شبكة سبيل المؤمنين العلمية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس ....

اذهب الى الأسفل

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Empty مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس ....

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل السبت مارس 30, 2024 5:14 pm


تبصير العباد بالآثار التي نتجت من الخوض في مسألة الجنس والآحاد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فقد كثر الخلاف قبل مدة ليست بالبعيدة – وإنْ لا زال أثره - في مسألة تقسيم أعمال الجوارح إلى جنس وآحاد من حيث كفر التارك لها، وخاض فيه مَنْ لم ترسخ قدمه في العلم بل ومَنْ لم يُتقن أصول الإيمان فضلاً عن دقائقه، ولستُ بصدد الكلام في هذه المسألة بياناً أو ترجيحاً وإنما أُريد أن أُبيِّن ما لها من آثار في الساحة الإسلامية بصورة عامة وعلى الدعوة السلفية بصورة خاصة؛ ثم كيف لي أن أخوض فيها وقد حذر من ذلك عالِمان فاضلان هما الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى والشيخ ربيع المدخلي حفظه الله تعالى؛ وذلك حينما حذَّرا من الخوض في هذه المسألة وبيِّنا ما لها من آثار على الدعوة السلفية لا يستفيد منها إلا المخالفون لها.
1-تحذير العلامة الأصولي وفقيه العصر محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
قال رحمه الله تعالى: ((مَنْ قال هذه القاعدة؟! مَنْ قائلها؟! هل قالها محمد رسول الله؟! كلام لا معنى له!!، نقول: مَنْ كفَّره الله ورسوله فهو كافر، ومَنْ لم يكفِّره الله ورسوله فليس بكافر؛ هذا الصواب. أما جنس العمل أو نوع العمل أو آحاد العمل فهذا كله طنطنة!!؛ لا فائدة منها!!)) [شريط الأسئلة القطرية].
2- تحذير العلامة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى:
قال حفظه الله تعالى في [الرد على فالح/2]: ((كان ينبغي أن تنصحهم بعدم الخوض في جنس العمل؛ لأنَّه أمرٌ لم يخض فيه السَّلف فيما أعلم، والأولى التزام ما قرَّره وآمن به السَّلف من: أنَّ الإيمان قول وعمل؛ قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح، وأنَّه يزيد وينقص؛ يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. ثمَّ الإيمان بأحاديث الشَّفاعة التي تدلُّ على أنَّه يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال ذرَّةٍ من إيمان أو أدنى أدنى مثقال ذرَّةٍ من إيمان)).
قلتُ: ولو أنَّ السلفيين تركوا الخوض في تكفير تارك جنس العمل، والتزموا بنصيحة هذين العالِمين الجليلين اللذين شهدت الأمة وعلماؤها مِنْ قبل لهما بالفضل والعلم والمكانة العالية والمنزلة الرفيعة لانهار مخطط القطبيين من أساسه، ولكان ذلك سدَّاً منيعاً ضد تعدي التكفيريين على ثوابت الشريعة؛ ولكن ومع الأسف الشديد أعرض الكثير منا عن هذه النصيحة وركبنا عقولنا وخضنا فيما نُهينا عنه فكانت الفتنة والفرقة.
وإليكم إخواني الكرام بعض ما نتج من الخوض في هذه المسألة من آثار تدل على خطورة الأمر واتساع الخلاف؛ لعلَّ قارئاً لها يتنبَّه أو خاضاً في الفتنة يتوقَّف؛ فيعود السلفيون كما كانوا في زمن العلماء الثلاثة (مفتي العصر ابن باز ومجدد العصر الألباني وفقيه العصر ابن عثيمين رحمهم الله تعالى) يداً ضد حملات القطبيين واعتداءات التكفيريين ومخططات الحزبيين، ولا ينشغل بعضهم ببعض في مسألة يصعب تصورها ويندر وقوعها - مثل حكم تارك جنس العمل - كما هو حالهم بعد وفاة أولئك العلماء وإلى يومنا هذا.
الآثار التي نتجت من الخوض في مسألة تكفير تارك جنس العمل:

1) الإقرار بتقسيم العمل إلى جنس وآحاد.
قلتُ: وأوَّل مَنْ نطق بهذا التقسيم في هذا العصر سفر الحوالي في كتابه "ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي" حيث قال فيه: ((أنَّ ترك جنس العمل شيء، وترك بعض آحاده شيء آخر)) وقد بوَّب باباً في كتابه فقال: ((الباب الخامس: الإيمان حقيقة مركبة، وترك جنس العمل كفـر))، وكتابه هذا كان في عام 1405 هـ - 1406 هـ، وهو رسالة دكتوراه بإشراف أستاذه محمد قطب الذي قال فيه في مقدمة رسالته: ((هذا؛ ولا يفوتني أن أتقدم بخالص الشكر وعظيم التقدير إلى أستاذي الكريم الأستاذ محمد قطب؛ الذي بذل من الوقت الثمين والرأي الصائب ما كان له أثره البالغ في إنجاز هذه الرسالة وتقويمها)) قلتُ: وإذا كان الأمر كذلك فلا عجب بعد هذا، ولكن الغريب أن يقتدي السلفيون بسفر الحوالي في هذا التقسيم الذي استفاده من أستاذه لا محال.
فأين النصوص التي تدل على صحة تقسيم أعمال الجوارح إلى جنس وآحاد من حيث كفر التارك لها؟!
أم أين النقول عن أئمة السلف التي تثبت أصالة هذا التقسيم؟!
لا يُعرف عن أحد من السلف تكلَّم في هذا التقسيم أو خاض فيه إنما هو من بدع القطبيين الذين فرَّقوا به بين السلفيين؛ وإنما كان السلف يتكلَّمون عن كفر تارك أحد المباني الأربعة وهو خلاف مشهور، ثم استقرَّ الخلاف واشتهر في تارك الصلاة حصراً، فكـيف توسَّع الخلاف اليوم حتى أصبح في تارك جنس العمل؟! وما الغاية من ذلك؟!
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في [المجموع 12/114]: ((إنَّ كثيراً من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة, ومعان مشتبهة؛ حتى تجد الرجلين يتخاصمان ويتعاديان على إطلاق ألفاظ ونفيها, ولو سُئل كل منهما عن معنى ما قاله؟ لم يتصوره, فضلاً عن أن يعرف دليله، ولو عرف دليله لم يلزم أنَّ من خالفه يكون مخطئاً، بل يكون في قوله نوع من الصواب، وقد يكون هذا مصيباً من وجه, وهذا مصيباً من وجه, وقد يكون الصواب في قول ثالث)).
2) تقرير أنَّ الكفر لا يكون إلا عن جحود أو استحلال أو تكذيب.
قلتُ: فقد زعم البعض أنَّ أصل الكفر هو تكذيب القلب أو جحوده أو استحلاله، وكلُّ كفر – سواء كان بالقول أو بالعمل – فإنما مرجعه إلى ذلك، وهذا عين مذهب الإرجاء. وإنما أصل الكفر إما لانتفاء قول القلب أو لانتفاء عمل القلب أو لكليهما، ويكون بالقول أو بالعمل أو بالاعتقاد، وهذه هي عقيدة السلف.
3) ادِّعاء أن الكفر يكون بالعمل أو القول مع إيمان القلب.
قلتُ: وهذا غلط، بل ما كان من الأقوال والأعمال التي يكفر الرجل بها فإنَّها تستلزم عدم إيمان القلب بالكلية، أما أنها تستلزم جحود القلب أو تكذيبه أو استحلاله (وهي قول القلب) فلا، بل يكفر الرجل بالقول أو بالعمل المكفِّر وإنْ لم يستحل أو يجحد أو يكذِّب. وأما المكره الذي أُكره على كلمة الكفر وقلبه منشرح بالإيمان فهذا لا يكفر حتى يُقال فيه: أنَّه كفر مع أنَّ قلبه مطمئن بالإيمان.
4) ادِّعاء الإجماع على كفر تارك جنس أعمال الجوارح، وأنَّ المخالِفَ في ذلك خرج عن عقيدة السلف في الإيمان ووافق المرجئة أو تأثر بمذهبهم.
قلتُ: ودعوى الإجماع باطلة لأنها مبنية على قول محدث وهو تكفير تارك جنس العمل؛ والسلف لم يخوضوا في ذلك فكيف أجمعوا عليه؟!! بل النقول عن جمع من السلف مستفيضة في عدم تكفير مَنْ ثبت توحيده ولو فعل ما فعل من الذنوب التي لا تصل إلى حد الكفر، وأنَّه لا يُخلَّد في النار إنما هو من أهل الوعيد، بل النصوص تؤكِّد ذلك؛ كحديث صاحب البطاقة والمفلِس وحديث الشفاعة وغيرها.
أما أنَّ من خالف في تكفير تارك جنس العمل قد تأثر بالإرجاء أو وافق مذهب المرجئة وخرج عن عقيدة السلف في الإيمان فهذا مبني على الإجماع المدَّعى الذي هو مبني على ما ذكرنا، وما بُني على فاسد فهو فاسد.
وما أعدل ما قاله العلامة الشيخ الكبير ربيع المدخلي حفظه الله تعالى في رده على فالح: ((وأنا لم أتعرَّض في نصيحتي لتارك جنس العمل من حيث إنَّه كافرٌ أو ليس بكافرٍ، وإنَّما استنكرتُ قولكم بأنَّ من لم يُكفِّره يكون موافقاً للمرجئة في القول بنقص الإيمان الذي لم يقل به المرجئة!!، فإذا كان هذا الذي لم يُكفِّره ممَّنيدخل العمل في الإيمان ويقول إنَّه يزيد وينقص؛ فكيف يصحُّ قياسه على المرجئة وإلحاقه بهم وهم لا يُدخلون العمل في الإيمان ولا يقولون بزيادته ونقصه؟!!، وإذن فمناط الإلحاق وعلَّته: وهو القول بنقص الإيمان لا يُوجد في الأصل وهو قول المرجئة المعروف)).
قلتُ: والذي جرَّ البعض إلى اتهام أكابر العلماء والمشايخ قديماً وحديثاً بالإرجاء إنما هي دعوى الإجماع على تكفير تارك جنس العمل؛ لأنه من المعلوم أنَّ مَنْ خالف إجماع السلف في مسائل الإيمان إما أن يكون قد وافق مذهب المرجئة أو الخوارج ولو قال ذلك زلة أو جهلاً، فمن أراد سدَّ الباب بوجه المخالفين فعليه أن يترك دعوى الإجماع.
5) الدندنة حول التكفير ببعض الأعمال؛ لكون العمل شرطاً لصحة الإيمان لا لكون الأدلة الواردة فيها.
قلتًُ: الذي يرجع إلى خلاف السلف في تكفير أحد المباني الأربعة يجد أنَّه خلاف في الأدلة التي وردت فيها؛ هل هي صريحة في التكفير أم لا؟ وهل هي مقيِّدة لعموم النصوص التي تدل على نجاة أهل التوحيد من الخلود في النار أم لا؟
واليوم يتكلَّم البعض في تكفير تارك أحد المباني الأربعة من حيث ارتباط العمل بالإيمان، وأنَّ العمل شرط في صحته، فلا بدَّ من عمل الجوارح حتى يصح الإيمان، فجعلوا الخلاف في ذلك، وهذا خروج عن منهج السلف في الخلاف، ولو استطردنا هذا النهج الذي استحدثه البعض لقلنا بكفر فاعل بعض الكبائر، وانظر إلى سفر الحوالي لمَّا التزم هذا المنهج في كتابه؛ كيف تناقض واضطرب في كبيرة الزنا حين قال في [الباب الرابع: علاقة الإيمان بالعمل، والظاهر بالباطن]: ((فمن ارتكب هذه الفاحشة بجوارحه فإنَّ عمل قلبه مفقود بلا شك – خاصة حين الفعل -!!، لأنَّ الإرادة الجازمة على الترك يستحيل معها وقوع الفعل، فمن هنا نفى الشارع عنه الإيمان تلك اللحظة: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"، لكن وجود قول القلب عنده منع من الحكم بخروجه من الإيمان كلِّه خلافاً للخوارج!!، فلو أظهر ما يدل على انتفاء إيمان القلب واستحلاله له لكان خارجاً من الملة عند أهل السنة والجماعة، أما مجرد الفعل فإنما يدل على انتفاء عمل القلب لا قوله)).
قلتُ: فعند سفر الحوالي أنَّ عمل القلب يزول يقيناً بفعل الكبيرة، ولكن لا يُحكم عليه بالكفر حتى يزول قول القلب؛ ويلزم من هذا أنَّ الذي يعلم أنَّ الزنا حرام ويُصدِّق ذلك ولكنَّه يستكبر عن الانقياد لترك هذا المحرم أو يستهزأ به فلا يُحكم بكفره، أو يُحكم به لانتفاء قول القلب لا عمله؛ ويلزم منه أنَّ إيمان القلب يثبت بقول القلب وحده، ويلزم منه أنَّ فاعل الكبيرة لا يوجد في قلبه شيء من العمل، وهذا خلاف عقيدة السلف، وإنما هو موافق في ذلك لعقيدة المرجئة من جهة وعقيدة الخوارج من جهة أخرى.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في [الصلاة وحكم تاركها ص71]: ((وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق: فهذا موضع المعركة بين المرجئة وأهل السنة؛ فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان، وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب؛ وهو محبته وانقياده)).
فالواجب أن يكون الخلاف في تارك الصلاة أو أحد المباني الأربعة محله فهم النصوص وما تدل عليه؛ فإنْ ترجَّح عندك شيء من الأدلة فخذ به، ولا تُنكر على مَنْ أخذ بغيره، فإنما الخلاف في ذلك سائغ، ولا توسِّع الخلاف ليكون في مسألة الإيمان فتفتح باباً لخوارج العصر لا يُمكن إغلاقه أبداً.
وقد سُئل مفتي العصر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عن أعمال الجوارح كما في مجلة البصائر فأجاب بقوله: ((أهل السنة والجماعة يرون أنَّ الأعمال مكمِّلات للإيمان ومن تمام الإيمان؛ لكن الصلاةفيها الخلاف المشهور بين العلماء، والأرجح: أنَّ تركها كفر أكبر لقول النبي صلى اللهعليه وسلم: "بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة" أخرجه مسلم في الصحيح،ولقوله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر"أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، ولقوله عليهالسلام في الإسلام: "وعموده الصلاة")). ولمَّا قيل له في نفس اللقاء: لكن هل الذي يقول إنَّ تارك الصلاة ليس بكافر يعتبر من المرجئة؟ قال الشيخ: ((لا؛ ولكن هذا على حسب فهمه للنصوص...)).
6) ادِّعاء أنَّ جنس العمل من أصل الإيمان وشرط في صحة الإسلام.
قلتُ: والبعض يُطلق العبارة من غير لفظة "جنس" فيقول: أعمال الجوارح من أصل الإيمان لا من كماله، أو يقول: أعمال الجوارح شرط في صحة الإسلام؛ فلا أدري هل أصبح الخلاف بين قائل ذلك وبين الخوارج – القائلين: بكفر من ترك عملاً من أعمال الجوارح - خلافاً لفظياً؟! أم أنَّ إطلاقهم من غير تأمُّل ويحتاج منهم إلى تقييد؟ فلِمَ هذا الإطلاق المُوهِم؟! ولم لا يقيِّدون حتى لا يتسع الخلاف فيستغله البعض؟! وأما أنَّ جنس أعمال الجوارح من أصل الإيمان فهذا قول محدث؛ بل أصل الإيمان في القلب كما صرَّح بذلك شيخ الإسلام في مواضع كثيرة في المجموع لا تخفى على أحد، ويثبت باللسان ويظهر أثره على الجوارح كما صرح بذلك في مواضع أخرى.
7) التكفير بانتفاء اللازم مطلقاً.
قلتُ: يتكلَّم البعض حول التلازم بين إيمان القلب وعمل الجوارح؛ وأنَّ عمل الجوارح من لوازم إيمان القلب، وأنَّ انتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم، ويصل إلى نتيجة تقول: أنَّ مَنْ لم يأت بشيء من أعمال الجوارح فليس في قلبه شيء من الإيمان وإلا ظهر على جوارحه، وهذا يعني: كفر تارك عمل الجوارح بالكلية.
ولو رجعنا إلى كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في مسألة التلازم بين الباطن والظاهر؛ لعلمنا أنَّ الظاهر دليل الباطن، والباطن أصل الظاهر، والتلازم يكون في الوجود، ويكون في العدم، ويكون في الضعف، وقد يكون التلازم عند القوة ولا يكون عند الضعف، والإرادة الجازمة مع القدرة تستلزم وجود المراد ووجود المقدور عليه منه، وإذا عُدم اللازم عُدم الملزوم أو ضعف؛ لعدم الإرادة أو ضعفها (غير جازمة)؛ وقد قال رحمه الله تعالى: ((والإرادة الجازمة مع القدرة تستلزم وجود المراد ووجود المقدور عليه منه، فالعبد إذا كان مريداً للصلاة إرادة جازمة مع قدرته عليها صلَّى؛ فإذا لم يصلِّ مع القدرة دل ذلك على ضعف الإرادة، وبهذا يزول الاشتباه في هذا المقام)) [المجموع 7/525 - 526]، وقال: ((أصل الإيمان في القلب؛ وهو قول القلب وعمله؛ وهو إقرار بالتصديق، والحب والانقياد. وما كان في القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دل على عدمه أو ضعفه)).
وقلتُ: فإذا عُلِمَ هذا؛ وجب التمسك بالأصل المعروف: "مَنْ ثبت إسلامه بيقين فلا يزول عنه إلا بيقين، ولا يزول عنه بالشك" فلا يمكن تكفير المعين بعدم اللازم أو بعدم الارتباط بين الباطن والظاهر؛ لأنَّ عدمه يحتمل أن يكون لعدم الملزوم ويحتمل أن يكون لضعفه، وهذا هو معنى الشك كما لا يخفى؛ قال شيخ الإسلام: ((لفظ "الشك" يراد به تارة ما ليس بيقين وإنْ كان هناك دلائل وشواهد عليه)) [المجموع 23/11]. فكيف نُكفِّر أحداً بقولٍ يحتمل التكفير؟! وشيخ الإسلام رحمه الله تعالى يقول: ((فإنَّ التكفير لا يكون بأمر محتمل)) [الصارم المسلول 1/516]، ويقول: ((فلا يزول الإيمان المتعين بالشك، ولا يباح الدم المعصوم بالشك)) [المجموع 34/136]، ويقول: ((ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك)) [المجموع 12 /466].
8- المساواة في النظر والاستدلال بين تارك عمل الجوارح وبين تارك العمل بالتوحيد.
قلتُ: يستدل البعضُ في إثبات كفر تارك أعمال الجوارح ببعض النقول عن أئمة التوحيد ومشايخ الدعوة المعاصرين؛ وعند النظر فيها نجد أنَّها نقول في إثبات كفر تارك العمل بالتوحيد!!، فيا تُرى هل أصبح عند من يستدل بهذه الطريقة: العمل بالمأمور كالعمل بالتوحيد؛ حتى أصبح عندهم تارك العمل بالجوارح كتارك العمل بالتوحيد؟! وقد اتفق السلف على عدم التكفير بترك عمل الجوارح إلا في المباني الأربعة فقد اختلفوا فيها اختلافاً سائغاً، وأما كفر تارك العمل بالتوحيد فلا خلاف فيه بين السلف بل بين الأمَّة الإسلامية. ثم أنَّ ترك العمل بالتوحيد في فرد من أفراده كفر أكبر؛ وليس كذلك ترك آحاد عمل الجوارح بلا خلاف.
فكيف يصح القياس؟! أم كيف يصح الاستدلال؟!
وأُحبُّ أن أُنبِّه هنا: إلى أنَّ أكثر الخلاف بين العلماء والمشايخ في هذا العصر يعود سببه إما إلى إيهام في سؤال السائلين لهم أو إلى قصور في تحديد موضع الخلاف وحقيقته؛ فمثلاً يُسأل العالم عن مؤلِّف كتاب أو عن كلام لأحد المشايخ المعروفين يذهب فيه إلى عدم تكفير تارك العمل بالكلية وإلى أنَّ الكفر يستلزم انتفاء ما في القلب وأنَّ أعمال الجوارح من كمال الإيمان، ثم يُوهم هذا السائل ذلك العالم أو المفتي بأنَّ مراد ذلك المؤلِّف أو الشيخ المتكلِّم: عدم التكفير بترك العمل ولو كان تركاً للعمل بالتوحيد، وأنَّ الإيمان والتوحيد عنده اعتقاد القلب وقول اللسان فقط، وأنَّ الكفر لا يكون إلا بجحود القلب أو استحلاله، وأنَّ أعمال الجوارح من الكمال الذي لا يضر الإيمان ولو زالت بالكلية. فتأتي الفتوى لا محال بأنَّ هذا المؤلِّف أو الشيخ متأثر بالإرجاء وينصر مذهبه ويجب عليه أن يتوب ويجب التحذير منه ومن كتبه. والخطأ ليس في الفتوى وإنما من إيهام السائل أو قصوره.
9) تكفير تارك كمال الإيمان؛ ونفي الإسلام الظاهر عن المنافق.
قلتُ: وهذه طآمَّة كبيرة وزلَّة خطيرة تفوَّه بها البعض من غير أن يتأمَّل فيها، ثم تبعه على ذلك البعض على حسن ظنٍّ به، وذلك حين نصَّ بعضهم بقوله: ((ومشكلة هؤلاء ظنهم: أنَّ الكمال في كلام الشيخ - يقصد شيخ الإسلام - هنا ما لا يكفر بتركه، وآخر عبارة الشيخ تنقض هذا الفهم عند قوله عن الإسلام: "فإنَّ أصله الظاهر وكماله القلب" إذ لازم ذلك أن يحكم بالإسلام لمجرد العمل الظاهر؛ ولو تخلَّف عمل القلب الذي هو كمال، وهذا هو النفاق بعينه)) انظر حاشية [أقوال ذوي العرفان...]
قلتُ: بل مشكلتك حقاً أنَّك تقول: بكفر تارك الكمال!!!؛ وهذا غريب، وتنفي الإسلام الظاهر عن أهل النفاق!!!؛ وهذا عجيب، وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في المجموع [7/305]: ((والإسلام الظاهر يدخل فيه: المنافقون))، والمنافق كافر في الباطن كما قال شيخ الإسلام [7/471]: ((والمقصود: أنَّ الناس ينقسمون في الحقيقة إلى: مؤمن، ومنافق كافر في الباطن مع كونه مسلماً في الظاهر، وإلى كافر باطناً وظاهراً))، ويقول رحمه الله تعالى: ((وبهذا تبين: أنَّ الشارع ينفي اسم الإيمان عن الشخص لانتفاء كماله الواجب وإنْ كان معه بعض أجزائه كما قال: "لا يزني الزاني حين يزنى وهو مؤمن ...")) [المجموع 7/524].
أفنأخذ بتفسيرك لكلام شيخ الإسلام؟ أم بنَصِّه الصريح؟!
10) عدم الإقرار ولو مرَّة بأنَّ عمل الجوارح من كمال الإيمان:
قلتُ: ذكرنا أنَّ البعض أدخل جنس عمل الجوارح في أصل الإيمان، والبعض الآخر جعل عمل الجوارح شرطاً في صحة الإيمان، بل وآخر جعلها شرطاً في صحة الإسلام، وهناك صنف رابع لم يتجرأ بعدُ على النطق بتلك العبارات التي يفوح منه نهج الخوارج بطريقة عصرية، ولكنَّه في الوقت نفسه لا يقرّ بلسانه ولا يدوِّن بقلمه: أنَّ عمل الجوارح من كمال الإيمان؛ لأنَّه يفرُّ من لفظ "الكمال" فراره من المجذوم، يظنُّ أنَّه إن نطق بذلك تأثر بالإرجاء وسلك جيباً من جيوبهم، ولهذا يختار لفظ مجمل كأن يقول: أعمال الجوارح داخلة في حقيقة الإيمان.
قلتُ: وأعمال الجوارح داخلة في حقيقة الأعمال حقاً ويقيناً وهي من مسمَّى الإيمان بلا شك ولا ريب؛ ولكن هل الخلاف في ذلك؟! وهل الذي يقول أنَّ أعمال الجوارح من كمال الإيمان بحسبه - إنْ كانت الأعمال واجبة كانت من كمال الإيمان الواجب ينقص الإيمان بزواله، وإن كانت مستحبة كانت من كمال الإيمان المستحب الذي بفواته يفوت صاحبه علو الدرجة– لا يقر بأنَّ أعمال الجوارح من حقيقة الإيمان أو من مسمَّاه؟! وهل كانت المرجئة بفرقهم كلها تقول بمثل هذا التأصيل الذي دوَّنه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان وغيره بأوضح عبارة؟
أين الحوار العلمي؟
أم أين الموضوعية في النقد؟
أم أين الإنصاف؟
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: ((والدين القائم بالقلب من الإيمان علماً وحالاً هو الأصل؛ والأعمال الظاهرة: هي الفروع وهي كمال الإيمان)) [المجموع 10/355-356]. وقال وهو يتكلَّم عن مراتب الإيمان: ((ثم هو – يقصد: لفظ الإيمان - في الكتاب بمعنيين: أصل، وفرع واجب، فالأصل: الذي في القلب، وراءه العمل؛ فلهذا يفرق بينهما بقوله: "آمنوا وعملوا الصالحات"، والذي يجمعهما كما فى قوله: "إنما المؤمنون" "ولا يستأذنك الذين لا يؤمنون" وحديث الحيا ووفد عبد القيس. وهو مركب من أصل: لا يتم بدونه، ومن واجب: ينقص بفواته نقصاً يستحق صاحبه العقوبة، ومن مستحب: يفوت بفواته علو الدرجة. فالناس فيه: ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق؛ كالحجِّ وكالبدن والمسجد وغيرهما من الأعيان والأعمال والصفات.
فمن سواء أجزائه: ما إذا ذهب نقص عن الأكمل. ومنه ما نقص عن الكمال؛ وهو ترك الواجبات أو فعل المحرمات. ومنه ما نقص ركنه: وهو ترك الاعتقاد والقول؛ الذي يزعم المرجئة والجهمية أنه مسمَّى فقط. وبهذا تزول شبهات الفرق؛ وأصله: القلب، وكماله: العمل الظاهر. بخلاف الإسلام؛ فإنَّ أصله: الظاهر، وكماله: القلب)) [المجموع 7/637].
وقال: ((وبهذا تبين: أنَّ الرجل قد يكون مسلماً لا مؤمناً ولا منافقاً خالصاً؛ بل يكون معه أصل الإيمان دون حقيقته الواجبة)) [المجموع 7/525].
وقال: ((وحقيقته: أنَّ من لم يكن من المؤمنين حقاً يقال: فيه أنه مسلم ومعه إيمان يمنعه الخلود في النار؛ وهذا متفق عليه بين أهل السنة)) [المجموع 7/242].
11) تصوير البعض أنَّ الخلاف بين عقيدة السلف وبين المرجئة في الإيمان محله تارك عمل الجوارح.
قلتُ: وبهذا يتوسَّع الخلاف ويظهر خطره وينتشر أثره، ويبقى الشباب والدعاة وطلبة العلم بين راد ومردود، ثم تطول الألسن وتمتد الأيدي إلى جهابذة العلم ومشايخ الدعوة؛ كما يسعى لذلك البعض بذريعة الدفاع عن عقيدة السلف والرد على ظاهرة الإرجاء المعاصر، وتبعهم البعض على تقريره: أنَّ موضع النزاع بين السلف والمرجئة عمل الجوارح، بل صرَّح البعض أكثر فقال: كان الخلاف بينهم في تارك جنس عمل الجوارح!!.
أقول: وأصل المعركة بين أهل السنة والمرجئة من حيث العموم هو العمل (عمل القلب والجوارح) وليس مجرد عمل الجوارح!!؛ قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه [الصلاة وحكم تاركها ص71]: ((وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق: فهذا موضع المعركة بين المرجئة وأهل السنة)).
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى قبله: ((وهذا أيضاً مما ينبغي الاعتناء به؛ فإنَّ كثيراً ممن تكلَّم في مسألة الإيمان، هل تدخل فيه الأعمال؟ وهل هو قول وعمل؟ يظنُّ أنَّ النزاع إنما هو في أعمال الجوارح!!، وأنَّ المراد بالقول قول اللسان!! وهذا غلط)) [المجموع 7/550].
بل ولو كان بعض المرجئة قد يُدخلون عمل القلب في مسمَّى الإيمان كما ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في مواضع متعددة فإنَّ ذلك يلزم منه أن يدخلوا أعمال الجوارح فيه، وأن يكون الإيمان ينقص ويزيد، وأن يتفاضل الناس فيه؛ وهؤلاء لا يقرُّون بذلك مطلقاً، فيكون إدخالهم لشيء من عمل القلب في مسمَّى الإيمان مجرد لفظ لا حقيقة له ولا يلزم منه شيء.
وأما مَنْ لا يُكفِّر تارك عمل الجوارح ممن هو على عقيدة السلف من المتقدمين والمتأخرين فإنَّه يقول: الإيمان قول وعمل، وأنَّ أعمال القلوب والجوارح داخلة في مسمَّى الإيمان؛ ولهذا يزداد الإيمان بالطاعات وينقص بالمعاصي، ويتفاضل الناس فيه، ويستثنى فيه من جهة الأعمال أو كمال الإيمان لا من جهة النطق بالشهادتين ولا أصل الإيمان، فمنْ لم يأت بأعمال الجوارح الواجبة فهو ناقص الإيمان ولكن لا يزول عنه أصله بذلك. فهل هذا القول لبعض السلف هو عينه أو لازمه قول المرجئة السابق؟ ما لكم كيف تحكمون؟!
12) ادِّعاء أنَّ مَنْ لم يكفِّر بترك شيء من المباني الأربعة يُكفِّر بترك جنس العمل.
قلتُ: وهذه من الغرائب كذلك؛ لأنَّ الإسلام هو الشهادتان والمباني الأربعة والخصال الباقية، فأما الشهادتان فلا خلاف في كفر التارك لهما، وأما المباني الأربعة فخلاف فيها بين السلف مشهور، وأما باقي خصال الإسلام فلا يكفر تاركها عند السلف وخالف في ذلك أهل البدع من خوارج ومعتزلة. قال العلامة ابن رجب رحمه الله تعالى وهو يبين مذهب السلف على عدم تكفير من ترك باقي خصال الإسلام بعد أن نقل الخلاف في المباني الأربعة فقال: ((...فأما بقية خصال الإسلام والإيمان فلا يخرج العبد بتركها من الإسلام عند أهل السنة والجماعة؛ وإنما خالف في ذلك الخوارج ونحوهم من أهل البدع...، فسائر خصال الإسلام الزائدة على أركانه الخمسة ودعائمه إذا زال منها شيء نقص البنيان، ولم ينهدم أصل البنيان بذلك النقص)) [فتح الباري لابن رجب 1/11].
فالعلماء الذين لا يُكفِّرون بترك شيء من المباني الأربعة؛ إما أنهم لا يكفِّرون بترك عمل الجوارح مطلقاً؟، وإما أنَّهم يُكفِّرون بترك باقي خصال الإسلام إذا اجتمعت مع المباني الأربعة والتي لا يُكفِّرون بتركها لوحدها؟ والأول هو المتعين لا محال.
13) الخلط في مصطلحات الكفر والإيمان وما يرتبط بهما.
قلتُ: في مسألة الإيمان والكفر مصطلحات لا بدَّ أن تفهم من خلال النصوص وعن طريق فهم الأئمة وبيان العلماء لها، وإلا أصبحت فوضى، ووقع اللبس والتلبيس، واختلط الحق في ثنايا الباطل أو العكس، فلا بد من بيان معاني هذا المصطلحات في موضعها التي قُصدت به، وإلا حرفنا الكلم عن مواضعه وألبسنا الحق بالباطل.
من تلك المصطلحات: التصديق، الاعتقاد، الجحود، الاستحلال، الانقياد، الإيمان الواجب، الكمال، تبديل الأحكام، الامتناع، ترك الفرائض، الركن، الشرط، إلى غير ذلك من مصطلحات تحتاج إلى تحرير معانيها قبل الولوج في الخلاف.
14) التهوين من عمل القلب وأثره في الكفر والإيمان أو قصر النظر إلى عمل الجوارح والعكس.
قلتُ: في الوقت الذي يهوِّن البعض من عمل القلب وأثره في كفر صاحبه وإيمانه بذريعة أنَّ العبرة بالظاهر والله يتولَّى السرائر، يهوِّن البعض الآخر من عمل الجوارح في الكفر والإيمان بذريعة أنَّ الأحكام مبنية على النيَّات والمقاصد.
والواجب التوسِّط في ذلك: فمن أعمال الجوارح ما قد يدلُّ على كفر صاحبها يقيناً كدوس المصحف أو التكلُّم بكلمة الكفر من غير إكراه عالماً بما يتكلَّم قاصداً لِما يقول، فمن تكلَّم بكلمة الكفر أو ارتكب مكفِّراً بتلك الشروط كفر وإنْ لم يقصد الكفر والردة عن الإسلام؛ لأنه لا يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله.
فقصد القلب الذي يُعتبر في التكفير هو إرادة القول أو الفعل وليس المراد به إرادة الكفر؛ فإنَّ هذا ليس بمانع من التكفير، بدليل كفر المستهزىء الذي يتمازح بالكفر على سبيل اللعب والضحك لا على سبيل الكفر والردة، بينما لا يكفر الغاضب الذي بلغ به الغضب ما بلغ بنبي الله موسى عليه السلام حين ألقى الألواح، فالممازح قاصد لما يقول أو يفعل مع أنَّه قد يكون غير قاصد للردة، بينما الغاضب غير قاصد لما يقول أو يفعل أصلاً، فتنبَّه لهذا الفرق.
15) التشكيك في الخلاف الواقع بين السلف في تارك الصلاة، وإحياء الخلاف بينهم في باقي المباني الأربعة.
قلتُ: الكثير ممن خاض في مسألة كفر تارك الصلاة أو في مسألة جنس العمل أصبح يُشكِّك في خلاف السلف في تارك الصلاة ولعلَّ ذلك مبني على النقول عن بعض أئمة السلف وعلماء الدعوة في إثبات الإجماع عن الصحابة في كفر تارك الصلاة؛ ولو كان هذا الإجماع ثابتاً حقاً لوجب أن يُفهم محله وهو الامتناع لا الترك المجرد، وإلا لزم منه تضليل من خالف الإجماع ممن لم يُكفِّر تارك الصلاة وهم جمع من أئمة السلف معروفين، فنقل الإجماع دون بيان موضعه إيهام يُورث التشكيك في الخلاف الواقع بين السلف في تارك الصلاة، بينما هو خلاف مشهور ثابت، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى يسعى البعض جاهداً لإحياء الخلاف في باقي المباني الأربعة لا من أجل ما تبيَّن له من أدلة وإنما لمجرد كونها من أعمال الجوارح وأنَّ عمل الجوارح شرط في صحة الإيمان، بل هي من أعظم الأعمال فكيف لا يكفر تاركها؟!؛ هكذا أصبح محل الخلاف عندهم!!، وهكذا أصبحت طريقة الاستدلال في نظرهم!!.
16) ربط مسألة كفر مَنْ يحكم بالقوانين الوضعية بمسألة كفر تارك جنس العمل.
العجيب أنَّه في الوقت الذي أُثير الخلاف في مسألة جنس العمل أُثير معه الخلاف في كفر من يحكم بالقوانين الوضعية وهذا أمر معلوم؛ وهو يؤكِّد ويوضح المقصد الأصلي من إثارة الكلام في جنس العمل؛ وهو: كفر مَنْ لم يحكم بشيء مما أنزل الله تعالى، لأنَّ ذلك فرع من مسألة: كفر مَنْ لم يعمل شيئاً بجوارحه، وكما أنَّ الكلام في أعمال الجوارح انقسم إلى جنس وآحاد، فكذلك الكلام في الحكم بغير ما أنزل الله انقسم إلى ترك وتبديل، ولا ندري لعلَّ الخلاف في فاعل الكبيرة ينقسم كذلك إلى الفعل والإصرار!!، بل لقد فاح شيء من ذلك في كلام البعض، وبهذا فلا يحتاج الأمر إلى تعليق؛ فكلَّما أراد أحد أن يُخالِف عقيدة السلف في شيء أحدث تقسيماً، فإن أنكر البعض عليه قولَه وأنَّ ذلك خلاف عقيدة السلف؛ قال: السلف تكلَّموا في صورة ونحن نتكلَّم في صورة أُخرى فلا بدَّ من التقسيم خشية الالتباس أو للتفريق بين عقيدة السلف من جهة وعقيدة الخوارج والمرجئة من جهة أخرى!!.
كأنْ يأتي أحد فيقول: فاعل الكبائر كافر؛ فإنْ قيل له: لكنَّ السلف لم يُكفِّروا فاعل الكبيرة وإنما هذه عقيدة الخوارج، قال: السلف تكلَّموا عن فاعل الكبيرة أو فاعل بعض الكبائر أما أن يفعل كلَّ الكبائر فلا خلاف بين السلف في كفره!!؛ ثم يُواصل فيقول: ففعل الكبائر كلها يدل على انتفاء إيمان القلب؛ وذلك للتلازم بين إيمان القلب وأعمال الجوارح وإلا وقعنا في مذهب الإرجاء الذين يؤخِّرون العمل عن الإيمان ويقولون لا يضر مع الإيمان معصية!!، هكذا يستدل وبمثل هذا الكلام يقول، ثم يلج في الخلاف من لا يعرف حقيقته ولم ترسخ قدمه في مسائل الإيمان والكفر، فيتنقل الخلاف الذي كان بين السلف والخوارج في فاعل الكبيرة إلى الخلاف بين المنتسبين للسلف في فاعل الكبائر!! فليُفطن لذلك.
17) تضعيف أثر ابن عباس رضي الله عنهما "كفر دون كفر" وتعميم القول في قوله تعالى: ((وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)).
فبعد أن كان أثر ابن عباس رضي الله عنهما "كفر دون كفر" في تفسير آية: ((وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) سدَّاً منيعاً في وجه شبهات التكفيريين ونوايا الخوارج؛ انخرق هذا السدُّ بعد الخوض في مسألة الجنس والآحاد، وتُكلِّم في سند الأثر وضعَّفه البعض تشهياً لنوايا في نفسه وليس تحقيقاً للحديث ولا تقليداً لأحد أئمة الحديث، فرجع الخلافُ الذي كان بين السلف والخوارج قديماً في تعميم الآية أو تخصيصها؛ ولكن هذه المرَّة بين المنتسبين إلى السلف، ولما تيقَّن البعض من صحة إسناده نحى منحاً آخر في إيقاف دلالته أو العمل به فقال: هذا الأثر كان في عهد الخليفة الراشد علي رضي الله عنه عندما خرج عليه الخوارج وحكموا بكفره فكان ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يُناقش بعضهم وكان من ضمن جوابه على استدلالهم بالآية هذا الأثر؛ قالوا: فالأثر محله في حاكم يحكم بما أنزل الله في الجملة ولكنَّه في واقعة معيَّنة حكم لهوى أو بظلم فحكمه "كفر دون كفر"، أما حاكم لا يحكم بما أنزل الله في الجملة أو يُبدِّل شريعة الرحمن بالقوانين الوضعية سواءً كان في الجملة أو في واقعة معيَّنة فهذا "كفر أكبر" ولا يُستدل بالأثر في هذا الصورة.
وهذا تحريف لمدلول الأثر واضح؛ بل هو تحريف للآية، فالآية نزلت في اليهود الذين جحدوا شريعة الله؛ فكيف تُنزَّل على مَنْ لم يجحد؟! ولكن العجب ممن ينتسب إلى السلف الصالح؛ كيف يوافق القطبيين على هذا التحريف للآية والأثر؟!!.
1 التكلُّف في تأويل النصوص الموافقة أو المخالفة بما يدل على الابتعاد عن التجرد للحق.
الواجب على مَنْ يبحث في مسألة اختلف فيها الناس أن يتجرَّد في فهم النصوص؛ فيكون فهم التنزيل سابقاً للتأصيل وليس العكس، ولكن الملاحظ في كثير ممن خاض في مسألة الجنس والآحاد عدم التجرد في فهم النصوص، بل فهم النصوص تبع لِما تأصَّل في نفوسهم من أفهام.
مثال ذلك: كمَنْ قال بكفر من بدَّل شريعة الرحمن بالقوانين الوضعية ولو كان في واقعة واحدة واستدلَّ بحادثة اليهود الذين غيَّروا حكم رجم الزاني بالتحميم وأنَّهم كفروا لذلك؛ بينما كان ذلك منهم جحوداً لما أنزل الله ونسبة للباطل إلى شريعة الله تعالى؛ فهم أنكروا الرجم ونسبوا التحميم إلى الشرع، فهل بلغ الحكَّام المعاصرين الذين غيَّروا شيئاً من شريعة الرحمن بالقوانين الوضعية إلى هذا المستوى؟! فكيف يصح القياس إذن؟!!
ومثال آخر: كمن يقول بكفر تارك جنس عمل الجوارح؛ ويرد ما استدل به مخالفُه بحديث: ((لم يعملوا خيراً قط)) بأنَّ هذا خاص بالأمم الماضية ولا تدخل فيه أمة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!!، وهذا يعني أنَّ الأمم الماضية سوف تنال رحمة الله ما لا تناله هذه الأمة المحمَّدية؛ والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ((إنَّ هذه الأمة أمة مرحومة؛ عذابها بأيديها، فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من المشركين فيقال: هذا فداؤك من النار)) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
19) تقويل الأئمة والعلماء ما لم يُصرِّحوا به من أقوال وتحميل كلامهم ما لا يحتمل.
وسبب ذلك هو نفسه ما سبق وهو التأصيل قبل الاستدلال؛ فمثلاً أصَّل البعض: أنَّ السلف يُكفِّرون تارك عمل الجوارح بالكلية ولا خلاف بينهم في ذلك، ثم نظر في نصوص العلماء الذين يُكفِّرون تارك الصلاة تهاوناً أو امتناعاً أو في كلامهم لإثبات التلازم بين الباطن والظاهر أو عند ردِّهم على المرجئة القائلين بأنَّ الإيمان قول بلا عمل فينسب لهم تكفير تارك جنس العمل.
فيأتي الأخر فيقول: بل إنَّ السلف لا يُكفِّرون تارك عمل الجوارح بالكلية ثم ينظر إلى كلامهم في مراتب الإيمان وأنَّ له أصل وكمال والأصل في القلب والأعمال الظاهرة من كمال الإيمان وأنَّ الكفر بالاعتقادات وأنَّ من ثبت له أصل التوحيد فلا يُخلَّد في جهنَّم ولو لم يعمل بجوارحه خيراً قط وينظر في ردِّهم على الخوارج الذين يُكفِّرون بالعمل فينسب للسلف عدم تكفير تارك جنس العمل.
ثم يبدأ كلٌّ منهم بالاستدلال بكلام الأئمة والعلماء ويُحمِّل كلامهم - سواء ما وافقه أو ما خالفه - ما لا يحتمل؛ بل كثيراً ما يستدل المختلفان بنفس الإمام أو العالم حتى يظنّ البعض أنَّ هذا الإمام له قولان أو قد تناقض، بل وقد يستدلان بنفس المقطع أو الجملة بعد قطعها من السياق ومن غير النظر في منهج أو مذهب هذا الإمام أو العالم من حيث العموم بعد استقراء في مواطن كثيرة من كلامه في المسألة المتنازع فيها.
فيبقى القارىء لهم في ريبة من أمره وفي تردد ولا يدري ما هو مذهب الإمام أو العالم الفلاني في تلك المسألة؟! وأما التحريف أو بتر النصوص فقد أصبحا عادة في الردود عند كثير من المؤلفين في المسائل المتنازع فيها، وفي الوقت نفسه أصبحا تهمة سهلة على الألسن يُتَّهم بها المخالِف ولو كان القولُ صريحاً يدل على معنى واحد لا غير أو كان المحذوف الساقط بعد عدة صفحات وليس له ارتباط بما سبق!!.
20) الردود والمناظرات بين السلفيين في المسألة، والانشغال عن العلم والدعوة والرد على المخالفين لهم.
إنَّ الناظر في الكتب والمقالات والفتاوى والرسائل والردود بين المتنازعين في مسألة تارك جنس العمل ممن هم على عقيدة السلف الصالح يجد العجب العجاب من كثرتها ومن كثرة المنشغلين بها، ثم لو نظر هذا الناظر إلى بيان عقيدة ومنهج السلف الصالح في غيرها من المسائل وإلى الردود في بيان المخالفين وكشف شبهات المنحرفين لو وجدها قليلة لقلة المهتمِّين بذلك، وبالأخص عند المقارنة مع المؤلفات العلمية والدعوية في بيان عقيدة السلف والرد على المخالفين قبل ظهور الخلاف في مسألة جنس العمل؛ وكفى بهذه مفسدة نتجت من الخوض في تلك المسألة، ولهذا ضعف أثر الدعوة السلفية في واقع الناس وظهرت الدعوات المخالفة على الساحة بقوة، والله المستعان.
21) زعزعة الثقة ببعض العلماء وببعض المشايخ الذين لهم الأثر الكبير في نشر الدعوة السلفية في أنحاء العالم لكونهم مخالفين في هذه المسألة، وترك التعرض إلى رؤوس الفتن ومنبع الضلال من الدعاة الموافقين في هذه المسألة.
وهذه تبع لِما سبق، فقد نتج من الخوض في مسألة الجنس والآحاد زعزعة في مكانة العلماء الأكابر والمشايخ الأفاضل في قلوب الناس؛ وهذا بدوره يؤدي إلى قطع الطريق أمام الناس من الانتفاع بكتب وأشرطة أولئك العلماء والمشايخ اللذين لهم الأثر الكبير في نشر الدعوة السلفية في أرجاء المعمورة، ومعلوم أنَّ النفس تنفر من المخالِف في مسائل الاعتقاد ولو تكلَّم في غير المسائل المتنازع فيها. بينما نجد دعاة الفتنة وأئمة الضلال لا يتعرَّض إليهم الكثير من دعاة المنهج السلفي حتى ولا بكلمة فضلاً عن رد أو فتوى بل قد يُثنى عليه بشيء من الكلام، ولو فتشنا عن سبب ذلك لوجدناه لا لشيء إلا أنَّه يوافقه في المسائل المتنازع فيها أو قد تكون في مسألة واحدة أو مسألتين.
ولهذا نجد بعد ظهور الخلاف في جنس العمل أُسقِط بعض العلماء والمشايخ السلفيين بينما رُفِع في الساحة الدعوية رؤوس البدعة والضلال، والمقياس في ذلك الموافقة والمخالفة في حكم تارك جنس العمل وما أُثير معها من مسائل في الغالب!!!.
وأخيراً:
فهذه جملة من الآثار التي نتجت بعد أن خاض الناس في مسألة تارك جنس العمل؛ فجزى الله خيراً كلَّ مَنْ سكت عن الكلام في هذه المسألة، وليعلم الجميع أنَّ سكوت مَنْ سكت عن الخوض فيها لا عن عجز أو جهل وإنما عن حكمة وفطنة، وإذا استمر السلفيون في الخوض في مسألة جنس العمل فستظهر بعد فترة من الزمان آثار أخرى، ويزداد بينهم الخلاف ويتسع، ويسقط العالم تلو العالم والشيخ تلو الشيخ، والرابح في الأخير هم القطبيون؛ فتنبَّهوا يرحمكم الله لذلك.
وأختم أخيراً بما قاله العلامة الكبير الشيخ ربيع حفظه الله تعالى في مقاله [كلمة حق حول جنس العمل] المؤرَّخ 21/5/1425هـ، ففيه الكفاية لِمن رام النجاة:
((بسم الله الرحمن الرحيم؛ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه؛ أما بعد: فمما نكب به الإسلام والمسلمون في هذا العصر وخاصة أهل المنهج السلفي فكر سيد قطب وعقائده الفاسدة وما أكثرها وأخطرها. ومنها قضية تكفير المجتمعات الإسلامية التي جدد وطور بها مذهب الخوارج في التكفير والخروج على الحكام والعلماء.
وقد تلقف هذه الفتنة عنه أناس تلبسوا بالسلفية فزادوها قوة وانتشاراً، إذ كان سيد قطب يكفر الحكام والمجتمعات الإسلامية بالحاكمية فقط. أما هؤلاء فقد مكروا وتحايلوا لترويجها وإلباسها لباس المنهج السلفي فوجدوا فكرة تكفير تارك جنس العمل وتكفير تارك الصلاة أعظم وسيلة لترويج فكرتهم وأعظم مصيدة للشباب السلفي، ومن أعظم الوسائل لتفريقهم وضرب بعضهم ببعض، ووجدوا منهما جسراً لرمي أهل السنة بالإرجاء, فالذي لا يركض من أهل السنة معهم في ميدان الخوارج فيكفر الحكام بالطريقة الخارجية الجاهلة فهو مرجيء وعميل وخائن ..الخ، والذي لا يكفر تارك الصلاة منهم مرجئ.
وأدركت دندنة هؤلاء حول إنكار أحاديث الشفاعة؛ ولا سيما حديث أبي سعيد الخدري فكنت أكره الحديث عنه – أي جنس العمل – والخوض فيه، لا سيما وكثير ممن يردده لا يفهم معناه وكثير ممن يعرض عليهم من أذكياء حملة العلم يشتبه عليهم؛ حتى قال لي بعض المدرسين الجامعيين الأذكياء قبل أيام: أنا لا أدري ما المراد بجنس العمل إلى الآن؟!!
وفي نادر من الأحيان يسألني عنه بعض الناس فأنهاه عن الخوض فيه؛ فإذا ألَحّ ولـجّ اعترضت ببعض أحاديث الشفاعة كحديث أنس رضي الله عنه يخرج من النار: "من عنده أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة من إيمان"، فلا يحير جواباً.
وفي هذه الأيام كتب أخونا حمد بن عبد العزيز العتيق مقالاً تحت عنوان " تنبيه الغافلين إلى إجماع المسلمين على أنَّ ترك جنس العمل كفر في الدين" فشرعت في قراءته إلى أن وصلت إلى الصحيفة الخامسة فإذا فيها: "الفصل الثالث: ترك جنس العمل كفر أكبر: المبحث الأول: صورة المسألة: هي في رجل نطق بالشهادتين ثم بقي دهراً لم يعمل خيراً مطلقاً لا بلسانه ولا بجوارحه ولم يعد إلى النطق بالشهادتين مطلقاً مع زوال المانع" فقلت: إنْ كان المراد بجنس العمل هذه الصورة فإني لا أتردد ولا يتردد مسلم في تكفير من هذا حاله وأنه منافق زنديق إذ لا يفعل هذا من عنده أدنى حد للإيمان.
لكني لا أحب للسلفيين التعلق بلفظ "جنس العمل" لأمور:
أولها: أنه لفظ مجمل يحتمل هذه الصورة ويحتمل غيرها؛ وهو ما يريده التكفيريون.
ثانيها: كما قال أخونا حمد العتيق: " إنها مسألة غير عملية بمعنى أنه لا يمكن أن يقال: إنَّ هناك زيداً - من الناس – قد شهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، ولم يعمل بعدها خيراً قط، فإنَّ هذا النفي المطلق لا يمكن لأحد إلا الله أن يحيط به" ، والأمر كما ذكر الأخ حمد.
ثالثها: دندنة التكفيريين حوله لمقاصد سيئة منها رمي أئمة السنة بالإرجاء؛ فمن لا يكفر تارك الصلاة عندهم مرجيء أو أتي من شبهة الإرجاء!!، ومن لا يكفر الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله تكفيراً مخرجاً من الملة فهو مرجيء وإنْ فصَّل على طريقة السلف وإنْ قال بكفر تارك الصلاة!!.
رابعها: من أجل ما في هذا اللفظ من الإجمال المشار إليه سلفاً يقع من إطلاقه من اللبس على كثير من الناس، و لما يوقع من الخلاف بين أهل السنة والشحناء والفتن بينهم، ترجح لي: أنه يجب الابتعاد عنه؛ لأنَّ الجنس قد يراد به الواحد وقد يراد به الكل وقد يراد به الغالب، ومن هنا إذا دندن حوله السلفيون حصل بينهم الخلاف الذي يريده التكفيريون، وتكثَّروا بمن يقول به منهم، فيقولون: هذا فلان السلفي يقول بتكفير تارك جنس العمل فيجرون الناشيء إلى مذهبهم في تكفير الحكام على منهجهم وإلى رمي علماء السنة بالإرجاء ... الخ.
وأنصح السلفيين: أن يلتزموا بقول السلف الشائع المتواتر من أول عهد السلف إلى يومنا هذا ألا وهو قولهم: إن الإيمان قول وعمل؛ قول بالقلب واللسان وعمل بالقلب والجوارح، أو إنَّ الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، أو كما قال الإمام أحمد رحمه الله: "الإيمان قول وعمل يزيد وينقص" أو كما قال البخاري: "كتبت عن ألف شيخ وزيادة ولم أكتب إلا عمن يقول: الإيمان قول وعمل"، ونحو هذه العبارات الموروثة عن السلف التي لا تخرج عن هذا المعنى.
فالتزام عبارات السلف فيه رد لضلال المرجئة؛ وهو رد كاف شاف، وفيه أمان وضمان للسلفيين من الاختلاف والقيل والقال، وحماية من استغلال التكفيريين لإطلاق بعض السلفيين لجنس العمل.
ومن أصول أهل السنة: وجوب سد الذرائع ووجوب درء المفاسد، وتقديم درء المفاسد على جلب المصالح، فإطلاق جنس العمل فيه مفاسد لما فيه من الإجمال الموقع في اللبس، ولما يثيره من الاختلاف والفرقة فيجب اجتنابه.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله زاجراً عن إطلاق الألفاظ المجملة:
فعليك بالتفصيل والتبيين فالـ*** إطلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الـ*** أذهان والآراء كل زمـان
وهنا ملاحظة مهمة: ينبغي لفت النظر إليها؛ وهي أنَّ الصورة التي ذكرها الأخ حمد وفقه الله لا يجوز لمسلم أن يتردد في تكفير صاحبها إنْ وجد؛ ولكنها في الوقت نفسه هي نظرية غير واقعية ولا عملية!!، إذ لا يتصور وقوعها من مسلم، والشرائع لم تبن على الصور النادرة كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله.
فكيف نزج بدعوتنا وشبابنا في الصور المستبعدة أو المستحيلة!!، وتشحن النفوس وتضيع الأوقات في القيل والقال، بل توقع الشباب في الشبكة التي نصبها لهم التكفيريون!!.
فإذا كان لابد من الكلام فيها: فيكون من العالم الفطن عند الحاجة؛ كأن يسأله تكفيري عن كفر تارك جنس العمل: فيقول له هذه كلمة مجملة فماذا تريد بها فبين لي ما تقصده؟ فإنْ ذكر له صوراً باطلة ردها عليه بالحجة والبرهان، وإنْ ذكر الصورة السابقة قال له هذا حق وأنا معك ولكني أحذرك من التلبيس على الناس بذكر غير هذه الصورة.
فهذا ما أقوله وأنصح به السلفيين في هذه المسالة، وأنصحهم بشدة عن تعاطي أسباب الخلاف ومثيراته، والحرص على ما يؤلف القلوب ويجمعها على الحق بالحكمة والرفق، أسأل الله الكريم تبارك وتعالى أن يجمع كلمة أهل السنة والمسلمين عموماً على الحق والهدى وأن يجنبهم أسباب الخلاف والفتن)).
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
منقول



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الأحد مارس 31, 2024 5:14 pm عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Empty رد: مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس ....

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل السبت مارس 30, 2024 10:10 pm

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... 3210
موقف العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-
من الإختلاف الحاصل حول ألفاظ تارك جنس العمل وتارك العمل بالكلية وما تفرع منها من مسائل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.أما بعد :
فقد قال شيخ الإسلام -رحمه الله- عند كلامه على (الفرقة الناجية أهل الحديث) كما في [مجموع الفتاوى (3 /347 )]:
((الذين يردون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب، والحكمة، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتة ،فيما جاء به الرسول، بل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك يردونه إلى الله ورسوله، ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف، فما كان من معانيها موافقا للكتاب، والسنة أثبتوه وما كان منها مخالفا للكتاب والسنة أبطلوه..)).
وقد وصف أهل البدع بعض علماء أهل السنة والأثر بأعيانهم بالإرجاء أو بالوقوع في الإرجاء بسبب لفظة (جنس العمل) وما تفرع من هذه اللفظة من أسماء مشابهة لها،
وقد تنبه الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- لخطورة هذا المسلك الغالي المفرق لأهل السنة، وحذر منه الشيخ في عدة مجالس وفي أكثر من مناسبة، لأن الشيخ-رحمه الله- قد عَرَفَ بذكائه وفطنته أن هذا المسلك هو مسلكٌ لإسقاط علماء أهل السنة وتنفير العوام من علمهم، وقد قمت بجمع كلام الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في هذا الموضوع لقطع دابر فتنة أهل الغلو والتنطع وإليك كلام هذا الإمام:...
المجلس الأول:
الأسئلة القطرية وهي أسئلة مقدمة من بعض طلبة العلم المنتدبين من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر للعلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-.
أضغط هنـــــــــــــــــا
السائل: هل تارك جنس العمل كافر، تارك آحاد العمل ليس بكافر، ما رأيكم في ذلك؟
جواب الشيخ -رحمه الله-: ((من قال هذه القاعدة ؟! من قائلها ؟! هل قالها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! كلام لا معنى له .
نقول : من كفره الله ورسوله فهو كافر.ومن لم يكفره الله ورسوله فليس بكافر هذا هو الصواب .
أما جنس العمل ! أو نوع العمل ! أو آحاد العمل ! فهذا كله طنطنة لا فائدة منها)).
وسئل الشيخ -رحمه الله-:هل أعمال الجوارح شرط في أصل الإيمان وصحته أم أنها شرط في كمال الإيمان الواجب ؟
جواب الشيخ -رحمه الله-: ((تختلف ، فتارك الصلاة مثلاً كافر إذن: فعل الصلاة من لوازم الإيمان.وإني أنصح إخواني أن يتركوا هذه الأشياء والبحث فيها وأن يرجعوا إلى ما كان عليه الصحابة -رضوان الله عليهم- والسلف الصالح لم يكونوا يعرفون مثل هذه الأمور .المؤمن من جعله الله ورسوله مؤمناً والكافر من جعله الله ورسوله كافراً. وانتهى)).
المجلس الثاني:كلام العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- في شرحه للحديث رقم (34) في الأربعين النووية:"مَن رَأى مِنكُم مُنكَرَاً فَليُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِقَلبِه وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ".
قال الشيخ -رحمه الله-: ((8- أن الإيمان عمل ونية،لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل هذه المراتب من الإيمان، والتغيير باليد عمل،وباللسان عمل، وبالقلب نية، وهو كذلك، فالإيمان يشمل جميع الأعمال،وليس خاصاً بالعقيدة فقط،لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمَانُ بِضعٌ وَسَبعُونَ شُعبَة، أو قال: وَستونَ شُعبَة، أَعلاهَا: قَولُ لاَ إِلهَ إِلا الله، وَأَدناهَا إِماطَةُ الأَذَى عَنِ الطَريقِ" فقول: لا إله إلا الله قول لسان، وإماطة الأذى عن الطريق فعل الجوارح والحياء وهذا عمل قلب مِنَ الإيمَانِ ولا حاجة أن نقول ما يدور الآن بين الشباب وطلبة العلم :هل الأعمال من كمال الإيمان أو من صحة الإيمان؟ فهذا السؤال لا داعي له،أي إنسان يسألك
ويقول: هل الأعمال شرط لكمال الإيمان أو شرط لصحة الإيمان؟
نقول له: الصحابة رضي الله عنهم أشرف منك وأعلم منك وأحرص منك على الخير،ولم يسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم هذا السؤال، إذاً يسعك ما يسعهم.إذا دلّ الدليل على أن هذا العمل يخرج به الإنسان من الإسلام صار شرطاً لصحة الإيمان، وإذا دلّ دليل على أنه لا يخرج صار شرطاً لكمال الإيمان وانتهى الموضوع،أما أن تحاول الأخذ والرد والنزاع، ثم مَنْ خالفك قلت:هذا مرجىء. ومن وافقك رضيت عنه، وإن زاد قلت،هذا من الخوارج، وهذا غير صحيح.فلذلك مشورتي للشباب ولطلاب العلم أن يدعوا البحث في هذا الموضوع، وأن نقول: ما جعله الله تعالى ورسوله شرطاً لصحة الإيمان وبقائه فهو شرط، وما لا فلا ونحسم الموضوع)).
المجلس الثالث: سئل الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – في التعليق على [اقتضاء الصراط المستقيم - شريط رقم (29)الوجه(ب)].
السائل : البعض يقول أنَّ ترك العمل مع الخلاف في مسألة ترك الصلاة يقولون أن ترك العمل مع الإعتقاد أنه [العمل] داخل في مسمى الإيمان ،أنه من يقول هذا فهو عين الإرجاء ولكن بمفهوم عصري؟
الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – : ((والله يا محب والكلام لكم جميعاً، نحن لا نتعدى ما جاء في القرآن و السنة، فما ورد أنه كفر فهو كفر، وما لم يرد أنه كفر فليس بكفر، وكما جاء في حديث عبد الله بن شقيق - رحمه الله - قال : "كان أصحابُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- لا يَرَوْنَ شيئا من الأعمال تركُهُ كفر غير الصلاة"، هذا نص صريح في إجماع الصحابة على أن الصلاة كفر ، وغيره ليس بكفر)).
السائل : بارك الله فيكم،يقولون على بعض من يقول هذا على مسألة ترك العمل ككل مع الإيمان بأنه داخل في مسمى الإيمان يقولون[ هذا عين الإرجاء بمفهوم عصري]؟الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – مقاطعاً : ((هذا غلط يقوله بعض الناس الذين عندهم إندفاع ، كما إنهم يضعوا العالم المشهود له بالخير ؛ وخالف أهل السنة في مسألة من مسائل الصفات قالوا هذا أشعري ، كما ينسب بعض الناس يقول ابن حجر أشعري وفتح الباري يجب إحراقه وما أشبه ذلك . أعوذ بالله ، هذا من الغلط والواجب الوزن بالقسط)).السائل : بارك الله فيكم .
ملاحظة : الكلام الذي بين القوسين الحاصرتين للتوضيح .
المجلس الرابع:في شرح العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – [للعقيدة السفارينية (1/ 402-403)]
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله- :((الطائفة الثانية: قالوا: إن الأقوال والأعمال من الإيمان، لكنها شرطٌ في وجوده، بمعنى أنه إذا فقد منها شيء فقد الإيمان كله.فقالوا: من لم يزك فهو كافر، ومن لم يصل فهو كافر، ومن لم يصم فهو كافر، ومن لم يحج فهو كافر، ومن عق والديه فهو كافر، وبعضهم قال: لا نسميه كافراً، ولا نسميه مؤمناً، ولكن نقول: هو في منزلة بين منزلتين.
وهذا الأخير هو مذهب من يرون أنفسهم أذكياء العالم، وهم المعتزلة، والذي قبله هو مذهب الخوارج ولذلك كان موقف الخوارج أشجع من المعتزلة؛ لأن الخوارج قالوا: كافر ولم يبالوا، والمعتزلة قالوا: لا نقول كافر ولا مسلم، بل هو في منزلة بين منزلتين؛ فأحدثوا مرتبةً لم ينزل الله بها سلطاناً؛ وهي المنزلة بين منزلتين.
فإن قال قائل: - على مذهب أهل السنة - هل الأعمال شرط في وجود الإيمان؟
فالجواب: أن منها ما هو شرط ومنها ما ليس بشرط، فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله شرط في وجود الإيمان، ومن لم يقل: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فهو كافر. وإن آمن بالله، ولم يصل - والصلاة عمل - فهو كافر، وإن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإن آمن بالله، لكن لم يزك - والزكاة من الأعمال - فليس بكافر.
وخلاصة ذلك أنه إن فقد الاعتقاد في القلب كفر الإنسان، وإن وجد لكن تخلفت الأقوال أو الأعمال ففيه تفصيل.فإن دلت النصوص على أنه يكفر كفر، وإلا فلا، فمن آمن بالله تعالى، ولم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقد ترك قولاً، ولكنه يكفر بذلك، ومن قال: آمنت بالله، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولكن لم يصل فقد كفر - على القول الراجح - ومن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وآمن بالله وصلى ولكنه لم يزك فليس بكافر، وعند الخوارج كافر، وعند المعتزلة في منزلة بين منزلتين - إلا إن كانوا يرون كفر مانع الزكاة))
المجلس الخامس:سئل العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- في [لقاء الباب المفتوح الشريط رقم(127) الوجه(أ) السؤال رقم(]
السائل: سمعت من أحد العلماء قولا: أن الكفر إعتقادي وعملي ،وأن العمل يكون كفرا أصغر فقط فلا يدخل فيه الكفر الأكفر،سواء ترك الصلاة أو فعل أي فعل آخر.
جواب الشيخ محمد بن صالح العثيمين-رحمه الله-: ((إن هذه القاعدة عند بعض العلماء أن الكفر لا يكون إلا عن إعتقاد، وأما كفر العمل فلا، ولكن الصحيح خلاف ذلك ،الصحيح أنه قد يكون كفر عمليا، كترك الصلاة مثلا، لأن القرآن والسنة وأقوال الصحابة تدل على أن تارك الصلاة كافرا كفرا مخرجا من الملة مع اعتقاده الوجوب وهذا هو القول الراجح.ولكن بهذه المناسبة أنا اود من إخواننا وشبابنا أن لا يكون أكبر همهم أن يبحثوا عن كفر الحكام أو غير الحكام، كأنهم لم يخلقوا إلا للبحث عن هذا كافر أوغير كافر،عليهم أن يبحثوا في بيان حدود ما أنزل الله على رسوله من العبادات وغير العبادات...)). انتهى المراد.... ثبتني الله وإياكم على السنة ورزقنا الإخلاص في القول والعمل،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول


عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في السبت أبريل 06, 2024 4:57 pm عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Empty رد: مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس ....

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل السبت مارس 30, 2024 10:28 pm

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Oo10
كلمة حق حول جنس العمل
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .
أما بعد:
فمما نكب به الإسلام والمسلمون في هذا العصر وخاصة أهل المنهج السلفي فكر سيد قطب وعقائده الفاسدة وما أكثرها وأخطرها .
ومنها قضية تكفير المجتمعات الإسلامية التي جدد وطور بها مذهب الخوارج في التكفير والخروج على الحكام والعلماء .
وقد تلقف هذه الفتنة عنه أناس تلبسوا بالسلفية فزادوها قوة وانتشاراً ، إذ كان سيد قطب يكفر الحكام والمجتمعات الإسلامية بالحاكمية فقط.
أما هؤلاء فقد مكروا وتحايلوا لترويجها وإلباسها لباس المنهج السلفي فوجدوا فكرة تكفير تارك جنس العمل وتكفير تارك الصلاة أعظم وسيلة لترويج فكرتهم وأعظم مصيدة للشباب السلفي ، ومن أعظم الوسائل لتفريقهم وضرب بعضهم ببعض ووجدوا منهما جسراً لرمي أهل السنة بالإرجاء , فالذي لا يركض من أهل السنة معهم في ميدان الخوارج فيكفر الحكام بالطريقة الخارجية الجاهلة فهو مرجيء وعميل وخائن ..الخ، والذي لا يكفر تارك الصلاة منهم مرجيء.
وأدركت دندنة هؤلاء حول إنكار أحاديث الشفاعة ولا سيما حديث أبي سعيد الخدري فكنت أكره الحديث عنه –أي جنس العمل– والخوض فيه لا سيما وكثير ممن يردده لا يفهم معناه وكثير ممن يعرض عليهم من أذكياء حملة العلم يشتبه عليهم حتى قال لي بعض المدرسين الجامعيين الأذكياء قبل أيام: أنا لا أدري ما المراد بجنس العمل إلى الآن.
وفي نادر من الأحيان يسألني عنه بعض الناس فأنهاه عن الخوض فيه فإذا ألَحّ ولـجّ اعترضت ببعض أحاديث الشفاعة كحديث أنس – رضي الله عنه – يخرج من النار: "من عنده أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة من إيمان" ، فلا يحير جواباً.
وفي هذه الأيام كتب أخونا حمد بن عبد العزيز العتيق مقالاً تحت عنوان " تنبيه الغافلين إلى إجماع المسلمين على أن ترك جنس العمل كفر في الدين".
فشرعت في قراءته إلى أن وصلت إلى الصحيفة الخامسة فإذا فيها :
"الفصل الثالث: ترك جنس العمل كفر أكبر : المبحث الأول : صورة المسألة هي في رجل نطق بالشهادتين ثم بقي دهراً لم يعمل خيراً مطلقاً لا بلسانه ولا بجوارحه ولم يعد إلى النطق بالشهادتين مطلقاً مع زوال المانع " .
فقلت : إن كان المراد بجنس العمل هذه الصورة فإني لا أتردد ولا يتردد مسلم في تكفير من هذا حاله وأنه منافق زنديق إذ لا يفعل هذا من عنده أدنى حد للإيمان.
لكني لا أحب للسلفيين التعلق بلفظ "جنس العمل" لأمور:
أولها: أنه لفظ مجمل يحتمل هذه الصورة ويحتمل غيرها وهو ما يريده التكفيريون.
ثانيها: كما قال أخونا حمد العتيق : " إنها مسألة غير عملية بمعنى أنه لا يمكن أن يقال : إن هناك زيداً - من الناس – قد شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ولم يعمل بعدها خيراً قط ، فإن هذا النفي المطلق لا يمكن لأحد إلا الله أن يحيط به " ، والأمر كما ذكر الأخ حمد .
ثالثها: دندنة التكفيريين حوله لمقاصد سيئة منها رمي أئمة السنة بالإرجاء , فمن لا يكفر تارك الصلاة عندهم مرجيء أو أتي من شبهة الإرجاء ، ومن لا يكفر الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله تكفيراً مخرجاً من الملة فهو مرجيء وإن فصل على طريقة السلف وإن قال بكفر تارك الصلاة .
رابعها: من أجل ما في هذا اللفظ من الإجمال المشار إليه سلفاً يقع من إطلاقه من اللبس على كثير من الناس، و لما يوقع من الخلاف بين أهل السنة والشحناء والفتن بينهم ، ترجح لي أنه يجب الابتعاد عنه ، لأن الجنس قد يراد به الواحد وقد يراد به الكل وقد يراد به الغالب ، ومن هنا إذا دندن حوله السلفيون حصل بينهم الخلاف الذي يريده التكفيريون وتكثروا بمن يقول به منهم، فيقولون هذا فلان السلفي يقول بتكفير تارك جنس العمل فيجرون الناشيء إلى مذهبهم في تكفير الحكام على منهجهم وإلى رمي علماء السنة بالإرجاء ... الخ.
وأنصح السلفيين أن يلتزموا بقول السلف الشائع المتواتر من أول عهد السلف إلى يومنا هذا ألا وهو قولهم : إن الإيمان قول وعمل ، قول بالقلب واللسان وعمل بالقلب والجوارح ، أو إن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان ، أو كما قال الإمام أحمد رحمه الله : " الإيمان قول وعمل يزيد وينقص " .
أو كما قال البخاري : " كتبت عن ألف شيخ وزيادة ولم أكتب إلا عمن يقول الإيمان قول وعمل " ، ونحو هذه العبارات الموروثة عن السلف التي لا تخرج عن هذا المعنى فالتزام عبارات السلف فيه رد لضلال المرجئة ، وهو رد كاف شاف وفيه أمان وضمان للسلفيين من الاختلاف والقيل والقال، وحماية من استغلال التكفيريين لإطلاق بعض السلفيين لجنس العمل .
ومن أصول أهل السنة وجوب سد الذرائع ، ووجوب درء المفاسد ، وتقديم درء المفاسد على جلب المصالح ، فإطلاق جنس العمل فيه مفاسد لما فيه من الإجمال الموقع في اللبس ولما يثيره من الاختلاف والفرقة فيجب اجتنابه .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله زاجرا عن إطلاق الألفاظ المجملة :
فعليك بالتفصيل والتبيين*** فالـ إطلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا*** الـ أذهان والآراء كل زمـان
وهنا ملاحظة مهمة ينبغي لفت النظر إليها وهي أن الصورة التي ذكرها الأخ حمد -وفقه الله- لا يجوز لمسلم أن يتردد في تكفير صاحبها إن وجد ، ولكنها في الوقت نفسه هي نظرية غير واقعية ولا عملية إذ لا يتصور وقوعها من مسلم ، والشرائع لم تبن على الصور النادرة كما قال الإمام ابن القيم – رحمه الله -.
فكيف نزج بدعوتنا وشبابنا في الصور المستبعدة أو المستحيلة وتشحن النفوس وتضيع الأوقات في القيل والقال بل توقع الشباب في الشبكة التي نصبها لهم التكفيريون ، فإذا كان لابد من الكلام فيها فيكون من العالم الفطن عند الحاجة كأن يسأله تكفيري عن كفر تارك جنس العمل فيقول له هذه كلمة مجملة فماذا تريد بها فبين لي ما تقصده ، فإن ذكر له صورا باطلة ردها عليه بالحجة والبرهان، وإن ذكر الصورة السابقة قال له هذا حق وأنا معك ولكني أحذرك من التلبيس على الناس بذكر غير هذه الصورة .
فهذا ما أقوله وأنصح به السلفيين في هذه المسالة وأنصحهم بشدة عن تعاطي أسباب الخلاف ومثيراته.
والحرص على ما يؤلف القلوب ويجمعها على الحق بالحكمة والرفق .
أسأل الله الكريم تبارك وتعالى أن يجمع كلمة أهل السنة والمسلمين عموماً على الحق والهدى وأن يجنبهم أسباب الخلاف والفتن .
كتبه : ربيع بن هادي مدخلي
21/5/1425هـ
أضغط هنــــــــــــــــــــــpdfــــــــــــــــا
الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله- الذين يقولون جنس العمل إلى الآن لم يفسروا لنا مقصودهم
سؤال:هل في نفي العمل الذي يختص بالأركان الأربعة يعتبر نفي جنس العمل ويكون مرجئاً ؟ وهل جنس العمل محصور في الأركان الأربعة عدا الشهادتين ؟
الجواب : الذين يقولون جنس العمل إلى الآن لم يفسروا لنا مقصودهم ؛مقصودهم غير واضح ,فإنّ أهل السنة والجماعة اختلفت أقوالهم في التكفير بهذه الأركان .
فمن أهل السنة من يكفِّر بترك واحد من هذه الأركان ؛لو ترك الحج عند بعضهم كافر ,لو ترك الزكاة عندهم كافر ؛تركها عمدا - يعني غير جاحد - بارك الله فيكم ,لو ترك الصلاة من باب أولى يكون كافرا حتى لو لم يجحد ؛هذه تفاصيل مذهب أهل السنة .
ولا يُكَفِّرون فيما عدا هذه الأركان ؛لم يكفِّروا بعمل من الأعمال غير هذه الأركان ,لا بمعاصي ولا بأعمال واجبة غير هذه الأركان ,لم يكفِّروا إلا بهذه الأركان ,منهم من يكفِّر بالصلاة وحدها ,ولا يكفِّر بترك الزكاة والصوم والحج ؛يكفِّر بترك الصلاة فإذا ترك الحج ليس بكافر عنده ,إذا منع أداء الزكاة يكون غير كافر ,يكون مجرما وتؤخذ منه قهرا ويؤخذ شطر ماله عقوبة وما شاكل ذلك ,لكنه مع ذلك لا يرونه كافرا .الشاهد : أن كلمة أهل السنة بما فيهم الصحابة اجتمعت كلمتهم أنهم لا يكفِّرون بترك شيء من الأعمال غير هذه الأركان ؛يعني الأعمال .قال الشيخ تعليقا : هذا ما كان يظهر لي سابقا ولغيري ثم كثرت الدراسة في موضوع ترك العمل بالكلية فوقفت على مقال لأحد الإخوة أكثر فيه من النقل عن السلف بأن تارك العمل بالكلية كافر فترجح لي ذلك لكنه يعبر عنه بتارك جنس العمل وأنا أرى الابتعاد عن لفظ ( جنس ) لما فيه من الإجمال والاشتباه ولأنه يتعلق به أهل الفتن ولأنه لا يوجد هذا اللفظ في كتاب ولا سنة ولا استعمله السلف في تعريف الإيمان .ومن منهج السلف الابتعاد عن استعمال الألفاظ المجملة والمتشابهة والابتعاد عن الألفاظ التي لم ترد في الكتاب والسنة ,ولما تحدثه من الفتن بين المسلمين ,بل بدّع السلف من يسلك هذا المسلك كما نقل ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله . وقد استنكر استعمال لفظ ( جنس العمل ) وهل العمل شرط صحة أو شرط كمال في الإيمان العلامة محمد بن صالح العثيمين وقال : ( هذه طنطنة لا خير فيها ) أو كما قال . ولقد نصحت كثيرا وكثيرا في دروسي الشباب بأن يلتزموا بما قرره السلف في تعريف الإيمان وبأنه : ( قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ) ونشرت بهذا الصدد مقالا بعنوان : ( كلمة حق حول جنس العمل ) فاستجاب لذلك السلفيون الصادقون الملتزمون بمنهج السلف قولا وعملا وأبى ذلك أهل الفتن والشغب الذين جعلوا الشغب على أهل السنة محور نشاطهم وهجرانهم .أما العقائد فهذا شيء آخر ؛قد يكذّب نبيا فيكفر,يكذّب بالملائكة فيكفر ,يكذّب بكتاب من الكتب فيكفر,يكذّب بآية من القرآن فيكفر ؛هذا ما يتعلق بالإيمان ,نحن الآن في العمل ؛عمل الأركان هل هو كفر أو ليس بكفر ؟ منهم من لا يرى ترك الصلاة والزكاة والصوم والحج كل هذه الأشياء يرى تركها ليس بكفر إذا لم يكن جاحدا ؛إن تركها جاحدا فكافر ,وإن تركها تكاسلا وتهاونا فإنّه ليس بكافر ولو ترك هذه الأركان كلها .ومنهم من يكفِّره بترك الصلاة ,ومنهم من يكفِّره ولو بترك واحد من هذه الأركان ؛هؤلاء كلهم أهل سنة لا نضلّل أحدا منهم ولا يُرمى بالإرجاء ولا برأي الخوارج .إن كفّر بالأركان الأربعة لا نقول :خارجي ,وإن كفَّر بترك الصلاة فقط لا نقول :خارجي ,وإن كفَّر بترك الصلاة فقط والزكاة لا نقول :خارجي ,لأنّ الخوارج يكفِّرون بهذه الأشياء ,لكن أهل السنة يختلفون عن الخوارج والفروق هائلة جدا بينهم وبين الخوارج ؛فإن الخوارج بمجرد أن يرتكب كبيرة خرج من الإسلام والمعتزلة كذلك ,لكن عند المعتزلة خرج إلى دائرة جديدة بين الإيمان والكفر ؛دائرة متوسطة ! الخوارج خرج عندهم خروجا كليا إلى دائرة الكفر!أهل السنة من يقول منهم بكفر تارك الصلاة يخرجه من دائرة الإسلام ليس بارتكاب معصية أو بارتكاب محرّم ؛بترك واجب لأن هذه عندهم مباني الإسلام وأركان الإسلام وهدمها يختلف عن ارتكاب المحرمات ,ارتكاب المحرمات أمر عظيم لكن أعظم منه وأشدّ منه هدم هذه الأركان أوهدم شيء منها .فمنهم من يرى أن من ترك هذه الأركان فقد هدم أركان الإسلام فهو كافر أو هدم ركنا منها فهو كافر ,ومنهم من لا يكفِّره لكن يضلِّله بارك الله فيك ويرى عليه القتل والحدّ والسجن وما شاكل ذلك لكن لا يخرجونه من دائرة الإيمان على التفاصيل التي ذكرنا بارك الله فيكم.أما عند المرجئة فهذه الأعمال ما دخلت في الإيمان رأسا ,ليست بداخلة في الإيمان وليست من الإيمان في شيء ,وعند غلاتهم لو ترك هذه الأعمال كلها طول حياته فهو في الجنة ,لماذا ؟ لأنّ الإيمان عندهم هو التصديق أو المعرفة وقد حصل والمطلوب هو هذا فقط عندهم والأعمال تركها لا يضر بهذا الإيمان ولا ينقص منه شيئا !!فهذا الفرق بين أهل السنة وبين المرجئة ؛العمل ليس من الإيمان ؛لا صلاة لا زكاة لا صوم لا حج ,أما أهل السنة فتتفاوت أقوالهم بين تكفير تارك الصلاة وبين مُجَرِّمِه وأنه بتقصيره في هذه الأعمال ينقص إيمانه شيئا فشيئا حتى يتلاشى عند كثير من تاركي الأعمال وهذا الفرق بينهم وبين المرجئة .
المصدر : موقع الشيخ





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في السبت أبريل 06, 2024 3:27 pm عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Empty رد: مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس ....

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل السبت مارس 30, 2024 10:47 pm


كلام الشيخ ربيع في ــ جنس العمل ــ في التوافق والتآلف مع كلام قوي متين لشيخ الإسلام ابن تيمية
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وعده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد :
فهذا تأييد لربيع أهل السنة ابن هادي المدخلي حفظه ربي جلا وعلى من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مسألة ترك الألفاظ المجملة والمشتبهة وعدم الولاء والبراء عليها
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
وأما الألفاظ التي ليست في الكتاب والسنة ولا اتفق السلف على نفيها أو إثباتها، فهذه ليس على أحد أن يوافق من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده، فإن أراد بها معنى يوافق خبر الرسول أقر به، وإن أراد بها معنى يخالف خبر الرسول أنكره‏.‏
ثم التعبير عن تلك المعاني، إن كان في ألفاظه اشتباه أو إجمال عبر بغيرها أو بين مراده بها؛ بحيث يحصل تعريف الحق بالوجه الشرعي؛ فإن كثيرًا من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة، ومعان مشتبهة، حتى تجد الرجلين يتخاصمان ويتعاديان على إطلاق ألفاظ ونفيها، ولو سئل كل منهما عن معنى ما قاله لم يتصوره، فضلا عن أن يعرف دليله، ولو عرف دليله لم يلزم أن من خالفه يكون مخطئًا بل يكون في قوله نوع من الصواب، وقد يكون هذا مصيبًا من وجه وهذا مصيبًا من وجه، وقد يكون الصواب في قول ثالث‏.‏
مجموع الفتاوى 12/114 فصل في المراد بلفظ الحروف
هذا الكلام لشيخ الإسلام رحمه الله لو أمعن النظر فيه أهل الإنصاف لوجدوه في التأييد والتعضيد والتوافق والتآلف مع كلام الشيخ ربيع ابن هادي المدخلي في قضية جنس العمل من وجوه عدة وهي كالتالي
قال شيخ الإسلام رحمه الله : وأما الألفاظ التي ليست في الكتاب والسنة ولا اتفق السلف على نفيها أو إثباتها
قال الشيخ ربيع حفظه الله :
وأنت تتعلق بلفظ " جنس " وهو لا ذكر له في القرآن ولا في السنة , ولا أدخله السلف في تعريف الإيمان ولم يذكر في أقوال القرون المفضلة حسب علمي
[أسئلة وأجوبة على مشكلات فالح]
وقال كذلك حفظه الله :
1- جنس العمل ؛ وهو لفظ لا وجود له في الكتاب والسنة ولا خاصم به السلف ولا أدخلوه في قضايا الإيمان ,اتخذوه بديلاً لما قرره السلف من أن العمل من الإيمان وأن الإيمان قول وعمل واعتقاد ,يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي .
من مقال هل يجوز أن يُرمَى بالإرجاء من يقول : " إنَّ الإيمان أصل والعملَ كمال ( فرعٌ )
ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله :
فهذه ليس على أحد أن يوافق من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده، فإن أراد بها معنى يوافق خبر الرسول أقر به، وإن أراد بها معنى يخالف خبر الرسول أنكره‏.‏
قال الشيخ ربيع حفظه الله :
فإذا كان لابد من الكلام فيها فيكون من العالم الفطن عند الحاجة كأن يسأله تكفيري عن كفر تارك جنس العمل فيقول له هذه كلمة مجملة فماذا تريد بها فبين لي ما تقصده ، فإن ذكر له صورا باطلة ردها عليه بالحجة والبرهان، وإن ذكر الصورة السابقة قال له هذا حق وأنا معك ولكني أحذرك من التلبيس على الناس بذكر غير هذه الصورة .
[كلمة حق حول جنس العمل]
قال شيخ الإسلام رحمه الله : ثم التعبير عن تلك المعاني، إن كان في ألفاظه اشتباه أو إجمال
قال الشيخ ربيع حفظه الله :
وأدركت دندنة هؤلاء حول إنكار أحاديث الشفاعة ولا سيما حديث أبي سعيد الخدري فكنت أكره الحديث عنه – أي جنس العمل– والخوض فيه لا سيما وكثير ممن يردده لا يفهم معناه وكثير ممن يعرض عليهم من أذكياء حملة العلم يشتبه عليهم حتى قال لي بعض المدرسين الجامعيين الأذكياء قبل أيام: أنا لا أدري ما المراد بجنس العمل إلى الآن.
[كلمة حق في جنس العمل]
وقال حفظه الله :
ومن أصول أهل السنة وجوب سد الذرائع ، ووجوب درء المفاسد ، وتقديم درء المفاسد على جلب المصالح ، فإطلاق جنس العمل فيه مفاسد لما فيه من الإجمال الموقع في اللبس ولما يثيره من الاختلاف والفرقة فيجب اجتنابه .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله زاجرا عن إطلاق الألفاظ المجملة :
فعليك بالتفصيل والتبيين فالـ إطلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الـ أذهان والآراء كل زمـان
[كلمة حق في جنس العمل]
قال شيخ الإسلام رحمه الله : عبر بغيرها
قال الشيخ ربيع حفظه الله :
والأولى التزام ما قرره وآمن به السلف من أن الإيمان قول وعمل قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح . وأنه يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية
ثم الإيمان بأحاديث الشفاعة التي تدل على أنه يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال ذرة من إيمان أو أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان .
[نصيحة أخوية إلى فالح الحربي]
وقال حفظه الله
وأنصح السلفيين أن يلتزموا بقول السلف الشائع المتواتر من أول عهد السلف إلى يومنا هذا ألا وهو قولهم : إن الإيمان قول وعمل ، قول بالقلب واللسان وعمل بالقلب والجوارح ، أو إن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان ، أو كما قال الإمام أحمد رحمه الله : " الإيمان قول وعمل يزيد وينقص " .
أو كما قال البخاري : " كتبت عن ألف شيخ وزيادة ولم أكتب إلا عمن يقول الإيمان قول وعمل " ، ونحو هذه العبارات الموروثة عن السلف التي لا تخرج عن هذا المعنى فالتزام عبارات السلف فيه رد لضلال المرجئة ، وهو رد كاف شاف وفيه أمان وضمان للسلفيين من الاختلاف والقيل والقال، وحماية من استغلال التكفيريين لإطلاق بعض السلفيين لجنس العمل .
[كلمة حق في جنس العمل]
قال شيخ الإسلام رحمه الله : أو بين مراده بها؛ بحيث يحصل تعريف الحق بالوجه الشرعي
قال الشيخ ربيع حفظه الله :
وفي هذه الأيام كتب أخونا حمد بن عبد العزيز العتيق مقالاً تحت عنوان " تنبيه الغافلين إلى إجماع المسلمين على أن ترك جنس العمل كفر في الدين".
فشرعت في قراءته إلى أن وصلت إلى الصحيفة الخامسة فإذا فيها : "الفصل الثالث: ترك جنس العمل كفر أكبر : المبحث الأول : صورة المسألة هي في رجل نطق بالشهادتين ثم بقي دهراً لم يعمل خيراً مطلقاً لا بلسانه ولا بجوارحه ولم يعد إلى النطق بالشهادتين مطلقاً مع زوال المانع " .
فقلت : إن كان المراد بجنس العمل هذه الصورة فإني لا أتردد ولا يتردد مسلم في تكفير من هذا حاله وأنه منافق زنديق إذ لا يفعل هذا من عنده أدنى حد للإيمان.
[كلمة حق في جنس العمل]
قال شيخ الإسلام رحمه الله : فإن كثيرًا من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة، ومعان مشتبهة،
قال الشيخ ربيع حفظه الله :
لكني لا أحب للسلفيين التعلق بلفظ "جنس العمل" لأمور:
أولها: أنه لفظ مجمل يحتمل هذه الصورة ويحتمل غيرها وهو ما يريده التكفيريون.....
رابعها: من أجل ما في هذا اللفظ من الإجمال المشار إليه سلفاً يقع من إطلاقه من اللبس على كثير من الناس، و لما يوقع من الخلاف بين أهل السنة والشحناء والفتن بينهم
[كلمة حق في جنس العمل]
قال شيخ الإسلام رحمه الله : حتى تجد الرجلين يتخاصمان ويتعاديان على إطلاق ألفاظ ونفيها، ولو سئل كل منهما عن معنى ما قاله لم يتصوره، فضلا عن أن يعرف دليله، ولو عرف دليله لم يلزم أن من خالفه يكون مخطئًا بل يكون في قوله نوع من الصواب، وقد يكون هذا مصيبًا من وجه وهذا مصيبًا من وجه، وقد يكون الصواب في قول ثالث‏.
قال الشيخ ربيع حفظه الله :
ترجح لي أنه يجب الابتعاد عنه ، لأن الجنس قد يراد به الواحد وقد يراد به الكل وقد يراد به الغالب ، ومن هنا إذا دندن حوله السلفيون حصل بينهم الخلاف الذي يريده التكفيريون وتكثروا بمن يقول به منهم، فيقولون هذا فلان السلفي يقول بتكفير تارك جنس العمل فيجرون الناشئ إلى مذهبهم في تكفير الحكام على منهجهم وإلى رمي علماء السنة بالإرجاء ... الخ.
[كلمة حق في جنس العمل]
وقال حفظه الله:
وهنا ملاحظة مهمة ينبغي لفت النظر إليها وهي أن الصورة التي ذكرها الأخ حمد -وفقه الله- لا يجوز لمسلم أن يتردد في تكفير صاحبها إن وجد ، ولكنها في الوقت نفسه هي نظرية غير واقعية ولا عملية إذ لا يتصور وقوعها من مسلم ، والشرائع لم تبن على الصور النادرة كما قال الإمام ابن القيم – رحمه الله -.
فكيف نزج بدعوتنا وشبابنا في الصور المستبعدة أو المستحيلة وتشحن النفوس وتضيع الأوقات في القيل والقال بل توقع الشباب في الشبكة التي نصبها لهم التكفيريون
[كلمة حق في جنس العمل]
قال الشيخ ربيع حفظه الله :
فإذا كان هناك أحد يقول في تارك جنس العمل إنه ناقص الإيمان أو مرتكب الكبيرة ناقص الإيمان فإنه لا يصح أن يقال عنه أنه قد وافق المرجئة لأن المرجئة لا يقولون لا بزيادة الإيمان ولا بنقصانه، بل مرتكب الكبائر عندهم كامل الإيمان بل إيمان أفسق الناس مثل إيمان جبريل ومحمد صلى الله عليه وسلم وهذا أمر واضح عند طلاب العلم فلا أدري كيف غفلتم عنه .
[نصيحة أخوية إلى فالح الحربي]
من هنا يتضح أن الشيخ العلامة ربيع ابن هادي يسير تماما على منهج السلف في رد العبارات الموهمة والمشتبهة الحمالة المعاني والتي لم ترد لا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ولا في منهج السلف وأنها لا تصلح لأن يوالى ويعادى من أجلها
وأن جماعة التكفير ومن قلدهم من الحدادية يسعون إلى تفريق أهل السنة بهذه العبارات الدخيلة
ومن نصرت الله لعبده ربيع ابن هادي أن الشيخ العلامة صالح الفوزان سئل عنها ــ أي جنس العمل فقال :
هذا سائل يقول أحسن الله إليكم : ماهو جنس العمل ؟
الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : نعم ؟
السائل : ماهو جنس العمل ؟
الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : والله ما أدري اسأل اللي قاله أنا ما قلته .نعم .
نشر هنا في سحاب
والله أعلى وأعلم
وصلى الله على نبينا وسلم
وكتبه أخوكم
أبو جميل الرحمن طارق ابن أبي سعد الجزائري
منقول من
من هنـــــــــــــــا


أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Empty رد: مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس ....

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل السبت مارس 30, 2024 10:50 pm

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Aacyao10
الرد على الذين يبدعون من لا يرى تكفير المتهاون في الصلاة
أضغط هنــــــــــــــــــــــــــا
أو
للإستماع إضغط هنا
التفريغ :
الجنس الثالث الذي جاءونا به الجديد ماهو الجنس الثالث القديم الذي عرفناه في المعاصي؛ لا في البدع ذاك الجنس الثالث التخنث اكرمكم الله، الجنس الثالث الجديد اليوم في البدع، قضية إيش؟ جنس العمل وماأرادوا بها والفتنة التي حصلت بها، ماأرادوا تقرير جنس العمل على طريقة أهل السنة والجماعة وإنما احدثوه لما رُدّ على الخوارج وعلى المكفرين بغير طريق صحيح، كنت في جمعة بل في الجمعة الماضية في مجلس وإذا بشخص أعرفه وهو فاضل وشيخ لكن انطلقت عليه هذه القضية وسيأتيكم، بعد الجمعة جلست معه وإذا به يقول يعني بعض الشباب الآن فتنوا بفتنة التكفير وبعضهم فتنوا بفتنة الإرجاء فمثلاً منهم من لايرى تكفير تارك الصلاة على مذهب الألباني على طول هكذا، تركته حتى أكمل، قلت تسمح لي؟ قال: تفضل، استدرك على نفسه قال: الشافعي، قلت: تسمح لي؟ قال: تفضل، فقلت:
يكفر بالإجماع من لها جحد والله أحدثكم بالذي صار بيني وبينه مثل هذا الوقت بعد الجمعة الماضية:
يكفر بالإجماع من لها جحد ... ولم يخالف فيه قطعا من أحد
لأنه قد ماثل الشيطانا ... وكذب الرسول والقرآنا
وهو كغيره من الكفار ... وحكمهم يعطى بلا تمار
فإن أقر بالوجوب وأبى ... فقتله على الأصح وجبا
للكفر أو حداً على خلاف ... قد جاء عن أئمة الأسلاف
وأعدت العبارة هذه واتكيت كما يقول إخوانا المصريين عليها:
قد جاء عن أئمة الأسلاف
وقال قوم إنه لا يكفر ... كلا ولا يقتل بل يعزر
وحبسه حتى يصلي قد رأوا ... والحق قل مع من بقتله قضوا
سكت قليلاً ثم قال: قول منّ هذا؟ ثم أدركه سريعًا قال: الشيخ حافظ الحكمي، قلت: نعم، فقلت له: والله حفظنا هذا قبل أن نعرف هذه الأشياء وقبل أن ندخل حتى التعليم الجامعي، فالآن أقول لك عن أئمة الأسلافِ، فلما [سجدتم] وجعلتهم الألباني هو الذي انفرد بهذا القول،لما؟ قال لأمر ما جدع قصير أنفه، قلت له: الشافعي الذي ذكرت،وهذا موجود في الأم ومالك، وأبو حنيفه ورواية عن أحمد وهي المذهب ايضًا عندنا نحن الحنابلة، ليش صار الألباني هو الذي انفرد بهذا، وصار الذين لايكفرون مرجئة بعده، والله ماعقب بشيء، خرج إلى موضوع ثاني طبعًا أنا أعرفه فاضل لكن ادركت أن الرجل ايش؟ ادرك القضية، أدركها لأني اعرفه تمامًا فاضل،الشاهد إذا كان هذا الفاضل انزلق بسبب كثرة الطَرق، يقولون كثرة الطرق يلين الحجر، لما ذكرت له هذا. فالقضية هذه ليست قضية جنس عمل، القضية قضية تفتيت لأهل السنة وضرب لأهل السنة والألباني من الصخور التي تكسرت عليها معاول أهل البدع ممن ناوش أهل الأهواء والبدع، أنا أقول الألباني لانوافقه في كذا ولانوافقه في كذا ولانوافقه في كذا، لكن هل هو من المرجئة؟ ياشيخ أنت لو تعدد أئمة الإسلام ستجد لفلان غلط ولفلان غلط ولفلان غلط، لكن هذه الأغلاط ماأخرجتهم عن السنة، حياته كلها في نصرت السنة وفي تدوين السنة وتنقية السنة وإقرار السنة والدعوة إلى السنة ومحاربة البدع، إذا قلت هذا القول كأنما جئت بأعظم العظائم عندهم، صرت ألبانيًا مرجئًا، أنا قلت له:أعتقد أن تارك الصلاة الذي أدين الله أنا به أنه كافر لكن الذي لايقول بأنه كافر؛ أنا ماأقول أنه مرجئ، أقول لك: قد جاء عن أئمة الأسلافِ، فهذه القضية جنس العمل وماجنس العمل المقصود منها هذا وأنتم لو رأيتم الكتبة في هذا تضحكون عليهم، يأتون إلى القاضي عياض ويعرّفونه بالفضيل بن عياض، ماشاء الله القاضي عياض في القرن الخامس والفضيل بن عياض في القرن الثاني، يُعرف بالقاضي عياض يحطه الفضيل بن عياض شف هذا العلم، هذا العلم الذي انتهوا إليه، فالإنسان يتعجل وهذا من مزالق هؤلاء الناس التي الله سبحانه وتعالى يجعلها مداخل لأهل السنة عليهم، فالمقصد من هذا معشر الأخوة هذه القضايا كل يوم يأتوننا بشيء المقصد منه تفريق أهل السنة والمقصد منه إقرار مايريد هؤلاء إقراره حتى يصلوا إلى مرادهم فنسأل الله العافية والسلامة فالواجب علينا جميعًا أن نعرف هذه الخطط وأن نعرف من يقوم على تطبيقها فنحذرهم ونحذر مجالسهم ونحذّر منهم وندعو الناس إلى بيان الحق، من كان عنده علم ومعرفة يبين للناس الحق وندعو الناس إليهم إلى هذا الحق، ونحذرهم من هذا الخلط على الخلق، التخليط هذا على الناس يوقعهم في الحيرة، فنسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولكم جميعا العلم النافع والعمل الصالح وصلى الله وسلم على عبدنا ورسولنا محمد .



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في السبت أبريل 06, 2024 3:28 pm عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Empty رد: مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس ....

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل السبت مارس 30, 2024 11:03 pm

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Maxres10
صفعة قوية من  على وجه الحدادية وأفراخ الحدادية
من هنـــــــــــــــــــــا
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد
ففي ليلة السادس من رجب لعام 1435 بالمسجد الحرام و في درس العلامة الشيخ يحي عثمان المدرس في شرح العقيدة الواسطية لشيخ الاسلام ابن تيمية, وفي أثناء شرحه لفصل ( أن من أصول أهل السنة والجماعة أن الايمان قول وعمل قول القلب واللسان , و عمل القلب واللسان والجوارح , وأن الايمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية )
حينها أخرج الشيخ يحي عثمان المدرس كتاب الشيخ ربيع في مسائل الايمان (( إتحاف أهل الصدق والعرفان بكلام الشيخ ربيع في مسائل الإيمان )) وأتحف مسامعنا بتأييده للعلامة الشيخ ربيع في هذه المسائل ورد على الحدادية أذناب الخوارج فيما شغبوا به على الناس في قولهم المبتدع في جنس العمل وامتحنوا الناس به وصدر قوله بـ : " قال العلامة شيخي ربيع حفظه الله " والشيخ يحي في سن الشيخ ربيع وجلالة قدره وقد أفنى عمره في نشر العلم وله ما يزيد عن ستين سنة وهو يدرس بالمسجد الحرام فإنها والله لمن أروع المشاهد في احترام أهل العلم للشيخ ربيع ومعرفة قدره و اقرار صحة عقيدته بل والرجوع اليه في مسائل قل من يحسن الكلام فيها
فنسأل الله أن يحفظ شيخنا يحي المدرس والشيخ ربيع وأن يجمع بيننا في جنته كما جمع بيننا في دنياه على طاعته .
" التـــفريــغ "
قال العلامة شيخي ربيع حفظه الله , في رسالته إتحاف أهل الصدق والعرفان بكلام الشيخ ربيع في مسائل الإيمان
قال ...
فائدة صفحة 247 / قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
فطريقة السلف والأئمة رضي الله عنهم أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل , ويراعون أيضا الألفاظ الشرعية فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقا وباطلا نسبوه الى البدعة أيضا , وقالوا : إنما قابل بدعة ببدعة , ورد باطلا بباطل
قال المبحث الثاني : هل جنس العمل ركن في تعريف الإيمان ؟
قال حفظه الله : عبارة جنس أي لفظة " جنس " التي لا وجود لها في القران والسنة ولا في لغة الصحابة رضي الله عنهم ولم يدخله السلف رضي الله عنهم في قضايا الايمان وهو لفظ مجمل يحتمل عدة معان تؤدي الى اللبس والمشاكل
قال المعلق ومن هنا قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " أنه طنطنة " أي كلام لا فائدة فيه وقال في الشاغبين : هؤلاء يريدون أن يستحلوا دماء الناس ولو كان الحدادية من أهل السنة لما حملوا رايته وشغبوا به بعد أن رأوا مخترعيه يرمون أئمة السنة ابن باز رحمه الله , والألباني رحمه الله , وابن عثيمين رحمه الله بأنهم ثالوث الإرجاء
هؤلاء المبتدعون يذمون علماء السلف والعياذ بالله
وقال حفظه الله : ردا على بعض المخالفين وقولك في جنس العمل إنه أحد أركان تعريف الإيمان
فأقول لك : إن السلف رضي الله عنهم لما عرفوا الايمان قالوا في تعريفه : الايمان قول وعمل وبعضهم يقول :قول وعمل واعتقاد ...
وأنا عرفت الايمان بما عرفه به السلف وبينت مذهب المرجئة وهم الجهمية الذين لا يدخلون العمل في الايمان ولم أجد من ذكر لفظ جنس العمل في تعريفه الايمان ! فأسألك هل السلف الذين لم يدخلوا لفظ جنس في تعريف الايمان يكونون مرجئة عندك ؟ ....
وقال حفظه الله :
لو كان واجبا ذكره والخوض فيه وهو ركن في تعريف الإيمان ! فلماذا أغفل أئمة السنة لفظة جنس ؟
وحيث أغفلوها ولم يأمروا بالخوض فيها فهل ترى أنهم من غلاة المرجئة؟ ... كلا
وأرجو أن تعرف لي بعد هذا جنس العمل تعريفا جامعا مانعاً ولا يقبل منك هذا التعريف إلا إذا نقلته نقلا موثقا
وقال حفظه الله :
وأنا أرى الابتعاد عن لفظ (جنس) لما فيه من الاجمال والاشتباه ولأنه يتعلق به أهل الفتن ولأنه لا يوجد هذا اللفظ في كتاب ولا سنة ولا استعمله السلف رضي الله عنهم في تعريف الايمان.
ومن منهج السلف رضي الله عنهم الابتعاد عن استعمال الألفاظ المجملة والمتشابهة والابتعاد عن الألفاظ التي لم ترد في الكتاب والسنة، ولما تحدثه من الفتن بين المسلمين، بل بدع السلف من يسلك هذا المسلك كما نقل ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية- رحمه الله -. وقد استنكر استعمال لفظ (جنس العمل) وهل العمل شرط صحة أو شرط كمال في الايمان! العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وقال هذه "طنطنة" لا خير فيها أو كما قال.
ولقد نصحت كثيرا وكثيرا في دروسي الشباب بأن يلتزموا بما قرره السلف رضي الله عنهم في تعريف الايمان وبأنه: (قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية) الايمان قول وهو النطق بالشهادتين وما يجب النطق به وعمل وهو أداء الفرائض والواجبات والطاعات واجتناب المحرمات واعتقاد أي يقين وتصديق بما جاء به الكتاب والسنة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية هذا تعريف الايمان عند السلف قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية .ونشرت بهذا الصدد مقالا بعنوان: (كلمة حق حول جنس العمل) فاستجاب لذلك السلفيون الصادقون الملتزمون بمنهج السلف رضي الله عنهم قولا وعملا وأبى ذلك أهل الفتن والشغب أي الجدال الذين جعلوا الشغب على أهل السنة محور نشاطهم وهجيراهم .
وقال حفظه الله :
مبينا أصول بعض المخالفين أدخل ما يسمى بجنس العمل في قضايا الإيمان وادعى أنه ركن في تعريف الإيمان وقد نصحته عن التعلق بالألفاظ المتشابهة ومنها جنس العمل فانه لفظ مجمل، ومع ذلك فلا ذكر له في الكتاب والسنة ولا أدخله أحد من السلف رضي الله عنهم في تعريف الإيمان.
فعرفنا أن الا يمان عند اهل السنة قول باللسان واعتقاد بالقب وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية . هذا تعريف الايمان عند أهل السنة
وأما قول أهل البدع أن العمل ركن كمال وليس ركن صحة وشرط وهذا قول باطل فالإيمان ثلاثة أركان قول باللسان واعتقاد بالقب وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية والحمد لله رب العالمين .

الذي باللون الاحمر من تعليق الشيخ يحي
فرغه
أبو عبد الرحمن عبد الحفيظ
عز الدين الجزائري
مكـة المكرمة
30 ذو الحجـــة 1435



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الإثنين أبريل 08, 2024 10:52 pm عدل 4 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Empty رد: مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس ....

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل السبت مارس 30, 2024 11:04 pm

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Oc_aay10
الكلام حول مسألة جنس العمل
هذه أربعة أسئلة أجاب عليها فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى أثناء شرحه لسنن الترمذي:
1- هل استعمال هذه المصطلحات: جنس العمل، شرط صحة أو شرط كمال، فيه مخالفة لما كان عليه
السلف من التقيد بالألفاظ الشرعية، وما رأيكم فيمن يقول لا بد من استعمال هذه الألفاظ في مقام الرد على أهل البدع ؟
أضغط هنـــــــــــــــــــــا
(من الشريط رقم: 284).
2- قلتم أن مرجئة الفقهاء يقولون أن الأعمال شرط كمال فهل يعتبر هذا قول مخالف لقول أهل السنة ؟
أضغط هنــــــــــــــــــــا
(من الشريط رقم: 84).
3- هل الذرة المذكورة في الحديث هي إيمان القلب أو عمل الجوارح، وكيف نرد على من يقول إن عمل القلب بدون أصل عمل الجوارح كاف في إدخالهم الجنة مع أن العمل شرط صحة ؟
أضغط هنــــــــــــــــــــــا
(من الشريط رقم:279).
4- هل يصح أن نقول: من قال إن الأعمال شرط صحة لأصل الإيمان فقد وافق الخوارج، ومن قال إنها شرط كمال فقد وافق المرجئة ؟
أضغط هنــــــــــــــــــــــــا
(من الشريط رقم: 281)




عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في السبت أبريل 06, 2024 3:30 pm عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Empty رد: مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس ....

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل السبت مارس 30, 2024 11:04 pm

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Aaia10
لا أعرف شيء من هذا ( ! ) يرددونها الآن !! ؛
[ جنس العمل .. جنس العمل !! ] ولا أدري من أين أخذوها ؟!! .



السائل : أحسن الله إليكم ؛ وهذا سائل يقول : هل لفظة جنس العمل دلَّ عليها دليلٌ شرعي من الكتاب والسنة أو هي من قول السلف ؟ ومن قال بها من السلف ؟
الإجابة :

لا أعرف شيء من هذا ( ! ) يرددونها الآن !! ؛ [ جنس العمل .. جنس العمل !! ]

ولا أدري من أين  أخذوها ؟!! ؛

العمل كلَّه ، العمل كلَّه من الإيمان ؛ العمل الصالح ؛ والعمل السيئ ينقُص الإيمان ؛ نعم .اهـ
المصدر :
شرح صحيح البخاري ( كتاب الإيمان ) يوم الثلاثاء الموافق : 23 / 8 / 1431 هـ





عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في السبت أبريل 06, 2024 6:06 pm عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Empty رد: مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس ....

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل السبت مارس 30, 2024 11:04 pm

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... 13
كلمة تأييد وتوضيح لفتوى شيخنا العلامة ربيع بن هادي –حفظه الله-
حول مسألة جنس العمل

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وأصحابه؛
أما بعد؛ فإن ما قرره شيخنا العلامة ربيع بن هادي –حفظه الله وأيده بنصره- في كلمته الأخيرة حول مسألة جنس العمل لهو الحق والصواب الذي يجب المصير إليه؛ وهذا ظاهر لكل من عاين المفاسد التي انجرت من وراء الخوض في هذه المسألة خاصة من بعض حدثاء الأسنان أو المتعصبين الذين شبوا على قول واحد -سمعوه من شيخ واحد- تربوا عليه؛ فإذا عُرض عليهم القول الآخر الذي عليه كافة العلماء ارتابوا و تشككوا وظنوا ظن السوء في الناقل لهم كلام العلماء؛ وفي واقع الأمر الخلاف مصطنع كما قرر الشيخ سلمه الله لأنه نابع من قول متكلف يستحيل حدوثه في أرض الواقع؛ أو إن وُجد فلا يحيط به علمًا إلا الله.
وهنا توضيح هام حول قول الشيخ ربيع سلمه الله:
"وفي هذه الأيام كتب أخونا حمد بن عبد العزيز العتيق مقالاً تحت عنوان "تنبيه الغافلين إلى إجماع المسلمين على أن ترك جنس العمل كفر في الدين".
فشرعت في قراءته إلى أن وصلت إلى الصحيفة الخامسة فإذا فيها : "الفصل الثالث: ترك جنس العمل كفر أكبر: المبحث الأول: صورة المسألة هي في رجل نطق بالشهادتين ثم بقي دهراً لم يعمل خيراً مطلقاً لا بلسانه ولا بجوارحه ولم يعد إلى النطق بالشهادتين مطلقاً مع زوال المانع"
فقلت: إن كان المراد بجنس العمل هذه الصورة فإني لا أتردد ولا يتردد مسلم في تكفير من هذا حاله وأنه منافق زنديق إذ لا يفعل هذا من عنده أدنى حد للإيمان".اهـ
قلت: ما قرره الشيخ حمد العتيق –حفظه الله- وأيَّده عليه الشيخ ربيع –نفع الله بعلمه- حول حكم الصورة المذكورة لهو القول الذي عليه كافة علماء السنة المعاصرين إذ لما عُرضت عليهم هذه الصورة المفترضة أجابوا بنفس الإجابة؛ فأحببت أن أذكر طائفة من أقوالهم حتى لا يُظن أن الشيخين قد تفردا بهذا القول.
أولاً: قول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله-:
سئل –رحمه الله-: من شهد أن لا إله إلا الله واعتقد بقلبه ولكن ترك جميع الأعمال ، هل يكون مسلماً ؟ فأجاب الشيخ -رحمه الله-( ):
"لا ، ما يكون مسلماً حتى يوحد الله بعمله ، يوحد الله بخوفه ورجاءه ، ومحبته ، والصلاة ، ويؤمن أن الله أوجب كـذا وحـرم كـذا؛ ولا يتصـور .. مـا يتصـوّر أن الإنسـان المسلم يؤمن بالله يترك جميع الأعمال، هذا التقدير لا أساس لـه؛ لا يمكــن يتصـور أن يقـع مـن أحـد .. نعم؛ لأن الإيمان يحفزه إلى العمل؛ الإيمان الصادق .. نعم".اهـ
ثانيًا: قول العلامة الألباني –رحمه الله-:
قال الشيخ في شرحه على الأدب المفرد (الشريط السادس/الوجه الأول) ( ):
"إن الإيمان بدون عمل لا يفيد؛ فالله –عزوجل- حينما يذكر الإيمان يذكره مقرونًا بالعمل الصالح؛ لأننا لا نتصور إيمانًا بدون عمل صالح، إلا أن نتخيله خيالا؛ آمن من هنا-قال: أشهد ألا إله إلا الله ومحمد رسول الله- ومات من هنا…هذا نستطيع أن نتصوره، لكن إنسان يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله؛ ويعيش دهره –مما شاء الله- ولا يعمل صالحًا؛ فعدم عمله الصالح هو دليل أنه يقولها بلسانه، ولم يدخل الإيمان إلى قلبه؛ فذكر الأعمال الصالحة بعد الإيمان ليدل على أن الإيمان النافع هو الذي يكون مقرونًا بالعمل الصالح".اهـ[نقلاً من التعليق على فتح المجيد شرح كتاب التوحيد الشريط الثاني أول الوجه الثاني"؛ وانظر: (أقوال ذوي العرفان ص 91)].
ثالثًا: قول الشيخ محمد أمان الجامي –رحمه الله-:
قال -رحمه الله- في (شرح الأصول الثلاثة)- عند التعليق على المرتبة الثانية : الإيمان : وهو بضع وسبعون شعبة – (الشريط الثالث الوجه الثاني) : "ومن ادعى أنه مصدق بقلبه بكل ما جاء رسول الله عليه الصلاة والسلام ثم لا يعمل ، يقال له : هذه دعوى! والدعوى لا بد لها من بينة ، فأين البينة ؟ البينة الأعمال ، لذلك يقول بعضهم :
فإذا حلَّت الهدايةُ قلباً نَشَطَتْ في العبادة الأعضاء
فإذا كانت الأعضاء لا تعمل ؛ لا يصلي ولا يصوم ولا يأمر ولا ينهى ولا يجاهد ولا يطلب العلم .. ماشي ، هكذا مصدق ؟! لا، لا، لا يُقبل مثل هذا التصديق ....".اهـ
رابعًا: قول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-:
سئل –رحمه الله- عن معنى قوله صلى الله عليه وسلم:"لم يعملوا خيراً قط"، فقال: " معنى "لم يعملوا خيراً قط" أنهم ما عملوا أعمالاً صالحة ، لكن الإيمان وقر في قلوبهم ، فإما أن يكون هؤلاء قد ماتوا قبل التمكن من العمل ؛ آمنوا ثم ماتوا قبل أن يتمكنوا من العمل ، وحينئذ يصدق عليهم أنهم لم يعملوا خيراً قط؛ وإما أن يكون هذا الحديث مقيداً بمثل الأحاديث الدالة على أن بعض الأعمال الصالحة تركها كفر كالصلاة مثلاً، فإن لم يصل فهو كافر ولو زعم أنه مؤمن بالله ورسوله، والكافر لا تنفعه شفاعة الشافعين يوم القيامة، وهو خالد مخلد في النار أبد الآبدين، والعياذ بالله؛ فالمهم أن هذا الحديث: إما أن يكون في قوم آمنوا ولم يتمكنوا من العمل فماتوا فور إيمانهم فما عملوا خيراً قط، وإما أن يكون هذا عاماً ولكنه يستثنى منه ما دلت النصوص الشرعية على أنه لا بد أن يعمل كالصلاة، فمن لم يصل فهو كافر لا تنفعه الشفاعة ولا يخرج من النار".اهـ[ مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (2/48 فتوى رقم 171)].
خامسًا: قول الشيخ صالح آل الفوزان –حفظه الله-:
سئل –حفظه الله- في درس له بعنوان: "أسئلة وأجوبة حول مسائل في الإيمان والكفر":
ما حكم من ترك جميع العمل الظاهر بالكلية لكنه نطق بالشهادتين ويقر بالفرائض لكنه لا يعمل شيئاً ألبتة، فهل هذا مسلم أم لا ؟ علمًا بأن ليس له عذر شرعي يمنعه من القيام بتلك الفرائض ؟
الجواب: هذا لا يكون مؤمنًا، من كان يعتقد بقلبه ويقر بلسانه ولكنه لا يعمل بجوارحه، عطَِّل الأعمال كلها من غير عذر هذا ليس بمؤمن، لأن الإيمان كما ذكرنا وكما عرفه أهل السنة والجماعة أنه: قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، لا يحصل الإيمان إلا بمجموع هذه الأمور، فمن ترك واحدًا منها فلا يكون مؤمنًا.
خامسًا: قول الشيخ عبد العزيز الراجحي:
سئل –حفظه الله- في شرحه على كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام (الشريط الأول -الأسئلة): " الحياء من شعبة من الإيمان لو أن رجلا كان تاركًا لجميع الأعمال تركًا كليَّا لكن عنده حياء فهل معنى هذا أنه يسمى مؤمن؛ وضِّحوا لنا هذه الشبهة؟
الجواب: ليس عنده حياء عنده دعوى، الذي يترك الأعمال ليس عنده حياء فكونه يدعي الحياء كذب، الذي يستحي من الله ورسوله هو المؤمن المصدق الذي يعمل ويمتثل أمر الله ونهيه أما من كان يرفض أمر الله وأمر رسوله ليس عنده حياء كما في الحديث الصحيح: "إنه مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إن لم تستح فاصنع ما شئت"؛ وهذا يصنع ما يشاء فليس عنده حياء. اهـ
سادسًا: الشيخ صالح آل الشيخ:
قال -حفظه الله- في شرحه لِمبحث الإيمان من لمعة الاعتقاد:
".... ينبغي أن يُعلم أن قولنا أن العمل داخل في مسمى الإيمان وركن فيه لا يقوم الإيمان إلا به يُعنى به جنس العمل، وليس أفراد العمل لأن المؤمن قد يترك أعمالاً كثيرة صالِحة مفروضة عليه، ويبقى مؤمنًا لكن لا يُسمى مؤمنًا ولا يصح منه إيمان إذا ترك كل العمل، يعني إذا أتى بالشهادتين وقال: أقول ذلك، وأعتقد بقلبي، وأترك كل الأعمال بعد ذلك، هل أكون مؤمنًا؟ فالجواب: أن هذا ليس بِمؤمن لأن ترك العمل مسقط لأصل الإيمان يعني ترك جنس العمل مسقط للإيمان، فلا يوجد مؤمن عند أهل السنة والجماعة يصح إيمانه إلا ولابد أن يكون معه مع الشهادتين جنس العمل الصالِح، جنس الامتثال للأوامر والاجتناب للنواهي...".اهـ
وقال أيضًا -حفظه الله- في شرحه على العقيدة الطحاوية (الشريط30 تسجيلات طيبة): هل يتصور أن يوجد أحد يؤمن بالإيمان يؤمن بِما أنزل الله ولا يفعل خيرًا ألبتّة لا يفعل خيرًا قط؟ لا يمتثل واجبًا ولا ينتهي عن محرم مع اتساع الزمن ومع إمكانه؟
في الحقيقة: إن هذا لا يتصور، أن يوجد أحد وأن يقول أنا مؤمن، ويكون إيمانه صحيحًا ولا يعمل صالِحًا مع إمكانه، لا يعمل أي جنس من الطاعات خوفًا من الله جل وعلا، ولا ينتهي عن أي معصية خوفًا من الله جل وعلا، ولِهذا حقيقة المسألة ترجع إلى الأمر بالإيمان في القرآن وفي السنة، كيف يؤمن به؟ كيف يحققه؟ يحقق الإيمان بعمل، بجنس العمل الذي يمتثل به، فرجع إذن أن يكون الامتثال داخلاً في حقيقة الإيمان بأمره، وإلا فإنه حينئذ لا يكون فرقًا بين من يعمل ومن لا يعمل! لِهذا نقول إن الإيمان الحق بالنص بالدليل يعني بالكتاب والسنة، بالله وبرسوله  وبكتابه لا بد له من امتثال، وهذا الامتثال لا يتصور أن يكون غير موجود من مؤمن، أن يكون مؤمن ممكن أن يعمل ولا يعمل ألبتّة وإذا كان كذلك كان إذن جزءًا من الإيمان أولاً لدخوله في تركيبه، ثانيًا: أنه لا يتصور في الامتثال في الإيمان والإيمان بالأمر أن يؤمن ولا يعمل خيرًا ألبتّة.. اهـ
قلت: وبعد؛ ينبغي لمن عرف الحق لنفسه من هذه الفتاوى السابقة أن لا يتخذها دغلاً للمراء، والدخول في مشاحنات مع من لا يرفع رأسًا لكلام كل هؤلاء العلماء؛ تعصبًا لشيخه؛ وليلتزم بنصيحة العلامة ربيع بن هادي –أحسن الله إليه- إذ قال: " أما هؤلاء فقد مكروا وتحايلوا لترويجها وإلباسها لباس المنهج السلفي فوجدوا فكرة تكفير تارك جنس العمل وتكفير تارك الصلاة أعظم وسيلة لترويج فكرتهم وأعظم مصيدة للشباب السلفي، ومن أعظم الوسائل لتفريقهم وضرب بعضهم ببعض ووجدوا منهما جسراً لرمي أهل السنة بالإرجاء, فالذي لا يركض من أهل السنة معهم في ميدان الخوارج فيكفر الحكام بالطريقة الخارجية الجاهلة فهو مرجيء وعميل وخائن ..الخ، والذي لا يكفر تارك الصلاة منهم مرجيء".
قلت: صدق شيخنا ونصح؛ ومن يتتبع مؤلفات الحزبيين في هذه المسألة يجد صدق ما قاله الشيخ ربيع؛ مثل كتاب "نواقض الإيمان القولية والعملية" للـ د.عبد العزيز بن محمد بن علي؛ وكتاب عبد الرحمن عبد الخالق حول قضية جنس العمل؛ ومن قبل كتاب د.سفر الحوالي "ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي"؛ والظاهر سفر الحوالي هو أول من أشاع فتنة جنس العمل من خلال كتابه هذا.
ومنذ شهور فوجئ أحد إخواني بحكم العلماء في هذه الصورة المفترضة إذ كان قد تركز في ذهنه أن صاحب هذه الصورة –إن وُجد- فهو في المشيئة، وذلك لانحصار هذا الأخ في قول شيخ واحد وعدم اطلاعه على أقوال العلماء السابق نقلها في حكم الصورة المفترضة الخيالية، وكنت أقول له: وهذا القول لا يترتب عليه حكم في الدنيا؛ فلا ينبغي أن تنشغل به؛ لكن الأمر يتعلق بالآخرة؛ فلا يمكن لمخلوق أن يحكم على إنسان أنه لم يعمل خيرًا قط، حتى كلمة الشهادتين لم ينطقها بعد أن أقر بها أول مرة؛ فهل من الممكن لإنسان أن يراقب آخر في كل أوقاته في خلواته وجلواته؟! هذا بلا ريب مستحيل لا يقدر عليه إلا الرقيب سبحانه الذي لا يخفى عليه شئ؛ فإذا بهذا الأخ يماري قائلاً: فهل إذا تمكنا من معرفة هذا الأمر؛ هل نحكم عليه بالكفر؟! وظهر من تعبيراته أنه يظن أنه يريد أن يثبت لنفسه أنه هو الفطن صاحب الفراسة الذي سوف يثبت أني تأثرت بمنهج القطبيين في التكفير إذا أجبته بنعم؛ فقلت له: أنا أحيلك على فتاوى العلماء؛ فقال: لكن شيخنا فلان قال إن هؤلاء العلماء قد تأثروا بالمنهج القطبي في هذه المسألة؛ قلت له: ينبغي يا أخي أن لا تنخرط في مثل هذه المسائل إلا بعد أن تطلع على كلام بقية العلماء؛ فأنا أحيلك على فتاوى العلماء، وقلت في نفسي: وإن كان الخوض في هذا الباب صار فتنة؛ إلا أنه كشف أيضًا عن خبايا من التعصب والتقليد عند أناس كان الظن فيهم غير ذلك؛ فتجد هذا الأخ وغيره بكل بساطة يضرب بكلام ثلة من كبار العلماء عرض الحائط بل ويتهمهم في منهجهم لأنه قد شبَّ على فتوى من شيخ واحد مبنية على شبهة لا على دليل صحيح مؤيد بفهم أئمة السنة؛ أو أنه يقول إن الشيخ الفلاني أفهم لكلام العلماء منك، وكأن العلماء يتكلمون بطلاسم؛ فينبغي على هؤلاء أن يعالجوا أنفسهم من هذا الداء الوبيل: داء التعصب.
وأخ آخر كان مشغولاً على الدوام بهذه المسألة ثم لما وجدت إصراره على كثرة السؤال رغم البيان؛ بدأت أنصحه أن يدع الخوض في هذه المسألة وأن يتوقف على ما قاله السلف في هذا الباب؛ من أن الإيمان اعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية؛ وأن الكفر يكون بالاعتقاد والقول والعمل...الخ ما سطره السلف في هذا الباب؛ وقد استفدت هذا من الشيخ ربيع –جزاه الله خيرًا-؛ وها هو شيخنا –بارك الله في عمره- يؤكد ما قاله لي بِهذه الفتوى المباركة التي أسأل الله سبحانه أن تكون هي القاضية على هذه الفتنة؛ وأن يتنبه الشباب السلفي إلى مؤامرات الحزبيين الذين يسعون لتمزيقهم وتضييع جهودهم سدًى، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
كتبه: أبو عبد الأعلى خالد بن محمد المصري
29 جمادى الأولى 1425هـ



عدل سابقا من قبل أبو عبد الله أحمد بن نبيل في الأحد أبريل 14, 2024 9:31 pm عدل 2 مرات
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Empty رد: مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس ....

مُساهمة من طرف أبو عبد الله أحمد بن نبيل السبت مارس 30, 2024 11:06 pm

مجموع تحذير العلماء السلفيين من الخوض في مسألة الجنس .... Oo_ya10
يا سائلي عن مذهبي في مسألة «جنس العمل»
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد؛ فقد سألني من تعيَّنت إجابته عن مذهبي في مسألة «جنس العمل»، وكنت قد أوضحته في مواضع من دروسي، وهي موجودة على الموقع؛ ولكنني استحسنت -بناء على سؤال السائل الفاضل- أن أكتب تلخيصا بذلك في مقال خاص، يسهِّل معرفة الأمر على من طلبها، من غير قصد للخوض في نفس تأصيل المسألة؛ فإنه يستدعي مقاما أبسط من هذا.
فأقول -بتوفيق الله-:
الذي تنقَّح لديَّ -بعد طول دراسة لأصول المسألة، وغير شيء مما كُتب فيها من الأبحاث المعاصرة-: أن ترك العمل الظاهر الواجب -جملة- كفر ناقل عن الملة، وأنه لا اختلاف بين السلف في ذلك، وأنه لا علاقة بينه وبين نزاعهم في ترك المباني الأربعة.
وأرى أن أقوم الطرق: لزوم العبارات والألفاظ السلفية، فنقول كما قال السلف: «الإيمان قول وعمل»، و«لا ينفع قول إلا بعمل، ولا عمل إلا بقول»، و«الإيمان والعمل قرينان، لا نفرق بينهما»، ونحو ذلك مما اشتهر عند أهل العلم، من غير إلزام بشيء معين منها[1]، ولا أحب التعبير بلفظة «جنس العمل» -وإن استعملها بعض الجِلَّة من العلماء قديما وحديثا-؛ لما تشتمل عليه من الإيهام، وإن وقع في كلامي شيء منها أو نحوها -بغير تعمُّد-؛ فأنا أحرص على إتباعه بالبيان والإيضاح، وأما الإلزام والامتحان بها، والدندنة حولها؛ فعملٌ محدَثٌ، لا أصل له.
وأرى أن تقسيم الإيمان إلى أصل وفرع (كمال) تقسيمٌ صحيح مستقيم، تلقاه أهل السنة بالقبول، على وجه لا يعارض ما ذكرته آنفا من القول في عمل الجوارح، وأما من أنكره، وزعم أنه بدعة؛ فهو الحقيق بالتبديع، وهو صاحب فتنة.
وأعتقد أن المسألة -إجمالا- مسألة شائكة مشكلة، وما كانت هذه صفته؛ لم يجز الامتحان به، ولا إحداث الفتن بين أهل السنة بسببه، ومن قال من علمائنا بإسلام تارك العمل، أو رأى أن المسألة خلافية بين السلف، مفرَّعة على اختلافهم في ترك المباني الأربعة؛ فأنا أكتفي بتخطئته في ذلك -بالحجة والأدب-، من غير تشنيع ولا تجديع، ولا رمي بإرجاء أو غيره؛ فإن مَأْخَذَه مختلف عن مَأْخَذ المرجئة -كل الاختلاف-: فلا هو قائل بالأصل العام الذي يشترك فيه جميع المبتدعة «الإيمان شيء واحد لا يتجزَّأ، ومتى ذهب بعضه؛ ذهب كله»، ولا هو يخرج العمل عن مسمى الإيمان، ولا هو ينفي عنه الزيادة والنقصان، ولا هو يهوِّن الخلاف مع المرجئة؛ وإنما دفعه إلى ما قال: نصوص وآثار تأوَّلها، وأقوال خرمت الإجماع -عنده-؛ فمن عرف ذلك، وأدرك أثر اختلاف المآخذ على الحكم بالتبديع، وعرف ما تنطوي عليه المسألة من الإشكال؛ كَفَّ لسانه ويده عن الشناعة والفتنة، وقد وقع مثل ذلك لغير واحد من أئمة السنة قديما، وكم من مسألة لو تنقَّحت صورتها؛ لارتفع النزاع فيها -جملة-، وعادت مسألة وفاق[2].
هذا مذهبي ومنهجي في هذه المسألة -قولا وعملا-، على طريقة العلماء الكبار -الفوزان، والنجمي، وزيد المدخلي، والراجحي، وآل الشيخ، وغيرهم-: أكتفي ببيان ما أعتقده حقا، وأعرض المسألة -بحسب الإمكان- في الدروس والشروح، وأعتني ببيان الموقف من المخالف؛ درءا للفتنة عن أهل السنة، وأحب الشيخ ربيع بن هادي -حفظه الله- وأتولَّاه، وهذا معروف عني لا يُدفع[3]، وكذلك من قال بقوله من الدعاة السلفيين -في مصر أو غيرها-، وشأني مع أهل بلدي -خاصة- من الثناء والإحالة عليهم: معروف لا يُنكر.
وكل من خالف ما ذكرت، فنفَّر عن أهل السنة، أو رماهم بالإرجاء، أو أحدث غير ذلك من ألوان الفتن؛ فأنا برئ من طريقته، وأدعوه إلى التفطن لأبعاد المسألة وحدودها، وإمعان النظر في الوقائع المشابهة التي وقعت لأهل السنة من قبل، ولزوم طريق الإنصاف، وطريقة المشايخ الكبار، الذين يسعنا ما وسعهم.
فإن لم يَرْضَ امرؤٌ لنفسه بهذا، وأوغل في الشر والفتن، وأطلق عقال التبديع والتنفير، أو جاوز هذه المسألة إلى مسألة المباني الأربعة، فرمى من لم يكفر بتركها -بَعْضاً أو كُلّاً- بالبدعة؛ فهذا مفتون فتان، صاحب بدعة وهوى، لا يُشتغل به، ولا يُلتفت إليه، وهذه هي الحدادية -ما بها خفاء-؛ لا كشأن العلماء المستقيمين في هذه المسألة، مما وصفته، وأنا له متبع -ولله الحمد-.
هذا تلخيص مذهبي في هذه المسألة؛ تحقيقا لما ذكرته من الغرض في ديباجته، وأسأل الله أن يكشف الفتنة عن أهل السنة، ويؤلف بين قلوبهم، ويصلح ذات بينهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.
كتبه
أبو حازم القاهري السلفي
السبت 24/محرم/1434

___________________
[1] كشأن من يُلزم بقول بعض السلف: «وينقص حتى لا يبقى منه شيء».
[2] كما وقع في مسألة اللفظ بالقرآن، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى» (12/333-334): «ومسألة اللفظ بالقرآن قد اضطرب فيها أقوام لهم علم وفضل، ودين وعقل، وجرت بسببها مخاصمات ومهاجرات بين أهل الحديث والسنة، حتى قال ابن قتيبة كلاما معناه: لم يختلف أهل الحديث في شيء من مذاهبهم إلا في مسألة اللفظ. وبيَّن أن سبب ذلك لما وقع فيها من الغموض، والنزاع بينهم في كثير من المواضع لفظي» اهـ.
ثم أفاض -رحمه الله- في الكلام على المسألة، وانظر -خاصة- (12/359 وما بعدها).
[3] انظر -على سبيل المثال- مقالي: «التعليق على كلام الرضواني في الشيخ ربيع بن هادي».

أبو عبد الله أحمد بن نبيل
أبو عبد الله أحمد بن نبيل
المشرف العام
المشرف العام

الدولة : مصر
المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 21/02/2024
العمر : 47

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى