولة يهودية أو نصرانية احتلوا بلادنا ولا نجاهد معهم ، ماهي النتيجة ؟ ! نسأل الله العافية .
قال رحمه الله : ( ويرون الدعاء لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح وبسط العدل في الرعية ) ندعو لهم بالصلاح والإصلاح ؛ وكان الأئمة ومنهم الأإمام أحمد يقول :لو أن ليدعوة مستجابة لدعوت بها للحاكم ، لأن في صلاحه صلاح للأمة ، فإذا أصلحه الله أصلح به الأمة ويمثّلون الحاكم بالقلب ؛ إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد فسد الجسد كله ـ والعياذ بالله ـ فنحن نحرص على إصلاح الحكام بالنصيحة وبالحكمة والموعظة الحسنة على الطريقة الشرعية ، وليس بالتشهير والتحدي والتهييج ، لا ، وإنما بالطريقة الحكيمة وهذا المسلك سلكه الصحابة ؛ فكانوا ينصحون الأمير فيما بينهم وبينه .
الآن ـ والله ـ العامّي في الشارع تتردد كيف تنصحه وبأي أسلوب تتعامل معه ؟ ! تأتيه بأسلوب لطيف ولطيف ثم ما أدري هل يقبل أو لا ؟ ! فكيف بواحد عنده شوكة وعنده سلطان وعنده قوة وتأتي تهينه أمام الناس وتشهّر به كيف يقبل منك؟! إذن هؤلاء الذين يشهّرون لا يريدون الخير ، يريدون إثارة الناس ويريدون الفتن ولا يريدون الإصلاح! فالإصلاح له طرقه بارك الله فيكم!
فندعو لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح وبسط العدل في الرعية ، ندعو لهم بهذه الأشياء كلها ،نسأل الله أن يصلحهم ويصلح لهم الرعايا ، ونؤلف الناس عليهم ونصبّرهم عليهم بالحكمة ونبيّن لهم المصالح الكبيرة الي تترتب على ذلك ، ونبين لهم المفاسد التي في الثورة وفي التهييج وفي سلّ السلاح وماذا يترتب عليه من مفاسد عظيمة و إلى آخره ، وكيف وجهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونذكر الأحاديث التي وردت في هذا الباب .
كنا نذكر هذه الأحاديث وأحاديث كثيرة ونفصّل فيها فيعتبروننا عملاء ! الذي يبين للناس منهج الحق يعتبرونه عميلا ! فنعوذ بالله من الفتن .
قال رحمه الله : ( ولا يرون الخروج عليهم بالسيف وإن رأوا منهم العدول عن العدل إلى الجور والحيف ) ، فلا يرون الخروج عليه بالسيف كما يراه الروافض والخوارج وأهل الفتن الذين أخذوا بهذه المناهج الفاسدة ( وإن رأوا منهم العدول عن العدل ) يعني : مالوا إلى الجور والحيف .
قال رحمه : ( ويرون قتال الفئة الباغية حتى ترجع إلى طاعة الإمام العدل ) الفئة الباغية نقاتلها مع الحاكم ، إذا خرجت فئة على الحاكم ولو فاجرا نقوم إلى الفئة الباغية فننصحها ونتعرف على مطالبها فإن كانت حقا طلبنا من الحاكم إزالة شكواهم ؛فإن فاؤوا ورجعوا إلى طاعة الإمام وإلا قاتلناهم مع الحاكم المسلم .
وإن كانوا خوارج مكفرين للحاكم جهلا وظلما وخرجوا عليه ،فعلينا أن نقاتلهم مع الحاكم ، ولهذا قاتل الصحابة والتابعون مع بني أمية على مافيهم من الإنحراف ، قاتلوا الخوارج فهذا هو الطريق الصحيح .
والأصل في هذا قوله تعالى : (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفىء إلى أمر الله )) [ الحجرات: 9 ] أي : إذا كان هناك فئتان من المسلمين حصل بينهما قتال ، فإننا نحاول الإصلاح بينهما ، فإذا بغت إحداهما على الأخرى نقاتل التي تبغي ، فإذا بغت وسلّت سيفها على الحاكم فإنما تبغي وتخرج على الأمة وتمزق كلمتها وتعرّضها للمحن والفتن والذلّ والهوان ، فيجب أن نقاتلهم .
نسأل الله ـ تبارك وتعالى ـ أن يوفقنا للتمسك بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأن يجنبنا وإياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن ؛ إن ربنا لسميع الدعهاء ، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
[ من شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث للإمام الصابوني رحمه الله ( ص :358 )] .



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس مارس 21, 2024 3:06 pm عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 6:59 am

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Oc10

هل تجب طاعة ولي الأمر إذا كان يناصر المبتدعة وهل الكلام فيه يعد غيبة؟
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــا
أو


السؤال :
فضيلة الشيخ, هل تجب طاعة ولي الأمر إذا كان يناصر المبتدعة, وهل الكلام فيه يعتبر غيبة ؟
الجواب:
طاعة ولي الأمر قيدها الرسول صلى الله عليه وسلم في المعروف , وأما الكلام فيه بما هو فيه فهذا من طريقة أهل البدع لا من طريقة أهل السنة والجماعة , لأن التشهير بولي الأمر بما فيه وعقد الجلسات لمثل هذا الصنيع لا ينتج عنها صلاح ولا إصلاح , و إنما ينتج عنها الشر المستطير و الاختلاف بين الناس والبغض للولاة , فتضطرب الأمور وتحل النقم محل النعم , فالحذر الحذر من ذلك فإنه تصرف سيء لا يجوز أبدا ولكن الدعاء لهم والنصيحة لمن يقدر على أداء النصيحة و بذلها هو الذي ينفع ويفيد , ومن لم يقدر على إيصال النصيحة بنفسه فليتصل بمن يقدر أن يوصل النصيحة السرية بالمعروف هذا هو الذي ينبغي أن يكون .
و أما الخوض في شأن حكام المسلمين و سياستهم فهو من الخطأ المحض الذي يجب تركه , لأنه من صفات أهل البدع لا من صفات أهل السنة و الجماعة .
فأما أهل السنة والجماعة فإنهم يدعون للحكام المسلمين و إن جاروا و فسقوا , ولا يدعون عليهم , و يظهرون محاسنهم و لا يظهرون مساوئهم و هذا معلوم قاله علماء السلف ويقول به أتباعهم اليوم , وما ذلك إلا لأنه يترتب على إظهار المساوئ وعقد المجالس لغيبتهم من السوء و المكروه و الفرقة و الفوضى ما يعلمه الكثير من طلاب العلم , وعلى كل حال فإن النصوص في هذا الشأن حاسمة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم (( اسمع و أطع و إن ضرب ظهرك وأخذ مالك)).
فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصبر على ما قد يجري من الحكام المسلمين على رعاياهم وحذر من الخروج لما فيه من الشر على الخاص و العام.
هذه طريقة السلف ومنهجهم ومنهج أتباعهم , أما عقد الجلسات في الخوض في أعراض الحكام أو العلماء أو غيرهم من فئات الناس , ولو وقعوا فيما وقعوا فيه فهذا لا يجوز , ولا يلزم مما ذكر عدم التحذير من أهل البدع و الداعين إليها و الناشرين لها والكلام فيهم بما يبعد الناس عنهم و يحذر الناس منهم , فرق بين هذا وهذا فإن التحذير من أهل البدع و الداعين إليها من ضروب الجهاد في سبيل الله , ومن باب النفع العام للمسلمين و ليس من باب الغيبة و البهتان المذمومين فليعلم .
[من كتاب العقد المنضد الجديد الجزء الأول ص ـ 89] ـ



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 12:07 pm عدل 6 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 11:09 am

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Oc_aa_10

الحكمة من ذكر طاعة ولي الأمر في كتب العقيدة


حكم طاعة ولي الأمر الظالم



أهمية طاعة ولي الامر



حقوق ولاة الأمر
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ، ومن يُضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين . اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وزدنا علما وأصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين . أما بعد :
فهذا لقاءٌ طيب مبارك إن شاء الله نجتمع هذا الاجتماع في بيتٍ من بيوت الله وعلى ذكرٍ لله عز وجل بذكر شرعه وما أمر جل في علاه عباده بذكره ، وقد جاء في الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال : ((مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ)) . ومجلسنا هذا اجتماعٌ على هذا الشأن ؛ تذاكر كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، آملين من الله عز وجل الذي يسَّر لنا هذا اللقاء أن يتقبله منا وأن يجعله لنا نافعاً وإليه مقرباً وأن يعيذنا والمسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يصلح لنا شأننا كله إنه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو أهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل .
وعنوان هذا اللقاء : « حُقُوقُ وُلَاة الأَمْر » ، ومن المعلوم أن هذا الحق الذي هو حق ولاة الأمر ليس حقاً افترضه الناس وإنما هو حق أوجبه الله سبحانه وأوجبه رسوله صلوات الله وسلامه عليه في أحاديث كثيرة جاءت عنه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ، بل إن هذا الحق جاء في بعض النصوص مضموماً إلى حقوق الله على عباده من صلاةٍ وصيامٍ ونحو ذلكم من الطاعات مرتباً على ذلك كله دخول الجنة ؛ مما يفيد -أيها الإخوة الإكرام- أن هذا الحق حقٌ عظيم وأن الواجب على كل مسلم في سماعه للأدلة الشرعية المأثورة المبينة لهذا الحق العظيم والمقرِّرة لهذا الواجب أن يكون تعامله مع هذه النصوص نظير تعامله مع النصوص الأخرى التي فيها الأمر مثلاً بالصلاة أو الأمر بالصيام أو الأمر بالصدق والصلة والبر وغير ذلك ، لأن الآمِر بذلك واحد والذي أوجب هذا الحق واحد والطاعة واجبة في ذلك كله ، ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجد في نفسه حرجاً أو حزازة من الأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان حق ولي الأمر ووجوب السمع والطاعة له ، بل عليه أن يتلقى هذه الأحاديث بالقبول وانشراح الصدر نظير تلقيه للأحاديث التي جاءت في أوامر أخرى وأحكام أخرى ، إذ إن بعض الناس قد يستمع إلى أحاديث في الصلاة في الصيام في الصدق في الصبر في الصلة ولا يجد في نفسه وحشة أو حرجاً أو حزازة أو نحو ذلك ، فإذا سمع الأحاديث التي تتعلق بولي الأمر وجد في نفسه شيئا وتأثر بسماع ذلك ؛ مما يدل على ضعف الإيمان وضعف الصلة بأحاديث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وقد قال الله تبارك وتعالى : {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:65] .
وفي معنى هذه الآية الكريمة ودلالتها العظيمة نستمع إلى كلمةٍ للعلَّامة ابن القيم رحمه الله تعالى في رسالته المعروفة بـ« التبوكية » حيث أورد رحمه الله تعالى هذه الآية الكريمة ثم قال : «فأقسم سبحانه بأجلِّ مقسمٍ به([1]) وهو نفسه عز وجل على أنه لا يثبت لهم الإيمان ولا يكونون من أهله حتى يحكِّموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع موارد النزاع في جميع أبواب الدين ، فإن لفظة " ما " من صيغ العموم فإنها موصلة([2]) تقتضي نفي الإيمان أو يوجد تحكيمه في جميع ما شجر بينهم ، ولم يقتصر على هذا حتى ضمَّ إليه انشراح صدورهم بحُكمه حيث لا يجدون في أنفسهم حرجاً -وهو الضيق والحصْر- من حُكمه ، بل يقبلوا حكمه بالانشراح ويقابلوه بالتسليم ، لا أنهم يأخذونه على إغماض ويشربونه على قذى ؛ فإن هذا منافٍ للإيمان ، بل لابد أن يكون أخذه بقبولٍ ورضا وانشراح صدر . ومتى أراد العبد أن يعْلَم هذا([3]) فلينظر في حاله ويطالع قلبه عند ورود حُكمه([4]) على خلاف هواه وغرضه أو على خلاف ما قلَّد فيه أسلافه من المسائل الكبار وما دونها ، {بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} . فسبحان الله ! كم من حزازةٍ في نفوس كثير من الناس من كثير من النصوص ، وبودِّهم أن لو لم ترِد !! وكم من حرارة في أكبادهم منها !! وكم من شجى في حلوقهم منها ومن موردها !! ستبدو لهم تلك السرائر بالذي يسوء ويخزي يوم تُبلى السرائر». هذا كلام عظيمٌ متينٌ لهذا الإمام رحمه الله تعالى وغفر له .
ذكرتُ -أيها الإخوة الكرام- أن الأحاديث التي جاءت في هذا الباب جاءت في بعض موارد الأدلة مضمومة إلى الطاعات العظيمة حقوق الله سبحانه وتعالى على عباده ، ومن ذلكم على سبيل المثال ما رواه الترمذي وأحمد والحاكم وغيرهم وهو حديث صحيح عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ فَقَالَ: (( اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ ؛ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ)) ؛ فتأمل هذا الحديث كيف أن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ذكر هذه الخصال الخمس الموجبة لدخول الجنة ، فذكر عبادة الله والصلاة والصيام والزكاة وهي أركان الإسلام التي عليها يُبنى وأعمدته التي عليها يقوم ، وضمَّ إليها صلوات الله وسلامه عليه طاعة ولي الأمر ((وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ )) ضم طاعة ولي الأمر إلى أداء الصلاة وأداء الصيام وأداء الزكاة والقيام بهذه الفرائض العظيمة من فرائض الإسلام ؛ مما يدل دلالةً بيِّنة على أهمية طاعة ولي الأمر في هذا الدين وأنه واجب من واجبات هذا الدين أوجبه الله سبحانه وتعالى على عباده وأوجبه رسوله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة صحت عنه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ، ويأتي الإشارة إلى شيء منها بإذن الله تبارك وتعالى .
وإذا تأملت هذا الحديث -حديث أبي أمامة- يذكر النبي عليه الصلاة والسلام الصلاة ويذكر الصيام ويذكر الزكاة وهي فرائض الإسلام وواجبات الدين التي عليه يبنى ويضم إليها طاعة ولي الأمر ؛ فكما أن المسلم يتلقى الأحاديث الواردة في الصلاة أو الصيام أو الزكاة بالقبول وانشراح الصدر فإن الواجب عليه أن يتلقى أيضا الأحاديث الواردة في طاعة ولي الأمر بالقبول وانشراح الصدر دون أن يكون في قلبه شيء من ذلك أو حرج من ذلك أو حزازة من ذلك أو ضيق من ذلك ، بل عليه أن يتلقاها بالقبول لأنها جزء من الدين الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى به وأمرنا به رسوله ومصطفاه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ، وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء:59] ؛ فهذا أمرٌ من الله تبارك وتعالى بطاعة أولي الأمر ، وجاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم في ذلك أحاديث كثيرة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه .
وجماع ما ينبغي أن يكون عليه المسلم في هذا الباب العظيم ما يتعلق بولي الأمر: أن يكون ناصحاً لا أن يكون غاشاً خائنا ؛ فإن الدين كله قائم على النصيحة ومبناه على النصيحة ، فليس فيه غشٌ ولا غلٌ ولا خيانة ، بل هو دين قائم على النصيحة ، ولهذا جاء في صحيح مسلم من حديث تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ؛ فنصَّ صلوات الله وسلامه عليه في جملة أبواب النصيحة المطلوبة النصح لولي الأمر ، وفي هذا المعنى جاء عنه صلوات الله وسلامه عليه عددٌ من الأحاديث منها : ما رواه الإمام أحمد في مسنده ومالك في موطئه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا ؛ يَرْضَى لَكُمْ : أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ )) ، وجاء في المسند للإمام أحمد بسند صحيح عن زيد ابن ثابت في حديث طويل وفيه : ((ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ أَبَدًا : إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ ، وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ)) . فهذه الأحاديث كلها في بيان وجوب النصح لولاة الأمر .
والنصح في معناه العام : إرادة الخير للغير وأن يحب للغير ما يحبه لنفسه وأن يعامله بما يحب أن يعامل به ، والمعاملة التي ينبغي أن يرضاها كل فردٍ لولي الأمر هي المعاملة التي يرضاها لنفسه لو كان هو ولي الأمر ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ((لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)) ، فالدين قائم على النصيحة ، ومن النصيحة التي هي من دين الله تبارك وتعالى النصح لولي الأمر .
والنصيحة لولي الأمر تتناول السمع والطاعة له في غير معصية الله ، تتناول الدعاء له بالصلاح والهداية والمعافاة ، تتناول البعد عن سبِّه وإيغار الصدور عليه ، تتناول معانٍ عديدة نصَّ عليها أهل العلم رحمهم الله تعالى في بيان هذا الحديث وشرحه ، ومن ذلكم :
- ما قاله أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى قال: « والنصيحة لأئمة المسلمين معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وتذكيرهم به وتنبيههم في رفق ولطف ومجانبة الوثوب عليهم والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأغيار على ذلك» .
- وقال النووي رحمه الله تعالى في شرحه لصحيح مسلم: « وأما النصيحة لأئمة المسلمين : فمعاونتهم على الحق ، وطاعتهم فيه ، وأمْرهم به ، وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف ، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين ، وترك الخروج عليهم ، وتألف قلوب الناس لطاعتهم » .
- وقال ابن حجر رحمه الله تعالى : «والنصيحة لأئمة المسلمين : إعانتهم على ما حمِّلوا القيام به ، وتنبيههم عند الغفلة ، وسد خلَّتهم عند الهفوة ، وجمع الكلمة عليهم ، ورد القلوب النافرة إليهم ، ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن . ومن جملة أئمة المسلمين أئمة الاجتهاد([5]) ، وتقع النصيحة لهم ببث علومهم ، ونشر مناقبهم ، وتحسين الظن بهم» .
تقدم معنا -أيها الإخوة الكرام- قول نبينا عليه الصلاة والسلام في حديث زيد بن ثابت: ((ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ)) أي لا يجد غلًا أو ضغينةً أو حزازةً أو بُغضاً أو كراهةً بل يتلقاها بالقبول والانشراح ؛ مما يدل على صدق إخلاصه وجميل نصحه وحُسن طاعته لربه ومولاه سبحانه وتعالى . قال ((ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ )) فذكر الإخلاص للمعبود بتوحيده والبراءة من الشرك والخلوص منه ، وذكر لزوم جماعة المسلمين ، وذكر النصيحة لولاة أمر المسلمين . فإذا كان في قلب العبد شيء من الغل تجاه لزوم الجماعة مثلاً أو تجاه النصح لولي الأمر مثلاً فهذا دليل على وهاء إيمانه وضعف دينه ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام وصف قلب المسلم بأنه لا يغل على هذه الأمور بل يتلقاها بالقبول والانشراح والرضا .
يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه مفتاح دار السعادة : «معنى لا يغل عليهن قلب مسلم : أي لا يحمل الغل ولا يبقى فيه مع هذه الثلاثة([6]) فإنها تنفى الغل والغش وفساد القلب وسخائمه » إلى أن قال رحمه الله « وقوله ومناصحة أئمة المسلمين هذا أيضا منافٍ للغل والغش ، فإن النصيحة لا تجامع الغل إذ هي ضده ، فمن نصح الأئمة والأمة فقد برئ من الغل» . قال : «وقوله ولزوم جماعتهم هذا أيضاً مما يطهر القلب من الغل والغش ، فإن صاحبه للزومه جماعة المسلمين يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لها ، ويسوؤه ما يسؤوهم ، ويسرُّه ما يسرهم » .
هذه -أيها الإخوة الكرام- مقدِّمة بين يدي جملة من الأحاديث المأثورة الثابتة عن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه في بيان هذا الحق العظيم ، والأحاديث في هذا الباب باب حقوق ولاة الأمر والسمع والطاعة لهم إلى غير ذلكم من حقوقهم المأثورة عن نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه كثيرة جداً جمعها أهل العلم بل أفردها بعضهم في مصنفات خاصة وضُمنت أيضا في أبواب خاصة في دواوين السنة وكتب الحديث المشهورة .
وفي هذا المقام رأيتُ الاقتصار على أحد عشر حديثاً في هذا الباب جمعها النووي رحمه الله تعالى في كتابه المشهور « رياض الصالحين » وهو كتاب قلَّ أن يخلو بيت منه ، جعل الله سبحانه وتعالى له قبولاً واسعاً وانتشاراً كبيرا ونفعاً عظيما ، ولا يزال يُقرأ في كثير من مساجد المسلمين في بلدان الدنيا ، ولا يزال الناس يستمعون إلى تلك الأحاديث التي جمعها رحمه الله تعالى في ذلك الكتاب المبارك . فلشهرة هذا الكتاب ومكانته ولحسن الجمع ودقته في أبواب هذا الكتاب اقتصرتُ على هذه الأحاديث التي ساقها رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين وهي جُمعت باختيار دقيق وانتقاء متقن لجملة من الأحاديث المتعلقة بحقوق ولاة الأمر أوردها رحمه الله تعالى في « باب وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية الله وتحريم طاعتهم في المعصية »
- الحديث الأول : حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( عَلَى المَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ والطَّاعَةُ فِيمَا أحَبَّ وكَرِهَ ، إِلاَّ أنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيةٍ ، فَإذَا أُمِرَ بِمَعْصِيةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
وقول نبينا عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث ((عَلَى المَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ والطَّاعَةُ )) هذا من صيغ الوجوب بل كما ذكر أهل العلم إن «على» من أوكد ألفاظ الوجوب عند العرب ، فإذا قال قائل "لفلان عليَّ كذا" هذا يدل على أنه حق لازم وأمر واجب وشيء متحتم ومتعين ، مثل قول الله عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران:97] هذا يدل على وجوبه . فقوله ((عَلَى المَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ والطَّاعَةُ )) أي يجب عليه أن يسمع ويطيع . يسمع في ماذا ويطيع في ماذا ؟ قال ((فِيمَا أحَبَّ وكَرِهَ )) أي قد يأمره ولي الأمر بأمورٍ توافق غرضه وتتوائم مع ميوله ورغبته ، وقد يأمره بأمور لا توافق رغبته ولا تتوافق مع ميوله وليس فيها مخالفةً لشرع الله ، لأنه إن كان فيها مخالفة لشرع الله وأمره بها فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . قال (( فِيمَا أحَبَّ وكَرِهَ )) أي فيما أحبه المأمور وكرهه لا أن تكون الطاعة فيما يوافق هوى الإنسان ورغبته أو ميوله بل تكون الطاعة فيما أحب وفيما كره أيضا إلا أن يؤمر بمعصية ، قال ((فَإذَا أُمِرَ بِمَعْصِيةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ )) ، والمراد بقوله ((فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ )) أي في هذا الشيء المعين الذي أمره به وفيه معصية لله ، وليس المراد انتفاء السمع والطاعة مطلقاً لولي الأمر ، وإنما في هذا الشيء المعين الذي أمره به وفيه معصية الله لا سمع له ولا طاعة ، كأن يأمره بفعل حرام أو تعاطي حرام أو ارتكاب حرام أو نحو ذلك لا سمع ولا طاعة لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه وتعالى .
- الحديث الثاني : حديث ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ : «كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ والطَّاعَةِ ، يَقُولُ لَنَا : (( فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ )) » متفقٌ عَلَيْهِ . وهذا الحديث فيه المبايعة على السمع والطاعة ، وفيه أن هذا الباب منوط بالاستطاعة ، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وقال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } [البقرة:286] والدين مبنيٌ على ذلك ، قال عليه الصلاة والسلام ((فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ )) أي أن الطاعة واجبة في حدود ما يستطيعه العبد ولا يتعلق هذا كما سبق بما يميل إليه العبد أو يرغبه العبد بل فيما يستطيعه العبد ويقدر عليه .
- الحديث الثالث : حديث ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ حُجَّةَ لَهُ ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) رواه مسلم . وفي رواية لَهُ : (( وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ مُفَارِقٌ لِلجَمَاعَةِ فَإنَّهُ يَمُوتُ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) .
وهذا الحديث فيه التحذير الشديد والتهديد والوعيد لمن نزع اليد من الطاعة وخلع يداً من طاعة ونابذ ولاة الأمر وافتات عليهم وامتنع من الطاعة لهم ، فإذا كان الإنسان بهذا الوصف فإنه يلقى الله -كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة وَلاَ حُجَّةَ لَهُ ؛ أي في هذا الفعل ؛ لماذا ؟ لأنه فعل لا مستند له من الشرع ولا مستند عليه من دين الله تبارك وتعالى ، بل النصوص جاءت محذرةً من ذلك فيأتي ولا حجة له ، ليس عنده أي حجة . وهذا حقيقة فيه فائدة عظيمة أن ما عند الذين يتبنَّون نزع اليد من الطاعة ومفارقة الجماعة وخلع اليد ومنابذة ولاة الأمر ليس عندهم إلا شبهات ما أنزل الله تبارك وتعالى بها من سلطان ، فمن مات على ذلك يلقى الله يوم القيامة ولا حجة له ، لأن الحجة والدليل والبرهان جاء بضد ذلك فيلقى الله بلا حجة ، فإذا كان لا حجة له لا عذر له فيكون عرضة لعقوبة الله تبارك وتعالى .
(( وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ))؛ قيل في معنى قوله ((مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) أي أن من كان كذلك يُخشى عليه أن يموت مرتداً ، يخشى عليه أن يتمادى به الأمر إلى أن يرتد عن دين الله . وقيل ((مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) أي أن هذا من أعمال أهل الجاهلية وخصالهم وأوصافهم ، الجاهلية لا يرضخون لأمير ولا يسمعون ولا يطيعون وكلٌ يركب رأسه ؛ فيموت على هذا العمل الذي هو من أعمال الجاهلية وليس من أعمال الإسلام والدين في شيء .
- الحديث الرابع : حديث أنسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( اسْمَعُوا وأطِيعُوا ، وَإنِ استُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشيٌّ كأنَّ رأْسَهُ زَبيبةٌ )) رواه البخاري .
((وَإنِ استُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشيٌّ كأنَّ رأْسَهُ زَبيبةٌ )) وأهل الحبشة معروف شعرهم أنه متجعد تجعداً يصبح بهذه الصفة كأنه زبيبة ، أي وإن كان الذي استُعمل عليكم عبد حبشي ، والمخاطب بهذا الخطاب عرب من قريش وغيرهم ، يقول لهم النبي عليه الصلاة والسلام ((وَإنِ استُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشيٌّ)) ؛ لماذا هذا التأكيد ؟ حتى في بعض روايات الحديث قال : ((مجدَّع الأطراف)) لماذا هذا التأكيد؟ لما يترتب على السمع والطاعة من مصالح عظيمة دينية ودنيوية ، ولما يترتب أيضاً على نزع اليد من الطاعة من مفاسد عظيمة جداً دينية ودنيوية .
- الحديث الخامس : حديث أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( عَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ في عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ ، وَأثَرَةٍ عَلَيْكَ )) رواه مسلم .
(( عَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ)) أي الزم السمع والطاعة وحافظ عليها واعتني بها وكن دائماً كذلك تسمع وتطيع للأمير تسمع كلامه وتطيعه فيما يأمرك به ما لم يكن فيه معصية لله تبارك وتعالى .
قال : (( في عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ )) ؛ في عسرك : أي إن كنت مثلاً فقيرا معوزاً محتاجاً مريضاً إلى غير ذلك في عسرك. ويُسرك : أي في غناك وصحتك وعافيتك . فالسمع والطاعة للأمير لا يتعلق بحال الإنسان ، يعني بعض الناس يقول : "إن كان مثلا أعطاني من الدنيا أنا أسمع وأطيع ، أما أبقى فقيرا لا سمع ولا طاعة" مثلا . فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول (( في عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ )) .
(( وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ )) أي حال نشاطك وحال كراهتك ، لأنه قد تؤمر بشيء تنشط له ونفسك ميالة إليه ، وقد تؤمر بشيء لا تنشط له ونفسك ليست بميالة إليه ؛ فيلزمك الطاعة في المنشط والمكره كما أنه يلزمك ذلك في العسر واليسر ، لا أن تكون الطاعة في اليسر فقط ، ولا أن تكون الطاعة أيضا في المنشط فقط . والطاعة في اليسر والمنشط كلٌ يقدر عليها لأنها توافق شيئاً عند الإنسان وتوافق ميولاً عنده ، لكن الطاعة في العسر والمكره لا يقوى عليها إلا من وفقه الله جل وعلا لحسن الالتزام بدين الله تبارك وتعالى وشرعه .
وقوله في تمام هذا الحديث (( وَأثَرَةٍ عَلَيْكَ )) أي وإن حصل من ولاة الأمر استئثار ، (( وَأثَرَةٍ عَلَيْكَ )) أي استأثروا بالدنيا استأثروا بالأموال ، أصبحوا مثلا يركبون المراكب الفارهة ويسكنون القصور العظيمة ويمتلكون ويمتلكون ليس هذا هو المقياس ((وَأثَرَةٍ عَلَيْكَ )) ، النبي صلى الله عليه وسلم قال في الزمان الأول للأنصار ((إنكم ستلقون بعدي أثرة)) فأمرهم بالصبر وأوصاهم عليه الصلاة والسلام بالسمع والطاعة حتى وإن استأثر الوالي بالمال فإن الطاعة لازمة ، وإذا أطعت أديت الذي عليك ، وإذا كان استأثر الوالي بما هو حقوق للناس الله حسيبه يوم القيامة ، لكن الذي عليك لا تفرط فيه والذي أوجبه الله عليك لا تضيعه ، فإذا ضيَّع مثلاً ولي الأمر حقك فلا تضيع حقه ، إذا لم يتق الله فيك فاتق الله فيه ، لأن الله سيسألك ويسأله يوم القيامة وستقف أنت بين يدي الله وهو أيضاً سيقف بين يدي الله وكل يحاسبه الله ، أنت حُمِّلت السمع والطاعة فعليك أن تؤدي الشيء الذي حملته وأن تقوم به محتسباً مطيعاً راجياً بذلك ثواب الله سبحانه وتعالى وفضله .
- الحديث السادس : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ: « دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا ؛ فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعْنَا([7]) إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا ، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ )) ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ : أَنْشُدُكَ اللهَ([8]) أَأنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ([9]) وَقَالَ: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي([10]) » .
وتأمل رعاك الله قول نبينا صلوات الله وسلامه عليه في هذا الحديث العظيم (( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ)) فإذا قرأ المسلم الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بالسمع والطاعة لولاة الأمر عليه أن يقيسها بهذا المقياس وأن يزنها بهذا الميزان وأنها من نصح نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام لأمته ، فما من نبي بعثه الله إلا ودل أمته إلى خير ما يعلمه لهم . فهذه الأحاديث كلها خير وبركة وتترتب عليها مصالح العباد ومنافعهم الدينية والدنيوية .
والشاهد من هذا الحديث قول النبي عليه الصلاة والسلام : ((وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ ))، وهذا نظير ما تقدَّم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : ((بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة يقول لنا فيما استطعتم)) .
- الحديث السابع : حديث أَبي هُنَيْدَةَ وَائِلِ بن حُجُرٍ رضي الله عنه قَالَ : « سَألَ سَلَمَةُ بن يَزيدَ الجُعفِيُّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا نَبِيَّ الله أَرَأَيْتَ إنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسألُونَا حَقَّهُم([11]) وَيمْنَعُونَا حَقَّنَا([12]) ، فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ فَأعْرَضَ عنه ([13])،ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ([14]) ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( اسْمَعْوا وَأَطِيعُوا ، فإنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حملْتُمْ )) » رواه مسلم .
((عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا )) ؛ حُملوا العدل ، الله عز وجل أمرهم بالعدل ، ولهذا سبحان الله في الآية الكريمة التي مرت معنا { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء:59] ، الآية التي قبلها : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} بعض العلماء في كتب التفسير قال : الآية الأولى تتعلق بولاة الأمر ، والآية الثانية التي تليها : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } تعلق بالرعية . فولاة الأمر مأمورون بالعدل حملهم الله العدل في الرعية ، والرعية حملهم السمع والطاعة ، فولاة الأمر حُملوا العدل والرعية حُملوا السمع والطاعة لولاة الأمر . هذا معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام ((فإنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا )) أي الولاة ، (( وَعَلَيْكُمْ مَا حملْتُمْ )) فأنتم حملتم السمع والطاعة فأدوا هذا الذي اؤتمنتم عليه وقوموا به وافياً وأدُّوه تاماً حتى تجدوا ثوابه وأجره ، وقد مر معنا حديث أبي أمامة الباهلي في هذا الباب ، فهم حُملوا العدل والرعية حملت السمع والطاعة ، وإذا قام الرعية بما حُملوا وجدوا ثواب ذلك يوم القيامة وقد مر معنا حديث أبي أمامة قال : ((تدخلوا جنة ربكم )) .
- الحديث الثامن : حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( إنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا )) قالوا : يَا رسول الله ، كَيْفَ تَأمُرُ مَنْ أدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ ؟ قَالَ: (( تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ ، وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ .
قال عليه الصلاة والسلام (( إنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أثَرَةٌ )) أي من الولاة يستأثرون بالأموال يستأثرون بحقوق الناس لا يؤدون الحق الذي للناس ، وأيضا تجدون منهم أُمُوراً تُنْكِرُونَهَا ؛ فالصحابة أهل محبة للخير وإرادة للخير فسألوا النبي عليه الصلاة والسلام ((كَيْفَ تَأمُرُ مَنْ أدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ ؟ )) ماذا نصنع ؟ الآن لو تُركت هذه القضية لهوى الإنسان إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها إذا وجد الأثرة والأمور التي ينكرها نفسه إلى ماذا تدعوه ؟ تدعوه نفسه إلى عدم الطاعة وعدم الاستجابة ويقول كيف أطيع وقد أخذ حقي وتعدى على مالي واستأثر بالدنيا!! إلى غير ذلك فنفسه تأبى ، فقالوا ما تأمرنا إذا أدركنا ذلك ؟ قَالَ : (( تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ ، وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ )) ، تؤدون الحق الذي عليكم وهو السمع والطاعة ، وتسألون الله سبحانه وتعالى الحق الذي لكم أي تطلبون من الله أن ييسر لكم الحصول على حقوقكم ، وبهذا تكون أديت واجبك الديني أنت ، أديت الواجب الديني الذي سيسألك الله عنه يوم القيامة أديته ؛ السمع والطاعة هذا الذي أُمرت به ، وحقك إن ضاع في الدنيا لا يضيع في الآخرة ، تسأل الله سبحانه وتعالى الذي لك أي الحقوق التي لك التي لم تحصل عليها أو هُضمتها أو ظُلمت فيها أو نحو ذلك تسأل الله ذلك سبحانه وتعالى .
- الحديث التاسع حديث أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ أطَاعَنِي فَقَدْ أطَاعَ اللهَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أطَاعَنِي ، وَمَنْ يَعصِ الأميرَ فَقَدْ عَصَانِي )) متفقٌ عَلَيْهِ .
قوله ((مَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أطَاعَنِي ، وَمَنْ يَعصِ الأميرَ فَقَدْ عَصَانِي)) لماذا ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بطاعة الأمير ونهى عن معصية الأمير فمن أطاع الأمير أطاع الرسول عليه الصلاة والسلام ، ومن عصى الأمير عصى الرسول عليه الصلاة والسلام ، والنبي صلى الله عليه وسلم عندما أمر بطاعة الأمير ونهى عن معصيته إنما أمر بذلك لما فيه من المصالح العظام والخيرات الكبيرة والمنافع العميمة ، ونهى عن معصيته لما يترتب على معصيته من مفاسد لا حد لها ولا عد ، وقد مر معنا ((إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ)) فطاعة الأمير خير ومعصيته شر ، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بطاعة الأمير وعدَّها من طاعته ، ونهى عن معصية الأمير وعدَّها من معصيته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه .
وهذا الحديث دليلٌ على وجوب طاعة ولاة الأمر ، لأن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة ، والنهي عن معصية ولاة الأمر لأن معصية النبي صلى الله عليه وسلم محرمة ، إلا إن أمر ولي الأمر بمعصيةٍ لله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . وما يأمر به ولي الأمر لا يخلو من أمور ثلاثة :
1. إما أن يأمر بأمور أمر بها الله وأمر بها الرسول عليه الصلاة والسلام ؛ وهنا واجب ، واجبٌ لأمر الله بها ، ولأن من توفيق الله لولي الأمر أكد عليها وعلى العناية بها .
2. أو أن يأمر بأمر فيه معصية لله -هذا القسم الثاني- فلا طاعة له في ذلك ، إذا أمر بأمر فيه معصية لله لا طاعة له لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
3. والقسم الثالث : ليس فيه أمر ولا نهي ، يعني لم يأت في النصوص أمرٌ به ولا نهي عنه وأمر به ولي الأمر ؛ فهنا تجب طاعته ، لأن طاعته واجبة ما لم يأمر بمعصية ، وقد مر معنا التقييد بذلك في الحديث .
- الحديث العاشر : حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( مَنْ كَره مِنْ أمِيرِهِ شَيْئاً فَلْيَصْبِرْ ، فَإنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلطَانِ شِبْراً مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) متفقٌ عَلَيْهِ .
(( مَنْ كَره مِنْ أمِيرِهِ شَيْئاً )) أي إذا وجد أموراً يكرهها لا يرضاها لا يحبها أو مؤذية له أو نحو ذلك ((فَلْيَصْبِرْ )) فليصبر على ذلك وليحتسب صبره ثواباً وأجراً يوم يلقى الله سبحانه وتعالى ، وليحذر أشد الحذر من الخروج على ولي الأمر أو نزع اليد من الطاعة ((فَإنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلطَانِ شِبْراً مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً )) وقد مر معنا ذلك .
- الحديث الحادي عشر وهو خاتمة هذه الأحاديث : حديث أَبي بكرة رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( مَنْ أهانَ السُّلطَانَ أَهَانَهُ الله )) رواه الترمذي وقال حديث حسن .
وإهانة السلطان لها صور : كأن يستخف بأوامره ، أو يقلِّل من مكانته ، أو يوغر صدور العامة عليه ، أو غير ذلكم من الصور التي هي داخلة في الإهانة للسلطان . والعقوبة كما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن يهينه الله (( مَنْ أهانَ السُّلطَانَ أَهَانَهُ الله )) أي أن عقوبته أن يهينه الله ، فإن كانت إهانة الله له في الدنيا فهذه عقوبته في الدنيا معجلة وإلا فالعقوبة يوم القيامة أشد وأعظم ؛ وهذا مما يجعل الإنسان يحترز تماماً ويحذر أشد الحذر من أن يفعل أمراً يعرِّض به نفسه أن يهينه الله { وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج:18] ، فيحذر من ذلك أشد الحذر ويؤدي الذي عليه ويسأل الله تبارك وتعالى الذي له ، ويكون ناصحاً غير غاش ، قائماً بواجبه الديني كما أمره الله سبحانه وتعالى به ، ويجعل حسيبه ورقيبه في كل أعماله رب العالمين ، فيكون محاسباً لنفسه يزنها بموازين الشرع ويزمُّ نفسه بزمام الشرع ويتقيد بأحاديث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، ويرجو بذلك ثواب الله سبحانه وتعالى وأجره .
وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفقنا أجمعين لما يحبه ويرضاه من سديد الأقوال وصالح الأعمال ، وأن يصلح لنا شأننا كله ، وأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، وأن يهدينا إليه صراطاً مستقيما ، وأن يعيذنا والمسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه الكريم صلوات الله وسلامه عليه والسير على نهجه القويم وأن يهدينا إليه صراطاً مستقيما ، ونسأله تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات . اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين ، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من سديد الأقوال وصالح الأعمال ، اللهم وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه على الخير وتدله عليه وتحذِّره من الشر ، اللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم شرعك واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم ، اللهم ولِّ على المسلمين أينما كانوا خيارهم واصرف عنهم شرارهم يا رب العالمين ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا فيها معادنا ، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر ، اللهم أعنَّا ولا تعن علينا ، وانصرنا ولا تنصر علينا ، وامكر لنا ولا تمكر علينا ، واهدنا ويسِّر الهدى لنا ، وانصرنا على من بغى علينا ، اللهم اجعلنا لك ذاكرين لك شاكرين إليك أواهين منيبين ، لك مخبتين لك مطيعين ، اللهم تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وثبت حجتنا واهد قلوبنا وسدد ألسنتنا واسلل سخيمة صدورنا ، اللهم يا ربنا انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان ، اللهم كن لهم ناصراً ومعينا وحافظاً ومؤيدا ، اللهم احفظهم بما تحفظ به عبادك الصالحين ، اللهم آمن روعاتهم واستر عوراتهم واحقن دماءهم ، اللهم وعليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك ، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم ، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
__________________________
[1] أقسم بنفسه {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ } .
[2] أي بمعنى الذي .
[3] أي يعْلَم هذا من نفسه .
[4] أي النبي عليه الصلاة والسلام .
[5] أي العلماء .
[6] أي إن وجدت في المسلم هذه الخصال الثلاث : الإخلاص لله ، والمناصحة لولاة الأمر ، ولزوم الجماعة فهذا دليل على ذهاب الغل من قلبه ، ولا يبقى فيه مع هذه الثلاثة أي لا يبقى الغل .
[7] يقول نزلنا منزل ، وعادة عندما يرحلون ورحلة على الإبل والنوق ، إذا نزلوا منزل كل يكون مشتغل بمصلحة ما ، وكل في مهمة ما وكل في عمل، فيقول تفرقنا كل في عمله فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة .
[8] أي أسألك بالله .
[9] يعني وضع يديه على أذنيه وقلبه .
[10] أي من رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه .
[11] أي يطلبون منا أن نؤدي حقوقهم كاملة يطلبون من الرعية أن يؤدوا حقوق ولاة الأمر كاملة .
[12] أي حقنا لا يعطوننا إياه ماذا نصنع إذا ابتلينا بولاة هذه صفاتهم أي شيء نصنع ؟يطلبون الحق الذي لهم ولا يؤدون الحق الذي عليهم ماذا نصنع؟ .
[13] أعرض عنه الرسول عليه الصلاة والسلام قيل كأنه كره مسألته ولم يرد أن يفتح باباً في هذا .
[14] أي أعاد عليه هذا السؤال .





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 12:05 pm عدل 5 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 11:13 am

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Oy_110
في وجوب السمع والطاعة في غير معصية
السمع والطاعة لولاة الأمر من المسلمين – في غير معصية – مجمع على وجوبه عند أهل السنة والجماعة وهو أصل من أصولهم التي باينوا بها أهل البدع والأهواء .
وقل أن تري مؤلفاً في عقائد أهل السنة إلا وهو ينص على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر وإن جاروا وظلموا، وإن فسقوا وفجروا.
وقد نقل الإجماع على ذلك حرب الكرماني – صاحب الإمام أحمد – حيث قال في (( العقيدة ))التي نقلها عن جميع السلف :
(( والانقياد لمن ولاه الله – عز وجل – أمركم، لا تنزع يداً من طاعته، ولا تخرج عليه، حتى يجعل الله لك فرجاً ومخرجا، ولا تخرج على السلطان ،وتسمع وتطيع، ولا تنكث بيعته، فمن فعل ذلك، فهو مبتدع مخالف للجماعة )) ( 1)
يقول الحسن البصري – رحمه الله - : (( هؤلاء – يعني الملوك –وإن رقصت بهم المهاليج ( 2) ووطئ الناس أعقابهم، فإن ذل المعصية في قلوبهم، إلا أن الحق ألزمنا طاعتهم، ومنعنا من الخروج عليهم، وأمرنا أن نستدفع بالتوبة والدعاء مضرتهم، فمن أراد به خيراً لزم ذلك، وعمل به ،ولم يخالفه )) ( 3)
وقد بين العلامة صدر الدين السلمي في رسالته : (( طاعة السلطان )) ( 4) الحكمة من تأكيد الشارع على وجوب السمع والطاعة للأئمة في غير معصية وتحذيره الشديد من مخالفة أمرهم كذلك فقال – رحمه الله تعالي - :
(وقد روينا في الأحاديث الصحاح التي بلغت حد التواتر – أو كادت أن تبلغه - : أمر النبي ً بالسمع والطاعة لولى الأمر ومناصحته ومحبته والدعاء له : ما لو ذكرناه لطال الكلام لكن اعلم – أرشدك الله وإياي إلي الإتباع، وجنبنا الزيغ والابتداع -
أن من قواعد الشريعة المطهرة والملة الحنيفة المحررة : أن طاعة الأئمة فرض على كل الرعية ،وأن طاعة السلطان مقرونة بطاعة الرحمن ،وأن طاعة السلطان تؤلف شمل الدين وتنظم أمر المسلمين.
وأن عصيان السلطان يهدم أركان الملة ,أن أرفع منازل السعادة طاعة السلطان، وأن طاعة السلطان عصمة من كل فتنة ونجاة من كل شبهة، وأن طاعة السلطان عصمة لمن لجأ إليها وحرز لمن دخل فيها، وبطاعة السلاطين تقام الحدود وتؤدي الفرائض وتحقن الدماء وتأمن السبل،
وما أحسن ما قالت العلماء : أن طاعة السلطان هدي لمن استضاء بنورها، وموئل لمن حافظ عليها.
وأن الخارج من طاعة السلطان منقطع العصمة من الذمة وأن طاعة السلطان حبل الله المتين ودينه القويم، وجنته الواقية، وأن الخروج منها خروج من أنس الطاعة إلي وحشة المعصية ،ومن أسر غش السلطان ذل وزل ، ومن أخلص له المحبة والنصح حل من الدين والدنيا في أرفع محل.
وقد روينا في الأحاديث الصحاح أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة لولي الأمر ومناصحته و محبته والدعاء له ما لو ذكرناه لكان بما حله الناظر وسأمه الخاطر، كما تقدم فاقتصرنا على ما أوردناه واكتفينا بما بيناه )). ا هـ.
وكل ما ذكره – رحمه الله تعالي – حق ما دام السلطان لم يأمر بمعصية الله – تعالي -، فإن أمر بمعصية الله – تعالي – فقد حرمت طاعته في المعصية وفي ذلك مصالح الدين والدنيا لأن ذلك تقديم لطاعة الملك الديان وعصيان لأولياء الشيطان ( أن كيد الشيطان كان ضعيفاً ) .
والإجماع الذي أنعقد عند أهل السنة والجماعة على وجوب السمع والطاعة لهم مبني على النصوص الشرعية الواضحة التي تواترت بذلك، ونحن نذكر طرفاً منها يحصل به المقصود، ويتضح به الحق – إن شاء الله تعالي - :
الدليل الأول :
قول الله – تعالي - : ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) (5 )
قال ابن عطية في تفسير هذه الآية :
(( لما تقدم إلي الولاة في الآية المتقدمة – يشير إلي قوله : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً ) تقدم في هذه إلي الرعية فأمر بطاعته – عز وجل -، وهي امتثال أوامره ونواهيه وطاعة رسوله وطاعة الأمراء على قول الجمهور، أبي هريرة وابن عباس وابن زيد وغيرهم ... )) (6 ) ا هـ.
قال النووي – رحمه الله تعالي - :
(( المراد بأولي الأمر من أوجب الله طاعته من الولاة والأمراء هذا قول جماهير السلف والخلف من المفسرين من الولاة والأمراء، هذا قول جماهير السلف والخلف من المفسرين والفقهاء وغيرهم، وقيل : هم العلماء ،وقيل : هم الأمراء والعلماء ... )) ( 7) ا هـ
واختلف أهل العلم – رحمهم الله تعالي – في ((أولي الأمر))الذين أمر الله عباده بطاعتهم في هذه الآية :
فذهب جماهير أهلا لعلم – كما تقدم – إلي أنها في الأمراء وذهب بعض أهل العلم إلي أنها في أهل العلم والفقه
وقال آخرون : هي عامة تشمل الصنفين.
قال ابن جرير الطبري – رحمه الله تعالي – في تفسيره (8 )
(( وأولي الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : هم الأمراء والولاة، لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان طاعة، وللمسلمين مصلحة .... )) إلي أن قال :
(( فإذا كان معلوماً أنه لا طاعة واجبة لأحد غير الله أو رسوله أو إمام عادل، وكان الله قد أمر بقوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) بطاعة ذي أمرنا كان معلوماً أن الذين أمر بطاعتهم – تعالي ذكره – من ذوي أمرنا هم الأئمة من ولاة المسلمون دون غيرهم من الناس، وإن كان فرضاً القبول من كل من أمر بترك معصية ودعا إلي طاعة الله، وأنه لا طاعة تجب لأحد فيها أمر ونهي فيما لم تقم حجة وجوبه إلا للأئمة الذين ألزم الله عباده طاعتهم فيما أمروا به رعيتهم مما هو مصلحة لعامة الرعية فإن على من أمروا بذلك طاعتهم وكذلك في كل ما لم يكن لله فيه معصية.
وإذا كان ذلك كذلك، كان معلوماًً بذلك صحة ما اخترنا من التأويل دون غيره )). ا هـ
وهذا الذي رجحه ابن جرير هو اختيار البيهقي – رحمه لله – وقد احتج له بحجة أخري، فقال :
(( والحديث الذي ورد في نزول هذه الآية دليل على أنها في الأمراء )) (9 ) ا هـ .
وقد سبق الجمع إلي ذلك الإمام الشافعي – رحمه الله تعالي – وقرره تقريراً حسناً، كما نقله الحافظ ابن حجر (10 ) : قال الشافعي :
(( كان من حول مكة من العرب لم يكن يعرف الإمارة وكانت تأنف أن تعطي بعضها بعضاً طاعة الإمارة، فلما دانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالطاعة لم تكن تري ذلك يصلح لغير النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمروا أن يطيعوا أولي الأمر )).
والحديث الذي أشار إليه هو ما أخرجه البخاري ( 11) ومسلم ( 12) في صحيحيهما )) عن ابن جريح قال :
في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية.
أخبرنيه يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ففي هذه الآية وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر.
وهذا مطلق يقيد بما ثبت في السنة في أن الطاعة تكون في غير معصية الله تعالي.
(( ولعل هذا هو السر في حذف الفعل عن الأمر بطاعتهم وذكره مع طاعة الرسول، فإن الرسول لا يأمر إلا بطاعة الله ،ومن يطعه فقد أطاع الله، وأما أولو الأمر فشرط الأمر بطاعتهم أن لا يكون في معصية )) ( 13) .
الدليل الثاني :
أخرج البخاري في(( صحيحه )) – كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية – ومسلم في (( صحيحه)) كتاب الإمارة (14 )، عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
(( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )).
قوله (( فيما أحب وكره )) أي فيما وافق غرضه أو خالفه.
قال المباركفوري في (( شرح الترمذي ))
((وفيه : أن الإمام إذا أمر بمندوب أو مباح وجب .
قال المطهر على هذا الحديث :
(( يعني :سمع كلام الحاكم وطاعته واجب على كل مسلم، سواء أمره بما يوافق طبعه أو لم يوافقه، بشرط أن لا يأمره بمعصية فإن أمره بها فلا تجوز طاعته لكن لا يجوز له محاربة الإمام )) ( 15) ا هـ.
وقوله فلا سمع ولا طاعة يعني : فيما أمر به من المعصية فقط، فإذا أمره أن يرابى أو أن يقتل مسلماً بغير حق فلا يسمع له مطلقاً في كل أوامره، بل يسمع له ويطاع مطلقاً، إلا في المعصية فلا سمع ولا طاعة (16 ).
قال حرب في (( العقيدة )) التي نقلها عن جميع السلف : (( وإن أمرك السلطان بأمر فيه لله معصية فليس لك أن تطعه البتة وليس لك أن تخرج عليه ولا تمنعه حقه )) ا هـ. (17 )
الدليل الثالث :
أخرج الإمام مسلم في (( صحيحه )) – كتاب الإمارة ( 1 - عن أبي هريرة – رضي الله عنه -، قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( عليك السمع والطاعة، في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثره عليك ))
قوله : (( منشطك ) مفعل من النشاط، أي : في حالة نشاطك. وكذلك قوله : (( ومكرهك )) أي : حالة كراهتك.
والمراد : في حالتي الرضي والسخط والعسر واليسر والخير والشر. قاله ابن الأثير ( 19)
قال العلماء – كما حكي النووي - :
(( معناه تجب طاعة ولاة الأمور فيما يشق وتكرهه النفوس وغيه مما ليس بمعصية، فإن كانت معصية فلا سمع ولا طاعة ))
قال : (( والأثرة : الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا عليكم.
أي : أسمعوا وأطيعوا وأن أختص الأمراء بالدنيا، ولم يوصلوكم حقكم مما عندهم )) ( 20) ا هـ.
الدليل الرابع :
أخرج مسلم في (( صحيحه )) ( 21) – وبوب عليه النووي فقال - : باب في طاعة الأمراء وأن منعوا الحقوق، عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال :
سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله ! أرأيت أ، قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا ؟ فأعرض عنه ثم سأله ؟ فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية – أو في الثالثة - ؟ فجذبه الأشعث بن قيس، وقال :
(( أسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم ))
وفي رواية لمسلم – أيضاً : فجذبه الأشعث بن قيس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( أسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم ))
والمعني : أن الله – تعالي- حمل الولاة وأوجب عليهم العدل بين الناس فإذا لم يقيموه أثموا، وحمل الرعية السمع والطاعة لهم، فإن قاموا بذلك أثيبوا عليه، وإلا أثموا.
الدليل الخامس :
أخرج مسلم في (( صحيحه )) ( 22) عن حذيفة بن اليمان – رضي الله عنهما – قال :
قلت : يا رسول الله ! إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير شر ؟ قال ((نعم ))، قلت : هل وراء ذلك الشر خير ؟ قال (( نعم )) قلت فهل وراء الخير شر ؟ قال : (( نعم )) قلت : كيف ؟ قال (( يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ))
قال : قلت : كيف أصنع يا رسول الله – أن أدركت ذلك ؟
قال : (( تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع )).
وهذا الحديث من أبلغ الأحاديث التي جاءت في هذا الباب إذ قد وصف النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء الأئمة بأنهم لا يهتدون بهديه ولا يستنون بسنته وذلك غاية الضلال والفساد ونهاية الزيغ والعناد فهم لا يهتدون بهديه ولا يستنون بسنته، وذلك غاية الضلال والفساد ونهاية الزيغ والعناد، فهم لا يهتدون بالهدي النبوي في أنفسهم ولا في أهليهم ولا في رعاياهم ... ومع ذلك فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بطاعتهم – في غير معصية الله – كما جاء مقيداً في حديث آخر – حتى لو بلغ الأمر إلي ضربك وأخذ مالك، فلا يحملنك ذ لك على ترك طاعتهم وعدم سماع أوامرهم، فإن هذا الجرم عليهم وسيحاسبون ويجازون به يوم القيامة.
فإن قادك الهوى إلي مخالفة هذا الأمر الحكيم والشرع المستقيم، فلم تسمع ولم تطيع لأميرك لحقك الآثم ووقعت في المحظور.
وهذا الأمر النبوي من تمام العدل الذي جاء به الإسلام، فإن هذا المضروب إن لم يسمع ويطع، وذك المضروب إذا لم يسمع ويطع ... أفضي ذلك إلي تعطيل المصالح الدينية والدنيوية فيقع الظلم على جميع الرعية أو أكثرهم، وبذلك يرتفع العدل عن البلاد فتتحقق المفسدة وتلحق بالجميع.
بينما لو ظلم هذا فصبر واحتسب، وسأل الله الفرج، وسمع وأطاع لقامت المصالح ولم تتعطل، ولم يضع حقه عند الله – تعالي -، فربما عوضه خير منه وربما ادخره له في الآخرة.
وهذا من محاسن الشريعة، فإنها لم ترتب السمع والطاعة على عدل الأئمة، ولو كان الأمر كذلك، لكانت الدنيا كلها هرجاً ومرجاً، فالحمد لله على لطفه بعباده.
الدليل السادس :
أخرج مسل في (( صحيحه )) ( 23) عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال :
(( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم ))
قيل : يا رسول الله ! أفلا ننابذهم بالسيف ؟ فقال :
( لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يداً من طاعة )
وفي لفظ أخر له :
(( ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يداً من طاعة ))
الدليل السابع :
أخرج البخاري ومسلم في (( صحيحيهما )) ( 24) عن أبي هريرة رضي الله عنه -، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( من أطاعني، فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصي الله، ومن أطاع أميري، فقد أطاعني، ومن عصي أميري فقد عصاني ))
وفي لفظ لمسلم : (( ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعصى الأمير، فقد عصاني ))
وقد بوب البخاري – رحمه الله – على هذا الحديث في كتاب الأحكام من (( صحيحه ))، فقال : باب قول الله – تعالي – ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ( 25)
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
(( وفي الحديث وجوب طاعة ولاة الأمور، وهي مقيدة بغير الأمر بالمعصية، والحكمة في الأمر بطاعتهم : المحافظة على اتفاق الكلمة، لما في الافتراق من الفساد )) ا هـ.
الدليل الثامن :
أخرج البخاري في (( صحيحه )) – كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة – للإمام ما لم تكن معصية -، عن أنس ابن مالك – رضي الله عنه -، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( أسمعوا وأطيعوا، وأن أستعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ))
الدليل التاسع :
أخرج البخاري ومسلم في (( صحيحيهما )) (26 )، عن عبادة ابن الصامت – رضي الله عنه -، قال :
دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبايعناه، فكان فيما أخد علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأسره علينا وأن لا ننازع الأمر أهله، قال :
(( إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان ))
هذا لفظ لمسلم.
وقد أخرجه ابن حبان في (( صحيحه )) (27 ) بلفظ :
(( أسمع وأطع في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك وأثره عليك، وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك إلا أن يكون معصية ))
الدليل العاشر :
أخرج ابن أبي عاصم في (( السنة )) (28 ) بسند جيد، عن معاوية – رضي الله عنه -، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :
((أن السامع المطيع لا حجة عليه، وإن السامع العاصي لا حجة له ))
الدليل الحادي عشر :
أخرج ابن أبي عاصم في (( السنة )) (29 ) أيضاً عن عدي ابن حاتم – رضي الله عنه -، قال : قلنا : يا رسول الله ! لا نسألك عن طاعة من أتقي، ولكن من فعل وفعل – فذكر الشر -، فقال :
(( اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا )).
الدليل الثاني عشر :
أخرج ابن زنجوية في كتاب (( الأموال )) ( 30)، عن أبي هريرة – رضي الله عنه -، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال :
(( ليس السمع والطاعة فيما تحبون، فإذا كرهتم أمراً تركتموه، ولكن السماع والطاعة فيما كرهتم وأحببتم، فالسامع المطيع لا سبيل عليه والسامع العاصي لا حجة له ))
الدليل الثالث عشر :
أخرج ابن حبان في (( صحيحه )) (31 )، عن عبد الله ابن الصامت، قال : قدم أبو ذر على عثمان من الشام، فقال :
يا أمير المؤمنين ! أفتح الباب حتى يدخل الناس، أتحسبني من قوم يقرأ ون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، ثم لا يعدون فيه، حتى يعود السهم على فوقه، وهم شر الخلق والخليقة.
والذي نفسي بيده لو أمرتني أن أقعد لما قمت ،ولو أمرتني أن أكون قائماً لقمت ما أمكنني رجلاي، ولو ربطتني على بعير لم أطلق نفسي حتى تكون أنت الذي تطلقني .
ثم أستأذنه يأتي الربذة، فأذن له ،فأتاها ،فإذا عبد يؤمهم فقالوا :أبو ذر فنكص العبد، فقيل له : تقدم، فقال : أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث :
((أن أسمع وأطيع، ولو لعبد حبشي مجدع الأطراف ...))الحديث .
الدليل الرابع عشر :
أخرج ابن أبي عاصم في (( السنة )) ( 32)، عن المقدام بن معدي كرب ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( أطيعوا أمراءكم مهما كان فإن أمروكم بشيء مما لم آتكم به فهو عليهم، وأنتم منه براء ،وأن أمروكم بشيء مما جئتكم به، فإنهم يؤجرون عليه وتؤجرون عليه، وذلك بأنكم إذا لقيتم ربكم قلتم : ربنا لا ظلم، فيقولون : ربنا أرسلت إلينا رسلاً، فأطعناهم ،واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم وأمرت علينا أمراء فأطعناهم، فيقول : صدقتم، وهو عليهم، وأنتم منه براء )).
الدليل الخامس عشر :
أخرج ابن أبي عاصم في (( السنة )) (33 ) عن أبي امامة الباهلي، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
(( أنه لا نبي بعدي ولا أمة بعدكم، ألا فاعبدوا ربكم وصلوا خمسكم ،وصوموا شهركم، وأد رأوا زكاة أموالكم، طيبة بها نفوسكم وأطيعوا أمرائكم، تدخلوا جنة ربكم )). إسناده صحيح.
الدليل السادس عشر :
أخرج ابن سعيد (34 ) أن زيد بن وهب قال : لما بعث عثمان إلي ابن مسعود يأمره بالقدوم إلي المدينة، أجتمع الناس فقالوا : أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه، فقال :
(( أن له على حق طاعة، ولا أحب أن أكون أول من فتح باب الفتن ))
فتأمل فعل ابن مسعود هنا وفعل أبي ذر المتقدم مع أمير المؤمنين عثمان – رضي الله عن الجميع – يظهر لك ما كان عليه جماعة السلف من التسليم المطلق لأمر الشارع سبحانه وتعالى وتقديم قوله على ما تهوي النفس.
وإن الإثارة على الولاية القائمة فتح باب شر على الأمة.
قال أئمة الدعوة – رحمهم الله تعالي – عند إيرادهم لطائفة من الأحاديث النبوية في هذا الباب :
(( إذا فهم ما تقدم من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وكلام العلماء المحققين في وجوب السمع والطاعة لولي الأمر وتحريم منازعته والخروج عليه، وأن المصالح الدينية والدنيوية لا انتظام لها إلا بالإمامة والجماعة، تبين :
أن الخروج عن طاعة ولي الأمر والافتيات عليه بغزو أو غيره معصية ومشاقة لله ورسوله ومخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة )) (35 )
وقال شيخ الإسلام – رحمه الله - :((وأما أهل العلم والدين والفضل فلا يرخصون لأحد فيما نهي الله عنه من معصية ولاة الأمور وغشهم ،والخروج عليهم – بوجه من الوجوه -، كما قد عرف من عادات أهل السنة والدين قديماً وحديثاً، ومن سيرة غيرهم )) ( 36)
[من كتاب ((معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة)) الفصل الرابع]

_______________________
1 ) نقلها ابن القيم في (( حادي الأرواح )) ( ص 399 – 406 )، وينظر ( ص 91 )
2 ) فارسي معرب، والمهاليج : نوع من الدروب.
3 ) كتاب (( آداب الحسن البصري )) لابن الجوزي : ( ص 121 ).
4 ) ( ص 45 ) .
5 ) سورة النساء الآية :59
6 ) (( المحرر الوجيز )) : ( 4/158 ) ط. المغرب.
7 ) (( شرح النووي على مسلم )) : ( 12/223 ) .
8 ) ( 5/150) ط 3. الحلبي .
9 ) (( الجامع لشعب الإيمان )) للبيهقي : ( 13/41 )
10 ) (( العجاب في بيان الأسباب )) ( 2/898 ).
11 ) ( 5/180)
12 ) ( 3/1465 )
13 )(( تفسير السعدي)): ( 2/89 )، ط. السعدية.
14 ) البخاري : ( 13/121 )، ومسلم : ( 3/1469 )
15 ) (( تحفة الأحوذي )) : ( 5/365 ). ط. السلفية بالمدينة.
16 ) ينظر : (( تهذيب الرياسة وترتيب السياسة )) للقلعي : ( ص 113-114 ) .
17 ) ينظر (( حادي الأرواح )) لابن القيم ( ص 401 ).
18 ) ( 3/1467 ) .
19 ) (( جامع الأصول )9 : ( 4/66 ) .
20 ) (( شرح مسلم )) : ( 12/225 ).
21 ) ( 3/1474 )
22 ) ( 3/1476 ) .
23 ) ( 3/1467 ) .
24 ) البخاري ( 13/111 ) ) .ومسلم ( 3/1466 )
25 ) سورة النساء : آية : 59
26 ) البخاري، الأحكام باب كيف يبايع الإمام الناس ؟ ( 13/192 )، ومسلم ( 3/1470 )
27 ) (( الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان )) ( 10/426 )
28 ) (2/503 ) وهو في المسند للإمام أحمد ( 4/96 ) وانظر مجمع الزوائد ( 5/271 )
29 ) قال الألباني : حديث صحيح. ينظر : (( ظلال الجنة في تخريج السنة ( 2/508 )
30 ) ( 1/73 – 74 ) وفي إسناده ابن لهيعة، وهو صدوق خلط بعد احتراق كتبه، ولم تن هذا الحديث شواهد كثيرة
31 ) (( الإحسان في تقرير صحيح ابن حبان ) ( 13/301 ) و (( موارد الظمآن إلي زوائد ابن حبان )) ( ص 372)
32 ) (( السنة )) (2/499) .
33 ) المصدر السابق .
34 ) كما في (( الإصابة )) ( 6/217 ) .
35 ) من ((نصيحة مهمة في ثلاث قضايا )) ( ص 48 ) الطبعة الثالثة.
36 ) (( مجموع فتاوي ابن تيمية )) ( 35/12 ) .






عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس مارس 21, 2024 3:13 pm عدل 1 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 11:26 am

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Aooa11
طاعة ولي الأمر
الحمد لله الذي أنار السبيل، وأوضح الدليل، وفق من شاء إلى الصراط المستقيم، والطريق القويم، أحمده سبحانه وأشكره على إحسانه العميم، ومنه القديم، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، شهادة تنجي قائلها من عذاب الجحيم، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، المبعوث رحمة للعالمين، وإمامًا للمتقين، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، والزموا طاعته، وامتثلوا أمره، وتمسكوا بسنة نبيكم وأطيعوه، واتبعوا هديه، فقد أمركم سبحانه بذلك في محكم كتابه: يقول سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59].
فطاعة الله سبحانه عبادته، وامتثال أمره في جميع ما أمر به، والانتهاء عن جميع ما نهى عنه، وطاعة رسوله امتثال أمره، والعمل بشرعه، والاهتداء بهديه، والرضا والتسليم له في حكمه، وفي أمره ونهيه، والتصديق بكل ما جاء به، صلوات الله وسلامه عليه، والبعد كل البعد عن المحدثات في الدين، أو الزيادة على ما شرعه الله ورسوله، أو النقص فيه، أو تقييده بشيء لم يقيده رسول الله r، فإن ذلك يعتبر استدراكًا عليه r، واتهامًا له بالتقصير، ومخالفة لأمره، والله U يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].
قال بعض الأئمة -رحمهم الله-: أتدري ما الفتنة، لعله إذا رد شيئًا من أمره أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
وأما أولو الأمر الذين  ذكر الله وجوب طاعتهم في هذه الآية الكريمة، فقد قال أكثر  المحققين من العلماء، وأئمة التفسير، كالإمام ابن جرير، وابن كثير، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرهم: إن المراد بهم أولي الأمر من الولاة، والعلماء، أهل الحل والعقد، والأمر والنهي.
وقد وردت الأحاديث الكثيرة الموضحة لذلك، والمبينة للمراد من الآية الكريمة.
فمنها: ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )) ([1]).
وعنه t قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: « من خلع يدًا من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية » رواه مسلم ([2]).
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : « اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة » رواه البخاري ([3]).
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله  صلي الله عليه وسلم: « من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني،ومن يعص الأمير فقد عصاني »  رواه البخاري ومسلم([4]).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: « كنا مع رسول الله  صلي الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلًا، فمنا من يصلح خباءه، ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جشره، إذ نادى رسول الله  صلي الله عليه وسلم: الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل الله عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي، ثم تنكشف وتجيء الفتنة، فيقول المؤمن هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنه فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر » رواه مسلم في صحيحه([5]).
ومن كلام أهل العلم على هذه الأحاديث وما في معناها ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (( وما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم، واجب على الإنسان، وإن لم يعاهدهم عليه، وإن لم يحلف لهم الأيمان المؤكدة، كما تجب عليه الصلوات الخمس، والزكاة، والصيام، وحج البيت، وغير ذلك مما أمر الله به رسوله من الطاعة فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم.
فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله، فأجره على الله، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال، فإن أعطوه أطاعهم، وإن منعوه عصاهم، فما له في الآخرة من خلاق )) هذا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ولا شك أن من طاعة أولي الأمر امتثال أوامر من يولونه على أمر من أمور المسلمين، فمصالح المسلمين اليوم وقبل اليوم اقتضت إحداث إدارات، ومؤسسات، ودواوين،تخدم المسلمين، وترعى شؤونهم، وهذه لابد لها من ضوابط وحدود، لكي تخدم عموم المسلمين، وتنظم أمور  حياتهم،
فالمسلم مأمور بأن يلتزم بكل ذلك، وطاعة هؤلاء الولاة، ورؤساء هذه المصالح، إنما هي من طاعة ولي الأمر، التي أمر الله بها، فهي واجبة شرعًا، ما دام أمرهم يتم في حدود ما كلفوا به من عمل، ولا يخالف المنهج الإسلامي القويم، فولي الأمر مطلوب منه أن يتوخى المصلحة العامة لرعيته، وعلى المرعى عليه أن يلتزم بالسمع والطاعة ما لم يؤمر بمعصية، وهذا أمر عام لكل فرد من أفراد الرعية، عليه واجبات وحقوق يجب القيام بها على وجهها. كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم  يقول: « كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع، ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله، ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده، ومسئول عن رعيته، فكلكم راع، ومسئول عن رعيته » ([6]).
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء: 59].
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبهدي سيد المرسلين أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
أول الخطبة الثانية
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وعليكم باتباع كتاب ربكم، وسنة نبيكم، وهدي سلفكم الصالح، والعمل بتوجيهاته، ووصاياه r لأمته، فإنه الناصح الأمين، لا خير إلا دلّ الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها منه.
ولقد كان من توجيهاته ونصحه r ما جاء في الحديث الذي رواه مسلم وغيره عن تميم الداري  رضي الله عنه أن النبي  صلي الله عليه وسلم قال: « الدين النصيحة » ثلاثًا، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: « لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم » ([7]).
فالنصيحة لله تعالى: توحيده، ووصفه بصفات الكمال والجلال، وتنزيهه عما يضادها، ويخالفها، وتجنب معاصيه، والقيام بطاعته، ومحابه بوصف الإخلاص، والحب فيه، والبغض فيه، وجهاد من كفر به.
والنصيحة لكتابه: الإيمان به وتعظيمه، وتفهم معانيه، وتلاوته حق تلاوته، والوقوف عند أوامره ونواهيه، وتدبر آياته، والذب عنه من تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
والنصيحة لرسوله r : الإيمان به، وبما جاء به، وتوقيره، وتبجيله، والتمسك بطاعته، وإحياء سنته، ونشر علومها، ومعاداة من عاداه، وموالاة من والاه، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، ومحبة آله وأصحابه.
والنصيحة لأئمة المسلمين: معاونتهم على الحق، وطاعتهم فيه، وتذكيرهم به، وتنبيههم في رفق ولين، وحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم، وحب اجتماع الأمة عليهم، وكراهية افتراق الأمة عليهم، والتحذير من ذلك، والتدين بطاعتهم في طاعة الله U، وحب إعزازهم في طاعة الله، والدعاء لهم بالتوفيق والصلاح ما أقاموا شرع الله، ونفذوا حدوده، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر. ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله: لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان؛ لأن بصلاحه تصلح الرعية، وبفساده تفسد.
والنصيحة لعامة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم، وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم، وستر عوراتهم، وسد خلاتهم، ونصرتهم على أعدائهم، والذب عنهم، ومجانبة الغش والحسد لهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر .
عباد الله: هذه توجيهات الناصح الأمين، عليه من الله أفضل الصلاة والتسليم.
أضغط هنــــــــdocــــــــــــــــــــــا
__________________________
([1])    رواه البخاري في كتاب الأحكام، رقم (7144) ورواه مسلم في كتاب الإمارة، رقم (1839).
([2])    رواه مسلم في كتاب الإمارة رقم (1851).
([3])    رواه البخاري في كتاب الأحكام رقم (7142).
([4])    رواه البخاري في كتاب الأحكام رقم (7137)، ومسلم في كتاب الإمارة رقم (1835).
([5])    رواه مسلم في كتاب الإمارة رقم (1844).
([6])    رواه البخاري في كتاب الوصايا، رقم (2751) ومسلم في كتاب الإمارة رقم (1829).
([7])    رواه مسلم في كتاب الإيمان رقم (82).





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 10:22 am عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 12:13 pm

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Oc_ao_10
فوائد السمع والطاعة لولي الأمر وأهدافها
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه صلَّى الله عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدين.
أمَّا بعد:
فيا أيُّها النَّاسَ: اتَّقوا اللهَ -تعالى- حَقَّ التقوى.
عباد الله: إن من عظمة هذا الدين أن جعل الناس أفرادا وجماعات وأمما؛ يعيشون تحت مظلة هذا الدين، وشرع من الشرائع، ونظم العبادات كلها لتقوية هذا الهدف العظيم.
فما اجتماع المسلمين في اليوم والليلة لأداء هذه الصلوات الخمس في المساجد، إلا تأصيل لهذا المبدأ.
وما اجتماعنا يوم الجمعة، وسماعنا للخطبة؛ إلا أيضا دليل على تأصيل هذا المبدأ.
وما صلاة العيدين، وما الاجتماع في الحج الذي يمثل أقطار الدول الإسلامية والعالم كلها، تحت مظهر واحد، وملبس واحد، وهدف واحد، إلا دليل على تأصيل هذا المبدأ العظيم، وهو الدعوة والاجتماع على الحق والهدى.
وقد ربى الإسلام أتباعه أن تكون علاقاتهم قائمة على أسس العقيدة السليمة الصحيحة، فإنها تجمع القلوب وتؤلفها: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال: 63].
وأي اجتماع على غير عقيدة فهو اجتماع شكلي، لا يؤتي ثماره، ولا يؤدي الغرض، ولا يدوم، وإنما الشيء النافع ما قام على أسس العقيدة الصحيحة الذي تدعو إلى التآلف، واجتماع الكلمة.
والمسلمون يتمتعون بحقوق وشراكة بينهم، رغم اختلاف اللون واللغة والعرق والقبيلة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات: 13].
والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخاطب الناس: "أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِي عَلَى أَعْجَمِي، وَلاَ لِعَجَمِي عَلَى عَرَبِي، وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَد، وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى" -فصلوات الله وسلامه عليه أبدا دائما إلى يوم الدين-.
ومما دعا الإسلام إليه: الاجتماع على ولي الأمر، والسمع والطاعة له، ودعا المسلمين إلى أن يكون لهم إمام واحد؛ يلتفون حوله، ويجتمعون عليه، يولونه أمرهم، ليسوسهم بالخير، ويقيم بهم الصلاة، ويقيم فيهم الحدود، ويحفظ دماءهم وأموالهم وأعراضهم، ويقيم العدل بينهم.
وأوجب عليهم طاعة هذا الإمام، والسمع والطاعة له بالمعروف، يقول الله -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) [النساء: 59].
ويقول صلى الله عليه وسلم: "عَلَى الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ".
وهذا الإمام إذا سمع وأطيع اجتمعت الكلمة، وانتظم الحال، وعند معصية ولي الأمر يكون الضعف والبلاء في الأمة، ولهذا النبي -صلى الله عليه وسلم- أوجب على كل مسلم في عنقه بيعة أن يحافظ عليها، وأن لا يتخلى عنها، ولا ينقضها، يقول صلى الله عليه وسلم: "مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِىَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ولاَ حُجَّةَ لَهُ".
ويقول أيضا: "مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً".
وحرم على المسلمين الخروج عن أئمتهم، وأوجب السمع والطاعة بالمعروف، وتقديم المصالح العامة على المصالح الشخصية: "خَيْرُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ يُبْغِضُونَكُمْ وَتُبْغِضُونَهُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُم"ْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلا نُنَابِذُهُمْ؟ قَالَ: "لا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاةَ".
أيها المسلم: وإن التفرق والاختلاف سبب لهلاك الأمة ودمارها، وإن اجتماعها وتآلفها سبب لقوتها وعزتها، فعز الأمة وقوتها وهيبتها ومكانتها إنما يكون بالتآلف واجتماع الكلمة، والسمع والطاعة، والتعاون على الخير في الأحوال كلها.
أيها المسلمون: وإذا تأمل المسلم كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- رأى أن لاجتماع الكلمة والسمع والطاعة؛ فوائد كثيرة عظيمة:
فمنها: أن السمع والطاعة لولي الأمر مما يسبب الخلوص من الفتن والمصائب، ولما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الشر الذي يقع في آخر الزمان؛ قال آمرا أحد أصحابه: "تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ" فقال له الصحابي: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ، قَالَ: "فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ".
ومنها: أن الاجتماع والسمع والطاعة فيه تحد، فيه مقاومة، ووقوف أمام التحديات المعاصرة، فإن عالمنا الإسلامي اليوم يواجه تحديات معاصرة من أعداء دينه على اختلاف أفكارهم، ووجهات نظرهم؛ إلا أنهم متحدون ضدنا، واقفين أمام عقيدتنا وقيمنا وأخلاقنا.
فاجتماع المسلمين وتآلفهم قوة؛ أمام هذه التحديات الضارة التي يكيدها الأعداء لها لهذه للأمة الإسلامية، فإن أعداء هذه الأمة يغيظهم: أن يروا هذه الأمة قوية؛ يسود التآلف والتراحم والتعاون بين الراعي والراعية.
ومنها: أن هذا الاجتماع يظهر عظمة الإسلام، وقوة الإيمان، هذا الدين هو الذي وحده استطاع أن يؤلف القلوب، يقول الله -جل وعلا-: (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) [آل عمران: 103].
فقوتنا واجتماعنا وتآلفنا وصدقنا في تعاملنا فيما بيننا قوة بتوفيق من الله، إنما يخشى علينا من التفرق والضعف، واندساس بعض المغرضين والحاقدين على الإسلام وأهله، وممن ينتسبون إلى الإسلام ممن عندهم شيء من الدنيا، يردون بها تدمير الأمة، وإحداث الفتن والمصائب، وطاعة أعداء الله في إذلال الأمة، وإرهابها وإضعافها.
ومنها: أن هذا الاجتماع دليل على المحبة الصادقة، فالاجتماع والتآلف دليل على المحبة الصادقة، محبة الإيمان.
ومنها: أن هذا الاجتماع ينزع عنا العصبية القبلية، والتعصبات الجاهلية، لا لقبيلة، ولا لحزب، ولا لمبدأ، نحن أمة واحدة، عقيدة وشريعة، يجب أن نخضع لها، فلا مجال للتعصبات القبلية، ولا للتعصبات الفكرية، فإن هناك من يتعصب لقبيلة، أو لفكر، أو لرأي، فنحن في الإسلام لا نتعصب لفكر من الأفكار، هدفنا وغايتنا اتباع كتاب ربنا وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم-.
أما التعصب للأفكار والآراء، والدفاع عنها مهما كان، حالها حقا أم باطلا، فذلك أمر غير مرغب فيه في ديننا.
فالتعصب ليس ضد الأشخاص، ولا لمبادئهم، إنما لهذا الدين وقيمه وأخلاقه، فمن تعصب لهذا الدين دفاعا عنه، وتبين فضائله، والدعوة إلى اجتماع الكلمة، فهو المحق.
أما التعصب للفكرة، وأن يكون هدفنا التعصب لفكر من الأفكار، والدفاع عنها، مهما كان حالها، فإن هذا خلاف المشروع.
فالمسلم إنما هدفه هذا الدين، دفاعا عنه، وتأصيلا له، وردا لكل شبهة من الشبه التي يثيرها المغرضون الحاقدون عن الإسلام وأهله.
ومن أهداف الاجتماع أيضا: السلامة من كيد الأعداء المتربصين بنا.
أيها الإخوة: أعداؤنا يتربصون بنا، أعداؤنا يعرفون مجدنا، وشرفنا وفضلنا، وماضينا المجيد، وأخلاقنا الكريمة، فهم يحاولون أن يفصلونا عن ديننا، وأن يبعدونا عن ديننا، وأن لا يجعلوا لديننا مكانة فيما بيننا، وهذا دليل على ضعفنا.
فالواجب أن نستعين بالله، ونحاول أن نتحصن من كيد الكائدين، وحقد الحاقدين، الذين لن يرضوا عنا حتى نتخلى عن ديننا: (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة: 120].
(وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) [البقرة: 109].
أيها المسلمون: ومن أهداف السمع والطاعة أيضا: حصول البركة، واجتماع الخير، يقول الله -جل وعلا-: (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ) [آل عمران: 103].
ويخاطب النبي -صلى الله عليه وسلم- الأنصار، فيقول لهم: "أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي، وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِي، وَمُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِي".
ومن آثار الاجتماع وفوائده أيضا: قوة المؤمنين، ورعب عدوهم منهم، فإن الأمة إذا اجتمعت كانت قوة لا تغلب، إذا نظر الأعداء إلينا قوة متماسكة منتظمة، بعضنا يشد أزر بعض، ويقوي بعضنا بعضا، ويعين بعضنا بعضا، وينصح بعضنا بعضا، كانت قوة لا تغلب.
أما إذا بقينا العدو ينهشنا من كل جانب، شرقا وغربا، كلما وجد فرصة انقض على جماعة المسلمين قتلا وتشريدا، هذا كله منه البلاء، فاجتماعنا قوة لا تغلب، يحسب الأعداء لها حسابها.
ومن آثار اجتماعنا أيضا: أن نغيض عدو الله إبليس الذي يسبب التحريش بيننا، وإفسادنا بعضنا على بعض، يقول صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ ثَلاَثَةٍ فِي قَرْيَةٍ لاَ يُؤَذَّنُ وَلاَ تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إِلاَّ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ".
فيا أمة الإسلام: إن الاجتماع والتآلف من أسباب القوة.
إن مصاب الأمة اليوم جلل، وبلاءها عظيم، وما نسمع من الأحداث المؤلمة من تفجيرات، وقتل، وسفك للدماء، ونهب للممتلكات، وانتهاك للأعراض، وقتل للأبرياء؛ هذه أمور إنما هي نتيجة الاختلاف، وعدم التآلف، وعدم الصدق مع الله، في الأقوال والأعمال.
إن الواجب على الأمة أن تسعى للتأليف بينها، وحل مشاكلها، بالتآلف والاجتماع والتعاون: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة: 2].
إن أمة الإسلام مصابة بمصيبة جلل عظيم، كلما تأمل المسلم وتدبره، وجد أنه بلاء عظيم: ما سببه؟ اختلاف القلوب.
ما سببه؟
البعد عن الدين.
ما سببه؟
وجود فئة حاقدة تندس تحت الإسلام، وهي بريئة منه، تريد إفساد هذا الدين، والقضاء عليه، وجود فئة من الناس عندها شيء من المال، تريد بهذا المال أن يكون سببا لتفريق الأمة، وإذلالها، وإحداث المؤامرات بين صفوفها، وكل هذه أمور خطيرة.
فواجب علينا: أن نتقي الله في أنفسنا، وأن نعود إلى واقعنا، ونصلح أخطاءنا، ونقيم سلوكنا، ولنكن يدا واحدة، بعضنا مع بعض، ولنقف صفا واحدا أمام كل التحديات، أمام كل الدعايات، أمام كل الأعداء، فإذا توحدنا جميعا، فإنه يرجى الخير الكثير، يقول جل وعلا: (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال: 46] أي قوتكم.
فإن هذه الفتن والمصائب التي عمت الأمة، حتى أن بعضهم ربما تأسف على الزمان الماضي، وإن كان فيه أخطاء، لكن لما رأى الخطر العظيم، والشر المستطير، والبلاء العظيم.
هذه الفتن -يا إخواني-: مصيبة عظيمة، أعداؤنا آمنون مطمئنون في بلادهم، ويصنعون ويزرعون ويتنعمون، وأبناء المسلمين في ذعر وخوف، في العراق، في سوريا، في اليمن، في تونس، في ليبيا، في الصومال، هذه الدول الإسلامية تسام سوء العذاب، على أيدي المغرضين والحاقدين، مؤامرات أعداء الإسلام لا تخلو، كل يوم تدبر مؤامرة، إن لم تنجح في فكرة جاءت بفكرة أخرى، وهكذا.
يقبلون بالشر والفتن علينا، لكي يذلونا، ويهينوا كرامتنا، فواجبنا أن نتقي الله في أنفسنا، وأن ندافع عن ديننا، وأن نلتقي بعضنا يبعض، وأن نكون يدا واحدة في كل أحوالنا، فعسى الله أن يوفقنا، ويؤيدنا بنصر من عنده، إنه على كل شيء قدير: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: 7].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني إيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه، إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.
أما بعدُ:
فيا أيُّها الناس: اتَّقوا اللهَ -تعالى- حقَّ التقوى.
عباد الله: إن لله حكمة عظيمة في الدعوة إلى اجتماع الكلمة، ووضع إمام للأمة، يسوسها بكتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فولاة الأمر فيهم خير للأمة، فإن بهم ينصر الحق، وبهم ينصر الله المظلوم، وبهم تؤدى الحقوق، وبهم يقام العدل، وبهم تجتمع الكلمة، وبهم تحفظ الدماء، وتصان الأموال والأعراض، ويأمن الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وبالاجتماع عليهم، والسمع والطاعة لهم بالمعروف؛ يحصل الخير الكثير.
وما أصاب الأمة من مصائب إلا بتخليها عن قياداتها، وخروجها عليها، حتى أدى الأمر إلى ما أدى إليه من هذا البلاء العظيم -نسأل الله أن يرفع المحنة والبلاء-.
أيها المسلم: وليس معنى ذلك: أن كل إمام معصوم، فالمعصوم من عصمه الله، لكن كيف نعالج أخطاءنا! أبهذه التغريدات السيئة؟!
فكم من مغردين -هداهم الله-: يغردون، ويقولون، ويأتون بكلام سيئ، لو تفكروا بعد ذلك لعرفوا خطأهم، في أساليبهم وأطروحاتهم ومقالاتهم.
إن الواجب علينا: أن نسعى في الإصلاح والنصيحة بالطرق السليمة التي أرشدنا إليها الإسلام، يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ".
وقال صلى الله عليه وسلم: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ" قُلْنَا: لِمَنْ يا رسول الله؟ قَالَ: "لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ".
فالتناصح بيننا، وإيصال الحق بالطرق السلمية أمر مطلوب.
أما التغريدات والتشويهات، وإثارة الأحقاد والبغضاء، والقذف والسب والشتم، ليس هذا من أخلاق المسلمين، هذا من أخلاق الجاهلين.
أما المسلم ليس بالسباب ولا باللعان، ولا بالفاحش البذيء، ولكنه سليم القلب، سليم اللسان، يقول حقا، ويدعو إلى حق، لا يقول باطلا، ولا يدافع عن باطل، ولا يفتري، ولا يقذف، ولا يتكلم بكلام، لا حقيقة له.
فيا أيها المغردون: اجعلوا تغريداتكم تغريد اجتماع أمر، يخدم الأمة، ويجمع كلمتها، ويوحد صفها، ويقيها شر المزالق، فإن أعداء الإسلام، ربما استعملوا هذه الأشياء للنيل منا، ومن قيادتنا، ولضرب بعضنا ببعض.
نحن أمة مسلمة بايعنا قيادتنا على كتاب ربنا، وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم-، يلزمنا السمع والطاعة بالمعروف، والموالاة والمحبة، والتعاون على ما يخدم الإسلام وأهله.
أيها المسلمون: إن هذا البلد المبارك يعيش أمنا واستقرارا وطمأنينة -بفضل الله- قبل كل شيء، ثم بتحكيم هذه الشريعة، ثم بما هيأ الله من هذه القيادة المباركة.
أسأل الله أن يأخذ بنواصيهم لما يحبه ويرضاه، وأن يوفقهم لكل خير، ويعينهم على كل خير، ويسدد خطاهم، ويرزقهم الإخلاص، ويوفقهم للحق والإخلاص لله في القول والعمل.
وواجبنا: الدعاء لهم بالتوفيق والسداد، وأن نحرص على ما يجمع الكلمة، ويؤلف القلوب، ويقطع دابر الفساد.
فإن الأمة إذا اجتمعت عزة وكرمة، وإذا تفرقت ذلة ومهانة.
ونسأل الله أن يعيذنا من زوال نعمته، وتحول عافيته، وفجاءة نقمته، وجميع سخطه.
ونسأله جل وعلا أن يمن على المسلمين بالأمن والطمأنينة والسكينة، وأن يختار لهم من قياداتهم من فيهم خير لهم في دينهم ودنياهم، إنه على كل شيء قدير.
واعلموا -رحمكم الله-: أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.
وصَلُّوا -رحمكم الله-: على عبد الله ورسوله محمدا كما أمركم بذلك ربكم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائه الراشدين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمَّر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واجعل اللَّهمّ هذا البلاد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، يا رب العالمين.
اللَّهمَّ آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وولاة أمرنا، اللَّهمّ وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين.
اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبد الله بن عبد العزيز لكل خير، سدده في أقواله وأعماله، وامنحه الصحة والسلامة والعافية، ووفق ولي عهده ونائبه؛ إنك على كل شيء قدير.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر: 10].
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23].
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].
عبادَ الله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90].
فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت: 45].
للتحميل
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 10:37 am عدل 3 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 12:18 pm

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Aacyao10

من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة طاعة ولاة الأمور
أضغط هنـــــــــــــــــــــا
عقيدة أهل السنة في كيفية التعامل مع ولاة الأمور
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين أصل من أصول أهل السنة والجماعة
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
وجوب طاعة ولي الأمر ولو تأمر علينا بالسيف
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا
التوجيه فيمن يقول إن طاعة الولاة من التخاذل و الضعف
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــا
مما يجب على الرعية تجاه ولاة أمورهم ( حق السمع والطاعة )
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
السلطان ظل اللّه في الأرض
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
السلاطين بهم تأمن البلاد والدين لا يصلح إلا بهم، وإن جاروا وظلموا
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
حديث ((اسمع وأطع)) سمعنا تضعيفه اليوم من الإخوان المسلمين، وإلا هو في غاية الصحة
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــا
الأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت متضافرة في طاعة أولي الأمر وإن جاروا وظلموا
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــا



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس مارس 21, 2024 2:09 pm عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 12:18 pm

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Oc_aay10

هل لاهل الحل والعقد عزل السلطان الجائر
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــا





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس مارس 21, 2024 1:52 pm عدل 1 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 12:23 pm

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  211
طاعة ولي الأمر بالدليل والشرح المختصر

تجب طاعة ولي الأمر المسلم في غير معصية الله

هل يجوز لأهل الحل والعقد أن يعزلوا السلطان إذا كان في ذلك مصلحة؟
أضغط هنــــــــــــــــــــا
السمع و الطاعة للحاكم المسلم الظالم

الحكام اليوم ليسوا من ولاة الأمر الذين يسمع لهم ويطاع !!

السمع والطاعة لولي الأمر وإن سألك حقه ومنعك حقك





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 11:57 am عدل 5 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 1:49 pm

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Yoo10

الزموا من ولاه الله أمركم و إذا دعاكم ولي الأمر أن تقفوا إلى جانبه فلا تترددوا
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــا
إتحاف البشر بمنزلة ولي الأمر في ضوء الكتاب وصحيح الخبر
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــا


عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس مارس 28, 2024 4:51 pm عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 1:49 pm

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Ay11
طاعة ولي الأمر في الشريعة الإسلامية
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
أو


أثر طاعة ولي الأمر في استقامة الأمور





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 2:18 pm عدل 3 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 1:49 pm

الشيخ عبدالله القصير رحمه الله

طاعة ولي الأمر






عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس مارس 21, 2024 5:17 pm عدل 1 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 1:50 pm

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Aa10
وجوب طاعة أولي الأمر
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا
أو








عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 11:19 am عدل 4 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 1:50 pm

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Aa12
طاعة ولي الأمر

أحاديث السمع والطاعة لا تنطبق على الحكم الملكي والحكام المتفرقين

طاعة ولي الأمر على قسمين أو على بابين




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 1:04 pm عدل 4 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 5:13 pm

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Ayac_o10
حقوق ولاة الأمر
أضغط هنــــــــــــــــــــا
علمني ديني:
أن في لزوم جماعة المسلمين والسمع والطاعة لولي أمري أمان من الفتن ومن دعاة الضلالة.

أخرج البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، حديث رقم (3606)، عن بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟
قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟
قَالَ: نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ. قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟
قَالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ.
قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا؟
فَقَالَ: هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا.
قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟
قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ؟
وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ".

من وصل إلى الحكم بطريق الانتخابات هل يصبح ولي أمر له السمع والطاعة؟
السائل
‏قال‬ : من وصل إلى الحكم بطريق الانتخابات وهي طريقة غير شرعية، هل يصبح ولي أمر له السمع والطاعة؟
الشيخ
قلت: من وصل إلى الحكم وأقام في الناس شرع الله له عليهم السمع والطاعة.ولا يضر أنه وصل بالانتخابات أو وصل بالتغلب على الناس بالسيف.
فإن قصر في إقامة شرع الله، يسمع له ويطاع في غير معصيىة، و لا تنزع يد من طاعة،
و لا يجوز الخروج عليه ما أقام الصلاة.
فيصبر عليه، ويعطى ما له من السمع والطاعة في المعروف، ونسأل الله أن لا يضيع أجرنا وأجر المسلمين ، والله الموفق.
[من حساب الشيخ على الفيس بوك ؛محمد بن عمر بازمول حفظه الله



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 12:04 pm عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 5:24 pm

قال الشيخ الدكتور محمد بن عبد الوهاب العقيل - حفظه الله تعالى - :
الأمر السابع حفظكم الله
السمع والطاعة
لأن الحرب على الإسلام حرب دولية
كل عاقل وكل متدبر وكل منصف يرى أن الحرب على الإسلام
حرب دولية لا حرب عصابات ولا حرب أفراد
عينك عينك أمريكا تحارب الإسلام عينك عينك
أوروبا تحارب الاسلام عينك عينك
فرنسا الحية الرقطاء عينيك عينك تحارب الاسلام
بريطانيا العجوز الهالكة عينك عينك تحارب الإسلام عينك عينك
وروسيا أووه!! أُمَم عينك عينك
فهل يعقل أن تحارب هذه الدول العظمى بشباب صغار
واحد يفجر نفسه في الرياض
وواحد يفجر نفسه في الخبر
وواحد يفجر نفسه في العراق
وتملك أمريكا 300 مليون، أمريكا كم؟ 300 مليون، وكل سنة تجدد شبابها بـ 500 ألف مهاجر، 500 ألف مهاجر، تجدد شبابها
يا عقلاء الدنيا هذه دول تحارب الإسلام بكل قوة فهل يعقل أن نضعف نحن دولنا ؟؟
دول قائمة على الإسلام كهذه الدولة المباركة بدل أن نكون معها يدا واحدة ضد العدو المشترك، عدو الله ورسوله والإسلام نضعفها ؟؟
نجعل لعدوها عذرا في اقتحامها !!
في إضعافها !!
في التضييق عليها اقتصاديا وسياسيا !!
أي عقل هذا وأي إصلاح هذا !!
إصلاح تخرج من بلد مثل المملكة العربية السعودية وتذهب إلى بريطانيا وتفتح قناة تسمى قناة الإصلاح تسب فيها بلاد التوحيد صباح مساء !!!
أي إصلاح هذا؟
أي إصلاح هذا ؟؟
أقول بريطانيا يحكمها أبو بكر الصديق؟ ما شاء الله خرجت فرجعت لأبي بكر الصديق ما شاء الله
أو يخرج مفسد من هنا إلى القنوات الفضائية التي يقوم عليها مشبوهون من يهود ونصارى وفسقة وفجرة وتسب بلاد العالم الإسلامي وتسب بلدك في كثير من البرامج؟
بلادنا ضعيفة
بلادنا ما ادري وش فيها
قضاتنا ما ادري وش فيهم
إعلامنا ما ادري وش فيه
أموالنا ما ادري وش فيها
حرب دولية وهذه الحرب الدولية تحتاج إلى دول
والدولة نحن معاشر الأحبة
من الدولة؟
الدولة أنا وأنت، السلطان لا يقوم بنفسه أبدا
يوسف عليه السلام كان سلطانا ما استطاع أن يغير لأن الأساس غير جيد
النجاشي رحمه الله كان سلطانا ما استطاع أن يغير لان الأساس غير جيد
هُزم علي رضي الله عنه بسبب تفرق جيشه
فالدولة أنا وأنت
السلطان أنا وآنت
التعاون مع السلطان لمصلحة الأمة
لا لأن دمائهم فيها دماء مقدسة كما يزعم بعض المغرضين أننا نقول تعانوا مع سلاطيننا لان دماءهم مقدسة
وتشوفو يتعاون مع كل أحد الآن، ما ترك احد إلا تعاون معه، ما شاء الله خضراء الدمن وغيرها،
تلون ما شاء الله تلون، أربعة عشرين لون ما شاء الله تبارك الله!!!
يركب لكل حرة لبوسها
إلا السلفية
ما يعرفها ويعادي أهلها
ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم شبه الناس بلا سلطان كالجاهلية، فوضى
والفوضى يضيع فيه الدين
تضيع فيها الدماء
تضيع فيها الأعراض
تضيع فيها الأموال "من خرج عن سلطانه شبرا فمات مات ميتة الجاهلية"
في حديث حذيفة سمعتموه الأسبوع الماضي، قال صلى الله عليه وسلم "إلزم جماعة المسلمين وإمامهم"
ليش ألزم جماعة المسلمين وإمامهم؟
لأن الإنسان قوي بأخيه
لأننا إذا ما اجتمعنا على كلمة التوحيد افترقنا بسبب الباطل
لأن الذين تفرقوا على سلاطينهم ضاعوا،
وضع الجزائر، ها هي الجزائر الآن الامازيغيون يردون إقامة دولة امازيغية نصرانية داخل دولة عربية مسلمة، وفرنسا تساعدهم بكل قوة
ايش تحسبوهم أنتم حفظكم الله، فهذه الحرب الدولية على الاسلام واضحة قال ربنا عز وجل: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" معروف أعداؤنا مثل الشمس واضح
فإذا نحن لا نستطيع أن نقاومهم بعصابات
إنما نقاومهم بدولنا
بحكوماتنا
بجيوشنا المسلمة
ولذلك نحرص حفظكم الله أن يكون الجيش مسلما متبعا غير مبتدع متمسكا بالكتاب والسنة متمسكا بعقيدته، نُنصر بحول الله عز وجل ونكون امة واحدة ونغلق أبواب الشر على أعدائنا
وإلا إذا تمزقنا شذر مذر ذللنا وضعفنا وتسلطت علينا الأعداء "واعتصموا بحبل الله جميع ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها"
فالمسألة خطيرة لابد من تقوى الله عز وجل
لابد من السمع والطاعة لمن ولاه الله أمرنا، وإنما الطاعة في المعروف قال صلى الله عليه وسلم: "واسمع وأطع وان ضرب ظهرك وأخذ مالك"
اسمع وأطع، ظهرك واحد ومالك واحد، لكن إن ما سمعت وأطعت ضاعت ظهور وضاعت أموال
كما نرى في العراق 700 ألف مسلم عامتهم من أهل السنة قتل إلى الآن في العراق،كم واحد؟
700 ألف مسلم
وقرابة مليون في الصومال
وقرابة 300 ألف مسلم في الجزائر
نعم أحبتي الفضلاء، إما سمع وطاعة وإلا جاهلية، إما تعاون على البر والتقوى ومواجهة للعدو بسلاطيننا بدولتنا بحكامنا بأفراد شعبنا و إلا (كلمة غير مفهومة) أمام العدو
الآن ركبهم العدو انظر في العراق
أنظر في أفغانستان
لو كان لهم سلطان يُهاب ولو كان عنده نقص، يستطيع أن يغزوهم هذا العدو؟
أبدا، لا والله الذي لا اله غيره، "لا يضرونكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار"
لكن لما صرنا شراذم تسلط العدو علينا وضعفنا
ولذلك هؤلاء الداعين إلى مخالفة السلطان والخروج على السلطان بالقلب أو باللسان أو بالجوارح هؤلاء في الحقيقة لا يهمهم الاسلام وإنما يهمهم مكاسب مادية يأخذونها
والله ما يهمهم عقائدهم
والله ما يهمهم أعراضهم
لأننا رأينا رأي العين أن الأموال سلبت
والعقائد ضاعت
والأعراض انتهكت بسبب ضعف السلطان
إذا ما تغار على عرضك أنت؟
تصبر على سلطان عنده نقص ولاّ يضيع عرضك؟
تصبر على سلطان عنده نقص ولاّ يضيع دمك؟
تصبر على سلطان عنده نقص ولاّ يضيع مالك؟
تصبر على سلطان عنده نقص ولاّ يضيع دينك؟
ولذلك من أصول أهل السنة والجماعة السمع والطاعة وان ضرب ظهرك وأخذ مالك
ولا نجعل السلطان شماعة نعلق عليها أخطاءنا
اسمعوا هذه القصة الغريبة العجيبة اللي ما رأيت في حياتي أعجب منها: يقول لي أحد الدكاترة كنت أسير في توسعة المسجد النبوي، ايش رأيكم في توسعة المسجد النبوي؟ جميلة ولا ما هي جميلة؟، يعني استفاد المسلمون منها ولا ما استفاد المسلمون منها؟، وصلينا وحضرنا المسجد واجتمعنا وتبردنا وقرأنا القرآن في هذا البيت المبارك صح ولا لا يا أحبتي الفضلاء؟ وساحات جميلة
وإحنا السعوديين إذا جانا واحد يزورنا من الخارج نوريه الحرم ونوريه المواقف ونوريه مطبعة المصحف مستأنسين فرحين
واحد يوم المطر زلق سقط يعني قال: ايه هم واضعين هذا البلاط بلعاني عشان يموتون المسلمين"
عمرك سمعت أعجب من هذه القصة؟
ايش هذا الحقد، ايش هذا العقل، ايش هذا نسأل الله العافية، إذن اللي يبلط بيته ببلاط يبي.. حاقد على زوجته وأبنائه يبي (كلمة غير مفهومة) تطيح يريح منها؟، أو عيالو يطيحون يريح منهم؟ ايش هذا العقل؟
يعني كل هذه حسنات لهذه الدولة
هذا التوحيد
هذا الأمن
هذا الأمان
هذا الدين
هذا الغنى المادي
هذه السعة في العيش ما تراها؟
رأيت ذاك البلاط اللي زلقت عليه!! الله أكبر
ايش هذا الغلو؟ شوف نسال الله العافية،
هذا الغلو فالسمع والطاعة أصل لإعزاز الأمة
فكل مسلم ولى أمره الله رجلا في بلاد العالم الإسلامي يجب عليه أن يسمع وأن يطيع إلا في معصية الله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لكن كونه أمر بمعصية الله لا يوجب هذا الخروج عليه فيستلزم انتبهوا حفظكم الله هذه مسالة مهمة.




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في السبت أبريل 13, 2024 1:09 am عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 5:35 pm


معاملة حكام الجور في ضوء الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فهذا جمع -على عجالة- لأدلة الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة لها، في مسألة التعامل مع أمراء الجور، والذي دعاني لهذا إنما هو ما وقع فيه أكثر الناس من تشويش وخلط في هذه المسألة بسبب ما أسموه "ثورة 25 يناير"، خصوصاً بعدما تكلم من تكلم من المنتسبين للعلم –صغاراً أو كباراً- محاولين إيجاد دليلاً شرعياً يصلح أن يكون مبرراً لهذا الخروج على رئيس مصر السابق.
ومن المعلوم أن هؤلاء الشباب الذين خرجوا يوم 25 يناير لم يكن خروجهم من منطلق ديني أصلاً، بل لم يكن هذا الأمر مطروحاً لديهم بالمرة، فضلاً عن أن يكون هذا الخروج بهدف المطالبة بأي مطالب دينية، كتطبيق الشريعة الإسلامية مثلاً، وإنما كان الخروج من أجل تحقيق مصالح دنيوية بحتة.
وإنما تردد الحديث عن شرعية هذه الأحداث والحكم الشرعي لها بعدما إنضم إلي هؤلاء الشباب بعض المنتسبين للعلم، سواءً من الأزاهرة أو غيرهم، وبدأوا يؤيدونهم، كأفراد من الشعب - مثلهم تماماً- يعانون مما يعاني منه هؤلاء الشباب، وينكرون ما ينكرون، ولم يكن خروج هؤلاء - من المنتسبين للعلم- من منطلق ديني أصلاً، أو بِناءً على بحثٍ للمسألة خرجوا منه بمطلب الخروج على الحاكم وإسقاطه، سواءً إيجاباً أو استحباباً، وما انشغل أحدٌ أصلاً ببحث هذه المسألة إلا بعد وقوعها، بل ربما بعد حصول بعض نتائجها - كتنحي مبارك-، وكان ذلك أمرأً عظيماً - بلا شك- جعل كثيراً من الناس، عوامهم وخواصهم، يستدل بالنتيجة على صحة وشرعية الوسيلة (الخروج)، كما صرح أحدهم بذلك في مقال كتبه، وليس الأمر كذلك.
ثم لم يكن بحثُ هؤلاء لهذه المسألة بحثاً علمياً مجرداً للوقوف على الحكم الشرعي الصحيح لهذه الأحداث، وإنما كان بحثهم مجرد عملية بحث عن أي أدلة - صحيحة أو غيرها- يمكن أن يُستدلَ بها على شرعية ما قد حدث بالفعل دون أي مرجعية دينية أصلاً، لذلك نجدُ أن كل ما استَدل به هؤلاء على صحة وشرعية هذه الأحداث إنما هي من قبيل المتشابه وليس المحكم، هذا إن صح أصلاً، كأثر عمر بن الخطاب، الذي جاء فيه: "إذا أخطأتَ قوّمناك بسيوفنا"، وهو أثرٌ ليس له سندٌ أصلاً حتى يتم الحكم على صحته من عدمة، وكحديث: "سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ"، وليس فيه ما يُستدلُ به على خروج جماعة على حاكم والسعي في عزله البتة، ثم غضوا أنظارهم عن الأيات والأحاديث الكثيرة في الصحيحين وغيرهما، وكذلك أقوال وإجماع السلف في هذه المسألة.
لذلك فقد رأيت أن أجمع هذه الأدلة الصحيحة، وفهم سلف الأمة لها، ولو سرداً حتى يتبين الحق في هذه المسألة، لمن أراد الوقوف عليه، دون تعصب لأي رأي أو إتباعٍ لأي هوى. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أولاً: من صفات حكام الجَور. (كما وردت في الأحاديث الصحيحة)
1- لا يهتدون بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يستنون بسنته.
2- رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس.
3- ضرب ظهور الناس وأخذ أموالهم.
4- يَفْعَلُونَ الْمَعْرُوف وَالْمُنكر (فتعرفون وتنكرون).
5- يبغضون الناس ويلعنونهم، ويلعنهم الناس ويبغضونهم.
6- الأثرة، وهي إنفرادهم بالشىء المشترك دون من يشركهم فيه.
7- يسألون الناس حقهم، ولا يعطونهم حقهم.
8- يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا.
هذه الصفات لحكام الجور - التي كلٌ منها أكبر من أختها- وردت جميعها في الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي.
ثانياً: كيفية معامة حكام الجور (كما وردت في نفس الأحاديث الصحيحة التي جاء فيها وصفهم السابق) وهو ما استقر وأجمع عليه أهل السنة والجماعة (كما سيأتي):
1- الصبر عليهم.
2- السمع والطاعة (في غير معصية).
3- الوفاء ببيعة الأوَّلِ فالأوَّلِ منهم.
4- أداء حقهم إليهم.
5- عدم منازعتهم ولايتهم، ولا منابذتهم.
6- عدم الخروج عليهم ولا مقاتلتهم.
كل ذلك (إلا أن تروا كفرا بواحاً عندكم من الله فيه برهان)، فإن (رأينا) (الكفر) (البواح) الذي (عندنا من الله فيه برهان) جاز الخروج عليهم وقتالهم لمن قدر على ذلك وأمن وقوع الفتنة، وسفك دماء المسلمين. (والمقصود بالبرهان: نص آية أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل، كما ذكره الإمام الشوكاني في نيل الأوطار)
ثالثاً: ذكر أدلة الكتاب والسنة على ما سبق
أ- من القرآن الكريم
قال الله جل في علاه في كتابه العزيز:
(يَآأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا۟ أَطِيعُوا۟ اللّهَ وَأَطِيعُوا۟ الرَّسُولَ وَأُوۡلِى الأَمۡرِ مِنكُمۡ فَإِن تَنَازَعۡتُمۡ فِى شَىۡءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِاللّهِ وَالۡيَوۡمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيۡرٌ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلاً) (سورة النساء رقم الآية 59).
قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في "شرح صحيح مسلم" ( 12/223 ) : ( المراد بأولي الأمر من أوجب الله طاعته من الولاة والأمراء ، هذا قول جماهير السلف والخلف من المفسرين والفقهاء وغيرهم ، وقيل: هم العلماء ، وقيل : هم الأمراء والعلماء .. ) اهـ .
وقال الإمام الطبري ـ رحمه الله ـ في " تفسيره " ( 5/150 ) : ( وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : هم الأمراء والولاة لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان طاعةً ، وللمسلمين مصلحة ... إلخ ) .
ب- الأحاديث الصحيحة الواردة التي ورد فيها صفات حكام الجور السابق ذكرها، وكذلك كيفية التعامل معهم:
(1) روى مسلم في صحيحة 52 - (1847) قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ، فَجَاءَ اللهُ بِخَيْرٍ، فَنَحْنُ فِيهِ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: «يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ» ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ»
[صحيح مسلم 3/ 1476]
(2) روى مسلم في صحيحة 62 - (1854) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ، فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» قَالُوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ؟ قَالَ: «لَا، مَا صَلَّوْا»
[صحيح مسلم 3/ 1480]
"الْمَعْنى أَنهم يَفْعَلُونَ الْمَعْرُوف وَالْمُنكر. وَالْكَرَاهَة نفور النَّفس عَن الشَّيْء، وعلامة النفور من أفعالهم الْبعد عَنْهُم". [كشف المشكل من حديث الصحيحين 4/ 427]
"وَأَمَّا قَوْلُهُ أفلا نقاتلهم قال لا ماصلوا فَفِيهِ مَعْنَى مَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَى الْخُلَفَاءِ"
[شرح النووي على مسلم 12/ 243]
(3) روى مسلم في صحيحه 65 - (1855) عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ: «لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ، فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ»
[شرح النووي على مسلم 12/ 244]
(4) روى البخاري في صحيحه 7052 - حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا» قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ»
[صحيح البخاري 9/ 47]
(5) روى الترمذي 2189 - عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا وَلَمْ تَسْتَعْمِلْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ» : وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
[سنن الترمذي ت شاكر 4/ 482]
"وتقدم ضبط الأثرة وشرحها في شرح الحديث الذي قبله وحاصلها الاختصاص بحظ دنيوي قوله وأمورا تنكرونها يعني من أمور الدين". [فتح الباري لابن حجر 13/ 6]
"(سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَبِفَتْحَتَيْنِ وَيَجُوزُ كَسْرُ أَوَّلِهِ مَعَ الْإِسْكَانِ أَيِ الِانْفِرَادُ بِالشَّيْءِ الْمُشْتَرَكِ دُونَ مَنْ يُشْرِكُهُ فِيهِ،
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَسْتَأْثِرُ عَلَيْهِمْ بِمَا لَهُمْ فِيهِ اشْتِرَاكٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَعْنَاهُ يُفَضِّلُ نَفْسَهُ عَلَيْكُمْ فِي الْفَيْءِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (فاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ) أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيِ اصْبِرُوا حَتَّى تَمُوتُوا فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَنِي عِنْدَ الْحَوْضِ فَيَحْصُلُ لَكُمُ الِانْتِصَافُ مِمَّنْ ظَلَمَكُمْ وَالثَّوَابُ الْجَزِيلُ عَلَى الصَّبْرِ" [تحفة الأحوذي 6/ 355]
(6) روى مسلم في صحيحه 49 - (1846) عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَقَالَ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ»
[صحيح مسلم 3/ 1474]
"(فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم) تعليل لقوله اسمعوا وأطيعوا أي هم يجب عليهم ما كلفوا به من إقامة العدل وإعطاء حق الرعية فإن لم يفعلوا فعليهم الوزر والوبال وأما أنتم فعليكم ما كلفتم به من السمع والطاعة وأداء الحقوق فإن قمتم بما عليكم يكافئكم الله سبحانه وتعالى بحسن المثوبة".
[شرح محمد فؤاد عبد الباقي]
(7) روى مسلم في صحيحه 238 - (64 عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ: «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ - أَوْ - يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟» قَالَ: قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ، فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ» وَلَمْ يَذْكُرْ خَلَفٌ: عَنْ وَقْتِهَا
[شرح النووي على مسلم 5/ 147]
"وَفِي هَذَا الْحَثُّ عَلَى طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الْعَبْدُ إِمَامًا وَشَرْطُ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا قُرَشِيًّا سَلِيمَ الْأَطْرَافِ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَغَيْرَهَا إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُعْقَدُ لَهُ الْإِمَامَةُ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَأَمَّا مَنْ قَهَرَ النَّاسَ لِشَوْكَتِهِ وَقُوَّةِ بَأْسِهِ وَأَعْوَانِهِ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ وَانْتَصَبَ إِمَامًا فَإِنَّ أَحْكَامَهُ تَنْفُذُ وَتَجِبُ طَاعَتُهُ وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا أَوْ فَاسِقًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا".[شرح النووي على مسلم 5/ 149]
( روى البخاري في صحيحه 7055 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَهُوَ مَرِيضٌ، قُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ، سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ،
7056 - فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: «أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ»
[صحيح البخاري 9/ 47]
[وأخرجه مسلم (1709)]
"قَوْلُهُ: (عِنْدَكُمْ فِيهِ مِنْ اللَّهِ بُرْهَانٌ) أَيْ نَصُّ آيَةٍ أَوْ خَبَرٌ صَرِيحٌ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِمْ مَا دَامَ فِعْلُهُمْ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ". [نيل الأوطار 7/ 207]
(9) روى البخاري في صحيحه 7053 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»
[صحيح البخاري 9/ 47]
[أخرجه مسلم (1849) ]
"قال بن بطال في الحديث حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما في الحديث الذي بعده".
[فتح الباري لابن حجر 13/ 7]
"(كره من أميره شيئا) رأى منه ما يكره وينكر في شرع الله عز وجل أو ما يسيئه هو ويكرهه. (خرج من السلطان) من طاعته. (شبرا) قدر شبر وهو كناية عن عدم الطاعة بأدنى شيء. (جاهلية) كموت أهل الجاهلية من حيث إنهم لم يعرفوا طاعة الإمام".
(10) روى البخاري في صحيحه 3455 - عَنْ فُرَاتٍ القَزَّازِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، قَالَ: قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ خَمْسَ سِنِينَ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ» قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ»
[صحيح البخاري 4/ 169]
[أخرجه مسلم (1842)، وابن ماجه (2871)]
رابعاً: أقوال أهل العلم في منع الخروج على ولاة الجور:
قال الإمام النووي - رحمه الله - ( شرحه لصحيح مسلم ، جزء : 11 - 12 ، ص 432 ، تحت الحديث رقم : 4748 ، كتاب : الإمارة , باب : وجوب طاعة الأمراء . . . ) :
« . . . وأما الخروج عليهم وقتالهم : فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقةً ظالمين , وقد تظاهرت الأحاديث على ما ذكرته , وأجمع أهل السنة أنه : لا ينعزل السلطان بالفسق » انتهى .
قال الإمام الطحاوي رحمه الله في " العقيدة الطحاوية " : ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أُمورنا ، وإن جاروا ، ولا ندعوا عليهم ، ولا ننزع يداً من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضةً ، ما لم يأمروا بمعصيةٍ ، وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - مُشيراً إلى شيءٍ من التلازم بين الخروج والمفسدة ( المنهاج 3/391 ) :
« ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته » انتهى .
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في " إعلام الموقعين " ( 3 / 6 ) : ( إذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه ، وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره ، وإن كان الله يبغضه ، ويمقت أهله . وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم ، فإنه أساس كل شر ، وفتنة إلى آخر الدهر ، وقد استأذن الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ، وقالوا : أفلا نقاتلهم ؟ فقال : ) لا ما أقاموا الصلاة ( ، ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل ، وعدم الصبر على
منكر ، فطلب إزالته، فتولد منه ما هو أكبر ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها .. إلخ ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 35/9):
« وما أمر اللهُ به من : طاعة ولاة الأمور , ومناصحتهم ؛ واجبٌ على الإنسان وإن لم يُعاهدهم عليه , وإن لم يحلف لهم الأيمان المؤكدة .
كما يجب عليه الصلوات الخمس والزكاة والصيام وحج البيت . وغير ذلك مما أمر الله به ورسوله من الطاعة . . . » انتهى .
وقال العلامة الشوكاني - رحمه الله - (السيل الجرار 4/513 ):
« وليس من شرط ثبوت الإمامة أن يُبايعه كل من يصلح للمبايعة , ولا من شرط الطاعة على الرجل أن يكون من جُملة المُبايعين ؛ فإن هذا الاشتراط - في الأمرين - مردودٌ بإجماع المسلمين أوّلهم وآخرهم , سابقهم ولاحقهم . ولكن التحكّم في مسائل الدين وإيقاعها على ما يُطابق الرأي المبنيّ على غير أساسٍ يفعل مثل هذا .
وإذا تقرر لك ما ذكرناه : فهذا الذي قد بايعه أهلُ الحلّ والعقد :
قد وجبتْ على أهل القُطر الذي تنفُذُ فيه أوامره ونواهيه طاعته بالأدلة المتواترة » انتهى .
وقال الإمام ابن مفلح الحنبلي - رحمه الله - [الآداب الشرعية والمنح المرعية 1/ 175] :
وَلَا يُنْكِر أَحَد عَلَى سُلْطَان إلَّا وَعْظًا لَهُ وَتَخْوِيفًا أَوْ تَحْذِيرًا مِنْ الْعَاقِبَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإِنَّهُ يَجِب وَيَحْرُم بِغَيْرِ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْره وَالْمُرَاد وَلَمْ يَخَفْ مِنْهُ بِالتَّخْوِيفِ وَالتَّحْذِير وَإِلَّا سَقَطَ وَكَانَ حُكْم ذَلِكَ كَغَيْرِهِ. [الآداب الشرعية والمنح المرعية 1/ 175]
وقال في فتنة الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - (فتنة خلق القرآن):
قَالَ حَنْبَلٌ: اجْتَمَعَ فُقَهَاءُ بَغْدَادَ فِي وِلَايَةِ الْوَاثِقِ إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَقَالُوا لَهُ: إنَّ الْأَمْرَ قَدْ تَفَاقَمَ وَفَشَا يَعْنُونَ إظْهَار الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَغَيْر ذَلِكَ وَلَا نَرْضَى بِإِمْرَتِهِ وَلَا سُلْطَانه، فَنَاظَرَهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْإِنْكَارِ بِقُلُوبِكُمْ وَلَا تَخْلَعُوا يَدًا مِنْ طَاعَة وَلَا تَشُقُّوا عَصَا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَسْفِكُوا دِمَاءَكُمْ وَدِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مَعَكُمْ، وَانْظُرُوا فِي عَاقِبَةِ أَمْرِكُمْ، وَاصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَرِيح بَرٌّ أَوْ يُسْتَرَاح مِنْ فَاجِر وَقَالَ لَيْسَ هَذَا صَوَاب، هَذَا خِلَاف الْآثَار.
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَأْمُر بِكَفِّ الدِّمَاء وَيُنْكِر الْخُرُوج إنْكَارًا شَدِيدًا وَقَالَ فِي رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ الْكَفُّ؛ لِأَنَّا نَجِدُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا صَلَّوْا فَلَا».. اهـ
[الآداب الشرعية والمنح المرعية 1/ 175]
قال الإمام البربهاري- رحمه الله تعالي - [شرح السنة للبربهاري ص: 113]:
وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله.
لقول فضيل: لو كانت لي دعوة ما جعلتها الا في السلطان.
كان العلماء يقولون: (إذا استقامت لكم أمور السلطان، فأكثروا حمد الله تعالى وشكره. وإن جاءكم منه ما تكرهون، وجهوه إلي ما تستوجبونه بذنوبكم وتستحقونه بآثامكم. وأقيموا عذر السلطان، لانتشار الأمور عليه، وكثرة ما يكابده من ضبط جوانب المملكة، واستئلاف الأعداء وإرضاء الأولياء، وقلة الناصح وكثرة التدليس والطمع). من كتاب ( سراج الملوك ) للطرطوشي ( ص 43 )
وكان بن عمر – ومن أدرك الحجاج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينازعونه، ولا يمتنعون من طاعته فيما يقوم به الإسلام، ويكمل به الإيمان. وكذلك من في زمنه من التابعين، كابن المسيب والحسن البصري وابن سيرين، وإبراهيم التيمي، وأشباههم ونظرائهم من سادات الأمة.
خامساً: نقل عبارات لبعض الصحابة في إنكار قيام الحسين وابن الزبير - رضي الله عنهم - أجمعين
قال عبد الله بن عبّاس - رضي الله عنهما - :
استشارني الحسين بن علي - رضي الله عنهما - في الخروج فقلت : لولا أن يزري بي الناس وبك , لنشبت يدي في رأسك فلم أتركك تذهب .
وجاءه ابن عباس - رضي الله عنهما - وقال :
يا ابن عمّ : إنه قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق فبيِّن لي ما أنت صانع , فقال لـه : إني قد أجمعت المسير في أحد يوميّ هذين إن شاء الله تعالى , فقال لـه ابن عباس - رضي الله عنهما - أخبرني : إن كانوا دعوك بعد ما قتلوا أميرهم , ونفوا عدوّهم , وضبطوا بلادهم , فسر إليهم , وإن كان أميرهم حي وهو مقيم عليهم قاهر لهم , وعمّاله تجبي بلادهم , فإنهم إنما دعوك للفتنة والقتال .
وجاءه مَرّة فقال : يا ابن عمّ : إنّي أتصبّر ولا أصبر , إنّي أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك , وإن أهل العراق قوم غدر فلا تغترّنّ بهم .
وبلغ ابنَ عمر - رضي الله عنهما - أن الحسين - رضي الله عنه - توجّه إلى العراق فلحقه على مسيرة ثلاثة ليال , فقال : أين تريد , قال : العراق , وهذه كتبهم وبيعتهم , فقال لـه ابن عمر : لا تذهب , فأبى , فقال ابن عمر : إنّي محدثك حديثاً : إن جبريل - عليه السلام - أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فخيّره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا , وإنّك بضعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يليها أحدٌ منكم أبداً , فأبى أن يرجع , فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال : استودعك الله من قتيل .
وقال سعيد بن ميناء - رحمه الله - : سمعت عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - يقول :
عجّل حسين - رضي الله عنه - قدره والله , ولو أدركته ما تركته يخرج إلاّ أن يغلبني .
وجاءه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - فقال :
يا أبا عبد الله : إني لكم ناصح , وإني عليكم مشفق , وقد بلغني أنه قد كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج فلا تخرج إليهم , فإني سمعت أباك - رضي الله عنه - يقول بالكوفة : والله لقد مللتهم وأبغضتهم وملوني وأبغضوني .
وقال عبد الله بن مطيع العدوي - رضي الله عنه - :
إني فداك وأبي وأمي ؛ فأمتعنا بنفسك ولا تسر إلى العراق , فوالله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذونا عبيداً وخولاً .
وقال ابن عمر - رضي الله عنهما - له ولابن الزبير - رضي الله عنهم - أجمعين :
أذكركما الله إلاّ رجعتما ولا تفرقا بين جماعة المسلمين .
وكان يقول :غلبَنَا الحسين بن علي - رضي الله عنهما - بالخروج ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة , فرأى من الفتنة وخذلان الناس لهما ما كان ينبغي لـه أن يتحرّك ما عاش , وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس , فإن الجماعة خير .
وقال لـه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - :
اتق الله والزم بيتك ولا تخرج على إمامك .
وقال أبو واقد الليثي - رضي الله عنه - :
بلغني خروج الحسين بن علي - رضي الله عنهما - فأدركته بملل , فناشدته بالله ألاّ يخرج , فإنه يخرج في غير وجه خروج , إنما خرج يقتل نفسه , فقال : لا أرجع .
وقال جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - :
كلمت حسيناً - رضي الله عنه - فقلت : اتق الله ولا تضرب الناس بعضهم ببعض , فوالله ما حمدتم ما صنعتم , فعصاني .
وكتب إليه المسور بن مخرمة - رضي الله عنهما - :
إيّاك أن تغترّ بكتب أهل العراق .
سادساً: بيان استقرار الإجماع وانعقاده بعد هذه الفتن على منع الخروج إلا في حالة الكفر
وتقرير هذا من أربعة أوجه :
الوجه الأول :
أن حكاية الإجماع متأخرة زمناً - وهذا ظاهر - .
الوجه الثاني :
قال الإمام النووي - رحمه الله - بعد الكلام عن خروج الحسين وابن الزبير - رضي الله عنهم - وخروج بعض التابعين - رحمهم الله - ( شرحه ، جزء 11 – 12 ، ص 433 ، تحت الحديث رقم : 4748 ) :
« قال القاضي : وقيل إن هذا الخلاف كان أولاً ؛
ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم » انتهى .
الوجه الثالث :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( المنهاج 4/529 ) :
« ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين » انتهى .
الوجه الرابع :
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - ( التهذيب 1/399 ، ترجمة : الحسن بن صالح بن حي ) :
« وقولهم : ( وكان يرى السيف ) يعني أنه كان يرى الخروج بالسيف على أئمة الجور , وهذا مذهبٌ للسلف قديم . لكن استقرّ الأمر على ترك ذلك لما رأوه قد أفضى إلى أشدّ منه ؛ ففي وقعة الحرّة ووقعة ابن الأشعث وغيرهما عِظةٌ لمن تدبّر » انتهى .
هذا ما تيسر جمعه ونقله وتحقيقه، دون تدخل يذكر مني،
والله تعالى أسأل أن يكون خالصاً لوجهه الكريم،
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
________________
خامساً وسادساً، منقول من رسالة (وجادلهم بالتي هي أحسن - مناقشة علمية هادئة لـ 19 مسألة متعلقة بحكام المسلمين).
منقول

أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 5:54 pm

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Aa10
طاعة ولي الأمر
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا
طاعة ولي الأمر في الكتاب والسنة .
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــا
الأبعاد الشرعية لطاعة ولي الأمر .
أضغط هنـــــــــــــــــــــــا
طاعة ولي الأمر و أثرها على الفرد والمجتمع
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــا
عبادة طاعة ولي الأمر
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا
أو





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الخميس أبريل 04, 2024 1:45 pm عدل 3 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس مارس 21, 2024 5:57 pm


الشيخ علي بن يحيى الحدادي
الأدلة من الكتاب والسنة على طاعة ولي الأمر المسلم



أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس أبريل 04, 2024 10:09 am

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Yac13
المختصر من السنة فيما يتعلق بولي الأمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد
فهذا كتاب السنة فيما يتعلق بولي الأمة المختصر
جمعت فيه الأدلة القرآنية والنصوص النبوية والآثار السلفية التي تدل على :
-محبة ولي الأمر وتقديره واحترامه .
-السمع والطاعة لولاة الأمر في غير معصية الله .
-تحريم الخروج على ولي الأمر ووجوب الصبر .
-الدعاء لولي الأمر بالخير والمعروف .
-وجوب نصيحة ولي الأمر سراً وتحريم الجهر بالنصيحة.
وغير ذلك من رد الشبهة التي تثار تضليلاً للشباب المسلم وردها بالحجة والبرهان
وهذا المختصر اختصرته من المطول والذي سأنزله بإذن الله تعالى في القريب العاجل
اسأل الله أن ينفع به الأمة الإسلامية خاصة الشباب المغرر به والذي تأثر بأفكار الفئة الضالة من الخوارج الإرهابيين
اسأل الله العظيم أن يكتب لي ولقارئها الأجر والثواب
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
لتحميل الملف
أضغط هنـــــــــــــــــــــــــا
كتاب
مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  CNR0SRFUAAA7FEH
السنة فيما يتعلق بولي الأمة
أضغط هنــــــــــــا  pdf
أو
أضغط هنــــــــا pdf
و
أضغط هنــــــــــا  doc
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس أبريل 04, 2024 10:27 am

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Aayo10
إذا أقبلت الفتنة أدركها العقلاء
تكرر لفظ الفتنة في كتاب الله ستين مرة ومن معانيها قول إمام أهل السنة في زمانه الإمام البربهاري : " وكل ما كان من قتال بين المسلمين على الدنيا فهو فتنة ".
قال تعالى : " ذوقوا فتنتكم " وقال تعالى :" ألا في الفتنة سقطوا " وقال تعالى :" وإن كادوا ليفتنونك " وقال تعالى : " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات "، والمتسببين في الفتنة في وبال عظيم ، قال تعالى : " والفتنة أشد من القتل ".
واليوم ، نرقب جميعا ، وبقلوب يعتصرها الأسى والألم ، ما آلت إليه الأمور في بلدنا الحبيبة الكويت ، ولا أجد في هذا المقام سبيلاً للنجاة إلا في الإستجابة لأمر الله والرسول حيث قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم" ، وليعلم أصحاب المدارس الفلسفية والسياسية والبدعية أن الحياة لا تكون إلا بطاعة الله في المنشط والمكره ، قال تعالى : " فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " .
أخي المسلم ، أختي المسلمة ؛
أولاً :
إن الله تعالى قد كتب وأوجب علينا طاعة ولي الأمر المسلم فقد قال عز شأنه " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره )) متفق عليه .
ثانيا:
الطاعة لولي الأمر غير مشروطة بعدله أو ظلمه ، أي سواء كان ظالما أو عادلا ًفله السمع والطاعة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها )) قالوا يا رسول الله ، فما تأمرنا ؟ قال ،(( تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم )) . متفق عليه
ثالثا :
الطاعة لولي الأمر واجبة علينا فيما فيه خير لنا أو شر علينا ، لقوله صلى الله عليه وسلم ، (( عليك السمع والطاعة في يسرك وعسرك ، ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك )) . رواه مسلم ،والأثرة تعنى الإستنثار ظلماً وعدواناً .
وعن سلمة بن يزيد الجعفي قال : يا رسول الله ، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا ، فما تأمرنا ؟ قال - صلى الله عليه وسلم- (( إسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم )) . رواه مسلم .
رابعاً :
هل المسلم مخير برد هذه النصوص التي تقدمت في وجوب طاعة ولي الأمر إذا كان غير مقتنع بها عقلاً ؟
الجواب : قال تعالى " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " .
وأقول
ناصحاً لكل مسلم ، لا يغرنك ولا يستدرجنك أصحاب الطرح الخارجي والخطاب الثوري فما أنت بالنسبة لهم إلا سلما يوصلهم إلى تشكيل القرار السياسي وتحقيق السلطنة ويكفيك بأن تنظر إلى التاريخ ليثبت لك فساد نهج الخوارج ومن شابههم ، والعبرة بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على فهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان ، ولنقرأ ما كتبه في هذا الباب وما قاله علمائنا من أمثال عبدالعزيز بن باز وناصر الدين الألباني وابن عثيمين والفوزان ولا ننظر إلى المنحرفين عن الصراط الذين يعملون على تحريض الناس على ولاة الأمر بالعصيان والخطابات والكتابات ، وتذكر أيها المسلم أن معظم النار من مستصغر الشرر ، فلا تكن مادة لهم ، فإذا وقعت الفتنة لا يفيد الندم ولا يمكن الرجوع إلا إذا شاء الله .
خامسا :
لا تكون الطاعة لولي الأمر في معصية الله لقوله صلى الله عليه وسلم ، (( على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية )) . متفق عليه . وقال أيضاً (( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )) . رواه أحمد ( صحيح ) وقال صلى الله عليه وسلم ، (( من رأى من أميره شيئا من معصية فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة )).. رواه مسلم
سادساً :
لا تكون طاعة ولي الأمر تزلفاً وطمعاً بل خالصة لوجه الله تعالى ، قال صلى الله عليه وسلم (( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ... ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفا (رضي) ، وإن لم يعطه منها لم يف (سخط) )) متفق عليه .
سابعاً :
وجوب النصيحة لولي الأمر بالأصول الشرعية ، فقد قال صلى الله عليه وسلم (( ثلاثة لا يغل عليهن قلب مسلم ، إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمور ولزوم جماعتهم )) رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم ((من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية)) ... رواه أحمد والبيهقي (صحيح(
ثامناً :
أخي المسلم ، أختي المسلمة
في عنقكما بيعة للأمير ، وقد أمرنا رسول الله في لزوم طاعته . فاحذروا من شرور دعاة الفتنة ومن الوقوع في شرك الشيطان . فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( من نزع يدا من طاعة فلا حجة له ، ومن مات مفارقا للجماعة فقد مات ميتة جاهلية )) رواه مسلم . ونزع البيعة للأمير تكون باللسان وباليد وبالإعتقاد .
بالإعتقاد : قال صلى الله عليه وسلم (( من مات وليس في عنقه بيعة ، مات ميتة جاهلية )) رواه مسلم
وباللسان : الخروج عن طاعة ولي الأمر باللسان أشد من السلاح ، وقد قال صلى الله عليه وسلم ، (( ستكون فتنة قتلاها في النار ، اللسان منها أشد من وقع السيف )) رواه الترمذي وابن ماجة ( ضعيف ) ، وعن عبدالله بن عكيم قال : لا أعين على قتل خليفة بعد عثمان رضي الله عنه أبدا ، فقيل له ،أأعنت على دمه ؟ قال : " إني أعد ذكر مساوئه عونا على دمه " ... رواه إبن سعد في الطبقات وغيره (صحيح) .
فانظر أخي المسلم كيف جعل ذكر مساوئ الحاكم إعانة على الخروج باليد والسلاح ضده .
وقد قال العلامة بن عثيمين : " ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال أنه لا يمكن الخروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول " وقال أيضا " نحن نعلم علم اليقين أن الخروج بالسيف فرع عن الخروج باللسان والقول "
تاسعاً:
النهي عن طرق أبواب السلاطين :
فمن هدي أهل الحق ألا يدخلوا على السلاطين في كل حال ، ولا بد من مصلحة واضحة ومنفعة راجحة للأمة من نصيحة أو أمر بالمعروف أو نهي عن المنكر وغير ذلك ، فبذلك لا يعرض المسلم نفسه لفتن ، قال صلى الله عليه وسلم : " من أتى أبواب السلطان افتتن " . رواه النسائي والترمذي وأبو داود (صحيح) .
وقال صلى الله عليه وسلم :" إياكم وأبواب السلطان فإنه قد أصبح صعبا هبوطاً ." هبوطاً أي ذلاً " . رواه الديلمي وابن منده (صحيح)
وعن أنس رضي الله عنه قال : نهانا كبرائنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : " لا تسبوا أمرائكم ولا تغشوهم ولا تبغضوهم ، واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب " رواه إبن أبي عاصم (صحيح(
عاشراً :
طاعة الأمير بطاعة نوابه ووزراءه الذين ينفذون أوامره ، قال صلى الله عليه وسلم " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني " . متفق عليه
وعن جرير بن عبدالله قال : " جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن ناسا من المصدقين يأتوننا فيظلموننا " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرضوا مصدقيكم " ( الموظفين الذين يجمعون الصدقات ) . قال جريح ما صدر عني مصدق منذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو عني راض " . رواه مسلم
حادي عشر :
إن وحوب طاعة ولي الأمر ثابتة بنصوص القرآن والسنة وإجماع الصحابة ، ولا اعتبار للأفكار والقوانين والآراء الوضعية ، وإن جمعت بين دفتي كتاب ، فالذي يلزمنا عند الوقوف بين يدي الله تعالى حفاة عراة هو شرع الله المطهر فحسب .
قال الحافظ بن حجر ،" أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان "
وأخيراً :
احذر أخي المسلم أن ترد حكم الله ورسوله مهما خالف قناعاتك وآرائك وطباعك ، فقد قال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،" اتهموا آرائكم على الدين " وثق يا عبدالله بحكم الله وأنه لا يأمر بأمر إلا وفيه الحكمة والخير ، وإياك أن تظن بالله ظن السوء ، أو أن تشك بأن حكمه غير صالح ، فالبسمع والطاعة ندرء الفتن ، وكل من إستقرأ ما وقع في التاريخ أدرك أن عصيان الأمير والخروج على أمره فتح بابا عظيما للفتنة والزيغ ، وكل من خالف هذا النهج الرباني وإن أضمر ذلك أظهره الله على سقطات لسانه أو فلتات أفعاله أو في سحنة وجهه .
قال الله تعالى : " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " .
كتبه
محمد بن عثمان العنجري

مقالة نشرها في جريدة القبس الكويتية



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الجمعة مايو 10, 2024 6:28 pm عدل 1 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس أبريل 04, 2024 10:53 am


يســــــر إذاعة النهــــــج الواضـــــح ان تقدم لكم المادة الصوتية
للمحاضرة القيمة التي كانت بعنوان:
منــــــــــازعة ولـــــــــــي الامر مفهــــــــــومها وصـــــــورها
والتي أقيمت ليلة السبت
٣ جمادى الآخر ١٤٣٤هـ
الموافق ١٢ / ٤ / ٢٠١٣

و قد جمعت المحاضرة عددا من المشايخ الفضلاء جزاهم الله خيرا على ما قدموا و هم :
الشيخ محمــــــــد بن هادي المدخلـــــــــي
الشيخ خــــــــالد عبدالرحمــــــــــــن زكـــــــي
الشيخ احمــــــــــد حسيـــن السبيـــــــعــــــي
الشيخ أحمــــــــد بن عـــــــمر بازمــــــــــول
الشيخ محمـــــد بن رمزان الهـــــــــــاجري
الشيخ عادل منصـــــــــور ( ابو العباس )
الشيخ محمــــــــد عثمان العنـــــــــــــــجري
حفظهم الله جميعا و جزاهم عنا خير الجزاء

فنسأل الله العظيم ان ينفع بها إخواننا المسلمين الذين و للأسف قد انطلت على كثير منهم كثير من ألاعيب السياسيين و أهواء المفسدين .. كما نرجو نشرها ليعم الخير و لتنتشر الفائدة ..
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــــا


أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل الخميس أبريل 04, 2024 12:02 pm


فضيلة الشيخ مزمل الفقيري
طاعة ولي الأمر




أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع منهج السلف في  طاعة ولي الامر في غير معصية الله  Empty رد: مجموع منهج السلف في طاعة ولي الامر في غير معصية الله

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل السبت أبريل 13, 2024 12:59 am



طاعة ولي الأمر مطلب شرعي

مقطع صوتي لكبار العلماء




أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى